القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة

مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري


غير مسجل أهلاً ومرحباً بكم

العودة   منتديات الختمية > الأقسام العامة > ركن الصحافة
التسجيل التعليمات المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث

ركن الصحافة مقتطفات من صحافتنا السودانية والعربية والعالمية...

د. أسامة خليل يكتب-- قصة مابتعرف نهاية

ركن الصحافة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-07-2012, 04:44 PM   #1
عمر بن عبد العزيز السقادي

الصورة الرمزية عمر بن عبد العزيز السقادي



عمر بن عبد العزيز السقادي is on a distinguished road

افتراضي د. أسامة خليل يكتب-- قصة مابتعرف نهاية


أنا : عمر بن عبد العزيز السقادي




تاريخ اليوم: 08-11-2012
قصة مابتعرف نهاية.. (1-2)
د.أسامة خليل : لم تكن تحذيرات مولانا السيد محمد عثمان الميرغني التي أطلقها في أكثر من مناسبة بمنأى عن رمزيته الوطنية التي تلقي على عاتقه آمالاً عريضة في تجاوز النفق المظلم من خلال سعيه الدءوب لتحقيق إجماع وطني حول الأزمات المحدقة بالبلاد والعباد، مما يجعل حديثه برزخاً يبرز بين ثنايا التعامل مع مستجدات الأحداث وبين ثوابت الرؤية الثاقبة للحلول العملية.
وعودة إلى منصات القضايا المصيرية التي أفضت إلى التوقيع على اتفاقية "الميرغني- قرنق" في أديس أبابا في العام 1988م، ومما يُذكر في هذا المجال توثيقاً لتلك الحقبة حينما جاء المرحوم الفريق أحمد يوسف أثناء المفاوضات إلى مولانا في مقر إقامته، ذكر له الفريق: لقد وصلنا إلى طريق مسدود في المفاوضات، لأن الطرف الآخر يطالب بإلغاء الشريعة حتى تستمر المفاوضات، فغضب مولانا وطلب من الفريق يوسف استدعاء رئيس وفد الحركة الدكتور جون قرنق، وقال مولانا بالحرف الواحد "دكتور جون قرنق، هل تعتقد أنا ممكن أوقع على مثل هذا الكلام، فصمت الرجل وهو يفكر ملياً، وقبل أن ينصرف قال: أنا مسيحي ختمي. ثم عاد إلى وفده وأبلغهم بتجميد هذا البند. وهذا التجميد ضُرب له أجلٌ محددٌ من خلال عرض القوانين في استفتاء شعبي لإقرار الدستور الدائم للسودان، ولم تكن هنالك أي إشارة إلى إلغاء الشريعة أو أي بند من هذا القبيل". هكذا كان يتعامل مولانا مع القضايا المصيرية التي تهم الأمة وفق مبدأ لايتزحزح عنه في أحلك الظروف وأشد المواقف.
وللتذكير بهذا الإرث الضخم في سِفر حزب الحركة الوطنية فإن الاتفاقية كانت تنص صراحة إلى الوحدة حتى لاندخل في شيطان التفاصيل، وقد تبيَّن للجميع ما ظل يردده مولانا"لو وقع الانفصال فلن يكون هناك استقرار لا في الخرطوم ولا في جوبا"، وقد كان كما هو واقع ومشاهد..من نتائج الانفصال وعواقبه، وتضرر المواطن من جرائه في أمنه وسلامته ولقمة عيشه وموارد دخله".
لكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، عطفاً على "ما تمَّ مؤخراً بين الرئيسين من اتفاق بأديس أبابا لهو خطوة في الطريق الصحيح، يجب أن تتبعها خطوات تقرِّب الشقة وتجسِّر الفجوة نحو وحدة حقيقية راشدة هادفة لقوة الوطن وعزته وخير شعبه وبنيه". كما يجب ألا يُترك الحبل على الغارب لجماعات التشدد في الطرفين لتقرير مصير البلدين في قضية محورية لا تقبل القسمة على اثنين.
