مشاهدة النسخة كاملة : قرأت لك
العوضابي
11-20-2010, 09:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
" قرأت لك "
............... تابع لما قبله :
أهل الطريق : أهل الطريق هم العلماء بسنة الله ورسوله , العارفون بأسرار الله سبحانه , وبأسرار رسوله صلى الله عليه وسلم , الذين فقههم الله فى دينه , وواجه سرايرهم بجماله, وكاشفهم ببديع حكمته وغرائب قدرته, وجملهم باخلاقه الربانية , وأقامهم مقام رسله , فقلوبهم خاشعة وعقائدهم حقة , وآراءهم صحيحة , وعلومهم لدنية , .......عقدت على حق اليقين قلوبهم , وانشرحت لعمل القربات صدورهم , وحنت الى جنات القدس الأعلى أرواحهم , هانت الدنيا عليهم , وصغرت فى أعينهم , فلم تشغلهم عن مرادهم ولا عن مقصدهم ,..... يطلبون الجنة : لا لنعيمها , ويخافون النار : لا لعذابها ,...... بل لأنّ الجنة محل مشاهدة جمال الجميل , وهم مشتاقون اليه , ..... ولأنّ النار مكان غضب القهار , وهم فارّون من غضبه, ..... ملأ الله قلوبهم رحمة بعباده , ........ لأن " الطريق " هو اعتقاد حق , واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم : فى أعماله وأحواله وأخلاقه ومعاملاته , .... فى صغير الأمر وعظيمه , .......... فهم قوم صغت قلوبهم فلم يحقد أحدهم على الآخر لأنّ كل واحد منهم عونا للآخر على مقصوده , وكل واحد منهم مرآت أخيه , يشهد فيها ما منّ الله به عليه من المنن فيشكر أو يشهد ما ألمّ بنفسه من العيوب فيتطهر منها أو من الأمراض فيتداوى منها .
أداب عمومية :
* أهل الطريق ما هم الاّ جسد واحد , كل واحد منهم عضو لهذا الجسد , وروح سارية فى كل عضو من أعضاء الجسد , .... وكل عضو متصل بالجسد فعمله لنفع الجسد كلّه , فاذا انفصل لا ينفع الجسد ولا ينتفع : فمادام الأخ يسعى فى نفع جميع الاخوان فهو متّصل بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم , ..... فاذا سعى فى منفعة نفسه : دلّ ذلك على أنّه قطع وبعد .
* اذا خالف أحد الأخوان حكما من أحكام الشرع أو خرج عن الاعتدال فلا ينصح فى ملأ , ..... واذا أسرع أحد الاخوان فى لومه أمام ملأ , فالأفضل لجميع الحاضرين أن ينصتوا , فان قبل الأخ بنصيحة أخيه : بشّروه بالخير وأثنوا عليه , ........ لأنّه صار من الذين قال الله فيهم : (( فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه . ))......... أما اذا لم يقبل نصيحة أخيه وقابله بقسوة , فأولى للاخوان أن يصمتوا أيضا وليتكلم الخليفة أو المقدم قائلا : " ان أخاك يحب لك الخير ويريد لك السعادة ولم يدفعه الى هذا الاّ الغيرة عليك , ..... فأحمل كلامه هذا على حسن الظن وسلامة الضمير . " .......... ثم يوجه كلامه للآخر : " يا أخى جزاك الله خيرا , ... أرفق بأخيك ولا تدفعك محبتك له ورغبة الخير له الى أن تنصحه فى هذا الملأ . " ....... ثم يأمر بقراءة قرآن أو بمدايح نبوية لسدّ باب الشر عن اخوانه .
* وفى كلا الحالتين عليه أن يحضر الذى بادر بالنصيحة اليه ويعلمه آدابها , وأنّها لا تكون الاّ فى خلوة , ........... لأن النصيحة فى ملأ لا تكون الاّ عامة لا يخصص بها أحد بعينه , ..... وفى كل الأحوال يجب على الاخوان أن يكونوا منصتين لأن أحدا منهم لو تكلم ارتفع صوط الجميع ودخل ما بين كل أخ وأخيه شيطان مارد لافساد القلوب , قال تعالى : ((وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون . ))
* اذا حدث أن عاتب أو خاصم أحد أخاه وكان لأحدهما أقارب أو أصدقاء من الاخوان أو كان بين أحدهما واحد أو بعض الاخوان : " شىء فى النفس "...... فالواجب على هولاء جميعا ان يجعلوا : " الحق " أكبر من أن يميلوا عنه الى القرابة أو غيرها , ..... وأن يرو الحق أجلّ وأعظم من أن يخالفوه لحظ دنيوى أو نفسانى وأن يكونوا مع الحق ولو على أنفسهم سعيا وراء الاصلاح والصلح حتى تسلم صدور الاخوان لبعضهم وتصفوا قلوبهم من الأحقاد والضغائن , ....... فالمؤمن ليس حقودا ولا حسودا , ولا يقابل السيئة بالسيئة .
* اذا رأيت من الأخ هفوة أو زلة فلا تفشها لأحد , ... ولكن اجتهد فى تقبيحها أمامه بالحكمة حتى يتحقق قبحها ويتوب , .......... فالحذر ثم الحذر من أن تشيعها عنه , فربما سمعها منك جاهل بالنصيحة فيتعامل معه بصورة منفرة فتقطعه عن الله وتكون أنت سبب فى ذلك .
* المجاهر من الاخوان بما يخالف الشرع أويخالف المرشد فالواجب له النصح , .......فان قبل فبها , والاّ هجروه , ..... فان تاب فبها والاّ قطعوه من نسب الأخوة , وأعلنوا ذلك لجميع الاخوان حتى يعلم الناس جميعا فلا تنسب عيوبه للاخوان , ...... ان التساهل مع المخالف المجاهر من أكبر المصائب على الطريق وأهله .
.................... يتبع .
أبو الحُسين
11-21-2010, 09:06 AM
فالمؤمن ليس حقودا ولا حسودا , ولا يقابل السيئة بالسيئة .
الله يكرمك في الدارين عمنا عوض سيد أحمد العوضابي...
وكل عام وأنت بألف خير وربنا يُديم عليك نعمة الصحة والعافية ويبارك في أيامك يااااااااارب...
في انتظار بقية هذه القراءات...
محمد الفاتح أبوشوك
11-21-2010, 09:36 AM
أهل الطريق هم العلماء بسنة الله ورسوله , العارفون بأسرار الله سبحانه , وبأسرار رسوله صلى الله عليه وسلم , الذين فقههم الله فى دينه , وواجه سرايرهم بجماله, وكاشفهم ببديع حكمته وغرائب قدرته, وجملهم باخلاقه الربانية , وأقامهم مقام رسله , فقلوبهم خاشعة وعقائدهم حقة , وآراءهم صحيحة , وعلومهم لدنية , .......عقدت على حق اليقين قلوبهم , وانشرحت لعمل القربات صدورهم , وحنت الى جنات القدس الأعلى أرواحهم , هانت الدنيا عليهم , وصغرت فى أعينهم , فلم تشغلهم عن مرادهم ولا عن مقصدهم ,..... يطلبون الجنة : لا لنعيمها , ويخافون النار : لا لعذابها ,...... بل لأنّ الجنة محل مشاهدة جمال الجميل , وهم مشتاقون اليه , ..... ولأنّ النار مكان غضب القهار , وهم فارّون من غضبه, ..... ملأ الله قلوبهم رحمة بعباده , ........ لأن " الطريق " هو اعتقاد حق , واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم : فى أعماله وأحوالهه وأخلاقه ومعاملاته ,
اللهم اجعلنا من اهل الطريق ومن احباب رسول الله وال بيته
العوضابي
11-21-2010, 11:48 AM
( اللهم اجعلنا من اهل الطريق ومن احباب رسول الله وال بيته)
( آمين )
أحبابى الأخ / أبو الحسين , والأخ / محمد الفاتح
شكرا على المرور
مأمون الشيخ
11-21-2010, 03:11 PM
إذا رأيت من الأخ هفوة أو ذلة فلا تفشها
الأخ العوضابي شكرا لهذه العبارات القيمة وهذا النهج النبوي
سراج الدين احمد الحاج
11-21-2010, 05:32 PM
فهم قوم صغت قلوبهم فلم يحقد أحدهم على الآخر لأنّ كل واحد منهم عونا للآخر على مقصوده , وكل واحد منهم مرآت أخيه , يشهد فيها ما منّ الله به عليه من المنن فيشكر أو يشهد ما ألمّ بنفسه من العيوب فيتطهر منها أو من الأمراض فيتداوى منها
بارك الله فيك اخى الحبيب الخليفة /العوضابى
وجزيت عنا كل خير ..نـأمل ان تزيدنا من هذه الدرر القيمة
ليعم النفع للجميع ..اكرمك الله وأعلى قدرك وأبقاك
بطريقهم أمش أوعك الغش أهل الله ريحن تنعش
ديل الاقوام ريحن تنعش كم صلحوا تليفة ومطرطش
سندوا الواقع والمتركش والحاتل تب جابولو ونش
نسأل الله أن يثبتنا فى طريقتنا الختمية النورانية
العوضابي
11-23-2010, 07:38 PM
احبابى فى الله الأخ/ مامون والأخ / سراج الدين
شكرا على المرور , ........ وفق الله الجميع وسدد الخطى
العوضابي
11-25-2010, 10:37 AM
................. تابع ما قبله :
قرأت لك (2)
* من أكمل صفات الاخوان أن يؤثر كل منهم أخاه على نفسه ولو فيما هو محتاج اليه , قال تعالى : (( ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة . ))
* الحب بين الأخوة انّما هو فى الله لمعان يحبها الله ورسوله , ويحبها الاخوان المؤمنون , وأهم هذه المعانى : أن يعتقد الأخ عقيدة اخوانه المؤمنين ويرى رأيهم ويعمل أعمالهم بحيث لا يخالفهم فى معروف من الدين ثم يكون ميزانه فى الحب بقدرحبّه وايثاره اخوانه على نفسه , بأن يرى أنه أقل منهم , ..... فمن تحققت فيه هذه الصفات , وجب حبه واحترامه وتعظيمه , .... ووجب تقديمه على الوالد والولد والوالدة والزوجة والابناء لأنه يعينك على السعادة الأبدية حتى ولو كان فقيرا لا يملك قوت يومه , ...... ولا يزيد حبه عندك اذا أصبح كنزا من كنوز الله فبذل لك جميع ماله , ..... لأنّ المال أقل من بذل النفس , ..... وايّاك أن تحب أخاك لأنّه ذو مال أو ذو جاه , ... وايّاك أن تقدره وتحترمه لذلك , ... فانّ ذلك يقدح فى الحب فى الله, ....... ومع انزالك أخاك الفقير المتّصف بهذه المعانى من قلبك أرفع مراتب المحبة والتعظيم وجعله خيرا من نفسك عندك , ينبقى أن تدارى من لم تكتمل فيهم هذه المعانى من اخوانك ذوى المال والجاه , تأليفا لهم .
* معلوم أن الأخ فى الله اذا رأى أخاه , ذكر الله لرؤيته لأنّ نسبه نسب الهى , ورؤيته تذكر برسول الله صلى الله عليه وسلم , ..... فالفرح بلقاءه : فرح بالله تعالى وبرسوله ,......, وادخال السرور على قلبه بالقول أو بالعمل أو بالمساعدة , من أعظم القربات الى الله تعالى .
* اذا اجتمع الأخوان فى بيت أخيهم لطعام أو زيارة أو لمشورة فعليهم غض البصر عن عورات أخيهم وأن يعينوه على شكر الله بأن يحسّنوا ما هو فيه من معيشة وأن يظهروا الفرح بما قدم لهم من طعام ولو لم يكن جيدا , ..... ادخالا للسرور على قلبه , ..... ويجب عدم مدّ اليد والتفحص لما عنده من كتب أو ملابس أو أوانى أو غيرها لأنّ ذلك يدل على الجهل بآداب الزيارة , ..... فربما كان للأخ سرّ يخفيه أو وديعة عنده أو أي أثر من حبيب لديه لا يرغب فى كشفه .
* اذا زارك أخ فرأئت منه أنّه يحب نفسه أكثر مما يحبك , ويقدم لنفسه ما لا يحب أن يقدمه لك , ... ... فاعلم أنّه لم يذق حلاوة المحبة ولم ينل منها ولا حبّة .
* أعلم جملنى الله وايّاك بالسعادة والعلم , .... ان كل واحد من الاخوان أقامه الله فى اقامة بها وصوله ومنها فوزه وكل فرد منهم عليه واجب للجميع حتى يكون عضوا عاملا لجميع الجسد فليس بخاف على كل اخ واجبه : فالعالم واجبه التعليم والارشاد , والسايح واجبه التذكير والاصلاح , والغنى واجبه بذل حق الله تعالى والفضل لاخوانه المشتغلين بعمل الآخرة والدعاة الى الله تعالى , ..... فكما ان العامل يبذل عمله لاخوانه مسرورا مخلصا لله , فكذلك كل عامل من الاخوان يبذل ما وجب عليه : فرحا مخلصا لله .
* اعلم يا أخى وفقك الله انه اذا جلست فى مجالس اخوانك المسلمين فبين لهم ما يألفونه من كمالات رسول الله صلى الله عليه وسلم , وسعة رحمة الله والنعيم الأبدى الذى يناله من تمسك بسننه ,..... ثم حاذر ان تخالفهم فيما تعودوا عليه أو تشتقل بذكر خصوصيات شيخك وأنت تعلم أن فيهم من يخالفك فى طريقك , فاصرارك على بيان ان طريقتك هى الطريق القويم والصراط المستقيم ........ الخ , قد يكون سبب تنفير منك وأنت مكلف بدعوة النصرانى واليهودى الى الله تعالى , ........ فاذا كنت لا تحسن دعوة أخاك المسلم الى ما علمت من الحق , فكيف تكون داعيا لله تعالى ؟؟؟....... ان بعض الأخوان _ غفر الله لهم – يجهلون طريقنا فى الدعوة الى الله تعالى , فتكون دعوتهم تنفيرا للخلق عن الله بما يظهرون من الأحوال " المنكرة " عند الغافلين والاسرار المجهولة عند اللاهين , وما يتكلمون به عند العامة من خصوصياتهم وخصوصيات المرشد , مما لا يسلّم به الاّ أهل الخصوصية ولا يقبله الاّ من سبقت له العناية , ........ فيكون ذلك سببا لانكار الخلق على أهل الطريق واحتقارهم .
* اعلموا ان المراد من الدعوة الى الله تعالى هو : " نجاة العامة من نومة الجهالة , وظلمة الغفلة , وحجاب الغرور بالدنيا , .....ولا يكون ذلك الاّ : بالشفقة , والحكمة , والرحمة على عباد الله من وقوعهم فى عداوة أولياء الله , .... وفى انكار الحق وازلال أهله " ..... وعلى الأخ اذا راى من نفسه انزعاجا من شدّة المحبّة وقهر الحال : أن لا يجتمع الاّ على الخاصة من اخوانه ويتباعد عن المبتدئين وعن من لم يسلك الطريق ,..... لأنّه فى هذه الحال يفتح الطريق أو باب كبير للجدل والانكار , ...... وليس بأخ ذلك الذى يحب أن يفتح باب الجدل , ....... ولكنّه عدو . !!!!!!!
* اخوانى منحنا الله الحلم والتأنى , ..... اعلموا أنّه من أشد الشر ان يكره المسلم أخاه المسلم لغير معصية الله وينفر منه ويعاديه , كما يحصل بين أهل المذاهب وبعض أهل الطرق الذين يبقضون من لم يسلك طريقهم ويعتقدون أنّهم على الحق وغيرهم على الباطل , ...... وقد يبلغ بهم العناد أن يلعن بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا من غير بينة ولا حجة من كتاب أو سنّة , .... بل للحمية الجاهلية والعصبية الجهنمية , ....... فلو تأملنا قليلا نجد أننا كلنا أخوان فى الله ,وأن القرآن الكريم أمامنا وأن محمدا صلى الله عليه وسلم نبينا ورسولنا وأن الله سبحانه وتعالى هو ربنا وربهم وأنه لا خلاف بيننا فى عقيدتنا ولا فى عبادتنا ولا فى معاملاتنا ولكنّه : " الشيطان " – نعوذ بالله منه – ينزع بين الأخ وأخيه ليوقعه فى عداوة من أوجب الله تعالى محبته , ومحاربة من أوجب الله تعالى مسالمته , وقطيعة من أوجب الله تعالى صلته , ....... فاذا كان الحب بين الأخوة انّما هو لله , فانّ الكره لا يجب أن يكون الاّ لله أو فى الله : " فلا يكون لحظ متبع وهوى مطاع " , ....... أو تعصب لرأى قد يكون فاسدا .
...............نواصل :
النوبي
11-25-2010, 12:22 PM
نور الله قلوبنا جميعا أيها الأحباب بالتقوى و الأيمان
و نسأل الله أن يثبتنا في طريقنا الختمية النورانية
العوضابي
11-26-2010, 03:46 PM
نور الله قلوبنا جميعا أيها الأحباب بالتقوى و الأيمان
و نسأل الله أن يثبتنا في طريقنا الختمية النورانية
" آمبن يا ربّ العالمين "
الأخ / النوبى تحية طيبة "
شكرا على المرور
العوضابي
11-28-2010, 10:58 AM
............... تابع :
قرأت لك (3)
اخوانى عافانا واياكم الله , ...اننا نرى اليوم أهل الطريق أصبحوا كأنّهم وحوش متنافرة , يسعى كل فريق فى ضرر الآخر خروجا عن السنة ومخالفة للكتاب العزيز , قال الله تعالى : (( انّما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم . )) ....... فيا اخوانى جعلنى الله واياكم نورا للقلوب وانشراحا للصدور - كونوا : " رحماء , حلماء , حكماء , وأحبوا كل أهل : " لااله الاّ الله محمدا رسول الله " ....... حبا لله ولرسول الله صلى الله عليه وسلم , ....... اعلموا ان تعاليمنا وموجهات مرشدونا تؤكد لنا روابط الأخوة وتكشف لنا واجباتها وتوضح لنا حقيقة المحبة فى الله تعالى لكل مسلم فهذه صفة من صفات المسلم الحقيقى , .... فاذا تلقيت العلم من مرشدك وسعدت به عليك أن تدل عليه جميع اخوانك المسلمين ليتفقهوا فى دينهم ويكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة ,.............أما اذا جهلت فمدحته , وذممت غيره , وعظّمته , وصغّرت غيره , وأحببته وكرهت غيره , ..... فقد خالفت : " طريق المتّقين ".......... كما انك اذا تلقيت علومه واسترشدت برشده وأسعدك الله بحاله , ثم لم تنسب ذلك اليه لتظهر نفسك وتخفى من أرشدك كنت : " مدلّسا " .... وربما أوقع هذا التدليس صاحبه فى نفاق به يكون فى : " الدرك الأسفل من النار " ......... والخير كل الخيران ينجى الله على يديك عباده , وان يجمعهم من التفرقة , ويبيّن لهم الطريق المستقيم ليسلكوا فيه .
* البعض ممن يجهل المراد من الطريق : قد يفتح أبواب الجدل والعناد حتى يتظاهر بعمل المنكر أو ترك المعروف " عنادا " ..... ويجهل المسكين انّه بذلك : " قد أقضب الله ورسوله وخالف محجة الطريق " ....... فاذا رأيتم أخ من الأخوان يفعل ذلك فعليكم أن تردوه الى الحق , فان أبى الاّ العناد ,...... فالواجب من الجميع : " اتخاذه عدوا لهم " فمن لم يتخذه عدوا : فكأنّه رضى بعمل أخيه الراضى والمصر بعمل الكبيرة مرتكب لها , قال تعالى : (( واتّقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة . )) ....... وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن ربه : " اذا عصانى من عرفنى , سلّطت عليه من لم يعرفنى "
* ما لكم اذا رأيتم انسانا مريضا اشفقتم عليه وسعيتم فى معالجته وازالت آلامه , - (وهذا أمر مرغّب فيه ومطلوب ) - ....... فلماذا لايكون ذلك أيضا لمن حصل له مرض فى نفسه من اخوانهم , كأن أخطأ أو سهى أو تهاون أو خالف , فتشفقون عليه كشفقتكم على المريض بجسمه , ..... ولماذا لا تجتهدون فى معالجته بالتى هى أحسن حتى تخلصوه من هذا المرض الذى هو أشدّ وأسوأ من مرض الأجسام , فقد يردى بصاحبه الى النار , ..... بينما الآخر أخفّ ضررا .
* كيف يدعى أنه سالك طريق الله من يقع نظره على زلة من زلاّت اخوانه وينشرها يريد بذلك اسقاط شهرة أخيه ليشتهر هو أو ضياع جاه أخيه ليكون له الجاه أو لأى هوى فى نفسه , ..... فهذا : " لان يعتبر قاطع طريق أولى من هذه الفعلة التى تنأ به تماما عن الطريق وأهله " .
* كيف يتهاون المرء فى اتخاذ الرفيق المرشد الشفيق وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل رجل من الصحابة أخا يأنس به فى خلوته ويستعين به اذا ذكر , ويتنبّه به اذا نسى , ويعلم ما تلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا غاب , ....... فاذا كانت السنة العملية أن يكون لكل انسان سالك رفيق , يزداد بعلمه علما وبمكارم أخلاقه كرما وذلك بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعلمه , ....... فكيف بنا ونحن فى هذا الزمان المظلم نتساهل بالرفيق ونتهاون بالدليل .
* امام المتقين : هو من ورثّه الله علوم الرسالة والنبوة , فقام داعيا الى الحق بالحق , دالا على الحق بالحق , مجددا للسنّة , مبينا لسيرة السلف الصالح ,.......هذا هو الامام المقتدى به , واذا أظهره الله فى عصر من العصور وجب على كل طالب أن يقتدى به أو الاقتداء بمن اقتدى به أو الاقتداء بمن اقتدى بمن اقتدى به , ..... فانّ هولاء فى الجنّة ما داموا محافظين على تلك الأسرار , ....... فاعلم أنّه من صحّ له التلقى وأعانه الله على العمل كان ممن أخبر الله عنهم بأنّه : (( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . ))
* اعلموا انّما المزاحمة والمنافسة انّما تكون فى الفرار من الدنيا الى الآخرة , وفى التخلى عن الرزائل النفسانية , والتحلى بالفضائل الروحانية فى عمل الخير النافع لجميع الاخوان وفى السعى لعمل القربات والمنافسة فى رفعة الدرجات عند الله لا عند الخلق ,....... فهذه دار فانية وزائلة : (( وان مردنا الى الله وان المسرفين هم أصحاب النار . ))
* اعلم يا أخى ان رجالا اتّخذوا الطريق مغنما ومكسبا وزينوا ظاهرهم للناس لخراب سرائرهم , وباعوا الدين بالدنيا وعملوا أعمال الآخرة للدنيا , ....... فذهبت أنوار الطريق , ومحيت أسراره , وانطمست معالمه , وجهلت أحوال أهله , وحجبت الامدادات السماوية , والفيوضات الربانية التى كانت تفاض على القلوب العامرة باليقين والأبدان العاملة بسنّة سيد المرسلين , والعقول الجائلة فى الفكر بآيات السموات والأرضين .
* فيا اخوانى : لا تشقلنّكم الدنيا عن الآخرة , ولا لحظ الفانى عن النعيم الأبدى , ولا الخلق عن الحق , ....... وأعلموا أن الانسان لو عاش ألف سنة فى أوفى الملاذ, وأكبر الحظوظ , ثم انتقل الى النار : لكان كأنّه لم ينعم , ......... ولو أنّه عاش ألف سنة فى فقر وعناء وذل وهوان , ثم انتقل الى الجنّة لكان كأنّه لم يتألم : " فشقاء عاقبته الجنّة : ( نعيم ) ونعيم عاقبته النار ( شقاء ) "
............... تابع :
أبو الحُسين
11-28-2010, 12:20 PM
فشقاءٌ عاقبته الجنّة ( نعيم ) ونعيمٌ عاقبته النار ( شقاء )
كلام دُرر عمنا عوض الله يكرمك في الدنيا والآخرة...
العوضابي
11-29-2010, 03:55 PM
[quote=أبو الحُسين;29189]
فشقاءٌ عاقبته الجنّة ( نعيم ) ونعيمٌ عاقبته النار ( شقاء )
كلام دُرر عمنا عوض الله يكرمك في الدنيا والآخرة...
العزيز / ابو الحسين
أكرمك الله وعافاك وأصلح حالك دنيا وأخرى , ....... ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ما تضطلعون به وتؤدونه من دور عظيم فى ميزان حسناتكم
العوضابي
12-04-2010, 02:23 PM
............... تابع ما قبله :
" قرأت لك (4) "
الدعوة والارشاد : الدعوة والارشاد الى الله من شأن أهل الله المتقين : من ولات الامور والعلماء العالمين , ... العاملين بعلمهم , فالداعى أو الوالى يجب أن يكون مستقيما فى نفسه تابعا للسنة المحمدية متخلقا بالأخلاق المرضية , بعيدا أو مجافيا عن أولئك الذين قال الله فيهم : ((أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم . )) ....... وقال أيضا : (( ياأيّها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون , كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون . )) ............ وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أجذبوا الناس بأفعالكم , ولا تجذبوهم بأقوالكم " ......... من الأمور المستقبحة أن تحثّ الناس على البرّ وأنت غافل عن ذلك , ..بل أبعد الناس عمّا تدو اليه ,.......ومن هنا جاء التحزير فى الآيات السابقات بأن قرعهم الله بهذا الكلام , ..... وعن أنس رضى الله عنه قال , قال عليه السلام : " مررت ليلة أسري بى على قوم تقرض شفاههم بمقارض من النار , فقلت : يا أخى جبريل من هولاء ؟؟؟ ..... فقال : " هولاء خطباء من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم . " ....... وعنه أيضا برواية الشعبى : " يطلع قوم من أهل الجنّة على قوم من أهل النار , ...فيقولون لم دخلتم النار ونحن أنّما دخلنا الجنّة بفضل تعليمكم , ..... فقالوا انّا كنا نأمر بالخير ولا نعمله . " ............ وفى ذلك يقول الشاعر :
ابدأ بنفسك فأنهها عن غيّها فاذا انتهت عنه فانت حكيم
فهناك يقبل ان وعظت ويقتدى بالرأى منك وينفع التعليم
* يقول الامام على كرّم الله وجهه : " قصم ظهرى رجلان : عالم متهتك , وجاهل متنسك " ........... لذا يقول أيمتنا من الصفات التى يتصف بها المربى الذى تبوأ مهمة الأرشاد هى : " الجود , والتوكل , والحلم , والعبادة , والشكر, والرضى بالقضاء , والصبر على البلاء " ....... ومن علاماته : أنّه لا يفارق الأمر التكليفى شبرا , ولا يلتذّ الاّ بأخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم , ولا يطمئّن الاّ لاتّباع أقواله وأفعاله , وفى هذا المقام تلتذ له أعين الناظرين , وأسماع السامعين حتى أنه لو تكلم طول الدهر لا يملّ كلامه , وذلك لأنّ لسانه يترجم عمّا ألقاه الله تعالى فى قلبه من حقايق الأشياء, وأسرار الشريعة , فلا يتكلم كلمة الاّ وهى مطابقة لما قال الله ورسوله ,...... فهو هنا يفيض على الخلق بما أنعم الله سبحانه بع عليه من الحكم ,
* حقيقة الأدب : ان حقيقة الأدب : " هى اجماع أفعال الخير " ..... فالأديب هو الذى اجتمعت فيه خصال الخير , ....... قال صلى الله عليه وسلم : " المؤمنون هينون لينون كالجمل ( الأنف ) ... ان قيد انقاد وان أنيخ على صخرة استناخ . " ............ قال الامام عبد الله بن المبارك : " نحن الى قليل من الأدب أحوج منه الى كثير من العلم . "....... وقال أبوبكر الدينورى : " ما ارتفع من ارتفع بكثرة صلاة ولا صيام ولا صدقة , ..... فانّما ارتفع بالأب وحسن الخلق . " ......... ويقول الخواض رضى الله عنه : " ثلاث خصال ليس معهم غربة : مجانبة أهل الريب , وحسن الأدب , وكفّ الأذى . " ............فاللّين فى القول أنفذ فى القلوب وأسرع الى الاجابة وأدعى الى الطاعة , .......ولذلك أمر الله موسى وهارون عليهما السلام فقال : (( فقولا له قولا ليّنا . ))....... وقال تعلى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلّم : (( ... لو كنت فظّا غليظ القلب لانفضوا من حولك . )).......... هكذا ينبقى أن يكون عليه علماء الآخرة الذين عصمهم الله وهداهم الى التمسك بالشريعة , والتحقق بآداب الحقيقة .
* آداب الذكر : (1) التوجه الى القبلة (2) ان يكون على طهارة (3) البعد عن البطنة (4) الأدب فى جلوسه كأنّه فى صلاة : فاستقبال القبلة لأنّ الذاكر يناجى ربّه , فينبقى أن يكون منتصبا الى بيت الله وحرمه , ..... أما الطهارة ضرورتها أن يكون الذاكر على أكمل الأحوال وأشرفها ,....... أما البطنة فقد قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم : " البطنة تذهب الفطنة . " ..... وقال : " ما ملأ ابن آدم وعاءا شرّا من بطنه . "
* اعلم أخى وفقك الله , ... ان الأقوال أشرفها على الاطلاق قول : " لا اله الاّ الله . " ....... لقوله صلى الله عليه وسلم : " أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلى : لا اله الاّ الله . " ............ فهذه الكلمات هى أفضل الذكر لكونها نصا ظاهرا على أنّها لا أفضل منها , ....... وجاء عنه صلى الله عليه وسلم مخبرا عن الله عزّ وجلّ : " لا اله الاّ الله حصنى فمن دخل حصنى أمن عذابى . ".......... وقال أيضا : " أسعد الناس بشفاعتى يوم القيامة من قال لا اله الاّ الله مخلصا من قلبه ونفسه . " ....... وفى رواية قيل يا رسول الله وما اخلاصها قال : " أن تحجزه عمّا حرّم الله . " ....... وفى الحديث أيضا : " استكثروا من قول لا اله الا الله والاستغفار فانّ الشيطان قال : أهلكت الناس بالذنوب , وأهلكونى بلا اله الاّ الله والاستغفار , فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء حتى يحسبون أنّهم مهتدون فلا يستغفرون . "
* أنواع الذكر : الذكر قد يكون باللسان , وقد يكون بالقلب , وقد يكون بالجوارح , ....... فذكر الله باللسان : أن يحمدوه , ويسبحوه ويمجدوه ويقرأوا كتابه ,....... وذكرهم ايّاه بقلوبهم : أن يتفكروا فى أسرار مخلوقات الله تعالى , وأن يتفكروا فى أحكامه , وأوامره , ونواهيه , ووعده ووعيدة ,....... فاذا عرفوا ما فى الفعل من الوعد , وما فى الترك من الوعيد , ..... سهل عليهم التزام الفعل , ............ وحكى عن لقمان الحكيم أنّه قال لابنه : " يابنى اذا رأيت قوما يذكرون الله فاجلس معهم فانّك ان تك عالما ينفعك علمك , وان تك جاهلا علّموك , ولعلّ يطلع برحمته فيصيبك معهم , ......... فاذا رأيت قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم , فانّك ان تك عالما لا ينفعك علمك , وان تك جاهلا يزيدك جهلا أو غيا , .... ولعل الله يطلع بسخطه فيصيبك معهم . ".......... والذكر على خلاف العبادات الموقوته ,... فالذاكر يذكر الله وهو : آكل , وهو شارب , وهو ماش , أو بايع أو شارى , ....... ويذكره دائما على الحالات كلها : قائما وقاعدا ومضجعا , ..... قال تعالى : (( ويذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم , ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار . )) ............ وجاء فى الخبر : " أن العبد ليأتى الى مجالس الذكر بذنوب كالجبال , فيقوم من المجلس وليس عليه منها . " ....... فلذلك سماه النبى صلى الله عليه وسلم : " روضة من رياض الجنّة " ....... حيث قال : " اذا مررتم برياض الجنّة فارتعوا , قيل : وما رياض الجنة ؟ ..... قال : حلق الذكر. " ....... وجا عنه صلى الله عليه وسلم : " ليبعثنّ الله أقواما يوم القيامة فى وجوههم النور على منابر من اللؤلؤ , يقبطهم الناس , ليسوا بأنبياء , ولا شهداء , فجثا أعرابى على ركبتيه وقال : أجلّهم أى صفهم لنا يا رسول الله , قال : هم المتحابون فى الله من قبائل شتى وبلاد ومدائن شتّى , يجتمعون على ذكر الله تعالى يذكرونه . "............ يقول الامام الجنيد رحمه الله فى تفسير قوله تعالى : (( والذى يميتنى ثم يحيينى )) .... أى يميتنى بالغفلة ثم يحيينى بالذكر , ...... وعن الامام حسن البصرى رحمه الله قال : " ما جلس قوم يذكرون الله تعالى وفيهم أحد من أهل الجنّة الاّ شفّعه الله فى الجميع . "
............... نواصل باذن الله :
محمد امين الملهيتكنابي
12-04-2010, 05:35 PM
شكرا اخي العوضابي وربناويجعلنا من المؤمنين العاملين والمتخلقين باخلاق سيد ولد ادم اجمعين صلي الله عليه وعلي آله الطيبين وصحابته المباركين . آميين يارب .
العوضابي
12-06-2010, 12:23 PM
شكرا اخي العوضابي وربناويجعلنا من المؤمنين العاملين والمتخلقين باخلاق سيد ولد ادم اجمعين صلي الله عليه وعلي آله الطيبين وصحابته المباركين . آميين يارب .
آمين آمين يا ربّ العالمين
أخى / محمد أمين
شكرا على المرور
النحلان
12-06-2010, 12:30 PM
ما أحلاه من كلام، وما أكمله من فضل.
إنا يا سيدي لنجلس تلاميذًا وبأيدينا ألواح نكتب ونثبت ما تقولوه.. فأفيضوا علينا زادكم الله.
محبكم
عمر
محمد عبده
12-06-2010, 12:55 PM
اذا رأيت من الأخ هفوة أو زلة فلا تفشها لأحد , ... ولكن اجتهد فى تقبيحها أمامه بالحكمة حتى يتحقق قبحها ويتوب , .......... فالحذر ثم الحذر من أن تشيعها عنه , فربما سمعها منك جاهل بالنصيحة فيتعامل معه بصورة منفرة فتقطعه عن الله وتكون أنت سبب فى ذلك .
* المجاهر من الاخوان بما يخالف الشرع أويخالف المرشد فالواجب له النصح , .......فان قبل فبها , والاّ هجروه , ..... فان تاب فبها والاّ قطعوه من نسب الأخوة , وأعلنوا ذلك لجميع الاخوان حتى يعلم الناس جميعا فلا تنسب عيوبه للاخوان , ...... ان التساهل مع المخالف المجاهر من أكبر المصائب على الطريق وأهله .
الأخ العوضابي ....
مشكور على هذه الدرر العظيمة ...
العوضابي
12-07-2010, 11:07 AM
ما أحلاه من كلام، وما أكمله من فضل.
إنا يا سيدي لنجلس تلاميذًا وبأيدينا ألواح نكتب ونثبت ما تقولوه.. فأفيضوا علينا زادكم الله.
محبكم
عمر
العزيز / عمر تحية طيبة
أخى اعبر لك عن شكرى وامتنانى , .... وأقول لك يا أخى اننا كلنا تلاميذ وخدام لسادتنا أهل الطريق , نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتنا ويجزل عطائه علينا جميعا
العوضابي
12-07-2010, 11:23 AM
اذا رأيت من الأخ هفوة أو زلة فلا تفشها لأحد , ... ولكن اجتهد فى تقبيحها أمامه بالحكمة حتى يتحقق قبحها ويتوب , .......... فالحذر ثم الحذر من أن تشيعها عنه , فربما سمعها منك جاهل بالنصيحة فيتعامل معه بصورة منفرة فتقطعه عن الله وتكون أنت سبب فى ذلك .
* المجاهر من الاخوان بما يخالف الشرع أويخالف المرشد فالواجب له النصح , .......فان قبل فبها , والاّ هجروه , ..... فان تاب فبها والاّ قطعوه من نسب الأخوة , وأعلنوا ذلك لجميع الاخوان حتى يعلم الناس جميعا فلا تنسب عيوبه للاخوان , ...... ان التساهل مع المخالف المجاهر من أكبر المصائب على الطريق وأهله .
الأخ العوضابي ....
مشكور على هذه الدرر العظيمة ...
أخى / محمد عبه تحية طيبة وبعد,
عزيزى الشكر أولا وأخيرا لكم أنتم القائمون بأمر هذا المنتدى العظيم , ..... نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع ويسدد الخطى , ويجعل منه خيرا كثيرا
العوضابي
12-12-2010, 05:41 PM
............... تابع ما قبله
قرأت لك (5)
الأخوة فى الله : يقولون اخوة النسب منشأ نطفها صلبا واحدا هو : الأب, ..... أما الأخوة فى الله فمنشأ نطفها صلب النبوة , وحقيقته نور الله , ..... جاء فى الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : " المؤمنون كنفس واحدة , ان اشتكى عضو تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر " ....... فمن حقها أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك , ويسرك مايسره , ويسوءك ما ساءه , وان لا تحوجه الى الاستعانة بك , وان استعان تعنه ,..... وتنصره ظالما أو مظلوما , ... فمنعك ايّاه عن الظلم فذلك نصرك ايّاه , ....... وفى الحديث : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه , من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته , ومن فرّج عن مسلم كربة , فرّج الله عنه بها كربة من كربات يوم القيامة . " ......... ومن حقها أن يقبل معذرة من اعتذر منهم اليه فى أمر , ...محقا كان أو مبطلا روى أبن ماجة عنه عليه الصلاة والسلام : " من اعتذر اليه أخوه بمعذرة فلم يقبلها كان عليه من الخطيئة مثل صاحب مكس .
ملحوظة : ( المكس تعنى أكل مال الغير ظلما . ) ............... .. وعن الترمذى وغيره قال : " من أتاه أخوه متنصلا من ذنب فاليقبل اعتذاره محقا كان أو مبطلا , فان لم يفعل لم يرد على الحوض . " ....... وأنشدوا فى ذلك :
أقبل معاذير من آتاك معتذرا ان برّ عندك فيما قال أو فجرا
فقد أطاعك من يرضيك ظاهره وقد أجلّك من يعصيك مستترا
( وعن بعض العارفين )
اذا اعتذر الصديق اليك يوما تجاوز عن مساويه الكثيرة
فانّ الشافعى روى حديثا باسناد يصح عن المغيرة
عن المختار أن الله يمحو بعذر واحد ألفى كبيرة
( وعن بعض العارفين أيضا )
تحمّل عظيم الذنب ممن تحبه ولو أنت من تلك العيوب صحيح
صديق بلا عيب قليل وجوده وبثّ عيوب الأصدقاء قبيح
الأخ الصالح خير لك من نفسك , لأنّ النفس أمارة بالسوء , والأخ الصالح لا يأمرك الاّ بخير . " ......... وقيل أضا : " الدنيا بأسرها لا تسع متباغضين , ... وشبر بشبر يسع متحابين . ".............واعلم يا أخى ان زيارة الأخوان والصالحين والأولياء والعارفين أحياءا وأمواتا , والحبّ فى الله من أكبر النعم على عبيده ......., جاء فى صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " والذى نفسى بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا , ولن تؤمنوا حتى تحابوا , ألا أدلّكم على شىء اذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم . " ....... وجاء فى الصحيحين أيضا أنه قال : " سبعة يظلّهم الله بظله يوم لا ظل الاّ ظله : امام عادل , وشاب نشأ فى عبادة الله , ورجل قلبه معلق بالمساجد , ورجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وافترقاء عليه , ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال انى أخاف الله , ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه , ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه . " .......... قيل كان الامام الشافعى يزور تلميذه الامام أحمد كثيرا , ويزوره الآخر كذلك , فقيل للشافعى فى ذلك فأنشد يقول :
قالوا يزورك أحمد وتزوره قلت الفضائل لا تفارق منزله
ان زارنى فبفضله أو زرته فلفضله فالفضل فى الحالين له
( فأجابه الامام أحمد رضى الله عنه )
ان زرتنا فبفضل منك تمنحنا أو نحن زرنا فللفضل الذى فيك
فلا عدمت كلا الحالين منك ولا نال الذى يتمنى فيك شانيكا
............ هكذا تكون الزيارة فلابدّ من التخلّق بآدابها قبل التوجّه ليعود اليك المدد بمن زرته , وتنتفع بها , ومن آدابها : " الشوق الى المزور , والجزم بفضله وطهارته من المعاصى المعنوية والحسية , والتماس بركة دعائه , وتحرير النية بأن يكون الباعث على الزيارة امتثال أمر الشرع , وحفظ اللسان من الوقوع فى أعراض الناس , .... فان خلت الزيارة من هذه الآداب , فلا نفع فيها ولا ثواب , بل هى تكلف ونفاق . " .................. من هنا نعلم معنى الأخوة فى الله أن العلاقة ينبقى أن تكون خالصة لله لا تشوبها شائبة من تكلف ولا نفاق , فالزيارة بحسن هذا القصد وبحسن الأدب ممكن أن تكون للاحياء منهم والاموات ,ويمكنك التوسل به الى ربك حتى وان كان من الموتى , فانّه لا بد لك من المدد الوافر فانّ الله تعالى قد وكّل بقبور الأكابر , ملائكة يقضون حوائج الزائرين لا سيما وأهل الله هم محل الكرم والسخاء , أحياءا وأمواتا , ومن دخل بيت كريم لا يرجع من غير مدد .
* قرابة رسول الله : يقولون ان القرابة من رسوالله صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقسام : لأنها امّا أن تكون بحسب قرابة فى الصورة فقط , أو فى المعنى فقط , أو فى الصورة والمعنى , .... فأمّا القرابة فى الصورة فلا يخلو امّا أن تكون بحسب طينته : كالسادات والشرفاء أو بحسب دينه وعلمه : كالعلماء والصالحين والعبّاد وسائر المؤمنين , ....... أما قرابته عليه السلام فى المعنى فهم " ألأولياء " لأنّ الولى هو ولده الروحانى القائم بما تهيأ لقبوله من معناه , ..... ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : " سلمان منّا أهل البيت . " ..... اشارة الى القرابة المعنوية , ...... أمّا القرابة فى الصورة والمعنى معا فهم : الخلفاء والأئمة القائمون مقامه , سواءكان قبله : كأكابر الأنبياء الماضين أو بعده كالأولياء الكاملين , ... وهذه أعلى مراتب القرابة , وتليها القرابة الروحانية , ..... أمّا آل بيته فيدخل فيهم : بنو هاشم بن عبد مناف ، وهم آل علي ، وآل عباس ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وآل الحارث بن عبد المطلب . جاء ذلك فيما رواه الإمام أحمد عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا خَطِيبًا فِينَا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ؛ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ أَلا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَنِي رَسُولُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَأُجِيبُ ؛ وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ - فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ - قَالَ : وَأَهْلُ بَيْتِي : أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي " فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ : وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ؟ قَالَ : إِنَّ نِسَاءَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَكِنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ . قَالَ : وَمَنْ هُمْ ؟ قَالَ : " هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ " قَالَ : أَكُلُّ هَؤُلاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ ! قَالَ : نَعَمْ . رواه أحمد . " .......... وجاء فيهم أيضا : " كلّ سبب ونسب ينقطع يوم القيامة الاّ سببى ونسبى . "
* أدعية مأثورة : (1) دخل النبى صلى الله عليه وسلم على أبى أمامة فى المسجد فوجده مهموما فقال : " مالى أراك جالسا فى غير وقت الصلاة ؟..... فقلت لهموم لزمتنى , وديون يا نبى الله , فقال : أفلا اعلّمك كلاما اذا قلته أذهب الله همّك وقضى عنك دينك , ... قلت بلى يا رسول الله , قال : قل اذا أصبحت واذا أمسيت : اللهم انى أعوذ بك من الهمّ والحزن , وأعوذ بك من العجز والكسل , وأعوذ بك من الجبن والبخل , وأعوذ بك من قلبة الدين وقهر الرجال . " (2) عن سيدنا أبوبكر الصدّيق رضى الله عنه قال : " علّمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء كان عيسى عليه السلام يعلمه لأصحابه , وقال لو كان على أحدكم جبل ذهب دينا فدعا الله به لقضاه عنه وهو : " اللهمّ فارج الهمّ وكاشف الغمّ مجيب دعوة المضطّرين , رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما , أنت ترحمنى , فأرحمنى برحمة تقنينى بها عن رحمة من سواك . "..وقال رضى الله عنه كان علىّ دين فدعوت به فقضاه الله عنى . (3) امتنع النبى صلى الله عليه وسلم من الصلاة على ميت لدين عليه , فجاءه جبريل عليه السلام بدراهم قدر دينه وقال : " صل عليه يا محمد فانّه كان يقرأ كل يوم قل هو الله أحد مئة مرة . " (4) روى عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : " من كان عليه دين فقال : اللهمّ منزّل التوراة والانجيل والزبور والفرقان العظيم , ربّ جبريل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل , وربّ الظلمات والنور , والظل والحرور , وأسألك أن تفتح لى أبواب رحمتك , وأن تحل عقدتى من دينى , وأن تؤدّى عنى أمانتى اليك والى خلقك , ...الاّ قضى الله عنه دينه . "
...............نواصل باذن الله :
علي الخليفة عمر
12-12-2010, 09:32 PM
الله يكرمك في الدارين يا مولانا وفي انتظار المزيد
العوضابي
12-15-2010, 07:11 PM
الله يكرمك في الدارين يا مولانا وفي انتظار المزيد
الأخ العزيز عمر
أكرم الله الجميع وسدّد الخطى
آمين آمين آمين
العوضابي
12-18-2010, 03:36 PM
...............تابع ما قبله :
" قرأت لك (6) "
حصن السالك لهذا الطريق :
* أهمّ هذه الحصون :
(1) معرفة ما لا بدّ منه للمؤمن من العقيدة الحقة , وتلقى هيئات الأعمال البدنية حتى يطمئنّ قلبه بأنّه عملها كما كان يعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم , ... والعلم بالسنّة الواجبة على كل عضو من أعضاءه , ... مبتدئا بالقلب الذى منه يكون تصريف الأعمال , وصحة الاخلاص .
(2) ان يراغب خواطره وهممه مراغبة من يعتقد أنّ أمامه طريقين : أحدهما موصل , ....... والآخر غير موصل : " البصيرة تقتضى أن يزن عدّة أمور هى : ( الهمّة – الخاطر – الارادة ) ....... بموازين أهل العزايم وهى : (ا) هل هى حق أم باطل ؟ (ب) فاذاكانت حق لمن هى , ولم هى ؟ (ج) فان ظهر له أنّها لله ابتقاء فضله ورضاه ينظر : كيف كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا العمل ؟؟؟ ............ وبعد التحقق يشرع فى انجاز الخاطر أو الهمّة أو الارادة , ويشكر الله على نعمة التوفيق والعناية , ....... ومنّتى : " العلم والعمل به " .
(3) ان يحاسب نفسه بعد كل يوم وليلة محاسبة من يعلم أنّ الربح سعادة له , وأنّ الخسران هلاكا له .
(4) ان يجعل له فى كل يوم جديد درسا يتذاكر فيه العلم ان كان عالم , ويزيد فيه العلم ان كان محتاجا اليه , ....... فهذه من الحصون المتعينة على السالك المخلص وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال : " اذا أتى يوما لا أزداد فيه علما يقربنى الى الله تعالى , فلا بورك لى فى طلوع شمس ذلك اليوم . " .
(5) ان يتحصّن من الوقوع فى الشبهات , ومن التوسّع فى المباحات .
(7) ان يتحصّن فى كل وقت من شياطين الجن والانس, ويتباعد عن كل ما يوقع فى تهمة أو شبهة .
(8) ان يهم بأن يمثل لخياله صورة : " الموت , فالبرزخ , فالحشر , فالميزان , فالصراط , فالوقوف بين يدى الملك القهار . "
* الخصوصية : بعض الناس ينكر ( الخصوصية ) لأنّ الذى منحها كان صغيرا في أعينهم أو كان فقيرا أو كان من أهل المعاصى والكبائر أو كان جاهلا , .......ويجهل هذا المسكين انّ هذا الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء , قال تعالى : (( وان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء . )) ......... فتنبه أيّها الأخ الصالح وأعرف الرجال بقدر المواهب والخصوصية ولا تنظر الى ما كانوا عليه قبل الخصوصية , واعتبر بما تشهد فى أحوال الدنيا , ..... فانّك ترى الرجل من عامة الناس , فيصبح ببين يوم وليلة ملكا أو وزيرا أو أميرا , ... فتبادر اليه الناس بالتعظيم والتبجيل , ناسية ما كان عليه , ....... فهل من يجعل الفقير من العامة ملكا , يعجز أن يجعل آخر وليّا من أوليائه أو يخصّه بفضله ؟؟؟ .
* بعض أهل الطريق اذا رأو أخا من اخوانهم يعمل عملا يخالف الشرع , يتساهلون فى نصيحته وربّما جادلوا عنه من نصحه وأنكروا عليه ذلك , .......... فتنبّه يا أخى ان هذا من أعمال التعاون على الباطل , والالتفات عن الحق ,..... وربما أوقعهم الجدل فى استحسان القبيح والرضاء بالمكروه , فيكونون ممن قال الله فيهم : (( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو . )) .
* الاخوان حقيقة هم من كانوا لمرشدهم عونا على عمل الخير وعضدا على فعل القربات , ..... فاذا أخطأ أمسكوه ونبهوه لوجه الخطأ , فاذا كان على بيّنة من أمره , أبان لهم وجه الصواب فيما ظنّوه خطأ , وأثنى عليهم وشجعهم على ذلك , وان كان خطأه بسبب عجلة أو أي أمر آخر , ....... قبل منهم ورجع الى الحق .
* حرمة المسلمين ووجوب حق بعضهم على بعض :
هذه بعض الأحاديث التى كثرت الأخبار بها عن النبى صلى الله عليه وسلم وهى : (1) ان يسلم عليه اذا لقيه (2) ان يجيبه اذا دعاه (3) ان يشمته اذا عطس (4) ان يعوده اذا مرض (5) ان يشهد جنازته اذا مات (6) ان يبرّ بقسمه اذا أقسم (7) ان ينصح له اذا استنصحه (8) وان يحفظه بظاهر الغيب اذا غاب عنه (9) ان يحب له ما يحب لنفسه (10) ان يكره له ما يكره لنفسه .
* وكان ابن عباس رضى الله عنه يؤكد هذا المعنى ويفرضه فرض الحلال والحرام ويفسر قوله وتعالى : (( رحماء بينهم . )) ..... يعنى متوادين فيما بينهم يدعو صالحهم لطالحهم , فاذا نظر الصالح للطالح قال : " اللهم أهده وتب عليه وأغفر لنا وله "....... وان نظر الطالح الى الصالح قال : " اللهم بارك له فيما قسمت له من الخير وثبته عليه وأنفعنا به ".......... جاء فى الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من اعطي حظّه من الرفق , اعطى حظّه من الدنيا والآخرة , ومن منع حظّه من الرفق منع حظّه من الدنيا والآخرة . "
* آداب العلماء :
(1) التواضع لله تعالى فى كل حال , فان التواضع يدلّ على حقيقة الخشية من الله تعالى , وقد حصرها الله تعالى فى العلماء : (( انّما يخشى الله من عباده العلماء . )) (2) الحلم والأناة , وهما خصلتان يحبّهما الله تعالى , ... فاذا تجرّد العالم منهما هلك لأنّه يتصف بالحماقة والعجلة أو يبتلى بالاعجاب برأيه أو التعصب له , ......... وقد تبلغ به الحماقة والعجلة الى لعن المسلم وسبّه وقذفه والحكم عليه بالردّة والفسوق أو الحكم عليه بالزندقة , ....... كلّ ذلك لاعجابه برأيه , ويكون ممن قال الله فيهم : (( أفرأيت من اتّخذ الهه هواه فأضلّه الله على علم . )) ............ فنعوذ بالله من علم هو عين الجهل . (3) ان يعلم الناس على قدر عقولهم ويداريهم , كما قال صلى الله عليه وسلم : " خاطبوا الناس على قدر عقولهم . " ....... وعنه أيضا قال : " أمرنا بمدارات الناس . " ...... وقال أيضا : " من العلم كهيئة المكنون لا يعرفه الاّ العلماء بالله فاذا ذكروه أنكره أهل الغرّ بالله. " ....... فمن أباح لطائف علما ليسوا بأهل له , فقد أخطأ آداب العلماء . (4) السكينة والرحمة : السكينة دليل على التمكين وبرهان على الرسوخ فى العلم , ... خلافا للانزعاج والرعونة وعدم التروى , فانّهما دلائل عدم البيان والحقيقة , ......... أما الرحمة فهى من أخصّ وأجمل صفات العلماء , لأنّ العالم وارث عن سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم المنعوت بقوله : " حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم . "..... ولقوله سبحانه وتعالى : (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك . ))....... وقوله وتعالى : (( وانّك لعلى خلق عظيم . )).......... فالعلم من أعظم النعم , ... فاذا نزعت الرحمة من قلب العالم صار علمه من النقم كما هو ابليس فقد كان من كبار العلماء ولم يمنح الرحمة فأهلكه الله . (5) من أجلّ علامات العلماء الربانيين العمل بالعلم فى السرّ والجهر خشية من الله تعالى والأخذ بالعزايم ولو كان فيه ما تكرهه نفوسهم أو تتألم منه أبدانهم أو أبدان من يحبونهم , ... ارضاءا لله تعالى , ولأنّه مسئول عن حقين : " حق على نفسه لله " ......" وحق أوجبه الله عليه لخلقه "..........فهو قدوة للمؤمنين , ....... ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال :/ " زلّة العالم زلة العالم . " ....... وفى رواية أخرى : " اتّقوا زلة العالم وانتظروا فيئته . " (6) التحفظ فى ابداء الرأى والتثبت قبل الادلاء به . (7) الاجتهاد فى سدّ الزرايع والفتنة , فقد كان البلاء من أهل الفتن أشدّ على المسلمين من بلاء الأعداء , ..... فانّهم شغلوا المسلمين بالوقيعة وملئوا قلوبهم ضغائن , وجعلوا الصغار يحقّرون السلف الصالح , والكبار يحقرون كبار أهل عصرهم .
............... نتابع باذن الله :
العوضابي
12-25-2010, 07:19 PM
............... تابع ما قبله :
قرأت لك (7)
* من الدعاة الجهلاء من يجلسون وسط العامة ويذكرون اسم ولىّ من أولياء الله ويبثون عنه الأقاصيص التى توهم : " أنّه ينفع ويضر " ....... وان من اتّبعه يكثر ماله وولده , وأن من زار قبره تقضى حوائجه , ويموت أعدائه , ..... ويذكرون من الكرامات ما هو حق وباطل حتى يرغّب الناس فيه, ....... فيكون الضرر بذلك من جهتين : (ا) انّهم يتبعون طريقه لعاجل فان , ... فيكونون ممن يعبدون الله على حرف . (ب) انّهم يتبعونه لينتفعوا به من الجهة التى لا يمكنه ان ينفع نفسه , ... أو يحرمون النفع به من الجهة التى ينفع منها : " لأنّ النافع حقيقة هو الله " ... وهو الذى أقامهم سببا للنفع , وهى جهة تلقى العلوم وفهم فقه القرآن الشريف وتزكية النفس وفهم أسرار التوحيد وكشف حكم الأحكام والتجمل بعلوم اليقين .
