هل عرضت بريطانيا عرش السودان على السيد علي الميرغني

03-17-2013, 10:14 AM

مصطفى علي

مُشرف المكتبة الصوتية

هل عرضت بريطانيا عرش السودان على السيد علي الميرغني

أنا : مصطفى علي

سجل معنا لتتمتع بهذه الخاصية

كتب الأستاذ محمد سعيد محمد الحسن بجريدة أخبار اليوم :

هل عرضت بريطانيا عرش السودان على سيادة الميرغني 1-2

هل صحيح أن سيادة على الميرغني رحمة الله عليه ورضوانه رفض عروضاً عديدة من الإمبراطورية البريطانية بأن يكون ملكاً على السودان؟ ولماذا قدمت العروض؟ ومن بادر بها وحملها لمولانا السيد علي الميرغني نيابة عن الإمبراطورية؟
هل هو الحاكم العام أو موفد من هو دون ذلك ممن كانوا على رأس السلطة البريطانية في السودان خلال سنوات حكمهم للبلاد 1900-1956؟
هذه الأسئلة المباشرة أثارها الأكاديمي المتميز والدبلوماسي العريق د. حسن عابدين وانتهى إلى القول إنه ثابر على متابعة المدونات والوثائق والمراجع فلم يجد أو يعثر على صحة أن حكومة بريطانيا عرضت على السيد علي الميرغني ملكاً على السودان (ولاعلم لنا ولا لدى المؤرخين دليل بأن عرضا مماثلاً قدمته الامبراطورية لزعيم ديني أو قبلي في أي من مستعمراتها الإفريقية أو في مستعمرة الهند مثلا درة التاج البريطاني كما وصفت يوما ما). ويأتي التساؤل لماذا فكرت بريطانيا في إيجاد عرش في السودان؟ وما مدى صحة عرض الإدارة البريطانية الملكية على سيادة علي الميرغني؟
وربما تكمن الإجابة في ما سجله الأستاذ المؤرخ حسن نجيلة في كتابه (ملامح من المجتمع السوداني) وأورد هنا نصه لأهميته: هل عرض الانجليز على السيد علي الميرغني أن يختاروه ملكا على السودان؟ وذلك في نهاية الحرب العالمية الأولى(1914-1919) وظل العرض قائماً حتى زيارة اللورد اللنبي للسودان في إبريل .1922 ورأيت أن أنقب وأبحث عن الحقائق التاريخية والبحث عنها وأن اتصل بالسيد علي الميرغني شخصياً وأسأله عن هذا الأمر وأنا أعلم أنه لن يتردد في ذكر الحقيقة ولكنه إذا لم يرغب في الإجابة لسبب ما فانه قادر على تحويل دفة الحديث إلى وجهة أخرى بلباقة ودون إحراج له أو لسائله وتلك حقيقة يعرفها كل المتصلين به. وجئت إليه مع صديقين من خاصته وجلست قبالته أتأمله وهو في التسعين من عمره أو يزيد قليلاً، متماسك الجسم يتحدث بطلاقة دون تلعثم جيد الذاكرة وبعد أن أدرنا معه حديثا أنس إليه ورغب فيه بادرته بسؤال عن حقيقة عرض الملكية أو أن يكون ملكاً على السودان من قبل الإنجليز والاختلاف حول تأكيد هذه الحقيقة أو نفيها فأجابني (أي سيادة علي الميرغني) في يقين وتثبت( نعم تقدم إلي الانجليز بهذا العرض واعتذرت عنه) قلت له هل حدث أن كتبوا إليك رسائل تحمل هذا المعنى؟ فقال:كلا كانوا يبعثون إلي برسل من كبارهم يتحدثون معي في هذا الشأن قلت له: ولماذا رفضت؟ قال: إن الملك(أو العرش) الذي يصنعه الانجليز بيد يمكن أن يسحبوه باليد الأخرى متى أرادوا لأنه (ملك) لا يقوم برضاء الشعب ورغبته وإنما يكون مفروضاً عليه ومن السهل انتزاعه والأمثلة على ذلك عديدة. هذه إجابة مباشرة ومن سيادة الميرغني ثم يأتي تساؤل لماذا فكرت بريطانيا في إيجاد عرش في السودان؟

