مُنتديات الختمية

مُنتديات الختمية (https://www.khatmiya.com/vb/index.php)
-   النّور البرّاق (https://www.khatmiya.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   شرح قصيدة يآأم الحسن يآحنينا (https://www.khatmiya.com/vb/showthread.php?t=6755)

حسن الخليفه احمد 02-01-2013 07:57 PM

شرح قصيدة يآأم الحسن يآحنينا
 
شرح قصيدة

يا امُّ الحسن يا حْنينا

يا امُّ الحسَنْ يا حْنِينا وصِّ أبا الزهرا فينا - يا أم العارفينا بالله تجودي علينا
سيدي عمر يا غالي بالله انظر لحالي - سيدي الصديق يا غالي بالله انظر لحالي
سيدي عثمان يا غالي بالله انظر لحالي - سيدي علي يا غالي بالله انظر لحالي
سيدي الحسين يا غالي بالله انظر لحالي - سيدي الحسن يا غالي بالله انظر لحالي
يُمّا يا فاطمة يا غالية بالله انظري لحالي - قد حطيت أحمالي ببابكم شيلوها
سارت ليكِ المَطايا منكِ ترجو العطايا - فيكِ ما خاب رْجَايا يا بَضعة الأمينا
يا امُّ البَها والأنوار ليكِ أسرًّ المختار - آنِي راحلْ عن ذي الدار والموت حق علينا
صاحت زهرا : واكربي على فراقك يا حِبّي - همسْ لِيها : و انْتِ بي أول اللاحقينا
آني دخِيلك يَمِّي ضمِّيني لصدرك ضمِّي - حبُّك جرى بدمي داوي قلبي الحزينا
يا فاطمة يا زهرا اسمك بقلبي حَفْرَهْ - بالفرح والمسرة نرجوا رضاكِ علينا
يا فاطمة يا أمي ذكرك يزوّل همّي - تركت خوالي وعمّي وهمتُ فيكِ مجنونا
يا فاطمة يا عيوني وانتِ الدوا لجفوني - ضمن العبا خبيني ضمن العبا آويني
يا أغلى الناس علينا
يا بضعة الرسول سارت إليكِ حمولي - أرجو منكِ قَبولي بالله لا تردِّينا
يا فاطمة بهواكِ نَشوان و قلبي شاكِ - حتى عُود الآراكِ لفراقك صار حزينا
يا امُّ الحسن يا حْنِينا وصِّ أبا الزهرا فينا - يا أم العارفينا بالله تجودي علينا



منطلقات تأصيلية

استجابة لرغبة من أحب و احترم فها أنذا أكتب هذه المعالم في شرح معاني هذه القصيدة ، و بداية فهذه منطلقات عامة تقود الفهم العام لهذه القصيدة :
1 – التوسل و الاستغاثة بالأموات : من الأمور التي اختلف فيها العلماء : هل تجوز أم لا ؟ و ذلك من حيث كونها صيغة للدعاء – كما بينت ذلك مفصلا في موضوعيّ " التوسل و الاستغاثة بالنبي و الصالحين / فتوى " و " التوسل و الاستغاثة في المذاهب الأربعة / بحث فقهي " .
2 – التوسل و الاستغاثة بالأموات : مآلها إلى التشفع بالأنبياء و الصالحين في الآخرة – و هذه لا خلاف فيها عند أهل السنة و الجماعة - ، أو التشفع بهم في الدنيا ، فالمستغيث كأنه يقول : يا رسول الله ؛ يا من أكرمك الله و أعطاك ؛ و قربك منه و أدناك : اشفع لي عند الله تعالى أن يفرِّج كربي و يستجيب دعائي .... إلخ .
3 – الاعتقاد بأن أي مخلوق يضر و ينفع ؛ و يغفر و يعذب ...: هو كفر و ضلال.
4 – التوسل : ورد في حياة الصحابة ما يدل على وقوعه ؛ كما في قصة عثمان بن حنيف – رضي الله عنه - .
5 – الاستغاثة : وردت حوله آثار لم تخلُ من مقال – كما بينت في الموضوعين المشار إليهما أول الكلام - ، و هذا ما جعل الخلاف في الاستغاثة أشد منه في " التوسل " ، لأنه صيغة من الدعاء لم تستعمل في الصدر الأول ، و هنا لا بد من التساؤل حول النقاط التالية :

