الفصل الثاني : في ذكر مؤلفاته رضي الله عنهله في هذه الصناعة اليد الطولى ، يغترف من بحور المدد ويتلقى من جهة العلا ، انتشرت مؤلفاته في جميع بلاد السودان والحبشة والأرياف ، وانتفع بها خلق لا يحصرهم غير ذي الألطاف ، صارت متداوله هناك بأيدي العلماء العاملين ، ومستعملة كل الاستعمال عند أكابر الصالحين ، كان يخطر في باله في بعض الأحيان شيء من التصانيف والمؤلفات ، ففي أقل مدة إذ هو غرة في محيا السعادات ، على أحسن نسج ، وأكمل سبك وأفخر نظام ، وليس لناظره إلا أن يبادره بخالص الاستسلام ، وكثيرا ما كان يغني ويغرد ويصدح ، بإنشاد قصائد نبوية لصدر سامعها تشرح ،ويتواجد فيها كل التواجد وقول مرات : هذا الخليل عليه السلام مثلي يتواجد ‘ جمعت له في ذلك جملة دواوين ، يحصل بها لمتعاطيها مدد متين ، فسر القرآن كله بتفسير عظيم سماه : ((تاج التفاسير لكلام الملك الكبير)) وألف في الحديث كتابا جليلا ، جمع فيه أنواع العبادات كلها جمعا جميلا ، اختصره من جامع الأصول ، كتبه في حال إقامته في البلد الحرام الواجب الوصول ، وسماه ((رحمة الأحد ، في إقتفاء أثر الرسول الصمد)) قال فيه : قال لي الرسول : سمه بهذا الاسم ياولد. وشرح مشكاة الأنوار ، لجده سيدي عبدالله بشرح سماه ((مصباح الأسرار)) زادها كمالا وتحلت منه بحلاه . وجعل كتابا في الوعظ سماه ((الوعظ الثمين : في تعمير أعصار رمضان الثلاثين )) . ونظم عقيدة في التوحيد سماها (((منجية العبيد ، من هول يوم الوعد والوعيد)). وشرح أيضا ألفية ابن مالك بشرح لطيف وحل ظريف ، ألفه في خمسة عشر يوما أو أكثر بقليل ، استعمله العلماء في تلك الديار وجعلوا عليه التعويل . وشرح الآجرومية بشرح على المنهج الأقصى ، ذكر فيه نوادر المسائل التي بغيره من شرحها لا تحصى . وشرح منظومة البيقوني في علم المصطلح ، بشرح على استعماله كل من وقف عليه قد اصطلح . وألف منظومة في النحو ضمنها جميع ما في الآجروميه ، مع زيادة حسنة وسماها ((غنية الصوفية في علم العربية)) . وأما في علم التصوف فهو رضي الله عنه قد فجر الله لسانه ينابيع الحكمة والأسرار ، فينطق بها على الدوام من غير تأمل وإمعان نظر وافتكار ، وألف في هذا الفن كتابا سماه ((الخزانة القدسية)) أودع فيه من بديع علوم الحقائق اللدنية ، ما يبهر العقل بمجرد سماعه ، فضلا عن فهمه وإيعائه ، كشف فيها عن خبايا الأودع فيه من بديع علوم الحقائق اللدنية ، ما يبهر العقل بمجرد سماعه ، فضلا عن فهمه وإيعائه ، ما رأت عيني ولا وعى سمعي في كتب القوم له مثيل ، غير الفتوحات ، والإنسان الكامل للإمام الجيلي ، كشف فيها عن خبايا الأسماء وما فيها من الأسرار ، كشفا صيرها كالشمس في رابعة النهار ، بين فيه من المقامات والمنازل ، مالا يتضح إلا لمن كان بها نازل ، وصنف حكما أغنت السالكين عن حكم ابن عطاء ، وزادت عليها بعلوم كشفت للمريدين كل الغطاء ، انتشر النفع بها في علم السلوك وعم ، فكل صوفي لحماها ساق مطايا الشوق وأم ، سماها ((الفيوضات الإلهية ، المتضمنة للأسرار الحكمية)) شرحها بنفسه شرحا زادها حسنا ورونقا ، اشتمل فيها على الإشارة بأحاديث استدلالا على كل ما به فيها نطقا ، وجعل جملة رسائل في هذا المنوال ، كالفتح المبروك ، والهبات المقتبسة في أحوال الرجال ، وأبرز في مدح الجناب المحمدي نظما سماه ((النور البراق ، في الثناء والمدح على النبي المصداق )) كساه الله بهجة على المدائح ،حتى استعمله كل مؤمن صالح ، ما قرأ في محفل إلا وأطرب جميع السامعين ، كأنه المعنى ب ((قل ومعك روح القدس الأمين)) تشاهد روحانية الأنبياء والصديقين عند إنشاده ، فيتواجد بسر ذلك كل الحاضرين ، بشره المصطفى بأنه ما يتلى في محفل إلا ويحضر فيه ، ومن لازم ولو على بيت واحد منه لا بد أن ينشده في الجنة بين يديه . وصنف مولدا بد يعافي نظمه وفصاحته ، ذكر فيه من غرائب المعجزات ما يدل على علو مكانته ، كتب فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له إنه يحضر في قراءته ، وإن الدعاء يستجاب في ختمه ، وعند ذكر ولادته . وألف أربع صلوات عام زيارته المباركة الميمونة بالإيجاب ، بشره جده أن كل واحد منها طريق لرفع الستر والحجاب ، أكبرها وأجلها سماها ((فتح ديوان الرسول )) جعلها سبعة أبواب ، في كل باب خمسة من الفصول ، وأمر أتباعه بتلاوتها في كل يوم بابا من الأبواب ، وقال : بالملازمة عليها يكشف النقاب ، وقبل هذه الصلوات كانت له صلاة مثلثة ، يقرأ من مرسومها كل يوما ثلثا ، سماها ((الجواهر المستظهرة من الكنوز العلية ، في بعض أوصاف الذات الكريمة المحمدية )) ورتب له راتبا صباحا ومساء سماه : ((تراكم الأنوار ، لنيل القصد ورفع الأستار )) لاتزال روحانية المصطفى تتجلى فيه ويشاهدها نير البصيرة ، عدد حلقة في البلدان يحتوي على آلاف كثيرة ، شاعت بركته في سائر الأقطار ، حتى حفظه الرجال والنساء والصغار ، وشرحه بشرط نفيس لاتزال روحانية المصطفى تتجلى فيه ويشاهدها نير البصيرة ، عدد حلقة في البلدان يحتوي على آلاف كثيرة ، شاعت بركته في سائر الأقطار ، حتى حفظه الرجال والنساء والصغار ، وشرحه بشرط نفيس جليل المقدار . وله خمسة توسلات تقال في الصباح والمساء والأسحار ، سمى كلا منها اسما : حبل الوصال ، وإكسير قضاء الحاجات والاستغاثة ، والمبتهجة ، والاستغفار : أولها في أسماء الله الحسنى ، بشره الرسول أن كل بيت منها طريق للحسنى . والثاني منها في التوسل بأكابر أهل العنايات ، من ملائكة وأنبياء وصحب وأولياء ذوي كرامات . والثالث منها في التطفل لحضرة الرسول الأواه ، آخر كل بيت مصرح بيارسول الله . رابعها وخامسها فيه من التملق لحضرة العزيز الغفار ، ما يسلم المريد من أذى النفوس ومصائب الأغيار ، وله مناجاة تقرأ في السحر سماها ((نفثة الحي القيوم البر)) وغير ذلك تآليف كثيرة عند مريديه معروفة شهيرة عظيمة النفع جليلة المقدار والشان ، سل عنها إن أردتها وليس الخبر كالعيان.وها أنا أحلي الفصل بذكر نزر مما سمعته من البشائر ، لتنور للمحب بصيرته وينجبر لذلك من الفؤاد والخاطر.سمعته مرارا يقول : من رآني أو رأى من رآني إلي خمسة لا تمسه النار ، يقول قال لي جدي النبي المختار.وكان رضي الله عنه يقول : والله ما قلت في جل صلواتي : السلام عليك أيها النبي ، إلا وقال : عليك السلام أيها الابن الطاهر الزكي السني.ولما قدم المدينة المنورة الأرجاء والأركان ، قال : قال لي ساكنها عليه أفضل الصلاة والسلام في كل آن : من زارني في سنتك هذه والتي قبلها والتي بعدها عندنا مقبول ، وكذلك سمعته بمنى قريبا من ذلك في قبول الحج يقول : لا أحرمنا الله من إمدادات هذا المحبوب لحضرة الأمين ، ونفلنا ببركاته وأنفاسه إلي يوم الدين.
(أنزل الله على ضريحه سحائب الرحمة والرضوانوأمدنا بمدده في كل وقت وأوان)