لماذا فكرت بريطانيا في ايجاد عرش بالسودان؟ (2-2)

تأتي الاجابة في الحيثيات التالية:

بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى وانتصارها مع حلفائها ، وقد كسبت بريطانيا بلادا جديدة من تركة الخلافة العثمانية ورأت ان تشكل نظما جديدة للحكم في البلاد التي تبسط نفوذها عليها تضمن ولاءها وتؤمن استعمارها، وبالنسبة للسودان فانه بحكم المعاهدة بين بريطانيا ومصر بعد الثورة المهدية اصبح مناصفة بينها ومصر ، الا ان هذه المناصفة لم تكن في الواقع مطبقة في الحكم حيث كان الانجليز يسيطرون على كل شئ ويستأثرون به تقريبا ثم

صاروا يبذلون كل جهودهم الخفية والواضحة لابعاد مصر من السودان لينفردوا به تحت وصايتهم كما يزعمون.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى 1919م كونت حكومة السودان وفدا من كبار السودانيين من رجال الدين والعلماء وزعماء العشائر برئاسة السيد علي الميرغني ليرفع التهنئة باسم السودان لملك انجلترا بمناسبة الانتصار في تلك الحرب ، وكان مع سيادة علي الميرغني من رجال الدين السيد عبد الرحمن المهدي والشريف يوسف الهندي ، ويبدو ، والحديث للمؤرخ الاستاذ حسن نجيلة ، ان رئاسة السيد علي الميرغني لهذا الوفد لفتت كبار المسئولين البريطانيين ورأوا فيه الرجل الذي يمكن ان يجعلوه ملكا على السودان وهم يخططون لسياستهم الجديدة ، أي بعد انتهاء الحرب وانتصارهم.

وكتب المسؤولون في لندن الى حاكم عام السودان بالخرطوم يعرضون عليه هذه الفكرة ويطلبون رأيه فيها وقيل ان كبار معاونيه وفي مقدمتهم السكرتير الاداري عارضوا الفكرة باعتبار ان السودان يتكون من قبائل مختلفة وطوائف ومن الصعب ان يرتضوا او يقبلوا بقيادة واحدة بين السودانيين ، وآنذاك عام 1919م احتدمت الثورة في مصر والتي رفعت شعار جلاء الانجليز عن شطري وادي النيل (السودان ومصر) وكذلك شعار وحدة وادي النيل ، ونشطت السياسة الانجليزية لكي تفسد هذا الشعار وجددت محاولتها هذه المرة لكي يقبل السيد علي الميرغني لتجعله ملكا على السودان ، وفي شهر ابريل 1922م زار السودان اللورد اللبني زيارة رسمية ، وكان يشغل آنذاك منصب نائب ملك بريطانيا لمصر والسودان ومقره بالقاهرة ، وكان بحكم وضعه ممثلا لملك بريطانيا وصاحب نفوذ لا يقاوم في تلك الفترة ، وفي زيارته للخرطوم بعث برسول خاص للسيد علي الميرغني يجدد له تقديم العرض ، وهذه المرة لم يكن لمعاوني الحاكم العام كلمة اعتراض لان السياسة العليا آنذاك التي املتها ظروف الثورة في مصر وشعاراتها وعوامل اخرى تحتم ايجاد موقف في السودان يكون لمصلحة السياسة البريطانية وقد ابدى السيد علي الميرغني الاعتذار ولم يقبل العرض ، وعرف آنذاك في مصر ولدى قادتها ان اللورد اللبني في زيارته للسودان عرض الملك او الملكية على السيد علي الميرغني ، ويقول المؤرخ الاستاذ حسن نجيلة بعدم عثوره على وثائق رسمية ولكنه استند الى مراجع وكتابات تشير الى عرض الملكية على السيد الميرغني ، هذه افادة او اضافة قد تلقي الضوء على مسألة عرض الملكية على الميرغني وعدم قبوله ، واقول للصديق الكريم الاكاديمي الكفء الدكتور حسن عابدين برغم اهتمام البريطانيين بالتوثيق والتسجيل والمذكرات ، فانهم يتجنبون احيانا الحديث عن وقائع ، وقضايا حاصلة ،وتذكر ان لقاء الرئيس اسماعيل الازهري مع مستر انتوني وزير الخارجية ومساعده سلويت لويد في زيارته الرسمية 1954م لبريطانيا لم يصدر عنها اية معلومة وبعد 50 سنة ظهر انه كانت هناك صفقة الانجليز يتخلوا عن الجنوب للسودان مقابل تخلي السودان عن الوحدة مع مصر.