* البعض يجعلون من طلبه العلم أو الطريق بابا من أبواب طلب الدنيا حتى تكون أعمالهم الواجبة ليست لله , ... ولكنّها تصير تزيينا للتوسع فى الدنيا , فانّك تجلس لواحد من هولاء المنتسبين للعلم حتى يأخذ فى تنقيص من هو نظيره أو من هو فوقه , ويقيم الأدلة والبراهين علىتحقيره , ....... هذا فى حالة غيابه , فاذا حضر الذى كان يذمه , أسرع اليه مطأ طا رأسه منحنيا معلنا بلسانه محولا كل عبارات الذمّ الى نقيضها من التعظيم والاشادة به وبعلمه الغزير , ............. فاعلم يا أخى : " ان العالم من علم الحق فاتّبعه , وعلم الباطل فاجتنبه وعلم قدر نفسه فسعى فى خلاصها مما يلزم مراعاته من الآداب الواجبة ."
* تنبّه أيّها المريد انك دخلت الطريق لتخرج من هواك , وتسير الى مولاك وتتحصن بحصون الأمن من مخالفة الله ورسوله, ولتتحصن من وسوسة الشيطان الرجيم ومن الأقتداء : " بخبيث لئيم . "
* اعلم ان كل مريد صادقا مؤهلا ان يصير مجمّلا بأخلاق الله روحانيا كاملا , تسلّم عليه الملائكة فى الطرقات وتنزل عليه البشائر والتحيات , ...... كل ذلك بصحبة المرشد العالم والاقتداء به والسعى فى تلقى علومه وأسراره وكشف فهومه واسراره .
* نصيحة :
ماذا تعمل لو جافاك أخ من اخوانك أو بلغك عنه شر أو علمت أنّه وقع فى المعاصى ؟؟؟ ............. ها هنا تظهر رحمتك ورأفتك ولين جانبك , ..... فاسرع يا أخى بحكمة ورحمة وشفقة وحرص , وخلّص أخاك , وأعمل على نجاته من غير ان تنفره أو توبخّه ولا تفشى سرّه , ..... وأبذل فى ذلك فطنتك ومالك وجميل أخلاقك , ...... ثم أعلمه أنما أنجيت نفسك بنجاته , فهذه يا أخى شيمة الربانيين ورثت علوم الصديقين .
* كل من منح خصوصية فلا ينبه بها فذلك من شيمته فتح باب من أبواب الشيطان , ....... فاليحذر ذلك , .......والواجب على الأفراد الممنوحين ان لا يفتوا عن خصوصيتهم ويحفظوها بسترها فان الله تعالى يقول : ((( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض . ))) ....... فكل من نبه الناس بخصوصيته ونقّص أخاه الممنوح فقد جعل ما أنعم الله به عليه زبدا ربما ذهب جفاء , ..... لأنه يريد أن يضرّ الناس فيوقع بينهم التفرقة , ...... وأما من أخفى ولم يفتح باب التفرقة على الأخوان فان عمله هذا مما ينفع الناس فيمكث فى ارض قلبه محفوظا من السلب .
* أعلم يا أخى أن من تعلم العلم ليجادل به أولياء الله أو يناظر به عباد الله كان من أعوان الشياطين أو شيطانا انسيا .
* ان الله يجعل فى قلب العالم العدل التقى نور الفقه يكون على لسان ملك الالهام , لأن كل قلب يلمّ به لمّتان : " لمّة الشيطان ولمّة الملك " ....... فقلب الراسخين والشهداء الروحانيين محفوظ من لمّة الشيطان , ..... قال تعالى : (( ان عبادى ليس لك عليهم سلطان . ))..... وقال تعالى : (( الاّ عبادك منهم المخلصين . )) ..... وقال تعالى : (( أولئك لهم الأمن وهم مهتدون . ))..... وقال تعالى : (( تتنزل عليهم الملائكة الاّ تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة . ))............ وتنزلهم عليهم حال الموت لا يمنع تنزلهم عليهم قبل الموت , وقد تنزلت الملائكة على الصدّيقين بالطعام وبالتحف .
* اعلم ان أساس التلقين هو السماع من أو عن العالم الربانى والأقتداء به وبهذا التلقين يكون كأنّه يقول : " رضيت بك معلما دليلا لى تدلّنى على الصراط المستقيم الذى كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأصحابه, ..... وتعيننى على تزكية نفسى بما سنّه صلى الله عليه وسلم , .... وأمر الله تعالى به , وما زكى به الأئمة أنفسهم "....... وكان بتسليمه هذا قد تخلص من دسيسة الكبر والغرور , وتخلص من بلية الجهل , وحفظ نفسه من مخاوف المهالك ومن رعونات النفس ووسوسة الشيطان ووجب عليه الطاعة للمرشد فى كل معروف أمر به وفى كل منكر نهاه عنه وأن يحسن ما به أدّبه .
* تعريف المغرور :
المغرور هو من اغترّ " بعقله " فظنّ ان ما هو منتف عن علمه , فهو منتف فى نفسه , ..... قال الله تعالى : (( فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم . )) ....... وقال تعالى : (( ذلك مبلغهم من العلم . ))
* أسباب فساد النفس :
أمّهات الخطايا ثلاث هى : (1) الكبر : وهو الذى أوقع ابليس فى القطيعة واللعنة . (2) الطمع : هو الذى سبب المعصية لأبينا آدم حيث أهبط بسببه من الجنة لأنّه طمع فى الخلود فى الجنة ولم يفطن لمكيدة أبليس اللعين .(3) الحسد : هو الذى دعا هابيل لأن يقتل أخاه قابيل حسدا له على النعمة عليه باخت هابيل :
... " وما من رذية من الرزائل الاّ وهى ترجع الى أصل من تلك الأصول الثلاثة "....
وقد بين لنا المعصوم صلى الله عليه وسلم تلك المعانى بكلمة هى الحصن الحصين للسلامة
: " حبّ الدنيا رأس كل خطيئة . " .......... وهذا التحذير موجّه لأولئك الذين أشغلهم عملهم للدنيا وابتهاجهم فيها عن الآخرة , وجعلوها غاية الغايات دون النظر فى الوسيلة, ....... فالعمل للدنيا واكتساب الأمل والاجتهاد فيها مطلوب ومرغّب فيه ما دام يقصد به الخير , ولا يلهيك عن الآخرة , ...... قال تعالى : ((رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله . ))
* حديث شريف :
" ان زوال الدنيا أهون عند الله من قتل نفس بغير حق . "
............... نواصل باذن الله :
........
شمس الدين سنجراب
01-16-2011, 11:11 AM
* أسباب فساد النفس :
أمّهات الخطايا ثلاث هى : (1) الكبر : وهو الذى أوقع ابليس فى القطيعة واللعنة . (2) الطمع : هو الذى سبب المعصية لأبينا آدم حيث أهبط بسببه من الجنة لأنّه طمع فى الخلود فى الجنة ولم يفطن لمكيدة أبليس اللعين .(3) الحسد : هو الذى دعا هابيل لأن يقتل أخاه قابيل حسدا له على النعمة عليه باخت هابيل :
... " وما من رذية من الرزائل الاّ وهى ترجع الى أصل من تلك الأصول الثلاثة "....
اللهم نسالك الاستقامة
العوضابي
01-30-2011, 04:20 PM
............... تابع ما قبله:
قرأت لك (9)
* آداب المريد مع شيخه :
اعلموا اخوانى وفقنى الله وايّاكم لطاعته , وأعاننى وايّاكم على ما به أتمّ مرضاته , ان هذه الأمّة اتفقت خلفا عن سلف ان أول ما يجب على المرء بعد انتباهه من الغفلة , ان يعمد الى شيخ ناصح مرشد , عالم بعيوب النفس وأغراضها ودواعيها وأدوية أمراضها , .... يبصّره بعيوب نفسه ويخرجه من دائرة حسّه , لأن من لم يكن له شيخ يقوده الى طريق الهدى , قاده الشيطان لا محالة الى طريق الردى , ....... وأول ما يجب على المريد بعد الانتباه من الغفلة , قصد شيخ مؤتمن ناصح عارف بالطريق فيسلم نفسه لخدمته , ويتخذ الصدق حالا فى صحبته , لأن الشيخ هو دليله على الطريق المؤدى الى رشده , ... ويسهّل عليه سلوكها , ولا يجوز له مفارقة استاذه قبل انفتاح عين قلبه , ..... بل عليه أن يصير تحت أمره ونهيه فى خدمته حتى يكمل , ...... ولا بدّ له بعد ذلك من مجالسة الشيخ وقربه ولو نال الفتح فى دقائق العلوم وغوامض الأسرار , والمكاشفات والكرامات , ...... فانّه ربّما يحصل له الاعجاب والتعلق بها , واعتقاد أنه عين الكمال , فينقذه من ذلك قربه واخلاصه لشيخه , ..... بل ولو وصل الى التجليات الروحانية , لأن التجليات الروحانية كثيرا ما تلتبس بالتجليات الرحمانية , فيحسب المريد أنه وصل الى المقصد الأقصى " فينقطع " ......... ولا يميّز بينهما الاّ الشيخ الواصل الكامل .
* تنبيه :
اعلم ان قولهم الطرق الى الله كثيرة , يكفيه من الدليل فى السنّة قوله صلى الله عليه وسلم : " أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم . " وهو الدليل أيضا على أنها كلها موصلة الى الله تعالى , ......... وليحذر من الاعترض على الشيخ بباطنه : " فانّه السم القاتل " ....... والاعتراض سبب الانقراض , وأصل كل خير : الانقياد وأصل كل شر : الانتقاد " .... فقلّ ان يكون مريد يعترض على الشيخ بباطنه فيسلم ,..... واعلم انه متى صحّ توجه المريد بالقصد التام الى الله تعالى , رماه الى شيخ ناصح , ... قال أبن عطاء الله : " جد صادقا تجد مرشدا . " ...... ولينظر المريد كون الشيخ بابا فتحه الله تعالى له الى جناب كرمه , منه يدخل واليه يرجع , فينزل به حوائجه ومهماته الدينية والدنيوية , اذ هو الوسيلة بينه وبين ربّه , ... وأعلم ان المريد اذا فارق الشيخ وتركه قبل آوان انفطامه , يناله من الاعلال فى الطريق بالرجوع الى الدنيا ومتابعة الهوى ما ينال الصبى المفطوم قبل آوان انفطامه ولذلك حرموا عليه المفارقة المذكورة قبل الآوان المطلوب لأنها : " القاء بالأيدى الى التهلكة " ....... وأعلم ان الشيخ اذا عاقب المريد على الخطرة واللحظة وضايق عليه أنفاسه , ... فاليبشر بالقبول والفتح والرضى , ....... واذا وقعت منه زلّة وسوء أدب وعرف أنه سامحه ولم يعاقبه , فليحذر من مكره فى ذلك أو من ان سكوته ناشىء عن علمه أنه لا يجىء منه شىء , .... أما اذا باسطه فلا يترك أدبه , بل كلما انبسط معه فليزد فى قلبه المهابة والتعظيم والاجلال والاحترام , ..... ويجب عليه كتمان ما أسرّ به اليه من الأسرار الالهية أو الأمور العادية اذ لا يوهب ذلك عندهم الاّ للامناء قال قائلهم :
من سارروه فأبدى السرّ منكشفا لم يأمنوه على الاسرار ما عاشا
وأبعدوه فلا يحظى بقربهم وأبدلوه مكان الانس ايحاشا
* قال القرطبى صاحب التفسير : " من لم يأخذ كلام شيخه بالقبول خرج نور الاقتداء من قلبه , ومن لم يرشّحه نائبا عن الحق فيما يأمره به لا يصل الى الحق , ومن تأدّب مع شيخه تيسر له الأدب مع ربه , .....وكل من أهله الحق لمعرفته قيّض له عالما وليّا يقتدى به " ......... وأحذر كل الحذر ان تقع بينك وبين الشيخ مفارقة معنوية وذلك بأن تكون مسلما له بالظاهر, معترضا بالقلب , وهذا مما يقطع الرابطة بينك وبينه فلا ينفع التسليم باللسان مع وجود الانكار بالباطن , ... اذ الرابطة أمر معنوى ولا تعلق لها باللسان وانّما تتعلق بالقلب فاذا تمكن الانكار فيه , زال اتّصال الباطن فلا تبقى بين قلبه وبين قلب الشيخ علاقة , فينسدّ طريق الفيض الذى يصل من قلب الشيخ الى قلوب المواريد عنه , وبسبب قطعه ينقطع عنه المدد , .... فيكون مع الشيخ باللسان , وبالقلب مع النفس والشيطان , ....... فيعدّ من جملة : " المخادعين " ومن قبيل : " المنافقين " .............. فاذا تحققت هذا وجدت ترك الاعتراض على الشيخ وقاية من الاعتراض على النبى صلى الله عليه وسلم , ..... لأنّه نائب عنه , وللواسطة حكم الموسوط , وترك الاعتراض على النبى وقاية من ترك الاعتراض على الله , قال تعالى : (( قل ان كنتم تحبون الله فاتّبعونى يحببكم الله . )) ....... واعلم ان الطرق وان تعددتواختلفت مرجها كلها لأمر واحد هو الفناء فى مشاهدة الله والنظر اليه عن كل ما سواه لأنّها طريق الملائكة والخلفاء من النبيين والمرسلين وعباد الله الصالحين , ......... وهولاء الأصناف هم : " أعلم الخلق بالعلوم الالهية التى هى أشرف العلوم وأجلّها , .... قال الغزالى رحمه الله : " ماذا يقول القائل فى طريقة أولها شغل القلب بالذكر , وآخرها الفناء بالكليّة فى الله الى ان تكون حركاتهم وسكناتهم فى ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة الذى ليس على وجه الأرض نور يستضاء به الاّ نوره . "
* أدب المريد فى توجهه الى الله :
اعلم يا أخى وفقنى الله وايّاك لأقوم طريق , وجعلنى وايّاك من أهل التحقيق , انه لما كان أهل الدنيا ضبطوا أمر دنياهم ورتبوا فيها لأنفسهم أمورا مكملة لأغراضهم ومتممة لأهوائهم , ....... كذلك أهل الآخرة ضبطوا أحوالهم فى وجهتهم الى الله بامور مكمّلة لمقاصدهم متممة لأحوالهم , ... ولكل فريق شرب معلوم : (( كل نمدّ هولاء وهولاء من عطاء ربك . )) ..........وأعلم أن ما وضعه أهل الطريق من الشروط الآداب فانّما هو على وجه الكمال لا على وجه اللزوم , فمن استدام ذكر الله على أى حال كان وبأى وجهة بنية صادقة يرجو فضل الله ومرضاته لابدّ من نجحه وظفره , الاّ انه مع الآداب والشروط أسرع للنجح وأولى للفضل .
* الشروط :
(1) المقصد : لأن المقاصد هى روح الأعمال ولا يستقيم عمل لا روح له , .....(2) المجاهدة : وهى تعنى المجاهدة فى مدافعة الخواطر عن الفكر المغائرة لمعنى الذكر وردّها على حسب الامكان لتصفو مرآة النفس , ولتلمح معنى الذكر , ..... فعلى قدر الخروج من شواغل الحس يكون خرق حجاب الغفلة , .....(3) الطهارة : (4) القبلة : ( الشرطين (3) و (4) سبق الكلام عنهما فى حلقة سابقة ) (5) الخلوة : يقصد بها مكانا خاليا عاريا عن الشواغل لما فى ذلك من تهيئة الفكر للاقبال على معنى الذكر وتهيئة الوارد على موارد الاخلاص وأسرار الاختصاص وفى انفراده صلى الله عليه وسلم بغار حراء أول أمره دليل على ذلك , ..... ولم تزل الخلوات من شأن أهل العبادات والرياضات وقلّما يفتح على سالك فتح أو يلوح له سر فى غير الخلوة , ... والمراد منها هنا العزلة وقت تأدية ما التزمه من عدد الأذكار بحسب اجتهاد مرشده فهو يعطى كل حسب حاله بحكم التيسير والتقريب , ....... جاء عنه صلى الله عليه وسلم : " هذا الدين متين فأوغلوا برفق ولا تبغضوا لأنفسكم عبادة الله . "
............... ونواصل باذن الله :
أبو الحُسين
01-31-2011, 02:45 PM
ومن تأدّب مع شيخه تيسر له الأدب مع ربه
نسأل الله أن يلزمنا ذلك معكم يا شيخنا...
العوضابي
02-01-2011, 01:38 PM
[quote=أبو الحُسين;35705]
ومن تأدّب مع شيخه تيسر له الأدب مع ربه
نسأل الله أن يلزمنا ذلك معكم يا شيخنا...
عزيزى جمال
عزاك الله واكرمك , ... ونسال الله سبحانه وتهالى ان يكرمنا واياكم كمريدين وييسر لنا الادب معهم ويجعلنا من اهل القبول لديهم
العوضابي
03-23-2011, 01:13 PM
" قرات لك (9) "
............... تابع لما قبله :
* تابع آداب المريد مع اخوانه : قال يحيى بن خالد لولده جعفر : " يا بنىّ اذا حدثك جليسك فاقبل عليه واصغ له , ولا تقل سمعناه حتى كأنّك لم تسمعه من قبل الاّ منه , فان ذلك مما يكسب المحبة والميل اليك " ......... ومن الأدب الاّ تستخدم جليسك فقد حكى عن الخليفة عمر بن عبد العزيز انه كان مع جلساءه فقام وأصلح السراج فقال أحدهم : ألا أمرتنى يا أمير المؤمنين فكنت أكفيك ؟ فقال : " ليس من المروءة أن يستخدم المرء جليسه , ... فقمت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر . " ....... وفى الحديث الشريف عنه صلى الله عليه وسلم : " من عاد مريضا أو زار أخا ناداه مناد : ان طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنّة منزلا . " .
* حبّ الشهرة : واعلم يا أخى ان من نوى عند ابتداء عمله أنه لوجه الله لا يضره ما خطر على قلبه بعد ذلك , ....... أما حبّ الجاه والرئاسة فانّه مذموم قاطع عن طريق الحق , ..... قال ابراهيم بن أدهم رضى الله عنه : " ما صدق من أحبّ الشهرة " ..... واعلم ان المزموم هو : " حبّ الشهرة " ...... اما الشهرة وانتشار الصيت فقد يكون محمودا وقد يكون مذموما , فان قصد به تعظيم نفسه واحتقار غيره فهو مذموم , وان قصد به ارشاد الخلق ونفعهم فهو محمود مثاب عليه , ......... وعلامة الجاه المحمود ان يكون صاحبه كالمكلف فى حملة , فاذا جاء من ينوب عنه ويكفيه مئؤنة تعبه فرح به واغتنمه ولم يقتظ منه , بل يرى منّته عليه , ..... وعلى كل حال متى ما لبس الأشياء التى تسقط : " منزلته " عند الناس حتى اذا دخل لم يعتنى به ولا يرد عليه السلام فهذا حال : " المريد الصادق "
ومما يتأكد فى حق الاخوان : " العفو " .... قال تعالو : (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين . ))......... وقال صلى الله عليه وسلم : " العفو لا يزيد العبد الاّ عزا , فاعفوا يعزّكم الله . "... وقال أيضا : " ينادى منادى يوم القيامة ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة , قيل وما هم ؟ ..... قال : العافون عن الناس . " ......... ويروى ان فرعون قال لأبليس : " هل على وجه الأرض أخبث منى ومنك ؟ ..... قال نعم : " من أعتذر اليه أخوه فلم يقبل عذره " ويروى عن سيدنا الحسين أنه قال : " لو شتمنى أحد فى أحدى أذنىّ , ثم اعتذر فى الأخرى لقبلت عذره . "
* واعلم يا أخى ان المودة والأخوة والزيارة سبب التآلف , ...و
التآلف سبب القوة , .. والقوة سبب التقوى , ..... والتقوى حصن منيع وركن شديد , بها يمنع الضيم وتنجع المقاصد , وقد منّ الله تعالى على قوم وذكّرهم نعمته عليهم بأن جمع قلوبهم على الصفاء , وردّها بعد الفرقة الى الألفة والأخاء فقال تعالى : (( واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا . )) أى متحابين مجتمعين على الأخوة فى الله , متراحمين متناصحين متفقين على كلمة الحق .
* فائدتان :
الأولي : علامة المتقى أربعة : ( حفظه الحدود , بذل المجهود , والوفاء بالعهود والقناعة بالموجود ) ....... الثانية : قال سهل : " ليس للعبد الاّ مولاه , وأحسن أحواله ان يرجع الى مولاه , ... اذا عصى قال يا ربّ أستر علىّ , فاذا ستر عليه , قال يا ربّ تب علىّ, فاذا تاب عليه قال يارب وفقنى حتى أعمل , فاذا عمل قال يا ربى وفقنى حتى أخلص , فاذا أخلص قال يارب تقبل منى فعلى . "
* حسن الخلق : اعلم أخى ان سوء الخلق من الطباع المذمومة عند الله وعند الناس , فينبغى للمريد أن يتجمل بحسن الخلق , وهو محمود عند الله تعالى والناس , ....... قال صلى الله عليه وسلم : " والذى نفسى بيده لا يدخل الجنة الاّ حسن الخلق . " ....... وكان صلى الله عليه وسلم يقول فى دعائه : " اللهم حسّن خلقى وخلقى ." ..... وعنه أيضا قال : " ان الله حفّ الاسلام بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال . " ....... ومن ذلك حسن المعاشرة مع من أنت ملتزم بمعاشرته , وكرم ولين الجانب , وبذل المعروف , واطعام الطعام , وافشاء السلام , وعيادة المريض المسلم برا كان أو فاجرا , وتوقير ذى الشيبة المسلم , ... وحسن الجوار لمن جاورت مسلما كان أو كافرا , والعفو عن المسىء , وكظم الغيظ , والاصلاح , والجود والكرم والسماح , ونبذ كافة الموبقات : ( المكر والخديعة وقطيعة الأرحام وسوء الخلق والتكبر والاحتيال والحسد والحقد والفحش والظلم والبغى والعدوان )........ قال تعالى : (( ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى . )) ..... وعن أنس رضى الله عنه قال : " لم يدع صلى الله الله عليه وسلم نصيحة الاّ دعانا اليها وأمرنا بها , ولم يدع غشا أو عيبا الاّ حذرنا منه ونهانا عنه . "
ملاحظة : ( اعلم يا أخى اذا وجدت انسانا أو جماعات أو نظام حكم يمارس كل هذه الموبقات والصفات المذمومة , ومع ذلك ينسبون أنفسهم للاسلام , .....بل يعتقدون اعتقادا جازما أنّهم هم : " حملة الرسالة " ..... فاعلم أنهم لا يعدو كونهم أنهم واقعين فى حالة : " ضلال وتضليل " ....... انحرفوا وزحزحوا بموجبها تماما عن الطريق المستقيم , طريق : " الحق " الى طريق الشيطان , وبعدوا تماما عن تعاليم وموجهات أى وحى سماوى )
* اعلم يا أخى انك كلما تركت وصفا مذموما ترقيت عنه الى وصف محمود فى الطريق حتى تكملها ,...... وهذه لها منازل معلومة عند أهلها يقطعها السالك واحدة بعد واحدة الى آخرها , ....... وهذه المنازل صفات تقع فى العبد وكلما تجددت له صفة تجدد له اسم عندهم .
* المقامات وما يقابلها من الذكر :
(1) أول هذه المقامات : " الأمارة "... ويسمى مقام ظلمات الأغيار انما سميت النفس فيه بالأمّارة لأنّها لا تأمر صاحبها الاّ بالسوء , ... قال تعالى : (( ان النفس لأمارة بالسوء . ))....... ولا أحسن لصاحبها من الذكر : " بلااله الآ الله " .
(2) ثانيها مقام الأنوار وتسمى النفس فيه ب . : " اللوامة " ....... وانما سميت لوامة لأن صاحبها كلما فعل قبيحا لامته عليه , قال تعالى : (( لا اقسم بيوم القيامة ولا اقسم بالنفس اللوامة . )) ....... وأحسن ما يرقى صاحبها عنها الذكر بالأسم المفرد فى قولنا : " الله الله "
(3) ثالثها مقام الأسرار وتسمى النفس فيه ب. : " الملهمة " ....... وانما سميت ملهمة لأن صاحبها صار تلهم له الأشياء الحسنة , ....... وهذا يترقى صاحبه بذكر : " ياهو ياهو "
(4) ورابعها مقام الكمال وتسمى النفس فيه ب . : " المطمئنّة " ....... وانما سميت فيه مطمئنة لكونها اطمأنت وثبتت على طاعة الله ,.....و يترقى صاحبه بذكر : " يا حق يا حق "
(5) خامسها مقام الوصول وتسمى النفس فيه ب . : " الراضية " ..... وانما سميت راضية لأن صاحبها جبله الله عل ما يرضيه ويرضى خلقه ,....... ويترقى صاحبه بذكر : " ياحى ياحى "
(6) سادسها مقام تجليات الأفعال وتسمى النفس فيه ب . : " المرضية "....... وانما سميت بالمرضية لأن صاحبها لا يريد شيئا الاّ أرضاه الله فيه , ...... ولا يترقى صاحبه بشء أحسن له الذكر ب. : " ياقيوم "
(7) سابها مقام تجليات الصفات والأسماء وتسمى النفس فيه ب . : " الكاملة " ....... وانما سميت كاملة لكمال صاحبها فى حركاته وسكناته لله ولأنه لا يخلو من طاعة أبدا , وترقية أبدا فى المعارف لأن معارف الله لا تنتهى , .... ولا يترقى صاحبه بشىء أحسن له من الذكر ب. " يا قهار يا قهار "
............... ونتابع باذن الله :
العوضابي
04-22-2011, 12:55 PM
............... تابع لما قبله :
قرأت لك (10)
* تابع آداب المريد مع اخوانه : قال يحيى بن خالد لولده جعفر : " يا بنىّ اذا حدثك جليسك فاقبل عليه واصغ له , ولا تقل سمعناه حتى كأنّك لم تسمعه من قبل الاّ منه , فان ذلك مما يكسب المحبة والميل اليك " ......... ومن الأدب الاّ تستخدم جليسك فقد حكى عن الخليفة عمر بن عبد العزيز انه كان مع جلساءه فقام وأصلح السراج فقال أحدهم : ألا أمرتنى يا أمير المؤمنين فكنت أكفيك ؟ فقال : " ليس من المروءة أن يستخدم المرء جليسه , ... فقمت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر . " ....... وفى الحديث الشريف عنه صلى الله عليه وسلم : " من عاد مريضا أو زار أخا ناداه مناد : ان طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنّة منزلا . " .
* حبّ الشهرة : واعلم يا أخى ان من نوى عند ابتداء عمله أنه لوجه الله لا يضره ما خطر على قلبه بعد ذلك , ....... أما حبّ الجاه والرئاسة فانّه مذموم قاطع عن طريق الحق , ..... قال ابراهيم بن أدهم رضى الله عنه : " ما صدق من أحبّ الشهرة " ..... واعلم ان المزموم هو : " حبّ الشهرة " ...... اما الشهرة وانتشار الصيت فقد يكون محمودا وقد يكون مذموما , فان قصد به تعظيم نفسه واحتقار غيره فهو مذموم , وان قصد به ارشاد الخلق ونفعهم فهو محمود مثاب عليه , ......... وعلامة الجاه المحمود ان يكون صاحبه كالمكلف فى حملة , فاذا جاء من ينوب عنه ويكفيه مئؤنة تعبه فرح به واغتنمه ولم يقتظ منه , بل يرى منّته عليه , ..... وعلى كل حال متى ما لبس الأشياء التى تسقط : " منزلته " عند الناس حتى اذا دخل لم يعتنى به ولا يرد عليه السلام فهذا حال : " المريد الصادق "
ومما يتأكد فى حق الاخوان : " العفو " .... قال تعالو : (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين . ))......... وقال صلى الله عليه وسلم : " العفو لا يزيد العبد الاّ عزا , فاعفوا يعزّكم الله . "... وقال أيضا : " ينادى منادى يوم القيامة ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة , قيل وما هم ؟ ..... قال : العافون عن الناس . " ......... ويروى ان فرعون قال لأبليس : " هل على وجه الأرض أخبث منى ومنك ؟ ..... قال نعم : " من أعتذر اليه أخوه فلم يقبل عذره " ويروى عن سيدنا الحسين أنه قال : " لو شتمنى أحد فى أحدى أذنىّ , ثم اعتذر فى الأخرى لقبلت عذره . "
* واعلم يا أخى ان المودة والأخوة والزيارة سبب التآلف , ...و
التآلف سبب القوة , .. والقوة سبب التقوى , ..... والتقوى حصن منيع وركن شديد , بها يمنع الضيم وتنجع المقاصد , وقد منّ الله تعالى على قوم وذكّرهم نعمته عليهم بأن جمع قلوبهم على الصفاء , وردّها بعد الفرقة الى الألفة والأخاء فقال تعالى : (( واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا . )) أى متحابين مجتمعين على الأخوة فى الله , متراحمين متناصحين متفقين على كلمة الحق .
* فائدتان :
الأولي : علامة المتقى أربعة : ( حفظه الحدود , بذل المجهود , والوفاء بالعهود والقناعة بالموجود ) ....... الثانية : قال سهل : " ليس للعبد الاّ مولاه , وأحسن أحواله ان يرجع الى مولاه , ... اذا عصى قال يا ربّ أستر علىّ , فاذا ستر عليه , قال يا ربّ تب علىّ, فاذا تاب عليه قال يارب وفقنى حتى أعمل , فاذا عمل قال يا ربى وفقنى حتى أخلص , فاذا أخلص قال يارب تقبل منى فعلى . "
* حسن الخلق : اعلم أخى ان سوء الخلق من الطباع المذمومة عند الله وعند الناس , فينبغى للمريد أن يتجمل بحسن الخلق , وهو محمود عند الله تعالى والناس , ....... قال صلى الله عليه وسلم : " والذى نفسى بيده لا يدخل الجنة الاّ حسن الخلق . " ....... وكان صلى الله عليه وسلم يقول فى دعائه : " اللهم حسّن خلقى وخلقى ." ..... وعنه أيضا قال : " ان الله حفّ الاسلام بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال . " ....... ومن ذلك حسن المعاشرة مع من أنت ملتزم بمعاشرته , وكرم ولين الجانب , وبذل المعروف , واطعام الطعام , وافشاء السلام , وعيادة المريض المسلم برا كان أو فاجرا , وتوقير ذى الشيبة المسلم , ... وحسن الجوار لمن جاورت مسلما كان أو كافرا , والعفو عن المسىء , وكظم الغيظ , والاصلاح , والجود والكرم والسماح , ونبذ كافة الموبقات : ( المكر والخديعة وقطيعة الأرحام وسوء الخلق والتكبر والاحتيال والحسد والحقد والفحش والظلم والبغى والعدوان )........ قال تعالى : (( ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى . )) ..... وعن أنس رضى الله عنه قال : " لم يدع صلى الله الله عليه وسلم نصيحة الاّ دعانا اليها وأمرنا بها , ولم يدع غشا أو عيبا الاّ حذرنا منه ونهانا عنه . "
ملاحظة : ( اعلم يا أخى اذا وجدت انسانا أو جماعات أو نظام حكم يمارس كل هذه الموبقات والصفات المذمومة , ومع ذلك ينسبون أنفسهم للاسلام , .....بل يعتقدون اعتقادا جازما أنّهم هم : " حملة الرسالة " ..... فاعلم أنهم لا يعدو كونهم أنهم واقعين فى حالة : " ضلال وتضليل " ....... انحرفوا وزحزحوا بموجبها تماما عن الطريق المستقيم , طريق : " الحق " الى طريق الشيطان , وبعدوا تماما عن تعاليم وموجهات أى وحى سماوى )
* اعلم يا أخى انك كلما تركت وصفا مذموما ترقيت عنه الى وصف محمود فى الطريق حتى تكملها ,...... وهذه لها منازل معلومة عند أهلها يقطعها السالك واحدة بعد واحدة الى آخرها , ....... وهذه المنازل صفات تقع فى العبد وكلما تجددت له صفة تجدد له اسم عندهم .
* المقامات وما يقابلها من الذكر :
(1) أول هذه المقامات : " الأمارة "... ويسمى مقام ظلمات الأغيار انما سميت النفس فيه بالأمّارة لأنّها لا تأمر صاحبها الاّ بالسوء , ... قال تعالى : (( ان النفس لأمارة بالسوء . ))....... ولا أحسن لصاحبها من الذكر : " بلااله الآ الله " .
(2) ثانيها مقام الأنوار وتسمى النفس فيه ب . : " اللوامة " ....... وانما سميت لوامة لأن صاحبها كلما فعل قبيحا لامته عليه , قال تعالى : (( لا اقسم بيوم القيامة ولا اقسم بالنفس اللوامة . )) ....... وأحسن ما يرقى صاحبها عنها الذكر بالأسم المفرد فى قولنا : " الله الله "
(3) ثالثها مقام الأسرار وتسمى النفس فيه ب. : " الملهمة " ....... وانما سميت ملهمة لأن صاحبها صار تلهم له الأشياء الحسنة , ....... وهذا يترقى صاحبه بذكر : " ياهو ياهو "
(4) ورابعها مقام الكمال وتسمى النفس فيه ب . : " المطمئنّة " ....... وانما سميت فيه مطمئنة لكونها اطمأنت وثبتت على طاعة الله ,.....و يترقى صاحبه بذكر : " يا حق يا حق "
(5) خامسها مقام الوصول وتسمى النفس فيه ب . : " الراضية " ..... وانما سميت راضية لأن صاحبها جبله الله عل ما يرضيه ويرضى خلقه ,....... ويترقى صاحبه بذكر : " ياحى ياحى "
(6) سادسها مقام تجليات الأفعال وتسمى النفس فيه ب . : " المرضية "....... وانما سميت بالمرضية لأن صاحبها لا يريد شيئا الاّ أرضاه الله فيه , ...... ولا يترقى صاحبه بشء أحسن له الذكر ب. : " ياقيوم "
(7) سابها مقام تجليات الصفات والأسماء وتسمى النفس فيه ب . : " الكاملة " ....... وانما سميت كاملة لكمال صاحبها فى حركاته وسكناته لله ولأنه لا يخلو من طاعة أبدا , وترقية أبدا فى المعارف لأن معارف الله لا تنتهى , .... ولا يترقى صاحبه بشىء أحسن له من الذكر ب. " يا قهار يا قهار "
............... ونتابع باذن الله :
العوضابي
06-24-2011, 01:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت لك
(11)
القيم والمبادئ: عندما نعيش لذواتنا فحسب, تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة, تبدأ من حيث بدأنا نحن, وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود, أما عندما نعيش لغيرنا أي عندما نعيش لفكرة فان الحياة تبدو طويلة عميقة, تبدأ من حيث بدأت الإنسانية, وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض. !!!!!
الخير والشر: بذرة الشر تهيج ولكن بذرة الخير تثمر, إن ألا ولى ترتفع في الفضاء سريعا ولكن جذورها في التربة قريبة حتى لتحجب عن شجرة الخير النور والهواء ولكن شجرة الخير تظل في نموها البطيء لأن عمق جذورها في التربة يعوضها عن الدفء والهواء.
مع أننا حين نتجاوز المظهر المزور البراق لشجرة الشر ونفحص عن قوتها الحقيقية وصلابتها تبدو لنا واهية هشة في غير صلابة حقيقية..... على حين تصبر شجرة الخير على البلاء وتتماسك للعاصفة وتظل في نموها الهادئ البطيء, لا تحفل بما ترجمها به شجرة الشر من أقذاء وأشواك.
النفس الإنسانية: عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس نجد أن هناك خيرا كثيرا قد لا تراه العيون أول وهلة.... لقد جربت ذلك.... جربته مع الكثيرين.. حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شريرون أو فقراء الشعور.... شئ من العطف على أخطائهم وحماقاتهم.. شئ من الود الحقيقي لهم, شئ من العناية – غير المصطنعة – باهتماماتهم, وهمومهم..... ثم ينكشف لك النبع الخير في نفوسهم حين يمنحونك حبهم ومودتهم وثقتهم في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك, متى أعطيتهم إياه في صدق وصفاء وإخلاص. ... إن الشر ليس عميقا في النفس الإنسانية إلى الحد الذي نتصوره أحيانا, انه في تلك القشرة الصلبة التي يواجهون بها كفاح الحياة للبقاء.... فإذا آمنوا تكشفت تلك القشرة الصلبة عن ثمرة حلوة شهية.... هذه الثمرة الحلوة إنما تتكشف لمن يستطيع أن يشعر الناس بالأمن في جانبه,... بالثقة في مودته, بالعطف الحقيقي على كفاحهم وآلامهم, وعلى أخطاءهم, وعلى حماقاتهم كذلك...... وشئ من سعة الصدر في أول الأمر كفيل بتحقيق ذلك كله أقرب مما يتوقع الكثيرون..... لقد جربت ذلك, جربته بنفسي, فلست أطلقها مجرد كلمات مجنحة وليدة أحلام وأوهام.
الغايات والوسائل: من الصعب علىّ أن أتصور كيف يمكن أن نصل إلي غاية نبيلة باستخدام وسيلة خسيسة؟؟؟..... الغاية النبيلة لا تحيا إلا في قلب نبيل: فكيف يمكن لذلك القلب أن يطيق استخدام وسيلة خسيسة ؟؟؟... بل كيف يهتدي إلى استخدام هذه الوسيلة ؟؟؟.... حين نخوض إلى الشط الممرغ بركه من الوحل لا بد أن نصل إلى الشط ملوثين... إن أوحال الطريق ستترك آثارها على أقدامنا وعلى مواضع هذه الأقدام, كذلك الحال حين نستخدم وسيلة خسيسة: إن الدنس سيعلق بأرواحنا وسيترك آثاره على هذه الأرواح وفى الغاية التي وصلنا إليها..... إن الوسيلة في حساب الروح جزء من الغاية, ففي عالم الأرواح لا توجد هذه الفوارق والتقسيمات !! الشعور الإنساني وحده إذا أحس غاية نبيلة فلن يستطيع استخدام وسيلة خسيسة بل لن يهتدي إلى استخدامها من طبيعته: " إن الغاية تبرر الوسيلة " ؟؟ .... تلك هي حكمت الغرب الكبرى!!! لأن الغرب يحيى بذهنه وفى الذهن يمكن أن توجد التقسيمات والفوارق بين الوسائل والغايات.
الجاهل عدو نفسه:
ما تبلغ الأعداء من جاهل * ما يبلغ الجاهل من نفسه
فتبا له ظالما في شكل مظلوم * وشاكيا والجناية منه
العمل الصالح: قال الفضيل بن عياض: " العمل الحسن هو: أخلصه وأصوبه, قالوا: يا أبا على ما أخلصه وأصوبه ؟ .. قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل, وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا وصوابا, والخالص: ما كان لله والصواب ما كان على السنة... وهذا هو المذكور في قوله تعالى:
(( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا. )) وفى قوله:
(( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن. )) صدق الله العظيم.
العوضابي
06-30-2011, 02:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت لك (12)
اعتلال القلوب وأسقامها: إن مدار اعتلال القلوب وأسقامها على أصلين: (1) فساد العلم (2) وفساد القصد. ويترتب عليهما داءان قاتلان وهما: (1)" الضلال " (2) و " الغضب ": فالضلال نتيجة فساد العلم, والقضب نتيجة فساد القصد. إن فساد القصد يتعلق بالغايات والوسائل, فمن طلب غاية منقطعة مضمحلة فانية وتوسل إليها بأنواع الوسائل الموصلة إليها كان قصده فاسدا وهذا شأن كل من كان: " غاية " مطلوبة لغير الله وعبوديته: من المشركين ومتبعي الشهوات وأصحاب الرياسات المتبعين لإقامة رياستهم بأي طريق كان من حق أو باطل, فإذا جاء الحق معارضا في طريق رياستهم طحنوه وداسوه بأرجلهم فان عجزوا عن ذلك دفعوه دفع الصائل!!! فان عجزوا عن ذلك حبسوه في الطريق وحادوا عنه إلى طريق اخرى, وهم مستعدون لدفعه بحسب الإمكان, فإذا لم يجدوا منه بدا أعطوه السكة والخطبة: ( الاسم والشعار ) وعزلوه عن التصرف والحكم والتنفيذ. ... وان جاء الحق ناصرا لهم وكان لهم صالوا به وجالوا وأتوا إليه مذعنين, لا لأنه حق بل لموافقته غرضهم وأهوائهم وانتصارهم به: (( فإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وان يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين. أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا ؟ أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون. ))..... وكذلك من طلب الغاية العليا والطلب الأسمى ولكن لم يتوسل إليه بالوسيلة الموصلة له واليه, بل توسل إليه بوسيلة ظنها موصلة إليه وهى أعظم القواطع عنه.... فحاله كحال هذا وكلاهما فاسد القصد.
تعريف: (1) " أهل الصراط المستقيم . " : " هم الذين عرفوا الحق وأتبعوه. ( هم المؤمنون حقا. )
(2) " المغضوب عليهم. : ": " هم الذين عرفوا الحق ورفضوه"( هم اليهود )
(3) " الضالون. : ": " هم الذين جهلوا الحق فأخطأ وه ( النصارى. )
أهل الكبائر: عن عبد الرحمن بن أبو بكر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ .. قالها ثلاثا, قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين – وجلس وكان متكئا – فقال: ألا وقول الزور, ... فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
حديث شريف: أخرج الترمذى – بإسناده – عن عدى بن حاتم رضى الله عنه أنه لما بلغته الدعوة فرّ إلى الشام وكان قد تنصر في الجاهلية فأسرت اخته وجماعة من قومه ثم منّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على اخته فأعطاها فرجعت إلى أخيها فرغبته في الإسلام وفى القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم... فرحت الناس بقدومه فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم – وفى عنقه صليب من فضة – وكان النبي يقرأ هذه الآية: (( اتخذوا أحبارهم ورهبا نهم أربابا من دون الله.))........ فقال:: " فقلت: أنهم لم يعبدوهم؟ فقال: انهم حرّموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام, فاتبعوهم, فذلك عبادتهم إياهم. " .... ملاحظة : يقول العلماء أن هذا الحكم ينطبق تماما على كل من يحرم حلالا أو يحلل حراما ثابت بالكتاب والسنة فهو يعد كافرا وبالمثل يعد كافرا كل من تبعة واتخذه شيخا بل ويصير: " عابدا له " كما في شرح الآية.
السكوت على ظلم الحكام: السكوت على ظلم الحكام ذنبا عظيما يستوجب عقوبة الله في الآخرة والعقوبة العاجلة في الدنيا. قال تعالى: (( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا. ))صدق الله العظيم. .... الحديث: " إذا رأى الناس الظالم فلم يأخذوا على يده أوشك أن يعمهم الله بعقاب. "
الاستبداد في الحكم: ما يجنى الحكام المتسلطون على شعوبهم ؟؟؟.... إن أقلّ ما يجنى هولاى الولاة الطغاة هو تحويل الشعب إلى اناس يسحبون من أمعائهم وشهواتهم, .. لا شخصية لهم: فلا يعارضون ولا يقفون ضد ما يريده هولاء الطغاة. ... إذن فانه يتم بأمر هولاء المتسلطين وإصرارهم عليه وبذلك فهم يسعون إلى تخريب المجتمع وتدمير الإنسان السليم والقضاء علي شخصيته وآدميته وجعله أقرب إلى مطالب جسده وإشباع شهواته البهيمية دون تحرز لحلال أو حرام وبالتالي لا يهم ما يجرى على الساحة من أمور سياسية أو غيرها ولو كان فيها هلاكه وذريته من بعده,....... لا اعتراض ولا احتجاج ولكن تسليم واستسلام للذبح والموت كما يراد له. .... (( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام فإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتقى الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد. )) صدق الله العظيم.
العوضابي
07-07-2011, 03:49 PM
(13)
النفس الأمارة بالسوء: إن متابعة الهوى والانقياد لداعي النفس الأمارة بالسوء يطمس نور العقل ويعمى بصيرة القلب ويصد عن اتباع الحق ويضل عن الطريق المستقيم, فلا تحصل بصيرة العبرة معه البتة. والعبد إذا اتبع هواه فسد رأيه ونظره, فأرته نفسه الحسن في صورة القبيح والقبيح في صورة الحسن فالتبس عليه الحق بالباطل فأنى له الانتفاع بالتذكر أو التفكر أو بالعظة.
منزل التوبة: إن من نزل منزل التوبة وقام في مقامها نزل في جميع منازل الإسلام, وإذا استقرت قدمه في منزل: " التوبة " نزل بعده منزل: " الإنابة ". قال تعالى: (( وأنيبوا إلى ربكم. ))... والإنابة انابتان: (1) إنابة الربوبية: وهى إنابة المخلوقات كلها يشترك فيها المؤمن والكافر والبر والفاجر. قال تعالى: (( وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه. )) (2) إنابة الإلهية: وهى إنابة عبودية ومحبة وهى تتضمن أربعة أمور: (1) محبته (2) الخضوع له (3) الإقبال عليه (4) الإعراض عما سواه. معنى الإنابة: الإنابة هي الرجوع للحق وهى ثلاث أشياء: (1) الرجوع للحق إصلاحا كما رجع إليه اعتذارا, أي الرجوع إليه بالاعتذار والإقلاع عن معصيته, وبالاجتهاد والنصح في طاعته كما قال تعالى: (( إلا الذين تابوا وأصلحوا. )) (2) الرجوع إليه وفاء كما رجع إليه عهدا, أي أن الدين كله: عهد ووفاء, فان الله أخذ عهده على جميع المكلفين بطاعته: فأخذ عهده على أنبيائه ورسله, وأخذ عهده على الأمم بواسطة الرسل, وعلى الجهال بواسطة العلماء, وعلى هولاء بالتعليم, وعلى هولاء بالتعلم, ومدح المؤمنين بعهده وقال: (( ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما. )) وقال تعالى: (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئؤلا. )) (3) الرجوع إليه حالا كما رجعت إليه إجابة. أي هو سبحانه وتعالى قد دعاك فأجبته: " بلبيك وسعديك " قولا فلابد من الإجابة حالا: " تصدق به المقال " فان الأحوال تصدق الأقوال أو تكذبها. قال الحسن: " يا ابن آدم ؟؟ .... لك قول وعمل , ...فعملك أولى بك من قولك, ولك سريرة وعلانية , ...وسريرتك أملك بك من علا نيتك. قيل: " النفس لها ثلاث أحوال: (1) الأمر بالذنب (2) ثم اللوم عليه والندم منه (3) ثم الطمأنينة إلى ربها والإقبال بكليتها عليه, وهذه الحال أعلى أحوالها وأرفعها. علامات الإنابة: " ترك الاستهانة بأهل الغفلة والخوف عليهم مع فتحك باب الرجاء لنفسك. قال بعض السلف: " لن تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات الله ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشدّ مقتا. "...
عواقب السكوت عن أخطاء رؤساء العمل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. " ..... فاذا استطعت أن تغير المنكر في بيتك فافعل وخارج المنزل باللسان أفعل.... وإذا ترتب على تغييرك للمنكر ضرر أكثر من المنكر ذاته فأكتفي بالانكاربالقلب وأسأل الله عز وجل أن يغير هذا المنكر وتعتقد وأنت تنكر بقلبك أن ذلك هو أضعف الإيمان. ... فرئيس العمل الذي لا يراغب الله في تصرفاته ويوعز إلى ضعفاء النفوس ممن يتقربون إليه أن يكتبوا تقارير عن زملائهم الذين لا يرضى عنهم هذا الرئيس ليحرمهم من الترقية أو العلاوة أو المكافأة... أو من أي امتياز وبذلك يكون رئيس العمل آثما وبطانته آثمة أيضا لأنه استعان بهم على ظلم إنسان قد يكون أقرب إلى الله منهم وأفضل عنده من هذا الرئيس وبطانته..... وإذا كان بعض خلق الله فقدوا العدل في الأرض فلن يعدموه في السماء. لقد رأينا كثيرا من المظلومين أنصفهم الله وأعطاهم أضعاف ما حرمهم منه رئيس العمل. ... يقول الشاعر:
إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى * تقلب عريانا ولو كان كاسيا
وخير لباس المرء طاعة ربه * ولا خير فيمن كان لله عاصيا
...............يتبع
العوضابي
07-14-2011, 05:03 PM
(14)
صفات لا تدوم الدولة معها: قال الإمام الشافعي: " أظلم الناس لنفسه ( اللئيم ) إذا ارتفع جفا أقاربه وأنكر معارفه, واستخف بالأشراف, وتكبر على ذوى الفضل.
سئل ملك ما أذهب ملكك ؟؟ .. قال: " استبدادي برأيي واغفالى استشارتي. "..... وقال آخر: " لا تزال الرعية ذات سلطان واحد ما وصلوا إلى سلطانهم.. فإذا احتجب فهناك سلاطين كثيرة !!!! .. لأن الظالم إذا أمن ألاّ يصل المظلوم إلى السلطان ازداد ظلما. "...
وقالوا أيضا: " الملك يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم. "...
من علا مات صدق الإيمان المجاهرة بالحق: ".... إن من أعظم الكلمات الطيبة التي يرفع الله من أجلها عباده الصالحين هي: ( المجاهرة بكلمة الحق. ).. يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي رواه عنه أبو سعيد الخدرى رضي الله عنه: " لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه. "..... والسكوت عن الباطل يصدر عن ضعف النفس, ووهن الإرادة, وفساد الخلق..... وفى هذا الصمت المريب تضيع الحقوق ويخذل أصحابها ويرتع الظالمون في ظلمات فسادهم وغيهم وشهواتهم وتسرى المفاسد والأعمال الضارة, والأقوال المزيفة وعلامات النفاق تنفس سمومها الضارة في كيان المجتمع فتضعفه وتحطمه.... الحديث: " إن الناس إذا رأوا الظالم قلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده. "..
لا تعرف الحق بالرجال: يقول الإمام على كرم الله وجهه: " لا تعرف الحق بالرجال أعرف الحق تعرف أهله. ".... فالرجل مهما علا وارتفع ذكره بين الملأ فلا ينبقى أن يؤخذ كلامه وكأنه وحى منزل لايعتريه الباطل من بين يديه ولامن خلفه بل المسلم الحقيقي لابد أن يوزن كلام وأقوال وأفعال الرجال بميزان الشر ع فيأخذ ما وافقه ويدع ما كان غير ذلك: " فلا معصوم غير المعصوم " .... وفى ذلك يقول الإمام أبى حامد الغزالي: " إن عادة ضعفاء العقول يعرفون الحق بالرجال لا الرجال بالحق, والعاقل يقتدي بقول أمير المؤمنين ( أعلاه ) ثم ينظر في نفس القول, فان كان حقا قبله سواء كان قائله: " مبطلا" أو " محقا " بل ربما يحرص على انتزاع الحق من أقاويل أهل الضلال عالما بأن معدن الذهب الرغام,...... ولا بأس على الصراف إن أدخل يده في كيس الغلاب وانتزع الإبريز الخالص من الزيف والبهرج, مهما كان واثقا من بصيرته فإنما يزجر عن معاملة الغلاب القروي دون الصيرفي البصير, ويمنع من ساحل البحر الأخرق دون السباح الحاذق , ويصد عن مس الحية الصبي دون المعزم البارع. "
" التطرف الاسلامى: " ...... حين يقّلّب المرء صفحات سجل الحضارة الإسلامية يبهره ثراء فضل التعائش بين المختلفين, حتى أن المرء ليدهش حقا للكيفية التي قلبت بها الصورة رأسا على عقب حتى صارت الهوية الإسلامية مرتبطة في الأذهان بالقطيعة والمفاصلة وإهدار حق الآخر, وأحيانا إهدار دمه, وهو نجاح لا بد أن يسجل لأبالسة هذا الزمان وعبقريتهم في المسخ والتشويه وغسل المخ......الخ. ؟؟؟؟
بستان الكتب: قيل لبعض العلماء ما بلغ من سرورك من كتبك ؟ فقال: " هي إن خلوت لذتي, وان اهتممت سلوتى, وان قلت إن زهر البستان ونور الجنان يجلوان الأبصار ويمتعان بحسنهما الالحاظ, فان بستان الكتب يجلو العقل ويشحذ الذهن ويحيى القلب ويقوى القريحة ويعين الطبيعة ويبعث نتائج العقول ويستثير دقائق القلوب, ويمتع في الخلوة ويونس في الوحشة ويضحك بنوادره, ويسر بغرائبه, ويفيد ولا يستعيد, ويعطى ولا يأخذ, تصل لذته إلى القلب من غير سآمة تدرّ لك, ولا مشقة تعرض لك. "
رمى للسان ورمى السهم: قال سفيان الثوري رضي الله عنه: " لأن أرمى رجلا بسهم أحب إلىّ من أن أرميه بلساني, لأن رمى للسان لا يخطى ورمى السهم قد يخطى. "
أي الأصحاب خير.؟ : قيل يا رسول الله أي الأصحاب خير ؟ ... قال صلى الله عليه وسلم : " الذى إذا ذكرت أعانك وواساك وخير منه من إذا نسيت ذكرك. "
العوضابي
07-21-2011, 02:36 PM
(15)
من أقوال المرحوم الشيخ محمد الغزالي ( المصري ): " هناك خلط بين الدين والسياسة: هناك من تاجروا بالدين وممن تاجروا بالدنيا, وقد ذقنا الأمرين منهما, ولكن السؤال يبقى هو: " هل إذا تاجر أحد بالشعارات العظيمة قررنا الاستغناء عنها لأن حملتها كذبة. ؟.. وهل نكفر بالحرية لأن جرائم كثيرة ارتكبت باسمها. ؟... أم ينبغى أن نحدد المراد ونوضح الوسائل ونتجمع على مكافحة: ( المنافقين ) أيا كان لونهم. " ...... وتابع قائلا: " أنا رجل درست الإسلام وراقبت حكمه في عصره الذهبي واستخلصت منه مبادىء لا أجد مناص من الوقوف إلى, جانبها وهى: عندما يقول الخليفة الأول: " ولّيت عليكم ولست بخيركم. ".... أو يقول: " إن رأئتم خيرا فأعينوني أو رأئتم شرا فقوموني. " .. أو يقول: " أطيعوني ما أطعت الله فيكم فان عصيته فلا طاعة لي عليكم. "... أو يقول: " الضعيف فيكم قوى حتى آخذ الحق له, والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه. "..... فماذا أفهم من هذه الكلمات ؟؟؟؟ ... أفهم:-
· أفهم أن الحاكم في الإسلام يستمد سلطته منى.
· وأن الحاكم في الإسلام يجعلني رقيبا عليه.
· وأن الإسلام يمكني من محاسبته ومساءلته, .
· بل أنه يقول لي أنه إذا انحرف ليس له حق في الطاعة منى.
· وعليه يأتي التساؤل: لماذا ينكر أحد هذه المبادىء ؟؟؟؟.
· لماذا لا يقف المرء إلى جوارها ليجعل الحاكم يلتزم بها, فلا يقبل من أحد أن يقول: أنا صاحب القرار, أو أنا الدولة أو يكمم الأفواه ؟؟؟؟.
· لماذا لا نمنعه إذا نصر باطلا أو خذل حقا ؟؟؟؟.
· فإذا كان الإسلام ( كتاب وسنة ) وضع الأساس لقيام دولة حرة عادلة مستقيمة, فهل هناك مسوغ لترك هذه المبادىء, إذا قام أحدهم بالمتاجرة بها أو كان طالب منفعة في ظلّها. ؟؟؟؟؟
· المتاجر بالخير رجل مرائي ووزره على أم رأسه,... أما الخير فيجب أن يبقى في الأرض وأن يكثر حوله الأنصار.
· قطع يد السارق أو جلد الزاني أحكام فرعية في الإسلام تنبثق من دستور أصلى لا بد من صيانته وضمان بقائه.
· لا قيمة ( للفرع ) إذا كان الأصل غير قايم.
