لَيْتَهُ خَصَّنِي بِرُؤْيَةِ وَجْهٍ * زَالَ عَنْ كُلِّ مَنْ رَآهُ الشَّقَاءُ
مُسْفِرٌ يَلْتَقِي الْكَتِيبَةَ بَسَّا * مَاً إِذَا أَسْهَمَ الْوُجُوهَ اللِّقَاءُ
جُعِلَتْ مَسْجِدَاً لَهُ الأَرْضُ فَاهْتَ * زَّ بِهِ لِلصَّلاَةِ فِيهَا حِرَاءُ
مُظْهِرٌ شَجَّةَ الْجَبِينِ عَلَى الْبُرْ * ءِ كَمَا أَظْهَرَ الْهِلاَلَ الْبَرَاءُ
سُتِرَ الْحُسْنَ مِنْهُ بِالْحُسْنِ فَاعْجَبْ * لِجَمَالٍ لَهُ الْجَمَالُ وِقَاءُ
فَهْوَ كَالزَّهْرِ لاَحَ مِنْ سَجَفِ الأَكْ * مَامِ وَالْعُودِ شُقَّ عَنْهُ اللِّحَاءُ
كَادَ أَنْ يُغْشِيَ الْعُيُونَ سَنَاً مِنْ * هُ لِسِرٍ فِيهِ حَكَتْهُ ذُكَاءُ
صَانَهُ الْحُسْنُ وَالسَّكِينَةُ أَنْ تُظْ * هِرَ فِيهِ أَثَارَهُا الْبَأْسَاءُ
وَتَخَالُ الْوُجُوهَ إِنْ قَابَلَتْهُ * أَلْبَسَتْهَا أَلْوَانَهَا الْحِرْبَاءُ
فَإِذَا شِمْتَ بِشْرَهُ وَنَدَاهُ * أَذْهَلَتْكَ الأَنْوَارُ وَالأَنْوَاءُ
أَوْ بِتَقْبِيلِ رَاحَةٍ كَانَ لِلَّ * هِ وَبَاللَّهِ أَخْذُهَا وَالْعَطَاءُ
تَتَّقِي بَأْسَهَا الْمُلُوكُ وَتَحَظَى * بِالْغِنَى مِنْ نَوَالِهَا الْفُقَرَاءُ
لاَ تَسَلْ سَيْلَ جُودِهَا إِنَّمَا يَكْ * فِيكَ مِنْ وَكْفِ سُحْبِهَا الأَنْدَاءُ
دَرَّتِ الشَّاةُ حِينْ مَرَّتْ عَلَيْهَا * فَلَهَا ثَرْوَةٌ بِهَا وَنَمَاءُ
نَبَعَ الْمَاءُ أَثْمَرَ النَّخْلُ فِي عَا * مٍ بِهَا سَبَّحَتْ بِهَا الْحَصْبَاءُ
أَحْيَتِ الْمُرْمِلِينَ مِنْ مَوْتِ جَهْدٍ * أَعْوَزَ الْقَوْمَ فِيهِ زَادٌ وَمَاءُ
فَتَغَذَّى بِالصَّاعِ أَلْفٌ جِيَاعٌ * وَتَرَوَّى بِالصَّاعِ أَلْفٌ ظِمَاءُ
وَوَفَى قَدْرُ بَيْضَةٍ مِنْ نُضَارٍ * دَيْنَ سَلْمَانَ حِينَ حَانَ الْوَفَاءُ
كَانَ يُدْعَى قِنَّاً فَأُعْتِقَ لَمَّا * أَيْنَعَتْ مِنْ نَخَيلِهِ الأَقْنَاءُ
أَفَلاَ تَعْذُرُونَ سَلْمَانَ لَمَّا * أَنْ عَرَتْهُ مِنْ ذِكْرِهِ الْعُرَوَاءُ
وَأَزَالَتْ بِلَمْسِهَا كُلَّ دَاءٍ * أَكْبَرَتْهُ أَطَبَّةٌ وَإِسَاءُ
وَعُيُونٌ مَرَّتْ بَهَا وَهْيَ رُمْدٌ * فَأَرَتْهَا مَالَمْ تَرَى الزَّرْقَاءُ
وَأَعَادَتْ عَلَى قَتَادَةَ عَيْنَاً * فَهْيَ حَتَّى مَمَاتِهِ النَّجْلاَءُ
أَوْ بِلَثْمِ التُّرَابِ مِنْ قَدَمٍ لاَ * نَتْ حَيَاءً مِنْ مَشْيِهَا الصَّفْوَاءُ
مَوْطِئُ الأَخْمَصِ الَّذِي مِنْهُ لِلْقَلْ * بِ إِذَا مَضْجَعِي أَقَضَّ وِطَاءُ
حَظِيَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ بِمَمْشَا * هَا وَلَمْ يَنْسَ حَظَّهُ إِيِلْيَاءُ
وَرِمَتْ إِذْ رَمَى بِهَا ظُلَمَ اللَّيْ * لِ إِلَى اللَّهِ خَوْفُهُ وَالرَّجَاءُ
دَمِيَتْ فِي الْوَغَى لِتَكْسِبَ طِيبَاً * مَا أَرَاقَتْ مِنَ الدَّمِ الشُّهَدَاءُ
فَهْيَ قُطْبُ الْمِحْرَابِ وَالْحَرْبِ كَمْ دَا * دَارَتْ عَلَيْهَا فِي طَاعَةٍ أَرْحَاءُ