وليد قاسم
05-02-2010, 01:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
كان الخليفة عمر ضيف الله رحمه الله نموذجا للخليفة الذاكر , وكان لمن عرفه ودودا ,
لطيفا , حلو المعشر , زاهدا فى الدنيا , غير ملتفت اليها , قانعا بالقليل منها فكان ممن ( دخلوا فقراء الى الدنيا وكما دخلوا منها خرجوا ) .
دخل يوما بيت احد الاغنياء فقال : يارب القى بيت زى دا فى الجنة , فقال له احد الظرفاء كان بجواره : يا خليفة الناس لقوه فى الدنيا انت كايس
ليهو فى الاخرة !
كان يومه كله ذكر , فهو اما فى ورد من أساس أو راتب أو تهليل أو مولد أو مديح والا
فهو فى حديث فى الله ورسوله وسير الصالحين , و كان له ورد دائم فى الذكر باسم الله الحى القيوم , وفى كتب الطريقة الختمية وبشائرها الكلام
الكثير عن الذكر بهذا الاسم العظيم . ومن مجاهداته فى الطريق رحمه الله تعالى انه بعد الحج سافر لزيارة النبى صلى الله عليه وسلم ماشيا من مكة
الى المدينة على الاقدام !
عرف عنه رضى الله عنه قيام الليل فلا تفقده الاسحار ابدا , حتى ولو نام متاخرا جدا , وكان يقرا
الراتب فى وقت وجيز من كثرة ما ردده , وكان يقرأ من الاوراد فى اليوم الواحد ما لا يقرأه غيره فى أسبوع . وبعد أن كبر سنه كان يجلس على
الكرسى ممسكا بمسبحته حتى يطلع الفجر .
وله باخوانه وابناءه فى الله من ابناء الطريقة شفقة عجيبة , سمعته مرارا يقول : انى لادعو فى السحر
لفلان وفلان وفلان , فيعد اكثر من عشرين نفسا يدعوا لهم باسمائهم , وجماعة فلان وجماعة فلان وجماعة فلان وهكذا كل مجتمعات الختمية !
كما عرف عنه رحمه الله محبة القوم جميعا والتجوال الدائم بين مراكز الطرق الصوفية فى السودان , فكان سفير الختمية لديها , فتجده فى طيبة
وطابت , كدباس و أبوحراز , الشكينيبة ومدنى وغيرها , وكان يعرف كل خلفاء هذه السجادات وكانوا يوقرونه ويحترمونه وينزلونه المنزلة اللائقة
فقد كان كأنه ود ضيف الله عصره - وهو حفيد صاحب الطبقات - فكان مرجعا فى تاريخ الطرق الصوفية واسانيدها واثارها واشعارها واورادها
وغير ذلك !
كان منشدا متقنا حافظا , له صوت شجى حنون تحس الصدق فى كلماته , ينشد من دواوين السادة
المراغنة ويحفظها عن ظهر قلب , كما ينشد القصيد الصوفى القديم , يقطع نياط القلب اذا انشد أطع أمرنا , ويحلق بالارواح اذا أنشد للنابلسى
او ابن الفارض . وله غرام خاص بالمدائح التى مدح بها السيد الحسن الميرغنى , وكان ذلك من فرط محبته له قدس الله سره , فيحفظ تجلى
الذات وشى لله يا حسن وقصائد ود المتعارض وغير ذلك . ينشد ذب الذباب وكأنه مؤلفها أو كانه حضر وقتها الذى قيلت فيه , يشرح
معاني كل قصيدة وتاريخها ومن كان ينشدها من المنشدين ورواياتها وما الى ذلك .
كان كثير الزيارة لاخوانه فى الله من أهل الطريقة الختمية , يأتى لدار الخليفة عبدالعزيز فيجلس
عنده ويقيل فيتذاكران شئون الطريقة وذكرياتها وطرائف رجالها ومناقب ساداتها فيسمع الحاضر عجبا ! وكان كأنه توأم الخليفة عبد الهادى من فرط
الصلة والرابطة القوية بينهما , يزوره فيمضى معه الشهور العديدة بزاويته الشهيرة بمدنى , فكانت اعياد الاخوان هناك لما يجدوا عنده من البركات
والنفحات والمسامرات , وكان له بالزاوية مكان مخصص .
ومن حسن اخلاقه وبره لاخوانه ما حكاه بعض الاخوان : قال كانت عادته فى السفر مع
الجماعة ان ينتظر ساعة نوم الاخوان فياخذ جلاليبهم المعلقة ويغسلها كلها وينشرها لتجف ثم يطبقها ويجلس عليها ليقرأ أوراده , فاذا لاموه على
ذلك لا يزيد على ان يقول لهم مبتسما دى المكوة ايام خليفة المهدى !
