عبدالمنعم الصافي
09-13-2012, 07:41 PM
سم الله والصلاة والسلام على رسول الله
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا
سور الاحزاب
ليست الاولى ان يجاهر الكفرة بسب النبي ، حدث ذلك في صدر الاسلام
: حيث كان اليهود وهم يخاطبون النبي يقولون له (راعني سمعك )، قاصدين سبه بالرعونة وهي الحمق -حاشى لله إن يسبوك يا حبيبي يا رسول الله)- فنهى الله المسلمين الذين كانوا يقولونها بحسن نية، فقال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) سورةالبقرة الآية(104) أي في مخاطبتكم للنبي ولكن قولوا ( انظرنا واسمعوا)، وقال تعالى (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) سورة النساء الآية (46)،
سم الله والصلاة والسلام على رسول الله
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا
" سورة الأحزاب الآيات (45الى
ومن المواقف ايضا
عندما أنتشر الإسلام ونظم كعب بن زهير العديد من الأشعار التي يهجو ويسب فيها الرسول صلى الله علية وسلم ، الأمر الذي جعل الرسول "صلى الله عليه وسلم" يهدر دمه.
وعندما علم كعب بن زهير بهذا ضاق به الحال وحاول أن يستنجد بقبيلته ليجيروه من النبي إلا أنها رفضت أن تعاونه، فثار في نفسه الكثير من الخوف.
عزم زهير أن يتجه إلى المدينة لكي يلتقي بالرسول "صلى الله عليه وسلم"، فنزل على رجل من أصحابه يختبئ عنده، ثم أتى به الرجل إلى المسجد ليقابل الرسول "صلى الله عليه وسلم"، وأشار الرجل إلى الرسول وقال لزهير " هذا رسول الله فاذهب إليه فاستأمنه" فتلثم كعب بعمامته، ومضى إلى رسول الله وجلس بين يديه قائلاً " يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما، فهل أنت قابل منه إن جئتك به" قال رسول الله: "نعم"، فكشف كعب عن وجهه وقال: "أنا يا رسول الله كعب بن زهير" وما إن قالها حتى وثب عليه رجل من الأنصار قائلا: "يا رسول الله دعني وعدو الله اضرب عنقه".
فقال الرسول الكريم: "دعه عنك فإنه قد جاء تائبا نازعا"، ويدل هذا الموقف على قدر عالي من السماحة والعفو تمتع بهما الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه.
شرح الله قلب كعب للإسلام ووقف بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ينشد لاميته والتي بعنوان" بانت سعاد" هذه القصيدة التي أعجب بها رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وكافئه عليها بأن كساه بردته عليه السلام.
وتعتبر القصيدة اللامية لكعب بن زهير من أفضل القصائد التي قيلت في مدح النبي عليه الصلاة والسلام، ويبدأ كعب القصيدة بأبيات الغزل كعادة شعراء الجاهلية معبراً بالمفردات الشعرية عن فراق محبوبته سعاد ومدى غرامه بها ووصفه العفيف لها، وحزنه لرحيلها فيقول:
بـانَـت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ
مُـتَـيَّـمٌ إِثـرَها لَم يُجزَ مَكبولُ
وَمـا سُـعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا
إِلّا أَغَـنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ
هَـيـفـاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً
لا يُـشـتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ
تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت
كَـأَنَّـهُ مُـنـهَـلٌ بِالراحِ مَعلولُ
شُـجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ
صافٍ بِأَبطَحَ أَضحى وَهُوَ مَشمولُ
تَـجلو الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ
مِـن صَـوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلُ
يـا وَيـحَـها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت
ما وَعَدَت أَو لَو أَنَّ النُصحَ مَقبولُ
لَـكِـنَّـها خُلَّةٌ قَد سيطَ مِن دَمِها
فَـجـعٌ وَوَلـعٌ وَإِخـلافٌ وَتَبديلُ
فَـمـا تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها
كَـمـا تَـلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ
وَمـا تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت
إِلّا كَـمـا تُـمسِكُ الماءَ الغَرابيلُ
وبعد أن انشد كعب الجزء الخاص بوصف محبوبته وفراقه لها انطلق منشداً الشعر في الرسول الكريم، مستعيناً بكامل أدواته الشعرية وألفاظه اللغوية، لعله ينال مرضاة الرسول " صلى الله عليه وسلم"، فأكمل قصيدته محاولاً إبراز ما في نفسه من هيبة من رسول الله وحرصاً على إيضاح إيمانه والتبرء والتنصل من كل ما قاله في هجاء الإسلام والرسول معلناً صدق توبته، وأمله في نيل عفوه ومرضاته.
أُنـبِـئـتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني
وَالـعَـفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ
مَـهـلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ
الـقُـرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ
لا تَـأَخُـذَنّـي بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم
أُذِنـب وَلَـو كَثُرَت عَنّي الأَقاويلُ
لَـقَـد أَقـومُ مَـقاماً لَو يَقومُ بِهِ
أَرى وَأَسـمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ
لَـظَـلَّ يُـرعَـدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ
مِـنَ الـرَسـولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ
مـازِلـتُ أَقـتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعاً
جُـنحَ الظَلامِ وَثَوبُ اللَيلِ مَسبولُ
حَـتّـى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ
فـي كَـفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ
لَـذاكَ أَهَـيـبُ عِـندي إِذ أُكَلِّمُهُ
وَقـيـلَ إِنَّـكَ مَسبورٌ وَمَسؤولُ
مِن ضَيغَمٍ مِن ضِراءَ الأُسدِ مُخدِرَةً
بِـبَـطـنِ عَـثَّرَ غيلٌ دونَهُ غيلُ
يَـغدو فَيَلحَمُ ضِرغامَين عَيشُهُما
لَـحـمٌ مِنَ القَومِ مَعفورٌ خَراذيلُ
ثم أستمر في قصيدته منشداً
إِنَّ الـرَسـولَ لَـسَيفٌ يُستَضاءُ بِهِ
مُـهَـنَّـدٌ مِـن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ
فـي عُـصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم
بِـبَـطـنِ مَـكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا
زَالـوا فَـمـازالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ
عِـنـدَ الـلِـقـاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ
شُـمُّ الـعَـرانـيـنِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ
مِـن نَـسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ
بـيـضٌ سَـوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ
كَـأَنَّـهـا حَـلَـقُ القَفعاءِ مَجدولُ
يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم
ضَـربٌ إِذا عَـرَّدَ الـسـودُ التَنابيلُ
لا يَـفـرَحـونَ إِذا نـالَت رِماحُهُمُ
قَـومـاً وَلَـيسوا مَجازيعاً إِذا نيلوا
لا يَـقَـعُ الـطَـعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ
ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ
وقد جمع كعب بن زهير في قصيدته الكثير من ملامح الشعر ما بين الغزل والنسيب والوصف والحماسة والمدح والاعتذار، فجاءت قصيدته متكاملة رائعة
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا
سور الاحزاب
ليست الاولى ان يجاهر الكفرة بسب النبي ، حدث ذلك في صدر الاسلام
: حيث كان اليهود وهم يخاطبون النبي يقولون له (راعني سمعك )، قاصدين سبه بالرعونة وهي الحمق -حاشى لله إن يسبوك يا حبيبي يا رسول الله)- فنهى الله المسلمين الذين كانوا يقولونها بحسن نية، فقال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) سورةالبقرة الآية(104) أي في مخاطبتكم للنبي ولكن قولوا ( انظرنا واسمعوا)، وقال تعالى (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) سورة النساء الآية (46)،
سم الله والصلاة والسلام على رسول الله
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا
" سورة الأحزاب الآيات (45الى
ومن المواقف ايضا
عندما أنتشر الإسلام ونظم كعب بن زهير العديد من الأشعار التي يهجو ويسب فيها الرسول صلى الله علية وسلم ، الأمر الذي جعل الرسول "صلى الله عليه وسلم" يهدر دمه.
وعندما علم كعب بن زهير بهذا ضاق به الحال وحاول أن يستنجد بقبيلته ليجيروه من النبي إلا أنها رفضت أن تعاونه، فثار في نفسه الكثير من الخوف.
عزم زهير أن يتجه إلى المدينة لكي يلتقي بالرسول "صلى الله عليه وسلم"، فنزل على رجل من أصحابه يختبئ عنده، ثم أتى به الرجل إلى المسجد ليقابل الرسول "صلى الله عليه وسلم"، وأشار الرجل إلى الرسول وقال لزهير " هذا رسول الله فاذهب إليه فاستأمنه" فتلثم كعب بعمامته، ومضى إلى رسول الله وجلس بين يديه قائلاً " يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما، فهل أنت قابل منه إن جئتك به" قال رسول الله: "نعم"، فكشف كعب عن وجهه وقال: "أنا يا رسول الله كعب بن زهير" وما إن قالها حتى وثب عليه رجل من الأنصار قائلا: "يا رسول الله دعني وعدو الله اضرب عنقه".
فقال الرسول الكريم: "دعه عنك فإنه قد جاء تائبا نازعا"، ويدل هذا الموقف على قدر عالي من السماحة والعفو تمتع بهما الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه.