· مثل هذه ( الفروع ) في شريعة الإسلام قطرة من بحر التشريعات التي لا حصر لها.
· ما هو السر في إبراز هذه ( الفروع ) بالذات والتعويل عليها حتى تصور البعض أنها الإسلام. ؟؟؟
· لماذا ينسى الجو الذى يصنعه الإسلام ابتداءا قبل تنفيذ هذه هذه الأحكام أو المطالبة بها. ؟؟؟؟؟
· سمع الحسن البصري الذى كان يدّرس يوما في الجامع, سمع ضجّة في الخارج فقال ما هذا ؟...قالوا: " لص يقودونه إلى الحاكم. " فقال: ( سبحان الله سارق السر يسعى به إلى سارق العلا نية.؟؟؟ )
· ( هذه الكلمة هي مفتاح الإجابة على هذا الظن الغريب بالإسلام وأحكامه. )
· لماذا لا يذكر هولاى أن الفقه الاسلامى قال: " على القاضي أن يوقف ( الحد ) إذا تاب المجرم وأن علىالقاضى أن يوقف قطع اليد إذا وجد أن للص تاب.
· من قال أن الإسلام يقطع يد السارق الجائع ؟..... فقد أجمع الفقهاء على أن السارق الجائع لا تقطع يده.
· إن إشاعة الأمن في الإسلام ليس أمرا ثانويا أو نافلة إنما هو أمرا ضروريا. أن دعاة الإسلام عقيدة وشريعة تحركهم مخاوف ماثلة أمامهم في: ( إيران ) .
· سفك الدم في إيران يذكرنا بالثورات: ( الفرنسية) و ( الروسية)...الخ.... التي سفكت فيها دماء كثيرة فقد سمعنا عن حمامات الدم التي أقامها هولا لشعوبهم وعن المجازر التي صنعوها لأعدائهم.
· أن سفك دم حرام يعد جريمة نكراء ومرفوض من وجهة النظر الإسلامية إذ يرى الإسلام إن العدوان على فرد واحد هو عدوان على الإنسانية كلها.
· إن أي حاكم يرفع راية التوحيد ثم يفتئت على الإنسانية وحقوقها ويهدر كرامتها وينال منها لا بد أن يكون: ( منافقا ) أو جاهلا بالقرءان الكريم وحقائق السنة المطهرة. .. ولا يجب الخلط بين تعاليم الإسلام وبين تصرفات بعض الحكام الذين يزعمون أنهم ينفذون الحكم الاسلامى وهم في الحقيقة ينفذون أحكام أنفسهم ويلبون دواعي الشهوة في دمائهم, إن التفريط أو الخيانة أو النفاق شيء وتعاليم الإسلام شيء آخر. وعندما نقتبس الأسوة من تأريخنا يجب ألا نقتبسها من أمثال : " الخميني " أو جور: " السلطان سليم ".....الخ ... وإنما نستمدّها من رجال السلف الصالح( الأول ) الذين أمرنا أن نتأسى بهم إلى آخر الدهر والنستمع إلى قوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين, المهديين من بعدى, عضوا عليها بالنواجذ. " ...فكيف نترك صورة الحكم في عهد الرسالة والخلافة الراشدة ونلتقط صورا لأسرة محمد على أو أسرة بهلوى أو لأي أسرة أخرى تولت الحكم باسم الإسلام وكانت بعيدة عنه. ..... ولن تبقى فضيلة في الدنيا إذا قلنا أن الكذبة كثيرون فلا معنى للصدق, وأن المستبدين كثيرون فلا أمل في الحرية وهكذا. !!!!!!
( م. المصور 25-3-1983 )
العوضابي
07-29-2011, 01:11 PM
(16)
مثل حي للسيطرة الكاملة للصهائنة على وسائل الإعلام:
يقول الفيلسوف المسلم " جارودى " : (1) " عندما نشر صديقي " فينسنت مونتى " كتابه : " الملفات السرية لإسرائيل " عارضا كشاهد عيان كيف اغتال الصهائنة ممثل الأمم المتحدة : " الكونت برنا دوت " في القدس لم يكتف الصهائنة بمنع توزيع الكتاب ولكنهم دفعوا الناشر إلى الإفلاس. " . (2) " بالنسبة لي شخصيا عندما أنهيت كتابي: " المشكلة الإسرائيلية " لم أستطع أن أجد ناشرا ضمن شركات النشر الكبرى التي سبق أن اشترت منى عبر السنين الكتب " الأربعين" التي ألفتها وعندما نجحت في طبعه أخيرا أوقف توزيعه في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا, .. وتلقيت عدت تهديدات بالموت عن طريق البريد, وأقيمت ضدي قضيتان أمام المحاكم ومنذ ذلك الوقت منعت من الظهور فى التلفزيون, كما رفض كبار الناشرين شراء كتبي اللاحقة. " (3) " عندما نشر كتابي: " الإسلام مستقبلنا " أثيرت ضدي حملة دعائية واسعة بهدف خنق الكتاب, وفى نفس الوقت عمدوا لتأمين نجاح كتاب آخر الّفه: "نايبول " وتعامل فيه مع الإسلام كدين: " منقرض " . (4) وعندما تمكنت أخيرا من نشر كتابي: " المشكلة الإسرائيلية " ووجهت بنفس الرفض لتوزيعه وبنفس الحملة الدعائية المضادة لي والمروجة لكتاب: " بيروت سيل "... الذى يحمل عنوان:La rod eau de Mohammnet " "!!!!!!!!! إن تلك الأمثلة التي أورتها ما هى إلا غيض من فيض ولكنها تكشف الحقائق لأنها تبين المقاطعة الصهيونية المنظمة في وسائل الإعلام ضد أي هجوم على " إسرائيل ".. أو أي محاولة لإظهار الوجه الحقيقي " للإسلام " .. بالإضافة لترويج واسع النطاق لأي شيء يسيء للإسلام ويستهزيء به. "... (من مقال للمفكر الفرنسي جارودى. الخليج 8/12/1985)
اليهود وإفساد الناس: " ..... يشجع اليهود كتابهم وصنائعهم, فأتوا بالأدب المفسد, وجاء أحدهم وهو: ( فرو يد ) ففسر للناس كل دوافعهم في ضوء الجنس والشهوة.... ونفخت فيه أبواق دعايتهم حتى امتد أثره المفسد إلى الأدب والفنون فضلا عن الدراسات النفسية والتربوية وغيرها مما تقوم عليه ثقافات الأمم, ... وتم ليهود صبغ الحضارة الغربية بقذارة الجنس الهابط والشهوة الحيوانية التي لا تميز........ وقادوا الناس من أنوفهم بعد أن جعلوا همهم في فروجهم. ... ( من كتاب الشيخ الغزالي: مشكلات في طريق الحيات الإسلامية)
السناتور: " فولبريت " واللوبي الصهيوني في أمريكا : " جاء في محاضر التحقيق الذى أجرته لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي التي كان يرأسها السناتور المذكور : "....... تأكد لنا أن اللوبي الصهيوني هو السيد الأوحد لصناعة السينما في هوليود والشبكات التلفزيونية الرئيسية ولل. 95% من الناشرين الأمريكيين. وهو يتحكم بأصوات 70 سناتورا من أصل مائة, وهو قوىّ لدرجة أن أحدا لا يمكن أن ينتخب رئيسا لأمريكا دون أن يوافق عليه الصهائنة. " !!!!!!!!.......... وقد كشف هذا التقرير الطبيعة الحقيقية لأنشطة التنظيمات الصهيونية في الولايات المتحدة وكافة دول الغرب..... استعرض السناتور المذكور نتائج التحقيق في برنامج: " واجهة الأمة " في 7/10/1973.
الداء الذى دخل على الأمة الإسلامية في هذا العصر : ".... هذا الداء هو بعدها عن كتاب الله وسنة رسوله فكان أن تخلى الله تعالى عنها وسلط عليها أعدائه وأعداء دينه, ووقع عليها قول الحق سبحانه: (( فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم. .. أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها , إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم أملى لهم . ))...... ولسان الحال اليوم أفصح من مقال فها هي تكيد بعضها لبعض وتقاتل بعضها بعضا وأعداؤها يكيدون لها ويحتلون كثيرا من أرضها ويريقون دماء الكثير من أبنائها. إن المسلمين تخلوا عن دين الله فتخلى الله عنهم وهذا ما أشار إليه رسولنا الكريم في قوله : " يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها , قالوا: آمن قلة نحن يومئذ الذى يا رسول الله ؟؟؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل. " ...
الذى يقصد بيت الله حاجا وجاره جائع : يقول في ذلك: أبو العلاء المعرى :
أتزعم يا مغرور أنك ديّن * علىّ يمين الله ما لك دين
تسير إلى البيت الحرام تنسكا * ويشكوك جار بائس وحزين.
العوضابي
08-04-2011, 01:29 PM
(17)
((ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مغتا عند الله أن تقولا ما لا تفعلون. ))
في صباح يوم من الأيام خرجت من منزلي فوجدت جمهرة كبيرة أمام البقالة الملحقة بالمنزل, وعندما سألت علمت أن موظفة تابعة لمحلية الخرطوم طالبت صاحب البقالة بدفع العوائد المستحقة عليه فاعتذر الأخير وطلب منها تأجيله يومين أو ثلاثة حتى يتمكن من تحصيل ماله من ديون على الزبائن كالعادة في أول كل شهر, ... فعندها رفضت الموظفة وأمرت أحد المرافقين لها بأخذ الميزان الوحيد الخاص بالبقالة,..... وبهذه الوسيلة في ممارسة السلطة جرد هذا المواطن من الأداة الوحيدة التي تمكنه من تسيير عمله ومن ممارسة نشاطه كتاجر ومن ثم تحويله الى إنسان مقهور ومقلوب على أمره, ..... وعندها لم أستغرب لنوع التعليقات الكثيرة والمتنوعة من أهل ألحى:
* تقول امرأة كبيرة في السن: " والله حضرنا زمن الإنجليز وما شفنا ذي دا أبدا,.... دا نهب عديل. !!!!! * ويقول آخر: " ما هذا الذى يحدث أمامنا, كيف ينقلب موظف تحصيل الى: " خصم وحكم في آن واحد ألا يوجد قضاء بالدولة . " ؟؟؟ ... * .وتوالت التعليقات نسمع آخر يقول " هل نحن فعلا أمام دولة نظامية وحكومة تحتكم لدستور وقوانين عادلة منبثقة منه أم أمام: " ما يسمى حكم المافية "... لا تحتكم الاّ للقوة ولا شيء غير القوة. ؟؟؟؟ ..... وهنا تصدى لهم آخر قائلا: " يا إخوانا لا تظلموا الموظفة إنها مأمورة إنها تطبق التعليمات وللوائح التي تصدرها المحليات في هذا الشأن, .... صحيح أنها مخالفة ومجافية تماما للدستور الموقت ولكن ماذا في يد الموظفة اذا كانت حكومة الإنقاذ لا تريد الرجوع للحق بالتخلص من قوانينها الجائرة. ؟؟؟؟؟؟؟
وهنا عادت بي الذاكرة الى حوار قديم سبق واجري في العام 1983 مع الأستاذ والمحامى والنائب بمجلس الشعب آنذاك / على عثمان محمد طه – ( نائب رئيس الجمهورية حاليا) – جاء فيه سؤال عن رأيه في: " قانون الطمأنينة. " الذى أصدره الرئيس نميرى حينها يقول معبرا عن رأيه في القانون المذكور: " إن هذا القانون يتنافى مع المبادىء الدستورية هذا من ناحية, ومن الناحية الأخرى فانه يوسع من نطاق صلاحيات القوات النظامية (الجيش والشرطة)في منع التجمعات والتظاهرات بإتباع مراحل معينة في البت في هذه التجمعات, إذ يخول للبوليس استخدام كل الوسائل المتاحة للحد منها سواء باستخدام الغاز المسيل للدموع أو الضرب بالعصا فإذا عجز البوليس فان القانون يخول للجيش التدخل واستخدام القوة النارية إن أدى الأمر الى ذلك, .....وبذا يكون القانون قد جعل: ( كل السلطات التي بيد القاضي في يد قائد القوة النظامية أو البوليس, وفى هذا مساس لصلاحيات القضاء, بمعنى أن يكون: " الخصم هو الحكم. " ........ وهذا تعسف في استخدام واستعمال القوة. ) .......... وتابع قائلا: " أما الذين يقبض عليهم في تجمعات محظورة أو مشبوهة فان اجرآءت محاكمتهم طبقا لقانون الطمأنينة العامة تنتهك ثلاثة مبادىء :-
أولها : مبدأ تقديم المتهم الى محاكمة عادلة ووجود قاضى مختص ولكن القانون أبعد القاضي من المحكمة وأعطى السلطة لقائد القوة النظامية أو الشرطة , فيمكن للجندي أو الشرطي في أي رتبة أن يقبض على المتظاهر ويحاكمه فورا , !!!! وفى هذا انتهاك لحرمة القضاء وفى ذلك خطآن: ( الأول): أنه خالف اجراءت المحاكمة التي نص عليها الدستور والقوانين. و ( الثاني ) : إبعاد صلاحيات القضاء .
ثانيها : القانون ينص على فورية المحاكمة إذ يمكن محاكمة الجاني في نفس مكان وقوع الجريمة أو في ميدان عام أو مركز بوليس أو مركز مطافي مثلا ولا حق له في الدفاع عن نفسه إذ يحول القانون دون استخدام محامى أو شهود, .... وفى هذا محالفة لدستور البلاد.
ثالثها : تتم المحاكمة طبقا لقانون الطمأنينة العامة بصورة إيجازية, ..... وفى رأيي إن هذا من أكبر العيوب إذ أنه يحرم المتهم من حق الاستئناف كما يستشف ذلك من نص المادة (3) والمادة (14) من القانون, فليس من حق المتهم أن يستأنف أي حكم صادر عليه. " ...........انتهى.
وبعد عرض نص هذا الراى القانوني السديد كاملا من مصدره المنوه عنه أدناه لا يسعني الاّ أن أختم هذا العرض بالآية الكريمة من كلام رب العالمين: (( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون . )) صدق الله العظيم
المصدر كتاب: " القول الصادق عن الفجر الكاذب. " ... تأليف الأستاذ/ محمد وقيع الله
العوضابي
08-12-2011, 01:47 PM
(18)
هنرى كورييل : " يهودي مصري وأحد عتاة الصهائنة يرجع له قيام أول حزب شيوعي في مصر , والذي انبثقت منه بقية الأحزاب الشيوعية في المنطقة العربية.
ضرب الرؤؤس بالرؤوس: جاء في كتاب: " اليهود في المعسكر الغربي" تأليف السيد/ داوود عبد العفو سنقراط: " ..... عمل اليهود التأريخى كان ولا يزال وسيبقى: ضرب الرؤوس بالرؤوس تمهيدا لتحطيمها وبالتالي الاستيلاء على غنائمها والتحكم بمقدراتها عملا بالقول: " إذا تقاتل أسدان على فريسة كانت من نصيب الثعلب. "..... فمعظم حلبات سباق الخيل في العالم مثلا يشرف عليها اليهود ولكن ليس فيهم من يعتلى صهوة جواد واحد, ومعظم حلقات الملاكمة والمصارعة يشرف عليها اليهود ولكن ليس فيهم ملاكم محترف أو مصارع معروف, ومعظم علب الليل ونوادي القمار وأماكن اللهو يشرف عليها اليهود ولكن ليس فيهم من يخسر فيها فلسا واحدا, فهو بعيدا جدا عن سنابك الخيل وقبضات الملاكمين والمصارعين ولا يضع يده في جيبه إلا ليضع فيها لا ليخرج منها.... وهكذا الحال في سوق المبادى والحركات..... اليهودي يطرحها ولا يعتنقها وهو إن فعل ذلك فتظاهرا ليغرى الغير بذلك وليوجههم كيف يشاء وحيث يشاء وبهذا تحوصل اليهود تاريخيا ولم يذوبوا في غيرهم على الرغم من قلتهم.... أليس غريبا أن تصبح جميع شعوب الاتحاد السوفيتي شيوعية إلاّ اليهود فقد ظلوا يهودا يحلمون بالعودة إلى فلسطين !!!! وهم يهاجرون إليها فعلا, فليس غريبا إذا أن يوظف اليهودي الشيوعية والنازية والصهيونية في خدمته كما وظف الجوكى والملاكم والمصارع والمومس والمقامر والممثل في خدمته. .... لقد كان: ( كار ل ماركس ) حفيد الحاخام: ( مردخاى ماركس ) في روحه وفيما قام به فكرا وعملا وأسلوبا أشد أخلاصا لإسرائيل من كثيرين ممن يتشدقون اليوم بأدوارهم الصهيونية في قيام إسرائيل......."
من أقوال الفيلسوف المسلم جارودى: ".... فحين ينسى الإنسان الله وأحكامه يفقد المجتمع الانسانى إنسانيته وتتحول حياته إلى مجابهات بين أغراض القوة والمتعة ونمو الأفراد ونمو الأفراد والمجموعات والأمم, .... والى أنماط التوازن الذى يقوم بينها على الرعب. وقد أخذت الحضارة الغربية تشعر بإخفاقها سواء في مثالها الأمريكي أو مثالها السوفيتي – ( قبل انهياره )- فالعالم الثالث يموت بسبب افتقاره إلى الوسائل, بينما العالم الغربي يموت بسبب افتقاره إلى الغايات. "
علم النفس الفرويدى : كشف الدكتور صبري جرجس الذى عاش أكثر من خمسين عاما داعية لعلم النفس الفرويدى – أنه وجد – أن نصوص هذا العلم مأخوذة تماما من : " التلمود " ... ومن فكر يهود: لتهديم البشرية ولقد كان هذا المنهج مقدمة لتقنين الإباحية في الفكر الغربي باعتبار أن الجنس عملية بيلوجية لا علاقة لها " بالأخلاق " وأن الدين مسألة شخصية لا علاقة له بواقع الحياة, ....... لا ريب أن طرح مفاهيم المذاهب الاجتماعية الغربية واستمرار بثها عن طريق الصحافة والكتابة والإذاعة والقصص والمسرحيات والأفلام السينمائية من أخطر المحاولات التي ترمى إلى جعلها مسلمات في نظر الشباب المسلم وفى نظر الذين لم يحصلوا بعد على ثقافة إسلامية كاملة وأصيلة, .... والهدف من ذلك هو نفى القداسة عن الدين ونفى الثبات عن الأخلاق والتشكيك في قيمها ولهذا أثره الواضح في المجتمع ذلك الأثر الهدام للمسئولية الفردية والالتزام الأخلاقي وهو ما قدمته فلسفات: " داروين ونيتشة وماركس وسار تر ودوركائم " ....( من مقال للأستاذ / أنور الجندي م . الهدى 11-7-1986 )
الفرق بين المدارات والمداهنة : يقول الإمام ابن القيم : (1) المداراة: هي التلطف بالإنسان تستخرج منه الحق, أو ترده عن الباطل . (2) المداهنة: هي التلطف به لتقره على باطله وتتركه على هواه. فالمداراة لأهل الإيمان, والمداهنة لأهل النفاق. (من مقال : فن التعامل مع الناس فى ضوء الشريعة الإسلامية د. محمود نحاس مجلة الأمة أغسطس 1986)
العوضابي
08-19-2011, 01:39 PM
(19)
رتبة الصحابة (الإحسان) : روى عن أبو الدر داء رضي الله عنه قال: " إنما أخاف أن يقال لي يوم القيامة أعلمت أم جهلت يا أبا الدر داء ؟؟ ... فأقول علمت, فلا تبقى آية في كتاب الله تعالى آمرة أو زاجرة إلاّ جاءتني تطلب فريضتها, فتسأنىالآمرة هل أأتمرت ؟... وتسألني الزاجرة هل ازدجرت ؟؟ ..... فأعوذ بالله من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعاء لا يسمع. "
حديث في ألغيبه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم والغيبة فان الغيبة أشد من الزنا , فان الرجل يزنى ويتوب فيتوب الله سبحانه عليه , وأن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه. "
حديث قدسي : " أحب ثلاثة وحبي لثلاثة أشد : أحب الغنى الكريم وحبي للفقير الكريم أشد, .. وأحب الشيخ الطايع وحبي للشاب الطايع أشد, وأحب الفقير المتواضع, وحبي للغنى المتواضع أشد. وأبغض ثلاثة وبغضي لثلاثة أشد: أبغض الغنى المتكبر وبغضي للفقير المتكبر أشد, وأبغض الفقير البخيل وبغضي للغنى البخيل أشد, وأبغض الشاب العاصي وبغضي للشيخ العاصي أشد . "
من أقوال الإمام على كرم الله وجهه: " ثلاث هن راجعات إلى أهلها: المكر والنكث والبغي, ..... ثم تلا قوله تعالى: (( ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. )). وقوله تعالى: (( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه. ))... وقوله تعالى: (( إنما بغيكم على أنفسكم. ))
بنجامين فراكلين وتحذيره للشعب الأمريكي : هو أحد الزعماء البارزين في استقلال الولايات المتحد , له خطبة شهيرة ألقاها عام 1779 بمناسبة وضع دستور الولايات المتحدة جاء فيها: " هناك خطر عظيم يتهدد الولايات المتحدة الأمريكية وذلك الخطر العظيم هو خطر : " اليهود " ...... أيها السادة في كل أرض حل بها اليهود أطاحوا بالمستوى الخلقي وأفسدوا الذمة التجارية فيها,.... ولم يزالون منعزذلين لا يندمجون بغيرهم وقد أدى بهم الاضطهاد إلى العمل على خنق الشعوب ماليا كما هو الحال في البرتغال وأسبانيا. " ... وواصل قائلا: " .... إذا لم يبعد هولاء من الولايات المتحدة بنص دستورها فان سيلهم سيتدفق إلى الولايات المتحدة في غضون مائة... إلى حد يقدرون معه على أن يحكموا شعبنا ويدمروه ويغيروا شكل الحكم الذى بذلنا في سبيله دماءنا وضحينا له بأرواحنا وممتلكاتنا وحرياتنا الفردية.... ولن تمضى مائتا سنة حتى يكون مصير أحفادنا أن يعملوا في الحقول لإطعام اليهود على حين يظل هم في البيو تات المالية يفركون أيديهم مغتبطين..... اننى أحذركم أيها السادة إنكم إن لم تبعدوا اليهود نهائيا فسوف يلعنكم أبناؤكم وأحفادكم في قبوركم, .... إن اليهود لن يتخذوا مثلنا العليا ولو عاشوا بين ظهرانينا عشرة أجيال..فان النمر لا يستطيع إبدال جلده الأرقط., ..... وان اليهود خطر على هذه البلاد إذا ما سمح لهم بحرية الدخول, ... انهم سيقضون على مؤسساتنا وعلى ذلك لا بد أن يستبعدوا بنص الدستور. " .. انتهى
ملاحظة: يواصل الكاتب قائلا:
· دفعت أمريكا لدولة إسرائيل رسميا بين عام 1948-1971 ما معدله: 60000000 (ستون مليون دولار سنويا.)
· وبين عام 1973-1981 أنفقت ما مقداره: 18000000000 ( ثمانية عشرة مليار دولار.)
· أما في عامي: 1985-1986 فتقدر المساعدات المقدمة بحوالى:7000000000 (وسبعة مليار دولار. )
الأمانة مسئؤلية: " حمل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات مرة مال عظيم فقال: إن قوما أدوا الأمانة في هذا لأمناء. " فقال بعض الحاضرين: " انك أديت الأمانة إلى الله فأدوا إليك الأمانة, ولو رتعت لرتعوا. "....... إذا دارت حياة المسلم في فلك الأمانة صار صاحب ضمير يقظ متوقد لا ينفك عن مراقبة الحق عزّ وجلّ فيأتي الخير ويترك الشر ويحرص على تأدية واجبا ته الدينية والدنيوية, ... وبذا تجمل الحياة ويسعد الأحياء, وترقى الأمم وتهنأ المجتمعات. " ..... الحديث: " يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الكذب والخيانة. "
العوضابي
08-27-2011, 04:01 PM
(20)
أكبر الكبائر: روى الشيخان أنه صلى الله عليه وسلم قال: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين, وقول الزور. "
باب الحسنات : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى قال : " إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن همّ بحسنة ولم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة , وان هم بها وعملها كتب الله عنده عشر حسنات .. إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة, وان هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة... وان هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة. "...... فالمسلم عليه أن يزكى بالحسنة عن أعضائه فكل عضو عليه صدقة: العدل بين اثنين صدقة, وأن تعين الرجل في دابته فتحمله عليها صدقة, أو ترفع له عليها متاعه صدقة,.. والكلمة الطيبة صدقة, وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة, وتبعد الأذى عن الطريق صدقة, وفى الإنفاق على الأهل صدقة, وما أكل من غراسه صدقة, وما سرق منه صدقة, وما يرزق فيه أحد إلا كان له صدقة.
مفهوم الإعلام الاسلامى : " الإعلام في الإسلام هو فن إيصال الحقيقة إلى الناس بالقول الصادق والعمل الصالح دون كذب أو خداع , ... ولا يراد بالإعلام الاسلامى أن يدعوا لتأييد سلطة أو جاه أو قوة أو نفوذ,.... ولكن يراد به كلمة حق تقال:..... (( كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. ))...... كلمة تنير للناس طريق الحق وتهديهم إلى الأمانة والاستقامة والعدل. " ....... " والإعلام الاسلامى يستخدم في الوسائل الممكنة للوصول إلى جماهير الناس سواء الصحافة أو الإذاعة.......الخ. "
أدب المناقشة : السلوك الاسلامى في المناقشة : (1) الهدوء وخفض الصوت. (2) وليكن الهدف منها الوصول إلى الحق وحده ولا شيء سواه. (3) يجب التفريق بين الجدل وطلب الاستيضاح, فالأخير مطلوب لقوله صلى الله عليه وسلم: " الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها. " (4) أن يكون هدفه إظهار الحق والبعد عن الجدل بالباطل وطلب المغالبة به, ...... (( وجادلهم بالتي هي أحسن. )) (5) البعد عن ألمراء لحديثه صلى الله عليه وسلم: " من ترك ألمراء وهو مبطل بنى له بيت في ريض من رياض الجنة ومن تركه وهو محق بنى له بيت في وسطها ومن حسّن خلقه بنى له في أعلاها. "
كمال الإنسان : " ليس كمال الإنسان في أن يكون روحانيا ,... ولا هو بالطبع في أن يكون حيوانيا صرفا, .... وإنما كماله في أن يكون مزجا معتدلا ومستويا بين هذين " الطرفين ".. وبتعبير آخر: فان الله قد خلق خلقا هم عقول بلا شهوة وهولا هم: " الملائكة " ..... وخلق خلقا هم شهوة بلا عقول, هولاء هم: " الأبالسة " – إبليس وذريته - ثم جاءت النشأة البشرية : " شهوة ركب عليها عقل وامر بسياستها "........ والنفس العليا في هذه النشأة إنما هي النفس الخاضعة في شهواتها لمقتضيات العقل القوى المستحصد, ... وإنما جاءت الشرايع لتعين العقول على هذه القوة وعلى هذا الاستحصاد. "
عبد الناصر وفواد سراج الدين : الأخير هو العضو البارز في حزب الوفد ( المصري) ووزير الداخلية في الحكومة المنتخبة التي أطاح بها انقلاب عبد الناصر في رده على سوآ ل : " بصراحتك المعهودة هل تحمل حقد للرئيس الراحل عبد الناصر؟؟؟ .... جاء في رده: " ... أقسم لكم إن أي إساءة لشخصي أتساهل فيها وأنساها ولا أحمل غلا ولا حقدا بأي شخص مهما أساء لي, ... والإساءة لشخصي في عهد عبد الناصر حدثت فعلا والى أبعد مدى وعلى أسوأ صورة يمكن أن يتصورها إنسان إنما بالنسبة للإساءة لشخصي فليس في نفسي أي حقد لا على عبد الناصر ولا الرئيس السادات, ..... ولكن الإساءة التي تحز في نفسي ولا أنساها أبدا هي الإساءة التي تقع في حق بلدي, ... يعنى مثلا: المنظر الذى رايته في السجن الحربي عندما اعتقلت عام 1965 لن أنساها أبدا, .... لقد رائت على جدران السجن أثناء خروجي من الزنزانة أو العودة إليها: " رأئت رجالا يجلسون على قرافيصهم ووجوههم إلى الحائط وخلف كل ثلاثة أو أربعة يقف عسكري بالكرباج لضرب أي واحد يتحرك. " !!!!! هذا المنظر كان يبدأ من الساعة الثامنة صباحا حتى السادسة مساء, ..... هذا المنظر لن أنساه, ..... منظر مرعب فيه إهدار للآدمية, ...كيف أنسى هذا المنظر؟؟؟ . ".. وأضاف: " ثم ترى في السجن المعتقلين ذاهبين أو عايدين من غرفة التحقيق لا يستطيع أن يسير واحدا منهم على قدميه فهو إما زاحف على الأرض أو محمولا وليس واحدا منهم سليما, وعندما يخيم الظلام ترتفع أصوات الاستغاثة في جميع أرجاء السجن من هول التعذيب وكانت عمليات فظيعة تستمر حتى الفجر.!!!!!!! أنا لا أتحدث عن نفسي فقد ضربت بالكرباج ولا أحد من اسرتى أو معارفي يعلم ذلك حتى الآن. " ... وأضاف: " كيف يستطيع أي إنسان أن ينسى أو يتجاهل هذا الذى رآه, أو عندما أقرأ حيثيات حكم محكمة أمن الدولة في قضية: " كمشيس " ؟؟؟؟؟.... كيف ينسى عندما يأتون بكلاب بوليسية مدربة يدفعونها إلى هتك أعراض الرجال ؟؟؟؟ ؟؟.... هذه كلها إساءات في حق الإنسان المصري وحق مصر كلها لا يمكن أن تنسى, ..... نعم أنسى ضربي بالكرباج من عسكري كان وظيفته ضرب كل واحد يمر من أمامه وبدون سبب, !!!1 نعم أنسى سبي وسب أبى وأمى, ولكن الإساءة لبلدي ولمواطني إلى هذا الحد, فأنا أحتاج إلى قوة من عند الله حتى أستطيع أنساها. " .... (ج. الوفد العدد(4) 12/4/1984 )
العوضابي
09-15-2011, 05:33 PM
(21)
أول من أشار إلى علم الاقتصاد: " إن أول من أشار إلى علم الاقتصاد هو : سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال : " أمرني الله بتسع أوصيكم بها : (1) أمرني أن أصل من قطعني. (2) وأن أعطى من حرمني. (3) وأن أعفو عن من ظلمني (4) وأن يكون نطقي ذكرا. (5) ونطرى عبرا. (6) وصمتي فكر. (7) وأمرني بالعدل في الرضاء والغضب. (8) والإخلاص في السر والعلن. (9) " والقصد " في الفقر والغناء. "......
" القصد ": ( القصد هو حسن استقلال الموارد المتاحة ولو كانت بالقلة أو الكثرة. )
حديث شريف: " الطهور شطر الإيمان, والحمد لله تملأ الميزان, وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض, والصلات نور, والصدقة برهان, والصبر ضياء, والقرآن حجة لك أو عليك, كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها. "..... تأملات في الحديث: (1) " الصلات نور والصبر ضياء: " لأن الصبر روح الصلاة, فصلات بلا صبر خالية من الخشوع وإذا خلت الصلاة من الخشوع أصبحت جسدا لا روح فيه. " ....... رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا لا يطمئن في صلاته فقال: " لو مات هذا على ما هو عليه لمات على غير ملة محمد. " (2) الصدقة برهان: " لأنها دليل وبرهان على صدق المؤمن مع الله , ..... فالمال شقيق الروح فمن جاد به فقد جاهد نفسه وأرضى ربه:
النفس تجزع أن تكون فقيرة * والفقر خير من غنى يطغيها
وغنى النفوس هو الكفاف وان أبت * فجميع ما في الأرض لا يكفيها
حديث: " عجب لأمر المؤمن, إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلاّ للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له, وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. "..... (3) الصبر ضياء: " فان في ضوئه تتكون " البصيرة "... ومع البصيرة تكون: " الحكمة ".... والحكمة: ( علم غزير وعمل موفق ورأى صائب.).... والبصيرة: هي القدرة على النفاذ إلى الأشياء ومعرفتها وحسن تقديرها والقدرة على التصرف فيها. قال تعالى: (( أدعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والمؤعظة الحسنة. )) كما قال: (( هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني. ))..... وهما بمعنى التمييز بين الحق والباطل والصواب والخطأ عن طريق الإحساس أو الوجدان من هبات الله سبحانه وتعالى: (( يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا . )).... ولأن الحكمة هي نفاذ البصيرة إلى سنن الحوادث ومجريات الأمور واتفاق العمل والتصريف دون صدام مع قوانين الظواهر في ظروف العصر الذى تواكبه: فهي لدى الفقيه: القدرة على استنباط التشريعات والأحكام اللازمة في ميادين الحياة المختلفة حسب الظروف والأحوال. وهى لدى المربى: فهم مبادىء التربية وأهدافها ومناهجها وأساليبها وإتقان التعامل بذلك . وهى لدى الإدارة: حسن تصريف الأمور. وهى لدى القيادة السياسية: حسن التخطيط والتنفيذ في الداخل والخارج. وهى لدى الأمة : إدراك معنى وجودها وإجادة تنظيم هذا الوجود ووضعه برمته ومقدراته في خدمة الأهداف السامية للوطن . وبالتالي فان الحكمة هي فهم كل فرد أو جماعة من الأمة لدوره وإتقان أداء هذا الدور طبقا لهذه المقاييس ومتطلباتها.
الخميني- والشيخ النخشبندى : " يقول الزعيم الديني الايرانى الشيخ النقشبندى عن الإمام " الخميني" : " ..... عندما استلم الخميني السلطة أرسل لي بعثة خاصة يطلب منى التأييد, وقد حاول عملاءه رشوتي وقالوا انه يعرض على الذهب والامتيازات وما شاكل ذلك, وكان علىّ مقابل ذلك أن ألتزم الصمت." ..... يقول في سبب إعلان المعارضة: " إن ما يحدث الآن –( أيام حكم الخميني )- هو تهديد مباشر لعقيدتنا الإسلامية إذ أنه عمل على وضع دين جديد : " الإرهاب والخوف والكراهية والانتقام والتوافه والقسوة والخداع. " ..... لذا فان من واجبي أن أتحدث وأن أعمل على إنهاء حكمه إذ لم يعد في وسعى السكوت وأنا أرى عملائه يقتلون الناس بغير سبب على الإطلاق وينفذون حكم الإعدام في النساء الحوامل, وعندما يسرقون ممتلكات الناس ويشوهون صورة الإسلام في العالم كله ." ..... ويضيف قائلا: " إذا تركت الأمور تسير على ما هو عليه الآن فقد يؤدى ذلك إلى: " ردة الحادية " ... فان البلاد سوف تتردى أكثر فأكثر في هذه الفوضى والدماء والدمار وكل هذا يتم باسم الإسلام, ..... لذا فان الذين ينشئون في هذا الجو سوف تكون لهم ردود فعل سلبية, ولذلك سوف يبدو الرجل: ( الخميني ) في صورة الذى مهد السبيل لنجاح العقائد الإلحادية في دار الإسلام. "...... يواصل: " ... لقد تحدثت مع الذين عرفوه خلال إقامته في منفاه في العراق فهو لم يقم بزيارة واحدة للأماكن المقدسة, ولم يتحدث إطلاقا مع المتدينين بل كان دائما يشارك في المؤامرات السياسية, وهو لم يساعد الفقراء إطلاقا ولم يكن يرد على تحيات الأشخاص العاديين ولم يحرك ساكن لحماية رجال الدين عندما كانوا في حاجة إلى حماية, ... ولقد عرفت كل ذلك من كلام الشخصيات الدينية الموثوقة في النجف التي عاش فيها سنوات كثيرة. !!!! ( المجلة 18-12-1982 )
حديث نبوي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من ذنب أحرى أن يعجل الله تعالى عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم. "
العوضابي
09-28-2011, 04:37 PM
(22)
الفكر الاقتصادي المعاصر: (ا) " غونار ميردال. " : " هو عالم سويدي يعد من أبرز علماء الاقتصاد في القرن العشرين , حاز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية كما يتميز بأنه واحد من أبرز من استطاع الغوص في أعماق مشكلة التخلف التي يغرق فيها العالم الثالث اليوم ."..... كتابه: ( عملية النمو. ) (ب) " محبوب الحق. " : " هو أحد علماء الاقتصاد في العالم الثالث: " باكستاني. ".... له دور كبير في الدعوة لتحرير دور الاقتصادي من مجرد مأمورا لأداء خدمة محددة وليس له رأى غير تنفيذ مآرب: " السياسي. " دون مناقشة وذلك حسب التصور التقليدي لعلماء الاقتصاد... إلى دورمغائر تماما يستند عل النظرة الجديدة لعلم الاقتصاد باعتباره: " علم أخلاقي " يقوم على مبادىء قيمية واضحة.
مقارنة بين الفكر الاقتصادي: ( التقليدي/ المعاصر. ): (أ) الفكر التقليدي: " الاقتصاد في الاتجاه التقليدي لا تثير اهتمامه إلا حركة الأشياء وكيفية تطويرها بغض النظر كليا عما يمكن أن تقود إليه هذه الحركة من انعكاسات على حيات الإنسان والمجتمع فهم لا يعنون إلا بمشكلة: " الندرة " والاختيار بين الاستعمالات البديلة لوسائل إشباع الرغبات المتعددة, المتنافسة فلا يعنى مثلا بم إذا كانت هذه الوسائل النادرة سلعا نافعة أو ضارة من الوجهة الصحية: ( المشروبات الروحية)... أو ما إذا كانت سلعا محرمة أو غير محرمة بمقتضى القانون: ( المواد المخدرة ) أو ما إذا كانت دوافع السلوك الاقتصادي للفرد والجماعة تتفق أو تتنافى مع المبادىء الأخلاقية القويمة : ( كالجشع – المخادعة – الانتهازية في عمليات المبادلة..... الخ )..... فهذا التمييز بين ما هو أخلاقي وما هو غير أخلاقي في أي سلوك اقتصادي لا يدخل في دائرة اختصاص: " العالمالاقتصادي ز " ..... فهو اخصائى في وسائل تحقيق الأهداف لا في اختيار هذه الأهداف.... فلنفترض مثلا عند إعلان الحرب بقرار سياسي فهنا ما على الاقتصادي إلا أن يلبى نداء السياسي ليسدى إليه النصح في كيفية تحقيق الهدف من الناحية الاقتصادية ولا غبار في أن يأخذ هذه الأهداف على علاتها ويسلط عليها: " أدواته التحليلية المعروفة " ليستخلص من ذلك الطريقة التي يمكن إتباعها في سبيل تحقيق هذه الأهداف. ..... وهذا الاتجاه يعبر عن الواقع القايم الآن في كثير من الدول... فهذه تمثل حقيقة العلاقة بين علم الاقتصاد والعلوم الأخرى... فلا مناص من تجريد الاقتصادي من أي صفة أخرى سوى أنه عالم اقتصادي لا يعنى إلا بمجال دراسته. (ب) الفكر المعاصر: (1) يقول ميردال: " أن من الضروري في كل بحث اقتصادي أن نعمل من البداية وحتى النهاية بمبادىء : " قيمية واضحة. " .... يقول أيضا: " أما فيما يتعلق بدراسة مشاكل البلدان المتخلفة فاننى أعتقد أننا قد أسأنا معالجة هذه القضايا وقد تجنبنا بوجه خاص الاهتمام بحاجة هذه البلدان في إصلاحات جذرية تدعو إلى المساواة: ( كشفت دراساتي عن أنها ضرورية من أجل تطوير سريع منتظم تصحبه زيادة في الإنتاجية. " )...... وبتابع قيلا : " إن هدف التنمية يجب أن ينظر إليه على أنه هجوم انتقائي على أكثر أشكال الفقر سوءا كما أن أغراض التنمية يجب تعريفها من زاوية الخفض المتصاعد والإلقاء الفعلي لسوء التغذية , والمرض , والأمية , والفقر المدقع, والبطالة , ومظاهر عدم المساواة ,....... فقد تعودنا أن نعتني بنا تجنا القومي الاجمالى باعتباره سيؤدى إلى العناية بالفقر فدعونا الآن نعتني ونهتم بمضمون الناتج القومي أكثر من اهتمامنا بمعدل زيادته. "...... (2) يقول محبوب الحق: " لقد علمنا التأريخ درسا واحدا على الأقل هو أن الفقراء والضعفاء يتعرضون للاستغلال ما لم يكونوا منظمين, ولا يستثنى من ذلك نظامنا العالمي الراهن فكثيرا ما رئتا فقرنا وضعفنا يستغلان باسم: ( مبادىء عظيمة طنانة. )....... وبتابع قايلا: " لقد كان ابن خلدون أول عالم يبحث في الاقتصاد من منظور: ( اجتماعي أخلاقي. ).... فقد كان أول من طرح نظرية القيمة في العمل أي نظرية الإنتاج والتوزيع العلمية التي تقول: إن جميع القيم هي من إنتاج العمل الانسانى حصرا ولذلك فقد رفع شأن المنتجين وخفض وأذل شأن الطفيليين الذين يقتصر دورهم على شفط المداخيل واستهلاك ما ينتجه الآخرون, وما أحوج أي نظرية في التنمية إلى: " علم العمران الخلد ونى " الذى يتزين بهذا الموقف الأخلاقي العلمي السامي, ..... وإذا كان الخروج من دائرة التخلف لا يمكن أن يتم بصورة عفوية ولا بمعونة من الخارج وإنما بجهود ذاتية إرادية واعية, ........ أفلا يدعوا ذلك إلى التفكير في الأسس والمبادىء التي تنطلق منها وتهتدي بها عملية التنمية الحقيقية. "....( عارف دليلة –م. العربي 8/1982 )
العوضابي
10-21-2011, 01:28 PM
(23)
هتلر واليهود: هتلر هو خير من يحدثنا عن دور اليهود في ألمانيا بصورة خاصة وفى العالم بصورة عامة يقول: " في حداثتي كنت أعنبر يهود بلادي مواطنين لدرجة أنني وبخت صديقا لي لأنه أهان تلميذا يهوديا لسبب يهود يته وظلت هذه نظرتي في اليهود حتى انتقلت إلى فينا وبدت لي اليهودية على صورتها الحقيقية ولقد زاد اهتمامي بالمسألة اليهودية اثر ظهور الحركة الصهيونية وانقسام يهود فينا إلى فئتين: فئة تحبذ الحركة الجديدة وفئة تشجبها إلا أن انقسامهم هذا كان ظاهريا لم يؤثر في التضامن القائم بينهم مما حملني على الاعتقاد بأن انقسامهم هذا متفق عليه فيما بينهم وأن يلعبون لعبتهم وهى لعبة سدادها الكذب ولحمها الرياء مما يتنافى والطهارة الخلقية التي يزعمونها لأنفسهم تلك الطهارة التي تضطرني إلى أن أسد أنفى كلما التقيت بأحدهم : " لأن الرايحة المنبعثة من أدرانه تنم عن العداء المستحكم بينه وبين الماء والصابون ," .... إلا أن غزارتهم المادية ليست شيئا مذكورا إلى غزارة: " أخلاقهم ونفوسهم ," ... لقد تبين لي أن اليهود يتزعمون الحركة الاشتراكية الديمقراطية ويسيطرون على صحفها فهي ضد الأمة لأنها تزعم أن الأمة من صنع الطبقة البرجوازية فهي ضد الوطن لأنها تزعم أن الوطن ليس أداة لاستقلال الطبقات الكادحة وهى ضد المدرسة لأنها تزعم أن المدرسة إنما أنشئت لإعداد الأرقاء وضحايا الحروب التي يشنها المستغلون وهى ضد الدين لأنها تزعم أن الدين ليس إلا وسيلة لتخدير الشعب وإضعافه. " ( من كتاب: اليهود في المعسكر الغربي تأليف: داود عبد العفو سنقراط)
الصدق: سئل أكرم خلق الله على الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: " يا رسول الله: أيسرق المؤمن. ؟؟؟ ....... قال: " ربما..... أيزن المؤمن ؟؟؟ .... قال: ربما .... أيكذب المؤمن ؟؟؟؟...: قال : " لا " ....... أليس عجب أن نرى الكذب متشربا ومنتشرا بين أتباع أصدق القائلين بعد الله: " الحكام يكذبون على شعوبهم وتلك الشعوب تعامل حكامها بالمثل وتنافقهم, ... ثم هم كأفراد يكذب بعضهم على بعض - إلا ما رحم ربك - أهولاء أتباع محمد ( صلى الله عليه وسلم. ) أم هم حملة شهادات ميلاد تنسبهم زورا وبهتانا ل. " محمد ".. ودين " محمد "
الإرهاب : (هو الدائرة الجهنمية للصهيونية : ) "....... أود أن أقول إننا مستهدفين من أعداء الحق والدين: - ( طائفة اليهود. )- التي نذرت نفسها لتحطيمنا وتحطيم عقائدنا: ( مسيحيين ومسلمين ).... إن المسلم لا يجوز له بأي حال من الأحوال استعمال الأعمال الإرهابية لأن...... ذلك ليس من مخططات الإسلام ولا من مفهوم التعامل مع الناس كافة...... هولاء الإرهابيون من أي لون أو جنس ينبقى أن ينالوا أشد العقوبات لخروجهم عن الحق والعدل فهولاء ما هم إلا قطاع طرق " ويواصل: " ...... إن هذه الحوادث التي يقوم بها بعض الأفراد والتي تمثل صورا من الإرهاب والتخريب لا تمت ولا تعبر عن حكم الإسلام ولا ينبغي أن يؤخذ الإسلام بجريرة أفراد غرر بهم آخرون لعدم فهمهم لشريعة الإسلام "" ..... ويواصل: " .... الشريعة ليس فيها إرهاب..... فالإرهاب جاء نتيجة لضياع الإنسان عن منهج الله وبعده عن الهدف العظيم الذى يجب أن يلزمه وهو: عبادة الله وحده وتحكيم شرعه دون سواه..... إن الإرهابيين ينهجون نهجا منحرفا إذا أرادوا التعبير عن شيء يريدونه عن طريق البطش وهم بذلك يتسببون في نشر الذعر وسفك الدم ونهب الأموال فيكونون بهذا قد ضلوا وفعلوا ما لا تقبله الفطرة السليمة. ( بتصرف من الحلقة(3): مسلسل الإرهاب... جريدة المسلمون الدولية 28/2/1987 )
شيمة الطغاة فى الحكم: " ..... إن شيمتهم الاستبداد التام والسلطان المطلق وفى سبيل ذلك يرتكبون كل جريمة وموبقة, وديدنهم هو الغدر ولا يستعينون إلا ببطانة السوء من النهازين الغادرين ليعينوهم على الظلم, ولا مكان بينهم لإنسان محسن مستقيم طموح, وهم يجمعون حولهم أشباه الرجال من الأصول الخسيسة ويكونون حرب على أصحاب الشيم الحميدة والأصول الطيبة, .... وبذلك يستشرى الفساد ويكثر الظلم وتكسر عناصر وحدة الأمة وتوهن قوتها وتصبح لقمة سايقة للأعداء والمتربصين بها. "
الطرق المشروعة لكسب المال الحلال: المال هو عصب الحياة ووسيلة لتبادل المنافع بين الناس والحلال منه هو ما جمعه الإنسان نتيجة جهده في الحياة وسعيه وإتقانه لعمله ومراقبته لله وقد أدى وراعى حق الله وحق المجتمع فيه, أما المال الحرام هو ما يكسبه الإنسان بوسائل متعددة وطرق ملتوية مثل: " عمليات الاحتكار والسرقة والرشوة وإنقاص الكيل وهى حالة ينظر فيها للمال وكأنه: " غاية " في حد ذاته أو هو الغاية من الحياة وهو قوام البشرية وبقدر ما يملك الإنسان من مال يكون درجة احترام الناس وتقديرهم دون اعتبارالى كونه جمع بوسا يل غير مشروعة: ( الغاية تبرر الوسيلة. ) وأصبح هذا الوضع مرتعا للأمراض الاجتماعية وساعد على انتشر كافة الرزايل والموبقات مثل: خراب الذمم والقش والكذب..... الخ.
العوضابي
11-02-2011, 10:03 PM
(24)
أفضل الكلام : عن أبى المنذر الجهنى رضي الله عنه قال: " قلت يا رسول الله علمني أفضل الكلام , قال : " يا أبا المنذر قل: لا اله إلاّ الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيدك الخير انك على كل شيء قدير مئة مرة كل يوم , فانك يومئذ أفضل الناس عملا إلاّ من قال مثل ما قلت , ... وأكثر من قول: سبحان الله والحمد لله ولا اله إلاّ الله ولا حول ولا قوة إلاّ بالله, فإنها سيدة الاستغفار, وإنها ممحاة للخطايا موجبة للجنة. "
أنواع الكفر: الكفر على أربعة أنواع هي:-
(1) كفر إنكار: فهو ألاّ يعرف الله بالقلب ولا يعترف باللسان. (2) كفر جحود: هو أن يعرف بقلبه ولكن لا يقر بلسانه ككفر " إبليس " وكفر اليهود بمحمد صلى الله عليه وسلم من هذا القبيل, قال تعالى: ((فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به. )) أي جحدوا. (3) كفر نفاق: هو أن يقر باللسان ولم يعتقد بالقلب. (4) كفرا لعناد: هو أن يعرف الله بقلبه ويعترف بلسانه ولكن لا يدين به ولا يكون منقادا ومطبقا له ككفر أبى طالب فانّه قال:
ولقد علمت بأن دين محمد * من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة * لوجتنى سمحا بذاك مبينا
ودعوتني وعرفت أنك ناصحي * ولقد صدقت وكنت فيه أمينا
حديث شريف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أزل عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدر على نصره , أزله الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق. "........ وقال أيضا : "من ردّ عن عرض أخيه بالغيب كان حقا على الله أن يرد عن عرضه يوم القيامة . "
مفهوم القتال فى الاسلام : إذا كان مفهوم القتال عند غير المسلمين هو : " هو الحرب لا تعرف الرحمة . " ....... أي إنها تقوم على الثأر, والانتقام والابادة......الخ, ... فان الإسلام لا يقر ذلك, إذ أن أساليب القتال في الإسلام يجب أن تخضع للضوابط المضمنة في النصوص الشرعية, أى بم يتفق مع القرآن والسنة , ....... فالأخلاق العسكرية الإسلامية تترفع عن ذلك كله وتقوم على مبادئ الشريعة: (1) من القرآن : (( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين . )) (( ولا تزر وازرة وزر أخرى. )) (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله. ))
(2) من السنة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه قال: " انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا تقتلوا شيخا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة ولا تغلوا. " .... وفى رواية: " ....... لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع. " ... (3) التطبيق العملي:
وصية سيدنا أبوبكر رضي الله عنه لقائده للشام: " أوصيك بعشر خلال: لا تقتل امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما, ولا تقطع شجرا مثمرا, ولا تخرّب عامرا, ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلاّ لمأكله, ولا تعقر ن نخلا ولا تحرقه, ولا تغلل ولا تخوننا. "..........فالإسلام لا يعرف بأي حال من الأحوال استعمال الأعمال الإرهابية, لأن ذلك ليس من مخططاته الحربية ولا من مفهوم التعامل مع الناس كافة, فالمسالمون لا يجوز شرعا ولا عقلا ولا إنسانية الاعتداء عليهم, .......... هولاء الإرهابيون من أي لون أو جنس الذي يستعملون وسائل شتى للأعمال الإرهابية مثل: وضع العبوات المتفجرة لنسف المباني والمنشآت المدنية الكثيفة السكان, أو في الأماكن العامة التي يغشاها كثير من الناس لقضاء مصالحهم كمطعم أو مقهى أو مكتب من مكاتب الحجز والسفر أو خطف الطائرات المدنية التي تنقل الركاب من أجناس مختلفة من الشيوخ والرجال والنساء والأطفال... الخ.... إن ذلك وغيره أمر لا يقره الإسلام لأنه يتنافى تماما مع ما جاء في النصوص الشرعية, ........ إذ يؤدى ذلك إلى تخريب العامر وقتل من لا يجوز قتلهم شرعا, وترويع الأمن الذى حرّمت من أجله الحرابة وقطع الطريق. "
السبع الموبقات : (1) الشرك (2) السحر (3)قتل النفس (4) الربا (5) أكل مال اليتيم (6) تولى يوم الزحف (7) رمى المحصنات .
من أقوال العرب : " إن الكريم إذا أوعد عفا, وإذا وعد وفى. ".......... وقال أحدهم هذا شعرا:
وأنى إذا أوعدته أو وعدته * لمخلف ايعادى ومنجز موعدي
الكاتب:
" ما من كاتب إلاّ سيفنى * ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء * يسرك فى القيامة أن تراه
معاني كلمات : (1) العلم : " قضية مجزوم بها وهى واقعة في الوجود وتستطيع أن تدلل عليها . " (2) التقليد: " قضية مجزوم بها وهى واقعة ولا يوجد عليها دليل. " (3) الجهل: " قضية غير مجزوم بها وغير واقعة وليس عليها دليل. (4) الوهم: قضية مجزوم بها وغير واقعة.
صلة الرحم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من ذنب أحرى أن يعجل الله تعالى عقوبته في الدنيا مع ما يدخّر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم. " .......... وقوله أيضا: " إن الرحم معلقة بالعرش وليس الواصل المكافىء , ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها. "
العوضابي
11-21-2011, 11:56 PM
(25)
أفضل الفضائل : " لا كنز أنفع من العلم , ولا مال أربح من الحلم , ولا حسب أوضع من الغضب , ولا قرين أزين من العمل , ولا رفيق أشين من الجهل , ولا شرف أعز من التقوى , ولا كرم أوفى من ترك الهوى , ولا عمل أفضل من الفكر , ولا حسنة أعلى من الصبر , ولا سيئة أخزى من الكبر , ولا دواء ألين من الرفق , ولا داء أوجع من الخرق , ولا رسول أعدل من الحق , ولا دليل أنصح من الصدق , ولا فقر أزل من الطمع , ولا غنى أشقى من الجشع , ولا حياة أطيب من الصحة , ولا معيشة أهنأ من العفة , ولا عبادة أحسن من الخشوع , ولا زهد خير من القنوع , ولا حارس أحفظ من الصمت , ولا غائب أقرب من الموت . "
الحلم : " الحلم فضيلة سامية , وخلق رفيع , وخلة لازمة لصفوة الله من خلقه وخيرته من عباده من : أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. "
أسبابه : من أسبابه :
· الرحمة للجهال واعذارهم, قال أبو الدر داء رضي الله عنه لرجل أسمعه شتايم: " يا هذا لا تغرق في سبنا وأجعل للصلح موضعا فانا لا نكافىء من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله عزّ وجل فيه. "
· القدرة على العفو وذلك من سعة الصدر وحسن الثقة, وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا قدرت على عدوك فأجعل العفو شكرا للقدرة عليه. "
· الترفع عن السباب وذلك من شرف النفس وعلو الهمة, كما قال الحكماء: " شرف النفس أن تحمل المكارة كما تحمل المكارم. "
· الترفع عن المسيء, ومما يذكر أن رجلا شتم ابن " هبيرة " فأعرض عنه فقال له الرجل : إياك أعنى . !!! فردّ عليه: " وعنك أعرض. !!!!! "....... وأكثر رجل من سبّ " الأحنف " وهو لا يجيبه, فقال الرجل (في نفسه) : ما منعه من جوابي إلاّ هواني عليه واستحى . "
· الاستحياء من جزاء الجواب, وهذا يكون من صيانة النفس, وكمال المروءة, ....... يقال في ذلك: " احتمال السفيه خير من التحلي بصورته, والإغضاء عن الجاهل خير من مشا كلته. "
· الكرم وحسن التأفف, وقد قيل للاسكندر المقدوني إن فلانا وفلانا ينقصانك ويصيبانك فلو عاقبتهما, ..... فقال: " هما بعد العقوبة أعذر في تنقصي وثلبى, فكان هذا تفضلا منه وتأففا, .... وحكى أن على بن أبى طالب رضي الله عنه قال لعامر بن مروة الزهري: " من أحمق الناس ؟؟ .... قال من ظن أنه أعقل الناس, ... قال: صدقت,.. فمن أعقل الناس ؟؟ ... قال: " من لم يتجاوز الصمت في عقوبة الجاهل. "
· الأسباب الدينية الباعثة عليه:
· أن يذكر الله تعالى عند الغضب فيدعوه ذلك إلى الخوف منه ويبعثه على الطاعة له فيرجع إلى أدبه فعند ذلك يزول الغضب, قال تعالى: (( وأذكر ربك إذا نسيت. )).... قال عكرمة: " إذا عصيت. "
· أن يتذكر ما يؤول إليه الغضب من الندم ومذمة الانتقام, قال الحكماء: " الغضب على من لا تملك عجز, وعلى من تملك لؤم. "
· أن يتذكر ثواب الحلم فيقهر نفسه عن الغضب رغبة في الجزاء والثواب, وحذر استحقاق الذم والعقاب, .... جاء في الأثر: " الخير في ثلاثة خصال فمن كنّ فيه فقد استكمل الإيمان: من إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل, وإذا غضب لم يخرجه غضبه من حق , وإذا قدر عفا . "
وقد رغب الإسلام في الحلم والاعتصام بحبله, والعيش في وارف ظلّه لأنه إرادة ايجابية لمكافحة الشر, وتفادى الأزمات. ........ حيث أن أدوا الداء وأنكي الأمراض: تسرع وتحفز إلى الانتقام, وتحجب منافذ الفكر, وتقتل الحكمة, ..........عندها تكون القوة الجسمية أو السلطان سلاحا بتارا في يدي مجنون, تزهق به النفوس, وتتطاير به الرؤؤس دون ما وعى أو إدراك."