لعل من المهم أن نشير إلى أن النظرة الإقصائية إلى الآخر المختلف أدى إلى تلازم مصطلح الهامش مع جدلية الهوية وقضايا الوحدة والتنوع التي اكتسبت عمقاً استراتيجياً في الخطاب الفكري للحركات المدافعة عن حقوق الهامش والنخب السياسية في إطار الصراع بين الفرقاء السياسيين، باعتبارها محدداً أساسياً في علاقة المركز بالهامش، أفضى إلى خروج المنطق الحواري السليم الذي يمكن تأسيسه على منهج علمي وموضوعي إلى رد فعل عاطفي تجاه المركز الذي يمثله النظام الحاكم في البلاد من ثقافة ودين تمَّ توظيفه بشكل أو آخر في الصراع السياسي من قبل النظام في فترة سابقة تمثل في نموذج وطبيعة الصراع السياسي بين الشمال والجنوب قبل توقيع معاهدة السلام المعروفة ب"نيفاشا" عندما دخلت العقيدة الدينية طرفاً في الصراع باعتبارها حرباً جهادية بين الإسلام وأعدائه، دون النظر إلى خطورة ومآلات اللجوء إلى الخطاب الديني في إطار النزاعات الداخلية، وفي ظل غياب الرؤية السياسية السليمة للواقع الإقليمي والعالمي وحساسية المجتمع الدولي تجاه قضايا التمييز العرقي والديني والنوعي.
إلى جانب المنابر التي تعمل على تقديم نفسها ممثلة للثقافة العربية والإسلامية وفق منهج متطرف أدى إلى انفصال الجنوب على أسس عنصرية، وهي مازالت تطرق على قضية الهُوية على غرار منهجها السقيم في معالجة القضايا القومية في مناطق النزاع المختلفة. في كتابه "الدين المنقوص"، يقول الكاتب الإسلامي فهمي هويدي "إنَّ المتحدثين باسم الإسلام،العلماء والدعاء بالدرجة الأولى، مطالبون بأن يقدموا للناس الإسلام في شموله لأمور الدين والدنيا. وأن يضربوا المثل بخوضهم معركة إحقاق الحق وإقامة العدل والدفاع عن حرية وكرامة الخلق".
عطفاً على ماسبق نجد أن جماعات التطرف الديني وجدت بيئة ملائمة ومسوقاً لرؤاها وأهدافها من خلال دور العبادة وعبر الأجهزة الإعلامية والقنوات المتخصصة التي أنشأتها فصارت ملاذاً آمناً لتلك الجماعات حتى يفرضوا أنفسهم ورثةً شرعيين للنظام القائم، وفي أذهانهم اجتياز امتحانات الدور الثاني عسى أن يلتحقوا بنظرائهم في مواسم أعياد الإسلاميين في نسخته الجديدة!. دون الالتفات إلى خطورة النهج التصادمي الذي يأتي خصماً على أمن البلاد.
ومَنْ يجعَل الضِّرْغَامَ للصَّيْدِ بَازَهُ
تَصَيَّدَهُ الضِّرْغَامُ فِيما تَصَيَّدَا
في الوقت نفسه سوَّقت بعض النخب السياسية والحركات المسلحة لجدلية الهُوية من منطلق مفهوم إقصائي إثني وقبلي من الشمال النيلي تجاه الأطراف، دون اعتبار لما يستصحب هذا الفعل من تفاعلات خطيرة ترسخ مفهوم أن الصراع بين المركز والهامش، إنَّما هو صراع بين الثقافة العربية الإسلامية والثقافات المحلية والإفريقية، مما يؤدي بدوره إلى تمزيق النسيج الاجتماعي والرابط القومي بين مكونات المجتمع السوداني.
وقد التقط أصحاب الأجندات الخاصة القفاز لترويج هذه البضاعة في المحافل الدولية سعياً لكسب التأييد الدولي لقضايا المناطق المعنية، إلا أن المدخل السياسي لقضية التهميش وقفت عند جانبها النظري ولم ترتقِ إلى نموذج تنموي أو إصلاح حقيقي في جوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ لأن النخب التي قادت تلك الحركات في مناطق النزاع اندمجت بصورة أو أخرى في إطار قوى المركز التي حاربت أطروحاتها وأصبحت بشكل أو آخر منتجة لأزمات المناطق التي حاربت من أجل حقوقها من المركز من خلال الامتيازات الوظيفية والمادية التي حازت عليها تلك النخب هنا وهناك.
