مُنتديات الختمية

مُنتديات الختمية (https://www.khatmiya.com/vb/index.php)
-   النّور البرّاق (https://www.khatmiya.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   سيرة مختصرة عن الامام احمد ابن حنبل رضى الله عنه (https://www.khatmiya.com/vb/showthread.php?t=5904)

حسن الخليفه احمد 10-13-2012 06:22 PM

سيرة مختصرة عن الامام احمد ابن حنبل رضى الله عنه
 
سيرة الإمام أحمد بن حنبل

وقفات وعبر وعجائب


اسمه ومولده :
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، أصله من البصرة ، ولد عام ( 164 ) ه ، في بغداد وتوفي والده وهو صغير ، فنشأ يتيماً ، وتولَّت رعايته أمه .

وقفة : اليتيم قد يكون ناجحاً في حياته :


نشأ الإمام أحمد رحمه الله في طلب العلم ، وبدأ في طلب الحديث وعمرهُ خمس عشرة سنة ، ورحل للعلم وعمرهُ عشرون سنة ، والتقى بعدد من العلماء منهم : الشافعي في مكة ، ويحيى القطَّان ، ويزيد بن هارون في البصرة .
ورحل من العراق إلى اليمن مع يحيى بن مُعين ، فلمَّا وصلا إلى مكة وجدا عبد الرزاق الصنعاني أحد العلماء في اليمن ، فقال يحيى بن معين يا إمام يا أحمد : نحنُ الآن وجدنا الإمام ، ليس هناك ضرورة في أن نذهب إلى اليمن ، فقال الإمام أحمد : أنا نويت أن أُسافر إلى اليمن ، ثم رجع عبد الرزاق إلى اليمن ولَحِقا به إلى اليمن ، وبَقِيَ الإمام أحمد في اليمن عشرة أشهر ، ثم رجع مشياً على الأقدام إلى العراق .


فلمَّا رجع رأوا عليه آثار التعب والسفر فقالوا له : ما الذي أصابك ؟ فقال الإمام أحمد : يهون هذا فيما استفدنا من عبد الرزاق .

* مِنْ عُلوا الهمَّة عند الإمام أحمد وهو صغير ، يقول : ربما أردتُ الذهاب مبكراً في طلب الحديث قبل صلاة الفجر ، فتأخذ أمي بثوبي وتقول : حتى يؤذِّن المؤذِّن .

ثناء العلماء على الإمام أحمد :


* قال عبد الرزاق شيخ الإمام أحمد : ما رأيت أحداً أفْقَه ولا أوْرع من أحمد.
* قالوا : إذا رأيتَ الرجل يحبُ الإمام أحمد فاعلم أنَّه صاحب سنة .
* قال الشافعي وهو من شيوخ الإمام أحمد : خرجتُ من بغداد فما خلَّفتُ بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفْقَه من أحمد بن حنبل.
* قال يحيى بن معين : أراد الناس أن يكونوا مثل أحمد بن حنبل ! لا والله ، ما نقوى على ما يقوى عليه أحمد ، ولا على طريقة أحمد .

* كان الإمام أحمد يحفظ ( ألف ألف ) حديث ، يعني ( مليون ) حديث . أي مجموع الروايات والأسانيد والطرق للأحاديث .
* مِنْ حِفْظِ الإمام أحمد للحديث كان يقول لابنه : اقرأ عليَّ الحديث وأُخبركُ بالسند ، أو اقرأ عليَّ الإسناد لأخبرك بالحديث .

عِفَّة الإمام أحمد :

* لمَّا رحل لطلب العلم لم يكن لديه مال ، فكان يحمل البضائع على الجمال وعلى الحمير فيأخذ من هذا درهم ومن هذا درهم ، فيعيش بهذه الدراهم ، وفي الصباح يطلب العلم حتى يستغني عن سؤال الناس ، ( عِفَّة وطلب علم ) .

كان الإمام أحمد يكره الشُهرة والثناء :


* دخل عليه عمُّهُ وكان الإمام أحمد حزين ، فقال عمُّهُ : ماذا بك ؟ فقال الإمام أحمد : طُوبى لِمَنْ أخْمَلَ الله ذكره ، ( يعني من لم يكن مشهوراً ، ولا يعلم به إلاَّ الله ) .

* وقال أيضاً : أريدُ أنْ أكونَ في شِعْبِ مكة حتى لا أُعْرَفْ .
* وكان إذا أراد أنْ يمشي يكره أن يتبعه أحدٌ من الناس .