عثمان عوض الكريم معجب بهذا

عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا

03-17-2013, 04:07 PM

عمار محمد

رد: هل عرضت بريطانيا عرش السودان على السيد علي الميرغني

أنا : عمار محمد

سجل معنا لتتمتع بهذه الخاصية

توثيق ممتاز يا أستاذ مصطفى وننتظر منك المزيد، وكما يعلم الجميع ليس السيد علي من ينخدع من الإنجليز وهم الذين شهدوا له بالبراعة في أنه دوخ الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. وليس صحيحا ما يشاع أن وعد الحلفاء في تقرير مصير البلدان التي تقف معهم في الحرب ضد دول المحور هو السبب الرئيسي في خروج الإنجليز من السودان. الشيء الذي يحاول بعض أنصاف المثقفاتية الترويج له واختزال دور السياسيين والمناضلين في الإستقلال بأن بريطانيا أوفت بوعدها فقط، ابداً ليس صحيحاً، فما حدث في جنوب أفريقيا وأستراليا ينفي هذا فهم لم يخرجوا بل صاروا سكاناً اصليين. أو يخرجوا ويتركوا حكومات موالية لهم كما حدث لمعظم البلدان الأفريقية والهند وغيرها. أما في السودان فكان الصراع يدور حول من سيتبع السودان، مصر أم بريطانيا فكانت دعوة الإتحاديين آنذاك مع الوحدة العربية والكفاح المشترك مع مصر لروابط الدين واللغة والجوار، فكانت الدعوة للإتحاد مع مصر وبعد أن فشل المستعمر مسبقاً في استقطاب السيد علي وجعله ملكاً تابعاً لهم دعموا فكرة السودان للسودانيين أي الإستقلال. وقد كان هذا هو المطلب الرئيس والغاية النهائية من مسألة النضال المشترك ووحدة الكفاح مع مصر فما كان من الإتحاديين إلا ان اعلنوا الإستقلال من البرلمان فقلبوا الطاولة على المستعمر وأعوانه لما كان يريد بدعوته الفتنة بين الإتحاديين والإستقلاليين
ظناً منه بأن الإتحاديين سيتمسكون بموقف الإتحاد وإعلانه ومن ثم تشتعل الفتنة التي سعوا لها ليبرروا استمرارهم في استعمار البلد فما كان من السيد علي إلا أن بارك الإستقلال وتم إخماد الفتنة. وقبلها كانت معركة إنتخابات 1953 التي فاز فيها الإتحاديين بأغلبية كاسحة لمقاعد البرلمان فكان بطلها السيد علي الذي أدار معركة الإنتخابات بطريقة أذهلت الإنجليز واعجزتهم، فبواسطة خلفاء الطريقة المنتشرين في كل بقاع السودان حقق الإتحاديون نصرهم فكان السيد علي شخصية استثنائية بكل المقاييس وبذلك شهد له الجميع.

عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)

هل عرضت بريطانيا عرش السودان على السيد علي الميرغني

المنتدى العام