بغض النظر عن موقف الجماعات المتشددة في "الاتجاهات الستة"، يؤكد السيد محمد عثمان الميرغني "سنظل على موقفنا الثابت من وحدة السودان تراباً وشعباً، في شماله وجنوبه وشرقه وغربه ووسطه. بتعدد دياناته وتنوع سحناته واختلاف ألسنته ولغاته وتباين عاداته وثقافاته، والتي نراها بمنظورنا مصدر قوة ومنعة لهذا الوطن الأمة لو أحسنا توظيفها وأجِدنا التعامل معها".
ونذكر في المقام في ذكرى شاعرنا الكبير الدكتور محمد عبد الحي وقصديته الديوان "العودة إلى سنار" التي مثلت الانطلاقة الأساسية لدى الشاعر من حالة الاستغراب إلى حالة الصفاء السوداني الكامل والعودة إلى جذوره وأصوله السودانية خالصة ومبرأة من كل شائبة مستهجنة، حين خلع جلباب الواقعية الاشتراكية ليدخل من باب التصوف المحض وهذا محور ارتكاز قصيدته"العودة إلى سنار"، فهي قصيدة تقوم على بنيان صوفي أصيل التزم فيها المربع الشعري وربما القافية الواحدة في بعضها ولكنها لاتعدو المربع المدخل لكل واحد من أناشيد القصيدة الطويلة ولعله أول من أدخل هذا النوع من القصائد الديوان في الشعر السوداني، يقول عنها في رحلة عودته إلى سنار:
سأعود اليوم ياسنار
حيث الحلم ينمو تحت ماء الليل أشجاراً
تعرى في خريفي وشتائي
ومن هذا المنطلق يجب أن يُفهم أن المدخل الحقيقي لمناقشة قضايا مناطق النزاع هو الاعتراف بالتنوع؛ باعتباره ضرورة حتمية وواقعية في سياق النظر إلى معادلة التوازن والاستقرار لدرء المخاطر والثغرات التي تهدد الأمن القومي السوداني وتقدم مبرراً موضوعياً للتدخلات الأجنبية في الشأن السوداني. ولنتعظ من صفحات التاريخ الإنساني التي تخبرنا أنه عندما تتحطم الأحلام الكبيرة تتجه النظرة إلى الانتماءات الصغيرة لتبرير الوجود الموضوعي وتفجير معارك تاريخية عفا عليها الزمن من خلال اللعب على المتناقضات.
ها نحن ندخل عصرنا الحجري
نرجع كل يومٍ ألفَ عامٍ للوراء
وللمنهج الصوفي الذي تأسس على أرضية التسامح والقيم السودانية الأصيلة دور لا تخطئه العين في إدارة التنوع العرقي والثقافي بين مكونات المجتمع السوداني، "ذلك المنهج الشامل الكامل لصاحب الذكرى العطرة السيد علي الميرغني، والذي قدم خلاله النموذج الأصلح لما يجب أن يكون عليه المؤمن الصالح في وطنيته، في وسطية محمودة لا إفراط فيها ولاتفريط... ثم دعوة الناس جميعاً لذلك الالتزام على منهج القوم-الذي لا يشقى بهم جليس-والذي هو روح الإسلام السمحة، وشعلته الوضاءة".
فالصراع الحقيقي بحسب تصورنا هو بين الثقافة السودانية وما تحمله من قيم وتعايش بين مكوناته المختلفة والتي رسختها القيم الإسلامية التي حملها رواد التصوف ومناهج المتصوفة وتأثيرها الفاعل في البيئة السودانية وبين ثقافة العولمة بمحدداتها اللغوية والروحية الاجتماعية والسياسية والفكرية. ويترافق المحدد الأخير مع الآيديولوجيات المتطرفة التي حاولت أن تسوق لطموحاتها الشخصية من خلال اجتثاث القيم السودانية الأصيلة من منابتها لتستبدلها برؤيتها الصادمة للنفسية السودانية وثقافتها الموروثة والقائمة على التواصل مع الآخر؛ حتى تجد لأفكارها عمقاً ومبرراً واقعياً من خلال ما تبثه من شعارات لم تصمد في اختبار الواقع السوداني بتجلياته المختلفة.
Osamakhalil7@hotmail.com