شرح الله قلب كعب للإسلام ووقف بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ينشد لاميته والتي بعنوان" بانت سعاد" هذه القصيدة التي أعجب بها رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وكافئه عليها بأن كساه بردته عليه السلام.
وتعتبر القصيدة اللامية لكعب بن زهير من أفضل القصائد التي قيلت في مدح النبي عليه الصلاة والسلام، ويبدأ كعب القصيدة بأبيات الغزل كعادة شعراء الجاهلية معبراً بالمفردات الشعرية عن فراق محبوبته سعاد ومدى غرامه بها ووصفه العفيف لها، وحزنه لرحيلها فيقول:
بـانَـت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ
مُـتَـيَّـمٌ إِثـرَها لَم يُجزَ مَكبولُ
وَمـا سُـعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا
إِلّا أَغَـنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ
هَـيـفـاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً
لا يُـشـتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ
تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت
كَـأَنَّـهُ مُـنـهَـلٌ بِالراحِ مَعلولُ
شُـجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ
صافٍ بِأَبطَحَ أَضحى وَهُوَ مَشمولُ
تَـجلو الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ
مِـن صَـوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلُ
يـا وَيـحَـها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت
ما وَعَدَت أَو لَو أَنَّ النُصحَ مَقبولُ
لَـكِـنَّـها خُلَّةٌ قَد سيطَ مِن دَمِها
فَـجـعٌ وَوَلـعٌ وَإِخـلافٌ وَتَبديلُ
فَـمـا تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها
كَـمـا تَـلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ
وَمـا تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت
إِلّا كَـمـا تُـمسِكُ الماءَ الغَرابيلُ
وبعد أن انشد كعب الجزء الخاص بوصف محبوبته وفراقه لها انطلق منشداً الشعر في الرسول الكريم، مستعيناً بكامل أدواته الشعرية وألفاظه اللغوية، لعله ينال مرضاة الرسول " صلى الله عليه وسلم"، فأكمل قصيدته محاولاً إبراز ما في نفسه من هيبة من رسول الله وحرصاً على إيضاح إيمانه والتبرء والتنصل من كل ما قاله في هجاء الإسلام والرسول معلناً صدق توبته، وأمله في نيل عفوه ومرضاته.
أُنـبِـئـتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني
وَالـعَـفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ
مَـهـلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ
الـقُـرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ
لا تَـأَخُـذَنّـي بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم
أُذِنـب وَلَـو كَثُرَت عَنّي الأَقاويلُ
لَـقَـد أَقـومُ مَـقاماً لَو يَقومُ بِهِ
أَرى وَأَسـمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ
لَـظَـلَّ يُـرعَـدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ
مِـنَ الـرَسـولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ
مـازِلـتُ أَقـتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعاً
جُـنحَ الظَلامِ وَثَوبُ اللَيلِ مَسبولُ
حَـتّـى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ
فـي كَـفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ
لَـذاكَ أَهَـيـبُ عِـندي إِذ أُكَلِّمُهُ
وَقـيـلَ إِنَّـكَ مَسبورٌ وَمَسؤولُ
مِن ضَيغَمٍ مِن ضِراءَ الأُسدِ مُخدِرَةً
بِـبَـطـنِ عَـثَّرَ غيلٌ دونَهُ غيلُ
يَـغدو فَيَلحَمُ ضِرغامَين عَيشُهُما
لَـحـمٌ مِنَ القَومِ مَعفورٌ خَراذيلُ
ثم أستمر في قصيدته منشداً
إِنَّ الـرَسـولَ لَـسَيفٌ يُستَضاءُ بِهِ
مُـهَـنَّـدٌ مِـن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ
فـي عُـصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم
بِـبَـطـنِ مَـكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا
زَالـوا فَـمـازالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ
عِـنـدَ الـلِـقـاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ
شُـمُّ الـعَـرانـيـنِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ
مِـن نَـسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ
بـيـضٌ سَـوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ
كَـأَنَّـهـا حَـلَـقُ القَفعاءِ مَجدولُ
يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم
ضَـربٌ إِذا عَـرَّدَ الـسـودُ التَنابيلُ
لا يَـفـرَحـونَ إِذا نـالَت رِماحُهُمُ
قَـومـاً وَلَـيسوا مَجازيعاً إِذا نيلوا
لا يَـقَـعُ الـطَـعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ
ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ
وقد جمع كعب بن زهير في قصيدته الكثير من ملامح الشعر ما بين الغزل والنسيب والوصف والحماسة والمدح والاعتذار، فجاءت قصيدته متكاملة رائعة