أ – المطلوب من المسلم : الدعاء ، و هو التوجه إلى الله تعالى بالسؤال .
ب – أفضل الدعاء ما كان بالوارد عن النبي – صلى الله عليه و سلم - .
ج – الدعاء بغير الوارد : جائز إذا كان ضمن آداب الدعاء وشروطه الشرعية .
و عليه : فالاستغاثة : صيغة من الدعاء لم تكن موجودة – إن رفضنا الآثار الواردة لضعفها مثلاً - ، و لكن لا مانع من أي صيغة تحقق منعى الدعاء و مضمونه ، ولم يشترط احد من العلماء ان يكون بالمأثور ليستجيب الله تعالى للداعي ، بل إن اشتراطه فيه تعسف كبير و حمل الأمة على ما لا يطيقه الكثيرون منها .
هذه منطلقات الفهم لهذه القصيدة ، و أقصى ما يمكن ان يقال في مضامينها : إنها مسألة خلافية في صيغة الدعاء ، فمن العلماء من اجازها ، و منهم من انكرها ، لكن لا يجوز على كل الأحوال : أن نجعلها قضية عقدية ، فنطعن في عقيدة قائلها و إيمانه ... بل هي مسألة فقهية ؛ فرعية ؛ يؤطرها الخلاف الفقهي و الموقف منه ، و لا علاقة لها – إن صدرت من مؤمن – بالإيمان و الكفر ؛ إلا إن تحقق لدينا ان المستغيث يعتقد في المستغاث به النفع و الضر .... بذاته ؛ لا على جهة التشفع ، و هذا ما لا سبيل إليه بالظنون و الأوهام و التخمينات ، بل لا بد من اليقين ، لأن الإيمان ثبت لدينا يقينا ، فلا ينتفي إلا بيقين مماثل .
و هذا أوان الشروع في الشرح :

أولاً – شرح الغريب :
- العارفينا : آل بيت المصطفى – صلى الله عليه و سلم - ؛ لن النسل الطاهر انقطع إلا من جهة فاطمة – رضي الله عنها- .
- حْمالي : أحمالي ، و المراد : ما أهمني و أغمّني من أموري ؛ طالبا منك أن تتشفعي لي عند الله تعالى أن يفرِّج عني ويستجيب دعائي .
- المَطايا : جمع " مَطيّ " ، و هي : الراحلة التي يمتطيها السائر أو المسافر ، و المقصود : أننا توجهنا إلينا طالبين شفاعتك عند الله تعالى .
- بَضعة الأمينا : البَضْعة : القطعة ، و تسمى البنت بَضعة لأنها قطعة من أبيها ، و السيدة فاطمة – رضي الله عنها – هي قطعة من المصطفى – صلى الله عليه وسلم - .
- أم البهاء : أم الأنوار و الضياء .
- ليك أسرًّالمختار .... : قبل وفاة النبي – صلى الله عليه و سلم – أسرّ لفاطمة بقرب أجله ، فبكت ، ثم سارّها مرة أخرى : انها أول أهل بيته لحوقا به – صلى الله عليه و سلم – فضحكت ، وقد توفيت بعد النبي بستة أشهر .
- واكربي : كلمة تقال في الحزن تألما ؛ و هي من صيغ الندب و التألم .
- حِبّي : محبوبي .
- اسمك بقلبي حَفْرَهْ : صار حبك مخالطا لدمي و أنفاسي ، و اسمك محفورا
في قلبي و روحي و نفسي حبا و إجلالا .
- يا فاطمة يا أمي ذكرك يزوّل همّي : إما تأسيا بك لصبرك ، و إما أن ذكرك يذكرني برسول الله فينسيني همي ، أو أن ذكرك يجعلني على أمل بان الله تعالى سيفرج همي كرامة لك .
- ... وهمتُ فيكِ مجنونا : تعلق قلبي بحبك يا بنت المصطفى و أصل النسل المبارك الباقي فينا .
- وانتِ الدوا لجفوني : نفس معاني ما قبله
- ضمن العبا : جمع النبي – صلى الله عليه وسلم – فاطمة و عليا و الحسن والحسين ، و قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً " ، فأسألك يا أمي : أن تجعليني كأولادك فتتشفعي لي عند الله تعالى كما تتشفعين لأي ابن من أبنائك .
- سارت إليكِ حمولي ... : توجهت إليك طالبا شفاعتك لغفران ذنبي و تفريج كربي ... و هذه هي الحمول " الأحمال " .
- نَشوان : فرح .
- و قلبي شاكِ : من الشكوى .
- حتى عُود الآراكِ لفراقك صار حزينا : حزن لموتك كل مؤمن ... و كل من عرفك ، حتى السِّواك – و هو عُود الأراك – حزن لموتك .