العمل بالعلم :


* قال الإمام أحمد ما كتبتُ حديثاً إلاَّ وقد عملتُ به , حتى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وأعطى الحجَّامَ أجره ، فاحْتَجَمَ الإمام أحمد وأعطى الحجَّام أجره .


أخلاق الإمام أحمد وآدابه :


* كان يحضر مجلس الإمام أحمد خمسة آلاف طالب ، ( 500 ) كانوا يكتبون العلم ، والبقية ينظرون إلى أدبه وأخلاقه وسَمْتِهِ .

* قال يحيى بن معين : ما رأيتُ مثل أحمد ، صحبناه خمسين سنة فما افتخر علينا بشيء ممَّا كان فيه من الخير .
* كان الإمام أحمد مائلاً إلى الفقراء ، وكان فيه حِلْمْ ، ولم يكن بالعجول ، وكان كثير التواضع ، وكانت تعلوه السكينة والوقار .
* قال رجل للإمام أحمد : جزاك الله عن الإسلام خيراً ، فقال الإمام أحمد : بل جزى الله الإسلام عني خيراً ، مَنْ أنا ؟ وما أنا ؟
* كان الإمام أحمد شديد الحياء ، وأكرم الناس ، وأحسنهم عِشْرةً وأدباً ، لمْ يُسمع عنه إلاَّ المُذاكرة للحديث ، وذِكْر الصالحين ، وكان عليه وقارٌ وسكينة ، ولفْظٌ حَسَنْ .

عبادة الإمام أحمد بن حنبل :


* كان يُصلِّي في اليوم والليلة ( 300 ) ركعة ، فلمَّا سُجِنَ وضُرِبْ أصْبَحَ لا يستطيع أنْ يُصلِّي إلاَّ ( 150 ) ركعة فقط .
* كان يَخْتِمُ القرآن كُلَّ أُسبوع .

* قال أحدُهُمْ : كُنْتُ أعرفُ أحمد بن حنبل وهو غُلام كان يُحيي الليل بالصلاة .
* كان مِنْ عِبادته وزُهده وخوفه ، إذا ذَكَرَ الموت خَنَقَتْهُ العَبْرة .
* كان يقول : الخوف يمنعني الطعام والشراب ، وإذا ذكرتُ الموت هانَ عليَّ كُلُّ أمْرِ الدنيا .

* كان يصوم الإثنين والخميس والأيام البيض ، فلمَّا رَجَعَ مِنْ السجن مُجْهَداً أَدْمَنَ الصيام حتى مات .
* حَجَّ على قَدَميه مرتين .
* في مَرَضِ الموت بَالَ دَمَاً كثيراً ، فقال الطبيب المُشْرف عليه : هذا رجُلٌ قد فَتَّتَ الخوف قلبه .


أخبار منوعة في سيرته :


* قابل الإمام أحمد بن حنبل أحدْ أبناء الإمام الشافعي فقال الإمام أحمد لابن الشافعي : أبُوكَ مِنَ السِّتة الذينَ أدْعُوا لهم في السَّحَرْ .

* قيل للإمام أحمد :
كَمْ يكْفي الرجل حتى يُفْتِي ؟ مئة ألف حديث ؟
قال الإمام أحمد : لا .
قال السائل : مائتين ألف حديث ؟
قال الإمام أحمد : لا .
قال السائل : ثلاثمائة ألف حديث ؟
قال الإمام أحمد : لا .
قال السائل : أربعمائة ألف حديث ؟
قال الإمام أحمد : لا .
قال السائل : خمسمائة ألف حديث ؟
قال الإمام أحمد : أَرْجُوا .

حياته الزوجية :


تزوَّجَ وعُمْرهُ أربعون سنة ، يقول عن زوجته : مكثنا عِشرينَ سنة ما اختلفنا في كلمةٍ واحدة .

الفتنة التي تعرَّضَ لها الإمام أحمد :


لمَّا دعا المأمون الناس إلى القول بخلق القرآن ، أجابه أكثر العلماء والقضاة مُكْرهين ، واستمر الإمام أحمد ونفرٌ قليل على حمل راية السنة ، والدفاع عن معتقد أهل السنة والجماعة .
قال أبو جعفر الأنباري : لمَّا حُمِلَ الإمام أحمد بن حنبل إلى المأمون أُخْبِرتُ فعبرتُ الفُرات ، فإذا هو جالس في الخان ، فسلمتُ عليه ، فقال : يا أبا جعفر تعنَّيْت ؟ فقلتُ : ليس هذا عناء .