لم يكن الفخر ديدنه ولا طبعه ولم يجد العجب اليه سبيلا رغم المدة الطويلة التى قضاها فى
الطريقة عابدا ذاكرا مع السبق وطول العمر, فكان متواضعا اشد التواضع , لم يتصدر لمشيخة قط وما ظهرت عليه اثار الدعوى ابدا . وهو الذى
سلك الطريقة منذ بواكير الشباب وامضى فيها ما زاد على السبعين عاما قضاها كلها عابدا ذاكرا قائما تاليا مشاركا فى المناسبات الدينية المختلفة
كالموالد والحوالى وغيرها . ذكر أن الخليفة عبد الهادى قال عنه بان الخليفة عمر كان صاحب مقام عال ولكن لم يكن يدرى به .
كان رحمه الله تعالى مع كل ذلك ودودا , سهلا , حاضر البديهة, صاحب طرفة , سأله احد
الشباب الختمية يوما مشاغبا : يا خليفة ادينى الفاتحة اشترى عربية اوصلك البيت كل يوم .....
قال الخليفة : طيب ما اشيل الفاتحة لى روحى واشترى عربية !
له كرامة عجيبة ثابتة حدثت مع احد الاخوان الختمية كان فى كربة شديدة , فلجأ اليه وألح
عليه فى الطلب فجمعه الخليفة بالسيد الحسن فشكا اليه حاله فبشره بقرب الفرج وقد كان !
والخليفة عمر من تلاميذ الخليفة مكى عربى عليه الرضوان , وكذلك كان الخليفة عبد الهادى والخليفة تاج الختم وغيرهم وهو الذى سلكهم ورباهم .
والخليفة مكى ركابى النسب و مناقبه لا تستقصى وهذا الخليفة عمر حسنة من حسناته , جمع شئ من مناقبه فى الفتح المكى وكتاب الخليفة
عبدالهادى . ورثاه الخليفة عمر بقصيدة بعد انتقاله , أفرغ فيها حزنه النبيل , وظل ينشدها فى ذكراه السنوية فى كل عام , ومما قال فيها :
رحلتم ايها الرجل المهاب = سكنتم فى الجنان ام التراب
نأيتم ام نأينا نحن عنكم = فدونى حال بينكم الحجاب
فانت اليوم فى روض انيق = وانى فى كلام لا يطاب
فمن اصحب ايا مكى بعدك = فان العيش لى لا يستطاب
ومن ارجوه يرعانى دواما = ويرشدنى الى الفعل الصواب
ومن أرجوه يولينى دواما = لخيرات الاله بلا حساب
وعبد الهادى ابنكم المفضل = فيرشد للأنام ومستجاب
واحمد ابنكم راعى وواعى = وارجو ان يماط له الحجاب
وراتب الميرغنى امنى وحصنى = اكرره وانتظر الثواب
وصلى الله ربى ثم سلم = على طه وال والصحاب
فكان ينشدها بطريقته الفريدة المملوؤة صدقا وحزنا وربما بكى وابكى الحاضرين ....................
ويحق لنا اكراما وبرا له ان نقول :
رحلتم ايها الرجل الودود = سكنتم فى الجنان ام اللحود
فأنت اليوم ضيف الله حقا = ورب العرش أكرم من يجود
الا قد كنت قواما بليل = وقوفا ثم اخره قعود
فمن يتلو لاسم الحى بعدك = يكرره يحسنه يعيد
ومن لمناقب القوم الكرام = لينثرها فذاك اليوم عيد
ومن يدعو لاخوان بسحر = ويسأل ربه لهم المزيد
ومن لمدائح الحسن الهمام = لينشدها ويشرحها يفيد
يحن لمجلسك عبدالعزيز = مجالسكم لها طبع فريد
وعبد الهادى صاحبك المفضل = زمانكموا زمان لا يعود
وتاج الختم كان كذاك علما = اليفا لاحقود ولا حسود
اخذت العهد سندا عن امام = ركابى وذو نسب اكيد
اما قد قلت يوما دون فخر = تبين فضل سبقك يا وحيد
بانك فى الطريقة من صباكا= فذى سبعون عاما اوتزيد
اما قد قال عبد الهادى يوما = بان مقامكم عال فريد
ولكن لم تكن تدرى بهذا = عساك اليوم تشهد ما تريد
وصلى الله ربى ثم سلم = على المختار ما بان الجديد
اللهم ارحم عبدك عمر ضيف الله وانزل على قبره شئابيب رضوانك انك انت الكريم الوهاب , اللهم لا تحرمنا
أجره ولا تفتنا بعده واجعل ذكراه نبراسا يضئ لنا سبيلا من سبل الخير انك انت الجواد الكريم الرؤوف الرحيم
وصلى اللهم على سيدنا محمد واله وصحبه أجمعين .