العوضابي
12-09-2011, 04:13 PM
(26)
أعرف عدوك كي تتجنب مخازيه : عندما أصدر الدكتور/عبدا لله التل رائعته الشهيرة تحت عنوان : " جذور البلاء. " لقي صدا ورواجا عظيما عند القارىء العربي, فتناولته نخبة من قادة الفكر والعلم والسياسة بالإشادة والنقد الباني , ومن ضمن هولاء العالم العلامة الدكتور / إحسان حقي الذى أبدى رأيا سديدا يقطر كله أخلاصا وحرقة ووطنية صادقة , ... نورد هنا نصه كاملا يقول الكاتب:-
" وكأني بكم وأنتم تظهرون مساوئ اليهود واليهودية تريدون أن تستنتجوا أن بلاء المسلمين من اليهود ,..... وهذا ما لا أوافق عليه وإذا جاز لي التشبيه أقول: إن اليهود مثل: " إبليس, " أمة شريرة بعقيدتها, شريرة بأخلاقها, شريرة بمجتمعها,, شريرة بتفكيرها , شريرة بمكرها..........ولكن هل هذا السبب فيما نحن فيه ؟؟؟ هل كون اليهودي شريرا يستلزم أن يكون المسلم أو غير المسلم غارقا في البلاهة والسفاهة والحماقة والجهل ؟؟ هل كون اليهودي شريرا يقضى علينا نحن المسلمين أن نكون أغبياء ننقاد إلى حتفنا كما يقاد الثور إلى الذبح ؟؟ .... إننا لا نستطيع أن نطلب من اليهودي أن يكون غير يهودي, كما إننا لا نستطيع أن نطلب من الذئب أن يكون حملا ومن الضبع أن يكون غزالا ولا أن نلوم الحية لأنها تلدغ أو العقرب لأنها تلسع بل علينا أن نعرف طبيعة الأشياء من حولنا والمخلوقات ونتجنب الخبيث منها .
هل كون اليهود أشرارا يمنعنا من أن نتكتل لنحمي أنفسنا من شرورهم ؟ هل كون اليهود أشرارا يحول بيننا وبين أنفسنا أن نكون شعبا متماسكا أو آمة متراصة ؟ هل كون اليهود أشرارا يقضي علينا أن نكون عميا فلا نري الأمور علي وجهها ؟ هل كون اليهود أشرارا يحتم علينا أن نصم آذاننا عن قول الحق ؟ هل كون اليهود أشرارا يعيقنا عن أن نكون منظمين أو يمنعنا من النهوض؟ اني لا اعتقد هذا قط، ولا اسلم بان بضعة ملايين من الأشرار يستطيعون أن يؤثروا في توجيه مئات الملايين إذا كانوا صالحين ، اللهم إلا أن تكون هذه الملايين لا تصلح إلا للخضوع والخنوع وهذا ليس بشان المسلم .
لقد أحسنتم أيها الأخ في تبيان هذه الحقائق وجزاكم الله عن الأدب والعلم خيرا ولكن إظهار هذه الحقائق لا يعني المسلم أكثر من معرفته بان الذئب شرس والأسد يفترس والعقرب حشرة سامه وكما أن هذه المخلوقات لا تضر إلا من لم يحترس منها فان اليهودية لا تضرنا أيضا لو كنا مسلمين حقا، فجذور بلائنا في أنفسنا وفي أعمالنا وفي تفكيرنا .
إن جذور بلائنا كامنة في إهمالنا أمور ديننا، في جهلنا، في غباوتنا، في عدم تنظيمنا، في اتكاليتنا الكاذبة، في حماقتنا، في غرورنا، في جهلنا وجهل الذين نصبوا أنفسهم لقيادتنا.....
لقد وضع اليهود لأنفسهم برنامج عمل للنهوض يرجع تاريخه إلي مئات السنين إذا لم اقل آلاف السنين واخذوا يحققونه خطوه بعد خطوه حتى خلقوا من هذا الشعب الحقير الذليل المجرم ما يرهب العالم، فماذا فعلنا نحن ؟ قد يقول ألحمقي : إن اليهود يسيطرون علي صحافة العالم ووكالات أنباء العالم ودور نشر العالم ومصارف العالم ووسائل الدعاية العالمية ......الخ الخ ولذا فإنهم يستطيعون أن يقر روا وان ينفذوا.
وأنا أقول: قد يكون كل هذا صحيحا أو أكثره صحيحا، ولكن لماذا انتم، أيها المسلمون ، لا تكونون المسيطرون علي كل هذا وعلي أكثر منه ؟ هل ينقصكم المال وانتم اغني أهل الأرض ؟ هل ينقصكم العدد وانتم تملاون الكون ؟ هل تنقصكم الخبرة وفيكم كثير من العلماء المرموقين الذين تستعين بخبراتهم منظمات الأمم المتحدة ؟ هل ينقصكم الدليل وعندكم كتاب الله الذي رفع آباءكم الأولين بما يشبه الإعجاز ؟ فهل يلام اليهود علي تأخر المسلمين أم يلام المسلمون أنفسهم الذين لم يعودوا مسلمين إلا اسما ؟
ارني، يا أخي : " هرتزلا " فى المسلمين المتأخرين وإذا وجد ارني نجاح رسالته ؟ ارني وزيرا مثل موشي ديان يحرز هذا النصر العظيم ثم يظل جنديا يأتمر بأوامر حكومته ؟ ارني زعيما مثل بن غور يون يترك الوزارة لكي يذهب إلي الكيبوتز ليعيش مثل أي فرد من أفراد الشعب . هولاء الذين اقتدوا بأعمال مثل أعمال الصحابة - (في التجرد ) – هم الذين غلبونا وليسوا يهود التوراة والتلمود..
إن المسلمين لم يتأخروا لان اليهود أشرار ، فالسليم لا تضره معاشرة السقيم اذا احترز من المرض، بل تأخروا لانهم نبذوا تعاليم دينهم ، ارني زعيما صادقا في المسلمين يشبه السلف الصالح او جنديا يشبه بن الوليد او حاكما يشبه عمر بن عبد العزيز او قاضيا يشبه عليا . لقد تأخرنا حين انقلبنا علي أعقابنا فالزعيم عندنا يطلب الزعامة لينال بها جاها ، والجندي لا يكاد يبلغ رتبة ملازم حتي يفكر بالانقلاب والحاكم وان شئت فسمه وزيرا لا يترك كرسي الوزارة بعد شهور من جلوسه عليه الا ويكون قبر الفقر وبني القصر ثم اخذ يوزع ألقاب الوطنية والإخلاص علي الناس .
ان مفكرينا يموتون وهم أحياء وإذا لم يقتلهم العدو تبرعنا نحن وتطوعنا لقتلهم وإذا ساعد أحدهم الحظ ودون أفكاره في أوراق مات وماتت أوراقه معه إذ لا يطالعها أحد ، ونحن نسير وراء دجالين كذابين مرائين يعيشون علي أشلائنا ونحن نرفع لهم المنائر ونعقد علي طاعتهم الخناصر.
إننا ، ايها الأخ الكريم ، في حاله لاتسر صديقا ونحن أموات غير أحياء ، فإذا لم نبعث بعثا جديدا ونخلق خلقا قويما فلن تقوم لنا قائمه ولا يكون هذا ذنب اليهود بل هو ذنبنا . إننا لا نستطيع نطلب من عدونا ان يكون لنا صديقا بل علينا ان نطلب صداقة انفسنا قبل صداقة أعدائنا فنحن أعداء انفسنا .
إننا بحاجة الي النهوض في نطاق برنامج مدروس وبحاجة ان نتعلم معني الفداء الحقيقي : بالمال ، بالروح ، بالمسرات ، بالملذات ، بالكماليات ......... إننا بحاجة ان نتعلم الكرم في الإنفاق سواء ان كنا أغنياء أم فقراء ، ويجب علي أغنيائنا ان يتعلموا متي يجب أن ينفقوا ومتي يجب أن يمسكوا، ليس الكرم والسخاء بالإنفاق علي موائد القمار أو الخمر أو حفلات المجون والخلاعة والفحشاء, بل الكرم كما يفعل روتشلد حينما يعطي الملايين لبناء صرح أمته .
إننا اذا بلغنا هذه المرحلة من الوعي والأخلاق لا يقف في وجهنا اليهود ولا غير اليهود ، فكما ان وجود إبليس لم يمنع وجود الصلحاء من الناس فكذلك وجود اليهود لا ينافي نهضة المسلمين .
ان الذي أراه هو ان ينصرف المسلمون الي بيان عورات المسلمين انفسهم قبل ان يشتغلوا بذكر مثالب أعدائهم ، ويجب ان يتعلم المسلمون ان يتحملوا مسئولية أخطائهم وتقاعسهم وتقصيرهم ولا يحملونها علي غيرهم .
هذا خلاصة ما عّن لي ان أقوله بمناسبة مطالعة موضوعكم الذي أرجو ان ينتفع به المسلمون . انتهى نشر فى( 20/2/1971). "
ملحوظة: ( سبق نشرت هذه الرسالة بجريدة الصحافة عدد رقم 4410 بتاريخ 13/9/2005 )
KH.Digital
12-09-2011, 08:00 PM
عمنا واخونا الكبير افتقدك كثيرا وليت كلماتك تصل الى الكل ولك كل الود والمحبة ولك منى الف الف تحية وسلام .
KH.Digital
12-09-2011, 10:54 PM
لقد ابدعت ياعم عوض فى التوقيت وفى الموضوع (يا حليلك ومشتهنك )نسال الله لك دوام الصحة والعافية
العوضابي
12-10-2011, 05:33 PM
( لقد ابدعت ياعم عوض فى التوقيت وفىالموضوع (يا حليلك ومشتهنك )نسال الله لك دوامالصحة والعافية )
حياك الله وابقاك المجاهد الكبير الخليفة / عبد الحميد , .... كيف حالك وأحوالك , ..... وكافة الاخوان بالحضرة , تحياتى وأشواقى لكم جميعا
العوضابي
12-26-2011, 12:12 PM
(27)
((ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مغتا عند الله أن تقولا ما لا تفعلون. ))
في صباح يوم من الأيام خرجت من منزلي فوجدت جمهرة كبيرة أمام البقالة الملحقة بالمنزل, وعندما سألت علمت أن موظفة تابعة لمحلية الخرطوم طالبت صاحب البقالة بدفع العوائد المستحقة عليه فاعتذر الأخير وطلب منها تأجيله يومين أو ثلاثة حتى يتمكن من تحصيل ماله من ديون على الزبائن كالعادة في أول كل شهر, ... فعندها رفضت الموظفة وأمرت أحد المرافقين لها بأخذ الميزان الوحيد الخاص بالبقالة,..... وبهذه الوسيلة في ممارسة السلطة جرد هذا المواطن من الأداة الوحيدة التي تمكنه من تسيير عمله ومن ممارسة نشاطه كتاجر ومن ثم تحويله الى إنسان مقهور ومقلوب على أمره, ..... وعندها لم أستغرب لنوع التعليقات الكثيرة والمتنوعة من أهل ألحى:
* تقول امرأة كبيرة في السن: " والله حضرنا زمن الإنجليز وما شفنا ذي دا أبدا,.... دا نهب عديل. !!!!! * ويقول آخر: " ما هذا الذى يحدث أمامنا, كيف ينقلب موظف تحصيل الى: " خصم وحكم في آن واحد ألا يوجد قضاء بالدولة . " ؟؟؟ ... * .وتوالت التعليقات نسمع آخر يقول " هل نحن فعلا أمام دولة نظامية وحكومة تحتكم لدستور وقوانين عادلة منبثقة منه أم أمام: " ما يسمى حكم المافية "... لا تحتكم الاّ للقوة ولا شيء غير القوة. ؟؟؟؟ ..... وهنا تصدى لهم آخر قائلا: " يا إخوانا لا تظلموا الموظفة إنها مأمورة إنها تطبق التعليمات وللوائح التي تصدرها المحليات في هذا الشأن, .... صحيح أنها مخالفة ومجافية تماما للدستور الموقت ولكن ماذا في يد الموظفة اذا كانت حكومة الإنقاذ لا تريد الرجوع للحق بالتخلص من قوانينها الجائرة. ؟؟؟؟؟؟؟
وهنا عادت بي الذاكرة الى حوار قديم سبق واجري في العام 1983 مع الأستاذ والمحامى والنائب بمجلس الشعب آنذاك / على عثمان محمد طه – ( نائب رئيس الجمهورية حاليا) – جاء فيه سؤال عن رأيه في: " قانون الطمأنينة. " الذى أصدره الرئيس نميرى حينها يقول معبرا عن رأيه في القانون المذكور: " إن هذا القانون يتنافى مع المبادىء الدستورية هذا من ناحية, ومن الناحية الأخرى فانه يوسع من نطاق صلاحيات القوات النظامية (الجيش والشرطة)في منع التجمعات والتظاهرات بإتباع مراحل معينة في البت في هذه التجمعات, إذ يخول للبوليس استخدام كل الوسائل المتاحة للحد منها سواء باستخدام الغاز المسيل للدموع أو الضرب بالعصا فإذا عجز البوليس فان القانون يخول للجيش التدخل واستخدام القوة النارية إن أدى الأمر الى ذلك, .....وبذا يكون القانون قد جعل: ( كل السلطات التي بيد القاضي في يد قائد القوة النظامية أو البوليس, وفى هذا مساس لصلاحيات القضاء, بمعنى أن يكون: " الخصم هو الحكم. " ........ وهذا تعسف في استخدام واستعمال القوة. ) .......... وتابع قائلا: " أما الذين يقبض عليهم في تجمعات محظورة أو مشبوهة فان اجرآءت محاكمتهم طبقا لقانون الطمأنينة العامة تنتهك ثلاثة مبادىء :-
أولها : مبدأ تقديم المتهم الى محاكمة عادلة ووجود قاضى مختص ولكن القانون أبعد القاضي من المحكمة وأعطى السلطة لقائد القوة النظامية أو الشرطة , فيمكن للجندي أو الشرطي في أي رتبة أن يقبض على المتظاهر ويحاكمه فورا , !!!! وفى هذا انتهاك لحرمة القضاء وفى ذلك خطآن: ( الأول): أنه خالف اجراءت المحاكمة التي نص عليها الدستور والقوانين. و ( الثاني ) : إبعاد صلاحيات القضاء .
ثانيها : القانون ينص على فورية المحاكمة إذ يمكن محاكمة الجاني في نفس مكان وقوع الجريمة أو في ميدان عام أو مركز بوليس أو مركز مطافي مثلا ولا حق له في الدفاع عن نفسه إذ يحول القانون دون استخدام محامى أو شهود, .... وفى هذا محالفة لدستور البلاد.
ثالثها : تتم المحاكمة طبقا لقانون الطمأنينة العامة بصورة إيجازية, ..... وفى رأيي إن هذا من أكبر العيوب إذ أنه يحرم المتهم من حق الاستئناف كما يستشف ذلك من نص المادة (3) والمادة (14) من القانون, فليس من حق المتهم أن يستأنف أي حكم صادر عليه. " ...........انتهى.
وبعد عرض نص هذا الراى القانوني السديد كاملا من مصدره المنوه عنه أدناه لا يسعني الاّ أن أختم هذا العرض بالآية الكريمة من كلام رب العالمين: (( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون . )) صدق الله العظيم
المصدر كتاب: " القول الصادق عن الفجر الكاذب. " ... تأليف الأستاذ/ محمد وقيع الله
العوضابي
01-07-2012, 12:59 PM
(28)
· عقيدة اليهود والأفعى الصهيونية :ـ من المعروف أن عقيدة اليهود المستمدة من تعاليم " التلمود " تتلخص في الآتــي :ـ
· إنهم يعتقدون أنهم شعب الله المختار, وإنهم أبناؤه، وأحباؤه، - (أشار القرآن الى هذه العقيدة اليهودية الهمجية ورد عليها فيما تصه: (( وقالت اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه , قل فلم يعذبكم بذنوبكم , بل أنتم بشر ممن خلق , يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء . )).......... ) - وإنه لا يسمح لعبادته ولا يتقبلها إلا منهم، وأن غيرهم من الأمم ما هم إلا من طينة حيوانات نجسة خلقها الله على صورة البشر إكراماً لهم كي يخدموهم، ورتبوا على هذه العقيدة الضالة أموراً خطيرة منها:ـ
· اعتقادهم أن كل خيرات الأرض في العالم أجمع هي منحة من الله لهم وحدهم، وأن غيرهم من الأمم " الجو يم " وكل ما في أيديهم هو ملك خالص لهم، بل أن واجبهم المقدس يقضي بمعاملتهم معاملة البهائم ، وأن كل الأمور الدينية المفروضة عليهم لا يجوز الالتزام بها إلا مع بعضهم البعض ، بحيث لا يجوز لهم بل يجب عليهم إهدارها مع غيرهم من " الجو يم " ومن ثم فإن كل ما يرتكبوه معهم من موبقات : كالغش والخداع والسرقة واغتصاب الأموال وهتك الأعراض والقتل ألخ .. كل هذه الموبقات لا يعاقبهم الله عليها بل يعدها قربات وحسنات يثيبهم عليها، ولا يرض منهم إلا بها.
· واستنادا على ذلك تمخضت عقليتهم الشريرة على وضع خطة إجرامية تهدف إلى تمكينهم من السيطرة الكاملة على العالم، وحكمه في النهاية بحاكم مطلق من صلب " داود " كما يقولون. ولتحقيق هذه الخطة " رمزوا " لها: " بالأفعى الصهيونية " ، ووضعوا لها مسار أو خط سير تسير فيه مدمرة كل من يعترض طريقها وبوحشية بالغة ، كل ذلك يتم في خفاء وسرية كاملين دون أن يعلم بها أحد حتى تصل إلى " المركز " أو القاعدة : " أرض الميعاد " .
· ظلت هذه الأفعى تسير في طريقها منذ قرون دون أن يعلم بها أحد لولا عناية الله سبحانه وتعالى أن أوقع مقررات مؤتمرهم الشهير بمدينة " بال " عام 1897 م " برئاسة هيرتزل " أن أوقع هذه المقررات بالصدفة المحضة لتشق طريقها للعالم الروسي الأستاذ: " نيلوس " والذي عكف في نحو أربع سنوات لدراستها ثم أصدر أول ترجمة لها في عام 1902م بالروسية، واستطاع هذا العالم الشجاع أن يكشف النقاب ولأول مرة عن أخطر مؤامرة وضعها عتاة الصهاينة لتدمير العالم يتم تنفيذها بشكل مكيدة رمزوا لها: " بأفعى " يرمز رأسها إلى المتفقهين في خطط الإدارة اليهودية، وجسمها يرمز إلى الشعب اليهودي، وكانت الإدارة مصونة سراً من أعين الناس جميعاً حتى الأمة اليهودية نفسها وذلك لتحقيق الأتي قبل وصولها إلى: " المركز " أو قاعدة الانطلاق الأخيرة:ـ
· يجب أن تكون لهم السيطرة الكاملة على الاقتصاد والمال وتوجيهه لخدمة أغراضهم.
· يجب أن توضع تحت أيديهم كل وسائل الإعلام من طبع ونشر ومسرح وسينما وجامعات.. ألخ
· إلغاء كافة الأديان من على الأرض أو العمل على تشويهها أو مسخها.
· تدمير وإلغاء كل العروش وكل الحكومات الوطنية.
· إلغاء مبدأ الإرث والملكية الخاصة.
· هدم الأسرة والحياة العائلية وتمويل وتشجيع كل ما يؤدي إلى نشر الفساد وتقويض القيم الأخلاقية الفاضلة بين الأمم.
· وبعد أن تتبع العالم المذكور مسار " الأفعى " حتى ذلك التاريخ وجد أنها قد اخترقت تماماً سائر دول أوربا الغربية وحققت أهدافها.. وتحددت خطواتها التالية:ـ ( أي ما بعد المؤتمر المشار إليه ) .
· قال : " إن حركتها الآن متجهة إلى " موسكو " وتنبأ بسقوط القيصرية وقيام الشيوعية الماركسية : ( كان ذلك في عام 1902م ) .
· قال: " .. بعد ذلك مباشرة تتجه نحو القسطنطينية:ـ ( يعني حيث دولة الخلافة الإسلامية ) ـ وكأنها المرحلة الأخيرة لطريق الأفعى قبل وصولها " فلسطين، وبعد ذلك لا يبقى أمامها إلا مسافة قصيرة حتى تستطيع إتمام طريقها لضم رأسها إلى زيلها " انتهى.
· يا سبحان الله..كلما استنبطه هذا العالم الكبير من هذه المقررات: ـ( بروتوكولات حكماء صهيون ) ـ فقد صار حقيقة ملموسة.. هذا و بالرغم من تحذيراته وصيحاته العالية.. فقد سار كل شئ كما خطط له دون أي تحرك مضاد.. وكان أول عمل قام به " البلاشفة " أن عذبوا هذا العالم ونفوه حتى لاقى حتفه وحيداً في صقيع سيبريا " ..
· نقطتف هنا بتصرف بعض الموجهات المبثوثة في ثنايا البروتوكولات أل (24) والتي يسترشد بها عملاء صهيون " من الماسون " في التسلط وقهر شعوبهم لخدمة سادتهم:ـ
· بروتوكول رقم (1) :
· " خير النتائج في حكم العالم ما ينتزع بالعنف والإرهاب، لا بالمناقشات الأكاديمية. "
· " يجب أن نقرر أن قانون الطبيعة هو: " الحق يكمن في القوة " .
· " أن السياسة لا تتفق مع الأخلاق في شئ وأن الحاكم المقيد بالأخلاق ليس بسياسي بارع، وهو لذلك غير راسخ على عرشه " .
· " لابد لطالب الحكم الالتجاء إلى المكر والرياء، فإن الشمائل الإنسانية العظيمة، من: " الإخلاص والأمانة.. تعتبر رذائل في السياسة، وأنها تبلغ في زعزعة العرش أعظم ما يبلغه ألد الخصوم. "
· " علينا ونحن خططنا ألا نلتفت إلى ما هو خير وأخلاقي بقدر ما نلتفت إلى ما هو ضروري ومفيد أي ( أن الغاية تبرر الوسيلة ) "
· " أن قوة الجمهور عمياء خالية من العقل المميز وأنه يعير سمعه ذات اليمين وذات الشمال " .
· " في السياسة يجب أن نعلم كيف نصادر الأملاك بلا أدنى تردد إذا كان هذا العمل يمكننا من السيادة والقوة " .
· بروتوكول رقم (8) :
· " .. ما دام ملئ المناصب بإخواننا اليهود في أثناء ذلك غير مأمون ، فسوف نعهد بهذه المناصب الخطيرة إلى القوم الذين ساءت صحائفهم ، وأخلاقهم كي تقف مخا زيهم فاصلاً بين الأمة وبينهم " .
· بروتوكول رقم (9) :
· " .. نحن كما هو واقع أولو الأمر الأعلون في كل الجيوش الراكبون رأسها ، ونحن نحكم بالقوة القاهرة .. وأن لنا طموحاً لا يحد ، وشرها لا يشبع ، ونغمة لا ترحم ، وبغضاء لا تحس ، إننا مصدر إرهاب بعيد المدى ، إننا نسخر في خدمتنا أناساً من جميع المذاهب والأحزاب من رجال يرغبون في السلطة ، واشتراكيين وشيوعيين ، وماليين بكل أنواع " الطوبيات " " utopia " ، ولقد وضعناهم جميعاً تحت السرج ، وكل واحد منهم على طريقته الخاصة ينسف ما بقى من السلطة " .
· بروتوكول رقم (15) :
· " .. وأنتم لا تتصورون كيف يسهل دفع أمهر " الأمميين " إلى حالة " مضحكة " من السذاجة والغفلة " Naïveté " بإثارة غروره وإعجابه بنفسه,.... وكيف يسهل من ناحية أخرى أن تثبط شجاعته وعزيمته بأهون خيبة , ولو بالسكوت ببساطة عن تهليل الاستحسان له , ..... وبذلك تدفعه الى حالة خضوع ذليل كذل العبد إذ تصده عن الأمل في نجاح جديد " .
· " .. ما كان أبعد نظر حكمائنا القدماء حينما أخبرونا أنه للوصول إلى غاية عظيمة حقاً يجب ألا نتوقف لحظة أمام الوسائل، وأن لا نعدد الضحايا التي يجب التضحية بهم للوصول إلى هذه الغاية.. إننا لم نعتمد قط بالضحايا من ذرية أولئك البهائم من الأمميين ( غير اليهود ) وقد نضحي بأفراد من شعبنا ذاته كي نبوئ لهم مقاما ما كنا لنحلم بالوصول إليه من قبل ( من بروتوكول 15 أيضا ) .
العوضابي
01-14-2012, 08:13 PM
(29)
أحاديث مروية عن الإمام على كرّم الله وجهه :
· روى عن الإمام على كرّم الله وجهه أنه قال: " ....... لا ظفر مع البغي, ولإثناء مع الكبر, ولا صحة مع النّهم, ولا شرف مع سوء الأدب, ولا راحة مع الحسد, ولا سؤدد مع الانتقام, ولا صواب مع ترك المشورة, ولا مروءة للكذاب, ولا كرم أعز من التقى, ولا شفيع أنجح من التوبة, ولا لباس أجمل من العافية , ولا داء أعيى من الجهل , المرء عدو ما جهله , رحم الله عبدا عرف قدره ولم يتعدّ طوره , النصح بين الملأ تقريع , نعمة الجاهل كروضة على مزبلة , أكبر الأعداء أخفاهم مكيدة , الحكمة ضالة المؤمن , البخل جامع لمساوي العيوب , اذا حلت المقادير ضلّت التدابير , عبد الشهوة أذل من عبد الرق , الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له , أكثر مصارع العقول تحت بروغ الأطماع , قصم ظهري اثنان : " عالم متهتك "" و " وجاهل متنسك " ..... هذا ينفّر الناس بتهتكه, وهذا يضل الناس بتنسكه,...جزاء المعصية الوهن في العبادة, والضيق في المعيشة, والنقص في اللّذة , .... قيل وما النقص في اللّذة ؟؟... قال: لا ينال شهوة حلالا الاّ جاءه ما ينقصه إياها, من وليته معروف وجازاك بضده فقد أشهدك على نفسه بنجاسة أصله, الغالب بالظلم مغلوب. "
· وفى حديث رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن السبع قال: خطبنا على قال: " والذي خلق الجنة وبرأ النسمة لتخصبنّ هذه من هذه, ... قال: قال الناس: " فأعلمنا من هو ؟؟؟ ........ والله لنبيرنّ عتره, ... قال: " أنشدكم بالله أن لا يقتل غير قاتلي, " ..... إن كنت قد علمت ذلك, استخلف إذن, ... قال: " لا "........ ولكن أكلكم الى ما وكلكم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. "
· وروى عنه أيضا أنّه قال: " ... ألا وانّه يهلك فىّ اثنان: " محبّ يقرظني بما ليس فىّ " و " مبغض يحمله شنآني على أن يبهتنى " .......... ألا أنى لست بنبي ولا يوحى الىّ, ولكني أعمل بكتاب الله وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم ما استطعت, فما أمرتكم من طاعة الله فحق عليكم طاعتي فيما أحببكم وكرهتم . "
· وروى عنه أيضا أنه لما ضربه ابن ملجم دخل عليه الحسن باكيا فقال: " ... يا بنىّ أحفظ عنى أربعا وأربعا: (1) أن أغنى الغنى العقل. (2) وأكبر الفقر الحمق. (3) وأوحش الوحشة العجب. (4) وأكرم الكرم حسن الخلق. والأربعة الأخر: (1) اياّك ومصاحبة الأحمق, فانه يريد أن ينفعك فيضرّك. (2) وايّاك ومصادقة الكذّاب فانّه يقرب عليك البعيد ويبعّد عليك القريب. (3) وايّاك ومصادقة البخيل فانّه يخذلك في أحوج ما تكون إليه. (4) وايّاك ومصادقة التاجر – (لعلّه يريد التاجر الفاجر منهم والله أعلم ) – فانه يبيعك بالتافه. "
· وروى عنه أيضا أنه قال لأحد الملحدين المنكر للمعاد: " إن كان الذى تظنّ أنت نجونا نحن وأنت, ...والاّ هلكت أنت وحدك. "
· البغي مصرع الباغي: قال الشاعر:
قضى الله أن البغي يصرع أهله * وأن على الباغي تدور الدوائر
· يشهد لهذا قوله تعالى: (( إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا. ))
· أحاديث نبوية: حديث: (1) " ما من ذنب أحرى أن يعجّل لصاحبه العقوبة في الدنيا من البغي, ..... وما حسنة أحرى أن يعجّل لصاحبها الثواب من صلة الرحم. ".... حديث: (2) " أنصر أخاك ظالما أو مظلوما, ... قلت يا رسول الله أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما ؟؟؟؟ ....... قال: " تمنعه من الظلم فذلك نصرك ايّاه. " ....حديث: (3) " ..... يكون قوم من امتى يكفرون بالقرآن وهم لا يشعرون كما كفرت اليهود والنصارى, يقرّون ببعض القدر ويكفرون ببعضه , يقولون الخير من الله والشرّ من إبليس , فيقرؤون على ذلك كتاب الله ويكفرون بالقرآن بعد الأيمان والمعرفة , ... فما تلقى امتى منهم الاّ العداوة والبغضاء والجدل, أوليك زنادقة هذه الأمة, في زمانهم يكون ظلم السلطان, فيا له من ظلم وحيف وآثرة, ثم يبعث الله طاعونا فيفنى عامتهم, ... ثم يكون الخسف فما أقل من ينجو منهم, .... المؤمن يومئذ قليل فرحه, شديد غمّه, ... ثم يكون المسخ فيمسخ الله عامة أوليك قردة وخنازير ,.. ثم يخرج الدجال على أثر ذلك قريبا, ... ثم بكى رسول الله حتى بكينا لبكائه وقلنا ما يبكيك ؟؟؟؟ قال: " رحمة لأولئك القوم, لأن فيهم المقتصد والمجتهد. "...حديث : (4) عن ابن داوود والترمذى وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ان الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو أدم عل قدر الأرض جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك , .... والسهل والحزن, والخبيث والطيب وبين ذلك. " ... حديث: (4) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من نبي بعثه الله في امة قبلي الاّ كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره, ثم أنها تخلف من بعدهم خلو ف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون, فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن, .... وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل. "
العوضابي
01-21-2012, 06:06 PM
(30)
· الفرق الضالة : في جملة من أحاديث واردة عن النبي أخبر فيها عن افتراق أمته بعده إلى ثلاثا وسبعون فرقة كلها في النار عدا واحدة هي الناجية وعندما سئل عن الفرقة الناجية وعن وصفها ، قال : " الذين هم على ما أنا عليه وأصحابي "..... أو كما قال .. وهذا يعتبر هو الميزان الصحيح الذي نعرض عليه المعتقدات ليبين صحيحها من فاسدها وهو أن كل من خالف ما كان عليه هو وأصحابه فهو رد على صاحبه غير مقبول منه " .. يقول الكاتب " لسنا نجد اليوم من فرق الأمة من هم على موافقة الصحابة رضي الله عنهم غير : " أهل السنة والجماعة " من فقهاء الأمة وهم : ( .. الذين يجمعهم الإقرار بتوحيد الصانع وقدمه وقدم صفاته الأزلية .. مع الإقرار بكتبه ورسله وبتأييد شريعة الإسلام وإباحة ما أباحه القرآن الكريم وتحريم ما حرمه القرآن ، مع قبول ما صح من سنة رسول الله وأعتقاد الحشر والنشر ، وسؤال الملكين في القبر ، والإقرار بالحوض والميزان .. ) هؤلاء هم أهل السنة دون : الرافضة ، والقدرية ، والخوارج ، والجهمية ، والنجارية ، والمشبهة ، والغلاة ، والحلولية :ـ
· القدرية : كيف يكونون موافقين للصحابة وقد طعن زعيمهم : " النظام " في أكثر الصحابة وأسقط عدالة ابن مسعود ونسبة إلى الضلال وطعن في فتاوي سيدنا عمر بن الخطاب وفتاوى الإمام على كرم الله وجهه ونسب أبا هريرة الى الكذب ونسب أيضاً خيار الصحابة إلى الجهل والنفاق ..والجاهل بأحكام الدين عنده كافر .. ألخ
1. الخوارج : " .. أكفروا علياً وابنيه وابن عباس ، وأبا أيوب الأنصاري وأكفروا أيضاً عثمان وعائشة ، وطلحة والزبير .. ، ثم اختلفت فيما بينهما فصارت مقدار عشرين فرقة كل واحدة تكفر سائرها وهذه شيمة كل الفرق الضالة : " تفرقت القدرية إلى المرجئة عشرون فرقة والروافد إلى عشرون أيضاً وكل فرق منهم تكفر سائرها، والخوارج هم الذين قتلوا عبد الله بن خباب عندما رأوه في طريقهم إلى النهر وان وكان هاربا منهم سألوه :ـ
· من أنت ؟ قال عبد الله بن خباب بن الأرت قالوا له : " حدثنا حديثاً سمعته عن أبيك عن رسول الله فقال : " سمعت أبي يقول قال رسول الله : " ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي ، فمن استطاع أن يكون مقتولاً فلا يكون قاتلاً " .. فشد عليهم أحدهم بسيفه فقتله .. ثم أنهم دخلوا منزله وكان في القرية التي قتلوه على بابها فقتلوا ولده وجاريته أم ولده وعندما انتهى خبرهم إلى الإمام علي كرم الله وجهه جادلهم أولاً المجادلة المعروفة والشهيرة والتي تحول بموجبها أعداد كبيرة منهم إلى صفة ( حوالي ثمانية آلاف ) .وبقى أربع على موقفهم فطلب منهم أن يسلموه قتلة عبد الله بن خباب فقالوا " إننا كلنا قتله ولو ظفرنا بك قتلناك "........ ودارت المعركة كما هو معلوم وكانت النتيجة كما حددها الإمام سلفا وأخبر بها عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وجاء أيضاً أن أحدهم وهو : حرقوص بن زهير برز له وقال : " يا ابن أبي طالب لا نريد بقتالك إلا وجه الله والدار الآخرة ، وقال له علي كرم الله وجهه : " بل مثلكم كما قال الله عز وجل ( قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) منهم أنت ورب الكعبة .. ثم حمل عليه وقتل في أصحابه . وكما تعلم يا أخي هؤلاء الخوارج الذين ورد فيهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " يحقر أحكم صلاته بجنب صلاتهم " بعد أن وصفهم بأنهم : " يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، " .. وهم مع ذلك كانوا يصلون ويصومون ويقيمون الليل وقد سئل مولى أحدهم بعد أن ضرب عنقه . قال القائد للمولى : " صف لي أموره " فقال المولى : " أطنب أم أختصر " قال بل اختصر " فقال : " .. ما أتيته بطعام في نهار قط ولا فرشت له فراشاً بليل قط " " يأتي هذا مصداقاٌ لقوله عليه الصلاة والسلام المثبت أعلاه "
· الروافض : " السبئية منهم ، ظهرت بدعتهم في زمن الإمام علي كرم الله وجهه قال بعضهم له : " أنت الإله فاحرق قوما منهم .. وقد تفرقوا إلى عشرون فرقة كل فرقة منها تكفر سائرها .. منهم الزيدية وهم الذين غدروا بزيد ابن علي بن الحسين في حربه ضد عامل هشام بن عبد الملك فقالوا له أثناء القتال : " إننا ننصرك على أعدائك بعد أن تخبرنا برأيك في أبي بكر وعمر اللذين ظلما جدك علي بن أبي طالب ، فقال زيد : " " إني لا أقول فيهما إلا خيراً ، وما سمعت أبي يقول فيهما إلا خيراً وإنما خرجت على بني أمية الذين قتلوا جدي ، وأغاروا على المدينة يوم الحرة ثم رموا بيت الله بحجر المنجنيق والنار " ففارقوه عند ذلك فقال لهم " رفضتموني " فسارت عليهم كلمة " روافض " .
· نواصل : " كيف يكون هؤلاء موافقين للصحابة ؟ وهم بأجمعهم لا يقبلون شيئاً مما روي عنهم في أحكام الشريعة لامتناعهم عن قبول روايات الحديث والسير والمغازي من أجل تكفيرهم أو تفسيقهم أو .. الخ وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخريجو مدرسته وهم نقلة الأخبار والآثار ورواة التاريخ والسير .. وأيضاً تكفيرهم أو تفسيقهم لفقهاء الأمة الذين ضبطوا آثار الصحابة وقاسوا فروعهم على فتاوى الصحابة " . . ولم يكن بحمد الله ومنّه في الخوارج ولا في الروافض ولا في الجهمية ولا في القدرية ولا في المجسمة ولا في سائر أهل الأهواء الضالة " إمام " في الفقه ولا إمام في رواية الحديث ولا إمام في اللغة والنحو ، ولا موثوق به في نقل المغازي والسير والتواريخ ولا إمام في الوعظ والتذكير ولا في التأويل والتفسير ، وانما كان أئمة هذه العلوم على الخصوص والعموم من " أهل السنة والجماعة "
العوضابي
01-30-2012, 09:54 PM
(31)
· السلف الصالح : ( مواصلة الموضوع السابق )
· أجمع أهل السنة على إيمان المهاجرين والأنصار من الصحابة ، وأجمعوا أيضا على أن من شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً من أهل الجنة ، وكذلك من شهد أحداً " غير " " قزمان " الذي استثناه الخبر ـ ( بسبب انتحاره ) ـ وكذلك من سهد معه بيعة الرضوان بالحديبية .
· المهاجر : تطلق شرعاً على من هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة ـ ( أما المرتدون بعد وفاة النبي صلى الله عليه ويلم من : كندة وحنيفة وفزاره وبني أسد وبني بكر بن وائل لم يكونوا من الأنصار ولا من المهاجرين قبل فتح مكة )
· قالوا أيضاً : " بما ورد في الخبر : " أن سبعين ألف من أمة الإسلام يدخلون الجنة بلا حساب ( منهم عكاشة بن محض ) وان كل واحد منهم يشفع في سبعين ألف .
· وقالوا بموالاة أقوام وردت الأخبار بأنهم من أهل الجنة وان لهم الشفاعة في جماعة الأمة منهم أويس القرني والخبر فيهم مشهور .
· وقالوا بتكفير من أكفر أحداً من العشرة الذين شهد لم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة
· وقالوا :بموالاة جميع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم واكفروا من أكفرهن ، أو اكفر بعضهن .
· وقالوا : بموالاة الحسن والحسين والمشهورين من أسباط رسول الله عليه وسلم كالحسن بن الحسين وعبد الله بن الحسين وعلي بن الحسن زين العابدين ومحمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر وهو الذي بلّغه جابر بن عبد الملك الأنصاري سلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعفر الصادق .. وكذلك قولهم في سائر أولاد علي من صلبه وسائر من درج منهم على سنة آبائه الطاهرين .
· وقالوا : بموالاة أعلام التابعين للصحابة بإحسان وهم الذين قال الله فيهم كتاب الله ( يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ) [1] سورة الحشر
· وقالوا ذلك : في كل من أظهر أصول أهل السنة ، وتبراؤوا من أهل الملل الخارجة عن الإسلام ومن أهل الأهواء الضالة مع انتسابها إلى الإسلام .
· بيعة الرضوان : قال الله تعالى فيهم : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً ) [18] الفتح
· وقالوا : إن الأخبار التي يلزمنا العمل بها ثلاثة أنواع :ـ (1) تواتر (2) آحاد (3) متوسط بينهما ( مستفيض ) .
· المتواتر : الذي يستحيل التواطؤ على وضعه وهذا يوجب العلم الضروري بصحة مخبرة .
· الآحاد : متى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في " الأحكام " كانت موجبة للعمل بها دون العلم وكانت بمنزلة: شهادة العدول عند الحاكم في أنه يلزم الحكم بها في الظاهر .
· الخبر المستفيض : المتوسط بين التواتر والآحاد : فانه يشارك التواتر في ايجابه كالعلم والعمل ويفارقه من حيث أن العلم الواقع عنه يكون علماً مكتسباً نظرياً والعلم الواقع من عند التواتر يكون ضرورياً غير مكتسب .
· وبهذا التنوع من " الخبر " اثبت الفقهاء أكثر فروع الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات وسائر أبواب الحلال والحرام ، وضللوا من أسقط وجوب العمل بأخبار الآحاد في الجملة من الروافض والخوارج وسائر أهل الأهواء .
· واتفقوا على أن أصول أحكام الشريعة هى القرآن والسنة واجماع السلف واكفروا من زعم من الروافض أن لا حجة اليوم في القرآن والسنة واجماع السلف واكفروا الخوارج الذين ردوا جميع السنة التي رواها نقله الأخبار ، لقولهم بتكفير ناقلها ، واكفروا " النظام في إنكاره : حجة الإجماع وحجة التواتر وقوله بجواز اجتماع الأمة على الضلالة وجوازه تواطؤ أهل التواتر على وضع الكذب .
وقالوا : بأن الفروج لا تستباح إلا بنكاح صحيح ، واكفروا " الحزمية " الذين أباحوا الزنى .
· وقالوا : بوجوب إقامة حد الزنى والسرقة والخمر والقذف .. واكفروا من أسقط حد الخمر والرجم من الخوارج .
· وقالوا أصول أحكام الشريعة : الكتاب والسنة وإجماع السلف ، وأكفروا من لم ير إجماع الصحابة حجة مثل : الخوارج والروافض الذين قالوا لا حجة إلا حجة " إمامهم المنتظر . "
· وقالوا : لا يحل قتل أمرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : من رده أو زنى بعد إحصان أو قصاص بمقتول ، وهذا خلاف قول الخوارج بإباحة قتل : " كل من عصى الله تعالى . "
· يقول المؤلف : ( .. ولو كان المذنبون كلهم كفره لكانوا " مرتدين " عن الإسلام ، ولو كانوا كذلك لكان الواجب قتلهم دون إقامة الحدود عليهم ولم يكن لوجوب قطع يد السارق أو جلد القاذف أو رجم الزاني المحصن فائدة لأن المرتد ليس له حد إلا القتل ) .
· نختم هذا الجزء الأخير بإيراد بعض الأحاديث الواردة عن الفرق الضالة :ـ
· أولاً : حديث الفرق (1) يقول صلى الله عليه وسلم " تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، أعظمها فتنة على أمتي الذين يقيسون الأمور برائيهم ، يحرمون الحلال ويحللون الحرام "
· وقال أيضاً (2) " أيما داع دعا إلى الضلال فاتبع فعليه وزره وأوزار من اتبعه لا ينقص من أوزارهم شئ " .وأيما داع دعا الى الهدى فاتبع فله مثل اجر من اتبعه لا ينقص من أجورهم شئ "
· (3) " إن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، قالوا : وما تلك الواحدة قال صلى الله عليه وسلم : من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي "
· أما الفرقة الضالة فقد عدهم العلماء كما يلي : الخوارج ـ ( المعتزلة .. المرجئة ) ـ المشبهة ـ الجهمية ـ النجارية ـ النوارية ـ الكلابية .
· وقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم : " بأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه ، .. فهم الذين مرقوا من الدين والإسلام وفارقوا الملة وشردوا عنها وعن الجماعة وضلوا سواء السبيل ، وسلّوا السيف على الأئمة واستحلوا دماءهم ، وأموالهم ، وكفروا من خالفهم ، ويشتمون أصحاب رسول الله عليه وسلم ، وأنصاره .. ولا يؤمنون بعذاب القبر ولا الحوض ولا الشفاعة .
· يقول الأئمة من السلف الصالح : " على المؤمن أتباع السنة والجماعة ، فالسنة ما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والجماعة ما اتفق عليه أصحاب رسول الله عليه وسلم في خلافة الأئمة الأربعة ( الخلفاء الراشدين ) ـ " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " رحمة الله عليهم أجمعين ، وأن لا يكاثر أهل البدع ولا يدائنهم ولا يسلم عليهم ، لأن أمامنا أحمد بن حنبل رحمه الله قال : من سلم على صاحب بدعة فقد أحبه ، بقول النبي صلى الله عليه وسل : " أفشوا السلام بينكم تحابوا " . ولا يترحم عليهم إذا ذكروا ، ولا يجالسهم ، ولا يقترب منهم ، ولا يهنئهم في الأعياد وأوقات السرور ، ولا يصلي عليهم إذا ماتوا ، بل يباينهم ويعاديهم في الله عز وجل معتقداً بطلان مذهبهم محتسباً بذلك الثواب الجزيل والأجر الكثير .
· الحديث : " من نظر إلى صاحب بدعه بغضاْ له في الله ، ملأ الله قلبه أمناً وإيمانا ، ومن انتهر صاحب بدعه بغضاْ له في الله أمنه الله يوم القيامة ، ومن استحقر بصاحب بدعة رفعه الله تعالى في الجنة مائة درجة ، ومن لقيه بالبشر أو بما يسره فقد استخف بما انزل الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم
· قال : فضيل رضي الله عنه : " من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله واخرج نور الإيمان من قلبه ، وإذا علم الله عز وجل من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت الله تعالى أن يغفر ذنوبه وان قل عمله ، وإذا رأيت مبتدعا في طريق فخذ طريقً آخر .
· حديث : " من أحدث أو أوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل منه الصرف والعدل " أي الفريضة والنافلة " وجاء أيضاً من أقوال الأئمة : أنه لا يجوز لمسلم أن يكفر أخاه المسلم إلا في أشياء حددوها منها :ـ
· " كل من أنكر ما عرف من الدين بالضرورة فهو كافر "
· ملحوظة : هذه القاعدة الأصولية هي التي اعتمد عليها الدكتور محمود برات في تكفيره للدكتور الترابي عندما اعترف له الأخير أنه "لا يؤمن بيوم القيامة " وقد حاوره الدكتور برات في ذلك وانقل هنا يا أخي هذا الحوار لتعميم الفائدة : " .. يقول الدكتور الترابي في معرض كلامه عن الغيبيات : " .. أنا عقلاني محض ، وكثير من الغيبيات التي يؤمن بها المسلمون لا أعتقد فيها ،، فقلت له : "
*أتقصد معتقدات العلماء المغلوطة ؟ " قال : " لا حتى معتقدات الخاصة ،، فقلت له : " هل لك من مثال ؟؟فقال : " يوم القيامة مثلاً فأنا لا أعتقد في قيامه جامعة ، بل أرى أنها ممتنعة عقلاً ، وأعتقد أن قيامة كل إنسان يوم موته ،، .. قلت له : " وماذا تقول عن الآيات والأحاديث الصحيحة عن " القيامة " قال : " أنا لم أقل لك أني أعلم عدم وجود قيامة جامعة ، ولكني قلت لك لا أعتقد في قيامة جامعة ، والاعتقاد لا يعتمد على دليل من آيات وأحاديث لأن مكانه القلب . والذي ـ يعتمد الدليل من الآيات والأحاديث وغيرها هو العلم ،، فقلت له : " هذا تمييز دقيق " " نحن أهل السنة والجماعة نتحرج جداً في تكفير مسلم إلا في حالتين : الأولى : الاعتراف بالكفر دون عذر شرعي من إكراه أو جنون .. الخ والثاني : " جحود ما يعلم من الدين بالضرورة .. "
( المصدر البيان الذي أصدره الدكتور محمود برات تحت عنوان : " هذا بيان للناس " بتاريخ 9/10/1982 )
العوضابي
02-20-2012, 05:46 PM
(32)
· أنواع الكفر : منها من كفر مسلماً إلا إذا لم يجد محملا يحمله على غير ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم " إذا قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه ."
· ومنها .. وهذا أشد أنواع الكفر : الاستهزاء بالأنبياء وكلامهم والاستهزاء بالقرآن أو يدعي أنه مقتدر على التكلم بمثله وان كلامه لو يصقل بالتلاوة لكان مثله .
· ومنها تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله سبحانه وتعالى أي أن كل من حلل حراماً مجمعاً عليه أو حرم حلالاً كذلك فقد كفر ، ( وينسحب ذلك على كل من تبعه وتشيع له فيصير كافر مثله، بل وعابد له كما ورد ذكره فى سيرة الصحابى الجليل سيدنا عدى بن حاتم الطائى. ).
· هذه الإضافة بإيراد هذا النص في بيان عصمة أهل السنة في تكفير بعضهم بعضاً : يقول الإمام الإسفرائيينى " .. أهل السنة لا يكفر بعضهم بعضا ، وليس بينهم خلاف يوجب التبري والتكفير ، فهم إذن أهل الجماعة القائمون بالحق ، والله تعالى يحفظ الحق وأهله ، فلا يقعون في تنابذ وتناقض ، وليس فريق من فرق المخالفين لهم إلا وفيهم تكفير بعضهم لبعض ، وتبري بعضهم من بعض ، كالخوارج والروافض والقدرية .. حتى اجتمع سبعة منهم في مجلس واحد فافترقوا عن تكفير بعضهم بعضاً ، وكانوا بمنزلة اليهود والنصارى حين كفر بعضهم بعضاً حتى قالت اليهود : ( ليست النصارى على شئ ، وقالت النصارى ليست اليهود على شئ ) وقال الله سبحانه وتعالى : ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً ) .. وقد عصم الله أهل السنة من أن يقولوا في أسلاف هذه الأمة منكراً ، أو يطعنوا فيهم طعناً ، فلا يقولوا في المهاجرين والأنصار ، وأعلام الدين ، ولا في أهل بدر ، وأحد ، وأهل بيعة الرضوان ، إلا أحسن المقال ، ولا في جميع من شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة ، ولا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه ، وأولاده ، وأحفاده : مثل :الحسن ، والحسين ، والمشاهير من ذرياتهم مثل عبد الله ابن الحسن ، وعلي ابن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى الرضا عليهم السلام ومن جرى منهم على السداد من غير تبديل ولا تغيير ، ولا في الخلفاء الراشدين ، ولم يستجيزو أن يطعنوا في واحد منهم ، وكذلك في أعلام التابعين ، وأتباع التابعين الذين صانهم الله تعالى عن التلوث بالبدع ، وإظهار شئ من المنكرات ، ولا يحكمون في عوام المسلمين إلا بظاهر إيمانهم ولا يقولون بتكفير أحد منهم إلا أن يتبين منه ما يوجب تكفيره ، ويصدقون بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون " كما أخرجه البخاري ، وقد ورد أنه يشفع كل واحد منهم في عدد ربيعة ومضر ، ....... ويوجبون على أنفسهم الدعاء لمن سلف من هذه الأمة ، كما أمر الله تعالى في كتابه حيث قال : ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ، ربنا إنك رؤوف رحيم ) .
· مواصلة مع الامام الاسفرايينى : يقول الامام : " اعلم أنه لا خصلة من الخصال التي تعد في المفاخر لأهل الإسلام : من المعارف والعلوم وأنواع الاجتهادات ، إلا ولأهل السنة والجماعة في ميدانها القدح المعلّى ، والسهم الأوفر ، فدونك أئمة أصول الدين وعلماء الكلام من أهل السنة فأول متكلميهم من الصحابة : علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حيث ناظر الخوارج في مسائل الوعد والوعيد ، وناظر القدرية في المشيئة والاستطاعة والقدر ، ثم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حيث تبرأ من معبد الجهمي في نفيه القدر . وأول متكلمي أهل السنة من التابعين : عمر بن عبد العزيز ، وله رسالة بليغة في الرد على القدرية ، ثم زيد بن زين العابدين ، وله كتاب في الرد على القدرية ، ثم الحسن البصري ، ورسالته إلى عمر بن عبد العزيز في ذم القدرية معروفة ، ثم الشعبي ، ثم الزهري .
مواصلة مع الاسفريينى أيضا : يقول : " وأول متكلميهم من الفقهاء وأرباب المذاهب : أبو حنيفة والشافعي ، فلهما رسائل في الرد عليهم أيضاً أما أئمة الفقة من عهد الصحابة والتابعين ومن بعدهم فقد ملئوا العالم علماً وليس بينهم من لا يناصر السنة والجماعة وهم أشهر من نار على علم ففي سرد أسمائهم طول .. وأما أئمة الحديث والإسناد فهم سائرون على هذا المهيع الرشيد، ولا يوصم أحدهم ببدعة ، وفي طبقاتهم كتب خاصة تغني عن ذكر أسمائهم هنا ، وأثارهم الخالدة لم تزل بأيدي حملة العلم مدى الدهر ، وكذلك أئمة الإرشاد والتصوف وكانوا على توالي القرون على هذا النهج السديد في المعتقد ، وكذلك جمهرة أهل النحو واللغة والأدب كانوا على معتقد أهل السنة .. ،، وبعد أن عدهم جميعاً دلف إلى القول : " .. لم يكن بينهم أحد إلا وله أنكار على أهل البدعة شديد، وبعّد عن بدعهم بعيد ، ولم يكن في مشاهيرهم من تدنس بشيء من بدع الروافض والخوارج والقدرية .. وكذلك أئمة القراءة وحملة التفسير بالرواية من عهد الصحابة إلى عهد محمد بن جرير الطبري وأقرانه ومن بعدهم، كانوا كلهم من أهل السنة، وكذلك المفسرون بالدراية إلا بعض أفراد من أهل البدعة . وكذلك مشاهير علماء المغازي والسير والتواريخ ونقد الأخبار وحملة الرواية من أهل السنة والجماعة. فيظهر بذلك أن جماع الفضل في العلوم في أهل السنة والجماعة، حشرنا الله سبحانه في زمرتهم.. " انتهى نقل هذا الفصل عن أهل السنة.
