تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة سياسية الخلافات الحدودية بين الدول المتجاورة


علي الشريف احمد
07-11-2013, 01:23 AM
قراءة سياسية
الخلافات الحدودية بين الدول المتجاورة التي كانت جزءاً من كيان واحد أو منظومة دولية واحدة هي أكثر أنواع النزاع انتشارا في العالم..!!
الأستـــاذ/أحمد كرفاح الجــــــزائري٠
إن المعطيات والوقائع اليومية تبين أن قضية السودان ليست منفصلة عن الصراع على المنطقة العربية وعلى الثورات العربية، ومن هنا فإن مصير السودان لا يعني السودانيين فحسب بل يعني العرب عموما وهو يستحق المزيد من الاهتمام من الأسرة العربية· ومن الضروري ألا يفهم هذا الاهتمام على أنه دعم لنظام سياسي معين أو تبنٍ لسياسات خاطئة تتبعها هذه الدول أو تلك· فمن مقتضيات هذا الإهتمام حض النخب السياسية في المنطقة العربية على معالجة المشاكل المجتمعة بروح العدل ووفقا للمبادئ الديمقراطية، ما عدا ذلك فإنه ينبغي التأكيد على أن تشطير الدول العربية وتقسيمها وضرب وحدتها الترابية لا يشمل في حد ذاته كسبا للإنسانية لأنه لا يؤدي بالضرورة إلى الإرتقاء بأحوال أبناء المناطق التي تصيبها هذه المشاريع· أما الحلول المتوخاة لمشاكلها ومعضلاتها، فإنه من المستطاع معالجتها مع الحفاظ على وحدتها الوطنية والترابية،نقول هذا في وقت قد يخرج فيه السودان تدريجيا من الامتحان الإنتخابي، لكنه قد يدخل مرحلة أهم وأدق وهي مرحلة مصير السودان الجديد كدولة موحدة، إذ يتأهب السودانيون للمشاركة في الاستفتاء حول هذه المسألة خلال بداية العام المقبل، هذا في وقت تتباين فيه الاتجاهات والمواقف تجاه مسألة المصير السوداني، فبينما يأمل البعض في تحول الاستفتاء إلى خطوة حاسمة من أجل استمرار السودان كدولة واحدة وإنهاء الحرب بين الشمال والجنوب، في حين يرى الطرف الثاني ويتمنى أن يؤدي الاستفتاء إلى انفصال الجنوب عن الشمال وقيام دولة إفريقية جديدة، وهذا الموقف يتوزع على السودانيين والعرب والأفارقة وعلى اليمين واليسار وعلى الشركات والمصالح الاقتصادية الكبرى في العالم والمؤسسات والمنظمات الدولية الرسمية وغير الرسمية·
فالأسباب متعددة ولكن أكثر هذه العوامل والحوافز تتمحور حول القضايا الرئيسية التالية:
أولا: مسألة حقوق المواطنين كأفراد وجماعات في السودان، هذا ما جعل أصوات عديدة في الديمقراطيات المتقدمة تقف إلى جانب الإنفصال وتحوّل الجنوب إلى دولة مستقلة، لكن السؤال الذي يبقى مطروحا اليوم هل الانفصال سوف يؤدي إلى العبور من الأوتوقراطية إلى الديمقراطية أو من حكم ينتهك الحقوق والديمقراطية والإنسانية للجنوبيين إلى حكم يأخذ بهذه الحقوق·
ثانيا: إن الإنفصال سيؤدي إلى إنهاء الحرب والاقتتال بين الجنوبيين والشماليين، فيحل السلام والوئام بينهما وتفتح أبواب التعاون على كل صعيد سياسي واقتصادي وثقافي بين الجانبين، لكن هل هناك مبررات واضحة في هذا المجال؟
فمن المعروف أن الخلافات الحدودية بين الدول المتجاورة التي كانت جزءاً من كيان واحد أو منظومة دولية واحدة هي أكثر أنواع النزاع انتشارا في العالم، فمثلا الصراع على الألزاس واللورين الذي بين فرنسا وألمانيا كان أحد أهم الأسباب لوقوع الحربين العالميتين الأولى والثانية، وبعد سقوط دول المعسكر الاشتراكي تحوّلت النزاعات الحدودية إلى ألغام فتاكة في أوروبا الشرقية·
فضلا عن ذلك الانفصال بين الشمال والجنوب قد يفتح الباب أمام صراعات دامية بين مكونات وجماعات الإقليم الجنوبي نفسه· كما أن هذا الانفصال سوف يتحول إلى نموذج وحافز للحركات الانفصالية في سائر أنحاء إفريقيا للاقتداء به·
وهكذا يتحول تفكيك الدولة السودانية إلى لغم كبير يزيد من اضطراب الأوضاع في القارة الإفريقية ويحرك النزاعات فيها ويواجهها بدلا من أن يكون عنصر سلم واستقرار، وهذا مما يفرض على قادة القارة وسياستها وحركتها إلى التمسك بالحدود القائمة بين الدول حتى ولو كانت هذه الحدود من صنع الاستعمار وليس من صنع التاريخ أو الطبيعة أو أبناء القارة أنفسهم·
ثالثا: المصالح النفطية في إفريقيا لوحظ في السنوات الأخيرة التزايد على الطلب في دول آسيا وأمريكا اللاتينية والأوساط التي تتبنى الإنفصال يرتبط بهذا الواقع الجديد وبدخول الصين والهند بقوة على خط استغلال واستثمار النفط السوداني، علما أن جنوب السودان يملك القسط الأكبر من ثروة السودان النفطية، هذا في وقت لا تسامح فيه في الصراع على النفط ومع ارتفاع الطلب في الهند والصين على الطاقة وتحوّل البلدين إلى دول مستوردة لهذه المادة المحركة لنمو اقتصاديات البلدان المتقدمة تكنولوجيا..