عمر بن عبد العزيز السقادي غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس
قديم 11-07-2012, 04:45 PM   #2
عمر بن عبد العزيز السقادي

الصورة الرمزية عمر بن عبد العزيز السقادي



عمر بن عبد العزيز السقادي is on a distinguished road

افتراضي Re: د. أسامة خليل يكتب-- قصة مابتعرف نهاية


أنا : عمر بن عبد العزيز السقادي




تاريخ اليوم: 08-11-2012
قصة مابتعرف نهاية..(2-2)
الميرغني في خطاب الواقع ومآلات المستقبل
د.أسامة خليل : يقول الدكتور نصر حامد أبوزيد في كتابه:هكذا تكلم ابن العربي "إن استدعاء ابن عربي يمكن أن يمثل مصدراً للإلهام في عالمنا الذي تتراكم مشكلات الحياة فيه. فالتجربة الروحية هي مصدر التجربة الفنية والأدبية، وهي الإطار الجامع للدين والإبداع. هذه أهمية استحضار ابن عربي في السياق العام. أما استحضار ابن عربي في السياق الإسلامي واستعادته من أفق التهميش إلى فضاء المتن مرة أخرى-مهمٌ، وذلك بسبب سيطرة بعض الاتجاهات والأفكار والرؤى السلفية على مجمل الخطاب الإسلامي في السنوات الأخيرة. كما أن فكر ابن عربي يقدِّم للقارئ غير المسلم صورة أخرى لروحانية الإسلام، وإسهاماته في التراث الإنساني، ويوضح مفهوم "الجهاد" الذي أصابه من التشوه الكثير".
يأتي حديث الدكتور أبو زيد -بحسب اعتقادنا- في سياق المحصلة الملهمة للمنهج الصوفي وتأثيره حين يتأدب العقل بأدب الشرع في الاقتداء والإتباع والاستقامة على الصراط المستقيم والبعد عن أسباب التفرقة والتطرف. والنأى بالنفس عن صفاتها وأهوائها لتحرير العقل من دائرة محدودية الحواس المنظورة من خلال المواقف والأحداث في محاولة عروجه وسموه إلى المثال في الأفعال، وكما يُقال "لسان الحال أبلغ من لسان المقال"، حتى لا تتحول الشعارات المتداولة على المستوى السياسي والاجتماعي تارة باسم التقدمية وأخرى باسم الإسلام إلى مصفوفة التابوهات الجاهرة، تعبيراً عن الفصام النكد بين الأفكار على مستوى التنظير والسياسة على مستوى التطبيق أو بين الواقع والمثال. تنعكس بصورة تلقائية على ثقة المتلقي بجدوى تلك الشعارات عندما لا تلامس واقعه ومستقبله بصورة مباشرة لتحقيق الحد الأدنى من حاجياته المختلفة.
يحضرني في هذه اللحظة ما ذكره الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق في حواره مع "السوداني"، بتاريخ 2 نوفمبر 2012م، وصانع المعجزة الماليزية كما عنونت الجريدة، يستحق ذلك وأكثر وهو يتحدث بتواضع العظماء "ما فعلته هو ما يجب على كل شخص في موقعي أن يعمله،...يريد الناس السلام، يريدون عدم الاقتتال، يريدون الفرص المتساوية هذه أشياء عامة مشتركة لاتحتاج إلى قدرات ذهنية استثنائية لإدراكها والعمل من أجل تحقيقها". ليس لدينا تعليق!!.
والمثير للدهشة أن المحاور يتساءل في كيفية استلهام السودان للتجربة الماليزيا في حل قضايانا!. فماذا كان رد الدكتور مهاتير؟! "النموذج الماليزي تأسس على قاعدة أساسية هي تحقيق شراكة عادلة بين مكونات المجتمع في الحكم وفي تحقيق المكاسب، وبدلاً أن نقاتل بعضنا البعض أو أن يحاول البعض الاستئثار بكل شيء على حساب الآخرين، توافقنا على تأسيس نظام سياسي يرتكز على تحقيق مقتضيات الشراكة، الشراكة بين كل مكونات ماليزيا العرقية الرئيسة الثلاثة، التي يستتبعها وجود ثلاثة أديان وثقافات وأيضاً بعض المكونات القبلية".