العوضابي
03-04-2012, 06:46 PM
(33)
هل نحن نعمل فعلا فى دائرة إسلامية ؟؟
لهذا التساؤل قصة رواها لنا أحد الأخوان ونحن آنذاك خارج البلاد وكان هذا الأخ راجعا لتوه من الخرطوم - (كان ذلك في السنوات الأولى للإنقاذ )- حدثت هذه القصة لأحد ألأعضاء المنضوين تحت تنظيم: " الجبهة الإسلامية " وكان من الأعضاء النشطين والملتزمين التزاما كاملا بالدعوة وكان في غاية الجدية والإخلاص, وعندما قامت الإنقاذ فرح لها فرحا شديدا, .... وكيف لا يفرح فقد تحققت أحلامه وقامت دولة الإنقاذ والتوجه الحضاري لتنزيل الوحي الالهى والرسالة الخالدة على الأرض كما نزلت في عصرها الذهبي: " عصر الخلافة الراشدة " ....... فلماذا لا ؟؟؟ ...... فنحن أمام تلاميذ نجباء تم تدريبهم وإعدادهم على يد شيخ ملهم وتوّجو بالعلم والتحصيل فأصبحوا قمم في كسبهم المتنوع للمعارف اللازمة والضرورية لقيام دولة حديثة تستند على قيم الحق والعدل والمساواة كما أنزلها الله, لإنقاذ البشرية جمعاء مما هى غارقة فيه من جهالة وظلام وارجاعها الى فطرتها الأولى التي فطرها الله عليها, ......... وفى أحد الأيام قام بزيارة لأهله خارج العاصمة وكان ذلك بعد الانتهاء من عمل شاق ومضني مشتركا في عملية كبيرة وضخمة: " عملية إعداد وإنجاح أحد المواكب الهادرة في مناسبة من مناسبات الإنقاذ. "...... وعندما وصل بلده وجد أهلها في حالة وجوم وحزن شديدين, وعلم منهم قصة المرآة الوحيدة والتي لا تملك من حطام الدنيا الاّ ابنها اليتيم, وفى ذات يوم حملته الى المستشفى الحكومي وهو مريض مرضا شديدا, وعند وصولها المستشفى طالبوها بدفع رسوم مقابلة الدكتور فاعتذرت لهم وقالت أنها لا تملك من المال شيئا الآن ولكن مستعدة للدفع لاحقا بعد علاج ولدى وطالبت بالسماح لها بالدخول وألحت في الطلب ولكن دون جدوى وحينها تذكرت شيئا, إنها تملك ثوبا جديدا جاءها هدية من أحد الأقارب, فرجعت مسرعة للمنزل وأخذته لرهنه عند الدلالية وبعد أخذ المقابل أسرعت بطفلها الى المستشفى وعند مقابلة الدكتور كان كل شيء قد انتهى, .... قد أسلم الطفل روحه لبارئها,..... مات الطفل الوحيد, ............ وهنا دخل عضو التنظيم في دوامة كبيرة من التفكير: كيف يحدث هذا ؟؟؟؟؟ ....... وسرح بعقله في شريط طويل:
* تذكر الماضى: " ...... كنت صغيرا فى هذه البلدة أيام الإنجليز وكانت بها شفخانة بها مساعد حكيم مهمته أن يستقبل كل حالات المرضى وأي حالة تستعصي عليه يهرع لأقرب ( كول بوكس ) لطلب الإسعاف من ذات المستشفى الحكومي وبسرعة فايقة ينقل المريض ويتلقاه المستشفى ويظل تحت رعايته التامة حتى يتم شفائه ويرجع الى أهله سالما معافا,..... كل ذلك على حساب الدولة. ........" يواصل الشريط:
* ماذا يجرى الآن : " ........ والآن أنا راجع بعد اشتراكي في عملية الإعداد لموكب كل الهدف منه: " تحسين وجه السلطة في نظر الآخرين داخليا وخارجيا, ...... ولتحقيق هذا الهدف لدينا ميزانية مفتوحة, لا يهم كم أنفقنا منها ولكن المهم أن ننفق وننفق حتى ولو أنفقنا مال الدولة كله كي: ( يتحقق الهدف ) ويظهر الموكب المعنى بالصورة المرسومة والمخططة له سلفا من بدايته الى نهاياته في صناعة ماهرة ومتميزة يتم تخطيطها وانجازها وعرضها بحنكة وذكاء شديدين. " ....... يواصل الشريط:
* " ...... أعلم علم اليقين أن هذا لا يمثل الاّ نقطة في محيط من جملة ما ينفق من مال الأمة على الدعاية داخليا أولا,, .....وأعلم بالملايين من الدولارات التي تحول لدور نشر أجنبية لتحسين صورة السلطة أيضا !!!!!! ..... والأطفال يموتون لعجز أهليهم عن دفع ثمن العلاج,...... وأين ؟؟؟؟ ....... في المستشفيات الحكومية!!!!! ........ ما هذا الذى يحدث ؟؟؟ ... هل نحن في دائرة إسلامية فعلا, ؟؟؟؟؟؟؟؟؟.... أم دائرة, .... سميها ما تسميها: " نفاقية – شيطانية.........الخ... ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون دائرة سودانية نابعة من أرض النيل,..... فضلا عن أنها إسلامية. !!!!!!!!.........انتهت الرواية كما سمعناها. بتصرف.
تعليق على الرواية: أن هذا الذى سمعناه هو مجرد خبر رواه أحد عن آخر, ألا يحتاج ذلك لوقفة للتثبت عن مدى صحته من عدمها وخاصة أن الوقت – ( آنذاك ) – ما زال مبكرا للحكم على: " الإنقاذ " ......ولم يطل الانتظار فتوالت الأخبار خبرا بعد خبر وكان وقعها كالصاعقة, ..... وكان أخطرها الدراسة القيمة والمتابعة الدقيقة للحالة المزرية والممعنة في السوء التي آلت إليها الدولة والأمة السودانية التي نشرها أحد كبار رموز الجبهة الإسلامية ونقلتها عنه جريدة الخليج الظبيانية وكانت من أبلغ وأخطر الشهادات على حكم: " الإنقاذ. " ..... نقتطف منها هذه الفقراة:
· الناس الذين أفقرهم التضخم يعتصرون آلامهم ويموتون من المرض داخل بيوتهم وفي الطرقات لأن المستشفيات الحكومية في عصر ( التحرير الاقتصادي والتوجه الحضاري ) لا تستقبل الفقراء الذين لا يملكون رسم تذكرة مقابلة الطبيب الحكومي ، وثمن الدواء الحكومي .
· صحيفة بالخرطوم نشرت خبراً صغيراً بصفحتها الأولى يقول الخبر: " إن الشرطة وجدت شيخاً في الخامسة والستين من العمر ميتاً في إحدى طرقات وسط العاصمة السودانية الخرطوم جيوبه خالية إلا من تذكرة طبية حديثة الصدور عليها اسم دواء لعلاج الملاريا . تقرير الطبيب الشرعي عزا أسباب الوفاة إلى مضاعفات حمى الملاريا التي لم تجد غذاءاْ أو دواء.
· صحيفة أخرى نقلت في بداية هذا الشهر أن ذوي مصاب في حادث مرور نقلوه من المستشفى إلى بيته مغمى عليه لعجزهم عن دفع تكلفة الصورة " الأشعة " التي طلب الطبيب إجراءها .. أخرجوه على نقالة إلى أهله فمات .. ( قيمة الأشعة التي كان عليهم دفعها 100 ألف جنية ) ، انتهى .
·
( نقلا عن صفحة: " شئون سودانية " : جريدة الخليج الجمعة 29/11/96 نقلا عن تصريح للدكتور الطيب زين العابدين لإحدى الصحف السودانية الصادرة في الخرطوم .)
العوضابي
03-11-2012, 12:54 PM
(34)
" اصطلاحات الطريق ٌ
(1) الوقت : قال الجنيد : " الوقت لفظة بين عدمين فيه شركاء متشاكسون "... ولهذا المعنى قيل : " الفقير لا يهمه ماضى وقته ومستقبله , بل يهمه الوقت الذى هو فيه , لأن الاشتقال بالماضى والآتى : اشتقال بمعدوم , ولهذا قيل : الفقير ابن وقته , وكل وقت خلا عن خدمة الله تعالى فهو باطل .
(2) السفر : هو سفر القلب فى طر يق الحقائق , ويطلق على " الترقى " فى المقامات وقطع المنازل : طلبا للوصول الى الله تعالى .
(3) المريد : هو الذى صح له الابتداء , أو جعل فى جملة المنقطعين الى الله تعالى .
(4) المقام : هو مقام العبد بين يدى الله سبحانه وتعالى فى العبادات : أى الآداب , والطاعات لازمها الصبر , قال تعالى : (( وأما من خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هى المأوى . )).....فمقام كل سالك هو موضع اقامته فى الآداب والطاعات , كالتوبة , والانابة , والورع , والزهد , والتوكل , والتسليم , والتفويض .
(5) الحال : هو معنى يرد على القلب من غير تعمد , ولا تكسب من صاحبه , وهى مواهب ربانية , ومنهج الاهى , من حكمها : " الطرب , أو الحزن , أو القبض , أو البسطة , أو الشوق , أو القلق , أو الهيبة , أو الابتهاج "
( والأحوال كالبروق فى الظهور , والأفول . )
والفرق بين المقام والحال : " ان المقام مكسوب , والحال موهوب " ..... قال الأيمة : " الأحوال تحصل عن المقامات : فالحزن والقبض يحصلان من مقام الخوف , والبسط يحصل من مقام الرجاء , والطرب يحصل عن : المحبة , والمحبة تحصل عن مشاهدة الجمال .
(6) الكشف : هو بيان ما يستتر عن الفهم , فيكشف للعبد عنه حتى كأنه يراه رأى العين , ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم : " انى رأيت الجنة والنار , فى عرض هذا الحائط . "
(7) الذهاب : هو بمعنى الغيبة , ويراد بذلك غيبة القلب عن المحسوسات , بمشاهدة ما شهد من الوعيد , أو الوعد , والجلال , أو الجمال , أو غير ذلك , ..... ورؤية القلوب ترجع الى الكشف .
(8) الصولة : هى : " أن يبادر الى الحق " لا يرى أحدا الاّ الله تعالى , فاذا شاهد منكرا , بادر الى انكاره , مستهزئا بفاعله : ( كائنا من كان ) " ملكا كان أو سوقيا , لا يكترث به , ولا يهابه , ولا يخشاه , وانّما يخشى الله تعالى ولا يخشى غيره " ..... والصولة تكون لأصحاب المقامات العالية , قال صلى الله عليه وسلم : " بك أصول , وبك أجول . "
(9) الالتجاء : هو : " توجه القلب الى الله تعالى بصدق الفاقة اليه "
(10) التجلى : هو اشراق النور على قلوب العارفين عند اقبال الحق عليهم .
(11) الاصطلام : هو نعت وله يرد على القلب , فيسكن تحت سلطانه .
(12) الجلال : هو نعت القهر من الحضرة الالاهية .
(13) الطوالع : هى أنوار التوحيد , تطلع على قلوب العارفين بشعاعها , فيطمس سلطان نورها الأنوار , كما أن نور الشمس يمحو أنوار الكواكب .
(14) المشاهدة : هى ثلاث أنواع :
(ا) مشاهدة بالحق , وهى رؤية الأشياء بدلائل التوحيد .
(ب) مشاهدة للحق , وهى رؤية الحق بالأشياء .
(ج) مشاهدة الحق , وهى حقيقة اليقين بلا ارتياب .
(15) الحرية : هى اقامة حقوق العبودية, فيكون عبدا لله , وفى غيره حرا .
............... يتبع :
العوضابي
03-23-2012, 02:29 PM
(35)
مع أهل القوم :
(1) أحرار : " جمع حر " وهوعند أهل الله من تخلص من رقّ الأغيار , وأنفرد بوجهته كلها للملك الغفار .
(2) صحبة الأغنياء : من آثر صحبة الأغنياء عن مجالسة الفقراء , ابتلاه الله بموت القلب .
(3) الفقير : " الفقر فقد الأشياء من القلب , وامتلاء مكانها بالحب لله عزّ وجل " ..... وهذا الفقر هو الذى افتخر به رسول الله صلى الله عفليه وسلم , والفقر من حيث كونه فقرا لله عز وجل بالقلب , فهو فقر محمود , ومفتخر به ,... أما الفقر المستعاذ منه , الذى قرنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكفر ,فقال : " اللهم ان أعوذ بك من الكفر والفقر . " وقال : " كاد الفقر أن يكون كفرا " فهو فقد الحق من القلب وتعلقه باللأشياء التى تصده عن الله عز وجل .
(4) علامات الاستدراج : من علامات استدراج العبد : عماه عن عيبه , واطلاعه على عيوب الناس .
(5) أطلب العذر لأخيك : " اذا بلغك من أخيك ما تكره , فأطلب له من عذر واحد الى سبعين عذرا , فان لم تجد فقل : " لعل له عذرا لا أعرفه "
(6) الكبر : " ما دخل قلب أمرىء شىء من الكبر , الاّ نقص من عقله قدر ما دخل من ذلك الكبر , قلّ أو نقص .
(7) الجاهل : الجاهل من باع دينه بدنياه , وضيع دنياه فيما يهواه .
(8) افرح نبيك ووالديك : " ورد أن الأعمال تعرض على الأنبياء , وكذا الآباء والأمّهات , فيفرحون بالأعمال الصالحة , ويحزنون على أضدادها .
(9) العقل : " ما أنعم الله على عبد بنعمة أكبر من العقل , به يفرق بين الحق والباطل , والايمان والكفر , وبه يميز الحلال والحرام , وبه يعقل الأمور التى ترضى الله عزّ وجل , والأمور التى تقضبه . "
(10) الزهد : " ..... هو الاّ يتعلق القلب بشىء من الأشياء , بل يعرض عنها جملة واحدة , ويزهد فيها , ولا يأخذ منها الاّ ما يقربه من سيده ومولاه " ..... وقد ورد فى الحديث : " كنز المؤمن ربّه "..... هذا هو ( الجنّة ) المعجلة , فمن كان هذا وصفه فمطعمه أحسن المطاعم , وملبسه أحسن الملابس , والمشتقل بغير مولاه دائما فى عذاب ,..... وقد ورد فى الحديث القدسى : " يا دنيا أخدمى من خدمنى , واستخدمى من خدمك . "
(11) الحب : " حقيقة الحب الميل " فمن لم يمل بكليته , انتفى منه الحب , ..... وأفضله : " أن الله ورسوله أحب اليه مما سواهما " .... ألآية : (( قل ان كنتم تحبون الله , فاتبعونى يحببكم الله . )) كان من دعاء سينا داوود عليه السلام : " اللهمّ انى أسألك حبك , وحب من يحبك ,وأسألك العمل الذى يبغنى حبك , اللهم أجعل حبك أحب الى من نفسى , وأهلى , ومن الماء البارد . "
(12) الشوق : الذات الانسانية " مركب الروح " والشوق ريح ذلك المركب , فمادام التعلق حاصلا بالله عزّ وجل , فالمركب سائرة , ..... والشوق فوق الحب , والحب الميل الى الله عز وجل , والشوق الاسراع اليه بغير وقوف , فقد يوجد الميل , ولا يوجد الشوق , وانّما اذا وجد الشوق , فالميل موجود لا محالة .
(13) ذكر الله أنيس : ورد فى الحديث : " ما من نفس , يتنفسه الانسان , الاّ وقد خطا به خطوة الى الآخرة . " ... فالأنفاس هى السفر , فاذا كان ذكر الله هو الأنيس فى ذلك السفر , فنعم الصاحب فى السفر , ونعم ما استأنس به من ذكر الله فى سفره : " اللهم أنت الصاحب فى السفر , والخليفة فى الأهل . "
(14) الثقة كنزى : ورد فى الحديث : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون بما فى يد الله , أوثق منه بما فى يده . " وورد أيضا : " كنز المؤمن ربّه . " وجاء عنه أيضا : " اللهم لا مانع لما أعطيت , ولا معطى لما منعت . "....... فما بقى مع العبد الاّ الوثوق بالله عز ّ وجل , اذا لم يعطنا الله مما فى أيدينا , أو مما فى أيدى غيرنا , لم نقدر أن نأخذ شيئا .
(15) الحزن رفيقى : ورد فى الحديث : " من أسف على آخرة فاتته , تقرب من الجنة مسيرة ألف عام , ومن أسف على د نيا فاتته , تقرب من النار مسيرة ألف عام . " ..... فالحزن يعظم على قدر عظة المحزون عليه , والخزن والأسف على ما فات , فاذا كان الأسف على ما فات من التجليات الالاهية, فنعم الأسف .
(16) أهمية القلب : القلب لهذه الأعضاء " كالملك " المتصرف فى الجنود التى تصدر كلها عن أمره , ويستعملها فيما شاء , فكلها تحت عبوديته , وقهره , وتكتسب منه : " الاستقامة , والزيغ " وتتبعه فيما يعقده من العزم , أو يحلّه , جاء فى الحديث : " ألا وان فى الجسد مضغة ,اذا صلحت , صلح الجسد كله "
وفى حديث ابن اليمانى , قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تعرض الفتن على القلوب كعرص الحصير ,عودا , عودا , فأى قلب أشربها , نكتت نكتة سوداء , وأى قلب أنكرها , نكتت نكتة بيضاء , حتى تصير على قلبين : على أبيض مثل الصفاء , فلا تضره فتنة , ما دامت السموات والأرض , والآخر أسود مربادا ,كالكوز , مجخيا , لا يعرف معروفا , ولا ينكر منكرا , الاّ ما أشرب من هواه . "
(17) حقيقة التوكل : التوكل هو : " اعتماد القلب على الله " فى حصول ما ينفع العبد فى دينه ودنياه , ..... ولابد مع هذا الاعتماد , من مباشرة للأسباب , والاّ كان معطلا للحكمة , والشرع , فلا يجعل العبد عجزه توكلا , ولا توكله عجزا .
حديث شريف : عن على كرم الله وجهه , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا على : سيد البشر آدم , وسيد العرب محمد ولا فخر , وسيد الفرس سليمان , وسيد الروم صهيب , وسيد الحبشة بلال , وسيد الجبال الطور , وسيد الأيام يوم الجمعة , وسيد الكلام القرآن , وسيد القرآن البقرة , وسيد البقرة آية الكرسى . "....... وفى رواية : " يا على علمها ولدك , وأهلك , وجيرانك , فما نزلت آية أعظم منها . " ...... وعنه أيضا يقول سمعت نبيكم على أعواد المنبر يقول : " من قرأ آية الكرسى فى دبر كل صلاة مكتوبة , لم يمنعه من دخول الجنة الاّ الموت , ولا يواظب عليها الاّ صديق , أو عابد , ومن قرأها اذا أخذ مضجعه , أمنه الله على نفسه , وجاره , وجار جاره , والابيات حوله . "
...............يتبع :
العوضابي
04-01-2012, 10:09 PM
(36)
" طبقات الأولياء "
الطبقة اللأولى : " طبقة القطبانية " هذه فى مقام القطب الغوث الفرد الجامع .
الطبقة الثانية : " طبقة الامامين " وهما وزيرا القطب الغوث , أحدهما عن يمينه , ونظره فى الملكوت , والآخر عن يساره , ونظره فى الملك , وصاحب اليسار مقدم على صاحب اليمين , وهو أعلى مقاما منه , لأنه هو الذى يخلفه بعد موته , ويدخل صاحب اليمين مكانه , ويبدل الأخير واحدا من خيار الأربعة العمد .
الطبقة الثالثة : " هولاء يسمون الأوتاد أو العمد " وهم موكلون بأركان الدنيا الأربعة , ..... يحفظ الله بهم الأرباع , فاذا مات أحدهم , أبدل الله مكانه بواحد من خيار السبعة الأفراد.
الطبقة الرابعة : " هم السبعة الأفراد " وهم موكلون بالأقاليم السبعة , حديث : قال أبو هريرة رضى الله عنه : " دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم قال : يا أبا هريرة يدخل من هذا الباب الساعة رجل من أحد " السبعة " الذين يدفع الله عن أهل الأرض بهم , فاذا حبشى قد طلع من ذلك الباب , أقرع , أجدع , على رأسه جرة من ماء , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة , هو هذا , وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث مرات ) مرحبا بيسار , مرحبا بيسار , وكان يرش المسجد , وكان غلاما للمغيرة بن شعبة "
واذا مات أحد السبعة , أبدله الله بواحد من خيار الأربعين الأبدال .
الطبقة الخامسة : " هم الرقباء أو الأبدال " وهم أربعون , مسكنهم بأرض الشام , الحديث : " ان الأبدال بالشام يكونون , وهم أربعون رجلا , بهم تسقون الغيث , وبهم تنصرون على أعدائكم , ويصرف الله عن أهل الأرض بهم , البلاء ,والغرق "
واذا مات أحدهم , أبدل الله مكانه آخر من خيار " السبعين " النجباء .
الطبقة السادسة : " هولاء هم النجباء "
الحديث : " النجباء سبعون والبدلاء أربعون " وفى رواية عن الحسن البصرى : " لن تخلو الأرض من سبعين صديقا , فاذا مات واحد منهم , أبدل الله مكانه من خيار الثلاثمائة . "
الطبقة السابعة : " هم النقباء " انهم المتحققون بالاسم الباطن , قد اشرفوا على بواطن الناس , فاستخرجوا خفايا الضمائر , لانكشاف السناء لهم عن وجوه السرائر , ونقيب النقباء " شيخ هذا المقام " يسمى : " السلمانى " وكل من ولى مقامه سمى به , ومسكنهم أرض المغرب ,وعددهم ثلاثمائة ,وفى رواية ثلاثمائة وستون , بعدد أيام السنة , واذا مات أحدهم أبدل الله مكانه من خيار الخمسمائة .
الطبقة الثامنة : " قيل هم الأمناء " وقيل هم " اللامتية " أو " القصائب " وهم الذين لا تظهر من بطونهم أثر على ظواهرهم , وهم خمسمائة , وتلامتتهم يتقلبون فى مقامات أهل : " الفتوة " وأصل الفتوة عندهم , أن يكون العبد أبدا فى أمر غيره , قال صلى الله عليه وسلم : " لا يزال الله تعالى فى حاجة العبد مدام العبد فى حاجة أخيه . "
الطبقة التاسعة : " هم الواصلون " ويسمون بالحكماء , ويقال لهم " المفردون " ..... الحديث : " سبق المفردون , قيل ما المفردون يا رسول الله ؟ ... قال : هم الذين محا الذكر عنهم أوزارهم , يجيئون يوم القيامة خفافا . "
وهم لا يدخلون تحت نظر القطب , ولا يحصوهم عدد ,سياحون فى الأرض , يسيرون فى مقام يقال له : " المخدع " لا يعلمه الاّ القطب , ولا يطلع على مقامهم , وشيخ هذا المقام هو : " الخضر عليه السلام "
الطبقة العاشرة : " هم الرجبيون " وهولاء لهم تصرف خاص , لا يتصرفون الاّ فى " رجب "
من أقوال الامام على كرم الله وجهه :
· الزهد فى كلمتين من القرآن : (( لكى لا تأسوا على ما فاتكم , ولا تفرحوا بما آتاكم . ))
· وقال أيضا :
· العشق مرض ليس فيه أجر ولا عوض .
· العمر أقصر من تعلم فيه كلما يحسن بك علمه , فتعلم الأهم , فالأهم .
· أربعة القليل منها كثير :
(1) النار (2) العداوة (3) المرض (4)الفقر .
* أربعة من الشقاء :
(1) جار السوء (2) ولد السوء (3) امرأة السوء (4)
المنزل الضيق .
· أربعة تدعو للجنة :
(1) كتمان المصيبة (2) الصدق (3) بر الوالدين (4) الاكثار من لا اله الاّ الله .
* الفرق بين الظلم والخوف : الخوف هو مجاهدة لأمر الخوف بل وقوعه , والظلم ما يلحق الانسان من وقوعه .
* الرجال ثلاثة :
(1) رجل كالغذاء لا تستغنى عنه (2) رجل كالدواء , لا
يحتاج اليه , الاّ حينا , بعد حين . (3) رجل كالداء يضر ولا ينفع .
· " ضعيف الارادة مغلوب لنفسه وشهواته .
· " من أصلح سريرته , أصلح الله علانيته , ومن عمل لدينه كفاه الله أمر دنياه , ومن أحسن فيما بينه وبين الله , كفاه الله ما بينه وبين الناس . "
·أعلم الناس بالله , أشدّهم حبا وتعظيما لأهل : " لا اله الاّ الله . "
· .................. يتبع :
العوضابي
04-11-2012, 11:15 AM
(37)
............... تابع ما قبله :
قرأت لك
متفرقات :
* كلام فى التصوف ورجاله : يقول الامام أبو الحسن الندوى فى كتابه : " رجال الفكر والدعوة فى الاسلام " مشيدا بالامام الكبير سيّدنا ومولانا الشيخ / عبد القادر الجيلانى شيخ الطريقة القادرية يقول عنه : " كان يحضر مجلسه نحو سبعين ألفا , وأسلم على يديه أكثر من خمسة آلاف من اليهود والنصارى , وتاب على يديه من العيارين والمسالحة أكثر من مائة ألف , وفتح باب البيعة والتوبة على مصراعيه فدخل فيه خلق لا يحصيهم الاّ الله , وصلحت أحوالهم , وحسن اسلامهم , وظل الشيخ يربيهم ويحاسبهم ويشرف عليهم وعلى تقدمهم , وأصبح هولاء التلاميذ الروحانيون يشعرون بالمسئولية بعد البيعة والتوبة وتجديد الايمان , ثم يجيز الشيخ كثيرا منهم ممن يرى فيهم النبوغ والاستقامة والمقدرة على التربية , فينتشرون فى الآفاق يدعون الخلق الى الله ويربون النفوس ويحاربون الشرك والبدع والجاهلية والنفاق فتنتشر الدعوة الدينية وتقوم ثكنات الايمان , ومدارس الاحسان , ومرابط الجهاد ومجامع الأخوة فى أنحاء العالم الاسلامى , وقد كان لخلفائه وتلاميذه ولمن سار سيرتهم فى الدعوة وتهذيب النفوس من أعلام الدعوة وأئّمة التربية فى القرون التى تلته , فضل فى المحافظة على روح الاسلام وشعلة الايمان وحماسة الدعوة والجهاد وقوّة التمرد على الشهوات , والسلطات , ....... ولولاهم لابتلعت المادية التى كانت تسير فى رحاب الحكومات المدنيات هذه الأمّة وانطفأة شرارة الحياة والحب فى صدور أفرادها , وقد كان لهولاء فضل كبيرلنشر الاسلام فى الأمصار البعيدة التى لم تغزها جيوش المسلمين , أو لم تستطع اخضاعها للحكم الاسلامى . ....... وانتشر بهم الاسلام فى أفريقيا السوداء , وفى اندونيسيا وجزر المحيط الهندى , وفى الصين , وفى الهند . "
* ملاحظة : عندما يأتى ذكر الطريقة القادرية يتبادر الى أذهاننا الحرف الثانى من كلمة : " نقشجم " المكونة لطريقتنا الختمية .
* لا زلنا مع الامام الندوى يقول فى كتابه : " روائع اقبال " بعد كلامه عن زيارته لهذا الشاعر الصوفى العظيم واصل كلامه عن رجال التصوف والتجديد الاسلامى فى بلده الهند وبعد ان اثنى على الشيخ أحمد السرهندى والشيخ و لىّ الله الدهلوى والسلطان محيى الدين أورتك رحمهم الله قال : " انّى أقول دايما لولا وجودهم وجهادهم لابتلعت الهند وحضارتها وفلسفتها الاسلام ."
* التصوف : ويقول أيضا تحت هذا العنوان فى كتابه : " مبادىء الاسلام " : " ان علاقة الفقه انّما هى بظاهر عمل الانسان فقط , ولا ينظر الاّ : هل قمت بما أمرت به على الوجه المطلوب أم لا ؟؟؟.......فان قمت فلا تهمة حال قلبك وكيفيته, ....... أما الشىء الذى يتعلق بالقلب ويبحث عن كيفيته فهو : ( التصوف ) ان الفقه لا ينظر فى صلاتك مثلا : الاّ هل أتممت وضوءك على الوجه الصحيح أم لا ؟؟؟..... وهل صليت موليا وجهك شطر المسجد الحرام أم لا ؟؟؟... وهل أديت أركان الصلاة كلّها أم لا ؟؟؟....... فان قمت بكل ذلك فقد صحّت صلاتك بحكم الفقه ,....... الاّ أن الذى يهم التصوف بالأضافة الى ذلك : هو ما يكون عليه قلبك حين أدائك هذه الصلاة من الحالة : " هل أنبت فيها الى ربّك أم لا ؟؟؟..... وهل تجرد قلبك فيها عن هموم الدنيا وشئونها أم لا ؟؟؟ ... وهل أنشأة فيك هذه الصلاة خشية الله واليقين بكونه خبيرا بصيرا , وعاطفة ابتغاء وجهه الأعلى وحده أم لا ؟؟؟..... والى أى حدّ أصلحت أخلاقك ؟؟؟ ..... والى أى حدّ جعلتك مؤمنا صادقا عاملا بمقتضيات ايمانه ؟؟؟ . فعلى قدر ما تحصل هذه الأمور وهى من غايات الصلاة وأغراضها الحقيقية فى صلاته , ... تكون صلاته كاملة فى نظر التصوف , ... وعلى قدر ما ينقصها الكمال من هذه الوجهة , تكون ناقصة فى نظر التصوف , ....... فهكذا لا يهم الفقه فى سائر الأحكام الشرعية الاّ هل أدى المرء الأعمال على الوجه الذى أمره به لأدائها أم لا ؟؟؟....... أمّا التصوف فيبحث عمّا كان فى قلبه من اخلاص وصفاء النية وصدق الطاعة عند قيامه بهذه الأعمال .
لا زلنا مع الامام الندوى يقول : " ويمكنك ان تدرك هذا الفرق بين : ( الفقه والتصوف ) بمثل أضربه لك : أنك اذا أتاك رجل نظرت فيه من وجهتين : احداهما : هل هو صحيح البدن كامل الأعضاء ؟... أم فى بدنه شىء من العرج أو العمى ؟ .... وهل هو جميل الوجه أم دميمه ؟ ... وهل هو لابس زيا فاخرا أو ثيابا بالية ؟ ....... أما الوجة الأخرى : انك تريد أن تعرف أخلاقه وعاداته وخصاله ومبلغه من العلم والعقل والصلاح , ........ فالوجهة الألى " وجهة الفقه " والوجهة الثانية وجهة " التصوف " ....... كذلك اذا تأملت صديقك فى شخصه من كلا الوجهتين , فانّك تحب ان يكون جميل المنظر وجميل الباطن معا .
* من أول من أسس الطريقة : يقول الامام الحافظ السيد محمد صديق الغمارى عندما سئل عن أول من أسس التصوف ؟ ... وهل هو بوحى سماوى ؟ ..... فاجاب : " أما أول من أسس الطريقة فالتعلم ان الطريقة أسسها الوحى السماوى فى جملة ما أسس من الدين المحمدى , اذ هى بلا شك : " مقام الاحسان " الذى هو أحد أركان الدين الثلاثة التى بيّنها النبى صلى الله عليه وسلم بقوله : " هذا جبريل عليه السلام اتاكم يعلمكم دينكم "...... وهو الاسلام , والايمان , والاحسان , فالاسلام : طاعة وعبادة , والايمان : نور وعقيدة , أما الاحسان : فمقام مراقبة ومشاهدة : أى " أن تعبد الله كأنّك تراه فان لم تكن تراه فانّه يراك "...... وكما فى الحديث فانّ ( الدين ) عبارة عن هذه الأركان الثلاثة, ... فمن أخل بهذا المقام " الاحسان " الذى هو الطريقة , فدينه ناقص بلا شك لتركه ركنا من أركانه , ..... فغاية ما تدعو اليه الطريقة , وتشير اليه : " هو مقام الاحسان بعد تصحيح مقامى : الاسلام والايمان . "
* وفى هذا المقام يحدثنا فضيلة الشيخ أحمد الشرباصى فى كتابه : " يسألونك عن الدين والحياة " قائلا : " التصوف الاسلامى القويم هو أن يبلغ المؤمن درجة الاحسان التى هى أعلى الدرجات فى التوجه الى الله عزّ وجلّ , والتى يشير اليها القرآن فى كتابه الكريم فى قوله تعالى : (( والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وان الله لمع المحسنين . )) ......... ويواصل فضيلة الشيخ قائلا : " .... والاسلام يتمثل فى النطق بالشهادتين والعمل الظاهر , والايمان يتمثل فى اعتقاد القلب واطمئنان الفؤاد , والاحسان يتمثل فى اليقين والاخلاص , وهذا الاخلاص هو لبّ التصوف وعماد أمره . "
* ويواصل فضيلة الشيخ الشرباصى كلامه عن التصوف أيضا فى مقدمته لكتاب : " نور التحقيق " يقول : " ...... هذا هو التصوف الجليل النبيل , أضاعه أهله , وحاف عليه اعداؤه الصرحاء , وشوّه جماله أدعياؤه الخبثاء , وتطاول عليه الزمن , وهو مجهول منكور , أو مذموم محذور , على الرغم من جماله , وعظيم رجاله الماضين وأبطاله , واتّساع اختصاصه ومجاله , وخطورة أقواله وأعماله , فغدا كالدرة الثمينة حجبتها اللفائف السود , فظنّها الجاهلون سوداء بسواد لفائفها, ....... وهم لو وصلوا اليها , وجلوا عنها ما حاق بها أو حاطها من أستار , لانبهرت أعينهم من ساطع الضياء وفريد البهاء . "
( بتصرف من مجلة : " التصوف الاسلامى .)
............... يتبع :
العوضابي
04-19-2012, 02:04 PM
(38)
من كتاب ذم الغضب والحقد والحسد وهو الكتاب الخامس من ربع المهلكات من كتاب إحياء علوم الدين :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لا يتكل على عفوه ورحمته إلا الراجون، ولا يحذر سوء غضبه وسطوته إلا الخائفون، الذي استدرج عباده من حيث لا يعلمون، وسلط عليهم الشهوات وأمرهم بترك ما يشتهون، وابتلاهم بالغضب وكلفهم كظم الغيظ فيما يغضبون، ثم حفهم بالمكاره , واللذات , وأملى لهم لينظر كيف يعملون، وامتحن بهم حبهم ليعلم صدقهم فيما يدعون، وعرفهم أنه لا يخفى عليه شيء مما يسرون وما يعلنون، وحذرهم أن يأخذهم بغتة وهم لا يشعرون فقال " ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون" .....والصلاة والسلام على محمد رسوله الذي يسير تحت لوائه النبيون، وعلى آله وأصحابه الأئمة المهديين، والسادة المرضيين، صلاة يوازي عددها عدد ما كان من خلق الله وما سيكون، ويحظى ببركتها الأولون والآخرون، وسلم تسليماً كثيرا.
أما بعد فإن الغضب شعلة نار اقتبست من نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة، وإنها لمستكنة في طي الفؤاد. استكنان الجمر تحت الرماد، ويستخرجها الكبر الدفين في قلب كل جبار عنيد، كاستخراج الحجر النار من الحديد، وقد انكشف للناظرين بنور اليقين، أن الإنسان ينزع منه عرق إلى الشيطان اللعين، فمن استفزته نار الغضب فقد قويت فيه قرابة الشيطان , حيث قال " خلقتني من نار وخلقته من طين" ......فإن شأن الطين السكون والوقار، وشأن النار التلظي والاستعار، والحركة والاضطراب، ومن نتائج الغضب الحقد والحسد، وبهما هلك من هلك وفسد من فسد، ومفيضهما مضغة , ..... إذا صلحت صلح معها سائر الجسد، وإذا كان الحقد والحسد والغضب، مما يسوق العبد إلى مواطن العطب، فما أحوجه إلى معرفة معاطبه ومساويه! ليحذر ذلك ويتقيه، ويمطيه عن القلب إن كان وينفيه، ويعالجه إن رسخ في قلبه ويداويه، فإن من لا يعرف الشر , يقع فيه، ومن عرفه فالمعرفة لا تكفيه، ما لم يعرف الطريق الذي به يدفعه ويقصيه.
ونحن نذكر ذم الغضب وآفات الحقد والحسد في هذا الكتاب، ويجمعهما بيان ذم الغضب، ثم بيان حقيقة الغضب ثم بيان أن الغضب : هل يمكن إزالة أصله بالرياضة أم لا؟ ثم بيان الأسباب المهيجة للغضب، ثم بيان علاج الغضب بعد هيجانه، ثم بيان فضيلة كظم الغيظ، ثم بيان فضيلة الحلم، ثم بيان القدر الذي يجوز الانتصار والتشفي به من الكلام، ثم القول في معنى الحقد ونتائجه وفضيلة العفو والرفق، ثم القول في ذم الحسد وفي حقيقته وأسبابه ومعالجته وغاية الواجب في إزالته، ثم بيان السبب في كثرة الحسد بين الأمثال والأقران والأخوة وبني العم والأقارب وتأكده وقلته في غيرهم وضعفه، ثم بيان الدواء الذي به ينفى مرض الحسد عن القلب، ثم بيان القدر الواجب في نفي الحسد عن القلب وبالله التوفيق.
بيان ذم الغضب :
قال الله تعالى "إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين" الآية.
ذم الكفار بما تظاهروا به من الحمية الصادرة عن الغضب بالباطل، ومدح المؤمنين بما أنزل الله عليهم من السكينة وروى أبو هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله مرني بعمل وأقلل، قال "لا تغضب" ثم أعاد عليه فقال "لا تغضب" وقال ابن عمر: قلت لرسول الله : قل لي قولاً وأقلله لعلي أعقله، فقال "لا تغضب" فأعدت عليه مرتين كل ذلك يرجع إلى "لا تغضب" وعن عبد الله بن عمرو: أنه سأل رسول الله ﭬ: ماذا ينقذني من غضب الله؟ قال "لا تغضب" وقال ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم " ما تعدون الصرعة فيكم قلنا: الذي لا تصرعه الرجال، قال " ليس ذلك ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب" وقال أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" وقال ابن عمر: قال النبي ﭬ " من كف غضبه ستر الله عورته" وقال سليمان ابن داود عليهما السلام: " يا بني إياك وكثرة الغضب فإن كثرة الغضب تستخف فؤاد الرجل الحليم. " وعن عكرمة في قوله تعالى "وسيداً وحصوراً" قال: السيد الذي لا يغلبه الغضب. وقال أبو الدرداء: قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة، قال: "لا تغضب" وقال يحيى لعيسى عليهما السلام: لا تغضب، قال: لا أستطيع أن لا أغضب إنما أنا بشر، قال: لا تقتن مالاً، قال: هذا عسى. وقال : " الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل" وقال : "ما غضب أحد إلا أشفى على جهنم" وقال له رجل: أي شيء أشد علي قال "غضب الله" قال: فما يبعدني عن غضب الله؟ قال "لا تغضب" .
الآثار :
قال الحسن: " يا ابن آدم كلما غضبت وثبت ويوشك أن تثب وثبة فتقع في النار."..... وعن ذي القرنين أنه لقي ملكاً من الملائكة فقال: علمني علماً أزداد به إيماناً ويقيناً، قال: " لا تغضب فإن الشيطان أقدر ما يكون على ابن آدم حين يغضب "..... فرد الغضب بالكظم، وسكنه بالتؤدة. وإياك والعجلة فإنك إذا عجلت أخطأت حظك، وكن سهلاً ليناً للقريب والبعيد ولا تكن جباراً عنيداً. "............وعن وهب بن منبه. أن راهباً كان في صومعته فأراد الشيطان أن يضله فلم يستطع، فجاءه حتى ناداه فقال له: افتح، فلم يجبه فقال: افتح فإني إن ذهبت ندمت، فلم يلتفت إليه فقال إني أنا المسيح، قال الراهب: وإن كنت المسيح فما أصنع بك! .....أليس قد أمرتنا بالعبادة والاجتهاد ووعدتنا القيامة فلو جئتنا اليوم بغيره لم نقبله منك؟ فقال: إني الشيطان وقد أردت أن أضلك فلم أستطع؟ فجئتك لتسألني عما شئت فأخبرك، فقال: ما أريد أن أسألك عن شيء، قال: فولى مدبراً، فقال الراهب: ألا تسمع، قال: بلى، أخبرني أي أخلاق بني آدم أعون لك عليهم؟ فقال: " الحدة "...إن الرجل إذا كان حديداً قلبناه كما يقلب الصبيان الكرة. "....... وقال خيثمة: الشيطان يقول كيف يغلبني ابن آدم وإذا رضي جئت حتى أكون في قلبه؟ وإذا غضب طرت حتى أكون في رأسه؟ وقال جعفر بن محمد: " الغضب مفتاح كل شر. " .....وقال بعض الأنصار: رأس الحمق الحدة , وقائده الغضب، ومن رضي بالجهل استغنى عن الحلم، والحلم زين ومنفعهة، والجهل شين ومضرة، والسكوت عن جواب الأحمق جوابه. وقال مجاهد: قال إبليس : " ما أعجزني بنو آدم فلن يعجزوني في ثلاث: " إذا سكر أحدهم أخذنا بخزامته فقدناه حيث شئنا وعمل لنا بما أحببنا، وإذا غضب قال بما لا يعلم وعمل بما يندم، ونبخله بما في يديه ونمنيه بما لا يقدر عليه. " ....... وقيل لحكيم : ما أملك فلاناً لنفسه! قال: " إذاً لا تذله الشهوة ولا يصرعه الهوى ولا يغلبه الغضب." ... وقال بعضهم: إياك والغضب فإنه يصيرك إلى ذلة الاعتذار. وقيل: اتقوا الغضب فإنه يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل. وقال عبد الله بن مسعود: انظروا إلى حلم الرجل عند غضبه، وأمانته عند طمعه وما علمك بحلمه إذا لم يغضب، وما علمك بأمانته إذا لم يطمع؟ وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله : " أن لا تعاقب عند غضبك وإذا غضبت على رجل فاحبسه، فإن سكن غضبك فأخرجه فعاقبه على قدر ذنبه، ولا تجاوز به خمسة عشر سوطاً. "..... وقال علي بن يزيد: " أغلظ رجل من قريش لعمر بن عبد العزيز القول فأطرق عمر زماناً طويلاً ثم قال: أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان فأنال منك اليوم ما تناله مني غداً؟ "...... وقال بعضهم لابنه: يا بني لا يثبت العقل عند الغضب كما لا تثبت روح الحي في التنانير المسجورة، فأقل الناس غضباً أعقلهم، فإن كان للدنيا كان دعاء ومكراً، وإن كان للآخرة كان حلماً وعلماً، فقد قيل: الغضب عدو العقل والغضب غول العقل. وكان عمر رضي الله عنه إذا خطب قال في خطبته: " أفلح منكم من حفظ من الطمع والهوى والغضب. " وقال بعضهم: من أطاع شهوته وغضبه قاداه إلى النار. وقال الحسن: من علامات المسلم : " قوة في دين وحزم في لين وإيمان في يقين وعلم في حلم وكيس في رفق وإعطاء في حق وقصد في غنى وتجمل في فاقة وإحسان في قدرة وتحمل في رفاقة وصبر في شدة، لا يغلبه الغضب ولا تجمح به الحمية ولا تغلبه شهوة ولا تفضحه بطنه ولا يستخفه حرصه ولا تقصر به نيته، فينصر المظلوم ويرحم الضعيف ولا يبخل ولا يبذر ولا يسرف ولا يقتر، يغفر إذا ظلم ويعفو عن الجاهل. نفسه منه في عناء والناس منه في رخاء. " .........وقيل لعبد الله بن المبارك أجمل لنا حسن الخلق في كلمة. فقال : " اترك الغضب. "....... وقال نبي من الأنبياء لمن تبعه : " من يتكفل لي أن لا يغضب فيكون معي في درجتي ويكون بعدي خليفتي؟ فقال شاب من القوم: أنا، ثم أعاد عليه فقال الشاب: أنا أوفي به، فلما مات كان في منزلته بعده وهو ذو الكفل، سمي به لأنه تكفل بالغضب ووفى به. " ..... وقال وهب بن منبه: للكفر أربعة أركان: " الغضب، والشهوة، والخرق، والطمع. "
...............يتبع :
العوضابي
05-01-2012, 11:33 AM
(39)
بيان حقيقة الغضب :
اعلم أن الله تعالى لما خلق الحيوان معرضاً للفساد والموتان، بأسباب في داخل بدنه وأسباب خارجة عنه؛ أنعم عليه بما يحميه عن الفساد ويدفع عنه الهلاك إلى أجل معلوم سماه في كتابه.أما السبب الداخلي: فهو أنه ركبه من الحرارة والرطوبة، وجعل بين الحرارة والرطوبة عداوة ومضادة، فلا تزال الحرارة تحلل الرطوبة وتجففها وتبخرها حتى تصير أجزاؤها بخاراً يتصاعد منها، فلو لم يصل بالرطوبة مدد من الغذاء بجبر ما انحل وتبخر من أجزائها لفسد الحيوان، فخلق الله الغذاء الموافق لبدن الحيوان وخلق في الحيوان شهوة تبعثه على تناول الغذاء؛ كالموكل به في جبر ما انكسر وسد ما انثلم ليكون ذلك حافظاً له من الهلاك بهذا السبب.
وأما الأسباب الخارجة التي يتعرض لها الإنسان: فكالسيف والسنان وسائر المهلكات التي يقصد بها، فافتقر إلى قوة وحمية تثور من باطنه فتدفع المهلكات عنه، فخلق الله طبيعة الغضب من النار وغرزها في الإنسان وعجنها بطينته. فمهما صد عن غرض من أغراضه ومقصود من مقاصده اشتعلت نار الغضب وثارت ثوراناً يغلي به دم القلب وينتشر في العروق ويرتفع إلى أعالي البدن، كما ترتفع النار وكما يرتفع الماء الذي يغلي في القدر، فلذلك ينصب إلى الوجه فيحمر الوجه والعين، والبشر لصفائها تحكي لون ما وراءها من حمرة الدم كما تحكي الزجاجة لون ما فيها. وإنما ينبسط الدم إذا غضب على من دونه واستشعر القدرة عليه، فإن صدر الغضب على من فوقه وكان معه يأس من الانتقام تولد منه انقباض الدم من ظاهر الجلد إلى جوف القلب وصار حزناً، ولذلك يصفر اللون، وإن كان الغضب على نظير يشك فيه تردد الدم بين انقباض وانبساط فيحمر ويصفر ويضطرب.وبالجملة فقوة الغضب محلها القلب ومعناها غليان دم القلب بطلب الانتقام وإنما تتوجه هذه القوة عند ثورانها إلى دفع المؤذيات قبل وقوعها وإلى التشفي والانتقام بعد وقوعها. والانتقام قوت هذه القوة وشهوتها وفيه لذتها، ولا تسكن إلا به. ثم إن الناس في هذه القوة على درجات ثلاثة في أول الفطرة من التفريط والإفراط والاعتدال.أما التفريط: فبفقد هذه القوة أو ضعفها وذلك مذموم، وهو الذي يقال فيه إنه لا حمية له. ولذلك قال الشافعي رحمه الله من استغضب فلم يغضب فهو حمار. فمن فقد قوة الغضب والحمية أصلاً فهو ناقص جداً، وقد وصف الله سبحانه أصحاب النبي بالشدة والحمية فقال "أشداء على الكفار رحماء بينهم" وقال لنبيه ﭬ "جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم" الآية وإنما الغلظة والشدة من آثار قوة الحمية وهو الغضب.وأما الإفراط: فهو أن تغلب هذه الصفة حتى تخرج عن سياسة العقل والدين وطاعته، ولا يبقى للمرء معها بصيرة ونظر وفكرة ولا اختيار، بل يصير في صورة المضطر. وسبب غلبته أمور غريزية وأمور اعتيادية: فرب إنسان هو بالفطرة مستعد لسرعة الغضب حتى كأن صورته في الفطرة صورة غضبان، ويعين على ذلك حرارة مزاج القلب لأن الغضب من النار كما قال ﭬ. وإنما برودة المزاج تطفئه وتكسر سورته. وأما الأسباب الاعتيادية: فهو أن يخالط قوماً يتبجحون بتشفي الغيظ وطاعة الغضب ويسمون ذلك شجاعة ورجولية، فيقول الواحد منهم: أنا الذي لا أصبر على المكر والمحال ولا أحتمل من أحد مراً! ومعناه لا عقل في ولا حلم. ثم يذكره في معرض الفخر بجهله. فمن سمعه رسخ في نفسه حسن الغضب وحب التشبه بالقوم فيقوى به الغضب. ومهما اشتدت نار الغضب وقوى اضطرامها أعمت صاحبها وأصمته عن كل موعظة، فإذا وعظ لم يسمع بل زاده ذلك غضباً، وإذا استضاء بنور عقله وراجع نفسه لم يقدر إذ ينطفئ نور العقل وينمحي في الحال بدخان الغضب، فإن معدن الفكر الدماغ، ويتصاعد عند شدة الغضب من غليان دم القلب دخان مظلم إلى الدماغ يستولي على معادن الفكر، وربما يتعدى إلى معادن الحس فتظلم عينه حتى لا يرى بعينه، وتسود عليه الدنيا بأسرها، ويكون دماغه على مثال كهف اضطرمت فيه نار. فاسود جوه وحمى مستقره وامتلأ بالدخان جوانيه وكان فيه سراج ضعيف فانمحى أو انطفأ نوره فلا تثبت فيه قدم ولا يسمع فيه كلام ولا ترى فيه صورة، ولا يقدر على إطفائه لا من داخل ولا من خارج، بل ينبغي أن يصبر إلى أن يحترق جميع ما يقبل الاحتراق: فكذلك يفعل الغضب بالقلب والدماغ. وربما تقوى نار الغضب فتفني الرطوبة التي بها حياة القلب، فيموت صاحبه غيظاً كما تقوى النار في الكهف فينشق وتنهد أعاليه على أسفله، وذلك لإبطال النار ما في جوانبه من القوة الممسكة الجامعة لأجزائه، فهكذا حال القلب عند الغضب. وبالحقيقة فالسفينة في ملتطم الأمواج عند اضطراب الرياح في لجة البحر أحسن حالاً وأرجى سلامة من النفس المضطربة غيظاً؛ إذ في السفينة من يحتال لتسكينها وتدبيرها وينظر لها ويسوسها، وأما القلب فهو صاحب السفينة وقد سقطت حيلته إذ أعماه الغضب وأصمه. ومن آثار هذا الغضب في الظاهر تغير اللون وشدة الرعدة في الأطراف وخروج الأفعال عن الترتيب والنظام واضطراب الحركة والكلام، حتى يظهر الزبد على الأشداق وتحمر الأحداق وتنقلب المناخر وتستحيل الخلقة، ولو رأى الغضبان في حالة غضبه قبح صورته لسكن غضبه حياء من قبح صورته واستحالة خلقته، وقبح باطنه أعظم من قبح ظاهره فإن الظاهر عنوان الباطن، وإنما قبحت صورة الباطن أولاً ثم انتشر قبحها إلى الظاهر ثانياً، فتغير الظاهر ثمرة تغير الباطن فقس الثمرة بالمثمرة فهذا أثره في الجسد.وأما أثره في اللسان فانطلاقه بالشتم والفحش من الكلام الذي يستحي منه ذو العقل ويستحي منه قائله عند فتور الغضب، وذلك مع تخبط النظم واضطراب اللفظ.أما أثره على الأعضاء فالضرب والتهجم والتمزيق والقتل والجرح عند التمكن من غير مبالاة، فإن هرب منه المغضوب عليه أو فاته بسبب وعجز عن التشفي رجع الغضب على صاحبه فمزق ثوب نفسه ويطلم نفسه، وقد يضرب بيده على الأرض ويعدو عدو الواله السكران والمدهوش المتحير، وربما يسقط سريعاً لا يطيق العدو والنهوض بسبب شدة الغضب ويعتريه مثل الغشية، وربما يضرب الجمادات والحيوانات فيضرب القصعة مثلاً على الأرض وقد يكسر المائدة إذا غضب عليها. ويتعاطى أفعال المجانين فيشتم البهيمة والجمادات ويخاطبها ويقول: إلى متى منك هذا يا كيت وكيت؟ كأنه يخاطب عاقلاً، حتى ربما رفسته فيرفس الدابة ويقابلها بذلك.وأما أثرة في القلب مع المغضوب عليه فالحقد والحسد وإضمار السوء والشماتة بالمساءات والحزن بالسرور والعزم على إفشاء السر وهتك الستر والاستهزاء وغير ذلك من القبائح، فهذه ثمرة الغضب المفرط.وأما ثمرة الحمية الضعيفة فقلة الأنفة مما يؤنف منه من التعرض للحرم والزوجة والأمة واحتمال الذل من الأخساء وصغر النفس والقماءة وهو أيضاً مذموم، إذ من ثمراته عدم الغيرة على الحرام وهو خنوثة قال صلى الله عليه وسلم : " إن سعداً لغيور وأنا أغير من سعد وأن الله أغير مني" وإنما خلقت الغيرة لحفظ الأنساب. ولو تسامح الناس بذلك لاختلطت الأنساب. ولذلك قيل : " كل أمة وضعت الغيرة في رجالها وضعت الصيانة في نسائها." ومن ضعف الغضب الخور والسكوت عند مشاهدة المنكرات وقد قال صلى الله عليه وسلم : " خير أمتي أحداؤها " يعني في الدين وقال تعالى : " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " بل من فقد الغضب عجز عن رياضة نفسه، إذ لا تتم الرياضة إلا بتسليط الغضب على الشهوة، حتى يغضب على نفسه عند الميل إلى الشهوات الخسيسة. ففقد الغضب مذموم، وإنما المحمود : " غضب ينتظر إشارة العقل والدين " فينبعث حيث تجب الحمية وينطفئ حيث يحسن الحلم ، وحفظه على حد الاعتدال هو الاستقامة التي كلف الله بها عباده وهو الوسط الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " خير الأمور أوساطها " فمن مال غضبه إلى الفتور حتى أحس من نفسه بضعف الغيرة ,وخسة النفس , في احتمال الذل والضيم في غير محله , فينبغي أن يعالج نفسه حتى يقوى غضبه. ومن مال غضبه إلى الإفراط حتى جره إلى التهور واقتحام الفواحش فينبغي أن يعالج نفسه لينقص من سورة الغضب ويقف على الوسط الحق بين الطرفين؛ فهو : " الصراط المستقيم " وهو أرق من الشعرة وأحد من السيف؛ فأن عجز عنه فليطلب القرب منه قال تعالى : " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة " فليس كل من عجز عن الإتيان بالخير كله ينبغي أن يأتي بالشر كله ؛ ولكن بعض الشر أهون من بعض , وبعض الخير أرفع من بعض. فهذه حقيقة الغضب ودرجاته نسأله الله حسن التوفيق لما يرضيه إنه على ما يشاء قدير.