وقلتُ له : يا هذا أنت اليوم رأس الناس ، والناس يقتدون بكم ، فو الله لئن أجبتَ ليُجيبُنَّ بإجابتك خلقٌ كثير من خلقِ الله تعالى ، وإنْ أنتَ لم تُجِبْ ليمتنِعُنَّ خلقٌ مِنَ الناس كثير ، ومع هذا فإنَّ الرجل إنْ لم يقتلك فإنَّك تموت ، ولابدَّ مِنْ الموت ، فاتَّقِ الله ولا تُجيبهم إلى شيء .
فجعل أحمد يبكي ويقول : ما شاء الله ، ما شاء الله . ثم سار أحمد إلى المأمون فبلغه توعد الخليفة له بالقتل إنْ لم يُجبه إلى القول بخلقِ القرآن ، فتوجه الإمام أحمد بالدعاء إلى الله تعالى أنْ لا يجمع بينه وبين الخليفة ، فبينما هو في الطريق قبل وصوله إلى الخليفة إذ جاءه الخبر بموت المأمون ، فَرُدَّ الإمام أحمد إلى بغداد وحُبِس ، ثم تولَّى الخلافة المعتصم ، فامتحن الإمام أحمد .


وكان مِنْ خبر المحنة أنَّ المعتصم لمَّا قصد إحضار الإمام أحمد ازدحم الناس على بابه كيوم العيد ، وبُسِطَ بمجلسه بساطاً ، ونُصِبَ كرسياً جلس عليه ، ثم قال : أحضروا أحمد بن حنبل ، فأحضروه ، فلمَّا وقف بين يديه سَلَّمَ عليه ، فقال له : يا أحمد تكلم ولا تَخَفْ ، فقال الإمام أحمد : والله لقد دخلتُ عليك وما في قلبي مثقال حبَّةٍ من الفزع ، فقال له المعتصم : ما تقول في القرآن ؟
فقال : كلام الله قديم غير مخلوق ، قال الله تعالى : { وَإنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ } [ التوبة : 6 ].


فقال له : عندك حجة غير هذا ؟ فقال : نعم ، قول الله تعالى : { الرَّحْمَنْ * عَلَّمَ القُرْآنْ }. [ الرحمن : 1 ، 2 ] ، ولم يقل : الرحمن خلق القرآن ، وقوله تعالى : { يس * والقُرْآنِ الْحَكِيم } [ يس : 1 ، 2 ] ، ولم يقل : يس والقرآن المخلوق .
فقال المعتصم : احبسوه ، فحُبِسَ وتفرَّقَ الناس .


فلمَّا كان مِنَ الغد جلس المعتصم مجلسه على كرسيه وقال : هاتوا أحمد بن حنبل ، فاجتمع الناس ، وسُمعت لهم ضجة في بغداد ، فلمَّا جيء به وقف بين يديه والسيوف قد جُردت ، والرماح قد ركزت ، والأتراس قد نُصبت ، والسياط قد طرحت ، فسأله المعتصم عمَّا يقول في القرآن ؟
قال : أقول : غير مخلوق .


وأحضر المعتصم له الفقهاء والقضاة فناظروه بحضرته في مدة ثلاثة أيام ، وهو يناظرهم ويظهر عليهم بالحُجج القاطعة ، ويقول : أنا رجل عَلِمتُ علماً ولم أعلم فيه بهذا ، أعطوني شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى أقول به .
وكلما ناظروه وألزموه القول بخلق القرآن يقول لهم : كيف أقول ما لم يُقل ؟ فقال المعتصم : قهرنا أحمد .


وكان من المتعصبين عليه محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم ، وأحمد بن دُوَاد القاضي ، وبشر المريسي ، وكانوا معتزلة قالوا بخلق القرآن ، فقال ابن دُوَاد وبشر للخليفة : اقتله حتى نستريح منه ، هذا كافر مُضِل .