كان الخليفة عمر ضيف الله رحمه الله نموذجا للخليفة الذاكر , وكان لمن عرفه ودودا ,
لطيفا , حلو المعشر , زاهدا فى الدنيا , غير ملتفت اليها , قانعا بالقليل منها فكان ممن ( دخلوا فقراء الى الدنيا وكما دخلوا منها خرجوا ) .
دخل يوما بيت احد الاغنياء فقال : يارب القى بيت زى دا فى الجنة , فقال له احد الظرفاء كان بجواره : يا خليفة الناس لقوه فى الدنيا انت كايس
ليهو فى الاخرة !
كان يومه كله ذكر , فهو اما فى ورد من أساس أو راتب أو تهليل أو مولد أو مديح والا
فهو فى حديث فى الله ورسوله وسير الصالحين , و كان له ورد دائم فى الذكر باسم الله الحى القيوم , وفى كتب الطريقة الختمية وبشائرها الكلام
الكثير عن الذكر بهذا الاسم العظيم . ومن مجاهداته فى الطريق رحمه الله تعالى انه بعد الحج سافر لزيارة النبى صلى الله عليه وسلم ماشيا من مكة
الى المدينة على الاقدام !
عرف عنه رضى الله عنه قيام الليل فلا تفقده الاسحار ابدا , حتى ولو نام متاخرا جدا , وكان يقرا
الراتب فى وقت وجيز من كثرة ما ردده , وكان يقرأ من الاوراد فى اليوم الواحد ما لا يقرأه غيره فى أسبوع . وبعد أن كبر سنه كان يجلس على
الكرسى ممسكا بمسبحته حتى يطلع الفجر .
وله باخوانه وابناءه فى الله من ابناء الطريقة شفقة عجيبة , سمعته مرارا يقول : انى لادعو فى السحر
لفلان وفلان وفلان , فيعد اكثر من عشرين نفسا يدعوا لهم باسمائهم , وجماعة فلان وجماعة فلان وجماعة فلان وهكذا كل مجتمعات الختمية !
كما عرف عنه رحمه الله محبة القوم جميعا والتجوال الدائم بين مراكز الطرق الصوفية فى السودان , فكان سفير الختمية لديها , فتجده فى طيبة
وطابت , كدباس و أبوحراز , الشكينيبة ومدنى وغيرها , وكان يعرف كل خلفاء هذه السجادات وكانوا يوقرونه ويحترمونه وينزلونه المنزلة اللائقة
فقد كان كأنه ود ضيف الله عصره - وهو حفيد صاحب الطبقات - فكان مرجعا فى تاريخ الطرق الصوفية واسانيدها واثارها واشعارها واورادها
وغير ذلك !
كان منشدا متقنا حافظا , له صوت شجى حنون تحس الصدق فى كلماته , ينشد من دواوين السادة
المراغنة ويحفظها عن ظهر قلب , كما ينشد القصيد الصوفى القديم , يقطع نياط القلب اذا انشد أطع أمرنا , ويحلق بالارواح اذا أنشد للنابلسى
او ابن الفارض . وله غرام خاص بالمدائح التى مدح بها السيد الحسن الميرغنى , وكان ذلك من فرط محبته له قدس الله سره , فيحفظ تجلى
الذات وشى لله يا حسن وقصائد ود المتعارض وغير ذلك . ينشد ذب الذباب وكأنه مؤلفها أو كانه حضر وقتها الذى قيلت فيه , يشرح
معاني كل قصيدة وتاريخها ومن كان ينشدها من المنشدين ورواياتها وما الى ذلك .
كان كثير الزيارة لاخوانه فى الله من أهل الطريقة الختمية , يأتى لدار الخليفة عبدالعزيز فيجلس
عنده ويقيل فيتذاكران شئون الطريقة وذكرياتها وطرائف رجالها ومناقب ساداتها فيسمع الحاضر عجبا ! وكان كأنه توأم الخليفة عبد الهادى من فرط
الصلة والرابطة القوية بينهما , يزوره فيمضى معه الشهور العديدة بزاويته الشهيرة بمدنى , فكانت اعياد الاخوان هناك لما يجدوا عنده من البركات
والنفحات والمسامرات , وكان له بالزاوية مكان مخصص .
ومن حسن اخلاقه وبره لاخوانه ما حكاه بعض الاخوان : قال كانت عادته فى السفر مع
الجماعة ان ينتظر ساعة نوم الاخوان فياخذ جلاليبهم المعلقة ويغسلها كلها وينشرها لتجف ثم يطبقها ويجلس عليها ليقرأ أوراده , فاذا لاموه على
ذلك لا يزيد على ان يقول لهم مبتسما دى المكوة ايام خليفة المهدى !