بيان الغضب هل يمكن إزالة أصله بالرياضة أم لا ؟؟؟
اعلم أنه ظن ظانون أنه يتصور محو الغضب بالكلية، وزعموا أن الرياضة إليه تتوجه وإياه تقصد، وظن آخرون أنه أصل لا يقبل العلاج. وهذا رأي من يظن أن الخلق كالخلق وكلاهما لا يقبل التغيير، وكلا الرأيين ضعيف. بل الحق فيه ما نذكره وهو أنه ما بقي الإنسان يحب شيئاً ويكره شيئاً فلا يخلو من الغيظ والغضب، وما دام يوافقه شيء ويخالفه آخر فلا بد من أن يحب ما يوافقه ويكره ما يخالفه، والغضب يتبع ذلك فإنه مهما أخذ منه محبوبه غضب لا محالة، وإذا قصد بمكروه غضب لا محالة.إلا أن ما يحبه الإنسان ينقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول : ما هو ضرورة في حق الكافة كالقوت والمسكن والملبس وصحة البدن، فمن قصد بدنه بالضرب والجرح فلا بد وأن يغضب، وكذلك إذا أخذ منه ثوبه الذي يستر عورته، وكذلك إذا أخرج من داره التي هي مسكنه أو أريق ماؤه الذي لعطشه، فهذه ضرورات لا يخلو الإنسان من كراهة زوالها ومن غيظ على من يتعرض لها.القسم الثاني : ما ليس ضرورياً لأحد من الخلق كالجاه والمال الكثير والغلمان والدواب، فإن هذه الأمور صارت محبوبة بالعادة والجهل بمقاصد الأمور، حتى صار الذهب والفضة محبوبين في أنفسهما فيكنزان، ويغضب على من يسرقهما وإن كان مستغنياً عنهما في القوت، فهذا الجنس مما يتصور أن ينفك الإنسان عن أصل الغيظ عليه، فإذا كانت له دار زائدة على مسكنه فهدمه ظالم فيجوز أن لا يغضب، إذ يجوز أن يكون بصيراً بأمر الدنيا فيزهد في الزيادة على الحاجة فلا يغضب بأخذها، فإنه لا يحب وجودها ولو أحب وجودها لغضب على الضرورة بأخذها وأكثر غضب الناس على ما هو غير ضروري كالجاه , والصيت , والتصدر في المجالس , والمباهاة في العلم ، فمن غلب هذا الحب عليه فلا محالة يغضب إذا زاحمه مزاحم على التصدر في المحافل، ومن لا يحب ذلك فلا يبالي ولو جلس في صف النعال، فلا يغضب إذا جلس غيره فوقه. وهذه العادات الرديئة هي التي أكثرت محاب الإنسان ومكارهه فأكثرت غضبه، وكلما كانت الإرادات والشهوات أكثر كان صاحبها أحط رتبة وأنقص، لأن الحاجة صفة نقص فمهما كثرت كثر النقص، والجاهل أبدا جهده في أن يزيد في حاجاته وفي شهواته، وهو لا يدري أنه مستكثر من أسباب الغم والحزن، حتى ينتهى بعض الجهال بالعادات الرديئة ومخالطة قرناء السوء إلى أن يغضب لو قيل له : إنك لا تحسن اللعب بالطيور واللعب بالشطرنج ولا تقدر على شرب الخمر الكثير وتناول الطعام الكثير، وما يجري مجراه من الرذائل، فالغضب على هذا الجنس ليس بضروري لأن حبه ليس بضروري.القسم الثالث : ما يكون ضرورياً في حق بعض الناس دون البعض، كالكتاب مثلاً في حق العالم لأنه مضطر إليه فيحبه فيغضب على من يحرقه ويغرقه، وكذلك أدوات الصناعات في حق المكتسب الذي لا يمكنه التوصل إلى القوت إلا بها، فإنما هو وسيلة إلى الضروري، والمحبوب يصير ضرورياً ومحبوباً، وهذا يختلف بالأشخاص وإنما الحب الضروري ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله
: " من أصبح آمناً في سربه معافى في بدنه وله قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها " ومن كان بصيراً بحقائق الأمور وسلم له هذه الثلاثة يتصور أن لا يغضب في غيرها فهذه ثلاثة أقسام فلنذكر غاية الرياضة في كل واحد منها.
...............يتبع :
العوضابي
05-11-2012, 02:09 PM
(40)
أما القسم الأول: فليست الرياضة فيه لينعدم غيظ القلب ولكن لكي يقدر على أن لا يطيع الغضب ولا يستعمله في الظالم إلا على حد يستحبه الشرع , ويستحسنه العقل، وذلك ممكن بالمجاهدة وتكلف الحلم والاحتمال مدة، حتى يصير الحلم والاحتمال خلقاً راسخاً فأما قمع أصل الغيظ من القلب فذلك ليس مقتضى الطبع وهو غير ممكن نعم يمكن كسر سورته وتضعيفه حتى لا يشتد هيجان الغيظ في الباطن، وينتهي ضعفه إلى أن لا يظهر أثره في الوجه، ولكن ذلك شديد جداً وهذا حكم القسم الثالث أيضاً لأن ما صار ضرورياً في حق شخص فلا يمنعه من الغيظ , استغناء غيره عنه. فالرياضة فيه تمنع العمل به وتضعف هجيانه في الباطن حتى لا يشتد التألم بالصبر عليه.وأما القسم الثاني : فيمكن التوصل بالرياضة إلى الانفكاك عن الغضب عليه إذ يمكن إخراج حبه من القلب، وذلك بأن يعلم الإنسان أن وطنه القبر , ومستقره الآخرة , وأن الدنيا معبر يعبر عليها , ويتزود منها قدر الضرورة ، وما وراء ذلك عليه وبال في وطنه ومستقره فيزهد في الدنيا , ويمحو حبها عن قلبه ، ولو كان للإنسان كلب لا يحبه , لا يغضب إذا ضربه غيره ، فالغضب تبع للحب , فالرياضة في هذا تنتهي إلى قمع أصل الغضب , وهو نادر جداً ، وقد تنتهي إلى المنع من استعمال الغضب والعمل بموجبه وهو أهون , فإن قلت : الضروري من القسم الأول التألم بفوات المحتاج إليه دون الغضب، فمن له شاة مثلاً وهي قوته فماتت لا يغضب على أحد وإن كان يحصل فيه كراهة، وليس من ضرورة كل كراهة غضب، فإن الإنسان يتألم بالفصد والحجامة ولا يغضب على الفصاد والحجام , فمن غلب عليه التوحيد حتى يرى الأشياء كلها بيد الله ومنه , فلا يغضب على أحد من خلقه ؛ إذ يراهم مسخرين في قبضة قدرته , كالقلم في يد الكاتب ، ومن وقع ملك بضرب رقبته لم يغضب على القلم، فلا يغضب على من يذبح شاته التي هي قوته كما لا يغضب على موتها، إذ يرى الذبح والموت من الله عز وجل لا يقدر له إلا ما فيه الخيرة ، وربما تكون الخيرة في مرضه وجوعه وجرحه وقتله ، فلا يغضب كما لا يغضب على الفصاد والحجام لأنه يرى أن الخيرة فيه ، فيقول هذا على هذا الوجه غير محال، ولكن غلبة التوحيد إلى هذا الحد إنما تكون كالبرق الخاطف، تغلب في أحوال مختلفة ولا تدوم، ويرجع القلب إلى الالتفات إلى الوسائط رجوعاً طبيعياً لا يندفع عنه، ولو تصور ذلك على الدوام لبشر لتصور لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فإنه كان يغضب حتى تحمر وجنتاه حتى قال : " اللهم أنا بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما مسلم سببته أو لعنته أو ضربته فاجعلها مني صلاة عليه وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة " وقال عبد اله بن عمرو بن العاص: يا رسول الله أكتب عنك كل ما قلت في الغضب والرضا فقال : " اكتب فوالذي بعثني بالحق نبياً ما يخرج منه إلا حق " وأشار إلى لسانه فلم يقل إني لا أغضب، ولكن قال إن الغضب لا يخرجني عن الحق، أي لا أعمل بموجب الغضب. وغضبت عائشة رضي الله تعالى عنها مرة فقال لها رسول الله صلى الله عليها وسلم : " مالك؟ جاءك شيطانك" فقالت : وما لك شيطان؟ قال : " بلى ولكني دعوت الله فأعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بالخير" ولم يقل: لا شيطان لي، وأراد شيطان الغضب لكن قال: لا يحملني على الشر. وقال علي رضي الله تعالى عنه : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغضب للدنيا فإذا أغضبه الحق لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له " فكان يغضب على الحق، وإن كان غضبه لله فهو التفات إلى الوسائط على الجملة، بل كل من يغضب على من يأخذ ضرورة قوته , وحاجته التي لا بد له في دينه منها , فإنما غضب لله ، فلا يمكن الانفكاك عنه , نعم قد يفقد أصل الغضب فيما هو ضروري إذا كان القلب مشغولاً بضروري أهم منه، فلا يكون في القلب متسع للغضب لاشتغاله بغيره ، فإن استغراق القلب ببعض المهمات يمنع الإحساس بما عداه , وهذا كما أن سلمان لما شتم قال : " إن خفت موازيني فأنا شر مما تقول وإن ثقلت موازيني لم يضرني ما تقول. " فقد كان همه مصروفاً إلى الآخرة فلم يتأثر قلبه بالشتم. وكذلك شتم الربيع بن خثيم فقال : " يا هذا قد سمع الله كلامك وإن دون الجنة عقبة إن قطعتها لم يضرني ما تقول ، وإن لم أقطعها فأنا شر مما تقول . " وسب رجل أبا بكر رضي الله عنه فقال : " ما ستر الله عنك أكثر " فكأنه كان مشغولاً بالنظر في تقصير نفسه عن أن يتقي الله حق تقاته ويعرفه حق معرفته، فلم يغضبه نسبة غيره إياه إلى نقصان، إذ كان ينظر إلى نفسه بعين النقصان، وذلك لجلالة قدره. وقالت امرأة لمالك بن دينار: " يا مرائي " فقال : " ما عرفني غيرك! " فكأنه كان مشغولاً بأن ينفي عن نفسه آفة الرياء ، ومنكراً على نفسه ما يلقيه الشيطان إليه فلم يغضب لما نسب إليه. وسب رجل الشعبي فقال : " إن كنت صادقاً فغفر الله لي ، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك. " فهذه الأقاويل دالة في الظاهر على أنهم لم يغضبوا لاشتغال قلوبهم بمهمات دينهم، ويحتمل أن يكون ذلك قد أثر في قلوبهم ولكنهم لم يشتغلوا به واشتغلوا بما كان هو الأغلب على قلوبهم، فإذاً اشتغال القلب ببعض المهمات لا يبعد أن يمنع هيجان الغضب عند فوات بعض المحاب؛ فإذاً يتصور فقد الغيظ إما باشتعال القلب بمهم، أو بغلبة نظر التوحيد، أو بسبب ثالث : وهو أن يعلم أن الله يحب منه أن لا يغتاط فيطفئ شدة حبه لله غيظه، وذلك غير محال في أحوال نادرة. وقد عرفت بهذا أن الطريق للخلاص من نار الغضب محو حب الدنيا عن القلب وذلك بمعرفة آفات الدنيا وغوائلها -كما سيأتي في كتاب ذم الدنيا- ومن أخرج حب المزايا عن القلب تخلص من أكثر أسباب الغضب، وما لا يمكن محوه , يمكن كسره , وتضعيفه , فيضعف الغضب بسببه ويهون دفعه. نسأل الله حسن التوفيق بلطفه وكرمه إنه على كل شيء قدير والحمد لله وحده.بيان الأسباب المهيجة للغضب قد عرفت أن علاج كل علة حسم مادتها وإزالة أسبابها فلا بد من معرفة أسباب الغضب. وقد قال يحيى لعيسى عليهما السلام: " أي شيء أشد؟ " قال: "غضب الله " قال : " فما يقرب من غضب الله " قال : " أن تغضب " قال: " فما يبدي الغضب وما ينبته؟ " قال عيسى : " الكبر والفخر والتعزز والحمية. "والأسباب المهيجة للغضب هي : " الزهو والعجب والمزاح والهزل والهزء والتعيير والمماراة , والمضادة , والغدر , وشدة الحرص على فضول المال , والجاه " ... وهي بأجمعها أخلاق رديئة مذمومة شرعاً ولا خلاص من الغضب مع بقاء هذه الأسباب فلا بد من إزالة هذه الأسباب بأضدادها.فينبغي أن تميت الزهو بالتواضع , وتميت العجب بمعرفتك بنفسك , -كما سيأتي بيانه في كتاب الكبر والعجب- وتزيل الفخر بأنك من جنس عبدك , إذ الناس يجمعهم في الانتساب أب واحد؛ وإنما اختلفوا في الفضل أشتاتاً فبنو آدم جنس واحد وإنما الفخر بالفضائل؛ والفخر والعجب والكبر أكبر الرذائل , وهي أصلها ورأسها، فإذا لم تخل عنها , فلا فضل لك على غيرك ، فلم تفتخر وأنت من جنس عبدك , من حيث البنية والنسب والأعضاء الظاهرة والباطنة؟ وأما المزاح فتزيله بالتشاغل بالمهمات الدينية التي تستوعب العمر وتفضل عنه إذا عرفت ذلك. وأما الهزء فتزيله بالتكرم عن إيذاء الناس وبصيانة النفس عن أن يستهزأ بك. وأما التعيير فالحذر عن القول القبيح وصيانة النفس عن مر الجواب. وأما شدة الحرص على مزايا العيش فتزال بالقناعة بقدر الضرورة طلباً لعز الاستغناء وترفعاً عن ذل الحاجة .
............... يتبع :
العوضابي
05-22-2012, 12:10 PM
" مع مقدمة كتاب : " الظلال "
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
يقول كاتب الظلال :
الحياة في ظلال القرآن نعمة . نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها . نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه.
والحمد لله . . لقد منَّ علي بالحياة في ظلال القرآن فترة من الزمان ، ذقت فيها من نعمته ما لم أذق قط في حياتي . ذقت فيها هذه النعمة التي ترفع العمر وتباركه وتزكيه .
لقد عشت أسمع الله - سبحانه - يتحدث إلي بهذا القرآن . . أنا العبد القليل الصغير . . أي تكريم للإنسان هذا التكريم العلوي الجليل ؟ أي رفعة للعمر يرفعها هذا التنزيل ؟ أي مقام كريم يتفضل به على الإنسان خالقه الكريم ؟
وعشت - في ظلال القرآن - أنظر من علو إلى الجاهلية التي تموج في الأرض ، وإلى اهتمامات أهلها الصغيرة الهزيلة . . أنظر إلى تعاجب أهل هذه الجاهلية بما لديهم من معرفة الأطفال ، وتصورات الأطفال ، واهتمامات الأطفال . . كما ينظر الكبير إلى عبث الأطفال ، ومحاولات الأطفال . ولثغة الأطفال . . وأعجب . . ما بال هذا الناس ؟! ما بالهم يرتكسون في الحمأة الوبيئة ، ولا يسمعون النداء العلوي الجليل . النداء الذي يرفع العمر ويباركه ويزكيه ؟
عشت أتملى - في ظلال القرآن - ذلك التصور الكا مل الشامل الرفيع النظيف للوجود . . لغاية الوجود كله ، وغاية الوجود الإنساني . . وأقيس إليه تصورات الجاهلية التي تعيش فيها البشرية ، في شرق وغرب ، وفي شمال وجنوب . . وأسأل . . كيف تعيش البشرية في المستنقع الآسن ، وفي الدرك الهابط ، وفي الظلام البهيم وعندها ذلك المرتع الزكي ، وذلك المرتقى العالي ، وذلك النور الوضيء ؟
وعشت - في ظلال القرآن - أحس التناسق الجميل بين حركة الإنسان كما يريدها الله ، وحركة هذا الكون الذي أبدعه الله . . ثم أنظر . . فأرى التخبط الذي تعانيه البشرية في انحرافها عن السنن الكونية ، والتصادم بين التعاليم الفاسدة الشريرة التي تملى عليها وبين فطرتها التي فطرها الله عليها . وأقول في نفسي: أي شيطان لئيم هذا الذي يقود خطاها إلى هذا الجحيم ؟ يا حسرة على العباد !!!
وعشت - في ظلال القرآن - أرى الوجود أكبر بكثير من ظاهره المشهود . . أكبر في حقيقته ، وأكبر في تعدد جوانبه . . إنه عالم الغيب والشهادة لا عالم الشهادة وحده . وإنه الدنيا والآخرة ، لا هذه الدنيا وحدها . . والنشأة الإنسانية ممتدة في شعاب هذا المدى المتطاول كله إنما هو قسط من ذلك النصيب . وما يفوته هنا من الجزاء لا يفوته هناك . فلا ظلم ولا بخس ولا ضياع . على أن المرحلة التي يقطعها على ظهر هذا الكوكب إنما هي رحلة في كون حي مأنوس ، وعالم صديق ودود . كون ذي روح تتلقى وتستجيب ، وتتجه إلى الخالق الواحد الذي تتجه إليه روح المؤمن في خشوع: (( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال . . تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ، وإن من شيء إلا يسبح بحمده )). ........ أي راحة ، وأي سعة وأي أنس ، وأي ثقة يفيضها على القلب هذا التصور الشامل الكامل الفسيح الصحيح ؟
وعشت - في ظلال القرآن - أرى الإنسان أكرم بكثير من كل تقدير عرفته البشرية من قبل للإنسان ومن بعد . . إنه إنسان بنفخة من روح الله: فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين . . وهو بهذه النفخة مستخلف في الأرض: (( وإذ قال ربك للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة )) . . ومسخر له كل ما في الأرض: (( وسخر لكم ما في الأرض جميعا )). . ولأن الإنسان بهذا القدر من الكرامة والسمو جعل الله الآصرة التي يتجمع عليها البشر هي الآصرة المستمدة من النفخة الإلهية الكريمة . جعلها آصرة العقيدة في الله . . فعقيدة المؤمن هي وطنه ، وهي قومه ، وهي أهله . . ومن ثم يتجمع البشر عليها وحدها ، لا على أمثال ما تتجمع عليه البهائم من كلأ ومرعى وقطيع وسياج ! . .
والمؤمن ذو نسب عريق ، ضارب في شعاب الزمان . إنه واحد من ذلك الموكب الكريم ، الذي يقود خطاه ذلك الرهط الكريم: نوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ، ويعقوب ويوسف ، وموسى وعيسى ، ومحمد . . عليهم الصلاة والسلام . . (( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون )) . .
هذا الموكب الكريم ، الممتد في شعاب الزمان من قديم ، يواجه - كما يتجلى في ظلال القرآن - مواقف متشابهة ، وأزمات متشابهة ، وتجارب متشابهة على تطاول العصور وكر الدهور ، وتغير المكان ، وتعدد الأقوام . يواجه : الضلال والعمى والطغيان والهوى ، والاضطهاد والبغي ، والتهديد والتشريد . ولكنه يمضي في طريقه ثابت الخطو ، مطمئن الضمير ، واثقا من نصر الله ، متعلقا بالرجاء فيه ، متوقعا في كل لحظة وعد الله الصادق الأكيد: (( وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا . فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ، ولنسكننكم الأرض من بعدهم . ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد )) . . موقف واحد وتجربة واحدة . وتهديد واحد . ويقين واحد . ووعد واحد للموكب الكريم . . وعاقبة واحدة ينتظرها المؤمنون في نهاية المطاف . وهم يتلقون الاضطهاد والتهديد والوعيد . .
الحياة فى الظلال :
وفي ظلال القرآن تعلمت أنه لا مكان في هذا الوجود للمصادفة العمياء ، ولا للفلتة العارضة: (( إنا كل شيء خلقناه بقدر )) . . (( وخلق كل شيء فقدره تقديرا )) . . وكل أمر لحكمة . ولكن حكمة الغيب العميقة قد لا تتكشف للنظرة الإنسانية القصيرة: ( فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )). . (( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم . والله يعلم وأنتم لا تعلمون )). . والأسباب التي تعارف عليها الناس قد تتبعها آثارها وقد لا تتبعها ، والمقدمات التي يراها الناس حتمية قد تعقبها نتائجها وقد لا تعقبها . ذلك أنه ليست الأسباب والمقدمات هي التي تنشئ الآثار والنتائج ، وإنما هي الإرادة الطليقة التي تنشئ الآثار والنتائج كما تنشئ الأسباب والمقدمات سواء: (( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا )). . ((وما تشاءون إلا أن يشاء الله )) . . والمؤمن يأخذ بالأسباب لأنه مأمور بالأخذ بها . والله هو الذي يقدر آثارها ونتائجها . . والاطمئنان إلى رحمة الله وعدله وإلى حكمته وعلمه هو وحده الملاذ الأمين ، والنجوة من الهواجس والوساوس: (( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ، والله يعدكم مغفرة منه وفضلا ، والله واسع عليم )). .
ومن ثم عشت - في ظلال القرآن - هادئ النفس ، مطمئن السريرة ، قرير الضمير . . عشت أرى يد الله في كل حادث وفي كل أمر . عشت في كنف الله وفي رعايته . عشت أستشعر إيجابية صفاته تعالى وفاعليتها . . (( أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ؟ )) . . (( وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير )) . . (( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) . . (( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه )) . . (( فعال لما يريد )) . . (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) .......(( ومن يتوكل على الله فهو حسبه . إن الله بالغ أمره )). . ...... (( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها . . أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه . . ومن يهن الله فما له من مكرم . . ومن يضلل الله فما له من هاد )). . إن الوجود ليس متروكا لقوانين آلية صماء عمياء . فهناك دائما وراء السنن الإرادة المدبرة ، والمشيئة المطلقة . . (( والله يخلق ما يشاء ويختار )).
............... يتبع :
العوضابي
06-04-2012, 09:46 AM
(42)
كذلك تعلمت أن يد الله تعمل . ولكنها تعمل بطريقتها الخاصة ؛ وأنه ليس لنا أن نستعجلها ؛ ولا أن نقترح على الله شيئا . فالمنهج الإلهي - كما يبدو في ظلال القرآن - موضوع ليعمل في كل بيئة ، وفي كل مرحلة من مراحل النشأة الإنسانية ، وفي كل حالة من حالات النفس البشرية الواحدة . . وهو موضوع لهذا الإنسان الذي يعيش في هذه الأرض ، آخذ في الاعتبار فطرة هذا الإنسان وطاقاته واستعداداته ، وقوته وضعفه ، وحالاته المتغيرة التي تعتريه . . إن ظنه لا يسوء بهذا الكائن فيحتقر دوره في الأرض ، أو يهدر قيمته في صورة من صور حياته ، سواء وهو فرد أو وهو عضو في جماعة . كذلك هو لا يهيم مع الخيال فيرفع هذا الكائن فوق قدره وفوق طاقته وفوق مهمته التي أنشأه الله لها يوم أنشأه . . ولا يفترض في كلتا الحالتين أن مقومات فطرته سطحية تنشأ بقانون أو تكشط بجرة قلم ! . . الإنسان هو هذا الكائن بعينه . بفطرته وميوله واستعداداته يأخذ المنهج الإلهي بيده ليرتفع به إلى أقصى درجات الكمال المقدر له بحسب تكوينه ووظيفته ، ويحترم ذاته وفطرته ومقوماته ، وهو يقوده في طريق الكمال الصاعد إلى الله . . ومن ثم فإن المنهج الإلهي موضوع للمدى الطويل - الذي يعلمه خالق هذا الإنسان ومنزل هذا القرآن - ومن ثم لم يكن معتسفا ولا عجولا في تحقيق غاياته العليا من هذا المنهج . إن المدى أمامه ممتد فسيح ، لا يحده عمر فرد ، ولا تستحثه رغبة فان ، يخشى أن يعجله الموت عن تحقيق غايته البعيدة ؛ كما يقع لأصحاب المذاهب الأرضية الذين يعتسفون الأمر كله في جيل واحد ، ويتخطون الفطرة المتزنة الخطى لأنهم لا يصبرون على الخطو المتزن ! وفي الطريق العسوف التي يسلكونها تقوم المجازر ، وتسيل الدماء ، وتتحطم القيم ، وتضطرب الأمور . ثم يتحطمون هم في النهاية وتتحطم مذاهبهم المصطنعة تحت مطارق الفطرة التي لا تصمد لها المذاهب المعتسفة ! فأما الإسلام فيسير هينا لينا مع الفطرة ، يدفعها من هنا ، ويردعها من هناك ، ويقومها حين تميل ، ولكنه لا يكسرها ولا يحطمها . إنه يصبر عليها صبر العارف البصير الواثق من الغاية المرسومة . . والذي لا يتم في هذه الجولة يتم في الجولة الثانية أو الثالثة أو العاشرة أو المائة أو الألف . . فالزمن ممتد ، والغاية واضحة ، والطريق إلى الهدف الكبير طويل ، وكما تنبت الشجرة الباسقة وتضرب بجذورها في التربة ، وتتطاول فروعها وتتشابك . . كذلك ينبت الإسلام ويمتد في بطء وعلى هينة وفي طمأنينة . ثم يكون دائما ما يريده الله أن يكون . . والزرعة قد تسقى عليها الرمال ، وقد يأكل بعضها الدود ، وقد يحرقها الظمأ . وقد يغرقها الري . ولكن الزارع البصير يعلم أنها زرعة للبقاء والنماء ، وأنها ستغالب الآفات كلها على المدى الطويل ؛ فلا يعتسف ولا يقلق ، ولا يحاول إنضاجها بغير وسائل الفطرة الهادئة المتزنة ، السمحة الودود . . إنه المنهج الإلهي في الوجود كله . . (( ولن تجد لسنة الله تبديلا )). .
والحق في منهج الله أصيل في بناء هذا الوجود . ليس فلتة عابرة ، ولا مصادفة غبر مقصودة . . إن الله سبحانه هو الحق . ومن وجوده تعالى يستمد كل موجود وجوده: (( ذلك بأن الله هو الحق ، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ، وأن الله هو العلي الكبير )) . . وقد خلق الله هذا الكون بالحق لا يتلبس بخلقه الباطل: (( ما خلق الله ذلك إلا بالحق )). . (( ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك ! )) والحق هو قوام هذا الوجود فإذا حاد عنه فسد وهلك: (( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن )) . . ومن ثم فلا بد للحق أن يظهر ، ولا بد للباطل أن يزهق . . ومهما تكن الظواهر غير هذا فإن مصيرها إلى تكشف صريح: (( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق )) . .
والخير والصلاح والإحسان أصيلة كالحق ، باقية بقاءه في الأرض: (( أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها ، فاحتمل السيل زبدا رابيا ، ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع ، زبد مثله . كذلك يضرب الله الحق والباطل . فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض . كذلك يضرب الله الأمثال )). . . (( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون )). ((ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار . يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة . ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )). .
أي طمأنينة ينشئها هذا التصور ؟ وأي سكينة يفيضها على القلب ؟ وأي ثقة في الحق والخير والصلاح ؟ وأي قوة واستعلاء على الواقع الصغير يسكبها في الضمير ؟
أثر الحياة فى الظلال :
من فترة الحياة - في ظلال القرآن - إلى يقين جازم حاسم . . إنه لا صلاح لهذه الأرض ، ولا راحة لهذه البشرية ، ولا طمأنينة لهذا الإنسان ، ولا رفعة ولا بركة ولا طهارة ، ولا تناسق مع سنن الكون وفطرة الحياة . . إلا بالرجوع إلى الله . .
والرجوع إلى الله - كما يتجلى في ظلال القرآن - له صورة واحدة وطريق واحد . . واحد لا سواه . . إنه العودة بالحياة كلها إلى منهج الله الذي رسمه للبشرية في كتابه الكريم . . إنه تحكيم هذا الكتاب وحده في حياتها . والتحاكم إليه وحده في شؤونها . وإلا فهو الفساد في الأرض ، والشقاوة للناس ، والارتكاس في الحمأة ، والجاهلية التي تعبد الهوى من دون الله: (( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم . ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ؟ إن الله لا يهدي القوم الظالمين )). .
إن الاحتكام إلى منهج الله في كتابه ليس نافلة ولا تطوعا ولا موضع اختيار ، إنما هو الإيمان . . أو . . فلا إيمان . . (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) . . (( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون )). .......(( إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ، وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض ، والله ولي المتقين )) . .
والأمر إذن جد . . إنه أمر العقيدة من أساسها . . ثم هو أمر سعادة هذه البشرية أو شقائها . .
إن هذه البشرية - وهي من صنع الله - لا تفتح مغاليق فطرتها إلا بمفاتيح من صنع الله ؛ ولا تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي يخرج من يده - سبحانه - وقد جعل في منهجه وحده مفاتيح كل مغلق ، وشفاء كل داء: (( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين )) . . ..... ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم )). . ولكن هذه البشرية لا تريد أن ترد القفل إلى صانعه ، ولا أن تذهب بالمريض إلى مبدعه ، ولا تسلك في أمر نفسها ، وفي أمر إنسانيتها ، وفي أمر سعادتها أو شقوتها . . ما تعودت أن تسلكه في أمر الأجهزة والآلات المادية الزهيدة التي تستخدمها في حاجاتها اليومية الصغيرة . . وهي تعلم أنها تستدعي لإصلاح الجهاز مهندس المصنع الذي صنع الجهاز . ولكنها لا تطبق هذه القاعدة على الإنسان نفسه ، فترده إلى المصنع الذي منه خرج ، ولا أن تستفتي المبدع الذي أنشأ هذا الجهاز العجيب ، الجهاز الإنساني العظيم الكريم الدقيق اللطيف ، الذي لا يعلم مساربه ومداخله إلا الذي أبدعه وأنشأه: (( إنه عليم بذات الصدور )) . (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ؟ )). .
............... يتبع :
العوضابي
06-13-2012, 02:08 PM
(43)
ومن هنا جاءت الشقوة للبشرية الضالة . البشرية المسكينة الحائرة ، البشرية التي لن تجد الرشد ، ولن تجد الهدى ، ولن تجد الراحة ، ولن تجد السعادة ، إلا حين ترد الفطرة البشرية إلى صانعها الكبير ، كما ترد الجهاز الزهيد إلى صانعه الصغير !
ولقد كانت تنحية الإسلام عن قيادة البشرية حدثا هائلا في تاريخها ، ونكبة قاصمة في حياتها ، نكبة لم تعرف لها البشرية نظيرا في كل ما ألم بها من نكبات . .
لقد كان الإسلام قد تسلم القيادة بعد ما فسدت الأرض ، وأسنت الحياة ، وتعفنت القيادات ، وذاقت البشرية الويلات من القيادات المتعفنة ؛ و ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس . .
تسلم الإسلام القيادة بهذا القرآن ، وبالتصور الجديد الذي جاء به القرآن ، وبالشريعة المستمدة من هذا التصور . . فكان ذلك مولدا جديدا للإنسان أعظم في حقيقته من المولد الذي كانت به نشأته . لقد أنشأ هذا القرآن للبشرية تصورا جديدا عن الوجود والحياة والقيم والنظم ؛ كما حقق لها واقعا اجتماعيا فريدا ، كان يعز على خيالها تصوره مجرد تصور ، قبل أن ينشئه لها القرآن إنشاء . . نعم ! لقد كان هذا الواقع : من النظافة والجمال ، والعظمة والارتفاع ، والبساطة واليسر ، والواقعية والإيجابية ، والتوازن والتناسق . . . بحيث لا يخطر للبشرية على بال ، لولا أن الله أراده لها ، وحققه في حياتها . . في ظلال القرآن ، ومنهج القرآن ، وشريعة القرآن .
ثم وقعت تلك النكبة القاصمة . ونحي الإسلام عن القيادة . نحي عنها لتتولاها الجاهلية مرة أخرى ، في صورة من صورها الكثيرة . صورة التفكير المادي الذي تتعاجب به البشرية اليوم ، كما يتعاجب الأطفال بالثوب المبرقش واللعبة الزاهية الألوان !
إن هناك عصابة من المضللين الخادعين أعداء البشرية . يضعون لها المنهج الإلهي في كفة والإبداع الإنساني في عالم المادة في الكفة الأخرى ؛ ثم يقولون لها: اختاري !!! اختاري إما المنهج الإلهي في الحياة والتخلي عن كل ما أبدعته يد الإنسان في عالم المادة ، وإما الأخذ بثمار المعرفة الإنسانية والتخلي عن منهج الله !!! وهذا خداع لئيم خبيث . فوضع المسألة ليس هكذا أبدا . . إن المنهج الإلهي ليس عدوا للإبداع الإنساني . إنما هو منشئ لهذا الإبداع وموجه له الوجهة الصحيحة . . ذلك كي ينهض الإنسان بمقام الخلافة في الأرض . هذا المقام الذي منحه الله له ، وأقدره عليه ، ووهبه من الطاقات المكنونة ما يكافئ الواجب المفروض عليه فيه ؛ وسخر له من القوانين الكونية ما يعينه على تحقيقه ؛ ونسق بين تكوينه وتكوين هذا الكون ليملك الحياة والعمل والإبداع . . على أن يكون الإبداع نفسه عبادة لله ، ووسيلة من وسائل شكره على آلائه العظام ، والتقيد بشرطه في عقد الخلافة ؛ وهو أن يعمل ويتحرك في نطاق ما يرضي الله . فأما أولئك الذين يضعون المنهج الإلهي في كفة ، والإبداع الإنساني في عالم المادة في الكفة الأخرى . . فهم سيئو النية ، شريرون ، يطاردون البشرية المتعبة الحائرة كلما تعبت من التيه والحيرة والضلال ، وهمت أن تسمع لصوت الحادي الناصح ، وأن تؤوب من المتاهة المهلكة وأن تطمئن إلى كنف الله . . .
وهنالك آخرون لا ينقصهم حسن النية ؛ ولكن ينقصهم الوعي الشامل ، والإدراك العميق . . هؤلاء يبهرهم ما كشفه الإنسان من القوى والقوانين الطبيعية ، وتروعهم انتصارات الإنسان في عالم المادة . فيفصل ذلك البهر وهذه الروعة في شعورهم بين القوى الطبيعية والقيم الإيمانية ، وعملها وأثرها الواقعي في الكون وفي واقع الحياة ؛ ويجعلون للقوانين الطبيعية مجالا ، وللقيم الإيمانية مجالا آخر ؛ ويحسبون أن القوانين الطبيعية تسير في طريقها غير متأثرة بالقيم الإيمانية ، وتعطي نتائجها سواء آمن الناس أم كفروا . اتبعوا منهج الله أم خالفوا عنه . حكموا بشريعة الله أم بأهواء الناس ! هذا وهم . . إنه فصل بين نوعين من السنن الإلهية هما في حقيقتهما غير منفصلين . فهذه القيم الإيمانية هي بعض سنن الله في الكون كالقوانين الطبيعية سواء بسواء . ونتائجها مرتبطة ومتداخلة ؛ ولا مبرر للفصل بينهما في حس المؤمن وفي تصوره . . وهذا هو التصور الصحيح الذي ينشئه القرآن في النفس حين تعيش في ظلال القرآن . ينشئه وهو يتحدث عن أهل الكتب السابقة وانحرافهم عنها وأثر هذا الانحراف في نهاية المطاف: (( ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم . ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم )).
وينشئه وهو يتحدث عن وعد نوح لقومه: (( فقلت:استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ، ويمددكم بأموال وبنين ، ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ))
وينشئه وهو يربط بين الواقع النفسي للناس والواقع الخارجي الذي يفعله الله بهم (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )). .
إن الإيمان بالله ، وعبادته على استقامة ، وإقرار شريعته في الأرض . . . كلها إنفاذ لسنن الله . وهي سنن ذات فاعلية إيجابية ، نابعة من ذات المنبع الذي تنبثق منه سائر السنن الكونية التي نرى آثارها الواقعية بالحس والاختبار .
ولقد تأخذنا في بعض الأحيان مظاهر خادعة لافتراق السنن الكونية ، حين نرى أن اتباع القوانين الطبيعية يؤدي إلى النجاح مع مخالفة القيم الإيمانية . . هذا الافتراق قد لا تظهر نتائجه في أول الطريق ؛ ولكنها تظهر حتما في نهايته . . وهذا ما وقع للمجتمع الإسلامي نفسه . لقد بدأ خط صعوده من نقطة التقاء القوانين الطبيعية في حياته مع القيم الإيمانية . وبدأ خط هبوطه من نقطة افتراقهما . وظل يهبط ويهبط كلما انفرجت زاوية الافتراق حتى وصل إلى الحضيض عندما أهمل السنن الطبيعية والقيم الإيمانية جميعا . .
وفي الطرف الآخر تقف الحضارة المادية اليوم . تقف كالطائر الذي يرف بجناح واحد جبار ، بينما جناحه الآخر مهيض ، فيرتقي في الإبداع المادي بقدر ما يرتكس في المعنى الإنساني . ويعاني من القلق والحيرة والأمراض النفسية والعصبية ما يصرخ منه العقلاء هناك . . لولا أنهم لا يهتدون إلى منهج الله وهو وحده العلاج والدواء .
إن شريعة الله للناس هي طرف من قانونه الكلي في الكون . فإنفاذ هذه الشريعة لا بد أن يكون له أثر إيجابي في التنسيق بين سيرة الناس وسيرة الكون . . والشريعة إن هي إلا ثمرة الإيمان لا تقوم وحدها بغير أصلها الكبير . فهي موضوعة لتنفذ في مجتمع مسلم ، كما أنها موضوعة لتساهم في بناء المجتمع المسلم . وهي متكاملة مع التصور الإسلامي كله للوجود الكبير وللوجود الإنساني ، ومع ما ينشئه هذا التصور من تقوى في الضمير ، ونظافة في الشعور ، وضخامة في الاهتمامات ، ورفعة في الخلق ، واستقامة في السلوك . . . وهكذا يبدو التكامل والتناسق بين سنن الله كلها سواء ما نسميه القوانين الطبيعية وما نسميه القيم الإيمانية . . فكلها أطراف من سنة الله الشاملة لهذا الوجود .
والإنسان كذلك قوة من قوى الوجود . وعمله وإرادته ، وإيمانه وصلاحه ، وعبادته ونشاطه . . . . هي كذلك قوى ذات آثار إيجابية في هذا الوجود وهي مرتبطة بسنة الله الشاملة للوجود . . وكلها تعمل متناسقة ، وتعطي ثمارها كاملة حين تتجمع وتتناسق ، بينما تفسد آثارها وتضطرب وتفسد الحياة معها ، وتنتشر الشقوة بين الناس والتعاسة حين تفترق وتتصادم: (( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) . . فالارتباط قائم وثيق بين عمل الإنسان وشعوره وبين ماجريات الأحداث في نطاق السنة الإلهية الشاملة للجميع . ولا يوحي بتمزيق هذا الارتباط ، ولا يدعو إلى الإخلال بهذا التناسق ، ولا يحول بين الناس وسنة الله الجارية ، إلا عدو للبشرية يطاردها دون الهدى ؛ وينبغي لها أن تطارده ، وتقصيه من طريقها إلى ربها الكريم
هذه بعض الخواطر والانطباعات من فترة الحياة في ظلال القرآن . لعل الله ينفع بها ويهدي . وما تشاءون إلا أن يشاء الله .
............... يتبع :
العوضابي
06-23-2012, 03:55 PM
(44)
" الدراسة الجادة ونقد الأناجيل من قبل النصارى أدت الى اعتناقهم الاسلام "
أولا : فى كتابه : " محمد الرسالة والرسول" يقول الدكتور " نظمى لوقا " ( قبطى مصرى اعتنق الاسلام ) : ان القول بالوهية المسيح , وانه ابن الله , وأن الاله الواحد , جوهر واحد له أقانيم ثلاثة هى : (1) الله الأب . (2) الله الابن وهو المسيح (3) روح القدس , لم يرد على لسان المسيح فى أقواله الواردة فى بشارات حواريه أى اشارة الى شىء من ذلك , بل كان يدعو نفسه على الدوام : " بابن الانسان "
ثانيا : يرى العالم والفيلسوف الفرنسى : " ايتين دينييه " اعتنق الاسلام أيضا :
" ....... أما أن الله سبحانه وتعالى أوحى الانجيل الى عيسى عليه السلام بلغته ولغة قومه , فالذى لا شك فيه ان هذا الانجيل قد : " ضاع واندثر " ولم يبق منه أثر , أو أنه أبيد , ولهذا قد جعلوا مكانه تأليفات : " أربع " مشكوكا فى صحتها وفى نسبتها التأريخية , كما أنها مكتوبة باللغة اليونانية , وهى لا تتفق طبيعتها مع لغة عيسى الأصلية , التى هى لغة سامية , لذلك كانت صلة السماء بهذه الأناجيل اليونانية , أضعف بكثير من صلتها بتوراة اليهود , وقرآن العرب .
ثالتا : انجيل برنابا :
كان من بين الحواريين , ورجال الدين المسيحى , رجل يدعى برنابا , وكان معروفا بالسخاء والطهارة والفضل , وهو قديس ومجاهد , وفى الانجيل الذى ينسب اليه : " انجيل برنابا " حقائق حاربتها الكنيسة , وسعت الى طمسها ,لأنها تؤكد على بشرية عيسى عليه السلام , ولا تنسب اليه , ولا الى أمه , الاّ مكارم الأعمال , وينكر هذا الانجيل , وينفى نفيا باتا , أن يكون عيسى ابنا لله , أو أن اليهود صلبوه , أو قتلوه , وهو فوق ذلك يبشر بصريح اللفظ , بمجىء نبى بعد عيسى عليه السلام اسمه : " أحمد " ويدعو النصارى للايمان به , وجاء فيه : " ان الآيات التى يفعلها الله على يدى , تظهر أنى أتكلم بما يريد الله , ولست أحسب نفسى نظير الذين تقولون عنه , لأنى لست أهلا لأن أحل رباطات , أو سيور حذاء رسول الله الذى تسمونه : " مسيا " الذى خلق قبلى , وسيأتى بعدى بكلام الحق , ولا يكون لديه نهاية . "
ملاحظة : كلمة : " مسبيا " تعنى " محمد " كما يقول الدكتور سعادة بك , ويقول ان برنابا ذكر : " محمد " باللفظ الصريح فى عدة فصول , ووصفه بأنه : " رسول الله " وذكر أن آدم لما طرد من الجنة رأى سطور كتبت فوق بابها بأحرف من النور : " لااله الا الله محمد رسول الله "
ثالتا : انجيل برنابا وعقيدة التثليث :
هدد الامبراطور : " تيودو سيوس " فى عام 383م بمعاقبة كل من لا يؤمن بالثالوث , ولا يعبده , وصدر عام 496 م مرسوم من : جيلاسيوس " بادانة انجيل برنابا الذى يدعوا الى التوحيد الخالص , ويتنبأ بمجىء " محمد " عليه الصلاة والسلام .
( لا شك انه لو عاصر بذوع الدعوة المحمدية , لكان أول من ناصرها )
رابعا : العالم الفرنسى الكبير يعلن اسلامه :
فى يوم مشهود بالجامع الجديد بالجزائر اذاع العالم والفيلسوف الفرنسى الكبير الاستاذ : " ايتيين رينيه " أو الشيخ ( عبد الواحد يحيى ) الى الغربيين جميعا أنه علم خطأ تصورهم نحو المسيح , وأنه أقتنع برسالة الاسلام , ... جاء فيها :
"....... أنه ليشهد الناس جميعا , على أنه يدين بالاسلام من عشرات السنين , وأنه لم يجهر به الا اليوم , ويريد منهم أن يدفنوه فى قبره , مسلما حنيفا , وأعلن أنه لم يكن له مأرب وراء اسلامه , ولا مطمع , ولا مغنم , اللهم الاّ ارضاء يقينه , واثبات صحة دينه , وأنه لم يتخذه الاّ بعد بحث دقيق , وأنه ناقش المناصرين , والطاعنين , حتى علم علم اليقين : (( أن الدين عند الله الاسلام . )) "
خامسا : العالم الفرنسى الدكتور موريس بوكاى :
كان من اشهر علماء الطب , يأتوة المرضى وقاصدى الاستشارة , من أقاصى الدنيا , ويحكى أنه كان أحد زواره , المرحوم الملك فيصل رحمه الله , وكان من عادة هذا الطبيب , أن يردد أمام زواره من المسلمين , ما سبق اعتنقه فى مسيرة حياته عن نبى الاسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كغيره من الغربيين من معلومات خاطئة ومضللة , وعندما سمعه الأمير , رحمه الله , رد عليه فى الحال قائلا فيما معناه :
· " هذا الكلام الذى تردده دائما أمام زوارك من المسلمين , هل علمته من مصادر موثقة وتحققت من صحته , أم يجرى على لسانك كما تلقنته فى الصغر مثل عامةالناس عندكم هنا وترددونه طبقا لذلك ؟؟؟ "
· قال : " نعم , نردده ,كما لقن لنا فى مدارسنا "
· قال : " أليس من المؤسف , والمحزن , أن يردد عالم كبير , وصاحب شهرة طاغية مثلك , هذه الكلمات التى يرددها عامة الناس , دون أن يجهد نفسه , ويتأكد , عن مدى صحتها من عدمه ؟؟؟
· كان هذا الحوار الهادف , القليل فى كلماته , الكبير الجليل فى معناه , هو الدافع والباعث والمحرك الرئيسى لهذا العالم الجليل كى يجند نفسه وينقطع تماما لرسم خطة عظيمة , ومبهرة للاضطلاع بعملية بحث جليل وعظيم , فى مجال جديد لم يسبقه فيه أحد , وأصبح اليوم من أهم , وأشهر , وأوفى مبحث فى علوم : " القرآن الكريم " الا وهومجال : " الاعجاز العلمى فى القرآن " وضع أساسه فى الدراسة القيمة المقدمة فى كتابه الشهير : " دراسة الكتب السماوية فى ضوء ما توصل اليه الانسان من العلم الحديث . " والذى صدر فى أوائل ستينات القرن المنصرم .
· يعد هذا الكتاب فتحا عظيما , كان له الفضل فى دخول أشهرعلماء الغرب المتخصصون فى مجالات المعارف المختلفة الاسلام , نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر , عالم البحار الفرنسى الشهير : " جاك كوستو " فالنستمع الى ما وصلنا من الأخبار عن سبب اسلامه :
· " ..... جاء فى الأخبار أن عالم البحار الشهير : " جاك كوستو " أعلن اسلامه بعد أن قضى مدة طويلة يدرس القرآن والعلوم الاسلامية , وقد أشار فى هذا الصدد الى أن صديقه الدكتور : " موريس بوكاى " هو الذى أكد له أن ما توصل اليه من حقائق علمية فيما يتعق بابحاثه , وما اكتشفه من خبايا علوم البحار , من الأمور الواردة فى : " القرآن الكريم " وهو الوحى المنزل على رسول البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , ويقول فى ذلك : " بعد أن عرفت هذا من صديقى د. موريس , عكفت على دراسة القرآن وعلوم الاسلام , حيث تبين لى أن هذا الكتاب : " القرآن " يحمل بين طياته النور , والحق , وكان قرارى الدخول فى الاسلام دين الله , الجامع لكل الأمور . "
............... يتبع :
العوضابي
07-06-2012, 08:57 PM
(45)
" مع الشيخ الامام محمد متولى الشعراوى "
(1) البر :
تحت عنوان : " الفضيلة والرزيلة " يحدثنا فضيلة الشيخ الامام محمد متولى الشعراوى فالنستمع اليه : " أن في دين الإسلام ما يغنينا جميعا من هؤلاء !! يقول الحق سبحانه و تعالى : ((وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) فما هو البر؟ البر: ما اطمأنت إليه نفسك, و الإثم هو ما حاك في صدرك و خشيت أن يطلع عليه أحد, بمعنى : أن الأمر الذي تفعله و تخاف أن يطلع عليه الناس , هو الإثم , لأنه لو لم يكن إثما لأحببت أن يراك الناس و أنت تفعله. إذن...فقول الحق سبحانه و تعالى ((وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) هو أن كل جماعة من الناس تأتي لتتعاون على مشروع خيري فنقول لها: فليبارك الله لك و نشد على يديك و لكن نحذرك من شيء واحد هو ألا تجعلي لجمعياتك نشاطا ينسب إلى غير دينك, مثال ذلك تلك الجمعيات المسماة بـــ : ( الروتاري) أو ما شابه ذلك من الأسماء المشبوهة و الوافدة إلينا من الغرب و يقال إن نشاطها خيري, لماذا لا تقدمون الخير مادام منكم و لإخوانكم باسم الإسلام إن الخير كل الخير ألا ننخرط في هذه الجمعيات فإن بدا فيها خير ظاهر فما تبطنه من شر أضعاف مضاعفة, و إن كان لواحد منا الطاقة على العمل الخيري فليعمل ذلك من خلال دينه , و عقيدته, و ليعلم كل إنسان أن الإسلام طلب منا أن تكون كل حياتنا للخير و ذلك ما يجب أن يستقر في الأذهان حتى لا يأخذ الظن الخطأ كل ما يصيبه الخير من هذه الجمعيات أن الخير قادم من غير دين الإسلام أن من أميز ما يميز المؤمن.. ((ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ)) و ليعلم كل مسلم أنه ليس فقيرا للقيم حتى يتسولها إلى الخارج, بل أن في دين الإسلام ما يغنينا جميعا من هؤلاء فإذا كنا نفعل الخير, و نقدم الخدمة الاجتماعية للناس, فلماذا لا نسميها بمسمياتنا نحن, و نأخذ أهدافها من ديننا نحن, لماذا نجري وراء كل ما هو غربي؟ .. و لنقرأ جميعا قول الحق سبحانه و تعالى: ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) ...... انتهى
الهرج والمرج وعلاجه :
يحدثنا فى ذلك فضيلة مولانا الشيخ الدكتور / محمد البوطى فالنسمع اليه : " ان الانسان فى كينونيته الأصلية غندما يكون متحررا من المبادىء , والقيم , ..... هذا الانسان يكون أضرى وحش فى العالم كله , لا من حيث قوته التى يسخرها لمآربه , بل من حيث قواه الفكرية , التى يسخرها لابتداع الوسائل , ولاختراع السبل لأفكاره التى يحاول أن تتم له الهيمنة الكاملة , ومعلوم أن وحوش الغابات تتمتع بقوتها الذاتية , ولكن ليس لها مدارك تسخرها لاختراع مزيد من القوى , ومزيد من وسائل الهيمنة على الآخرين .
لذا فان الانسان أيا كان , لا يصلحه الاّ لجام محكم , من : " الدين الحق " عندئذ تستيقظ الانسانية بين جوانحه , ومن ثم يتحول هذا المخلوق , من وحش شرس , الى انسان يتمتع بكل ما نعرفه من معانى الانسانية ,
الدين الحق هو اللجام الوحيد الذى يصلح حال الانسان , ويخضعه للعدالة الحقيقية , فالدين الحق انما يعنى أولا , أن يتعرف الانسان على هويته , يقف أمام مرآت ذاته , فيبصره الدين بهويته : " عبدا مملوكا ضعيفا لله عزّ وجلّ "..... ويبصره بالوهية الله عز وجل , ورقابته الدائمة له , ويبصره , أن مآله على الله , وبأن وقوفه لا يمكن , الاّ أن يكون بين يدى الله , ومن ثم يتطامن لقرار الله عز وجل , ويرمق بطرفه الى السماء , ليتلقى موازين العدل من الله : (( والسماء رفعها ووضع الميزان ألاّ تطقوا فى الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان . ))
( الميزان انما هو : " العدل " . )
الفرق بين العدالة التى تهبط من علياء الربوبية , أمانة مستودعة بين يدى الانسان , والعدالة الزائفة التى يدعيها الانسان , ويخترعها انطلاقا من رعوناته , ورغائبه , وقوته التى يتمتع بها , ....... فعدالة السماء لا تفرق بين الناس لأى موجب من الموجبات , انها عدالة الله , لا تفرق بين الأديان والمذاهب , ولا يمكن أن تفرق بين قوى وضعيف , ولا بين عربى وعجمى , فهى ميزان يتسامى فوق هذه الاعتبارات كلها : (( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا , أعدلوا , هو أقرب للتقوى . ))..... أى لا يحملنكم بغضكم لأعدائكم على ألا تعدلوا , أعدلوا , وأنصفوهم , هو أقرب للتقوى .
ويواصل فضيلته يحدثنا عن قصة اليهودى الذى أتهم بالسرقة ظلما , وجورا , فنزل فيه قرآنا يتلى ويتعبد به , وفحوى القصة التى حدثت فى عهد النبوة , وهى أن أسرة مسلمة ضعيفة الايمان , قامت بسرقة أمتعة باهظة الثمن من أخ لهم فى الاسلام , وطاب لهم أن يلصقوا هذه الجريمة بجاره اليهودى , واتهم المجنى عليه فيما اتهم كلا من السارق , وجاره اليهودى , وعندما سؤءل السارق الحقيقى , استنكر , وأظهر قضبه , واتهم اليهودى بالسرقة , وتركزت الأنظار عليه , وكادت التهمة أن تحيط به , واذا بقرآن ينزل دفاعا عن اليهودى : (( انا أنزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما , واستغفر الله , ان الله كان غفورا رحيما , ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم , ان الله لا يحب من كان خوانا أثيما , يستخفون من الناس , ولا يستخفون من الله , وهو معهم , اذ يبيتون ما لا يرضى من القول , وكان الله بما يعملون محيطا , فها أنتم هولاء جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة , أم من يكون عليهم وكيلا . )) ..... الى قوله : (( ومن يكسب خطيئة , أو اثما , ثم يرم به بريئا , فقد احتمل بهتانا , واثما مبينا . ))
(2) الــصــبــر :
الحق سبحانه و تعالى يريد منا أن نصبر ابتغاء وجهه الكريم , الصبر هو حبس النفس بحيث ترضى بمكروه نزل بها , و المكروه له مصدران :
الأول : أمر لا غريم لك فيه فإن أصابك مثلا مرض أو عجز, أو فقدت أحد أولادك بموت, فهذا ليس لك غريم فيه, و لا تستطيع أن تفعل معه شيئا.
الثاني : أمر لك غريم فيه كأن يعتدي عليك أحد, أو يسرق مالك أو غير ذلك , الأمر الذي لا غريم لك فيه : ليس أمامك إلا الصبر, و الأمر الذي لك غريم فيه تكون نفسك مشتعلة برغبة الانتقام , و لذلك يحتاج إلى صبر أكبر, و إلى صبر أطول, لأن غريمك أمامك, فنفسك تطالبك بالانتقام منه, و لذلك يفرق الله سبحانه و تعالى بين الصابرين , فيقول سبحانه و تعالى: (( وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)) و يقول سبحانه و تعالى في آية أخرى: (( وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)) ووجود اللام هنا يدلنا على أننا نحتاج إلى صبر على غريم لنا, و إلى قوة إرادة , وعزيمة حتى نمنع أنفسنا من الانتقام . والصبر له دوافع, فمن الناس من تأتيه أحداث شديدة فيظهر أمام الناس أنه أقوى من الأحداث التي لا تستطيع أن تنال منه , و أنه جلد, و أنه صبور فهذا صبر ليس لابتغاء وجه الله , و لكنه صبر ليبين نفسه أنه فوق الأحداث, أو صبر أمام أعدائه حتى لا يشتموا فيه, فقد قال الشاعر:
و تجلدي للشامتين أريهم *** أني لريب الدهر لا أتضعضع
و لكن الحق سبحانه و تعالى يريد منا أن نصبر ابتغاء وجهه الكريم , فعندما ترى أمرا يحدث لك فاعرف أن فيه خيرا كثيرا, و اعلم أن لله فيه حكمة , ولو أنك خيرت بين ما كان يجب أن يقع و بين ما وقع لاخترت ما وقع , إذن.. فالذي صبر ابتغاء وجه الله ينظر إلى مناط الحكمة في مورد القضاء عليه , و لذلك يقول: أحمدك يا ربي على كل قضائك , و جميع قدرك حمد الرضا بحكمك , لليقين بحكمتك , ...... هذا تيقن بالحكمة فلا تأخذ الأمور بسطحية
............... يتبع :.