نأتي بعد ذلك للرؤية الوطنية في إطار حديثنا عن النموذج السوداني للحلول، ونعود بالذاكرة إلى المؤتمر الصحفي الذي عقد عقب توقيع اتفاقية "الميرغني-قرنق"، في العام 1988م، عندما كان مولانا شريكاً أصيلاً في الحكومة الائتلافية على أيام الديمقراطية الثالثة. سئل مولانا السيد محمد عثمان الميرغني عن موقفه من الدستور الدائم وعلاقة الدين بالدولة.
فكان رده موجزاً إذ قال "إن الحزب الاتحادي الديمقراطي حدد موقفه من قوانين سبتمبر، ولقد ناقشنا أمرها من خلال ما طرح من آراء وما يمكن أن يطرح بشأنها في المؤتمر الدستوري وأن للحزب أيضا توجهاته الثابتة والتي تختلف مع آراء الحركة، وأيضاً هناك آراء أخرى لأحزاب أخرى، والجميع يستطيعون التعبير عنها في ظل النظام الديمقراطي الذي يعتمد على لغة الحوار والرأي الآخر، إن السودان به قوميات وأن الأغلبية لها وضعها ولكن دون مساس بالأقليات وفي النهاية أننا في النظام الديمقراطي نتعامل بالحوار والإقناع، وفي ظل النظام الديمقراطي نبني السودان الجديد". ولنترك المقارنة لفطنة القارئ، أما عن شخصي فأقول كما قال الشيخ محي الدين بن العربي في فتوحاته المكية "يا أبا يزيد ما أخرجك عن وطنك؟.قال:طلب الحق.قال:الذي تطلبه قد تركته ببسطام"!.
هذا الإرث النضالي والمواقف الوطنية الصادقة لصاحب السيادة هي حلقة متصلة منذ أن استلم السيد محمد عثمان الميرغني الراية من السيد علي الميرغني في زمن الفتن والمحن والإحن في فترة مايو وتعاظم دوره عقب الانتفاضة الشعبية في العام1985م، فكان أمامه الطريق والحزب والسودان، فأعاد دور الطريقة الختمية في الدعوة والإرشاد، ولم شمل الحزب الذي تبعثر في سنين الرئيس الأسبق جعفر النميري، كما ساهم في إخراج السودان من كبوته فظل يدعم الاقتصاد القومي من خلال علاقاته مع الدول العربية ودعم القوات المسلحة حتى تحررت الحاميات المحتلة من قبل التمرد آنذاك في الكرمك وقيسان، وعقد اتفاقاً للسلام مع الحركة الشعبية من موقف قوة.
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، بسبب الغيرة السياسية والطموحات الشخصية ليُفاجأ الجميع بواقع جديد والعودة إلى مربع الصراع الأول مرة أخرى، تعرض خلالها السيد محمد عثمان الميرغني إلى اعتقال ومصادرات ومساءلات، وبدأت مرحلة إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي بتشكيل رأي وطني عام تحقيقاً للعودة إلى الديمقراطية مرة أخرى من خلال التجمع الوطني الديمقراطي الذي تم تأسيسه بجهود مولانا ولكن شاءت الأقدار أن تتسرب المجموعات المكونة للتجمع واحداً تلو الآخر وظل مولانا على موقفه الرافض للشمولية وفي تلك الفترة ظل مولانا يقدم الوطن على ما سواه حتى لو تقاطعت مصالح الوطن مع الوطني.
فالمعارضة البناء فرضت عليه قلم الأظافر التي حاولت أن تحول الجهود الكبيرة التي بذلها مولانا من أجل التغيير السِّلمي تنفيذاً لأجندة خارجية في أكثر من موقف، فظل يخلق جسوراً للتواصل بين السودان ودول الجوار رغم موقفه الثابت وما أصابه من ضرر من قبل النظام، وظل يقف سداً منيعاً تجاه التدخلات الخارجية في الشأن الوطني.
وعندما احتكموا إلى صوت العقل خضوعاً لفرضيات الواقع عقد اتفاقاً بالقاهرة في العام 2005م، وما تبع ذلك من انتخابات عامة في العام 2010م، وتدركون حجم التجاوزات التي حدثت في العملية الانتخابية، مما زاد من درجة الاحتقان بين الفرقاء السِّياسيين فالأوضاع لم تبارح مكانها بل ازدادت سوءاً. وظل على العهد به في مواقفه الوطنية "قصة ما بتعرف نهاية".