لم يكن الفخر ديدنه ولا طبعه ولم يجد العجب اليه سبيلا رغم المدة الطويلة التى قضاها فى
الطريقة عابدا ذاكرا مع السبق وطول العمر, فكان متواضعا اشد التواضع , لم يتصدر لمشيخة قط وما ظهرت عليه اثار الدعوى ابدا . وهو الذى
سلك الطريقة منذ بواكير الشباب وامضى فيها ما زاد على السبعين عاما قضاها كلها عابدا ذاكرا قائما تاليا مشاركا فى المناسبات الدينية المختلفة
كالموالد والحوالى وغيرها . ذكر أن الخليفة عبد الهادى قال عنه بان الخليفة عمر كان صاحب مقام عال ولكن لم يكن يدرى به .
كان رحمه الله تعالى مع كل ذلك ودودا , سهلا , حاضر البديهة, صاحب طرفة , سأله احد
الشباب الختمية يوما مشاغبا : يا خليفة ادينى الفاتحة اشترى عربية اوصلك البيت كل يوم .....
قال الخليفة : طيب ما اشيل الفاتحة لى روحى واشترى عربية !
له كرامة عجيبة ثابتة حدثت مع احد الاخوان الختمية كان فى كربة شديدة , فلجأ اليه وألح
عليه فى الطلب فجمعه الخليفة بالسيد الحسن فشكا اليه حاله فبشره بقرب الفرج وقد كان !
والخليفة عمر من تلاميذ الخليفة مكى عربى عليه الرضوان , وكذلك كان الخليفة عبد الهادى والخليفة تاج الختم وغيرهم وهو الذى سلكهم ورباهم .
والخليفة مكى ركابى النسب و مناقبه لا تستقصى وهذا الخليفة عمر حسنة من حسناته , جمع شئ من مناقبه فى الفتح المكى وكتاب الخليفة
عبدالهادى . ورثاه الخليفة عمر بقصيدة بعد انتقاله , أفرغ فيها حزنه النبيل , وظل ينشدها فى ذكراه السنوية فى كل عام , ومما قال فيها :
رحلتم ايها الرجل المهاب = سكنتم فى الجنان ام التراب
نأيتم ام نأينا نحن عنكم = فدونى حال بينكم الحجاب
فانت اليوم فى روض انيق = وانى فى كلام لا يطاب
فمن اصحب ايا مكى بعدك = فان العيش لى لا يستطاب
ومن ارجوه يرعانى دواما = ويرشدنى الى الفعل الصواب
ومن أرجوه يولينى دواما = لخيرات الاله بلا حساب
وعبد الهادى ابنكم المفضل = فيرشد للأنام ومستجاب
واحمد ابنكم راعى وواعى = وارجو ان يماط له الحجاب
وراتب الميرغنى امنى وحصنى = اكرره وانتظر الثواب
وصلى الله ربى ثم سلم = على طه وال والصحاب
فكان ينشدها بطريقته الفريدة المملوؤة صدقا وحزنا وربما بكى وابكى الحاضرين ....................
ويحق لنا اكراما وبرا له ان نقول :
رحلتم ايها الرجل الودود = سكنتم فى الجنان ام اللحود
فأنت اليوم ضيف الله حقا = ورب العرش أكرم من يجود
الا قد كنت قواما بليل = وقوفا ثم اخره قعود
فمن يتلو لاسم الحى بعدك = يكرره يحسنه يعيد
ومن لمناقب القوم الكرام = لينثرها فذاك اليوم عيد
ومن يدعو لاخوان بسحر = ويسأل ربه لهم المزيد
ومن لمدائح الحسن الهمام = لينشدها ويشرحها يفيد
يحن لمجلسك عبدالعزيز = مجالسكم لها طبع فريد
وعبد الهادى صاحبك المفضل = زمانكموا زمان لا يعود
وتاج الختم كان كذاك علما = اليفا لاحقود ولا حسود
اخذت العهد سندا عن امام = ركابى وذو نسب اكيد
اما قد قلت يوما دون فخر = تبين فضل سبقك يا وحيد
بانك فى الطريقة من صباكا= فذى سبعون عاما اوتزيد
اما قد قال عبد الهادى يوما = بان مقامكم عال فريد
ولكن لم تكن تدرى بهذا = عساك اليوم تشهد ما تريد
وصلى الله ربى ثم سلم = على المختار ما بان الجديد
اللهم ارحم عبدك عمر ضيف الله وانزل على قبره شئابيب رضوانك انك انت الكريم الوهاب , اللهم لا تحرمنا
أجره ولا تفتنا بعده واجعل ذكراه نبراسا يضئ لنا سبيلا من سبل الخير انك انت الجواد الكريم الرؤوف الرحيم
وصلى اللهم على سيدنا محمد واله وصحبه أجمعين .