العوضابي
07-22-2012, 05:09 PM
(46)
(1) الصـــــدق :
الصدق هو أن تطابق النسبة الكلامية الواقع , يقول الحق سبحانه و تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)) أي يا من آمنتم بالله اتقوا الله أي اجعلوا بينكم و بين الله وقاية.. و لكن المفروض أن المؤمن يكون في معية الله فكيف يطلب الحق سبحانه و تعالى منا أن يكون بيننا و بينه وقاية ؟ نقول.. أي اجعلوا بينكم و بين صفات الجلال لله تعالى وقاية , و هنا يأتي من يتساءل بأن الله سبحانه و تعالى يقول: ((اتَّقُواْ اللّهَ)) و يقول سبحانه : (( فاتَّقُواْ النار )) فكيف ينسجم المعنى؟ نقول: إن المعنى ينسج لأن النار جند من جنود الله تعالى , فكأن الحق سبحانه و تعالى يقول: اجعلوا بينكم و بين النار التي هي من جنودي صفات الجلال وقاية , وقول الحق سبحانه و تعالى ((وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)) أي التحموا بهم فتكونوا في معية الله, فإذا جاء من بعدكم وجدوكم من الصادقين , إذن.. فـــ ((مَعَ الصَّادِقِينَ)) سابقة (( لَمِنَ الصَّادِقِينَ )) و لكن من هم الصادقون؟ مادة الكلمة ( الصاد و الدال و الواو) تدل على أن هناك نسبا يجب أن تتوافق مع بعضها البعض فما معنى هذه النسب؟ إن الإنسان حين يتكلم فإنه قبل أن ينطق بالكلمة تمر على ذهنه نسبة ذهنية قبل أن تكون نسبة كلامية مثل إذا أردت أن أقول: ( محمد زارني) قبل أن تسمع لساني ينطق بهذه العبارة فإنها تمر على ذهني أولا, و المستمع لا يدري شيئا عنها, فإذا قلت لي كلاما أعلم أن النسبة الذهنية جاءت إلى عقلك فترجمها لسانك إلى نسبة كلامية فنطق بها فلما سمعها السامع عرف أولا النسبتين, و قد تكون هذه النسبة صحيحة وواقعة... حينئذ يكون الصدق , و قد تكون غير صحيحة , و يكون الكذب , إذن.. فالصدق هو أن تطابق النسبة الكلامية الواقع , و إذا لم تتطابق فذلك هو الكذب, فكل كلام يقال محتمل الصدق أو الكذب , و الصدق هو الذي يجمع كل خصال الإيمان , و جاء في الأثر حديث عن بدوي جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وقال له : ( في ثلاث خصال لا أقدر عليها: ( الأولى : النساء , و الثانية : الخمر , و الثالثة : الكذب , و قد جئتك في خصلة من الخصال الثلاث أتوب منها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كن صادقا و لا عليك " ....... فلما ألحت عليه خصلة الخمر قال: وإن سألني رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أشربت الخمر؟) فماذا أقول له؟ لابد أن أقول الصدق , فامتنع عن شرب الخمر, و عندما نظر إلى امرأة و اشتهاها قال: إن سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ماذا فعلت مع النساء؟ ) فماذا أقول له؟ لابد أن أقول له الصدق فامتنع عن النساء, و هكذا منعه الصدق من المعاصي و لذلك عندما سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم : أيسرق المؤمن؟ قال نعم. أيزني المؤمن؟ قال نعم, أيكذب المؤمن؟ قال لا........ و الله سبحانه و تعالى ينبه إلى أنه لابد أن يكون كلامكمطابقا لواقع فعلك.. و إياك أن تقول كلاما و فعلك غيره,و لذلك يقول الحق سبحانه و تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ, كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ))
(4) فعل الخير :
هناك معايير مختلفة لحب الخير عندما ننظر في معنى كلمة ( خير) نجد أن المقابل لها كلمة ( شر) لكن كلمة خير هي الكلمة الوحيدة في اللغة التي يكون فيها الاسم مساويا لأفعل التفضيل إذا أضيفت لها (من) لتصبح ( خير من). و الخير هو ما يأتي بالنفع , و لكن مقياس النفع يختلف باختلاف الناس فواحد ينظر إلى النفع العاجل ,وواحد ينظر إلى نفع آجل , و لنضرب على ذلك مثلا – و لله المثل الأعلى- بأخوين الأول يستيقظ مبكرا و يذهب إلى مدرسته , و يستمع إلى أساتذته, و يواظب على قراءة دروسه , و استيعابها, و الآخر يوقظونه من النوم بمنتهى الصعوبة , فإذا استيقظ قهر, و يخرج من المنزل لا إلى المدرسة , و لكن يتسكع في الشارع , و يلعب مع هذا و ذاك , إن كلاهما يحب الخير لنفسه و لكن الخلاف بينهما يكون في تقييم الخير, واحد يفضل الخير الآجل, و آخر يفضل الخير العاجل , و لو كان فيه ضياع لحياته , واحد يفضل أن يتعب عشراً أو خمس عشرة سنة ليكون إنسانا ذا مكانة في المجتمع , و آخر يفضل أن يلعب الآن ولو كان ذلك فيه دمار لمستقبله , مثال آخر فلاح يفلح الأرض , و يحسن رعايتها, و يعتبرها فضلا من الله تعالى فيرعى حق الخالق فيما وهب, و يروي الأرض و يسمدها, و يرجو الحق أن يبارك له في الرزق فيمر الوقت و ينضج الزرع فيحصده و يملأ الرجل مخازنه برزق الله الوفير, و يزكي ماله , وزرعه, و يظل طوال العام يأكل هو أبناؤه مما رزقه الله نتيجة لتعبه و كده, و آخر لا يرعى حق الله فيما وهبه من أرض و يتركها و يمهلها, و لا يرهق نفسه, و يستسلم للكسل, ويأخذ رزقه من السرقة أو التسول. إذن.. فهناك معايير مختلفة لحب الخير, فلماذا نرهق أنفسنا في وضع مقاييس للخير؟ إن الحق هو الذي أنزل الشريعة الغراء و بها كل معايير الخير, ....إن معايير الخير التي وضعا الخلق قد تختل , لكن معايير الخير التي وضعها الحق لا تختل أبداً.
الأمانة التي أعطاها الله لخلقه :
الأمانة هي حق في ذمة إنسان لإنسان آخر عليه أن يكون مستعداُ لأداء الحق ساعة الطلب، و حين يعطي إنسان إنساناً شيئا يصير الآخذ مؤتمنا فإن شاء أدى، و إن شاء لم يؤد , لكن هناك أمانات أخرى لم يعطها إنسان لإنسان أنما أعطاها رب الناس لكل الناس ، من هذه الأمانة التي هي عطاء من الله ..العلم الذي أعطاء الله للناس فهو أمانة فلا تقل إن ما تعلمه للآخرين هو دين عليهم أنما هو أمانه من الله عليك أن تؤديها لخلقه الذين لا يعلمون، كذلك الحلم أمانة، و الشجاعة أمانة، و كل صفات الخير التي فيك هي أمانة , وعليك أن تؤدي ضريبتها لخلق الله تعالى , والأمانة في المال قد تكون واضحة، أما في بقية الأشياء فعلى الإنسان أن يعرف أنه مؤتمن عليها؛ لأن صاحبها هو الله وهو خالقها فيك..لقد أمن الله الإنسان على المواهب المختلفة حتى يؤديها للغير، فينتفع المجتمع الإنساني كله , إذن ..فليس من الضروري أن تكون الأمانة هي من صاحب مساوٍ لك لتردها، و لكن الأمانة هي ما تصير مؤتمنا عليه من خالق , أم من مخلوق , إذن..بهذا المعنى الأمانة أمرها واضح , فالألوهية حق لله و حده ، فعليك أن توحده , و لا تشرك به أحداً , وهذه أمانة عندك ، والتزامك أمر النبي صلى الله عليه و سلم أمانة ، وغيرتك على دينك و مجتمعك أمانة , و فيما حباك الله به من مواهب أمانة ، فكل انسان أمين على موهبته فليؤدها إلى غيره ، و ليعط أثرها لمن لا توجد عنده هذه الموهب، لقد أعطى الله لهذا قوة في العضل، و لثان قوة في الفكر، و لثالث قوة في الحلم , ولرابع قوة في العلم , وغير ذلك من المواهب ، كل هذه أمانات وأودعها الله في خلقه ليكون أداؤها محققا للتكامل بين الخلق، فحين يؤدي كل إنسان أمانته لغيره من البشر يصبح عند كل إنسان مواهب غيره من البشر. و قمة الأمانة أن يعبد الإنسان خالقه , ولا يشرك به أحداً، و الأمانة في التكاليف التي كلفك الله بها فيجب على كل إنسان أن يؤدي ما كلفه الله تعالى به.. و ليعلم الإنسان أن هذه التكاليف أمانة للغير عنده ، فحين يكلفك الله بألا تسرق فهو سبحانه كلف الغير كله ألا يسرقوك , إذن فكل أمانة عند الغير هي أمانة عندك فإن أديت مطلوبات الأمانة عندك أدى المجتمع الذي يحيط بك الأمانة التي عنده لك , والإمانة إذا ضاعت كان ولابد من العدل، لأن الإنسان إذا ما عاش في مجتمع يؤدي كل واحد فيه ما للغيرعنده لما احتجنا إلى التقاضي، لأن التقاضي إنما ينشأ من خصومة , وخلافات، فالتقاضي سببه أن واحدا أنكر حق غيره ، فيذهب الاثنان إلى المحكمة لتحكم بينهما بالعدل , إذن..فإذا أدى كل واحد منا ما في ذمته من حق للغير لما وجد تقاضٍ، و لما وجدت خصومة؛ و لذلك لا توجد في مثل تلك الحالة ضرورة للذهاب إلى المحاكم للعدل بين الناس .
( انتهى النقل )
............... يتبع :
العوضابي
08-31-2012, 02:11 PM
(47)
أعد الأعداء :
اعلم ان أعدى عدوك نفسك التى بين جنبيك , وقد خلقت أمارة بالسوء , ميالة الى الشر , فرارة من الخير , ... وأمرت بتزكيتها , وتقويمها , وقودها بسلاسل القهر , الى عبادة ربها وخالقها , ومنعها من شهواتها , وفطامها عن لزاتها , فان أهملتها جمحت , وشردت ولم تظفر بها بعد ذلك , وان لازمتها بالتوبيخ , والمعاتبة , والعذل , والملامة , كانت نفسك هى النفس : " اللوامة "التى أقسم الله بها , ورجوت أن تصير النفس : " المطمئنة " المدعوة الى أن تدخل فى زمرة عباد الله راضية مرضية , فلا تغفلن ساعة عن تذكيرها , ومعاتبتها , ولا تشغلن بوعظ غيرك ما لم تشتقل بوعظ نفسك ,..... أوحى الله الى عيسى عليه السلام : " يا ابن مريم عظ نفسك , فان اتعظت فعظ الناس , والاّ فاستحى منى . "
الحلم :
الحلم فضيلة سامية , وخلق رفيع , وخلة لازمة لصفوة الله من خلقه , وخيرته من عباده , من أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
أسبابه : من أسبابه :
(1) الرحمة للجهال , واعذارهم , قال أبو الدرداء رضى الله عنه لرجل أسمعه شتائم : " يا هذا لا تغرق فى سبنا , وأجعل للصلح موضعا , فانا لا نكافىء من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله عزّ وجلّ , فيه . "
(2) القدرة على الانتصار , وذلك من سعة الصدر , وحسن الثقة , وقد روى عن النبى عليه الصلاة والسلام أنه قال : " اذا قدرت على عدوك , فأجعل العفو شكرا للقدرة عليه . "
(3) الترفع عن السباب , وذلك من شرف النفس , وعلو الهمة , كما قال الحكماء : " شرف النفس أن تحمل المكارة , كما تحمل المكارم "
(4) الترفع عن المسىء , ومما يذكر أن رجلا شتم ابن هبيرة , فأعرض ابن هبيرة عنه , فقال له الرجل : " اياك أعنى " فقال ابن هبيرة : " وعنك أعرض " , وأكثر رجل من سب الأحنف , وهو لا يجيبه , فقال الرجل : " ما منعه من جوابى الاّ هوانى عليه " وسكت عنه .
(5) الاستحياء من جزاء الجواب , وهذا يكون من صيانة النفس , وكمال المروءة , ويقال فى الحكمة : " احتمال السفيه خير من التحلى بصورته , والاغضاء عن الجاهل خير من مشاكلته " .
(6) الكرم وحسن التأفف , وقد قيل للاسكندر المقدونى , ان فلانا , وفلانا ينقصانك , ويصيبانك , فلو عاقبتهما , فقال : " هم بعد العقوبة أعذر فى تنقصى , وثلبى " فكان هذا تفضلا منه , وتأففا , ..... وحكى أن على بن أبى طالب رضى الله عنه , قال لعامر بن مروة الزهرى : " من أخمق الناس ؟؟؟ " قال : " من ظن أنه أعقل الناس " قال : " صدقت " ثم سأله : " فمن أعقل الناس " ؟؟؟ " قال : " من لم يتجاوز الصمت فى عقوبة الجاهل
(7) عدم تعدى الحدود , عند دواعى المكر , والدهاء , والغضب , فغضب الجاهل فى قوله , وغضب العاقل فى فعله , وشأن المؤمن دائما أن يكون حريصا على معالى الأمور , ومترفعا عن سفاسفها , متعلقا بأهداب الكمال , ساعيا الى احرازها , والاتصاف بها .
الأسباب الدينية الداعية عليه :
(1) أن يذكر الله تعالى عند القضب , فيدعوه ذلك الى الخوف منه ويبعثه على الطاعة له , فيرجع الى أدبه , فعند ذلك يزول الغضب , قال تعالى : (( واذكر ربك اذا نسيت . )) قال عكرمة : " اذا غضبت " .
(2) أن يتذكر ما يوؤل اليه الغضب من الندم , ومذمة الانتقام , قال الحكماء : " الغضب على من لا تملك عجز , وعلى من تملك لؤم " .
(3) أن يذكر ثواب الحلم , فيقهر نفسه على الغضب رغبة فى الجزاء , والثواب , وحذر استحقاق الذم والعقاب , جاء فى الأثر : " الخير فى ثلاث خصال فمن كن فيه , فقد استكمل الايمان : (1) من اذا رضى لم يدخله رضاه فى باطل . (2) واذا غضب لم يخرجه غضبه من حق , (3) واذا قدر عفا "
(4) يذكر انعطاف القلوب عليه , ومحبة الناس له بالحلم , والصفح , فيكف عن متابعة الغضب , رغبة فى التأليف , وجميل الثناء .
وقد رغّب الاسلام فى الحلم والاعتصام بحبله , والعيش فى وارف ظله , لأنه ارادة , ايجابية , لمكافحة الشر , وتفادى الأزمات , لأن الاستجابة لهذا الداء يحفز الى الانتقام , وتحجب منافذ الفكر , وتقتل الحكمة , عندها تكون القوة الجسمية , أو السلطان , سلاحا بتارا فى يد مجنون , تزهق به النفوس , وتتطاير به الرؤس , دون ما وعى , أو ادراك .
أحاديث مروية عن الامام على كرم الله وجهه :
(1) حديث رواه الامام أحمد رحمه الله باسناد صحيح عن عبدالله بن السبع قال خطبنا على قال : " والذى خلق الجنة , وبرأ النسمة , لتخصبن هذه , من هذه " ... قال الناس : " فاعلمنا من هو , ... والله لنبترنّ عتره ؟؟؟ " قال : " أنشدكم بالله , ألاّ يقتل غير قاتلى " قالوا : " ان كنت قد علمت ذلك استخلف اذن " قال : " لا , ..... ولكن أكلكم الى ما وكلكم اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . "
(2) روى عنه أنه قال :
" ألا وأنه يهلك فيّ اثنان : محب يقرظنى بما ليس فيّ , ومبغض يحمله شنآنى على أن يبهتنى , ..... ألا انى لست بنبى , ولا يوحى الىّ , ولكنى أعمل بكتاب الله , وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما استطعت , فما أمرتكم من طاعة الله فحق عليكم طاعتى فيما أحببتم , وكرهتم " .
(3) روى عنه أيضا أنه قال : " دعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ان فيك مثلا من عيسى : أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه , وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذى ليس به , ألا , وانه يهلك فيّ اثنان : محبّ مفرط يقرظنى بما ليس فيّ , ومبغض يحمله شنآنى على أن يبهتنى . "
(4) وروى أيضا من طرق صحيحة , وحسن , ان النبى صلى الله عليه وسلم قال لعلى : " أشقى الناس رجلان : الذى عقر الناقة , والذى يضربك على هذه ( وأشار الى فوخه ) حتى تبتل هذه (وأشار الى لحيته ) . "
( فكان الامام على يقول لأهل العراق اذا اتضجر منهم : " وددت أنه قد انبعث أشقاكم , فخضب هذه : (يعنى لحيته ) من هذه , ( ويضع يده على مقدم رأسه . "
من أقواله كرم الله وجهه :
(1) لا ظفر مع البغى , ولا ثناء مع الكبر , لا صحة مع النهم والتخم , ولا شرف مع سوء الأدب , ولا راحة مع الحسد , ولا سؤدد مع الانتقام , لا صواب مع ترك المشورة , لا مروءة للكذب , لا كرم أعزّ من التقى , لا شفيع أنجح من التوبة , لا لباس أجمل من العافية , ولا داء أعيى من الجهل , المرء عدو ما جهله , رحم الله عبدا عرف قدر نفسه , ولم يتعد طوره , النصح بين الملأ تقريع , نعمة الجاهل كروضة على مزبلة , أكبر الأعداء , أخفاهم مكيدة , الحكمة ضالة المؤمن , البخل جامع لمساوى العيوب , اذا حلت المقادير ضلت التدابير , عبد الشهوة أذلّ من عبد الرق , الحاسد مقتاظ على من لا ذنب له , أكثر مصارع العقول تحت برق الأطماع , قصم ظهرى اثنان : عالم متهتك , وجاهل متنسك , هذا ينفر الناس بتهتكه , وهذا يضل الناس بتنسكه , جزاء المعصية الوهن فى العبادة , والضيق فى المعيشة , والنقص فى اللذة , قيل وما النقص فى اللذة ؟؟؟ قال : لا ينال شهوة حلالا, الاّ جاءه ما ينقصه ايّاها , من واليته معروفا , وجازاك بضده , فقد أشهدك على نفسه بنجاسة أصله , الغالب بالظلم مغلوب .
وروى أنه لما ضربه ابن ملجم دخل عليه الحسن باكيا فقال : " يا بنى أحفظ عنى أربعا , وأربعا : ان أغنى الغنى العقل , وأكبر الفقر الحمق , وأوحش الوحشة العجب , وأكرم الكرم حسن الخلق , والأربعة الأخر : اياك ومصاحبة الأحمق : فانه يريد أن ينفعك فيضرك , واياك ومصادقة الكذاب فانه يقرب عليك البعيد , ويبعد عليك القريب , واياك ومصادقة البخيل فانه يخزلك فى أحوج ما تكون اليه , واياك ومصادقة التاجر فانه يبيعك بالتافه .
( لعله يريد هنا بالتاجر الفاجر منهم , والله أعلم )
ورى عنه أنه قال لبعض الملحدين المنكر للمعاد :
" ان كان الذى تظن أنت , نجونا نحن وأنت , والاّ هلكت أنت وحدك . "
............... يتبع :
العوضابي
09-15-2012, 11:54 AM
نتابع أقوال الامام على كرم الله وجهه :
(2) من كلامه رضى الله عنه لأبنه محمد بن الحنفية : " يا بنى انى أخاف عليك من الفقر , فاستعذ بالله منه, فان الفقر منقصة للدين , مدهشة للعقل , داعية للمغت , اذا اشتدّ! الفقر , ربما يحمل على الخيانة , أو الكذب , أو احتمال الذل , أو القعود عن نصرة الحق , وكلها : " نقص فى الدين "
(3) الشر : وقال له أيضا :
" الغالب بالشر مغلوب . "
(4) ومن أقواله أيضا :
" كن فى الفتنة كابن اللبون : لا ظهر فيركب , ولا ضرع فيحلب . "
(5) ومن أقواله أيضا :
" البخل عار , والجبن منقصة , والفقر يخرص الفطن عن حجته , والمقل غريب فى بلدته , والعجز آفة , والصبر شجاعة , والزهد ثروة , والورع جنّة ( أى وقاية ) .
(6) ومن أحاديثه أيضا :
اذا أقبلت الدنيا على أحد , أعارته محاسن غيره , واذا أدبرت عنه , سلبته محاسن نفسه . "
(7) يقول أيضا :
" الزهد كله فى كلمتين من القرآن : (( لكى لا تأسو ا على ما فاتكم , ولا تفرحوا بما آتاكم . )) صدق الله العظيم .
وفيه يقول : " من لم يتأسى على الماضى , ولم يفرح بالآتى , فقد أخذ الزهد بطرفيه . "
(8) قال أيضا :
* " العشق مرض ليس فيه أجر , ولا عوض "
* " العمر أقصر من أن تعلم فيه كل ما يحسن بك علمه , فتعلم الأهم , فالأهم . "
* أربعة القليل منها كثير :
(1) النار (2) العداوة (3) المرض (4) الفقر .
أربعة من الشقاء : *
(1) جار السوء (2) ولد السوء (3) امرأة السوء (4) المنزل الضيق .
* أربعة تدعو للجنة :
(1) كتمان المصيبة (2) الصدق (3) بر الوالدين (4) الاكثار من : لا الاه الاّ الله .
* الفرق بين الظلم والخوف :
" الخوف مجاهدة الأمر المخوف قبل وقوعه , والظلم ما يلحق الانسان من وقوعه . "
* الرجال ثلاثة : " رجل كالغذاء لا تستغنى عنه , ورجل كالدواء لا يحتاج اليه الاّ حين بعد حين , ورجل كالداء , يضر ولا ينفع . "
(9) من أقواله أيضا :
" من أصلح سريرته أصلح الله علانيته , ومن عمل لدينه كفاه الله أمر دنياه , ومن أحسن فيما بينه وبين الله , كفاه الله ما بينه وبين الناس . "
(10) يقول ايضا :
" أعلم الناس بالله تعالى , أشدّهم حبا , وتعظيما , لأهل لا الاه الاّ الله . "
(11) من أقواله كرم الله وجهه :
ما للفتى حسب الاّ اذا كملت * أخلاقه وحوى الآداب والحسب
فأطلب فديتك علما واكتسب أدبا * تظفر يداك به واستعجل الطلبا
( انتهى النقل )
البغى مصرع الباغى :
قضى الله أن البغى يصرع أهله * وأن على الباغى تدور الدوائر
الحديث :
(1) " ما من ذنب أحرى أن يعجل لصاحبه العقوبة فى الدنيا من البغى , وما حسنة أحرى أن يعجل لصاحبها الثواب من صلة الرحم . "
( صدق رسول الله . )
(2) " أنصر أخاك ظالما أو مظلوما , قلت يا رسول الله : أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما ؟؟؟ قال " تمنعه من الظلم , فذاك نصرك ايّاه . "
حديث شريف :
" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من نبى بعثه الله فى أمة قبلى , الاّ كان له من أمته حواريون , وأصحاب , يأخذون بسنته , ويقتدون بأمره , ثم أنها تخلف من بعدهم , خلوف , يقولون ما لا يفعلون , ويفعلون ما لا يؤمرون , فن جاهدهم بيده , فهو مؤمن , ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن , ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن , وليس وراء ذلك من الايمان , حبّة خردلة . "
حديث جحر الضب :
" لتتبعن سنن الذين من قبلكم , شبرا , شبرا , وذراعا بذراع , حتى لو دخلوا فى جحر ضب , لاتبعتموهم , قالوا يا رسول الله , اليهود , والنصارى ؟؟؟ قال : فمن ؟؟؟؟؟ "
وفى رواية : " لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم , وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته فى الطريق لفعلتموه . "
الآية :
(( يا أيها الذين آمنوا ان تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد ايمانكم كافرين . )) صدق الله العظيم
حول هذه الآية نقرأ فى : " الظلال " :
" ان طاعة أهل الكتاب والتلقى عنهم , واقتباس مناهجهم , وأوضاعهم , تحمل ابتداءا , معنى الهذيمة الداخلية , والتخلى عن دور القيادة الذى من أجله أنشأت الأمة الاسلامية , كما تحمل معنى الشك فى كفاية منهج الله لقيادة الحياة , وهذا بداية : " دبيب الكفر فى النفس " هذا من جانب المسلمين ,
فأما من الجانب الآخر , فأهل الكتاب , لا يحرصون على شىء , حرصهم على ضلال هذه الأمة عن عقيدتها , فهذه العقيدة هى صخرة النجاة , وخط الدفاع , وأهل الكتاب يعرفون هذا قديما , ويعرفونه حديثا , ويبذلون فى سبيل تحويل هذه الأمة عن عقيدتها كل ما فى وسعهم , من مكر , وحيلة , ومن قوة كذلك , وحين يعييهم أن يحاربوها بأنفسهم , يجدون من المنافقين المتظاهرين بالاسلام , أو ممن ينتسبون الى الاسلام جنودا , مجتّدة , لتنخر لهم فى جسم هذه العقيدة , من داخل الدار , لصدّ الناس عنها , ولتزين لهم مناهج غير منهجها , فحين يجد أهل الكتاب من بعض المسلمين , طواعين , وأشياعا لهم , فهم لا شك سيستخدمون هذا كله فى سبيل الغاية التى تؤرقهم , وسيقودهم , ويقودون الجماعة كلها من ورائهم الى الكفر والضلال , والمسلم يفزع أن يرى نفسه منتسبا الى الكفر بعد الايمان . "
وعن الاستخلاف فى الأرض يقول :
" ان المسلم يزاول هذه الحياة , وهو يشعر أنه أكبر منها وأعلى , فهو يستمتع بطيباتها , أو يزهو فيها , ويجاهد لترقية هذه الحياة , أو تسخير طاقاتها , وقواها , وهو يعرف أن هذا واجب الخلافة عن الله فيها , وأنه يعلم من دينه , أن الدنيا مزرعة الآخرة , وأنه ليس هناك طريق للآخرة لا يمر بالدنيا , وأن الحياة صغيرة , زهيدة , ولكنّها من نعمة الله التى نجتاز منها الى نعمة الله الكبرى , لذلك فهم يعيشون فى عالم الايمان , الذى لا نفاق فيه , عالم يعرف الرجولة الحقيقية , والحق عنده له وجه واحد , واستخلاف الله لهم فى الأرض , يحمل معانى نبيلة , لأن حقيقة الاستخلاف فى الأرض ليست لمجرد : " الملك , والقهر , الغلبة , والحكم " ..... انّما الاستخلاف فى الأرض : " قدرة على العمارة , والاصلاح , لا على الهدم , والفساد , وقدرة على تحقيق : العدل , والطمأنينة , لا على الظلم والقهر , وقدرة على الارتفاع بالنفس البشرية , والنظام البشرى , لا على الانحدار بالفرد , والجماعة , الى مدارج الحيوان . "
............... يتبع :
العوضابي
10-19-2012, 10:53 AM
"مع فضيلة الحلم مرة أخرى"
(1) الأحنف بن قيس ممن تعلم الحلم :
* الأحنف بن قيس يعد من أشهر من يضرب به المثل فى : " الحلم " وهو الذى كان قد حرّم على نفسه الخمر فى الجاهلية , ووفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن وفود القبائل , وأسلم فى السنة التاسعة من الهجرة , ولما رآه النبى صلى الله عليه وسلم , قال : " هذا سيد أهل الوبر . "
وقد قيل له ممن تعلمت الحلم , قال : من قيس بن عاصم المنقرى , رأيته قاعدا بفناء داره , محتبيا بحمائل سيفه , يحدث قومه , حتى اوتى , برجل مكتوف , ورجل مقتول , فقيل له : " هذا ابن أخيك قتل ابنك " فوالله ما حل حبوته , ولا قطع كلامه , ثم التفت الى ابن أخيه فقال له : " بئس ما فعلت : أغضبت ربك , وقطعت رحمك , وقتلت ابن عمك , فرميت نفسك بسهمك , وأقللت عددك , فتب الى ربك . " ثم قال لابن له آخر كان حاضرا : " قم يا بنى حل قيد ابن عمك , ووار أخاك , وسق الى أمّك مأئة من الابل دية ابنها , فانها غريبة , حتى لا تطلب ثأرا , ولا دية . " - ( وقيل ان القاتل أخيه كما يظهر من انشاده ) - ثم أنشأ يقول :
أقول للنفس تصبيرا وتعزية * احدى يدىّ أصابتنى ولم ترد
كلاهما خلف من فقد صاحبه * هذا أخى حين أدعوه وذا ولدى انى امرؤ لا يطى حسبى * دنس بهجته ولا أبن
من منقر فى بيت مكرمة * والغصن ينبت حوله القصن
خطباء حين يقول قائلهم * بيض الوجوه أعفه لسن
لا يفطنون لعيب جارهم * وهم لحفظ جواره فطن
* مما يروى عنه , أن رجلا خلا به وسبه سبا قبيحا , فقام الأحنف , واتجه نحو داره دون أن يرد عليه , فتبعه الرجل , فعندما وصل الى قومه وقف , وخاطب الرجل قائلا : " يا أخى ان كان قد بقى من قولك فضلة , فقل الآن , كى لا يسمعك قومى فتوذى . "
* ويحكى أن رجلا قال له : " دلنى على المروءة " فقال : " عليك بالخلق الفسيح , والكف عن القبيح . "
* ومن أقواله : " ما خان شريف , ولا كذب عاقل , ولا اغتاب مؤمن . "
* فالأحنف بن قيس كان سيد قومه بالبصرة , وكان ذا شجاعة , وعقل , وأخلاق نبيلة , وكان مضرب الأمثال فى الحلم , حتى قال أحد الشعراء , فى مدح أمير من الأمراء :
اقدام عمرو , فى سماحة حاتم * فى حلم أحنف فى ذكاء ايّاس
( وهولاء هم مشاهير العرب فى الاقدام , والسماحة , والكرم , الحلم , والذكاء . )
" خالد محمد خالد والديمقراطية "
فى رده على سؤال : " من يتحمل أخطاء الحكام " قال الكاتب الكبير المرحوم / خالد محمد خالد :
" ان الكوارس التى حاقت , وستظل للأسف , تحيق بالشعوب العربية , وراءها سبب واحد هو : " غياب الديمقراطية " وعندما أقول الدمقراطية , أعنى فورا تلك المؤسسة , التاريخية , التى قامت بتضحيات هائلة للبشرية , حتى استقرت الآن فى أركانها السبعة وهى " :
(1) الأمة مصدر السلطات بما فيها السلطة التشريعية نفسها , فيما لا يناهض نصا شرعيا , قطعى الدلالة .
(2) الفصل بين السلطات , فصلا حقيقيا , لا زائفا , حتى لا تطغى احداها , على الأخرى .
(3) حق الشعب فى اختيار حكامه , لا , الاستفتاء , !!!!
(4) حق الشعب فى اختيار ممثلين له , فى برلمان حر , رشيد , شجاع , يراقب الحكومة ويقوم اعوجاجها .
(5) حق الشعب فى تعدد الاحزاب التى لا تقتصر وظيفتها فقط فى تنمية الآراء القومية داخل الأمة , بل هى الوسيلة الوحيدة لخلق الكوادر السياسية الناضجة , التى اذا وليت الأمر , أو تولى بعضها , أن تكون على وعى ورشد ,
(6) قيام معارضة برلمانية لها وضعها الدستورى , والقانونى , تستطيع اسقاط الحكومة اذا هى انحرفت , أو ضلت سواء السبيل .
(7) حرية الصحافة حرية كاملة , وحرية الفكر , والرأى , العقيدة .
هذه هى الديمقراطية لمن يريد أن يحكم أمته , وشعبه , فقياب هذه , يرجع اليه معظم الكوارث السياسية , والاقتصادية , والاجتماعية , التى منيت بها الأمة العربية والاسلامية .
( حوار قديم أجرى معه العام 1990 )
نبذة عن المذكور :
كاتب ومفكر وداعية اسلامي مصرى , تخرج فى كلية الشريعة بالأزهر الشريف عام 1945 , له العديد من المؤلفات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
(1) رجال حول الرسول (2) خلفاء الرسول (3) الديمقراطية أبدا (4) محمد المسيح (5) من هنا نبدأ ...... الخ
ردة فعل مؤلفاته :
أصدركتب عديدة فى بداية نشاطه الثقافى , وبالرغم أنها كانت محل نقد شديد من زملائه العلماء , الاّ أنها وجدت رواجا , واقبالا , لامثيل له , من الشباب , مما أكسبته شهرة عالية , ككاتب ومفكر مصرى , الأمرالذى لفت اليه نظر الحكام , وبزلوا له عروض كثيرة لنيل وظائف قيادية فى الدولة , سواء ابان حكم جمال عبدالنصر, أو أنور السادات , فكان يعتذر عنها , ورفض عروضا أخرى لأسفار خارج مصر، وآثر أن يبقى في حياته المتواضعة التي يغلب عليها الزهد والقنوع , وحقيقة ان مؤلفاته الأولى , بدأت ثائرة , متدفقة , وانتهت إلى الرسوخ , واليقين , وفي كلها كان مخلصاً ، لا يبتغي بأي منها عرضاً من أعراض الدنيا , لذلك نجده ضرب مثلا عاليا , بالأقتداء بسلفنا الصالح عندما تبين له وجه الحق , فاعترف بكل شجاعة بكافة اخطائه , وأعلن توبته عنها .
موقفه من السلطة :
عنما قامت ثورة عبد الناصر , كانت فرصته عظية كى يستفيد منها , ولكنه بدلاً من ذلك , ورغم العروض المغرية والسخية التى قدمت له , وقف ناقداً لها , موجهاً لها ، مطالباً حكومتها بتطبيق الديمقراطية، فكان صدور كتابه " الديمقراطية أبدا " بعد ستة أشهر فقط من قيام الثورة فى عام 1952 , وظلت هذه مواقفه من الثورة ورجالها حتى توجت بموقفه المشهور في " اللجنة التحضيرية التى دعى اليها مع آخرين " سنة 1961، وفيها أنتقد مواقف الثورة من قضايا الحرية والديمقراطية، وعارض ما أراد عبد الناصر القيام به من إجراءات تعسفية ضد من أسموهم – حينئذ – ببقايا الإقطاع، وأعداء الشعب.. بعد أن نزعوا أموالهم غصباً وظلماً، ونكّلوا بهم بغير جريرة ارتكبوها، فصاروا بعد عز , في ذل ، وبعد غنى , في فاقة وعوز، وبعد أمن , في خوف، ولا يجدون من يدافع عنهم.. فكان هو الصوت الوحيد الذي أرتفع في وجه الصمت والخوف، مدافعا عن الحق، طالبا لهم – بدلا من العزل السياسى : " العدل " السياسي، ولما أخذ التصويت في المجلس على من يعترض على إجراءات العزل السياسي، كانت يده هي الوحيدة التي ارتفعت في سماء القاعة التي ضمت – يومئذ – ثلاثمائة وستين عضواً.
موقف السلفيين منه : حرم علماء السعودية دخول كتبه المملكة متهمين اياه , زورا , وبهتانا فى عقيدته , دون تثبت , أو اعطاء دليل شرعى كعادتهم , وهذا فى الحقيقة أمر يؤسف له .
............... يتبع :
حسن الخليفه احمد
10-19-2012, 08:20 PM
اللهم ثبتنا على قدم الحق وثبت اخواننا حيث ماكانوا وحلوا انهل الله علينا امداداتك ونفحاتك وبركاتك واجعلنا من خواص احباب نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم شكرا لك اخى العوضابى بارك الله فيك
العوضابي
10-23-2012, 07:38 PM
الأخ العزيز / حسن الخليفة احمد ,
شكرا على المرور , ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتنا على الحق , والصدوع بكلمة الحق , ونسأله أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .
العوضابي
12-10-2012, 01:56 PM
(50)
نظرة الاسلام الى جمع المال :
· المال : هو عصب الحياة , ووسيلة لتبادل المنافع بين الناس
· حب المال : فطر الانسان على حب المال يقول تعالى : (( ويحبون المال حبا جما . ))
· نظرة الاسلام للمال : تقوم نظرة الاسلام للمال على أن المالك الحقيقى له هو الله : (( ولله ملك السكوات والأرض . )) وان ملكية الانس للمال ملكية مجازية , تتيح له التصرف فى حدود معينة , وأن المال الذى يملكه انّما هو مستخلف فيه , وأمين عليه , وأمانة لديه , ومنحة من الخالق للمخلوق , لا بد من المحافظة عليه وانفاقه منه : (( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه . )).... والاستخلاف معناه أن صاحب المال وكيل عن الله فيه, ولا بد للوكيل أن يتصرف فى الحدود التى رسمها له موكله , وقد حرم الاسلام استقلال المال فى الشهوات , أو فيما يؤدى الى ضرر المجتمع , مثل : الغش , والربا , والاعتداء على حقوق الآخرين .
· الطرق المشروعة للكسب الحلال :
المال الحلال هو ما جمعه الانسان نتيجة جهده فى الحياة , وسعيه واتقانه لعمله , ومراقبته لله , وقد أدى منه ذكاته , وراعى حق المجتمع فيه .
· المال الحرام :
هو ما يكسبه الانسان بوسائل متعددة , وطرق ملتوية , مثل : الربا – الرشوة –انقاص الكيل – الاحتكار – السرقة .
· الوالى والمال الحرام :
أباح الاسلام لولى الأمر أن يصادر كل مال جمع بطرق غير مشروعة حرصا على أمن المجتمع وسلامته , يقول صلى الله عليه وسلم : " بئس العبد المحتكر ,ان سمع برخص ساء , وان سمع بغلاء فرح . "
ملاحظة : ( يتم ذلك فى اطار العدالة الحقة , أى اثبات الجريمة عن طريق محاكمة عادلة , بعيدا عن عمليات التسلط , والقهر , والالتجاء للتلفيق , والاتهامات الباطلة بقرض الانتقام وغيره , وهذه كلها من أعمال الجاهلية المناهضة والمخالفة لحقيقة الاسلام )
· الرأسمالية والمال :
المال هنا ينظر اليه على أنه : " غاية " أو هو الغاية من الحياة , وهو قوام البشرية , وبقدر ما يملك الانسان من مال يكون درجة احترام الناس وتقديرهم له , دون اعتبار الى كونه جمع بوسائل غير مشروعة : " الغاية تبرر الوسيلة . " وأصبح هذا الوضع مرتعا للأمراض الاجتماعية , وساعد , ودفع دفعا عل انتشارها مثل : " الرشوة – السرقة – القمار – الربا , ... الى غير ذلك من الرزائل التى تمارس بدافع جمع المال لتحقيق " الغاية "
· علم النفس الفرويدى :
كشف الدكتور صبرى جرجس الذى عاش أكثر من خمسين عاما داعيا لعلم النفس الفرويدى , أنه وجد أن نصوص هذا العلم مأخوذة تماما من " التلمود " ومن فكر يهود , لتهديم البشرية , ولقد كان هذا المنهج مقدمة لتقنين الاباحية فى الفكر الغربى , باعتبار أن الجنس عملية بيلوجية , لا علاقة لها " بالأخلاق " وأن الدين مسألة شخصية لا علاقة له بواقع " الحب "
( من مقال للاستاذ / أنور الجندى 11/7/1986 )
يواصل الكاتب أعلاه :
لا ريب أن طرح مفاهيم المذاهب الاجتماعية الغربية واستمرار بثها عن طريق الصحافة , والكتاب , والاذاعة , والقصص والمسرحيات والأفلام السينمائية , من أخطر المحاولات التى ترمى الى جعلها مسلمات فى نظر الشباب المسلم , وعلى الأخص هولاء الذين لم يحصلوا بعد على ثقافة اسلامية كاملة وأصيلة ,
والهدف من ذلك هو : " نفى القداسة عن الدين " ونفى الثبات عن الأخلاق , والتشكيك فى قيمها , ولهذا أثره الواضح فى المجتمع , ذلك الأثر الهدام للمسئولية الفردية , والالتزام الأخلاقى , وهو ما قدمته فلسفات :
( داروين , ونيتشة , وماركس , وسارتر , وفرويد , ودوركائم . )
· الأفكار القاتلة :
يقول مالك بن نبى : " ان هناك حركة تأريخية ينبقى ألا تغيب عن نواظرنا , والاّ غابت جواهر الأشياء فلم تر فيها غير الظواهر , هذه الحركة لا تبدأ بالاستعمار , بل " بالقابلية له " لأنها هى التى تدعوه . "........... يواصل :
ان مجتمعنا الاسلامى بدلا من أن يرقب مسيرة الحضارة المعاصرة التى بدأت منعطفا جديدا يوشك أن يوقع بها – (اذا هى استمرت عبره غير ممسكة بقيمها الروحية ) – بدلا من أن يرقب مسيرتها بروح " المنهج " كى يدرك الاسباب والمسببات , اذا به وهو فى عالم ثقافى مشحون بلأفكار الميتة التى فقدت فعاليتها , يستعين بأفكار بدأت تقتل مجتمعها الذى ولدت فيه , وتهدد بسقوطه كما تنبأ : " سبنجلر " لأن الرأسمالية , والماركسية , والفكر التقدمى , انما هو تعبير عن اختلال فى وحدة العلاقة الاجتماعية بين سائر أفراد المجتمع , تلك الوحدة التى تكفلت بها بواكير الحضارة المسيحية , بنت العصر " الكارولنجى " فأورثت روح التعاون , وكانت مسئولة عن انبثاق عصر النهضة والعصر الصناعى وما تبعهما من اضطراد رأسمالى وتطور شيوعى .
يرى هذا المفكر الاسلامى الكبير :
ان هذه الأفكار القاتلة فى موطنها , ستصبح أشد قدرة على القتل فى مجتمعنا حينما نستوردها دون الجزور التى لا تستطيع حملها , والتى احتوت على مضادات السميات التى كانت تخفف من شدّت ضررها فى موطنها الأصلى .
ومن هنا فان بناء ثقافتنا وفق النموزج الذى يأتلف مع تأريخنا , وأصالتنا , فى اطار نظرة تحليلية تسبر المشكلات بعقل المؤمن الكيس الفطن , هو الطريق للخروج من أزمتنا الراهنة .
ان دورنا فى الثلث الأخير من هذا القرن ( أى القرن العشرون ) أن ندرك ادراكا بعيدا أزمت عصرنا الحديث هذا الذى أصبحت الانسانية رهينة آلته , وأصبح الفكر والثقافة انعكاسا لأزمته القاتلة , وأضحى المسلم فى عالم اقتصاد ه طاقة استهلاكية , وغدت ثروته نهبا لتقلبات النقد العالمى , وان دورنا من هذا الجانب لا يتعلق باللحاق به فى اطار التكنولوجيا , فان اتساع خطاها قد جعل سبقه فيها من المحال , فالانسانية تتطلب اطارا ثقافيا يتجاوز حدود الرقعة الحضارية الغربية الى الانسانية جمعاء , وان هذه مهمة : " الاسلام " الذى نظر الى الانسانية والحياة نظرة فيها القداسة والتكريم , ذلك التكريم الذى يستمد أساسه من الاتقان " المطلق " لكل ما خلق الله , وصنع : (( صنع الله الذى أتقن كل شىء . ))... والاتفاق الذى لا يبخس الناس اشياءهم : (( ولا تبخسوا الناس أشياءهم . )) فاذا كان الأوروبى اليوم بدأ يشعر بأزمته , وأزمة ثقافته , فان المسلم لا يستطيع أن يمارس دوره الأساسى فى تبليغ الاسلام , الاّ اذا مارس دوره الأساسى فى الارتفاع الى مستوى الحضارة , فالاسلام كحقيقة صادقة , وصحيحة , لا يمكن تبليغها عبر كتاب نكتبه , بل عبر نموزج حى يبصره أولئك الذين نخاطبهم بلغة الاسلام , فالعالم اليوم يتفاعل بالحدث , أكثر مما يستجيب لمنطق الأفكار .
ولما كان لا يمكن لمجتمع أن يبنى ثقافة من غير مثل أعلى يكون هو المسوغ لكل تحرك , فانه حينما يفقد المجتمع مسوغاته سيقع فى وهدة العبث , والضياع , والهيبية , والمخدرات , مما ىيعانيه المجتمع الصناعى اليوم , ..... والاسلام فى هذا الاطار يشكل قاعدة من القواعد النفسية , والتأريخية التى تؤهل مجتمعنا كيما يدخل التأريخ , وبالتالى فان الفكر الاسلامى يلزم باجراء تصفية تحدد مسار خطته , ووسائل فى دفع المجتمع حتى يستعيد مصيره , وحينئذ ستنسحب من قاموسنا السياسى كلمة : " استعمار "..... فالاستعمار ما جاءنا الاّ نتيجة لمرض أصابنا انه :
( القابلية للاستعمار . )
................ ونواصل :
العوضابي
12-22-2012, 05:14 PM
" مواجهة حملات التشكيك فى السنة النبوية "
" حوار مع الدكتور /أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الشريف "
· يقول الدكتور :
" ان التشكيك فى السنة النبوية يعد تشكيك فى القرآن الكريم , لأن القرآن الكريم لا يمكن أن يفهم بدون السنة النبوية , قال تعالى : (( وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم . ))... والبيان يكون : بقوله صلى الله عليه وسلم , وفعله , وتقريره , وما يلزم ذلك , اذن كل ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم , وورد عنه من أحاديث , يلزم العمل بها ما دامت صحيحة , يقول الله تعالى : (( وما آتاكم الرسول فخذوه , وما نهاكم عنه فانتهوا . ))
· القرآن فيه أوامر مجملة مثل : (( أقيموا الصلاة . )) أو (( آتو الزكاة . )) أو (( كتب عليكم الصيام . )) فجاءنا بيان هذه , وأداء كل الشعائر الدينية الخاصة , وكيفية أداءها على الوجه الصحيح من السنة النبوية مثل : " صلوا كما رأئتمونى أصلى " " خذوا عنى مناسككم "..... فالسنة مفصلة لما جاء مجملا فى القرآن الكريم . "
· يقول أيضا :
" وكما تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ القرآن , صان الحديث الشريف أيضا ليكون بيانا للقرآن , لأن حفظ " المبين " وهو القرآن يستلزم حفظ " البيان " وهو السنة النبوية , لذا يقول رب العزة : (( انا علينا جمعه وقرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه , ثم ان علينا بيانه . ))... وهذا البيان يكمن فى السنة النبوية التى تكفل بحفظها الله سبحانه وتعالى بأن قيض لها رجالا أمناء حفظوها فى صدورهم , وفى سطورهم , حتى جاءتنا فى جوامعها , ومسانيدها , المعتمدة .
· وعن قول بعض المشككين : " أن السنة لم تدون الاّ فى القرن الثالث الهجرى حيث نهى النبى صلى الله عليه وسلم "... يقول الدكتور عن هذا الزعم :
" ان من يقولون ذلك غير ملمين بتأريخ تدوين السنة النبوية , فهى لم تبق مهملة طيلة القرن الأول الهجرى , ولا الثانى , بل كتبت بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكان من من كتاب السنة من لهم كتابات , وصحف , ومنهم عبدالله بن عمرو بن العاص , وكانت صحيفته تسمى : " الصادقة " وكان يقول : " هذه الصادقة , ما يرغّبنى فى الحياة الاّ هى , كتبتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة , ليس بينى وبينه فيها أحد " ..... وكان فى هذه الصحيفة وحدها ألف حديث , وكان لسمرة بن جندب , صحيفة آخرى , ولسعد بن عبد الله صحيفة ثالثة , لأنس بن مالك صحيفة رابعة , ولجابر بن عبد الله صحيفة خامسة , فضلا عن صحيفة محمد بن هشام بن منبه عن أبى هريرة .
· يؤكد الدكتور : " ان الآحاديث الموجودة فى هذه الصحف , والمجاميع , لو قورنت بما دون بعد ذلك فى القرن الثانى , والثالث الهجرى , لوجدنا أعداد الأحاديث فيها متقاربة بعد حذف المكرر منها , ....... معنى هذا أن السنة النبوية لم تبق مهملة , كما تخيل من لا دراية له بتاريخ السنة .
· ومع تأكيد الدكتور لصحة الحديث الذى يقول : " لا تكتبوا عنى شيئا غير القرآن , ومن كتب شيئا فليمحه . " ...... يشرح ذلك قائلا : " ان هذا الحديث ورد فى بداية الدعوة عنما خشى صلى الله عليه وسلم على بعضهم أن يخلط بين القرآن والحديث , فيلتبس على بعضهم , لذا كان النهى فى بداية الأمر عن كتابة السنة . "
· ويؤكد الدكتور : " ان هذا النهى لم يكن للجميع , وانما لمن خاف عليه أن يخلط بين القرآن والحديث , أما غيرهم فقد أذن لهم صلى الله عليه وسلم أن يكتبوها فى عهده , وبين يديه مثل : " عبدالله بن عمر بن العاص , وأنس , وجابر , وهمام , وغيرهم , وكان صلى الله عليه وسلم يأذن بالكتابة لمن يخشى عليه من النسيان , أو أن تضيع منه الفائدة , وكمثال لذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " أكتبوا لأبى شاه . " وابى شاه هذا هو رجل من اليمن سمع خطبة للنبى صلى الله عليه وسلم , واستأذنه فى كتابتها فأذن له , وأمر بكتابتها له , وكان يشير لبعضهم أن يكتب الأحاديث النبوية , ... كل هذا يدل على أن السنة النبوية الشريفة لم تبق مهملة طيلة القرنين الأول والثانى الهجرى , بل انها كتبت فى عهده صلى الله عليه وسلم .
· كتب الصحاح : نفى الدكتور ما يردده البعض من أن كتب الصحاح تتضمن أحاديث " ضعيفة " مؤكدا أن كل ما جاء فى : صحيح البخارى , وصحيح الامام مسلم , ومؤطا مالك , ورياض الصالحين , أحاديث صحيحة .
· ضوابط الأحاديث : يقول الدكتور :
" ان الضوابط التى وضعها علماء الحديث لضمان سلامتها , لا يوجد مثيل لها , فقد دونوا الأحاديث بقواعد غاية فى الدقة , والأمانة , هذه القواعد اشترطوا فيها توفر مواصفات معينة فى : " الرواة والرواية " مثل أن يكون الراوى له , عدلا , ضابطا , ولا شذوذ , ولا علة فى سند الحديث , والامام البخارى اشترط أن يكون الراوى قد التقى بمن روى عنه , وثبت وتحرى الدقة فى نقل كل حديث .
· فى رده على من يطالبون بالاكتفاء بالقرآن الكريم : يقول :
" ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد حذر من هولاء بقوله : " يوشك رجل شبعان متكى على أريكته يقول ما أتاكم عنى أعرضوه على القرآن فان وافقه فأنا قلته , ..... ألا , وان ما حرم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) مثل ما حرم الله . " فهنا ينبهنا الرسول صلى الله عليه وسلم الى خطأ بعض المترفين الذين لم يرحلوا فى سبيل طلب الحديث , ويكتفون بالقول بأن ما جاء من السنة النبوية موافقا للقرآن الكريم نأخذ به , ومالم يوافق القرآن نتركه , ويحذرنا صلى الله عليه وسلم من ذلك بقوله : " ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله . " تطبيقا لقوله تعالى : (( من يطع الرسول فقد أطاع الله . )) ... ويقول تعالى : (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا . ))..... وفى هذا أبلغ رد من القرآن على هولاء المنكرين لحجية السنة .
· فى رده على من ينكرون شفاعته يوم القيامة : يقول :
· " ان شفاعته صلى لله عليه وسلم لأمته فى الآخرة ثابتة من الكتاب والسنة , يقول صلى الله عليه وسلم : " لكل نبى دعوة مستجابة , وقد اختبأت دعوتى شفاعة لأمتى يوم القيامة , فهى نائلة ان شاء الله لكل من مات من أمتى لا يشرك بالله شيئا . " والشفاعة ثابتة بالقرآن الكريم , يقول تعالى : (( من ذا الذى يشفع عنده الاّ باذنه . )) أما القول بأنها تعنى الاتكالية وعدم العمل , فمردود عليه لأن المقصود بالشفاعة , أن يكون أمام الانسان أمل فى جانب الله تعالى ورحمته , فهى تكريم للذى يشفع لمنزلته عند الله تعالى , وهى أيضا رحمة لمن يشفع له , وهى كما توضخ الآية لا تكون الاّ لمن يأذن له تعالى , والله لا يأذن الاّ لمن يستحقها , ..... ويواصل الدكتور قائلا :
· " الشفاعة لا تلقى العمل والقيام بالتكاليف الشرعية ولنها على درجات تتفاوت بقدر أعمال الناس فمنهم المجد , ومنهم من يبقى عند أول سلم , وكل من شهد لأن : " لا اله الاّ الله وأن محمدا رسول الله " دخل فى حوزة المؤمنين الذين لهم شفاعة عنده , فمنهم من ارتكب ذنبا ويشفع له فلا يدخل النار , ومنهم من يدخل النار ثم يخرج منها بشفاعته صلى الله عليه وسلم . "
...............ونواصل باذن الله :
العوضابي
01-01-2013, 05:11 PM
(53)
" مقابلة مع الدكتور / مراد هوفمان "
" السفير والمفكر الألمانى المسلم "
" مع جريدة الخليج 14/5/1999 "
يقول الدكتور :
" يجب ألاّ ينخدع العالم الاسلامى ببعض مواقف الغرب , وأن يكون واقعيا فى التعامل مع الآخرين , فالغرب لا يخشى أى عقيدة , كما يخشى الاسلام , لا بد أن نعرف أن الخوف من الاسلام شعور متأصل فى الثقافة الغربية , يرجع ذلك الى التأريخ المظلم للعلاقة بين المسيحيين والمسلمين , ومحاولات كثير من كتاب ومثقفى الغرب احياء روح العصبية فى المسيحيين ضد المسلمين من جديد , وخاصة بعد انهيار العدوء التقليدى له والذى جند كل وسائله وثرواته خلال قرن لمواجهته واضعافه : ( الاتحاد السوفيتى ) .
ورغم أن كثيرا من كتاب الغرب , ومثقفيه الموضوعيين , يدركون تماما أن الاسلام دين محبة , وسلام , الاّ أن هذا المفهوم الموضوعى للاسلام لا يحقق مصالح الغرب العليا , فتوجه الجميع من ساسة , وخبراء اقتصاد , ومثقفين الى اعلان الحرب على الاسلام , كل بطريقته , وبأدواته , ..... فالغرب ليس مهتم أو مخلص لدينه , انما يبحث عن مصالحه الاقتصادية , والسياسية , ولو على حساب قيمه ومبادئه الدينية .
تحذير من الصهيونية : يقول الدكتور :
" لكى يمكن للمسلمين تصحيح الصورة المشوة العالقة بأذهان الغربيين عن الاسلام , لا بدّ أن ندرك أن هذه المفاهيم الخاطئة , والعالقة بأذهانهم , ترجع الى ثقافة مستقرة فى العقول , تنمى روح العداء , والمواجهة للاسلام , فهم يعتقدون أن الاسلام , قتال , وعدوان , ويرجعون انتشاره الهائل فى العالم الى اعتماد : " السلاح والارهاب " وسيلة أساسية لدعوته , ....... نعم هناك الكثير من كتاب الغرب , من بينهم أسماء كبيرة , لا معة , تؤكد خطأ التعامل مع الاسلام بهذا المفهوم التقليدى المتوارث دون دراسة لحقايق التأريخ الاّ أن : " الدعاية الصهيونية " والتى تعمل دائما على التشكيك فى أى محاولة لتصحيح هذا المفهوم لتنتهى بنا الى مزيد من الفشل , وخاصة فى ظل سيطرتها العالمية , الكاملة على وسائل الاعلام , ومصادر الثقافة الغربية , ( فليس من السهل فى ظل هذا الوضع أن تقنع الغرب المسيحى بأن الاسلام انتشر لأنه حرر الشعوب التى كابدت الحكم القيصرى , والبابوى , والكسروى , وان كثيرا من المسحيين هجروا الكنائس أفواجا ودخلوا فى الاسلام . ) ....... وتابع قائلا :
" لذا يجب على المسلمين أن يبحثوا عن مداخل أخرى للعقلية الأوروبية الحديثة , التى تجهل كثيرا من حقايق الـتأريخ , ولا تؤمن بالمسلمات , وتحتاج الى من يقنعها أولا بمصداقية الدين البديل , وتميزه عن غيره من العقائد , والأديان , لا بالكلام , ولا بالشعارات , ولا بالدعايات المذهبية, والسياسية , ولكن من خلال : " منظومة القيم الأخلاقية , والنظم الحياتية , والتعامل مع الانسان كانسان , كما كان عليه الاسلام الحقيقى "..... أى ترجمة الاسلام الى قيم وسلوكيات , وبهذا فقط يمكن توصيله للآخرين .