ثانياً – شرح المعاني :
1 - تدور القصيدة كلها حول طلب الشفاعة من السيدة فاطمة – رضي الله عنها – و من الخلفاء الأربعة أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، و من سبطي المصطفى – صلى الله عليه و سلم - .
2 – نذكر بالضوابط التي افتتحنا بها شرحنا هذا ، فهو المؤصل و الشارح لها .
3 – هناك ألفاظ توقف عندها بعض أهل العلم ، مثل " ضميني لصدرك ضمة " و " ضمن العبا ضميني " و نحو ذلك من العبارات ، و هنا لا بد من بيان التالي :
أ – إن كان المادح و المردد لهذه الكلمات من آل البيت : فلا إشكال و لا اعترض ؛ لأنه يناجي جدته نسباً ؛ و الجدة مهما علت هي جدة ، و هي كالأم .
ب – أن يكون غير ذي نسب من السيدة فاطمة : و هذا ما جعل بعض أهل العلم يمنع ترديد مثل هذه الكلمات ؛ لأنها لا تليق – كما قال - .

و لكن لا بد من وقفة متأنية :
- إن أي مسلم ينظر إلى السيدة فاطمة على انها كأمه ؛ بل و أغلى من أمه ، و لا يخطر ببال مسلم أن يخاطب السيدة فاطمة على انها مجرد امراة ، بل هي كأم لكل مسلم .
- و هناك أصول قد تمتن هذا الفهم الصحيح : فالله تعالى قال : { {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب : 6] ، فإذا كانت زوجات النبي أهات للمؤمنين فمعنى ذلك أن بناته أخوات للمؤمنين !!!
- و هو معنى قوي و محتمل ، و لكن يرد عليه : حل زواجهن من الرجال في عصرهن ؟؟؟ و لا دليل على تخصيص عصر الصحابة بالحل دون غيرهم .
- لكن مهما كان الأمر : فالقضية مصروفة إلى مناجاة أو مناداة الابن لأمه ، و لا يوجد مؤمن يعرف ما معنى الإيمان و ما معنى النبوة و الآل ... يمكن أن تتحرك أهواء البهيمية في نفسه في مثل هذا الخطاب لسيدة نساء العالمين ، بل أجد من قلة الذوق ان تثار مثل هذه الأبعاد في مثل هذا المقام الطاهر .
و بعد : فإن الأولى بالمسلم أن يبتعد عن المختلَف فيه ، و لكن عندما يجد من يختار رأيا في قضية خلافية : فلا بد من حمل الموقف و الكلام على الوجه المشروع ؛ الصحيح ، لا أن يحمله على الأسوأ و الأبعد من الاحتمالات .
و أخيرا : إن الأمر دين ، و قد بينت ما أعتقده في المسألة فيما بيني و بين الله تعالى : ألا أحمل موقفا أو قولا صدر من مسلم إلا على وجه مشروع ؛ مباح ؛ صحيح ، لأن أصل إيمانه يعصمه من أن أطعن فيه إلا بيقينيٍّ ؛ لا بمحتَمَلٍ و مظنونٍ و مختلفٍ فيه ...
و لا بد من قراءة البحثين المشار إليهما لاستكمال التصور الصحيح للمسألة ، و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .


الساعة الآن 06:35 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
دعم وتطوير نواف كلك غلا