ودخل الحزب في اتفاق آخر مع النظام لإخراج البلاد من النفق المظلم من خلال المشاركة في الحكم وفقاً لما يعرف بحكومة البرنامج الوطني على أن يلتزم الطرف الآخر ببنود الاتفاقية أبرزها المشاركة في القرار السياسي. وحتى لا تلتبث الأمور على الجميع ترك السيد محمد عثمان الميرغني قرار المشاركة من عدمها لهيئة لقيادة العليا دون تدخل من سيادته، بالرغم أن البند الرابع من دستور الحزب تخول لرئيس الحزب ترجيح الخيار الذي يراه مناسباً، وسارت الأمور كما تعلمون وكما ترون!.
لَئِنْ تَرَكْنَ ضُمَيْرَاً عَنْ مَيَامِيِنَنَا
لِيحَدُثُنَّ لِمَنْ وَدَّعْتَهُمْ نََدمُ
فأقول إن التأكيد على قيام المؤتمر العام في مطلع العام القادم والرعاية المباشرة لأعمال اللجان من قبل رئيس الحزب السيد محمد عثمان الميرغني بوصفه رئيساً للجنة التحضيرية للمؤتمر العام تعبر عن "قناعة تامة بأن حال بلادنا لن ينصلح بحال من الأحوال إلا بصلاح مؤسساتنا وتنظيماتنا السياسية والفكرية، وعلى رأسها حزب الحركة الوطنية، والذي هو بلا شك رأس الرمح وحجر الزاوية في أية معادلة وطنية، كما أنه الأقرب إلى جماهير الأمة السودانية،والأقدر على تلمس قضاياها ووضع الحلول والمعالجات لها".
وفي آخر محطاته الوطنية بحثاً عن الحلول السلمية التي تجنب البلاد التشظي وحمامات الدماء، وفقاً لما يستطرد من رؤى تستبصرها القراءة المستقبلية وتسندها الوقائع الآنية، يرى مولانا أن التحولات والتغيرات المتلاحقة تقتضي التعجيل بوضع الدستور الجديد الذي يشارك في وضعه وصياغته كل القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، لأن الدستور الانتقالي استنفذ أهدافه بعد إجراء الاستفتاء وتقرير المصير وانفصال الجنوب ولابد من التعجيل في انجازه، كما صرح بذلك في حواره لصحيفة "الشرق الأوسط".
وشدد السيد محمد عثمان الميرغني في تصريح آخر لدى لقائه بالسفير الروسي والقائم بالأعمال الكندي على أن أي إقصاء لدين أو عرق سيقود إلى أزمة أكبر، وأن الحزب لن يكون في أي تحالف عدائي يدعو إلى الإقصاء، محذراً في الوقت نفسه "نحن الآن أمام الفرصة الأخيرة"!. مما يستلزم تهيئة الأجواء المناسبة، تمهيداً للتحول الديمقراطي من خلال انتخابات حرة ونزيهة تكون فيها صناديق الاقتراع الفيصل في اختيار الشعب لممثليه في الأجهزة التشريعية والتنفيذية.
وتظل متلازمة السلطة الروحية والزمنية لصاحب الوقت مقترناً برسائل مولانا الميرغني التي تستلهم مآلات المستقبل ليقدم قراءة جديدة للواقع، ومن هنا يظهر دور الإسناد الخفي الذي يتحدث عنه السيد محمد عثمان الميرغني في المنعطفات الحاسمة لترتيب قواعد اللعبة السياسية وفق منهج القوم ومتطلبات المرحلة، وما خفي أعظم!، "والغافلُ من ظنَّ الأشياءَ هي الأشياءُ"!.

عمر بن عبد العزيز السقادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
كاتب الموضوع عمر بن عبد العزيز السقادي مشاركات 1 المشاهدات 4500  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
::×:: هذا المُنتدى لا يمثل الموقع الرسمي للطريقة الختمية بل هُو تجمُّع فكري وثقافي لشباب الختمية::×::

تصميم: صبري طه