فقال : إني عاهدتُ الله ألا أقتله بسيف ولا آمر بقتله بسيف ، فقالا له : اضربه بالسياط ، فقال المعتصم له : وقرابتي من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لأضربنَّك بالسياط أو تقول كما أقول ، فلم يُرهبه ذلك ، فقال المعتصم: أحضروا الجلادين ، فقال المعتصم لواحد منهم : بكم سوطٍ تقتله ؟

قال : بعشرة ، قال : خذه إليك ، فأُخْرِجَ الإمام أحمد من أثوابه ، وشُدَّ في يديه حبلان جديدان ، ولمَّا جيء بالسياط فنظر إليها المعتصم قال : ائتوني بغيرها ، ثم قال للجلادين : تقدموا ، فلمَّا ضُرِبَ سوطاً..

قال : بسم الله ، فلمَّا ضُرِبَ الثاني قال : لا حول ولا قوةً إلاَّ بالله ، فلمَّا ضُرِبَ الثالث قال : القرآن كلام الله غير مخلوق ، فلمَّا ضُرِبَ الرابع قال : { قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا } [ التوبة : 51 ] .


وجعل الرجل يتقدَّم إلى الإمام أحمد فيضربه سوطين ، فيحرضه المعتصم على التشديد في الضرب ، ثم يتنحَّى ، ثم يتقدَّم الآخر فيضربه سوطين ، فلمَّا ضُرِبَ تسعة عشر سوطاً قام إليه المعتصم فقال له : يا أحمد علام تقتل نفسك ؟ إني والله عليك لشفيق .


قال أحمد : فجعل عجيف ينخسني بقائمة سيفه وقال : تريد أنْ تغلب هؤلاء كلهم ؟ وجعل بعضهم يقول : ويلك ! الخليفة على رأسك قائم ، وقال بعضهم : يا أمير المؤمنين دمه في عنقي اقتله ، وجعلوا يقولون : يا أمير المؤمنين : إنه صائم وأنت في الشمس قائم ، فقال لي : ويحك يا أحمد ما تقول ؟ فأقول : أعطوني شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله صلَّى الله عليه وسلم حتى أقول به.


ثم رجع الخليفة فجلس ثم قال للجلاد : تقدمَّ ، وحَرَّضه على إيجاعه بالضرب .


قال الإمام أحمد : فذهب عقلي ، فأفقت بعد ذلك ، فإذا الأقياد قد أُطلِقت عنِّي ، فأتوني بسويق فقالوا لي : اشرب وتقيأ ، فقلت : لستُ أُفطر ، ثم جيء بي إلى دار إسحاق بن إبراهيم ، فحضرتُ صلاة الظهر ، فتقدَّم ابن سماعة فصلى ، فلمَّا انفتل من الصلاة قال لي : صليتَ والدمُ يسيل في ثوبك ، فقلت له : قد صلَّى عمر رضي الله عنه وجرحه يسيل دماً .


ولمَّا ولِّيَ الواثق بعد المعتصم ، لم يتعرض للإمام أحمد بن حنبل في شيء إلاَّ أنَّه بعث عليه يقول : لا تساكنِّي بأرضٍ ، وقيل : أمره أنْ لا يخرج من بيته ، فصار الإمام أحمد يختفي في الأماكن ، ثم صار إلى منزله فاختفى فيه عدة أشهر إلى أنْ مات الواثق .


وبعد ذلك تولَّى الخلافة المتوكل بعد الواثق ، فقد خالف ما كان عليه المأمون والمعتصم والواثق من الاعتقاد ، وطعن عليهم فيما كانوا يقولونه من خلق القرآن ، ونهى عن الجدال والمناظرة في الأداء ، وعاقب عليه ، وأمر بإظهار الرواية للحديث ، فأظهر الله به السُنَّة ، وأمات به البدعة ، وكشف عن الخلق تلك الغُمَّة ، وأنار به تلك الظُلمة ، وأطلق من كان اعتُقِلَ بسبب القول بخلق القرآن ، ورفع المحنة عن الناس .

* قال أحد الجلادين بعد أن تاب : لقد ضربت الإمام أحمد ( 80 ) جلدة ، لو ضربتُها في فيل لسقط .

فَرَحِمَ اللهُ هذا الإمام الجليل أحمد بن حنبل ، الذي ابتُليَ بالضرَّاء فصبر ، وبالسرَّاء فشكر ، ووقف هذا الموقف الإيماني كأنه جبلٌ شامخ ، تتكسَّرُ عليه المِحَنْ ، وضَرَبَ لنا مثلاً في الثبات على الحق ...


الساعة الآن 09:31 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
دعم وتطوير نواف كلك غلا