مصادر سياسية : شخصية مولانا الميرغني الوفاقية مفتاح الحل للقضايا العالقة
ما وراء الخبر : هيثم أحمد الطيب
أبعاد كثيرة يمكن أن تفصل في جميل اللقاء بين مولانا الميرغني ود. رياك مشار نائب رئيس الجمهورية في دولة الجنوب، وهي أن الاتفاق بينهما مشتركاً على أن الصراعات والحرب لن تضيف إلا المزيد من الرهق والعذاب للشعبين الشقيقين واللذان كانا (شعب واحد في وطن موحد)، لكن إن كان الانفصال واقعاً وحقيقة جلية فالتعايش بجوار جميل وعلاقات فاضلة هما الطريق لجميل العزاء لنا بعد الإنفصال.
تأكيدات مولانا الميرغني الواثقة على أن السلام هو المرتكز الحقيقي للعلاقة بين الدولتين والتعايش بسلام هو المفترض بين الشعبين كانت هي رؤية اللقاء الجامع، ولعل تاريخ حزب الحركة الوطنية الأول بأنه حزب (السلام) الحقيقي بإنصاف وإخلاص، وأنه حزب الوحدة الوطنية الحقيقية جعل الحزب صاحب أغلبية وكاريزما سياسية لا يجادل فيها أحد في الجنوب، ولعل التاريخ يوثق كيف أن كل الجنوبيين المقيمين في الشمال استقبلوا مولانا الميرغني استقبال الفاتحين عقب توقيعة لاتفاقية السلام السودانية مع الراحل د. جون قرنق في نوفمبر 1988م، وبهذه الروح المنطلقة للسلام ما زال هذا الحزب وهذا الزعيم التاريخي ينسجان للوطن عباءة السلام بين كل الصراعات المشتعلة ويضعان الحلول المنقذة للوطن وللمواطن وللمستقبل.
هذا اللقاء وما خرج منه ليس إلا تأكيد على رؤية الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل الواضحة والمبينة في أن (الحوار) هو الطريق الوحيد لأنقاذ الوطن داخلياً وخارجياً، والضرورة تفرض علاقات أكثر من جميلة مع دولة الجنوب لعلاقات الوشائج والوجدان والقلب الواحد والوطن الذي كان واحداً.
رئيس دولة الجنوب الفريق أول سلفاكير ميارديت وضع أمام مولانا الميرغني دعوة زيارة لجوبا، وفيها أكثر من دلالة وأفصح من معنى، فهذه الزيارة هي الموقف الفاصل الحقيقي الذي يمكن أن يساهم وبقوة في صياغة حلول نهائية لكل القضايا العالقة التي ما زالت تشتعل هنا وهناك، وترفع من لواء الحرب في مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان، وهي القضايا التي لو لم تجد الحوار الحقيقي حولها لضاع الوطن بين الرصاص والدبابة، ولضاع المواطن بين الجوع والفقر والمرض وأصبحت هذه البلاد عنواناً للحرب التي لا تتوقف إلا لتبدأ أكثر اشتعالاً.
مصادر سياسية تؤكد أن في زيارة مولانا الميرغني لجوبا فتح ونصر، فتح للعلاقات الجميلة والمستدامة ونصر بآفاق الحوار المفضي لصناعة وتوطين ما دمنا كنا شعباً واحداً فانفصلنا جغرافياً فلنحافظ على كياننا الوجداني المشترك ونضع لأنفسنا (قيمة تعايش حقيقية) وهذه الزيارة هي الورقة الرابحة الوحيدة التي يمكن أن تهزم كل أسباب الصراعات هنا وهناك، ويمكن أن تضع الإطار الحقيقي لشكل العلاقة المفترضة بين الدولتين.
وعلى ذات المنحى فإن شخصية مولانا الميرغني الوفاقية هي الطريق لصياغة رؤية وفاقية حقيقية حول القضايا العالقة ومشتركاتها، ثم كتابة عمر جديد للوطن يعالج أخطاء ما كان من توقيعات سابقة، ولعل اشارة رئيس دولة الجنوب في الدعوة للزيارة تعرف تلك المنطلقات بحسب تلك المصادر السياسية المطلعة.
خرج د. رياك مشار من اللقاء وهو يهمس، من هنا يصنع السلام المستدام بهذه الروح الوفاقية الحقيقية التي تضع الوطن أولاً، وهذا هو الفرق بين أن تكون زعيم شعب حقيقي أو أن تكون رجل حزب فقط، ومولانا الميرغني زعيم شعب حقيقي.