· فى رده عن التقارير الواردة عن تعاظم روح العداء للأقليات الاسلامية بالغرب : يقول :
" روح المواجهة والعداء ضد الاسلام , والوجود الاسلامى فى الغرب , تتنامى والشواهد عليه كثيرة , سواء فى المستوى الرسمى , أو الشعبى :
· الغرب الذى يتحدث عن حقوق الاسلام , يغمض عينيه عندما يتعلق الأمر بالمسلمين .
· هذه فلسفة متوارثة , وكما هو معلوم فان تأريخ أوروبا ملىء بالاضطهاد والعنصرية , والتطهير العرقى والدينى للأقليات العرقية والدينية , هناك شعور متنامى بالخوف من زيادة عدد المسلمين فى بلادهم بما يمكن أن يجعلهم أغلبية مسيطرة , يصحبه تسلسل عناصر الى مواقع اتخاذ القرار وهى مناصب سيادية , كل مع مصاحبة الترويج الشديد , والحملة الاعلامية , والثقافية , ان مثل هذه السيطرة تعنى انطلاقا من اعتقادهم الخاطىء : " اللجوء الى العنف, والى التغيير واستلام السلطة بالقوة , وما يتبع ذلك من ازلالهم , وسومهم سوء العذاب , وكيف لا يحدث ذلك , وهم يرونه مشاهد أمام أعينهم , ويستندون عليه بما هو حادث من تنامى تيار : " التطرف الدينى " وعلو صوت العنف , وسفك الدماء الريئة فى بعض البلدان الاسلامية مع التركيز الشديد والتأكيد على انتساب ذلك وسحبه على الاسلام .
· أخطاء فادحة ترتكبها المراكز الاسلامية بأوروبا : يقول الدكتور :
" فى بلد أوروبى واحد هالنى أن أجد عدد المراكز الاسلامية : (2578) مركزا وجمعية اسلامية , وعند تقييمها نجد :
· كثيرا منها لا يقوم بنشاط اسلامى ودعوى , أو علمى أو فكرى ملحوظ .
· بعض هذه الجمعيات توظف لبث روح الفرقة والانقسام بين المسلمين , مستفيدة من تنوع الثقافات والمذاهب , والفرق الضالة بين هذه الجاليات .
· وجود هيئات ومؤسسات اسلامية متنازعة , متناحرة , وتعكس صورة سيئة عن عن الاسلام والمسلمين .
· فى ظل هذا التنازع والخلاف , فهى بعيدة كل البعد عن تقديم الصورة المثالية للاسلام , وانشطتها بعيدة عن العقلية الأوروبية المتطلعة للمعرفة عن الاسلام .
· أخطاء الدعاة : يقول الدكتور :
· عدم اعداد هولاء الدعاة اعدادا صحيحا , وعدم معرفتهم ووقوفهم على تأريح هذه المجتمعات الأوروبية , وما بها من صراعات فكرية , وتيارات معادية للاسلام , الى جانب ضعف اعدادهم لغويا , أدى الى سلبيات خطيرة , أتاحت لأعدائه والمتربصين به , أن يتخذوا منها قرينة لتثبيت بعض المفاهيم الخاطئة , والتى ظلوا يروجونها ضد الاسلام , مثال ذلك :
· التعالى باسم الاسلام على الأديان الأخرى دون ايراد المعنى الحقيقى , وذلك بالتركيز على ظواهر بعض النصوص دون غيرها , مثل قوله تعالى : (( ومن يرد غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين . )) أو قوله تعالى : (( ان الدين عند الله الاسلام . )) مثل هذه النصوص التى ترد فى مثل هذه المواقف بلا وعى , تعطى فرصة للمتربصين , يبرهنون بها على ادعائهم , أن الاسلام دين يدعو الى التعصب , ولا يعرف التسامح , وهو لا يقبل أى دين آخر بجواره .
· التركيز على مساوىء وسلبيات الحضارة الغربية فيما يوحى , أو يمكن للمدعين أن الاسلام جاء لمواجهة هذه الحضارة التى جعلتهم يتفوقون علي المسلمين وغيرهم علميا وحضاريا , بمعنى أن الاسلام يمثل ثورة ضد تقدمهم , وانجازاتهم الحضارية , مما يؤدى الى تعاظم الرأى العام ضد الاسلام .
· والخطأ الأخير , وليس آخرا , عدم الاعداد العلمى السليم , والوقوف على تأريخ هذه المجتمعات وما بها من صراعات فكرية , وتيارات معادية للاسلام , ..... هذا الى ضعف اعدادهم لغويا , فنادرا ما تجد داعيا ملما بلغة البلد الذى يعمل به الماما كاملا , ولذلك تجد معظمهم عاجزين عن الحوار , الى جانب ضعفهم الواضح ثقافيا وعدم قدرتهم على التعائش مع هذه المجتمعات .
· الأقليات المسيحية فى بلاد الاسلام : يقول الدكتور :
· فى الواقع لا وجه للمقارنة بين الأقليات هنا وهناك , فالأقليات المسيحية هنا تأخذ حقوقها كاملة , رأيت ذلك فى مصر والمغرب والجزائر وتونس وتركيا وغيرها من البلدان الاسلامية , بينما الأقليات المسلمة هناك تواجه الوانا متعددة من الاضطهاد فى مختلف البلدان الأوروبية والأمريكية , حتى فى البلدان الأمريكية ذات الأقلية المسيحية , والدلائل على ذلك كثيرة , ويكفى ما يجرى ويحدث فى كوسوفو , والشىء الملاحظ انه بالرغم من ردح العداء والكراهية التى بدأت تتحرك , والمتمثل فى الاضطهاد , والواقع المتردى الذى تعيشه الآن هذه الأقليات والاهدار الكامل لحقوقها , وبالرغم من ذلك لا نجد من يناصرها من البلدان الاسلامية , بينما نجد أن الأقليات المسيحية فى بلاد الاسلام تجد من يناصرها حتى ولو كانت ظالمة , وهذه المفارقة الكبيرة الخاصة بتمتع الاقليات المسيحية فى بلاد الاسلام بحقوقها كاملة الأمر الذى أكده الغربيون فى العديد من كتاباتهم , هذه تعتبر شهادة تقدير للاسلام باعتباره الدين الوحيد الذى حافظ على الأقليات فى بلاده واعطى الجميع الحريه الدينيه وقدم وثيقه رائده تنظم حياة المجتمع المتعدد الجنسيات والاديات ..... ومما يدعو للتأمل والتدبر هو ان هذه التعدديه الدينيه المتسامحه لم تأتى نتيجة لتطور الممارسه الدمقراطيه كما حدث فى الغرب ولم يكن الدافع اليها الخوف من هيمنة الغرب وصواريخه وطائراته التى يؤدب بها من يشاء بل ان الباعث اليها أيات القرآن الكريم التى جاءت كثيره وبديعه تؤكد تسامح الاسلام والمسلمين , واعتبار التعدديه الدينيه داخل المجتمع الواحد ليس امرا مضادا بل هو آية من آيات الله وهى فى صالح الوجود الانسانى كله .
· ...........ونواصل حوار د. هوفمان :
العوضابي
03-25-2013, 04:34 PM
(54)
· اسس الحوار الدينى : يقول المفكر الالمانى المسلم :
· " شاركت فى الكثير من المؤتمرات الاسلاميه وتابعت فعاليات البعض منها عن بعد ولاحظت عناية المسلمين بمناقشة موضوعات جدليه وجهودهم لقيام حوار عقلانى هادئ بينهم وبين اتباع الديانات السماويه يقوم على قراءة جاده لتاريخ هذه العلاقه بهدف تنظيمها على أسس جديدة , كما لاحظت نشكيك البعض منهم فى مصداقية مثل هذه الجهود , ... وبالرغم من وجاهة المبررات التى يستندون اليها الا انى اعتقد ان الاسلام الذى تعرفت عليه دون اكراه وعرفته من مصادره الطبيعيه يتسامى فى تسامحه مع تسامحه مع اتباع الاديان السماويه , ويتسامى فى اعترافه وتقديره لهذه الاديان , ويغرس فى نفوس اتباعه فضيلة احترام تلك الاديان , ويعتبر الايمان بها وبرسلها مقدمه حقيقيه للايمان به بأعتباره الدين الخاتم , ...., ومن ثم فأنى أؤمن بضرورة فتح صفحه جديدة فى علاقاتنا بهم , ولا يعنى ذلك نسيان ماحدث فى الماضى من صراعات ومواجهات , ولا يعنى ايضا تجاهل ما يحدث الان من روح عدائيه يعانى منها المسلمون هنا وهناك , ..... بل يكون الهدف من فتح هذه الصفحة الجديده من جانبنا هو تقديم خسن النوايا , واثبات اننا دعاة حق , ومحبه , ولسنا كما يعتقد بعضهم او كثير منهم اننا دعاة عنف وارهاب .
(بتصرف من مقابلة اجرتها جريدة الخليج مع السفير والمفكر الالمانى المسلم الدكتور/ هوفمان تاريخ الجمعه 14.5.1999 )
ما ينتفع به من الأقوال والأفعال :
ان ما ينفع السالك من الأقوال والأفعال ينقسم الى قسمين :
الأول : ما يتجلى به فى نفسه من الأقوال السنية والأفعال الزكية المكتسبة من اخلاق سيد الخلق صلى الله عليه وسلم .
ألثانى : ما كان منها من الأسرار والحكم الجالبة للخير , والدافعة للضير , المروية عن العلماء الهادين والمغتفين لأثر سيدنا وحبيبنا خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ,
أما ما كان من الأول , ... فأول ما ينظر المرء فيه أدبه صلى الله عليه وسلم , ثم أدبه لأمته , ثم الحكماء والعلماء , وقد أدب الله نبيه بأحسن الآداب كلها كما قال : " أدبنى ربى فأحسن تأديبى " فمن أدبه له قوله تعالى : (( ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك , ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا . )) فنهاه عن التقتير , كما نهاه عن التبذير , وأمره بتوسط الحالتين , وكما جاء فى قوله تعالى : (( والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا , ولم يقتروا , وكانوا بين ذلك قواما . )) وقد جمع الله تعالى لنبيه جوامع الكلم , ونظم له مكارم الأخلاق كلها فى تلاث كلمات فقال : (( خذ العفو وأمر بالمعروف , وأعرض عن الجاهلين . )) ... ففى أخذه العفو , صلة من قطعه , والصفح عنمن ظلمه , وفى الأمر بالمعروف , تقوى الله وغض الطرف عن المحارم , وصون اللسان عن الكذب , وفى الاعراض عن الجاهلين , تنزيه النفس عن ممارات السفيه , ومنازعة اللجوج ( كثير الخصومة ) ومن آدابه تعالى , أمره له : " باللين " فى عريكته , والرفق بأمته , فقال تعالى : (( وأخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين . )) وقال : (( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك . )) وقال أيضا : (( ولا تستوى الحسنة ولا السيئة , أدفع بالتى هى أحسن , فاذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم وما يلقاها الاّ الذين صبروا وما يلقاها الاّ ذوحظ عظيم ))
ومن آدابه لأمته فيما أدبها به صلى الله عليه وسلم وحضها عليه من مكارم الأخلاق , وجميل المعاشرة , واصلاح ذات البين , وصلة الأرحام فقال : " أوصانى ربى بتسع أوصيكم بها : أوصانى بالاخلاص فى السر والعلانية , والعدل فى الرضى والغضب , والقصد فى الغنى والفقر , وأن أعفو عن من ظلمنى , وأعطى من حرمنى , وأصل من قطعنى , وأن يكون صمتى فكرا , ونطقى ذكرا , ونظرى عبرا . "..... وقال صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بشر الناس ؟ قالوا بلى يا رسول الله , قال : " من أكل وحده , ومنع رفده , وجلد عبده . " ثم قال : " آلا أنبئكم بشر من ذلك ؟ قالوا بلى يا رسول الله , قال : من يبغض الناس ويبغضوه . "
ومن أقواله صلى الله عليه وسلم : " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين . " وقال : " المرء كثير بأخيه . " وقال : " أفضل الأصحاب من اذا ذكرت أعانك , واذا نسيت ذكرك . " وقال : " ستحرصون على الامارة , : فنعمت المرضعة , وبئست الفاطمة . "
من آداب الحكماء والعلماء : أو صى بعض الجكماء بنيه فقال : " الأدب أكرم الجواهر طبيعة , وأنفسها قيمة , يرفع الأحساب الوضيعة , ويفيد الرغائب الجليلة , ويعز بلا عشيرة ,ويكسر الأنصار لغير رزيه , فألبسوه حلّة , وتزينوه خلة , يؤنسكم فى الوحشة , ويجمع لكم القلوب المختلفة ,. ومن كلام الامام على كرم الله وجهه : " من أبصر عيب نفسه عمى عن عيب غيره . "... وقال : " من سل سيف البغى قتل به , ومن احتفر لأخيه بئرا وقع فيها , ومن نسى زلته استعظم زلة غيره , ومن هتك حجاب غيره انتهكت عورات بيته , ومن كابر فى الأمور عطب , ومن اقتحم اللجج غرق , ومن اعجب برأيه ضل , ومن استغنى بعقله زل ,ومن تجبر على الناس ذل , ومن تعمق فى العمل ىمل , ومن صاحب الأنزال حقر , ومن جالس العلماء وقر , ومن دخل مداخل السوء أتهم , ومن حسن خلقه سهلت له طرقه , ومن حسن كلامه كانت الهيبة أمامه , ومن خشى الله فاز , ومن عرف أجله قصر أمله .
................نواصل :
(55)
العوضابي
04-07-2013, 02:33 PM
(55)
بسم الله الرحمن الرحيم
صلة ُ الرَحِم
معنى الرحم: الرحم هو رحم المرأة ، ومنه أستعير الرحم للقرابة لكونهم خارجين من رحم واحدة.
والرحم له وجهين: عامة وخاصة ، فالعامة رحم الدين ويجب مواصلتها بملازمة الايمان والمحبة لاهله ونصرتهم والنصيحة وترك مضارتهم والعدل بينهم والنصفة فى معاملتهم ، أما الرحم الخاصة وهى القرابة من طرق الرجل ابيه وامه فتجب لهم الخاصة وزيادة كالنفقة وتفقد احوالهم .
الدليل من القرآن :
قال تعالى:
الآية: { فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا فى الأرض وتقطعوا ارحامكم } أى تعودوا الى ما كنتم فيه من الجاهلية الجهلاء تسفكون الدماء وتقطعوا الارحام ، ولهذا قال تعالى {أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} ، وهذا نهى عن الفساد فى الأرض عموما وعن قطع الأرحام خصوصا ، بل أمر الله تعالى بلإصلاح فى الأرض وصلة الأرحام وهو الإحسان الى الأقارب فى المقال والأفعال وبذل الأموال.
الآية: { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون فى الأرض أولئك لهم اللعنه ولهم سوء الدار} الرعد "25" ومعنى يقطعون ما أمر به ان يوصل "اى من الأرحام والإيمان بجميع الأنبياء (تفسير الأمام القرطبى)
الآية: {وإتاء ذا القربى حقه } المعنى " خص ذا القربى لأن حقوقهم أوكد وصلتهم أوجب لتأكيد حق الرحم التى اشتق الله اسمها من اسمه وجعل صلتها من صلته فقال فى الصحيح : "اماترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ولا سيما اذا كانوا فقراء " (القرطبى).
الدليل من السنة:
1. ورد ان الرحم – من الرحمن فقال الله "من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته "
2. (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذى اذا قطعت رحمه وصلها )
3. فى حديث آخر يقول (ص) ( إن آل أبى ليسوا بأوليائى انما ولى الله وصالح المؤمنين ولكن لهم رحم أبلها ببلالها يعنى اصلها بصلتها )
صحيح البخارى ج 4 ص
4. فى صحيح بن حبان : قال : (ان الله خلق الرحم حتى اذا فرغ من خلقه قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذين من القطيعة قال نعم الا ترضين ان اصل من وصلك واقطع من قطعك قالت : بلى قال : فهو لك . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وأقرؤوا ان شئتم {فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا فى الأرض وتقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فاصمهم واعمى ابصارهم }
إبن حبان ج 2 ص 184
5. ( الرحم شجنه من الرحمن معلقه بالعرش تقول " يا رب إنى قُطعت انى اسىء الى فيجيبها ربها :اما ترضين ان اقطع من قطعك واصل من وصلك)
إبن حبان ج 2 ص 185
6. وعنه صلى الله عليه وسلم قال : قال الله تعالى " انا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمى فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته "
المصدر السابق ص 187
7. وقال ايضا ( من كان له ثلاث بنات او ثلاث اخوات او ابنتان او اختان فاحسن صحبتهم واتقى الله فيهم دخل الجنه )
المصدر السابق ص 190
8. قال ابو ذر رضى الله عنه ( اوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم بخصال من الخير :اوصانى بان لا انظر الى ما هو فوقى وان انظر الى من هو دونى ، واوصانى بحب المساكين والدنو منهم ، واوصانى ان اصل رحمى وان ادبرت ، واوصانى ان لا اخاف فى الله لومه لائم واوصانى ان اقول الحق وان كان مرا ، واوصانى ان اكثر من قول " لاحول ولا قوة الا بالله " فانها كنز من كنوز الجنه)
المصدر السابق ص 194
9. وعن ابى هريرة رضى الله عنه ( ان رجلا قال : يارسول الله ان لى قرابه اصلهم ويقطعونى واحسن اليهم ويسيئون الى واحلم عنهم ويجهلون على ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لئن كان كما تقول لكأنما تسفهم الملّ ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك )
المصدر السابق
10. وقال ايضا ( ان من اربى الربا الاستطالة فى عرض المسلم بغير حق وان هذه الرحم شجنه* من الرحمن عز وجل فمن قطعها حرم الله عليه الجنه )
الترغيب والترهيب ج 3 ص 230
11. وقال ايضا ( لا تكونوا امعه تقولون ان احسن الناس احسنا وان ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا انفسكم ان احسن الناس ان تحسنوا وان اساؤوا ان لا تظلموا)
المصدر السابق ص 11
12. قال ايضا ( افضل الصدق الصدقه على ذى الرحم الكاشح) الكاشح = الذى يضمر عداوته
المصدر السابق
13. قال ايضا ( ثلاث من كن فيه حاسبه الله حسابا يسيرا وادخله الجنه برحمته قالوا وما هى يا رسول الله بابى انت وامى قال : تعطى من حرمك وتصل من قطعك وتصفح عمن ظلمك فاذا فعلت ذلك يدخلك الله الجنه) المصدر السابق . وفى روايه( الا ادلك على اكرم اخلاق الدنيا والاخرة ان تصل ....الخ )
14. قال ايضا (اسرع الخير ثوابا البر وصله الرحم واسرع الشر عقوبه البغى وقطيعه الرحم) المصدر السابق
15. وقال ايضا ( ما من ذنب اجدر ان يعجل الله لصاحبه العقوبه فى الدنيا مع ما يدخر له فى الاخرة من البغى وقطيعة الرحم ) المصدر السابق
16. وفى رواية اخرى تكمله له (...والخيانة والكذب وان اعجل البر ثوابا لصلة الرحم حتى ان اهل البيت ليكونون فجرة فتنموا اموالهم ويكثر عددهم اذا تواصلوا )
17. وقال ايضا ( ان اعمال بنى آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم)
( المصدر السابق ج 3 ص 233)
جمع واعداد / عوض سيد
............... نواصل :
(56)
أبو الحُسين
04-09-2013, 11:51 PM
12. قال ايضا ( افضل الصدق الصدقه على ذى الرحم الكاشح) الكاشح = الذى يضمر عداوته
يا سلام عليك عمنا العوضابي... كلام جميل جداً وقيم راقية يهدينا إليها الهادي البشير صلى الله عليه وآله وسلم...
فصلة الرحم يا أُستاذنا الفاضل فيها خيري الدنيا والآخرة كما يقول باب مدينة العلم الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام):
صلة الرحم عمارةُ النّعم ودفاعةُ النقم
العوضابي
04-10-2013, 07:21 PM
الأخ العزيز / أبو الحسين , شكرا أخى على المرور وجزيت خيرا كثيرا , نعم , صلة الرحم كانت والى وقت قريب من الوشائج التى ظلت ومن قديم الزمان متأصلة تماما عند الأمة السودانية بالدرجة التى كانوا يتفوقون بها على كافة جيراننا من العرب , ولكن يبدو وللأسف الشديد أن الظروف تغيرت فى الآونة الأخيرة بسبب الضغوط المعيشية الحادة وغيرها من جملة المعناة اليومية للمواطن من جراء الأوضاع الممعنة فى سوءها وقبحها التى نعائشها اليوم فى ظل حكم الانقاذ ,
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيح عن كاهل البلاد والعباد هذه الغمة وهذه الفتنة العارمة , وان يعيدنا الى ما كنا عليه من سعادة وأمن وأمان,
آمين يا رب العالمن
العوضابي
04-18-2013, 12:18 PM
(56)
" قصة اليهود مع بداية الدعوة الاسلامية . "
سورة البقرة :
لقد كان اليهود هم أول من اصطدم بالدعوة في المدينة ; وكان لهذا الاصطدام أسبابه الكثيرة . . كان لليهود في يثرب مركز ممتاز بسبب أنهم أهل كتاب بين الأميين من العرب - الأوس والخزرج - ومع أن مشركي العرب لم يظهروا ميلا لاعتناق ديانة أهل الكتاب هؤلاء , إلا أنهم كانوا يعدونهم أعلم منهم وأحكم بسبب ما لديهم من كتاب . ثم كان هنالك ظرف موات لليهود فيما بين الأوس والخزرج من فرقة وخصام - وهي البيئة التي يجد اليهود دائما لهم فيها عملا ! - فلما أن جاء الإسلام سلبهم هذه المزايا جميعا . . فلقد جاء بكتاب مصدق لما بين يديه من الكتاب ومهيمن عليه . ثم إنه أزال الفرقة التي كانوا ينفذون من خلالها للدس والكيد وجر المغانم , ووحد الصف الإسلامي الذي ضم الأوس والخزرج , وقد أصبحوا منذ اليوم يعرفون بالأنصار , إلى المهاجرين , وألف منهم جميعا ذلك المجتمع المسلم المتضام المتراص الذي لم تعهد له البشرية من قبل ولا من بعد نظيرا على الإطلاق .
ولقد كان اليهود يزعمون أنهم : " شعب الله المختار " وأن فيهم الرسالة والكتاب . فكانوا يتطلعون أن يكون الرسول الأخير فيهم كما توقعوا دائما . فلما أن جاء من العرب ظلوا يتوقعون أن يعتبرهم خارج نطاق دعوته , وأن يقصر الدعوة على الأميين من العرب ! فلما وجدوه يدعوهم - أول من يدعو - إلى كتاب الله , بحكم أنهم أعرف به من المشركين , وأجدر بالاستجابة له من المشركين . . أخذتهم العزة بالإثم , وعدوا توجيه الدعوة إليهم : " إهانة واستطالة " !!!!!!!
ثم إنهم حسدوا النبي [ ص ] حسدا شديدا . حسدوه مرتين: مرة لأن الله اختاره وأنزل عليه الكتاب - وهم لم يكونوا يشكون في صحته - وحسدوه لما لقيه من نجاح سريع شامل في محيط المدينة .
على أنه كان هناك سبب آخر لحنقهم ولموقفهم من الإسلام موقف العداء والهجوم منذ الأيام الأولى: ذلك هو شعورهم بالخطر من عزلهم عن المجتمع المدني الذي كانوا يزاولون فيه القيادة العقلية والتجارة الرابحة والربا المضاعف ! هذا أو يستجيبوا للدعوة الجديدة . ويذوبوا في المجتمع الإسلامي . وهما أمران - في تقديرهم - أحلاهما مر !
لهذا كله وقف اليهود من الدعوة الإسلامية هذا الموقف الذي تصفه سورة البقرة , [ وسور غيرها كثيرة ] في تفصيل دقيق , نقتطف هنا بعض الآيات التي تشير إليه . . جاء في مقدمة الحديث عن بني إسرائيل هذ النداء العلوي لهم:(يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون . وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم . ولا تكونوا أول كافر به , ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا , وإياي فاتقون . ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون . وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين . أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ? وأنتم تتلون الكتاب ? أفلا تعقلون ?). . وبعد تذكيرهم طويلا بمواقفهم مع نبيهم موسى - عليه السلام - وجحودهم لنعم الله عليهم , وفسوقهم عن كتابهم وشريعتهم . . ونكثهم لعهد الله معهم . . جاء في سياق الخطاب لتحذير المسلمين منهم:( أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ? وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا:آمنا , وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا:أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم ? أفلا تعقلون ?). .( وقالوا:لن تمسنا النار إلا أياما معدودة . قل:أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده ? أم تقولون على الله ما لا تعلمون ?). .( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به , فلعنة الله على الكافرين). . . ( وإذا قيل لهم:آمنوا بما أنزل الله . قالوا:نؤمن بما أنزل علينا , ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم). . .( ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون) ..... ( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ). . . (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق). . . (وقالوا:لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى . تلك أمانيهم). . . (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم). . . الخ الخ .
وكانت معجزة القرآن الخالدة أن صفتهم التي دمغهم بها هي الصفة الملازمة لهم في كل أجيالهم من قبل لإسلام ومن بعده إلى يومنا هذا . مما جعل القرآن يخاطبهم - في عهد النبي [ ص ] كما لو كانوا هم أنفسهم الذين كانوا على عهد موسى - عليه السلام - وعلى عهود خلفائه من أنبيائهم باعتبارهم جبلة واحدة . سماتهم هي هي , ودورهم هو هو , وموقفهم من الحق, والخلق , هو موقفهم على مدار الزمان ! ومن ثم يكثر الالتفات في السياق من خطاب قوم موسى , إلى خطاب اليهود في المدينة , إلى خطاب أجيال بين هذين الجيلين . ومن ثم تبقى كلمات القرآن حية كأنما تواجه موقف الأمة المسلمة اليوم وموقف اليهود منها . وتتحدث عن استقبال يهود لهذه العقيدة ولهذه الدعوة اليوم , وغدا كما استقبلتها بالأمس تماما ! وكأن هذه الكلمات الخالدة هي التنبيه الحاضر والتحذير الدائم للأمة المسلمة , تجاه أعدائها الذين واجهوا أسلافها بما يواجهونها اليوم به من دس وكيد , وحرب منوعة المظاهر , متحدة العقيدة !
................نواصل قصة اليهود :
(57)
العوضابي
05-03-2013, 10:00 AM
(57)
بعد هذا يبدأ السياق جولة واسعة طويلة مع بني إسرائيل - أشرنا إلى فقرات منها فيما سبق - تتخللها دعوتهم للدخول في دين الله وما أنزله الله مصدقا لما معهم مع تذكيرهم بعثراتهم وخطاياهم والتوائهم وتلبيسهم منذ أيام موسى - عليه السلام - وتستغرق هذه الجولة كل هذا الجزء الأول من السورة .
ومن خلال هذه الجولة ترتسم صورة واضحة لاستقبال بني إسرائيل للإسلام ورسوله وكتابه . . لقد كانوا أول كافر به . وكانوا يلبسون الحق بالباطل . وكانوا يأمرون الناس بالبر - وهو الإيمان - وينسون أنفسهم . وكانوا يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه . وكانوا يخادعون الذين آمنوا باظهار الإيمان وإذا خلا بعضهم إلى بعض حذر بعضهم بعضا من إطلاع المسلمين على ما يعلمونه من أمر النبي وصحة رسالته ! وكانوا يريدون إن يردوا المسلمين كفارا . وكانوا يدعون من أجل هذا أن المهتدين هم اليهود وحدهم - كما كان النصارى يدعون هذا أيضا - وكانوا يعلنون عداءهم لجبريل - عليه السلام - بما أنه هو الذي حمل الوحي إلى محمد دونهم ! وكانوا يكرهون كل خير للمسلمين ويتربصون بهم السوء . وكانوا ينتهزون كل فرصة للتشكيك في صحة الأوامر النبوية ومجيئها من عند الله تعالى - كما فعلوا عند تحويل القبلة - وكانوا مصدر إيحاء وتوجيه للمنافقين . كما كانوا مصدر تشجيع للمشركين .
ومن ثم تتضمن السورة حملة قوية على أفاعيلهم هذه ; وتذكرهم بمواقفهم المماثلة من نبيهم موسى - عليه السلام - ومن شرائعهم وأنبيائهم على مدار أجيالهم . وتخاطبهم في هذا كأنهم جيل واحد متصل , وجبلة واحدة لا تتغير ولا تتبدل .
وتنتهي هذه الحملة بتيئيس المسلمين من الطمع في إيمانهم لهم , وهم على هذه الجبلة الملتوية القصد , المؤوفة الطبع . كما تنتهي بفصل الخطاب في دعواهم أنهم وحدهم المهتدون , بما أنهم ورثة إبراهيم . وتبين أن ورثة إبراهيم الحقيقيين هم الذين يمضون على سنته , ويتقيدون بعهده مع ربه ; وأن وراثة إبراهيم قد انتهت إذن إلى محمد [ ص ] والمؤمنين به , بعد ما انحرف اليهود وبدلوا ونكلوا عن حمل أمانة العقيدة , والخلافة في الأرض بمنهج الله ; ونهض بهذا الأمر محمد والذين معه . وأن هذا كان استجابة لدعوة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - وهما يرفعان القواعد من البيت :( ( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك , وأرنا مناسكنا , وتب علينا , إنك أنت التواب الرحيم . ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك , ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم , إنك أنت العزيز الحكيم )
صفات الكافرين فأما الصورة الثانية فهي صورة الكافرين . وهي تمثل مقومات الكفر في كل أرض وفي كل حين:
(إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون . ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم , وعلى أبصارهم غشاوة , ولهم عذاب عظيم). .
وهنا نجد التقابل تاما بين صورة المتقين وصورة الكافرين . . فإذا كان الكتاب بذاته هدى للمتقين , فإن الإنذار وعدم الإنذار سواء بالقياس إلى الكافرين . إن النوافذ المفتوحة في أرواح المتقين , والوشائج التي تربطهم بالوجود وبخالق الوجود , وبالظاهر والباطن والغيب والحاضر . . إن هذه النوافذ المفتحة كلها هناك , مغلقة كلها هنا . وإن الوشائج الموصولة كلها هناك , مقطوعة كلها هنا:
(ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم)....... ختم عليها فلا تصل إليها حقيقة من الهدى ولا صدى .
(وعلى أبصارهم غشاوة). . فلا نور يوصوص لها ولا هدى . ! وقد طبع الله على قلوبهم وعلى سمعهم وغشي على أبصارهم جزاء وفاقا على استهتارهم بالإنذار , حتى تساوى لديهم الإنذار وعدم الإنذار .
إنها صورة صلدة , مظلمة , جامدة , ترتسم من خلال الحركة الثابتة الجازمة . حركة الختم على القلوب والأسماع , والتغشية على العيون والأبصار . .
(ولهم عذاب عظيم). . وهي النهاية الطبيعية للكفر العنيد , الذي لا يستجيب للنذير ; والذي يستوي عنده الإنذار وعدم الإنذار ; كما علم الله من طبعهم المطموس العنيد .
(الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه , ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل , ويفسدون في الأرض . أولئك هم الخاسرون). .
فأي عهد من عهود الله هو الذي ينقضون ? وأي أمر مما أمر الله به أن يوصل هو الذي يقطعون ? وأي لون من الفساد في الأرض هو الذي يفسدون ?
لقد جاء السياق هنا بهذا الإجمال لأن المجال مجال تشخيص طبيعة , وتصوير نماذج , لا مجال تسجيل حادثة , أو تفصيل واقعة . . إن الصورة هنا هي المطلوبة في عمومها . فكل عهد بين الله وبين هذا النموذج من الخلق فهو منقوض ; وكل ما أمر الله به أن يوصل فهو بينهم مقطوع ; وكل فساد في الأرض فهو منهم مصنوع . . إن صلة هذا النمط من البشر بالله مقطوعة , وإن فطرتهم المنحرفة لا تستقيم على عهد ولا تستمسك بعروة ولا تتورع عن فساد . إنهم كالثمرة الفجة التي انفصلت من شجرة الحياة , فتعفنت وفسدت ونبذتها الحياة . . ومن ثم يكون ضلالهم بالمثل الذي يهدي المؤمنين ; وتجيء غوايتهم بالسبب الذي يهتدي به المتقون .
وننظر في الآثار الهدامة لهذا النمط من البشر الذي كانت الدعوة تواجهه في المدينة في صورة اليهود والمنافقين والمشركين ; والذي ظلت تواجهه وما تزال تواجهه اليوم في الأرض مع اختلاف سطحي في الأسماء والعنوانات !
(الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه). .
وعهد الله المعقود مع البشر يتمثل في عهود كثيرة: إنه عهد الفطرة المركوز في طبيعة كل حي . . أن يعرف خالقه , وأن يتجه إليه بالعبادة . وما تزال في الفطرة هذه الجوعة للاعتقاد بالله , ولكنها تضل وتنحرف فتتخذ من دون الله أندادا وشركاء . . وهو عهد الاستخلاف في الأرض الذي أخذه الله على آدم :-
)الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27
كما سيجيء : ( فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). ........ وهو عهوده الكثيرة في الرسالات لكل قوم أن يعبدوا الله وحده , وأن يحكموا في حياتهم منهجه وشريعته . . وهذه العهود كلها هي التي ينقضها الفاسقون . وإذا نقض عهد الله من بعد ميثاقه , فكل عهد دون الله منقوض . فالذي يجرؤ على عهد الله لا يحترم بعده عهدا من العهود .
(ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل). .
والله أمر بصلات كثيرة . . أمر بصلة الرحم والقربى . وأمر بصلة الإنسانية الكبرى . وأمر قبل هذا كله بصلة العقيدة والأخوة الإيمانية , التي لا تقوم صلة ولا وشيجة إلا معها . . وإذا قطع ما أمر الله به أن يوصل فقد تفككت العرى , وانحلت الروابط , ووقع الفساد في الأرض , وعمت الفوضي .
(ويفسدون في الأرض). .
والفساد في الأرض ألوان شتى , تنبع كلها من الفسوق عن كلمة الله , ونقض عهد الله , وقطع ما أمر الله به أن يوصل . ورأس الفساد في الأرض هو الحيدة عن منهجه الذي اختاره ليحكم حياة البشر ويصرفها . هذا مفرق الطريق الذي ينتهي إلى الفساد حتما , فما يمكن أن يصلح أمر هذه الأرض , ومنهج الله بعيد عن تصريفها , وشريعة الله مقصاة عن حياتها . وإذا انقطعت العروة بين الناس وربهم على هذا النحو فهو الفساد الشامل للنفوس والأحوال , وللحياة والمعاش ; وللأرض كلها وما عليها من ناس وأشياء .
إنه الهدم والشر والفساد حصيلة الفسوق عن طريق الله . . ومن ثم يستحق أهله أن يضلهم الله بما يهدي به عباده المؤمنين .
الوحدة الثالثة آياتها:40 - 74 موضوعها:قصة بني إسرائيل ونكثهم عهد الله وحرمانهم من الخلافة تقديم الوحدة الثالثة
ابتداء من هذا المقطع في السورة يواجه السياق بني إسرائيل , وأولئك الذين واجهوا الدعوة في المدينة مواجهة نكرة ; وقاوموها مقاومة خفية وظاهرة ; وكادوا لها كيدا موصولا , لم يفتر لحظة منذ أن ظهر الإسلام بالمدينة ; وتبين لهم أنه في طريقه إلى الهيمنة على مقاليدها , وعزلهم من القيادة الأدبية والاقتصادية التي كانت لهم , مذ وحد الأوس والخزرج , وسد الثغرات التي كانت تنفذ منها يهود , وشرع لهم منهجا مستقلا , يقوم على أساس الكتاب الجديد . . هذه المعركة التي شنها اليهود على الإسلام والمسلمين منذ ذلك التاريخ البعيد ثم لم يخب أوارها حتى اللحظة الحاضرة , بنفس الوسائل , ونفس الأساليب , لا يتغير إلا شكلها ; أما حقيقتها فباقية , وأما طبيعتها فواحدة , وذلك على الرغم من أن العالم كله كان يطاردهم من جهة إلى جهة , ومن قرن إلى قرن , فلا يجدون لهم صدرا حنونا إلا في العالم الإسلامي المفتوح , الذي ينكر الاضطهادات الدينية والعنصرية , ويفتح أبوابه لكل مسالم لا يؤذي الإسلام ولا يكيد للمسلمين !
ولقد كان المنتظر أن يكون اليهود في المدينة هم أول من يؤمن بالرسالة الجديدة ويؤمن للرسول الجديد ; مذ كان القرآن يصدق ما جاء في التوراة في عمومه ; ومذ كانوا هم يتوقعون رسالة هذا الرسول , وعندهم أوصافه في البشارات التي يتضمنها كتابهم ; وهم كانوا يستفتحون به على العرب المشركين .
............... نواصل قصة اليهود :
(58)
العوضابي
05-18-2013, 02:15 PM
(58)
وهذا الدرس هو الشطر الأول من هذه الجولة الواسعة مع بني إسرائيل ; بل هذه الحملة الشاملة لكشف موقفهم وفضح كيدهم ; بعد استنفاد كل وسائل الدعوة معهم لترغيبهم في الإسلام , والانضمام إلى موكب الإيمان بالدين الجديد . نجد فى هذا الدرس نداء علوي جليل إلى بني إسرائيل , يذكرهم بنعمته - تعالى - عليهم ويدعوهم إلى الوفاء بعهدهم معه ليوفي بعهده معهم , وإلى تقواه وخشيته ; يمهد بها لدعوتهم إلى الإيمان بما أنزله مصدقا لما معهم . ويندد بموقفهم منه , وكفرهم به أول من يكفر ! كما يندد بتلبيسهم الحق بالباطل وكتمان الحق ليموهوا على الناس - وعلى المسلمين خاصة - ويشيعوا الفتنة والبلبلة في الصف الإسلامي , والشك والارتياب في نفوس الداخلين في الإسلام الجديد . ويأمرهم أن يدخلوا في الصف . فيقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويركعوا مع الراكعين , مستعينين على قهر نفوسهم وتطويعها للاندماج في الدين الجديد بالصبر والصلاة . وينكر عليهم أن يكونوا يدعون المشركين إلى الإيمان , وهم في الوقت ذاته يأبون أن يدخلوا في دين الله مسلمين !
ثم يبدأ في تذكيرهم بنعم الله التي أسبغها عليهم في تاريخهم الطويل . مخاطبا الحاضرين منهم كما لو كانوا هم الذين تلقوا هذه النعم على عهد موسى - عليه السلام - وذلك باعتبار أنهم أمة واحدة متضامنة الأجيال , متحدة الجبلة . كما هم في حقيقة الأمر وفق ما بدا من صفاتهم ومواقفهم في جميع العصور !
ويعاود تخويفهم باليوم الذي يخاف , حيث لا تجزيء نفس عن نفس شيئا , ولا يقبل منها شفاعة , ولا يؤخذ منها فدية , ولا يجدون من ينصرهم ويعصمهم من العذاب .
ويستحضر أمام خيالهم مشهد نجاتهم من فرعون وملئه كأنه حاضر . ومشهد النعم الأخرى التي ظلت تتوالى عليهم من تظليل الغمام إلى المن والسلوى إلى تفجير الصخر بالماء . . ثم يذكرهم بما كان منهم بعد ذلك من انحرافات متوالية , ما يكاد يردهم عن واحدة منها حتى يعودوا إلى أخرى , وما يكاد يعفو عنهم من معصية حتى يقعوا في خطيئة , وما يكادون ينجون من عثرة حتى يقعوا في حفرة . . ونفوسهم هي هي في التوائها وعنادها وإصرارها على الالتواء والعناد , كما أنها هي هي في ضعفها عن حمل التكاليف , ونكولها عن الأمانة , ونكثها للعهد , ونقضها للمواثيق مع ربها ومع نبيها . . حتى لتبلغ أن تقتل أنبياءها بغير الحق , وتكفر بآيات ربها , وتعبد العجل وتجدف في حق الله فترفض الإيمان لنبيها حتى ترى الله جهرة ; وتخالف عما أوصاها به الله وهي تدخل القرية فتفعل وتقول غير ما أمرت به ; وتعتدي في السبت , وتنسى ميثاق الطور , وتماحل وتجادل في ذبح البقرة التي أمر الله بذبحها لحكمة خاصة . . .
وهذا كله مع الإدعاء العريض بأنها هي وحدها المهتدية ; وأن الله لا يرضى إلا عنها , وأن جميع الأديان باطلة وجميع الأمم ضالة عداها ! مما يبطله القرآن في هذه الجولة , ويقرر أن كل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا من جميع الملل , فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون . .
حكمة الحديث المطول عن اليهود :
هذه الحملة - سواء ما ورد منها في هذا الدرس وما يلي منها في سياق السورة - كانت ضرورية أولا وقبل كل شيء لتحطيم دعاوى يهود , وكشف كيدها , وبيان حقيقتها وحقيقة دوافعها في الدس للإسلام والمسلمين . كما كانت ضرورية لتفتيح عيون المسلمين وقلوبهم لهذه الدسائس والمكايد التي توجه إلى مجتمعهم الجديد , وإلى الأصول التي يقوم عليها ; كما توجه إلى وحدة الصف المسلم لخلخلته وإشاعة الفتنة فيه .
ومن جانب آخر كانت ضرورية لتحذير المسلمين من مزالق الطريق التي عثرت فيها أقدام الأمة المستخلفة قبلهم , فحرمت مقام الخلافة , وسلبت شرف القيام على أمانة الله في الأرض , ومنهجه لقيادة البشر . وقد تخللت هذه الحملة توجيهات ظاهرة وخفية للمسلمين لتحذيرهم من تلك المزالق كما سيجيء في الشطر الثاني منها .
وما كان أحوج الجماعة المسلمة في المدينة إلى هذه وتلك . وما أحوج الأمة المسلمة في كل وقت إلى تملي هذه التوجيهات , وإلى دراسة هذا القرآن بالعين المفتوحة والحس البصير , لتتلقى منه تعليمات القيادة الإلهية العلوية في معاركها التي تخوضها مع أعدائها التقليديين ; ولتعرف منها كيف ترد على الكيد العميق الخبيث الذي يوجهونه إليها دائبين , بأخفى الوسائل , وأمكر الطرق . وما يملك قلب لم يهتد بنور الإيمان , ولم يتلق التوجيه من تلك القيادة المطلعة على السر والعلن والباطن والظاهر , أن يدرك المسالك والدروب الخفية الخبيثة التي يتدسس فيها ذلك الكيد الخبيث المريب . . .
توجيهات قرآنية لليهود:
(يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم , وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون . وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم , ولا تكونوا أول كافر به , ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا , وإياي فاتقون . ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون . وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين . أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب ? أفلا تعقلون ? واستعينوا بالصبر والصلاة , وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين . الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم , وأنهم إليه راجعون ).
إن المستعرض لتاريخ بني إسرائيل ليأخذه العجب من فيض الآلاء التي أفاضها الله عليهم , ومن الجحود المنكر المتكرر الذي قابلوا به هذا الفيض المدرار . . وهنا يذكرهم الله بنعمته التي انعمها عليهم إجمالا , قبل البدء في تفصيل بعضها في الفقر التالية . يذكرهم بها ليدعوهم بعدها إلى الوفاء بعهدهم معه - سبحانه - كي يتم عليهم النعمة ويمد لهم في الآلاء:
(يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم , وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم). .
فأي عهد هذا الذي يشار إليه في هذا المقام ? أهو العهد الأول , عهد الله لآدم: (فإما يأتينكم مني هدى , فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). . ? أم هو العهد الكوني السابق على عهد الله هذا مع آدم . العهد المعقود بين فطرة الإنسان وبارئه:أن يعرفه ويعبده وحده لا شريك له . وهو العهد الذي لا يحتاج إلى بيان , ولا يحتاج إلى برهان , لأن فطرة الإنسان بذاتها تتجه إليه بأشواقها اللدنية , ولا يصدها عنه إلا الغواية والانحراف ? أم هو العهدالخاص الذي قطعه الله لإبراهيم جد إسرائيل . والذي سيجيء في سياق السورة:(وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن , قال:إني جاعلك للناس إماما , قال:ومن ذريتي ? قال:لا ينال عهدي الظالمين). . ? أم هو العهد الخاص الذي قطعه الله على بني إسرائيل وقد رفع فوقهم الطور , وأمرهم أن يأخذوا ما فيه بقوة والذي سيأتي ذكره في هذه الجولة ?
إن هذه العهود جميعا إن هي إلا عهد واحد في صميمها . إنه العهد بين الباريء وعباده أن يصغوا قلوبهم إليه , وأن يسلموا أنفسهم كلها له . وهذا هو الدين الواحد . وهذا هو الإسلام الذي جاء به الرسل جميعا ; وسار موكب الإيمان يحمله شعارا له على مدار القرون .
ووفاء بهذا العهد يدعو الله بني إسرائيل أن يخافوه وحده وأن يفردوه بالخشية:
(وإياي فارهبون). .
............... ونواصل :
(59)
العوضابي
06-16-2013, 02:40 PM
" الإمام الشافعي نسبه ومولده "
هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف. يلتقي الشافعي مع الرسول صلى الله ع
ليه وسلم في جَدِّه عبد مناف، فالإمام الشافعي (رحمه الله) قرشي أصيل. أمَّا أمُّه فإن أكثر من أرَّخ للشافعي أو ترجم له قد اتفقوا على أن أمَّه أزدية أو أسدية، فهي من قبيلة عربية أصيلة.
وقد وُلِد بغزَّة في شهر رجب سنةَ 150هـ/ أغسطس 767م، ولما مات أبوه انتقلت به أمُّه إلى مكة؛ وذلك لأنهم كانوا فقراء، ولئلا يضيع نَسَبُه، ثم تنقَّل (رحمه الله) بين البلاد في طلب العلم.
وكان الإمام الشافعي (رحمه الله) رجلاً طويلاً، حسن الخلق، محببًا إلى الناس، نظيف الثياب، فصيح اللسان، شديد المهابة، كثير الإحسان إلى الخلق، وكان يستعمل الخضاب بالحمرة عملاً بالسنة، وكان جميل الصوت في القراءة.
ملامح من شخصية الإمام الشافعي وأخلاقه :
سعة علم الإمام الشافعي وفقهه:
لقد عُرف الإمام الشافعي بالنجابة والذكاء والعقل منذ أن كان صغيرًا، وشهد له بذلك الشيوخ من أهل مكة؛ قال الحميدي: "كان ابن عيينة، ومسلم بن خالد، وسعيد بن سالم، وعبد المجيد بن عبد العزيز، وشيوخ أهل مكة يصفون الشافعي ويعرفونه من صغره، مقدمًا عندهم بالذكاء والعقل والصيانة، لم يُعرف له صبوة ". وقال الربيع بن سليمان - تلميذ الشافعي وخادمه وراوي كتبه -: "لو وُزِن عقل الشافعي بنصف عقل أهل الأرض لرجحهم، ولو كان من بني إسرائيل لاحتاجوا إليه".
تقوى الإمام الشافعي وورعه وعبادته:
وكما كان الإمام الشافعي (رحمه الله) إمامًا في الاجتهاد والفقه، كان كذلك إمامًا في الإيمان والتقوى والورع والعبادة؛ فعن الربيع قال: "كان الشافعي قد جزّأ الليل ثلاثة أجزاء: الثلث الأول يكتب، والثلث الثاني يصلي، والثلث الثالث ينام". وكان رحمه الله لا يقرأ قرآنًا بالليل إلا في صلاة، يقول المزني: "ما رأيت الشافعي قرأ قرآنًا قَطُّ بالليل إلا وهو في الصلاة".
شيوخ الإمام الشافعي :
شيوخ الإمام الشافعي بالمدينة: الإمام مالك بن أنس (http://islamstory.com/%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83_%D8%A8%D9%86_%D8%A3%D9%86 %D8%B3)، وإبراهيم بن سعد الأنصاري، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وإبراهيم بن أبي يحيى، ومحمد بن سعيد بن أبي فديك، وعبد الله بن نافع الصائغ.
وشيوخ الإمام الشافعي باليمن: مطرف بن مازن، وهشام بن يوسف قاضي صنعاء، وعمرو بن أبي سلمة صاحب الإمام الأوزاعي (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85_%D8%A7%D9%84% D8%A3%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B9%D9%8A)، ويحيى بن حسان.
شيوخ الإمام الشافعي بالعراق: وكيع بن الجراح، وأبو أسامة حماد بن أسامة الكوفيان، وإسماعيل بن علية، وعبد الوهاب بن عبد المجيد البصريان.
تلامذة الإمام الشافعي :
نبغ على يد الإمام الشافعي كثير من الناس، في مقدمتهم أبو عبد الله أحمد بن حنبل (http://islamstory.com/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85_%D8%A3%D8%AD% D9%85%D8%AF)، والحسن بن محمد الصباح الزعفراني، والحسين الكرابيسي، وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وأبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، وأبو محمد الربيع بن سليمان المرادي، والربيع بن سليمان الجيزي، وأبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي، وأبو حفص حرملة بن يحيى بن عبد الله التجيبي، وأبو يوسف يونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، وعبد الله بن الزبير الحميدي.
مؤلفات الإمام الشافعي :
لم يُعرف لإمام قبل الإمام الشافعي من المؤلفات في الأصول والفروع والفقه وأدلته، بل في التفسير والأدب ما عرف للشافعي كثرةً وبراعةً وإحكامًا؛ يقول ابن زُولاق: "صنف الشافعي نحوًا من مائتي جزء".
ولقد كان في سرعة التاليف مع الدقة والنضج والإتقان أعجوبة منقطع النظير، حتى إنه ربما أنجز كتابًا في نصف نهار. يقول يونس بن عبد الأعلى: "كان الشافعي يضع الكتاب من غدوة إلى الظهر".
ومن مؤلفاته رحمه الله:
كتاب (الرسالة) وهو أول كتاب وضع في أصول الفقه ومعرفة الناسخ من المنسوخ، بل هو أول كتاب في أصول الحديث. وألَّف كتابًا اسمه (جماع العلم)، دافع فيه عن السنة دفاعًا مجيدًا، وأثبت ضرورية حجية السنة في الشريعة. وكتاب (الأم)، و(الإملاء الصغير)، و(الأمالي الكبرى)، و(مختصر المزني)، و(مختصر البويطي)، وغيرها.
منهج الإمام الشافعي :
أخذ الإمام الشافعي بالمصالح المرسلة والاستصلاح، ولكن لم يسمها بهذا الاسم، وأدخلها ضمن القياس وشرحها شرحًا موسعًا. وكذلك كان الشافعي يأخذ بالعرف مثل مالك. وكان الشافعي يتمسك بالأحاديث الصحيحة، ويُعرِض عن الأخبار الواهية والموضوعة، واعتنى بذلك عناية فائقة؛ قال أبو زُرعة: "ما عند الشافعي حديث فيه غلط".
وقد وضع الشافعي في فن مصطلح الحديث مصطلحات كثيرة، لم يُسبَق إليها، مثل: الاتصال، والشاذ، والثقة، والفرق بين حدَّثنا وأخبرنا.
ما قيل عن الإمام الشافعي :
قال المزني: "ما رأيت أحسن وجهًا من الشافعي، إذا قبض على لحيته لا يفضل عن قبضته". قال يونس بن عبد الأعلى: "لو جمعت أمة لوسعهم عقل الشافعي". وقال إسحاق بن راهويه: "لقيني أحمد بن حنبل بمكة، فقال: تعالَ حتى أريك رجلاً لم ترَ عيناك مثله. قال: فأقامني على الشافعي".
وقال أبو ثور الفقيه: "ما رأيت مثل الشافعي، ولا رأى مثل نفسه". وقال أبو داود (http://islamstory.com/%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%AF%D8%A7%D9%88%D8%AF_%D8%A7 %D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AF%D8%AB): "ما أعلم للشافعي حديثًا خطأً".
من كلمات الإمام الشافعي :
- طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.
- من ضُحِكَ منه في مسألة لم ينسها أبدًا.
- من حضر مجلس العلم بلا محبرة وورق، كان كمن حضر الطاحون بغير قمح.
- من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن نظر في الفقه نبل مقداره، ومن تعلم اللغة رقَّ طبعه، ومن تعلم الحساب جزل رأيه، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.
وفاة الإمام الشافعي :
ألحَّ على الإمام الشافعي المرض وأذابه السقم ووقف الموت ببابه ينتظر انتهاء الأجل. وفي هذه الحال، دخل عليه تلميذه المزني فقال: كيف أصبحت؟ قال: "أصبحتُ من الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقًا، ولكأس المنيَّة شاربًا، وعلى الله جلَّ ذكره واردًا، ولا والله ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنِّئها، أو إلى النار فأعزِّيها"، ثم بكى.
وقد دُفِنَ الإمام الشافعي (رحمة الله تعالى عليه) بالقاهرة في أول شعبان، يوم الجمعة سنةَ 204هـ/ 820م. وكان له ولدان ذكران وبنت، وكان قد تزوج من امرأة واحدة.
............... نتابع :
(60)
العوضابي
08-11-2013, 01:28 PM
(60)
فقه الخلاف والمناظرة عند الامام الشافعى :
إن الله سبحانه وتعالى قيض لهذه الأمة أعلاما أجلاء، وعلماء ربانيين، أفنوا أعمارهم في سبيل خدمة هذا الدين، وجعل الله لهم بذلك لسان صدق في الآخرين، ومن أولئك الأعلام الإمام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي، أحد أئمة المذاهب الأربعة الفقهية السنية المتبوعة، وأحد أبرز أعلام السنة المصونة، وصاحب كبرى مدرسة فقهية عرفتها الأمة الاسلامية.
والناظر في سير أولئك الأعلام يستفيد منهم علما ومنهجا ومسلكا، وقد تناولت الدراسات الكثيرة شخصية الإمام الشافعي فكتبت عنه مسالكه الفقهية والأصولية، وأبرزت علمه الحديثي والتفسيري، وبرز في أروقة القضايا النقدية أقوال للإمام الشافعي صارت مثلا عليا يقتدى بها ويستشهد بها من أمثال قوله: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" ومثل قوله: "ما ناظرت أحدا إلا وودت أن يظهر الله الحق على لسانه"
فاق الإمام الشافعي في المقدرة النقدية علماء زمانه، وألم بأساليب النقد البناء وأخلاقياته، يقول هارون بن سعيد: "لو أن الشافعي ناظر على هذا العمود الذي من حجارة بأنه من خشب لغلب لاقتداره على المناظرة" ومن مقدرته تلك أفاد الأمة الإسلامية في حياته، وأفادت منه الأمة من تراثه بعد وفاته.
لقد كانت حياة الإمام الشافعي في نهاية القرن الثاني الهجري، حين ظهرت الفرق والبدع في الساحة الإسلامية، وبرز في المدارس الفقهية مدرستان عظيمتان كان بين أتباعهما تشاجر يصل إلى العداوة في بعض الأحيان: (1) مدرسة الأثر والحديث برئاسة الإمام مالك في الحجاز، (2) مدرسة الفقهاء أو أصحاب الرأي بالعراق برئاسة الإمام أبي حنيفة وتلامذته، فجمع الله به بين الطائفتين، فقه مع العناية بالآثار والرواية، فرد على الطائفتين، رد على الإمام مالك وأهل الحجاز في تجريد السنة عن الفقه، ورد على الأحناف في تقديم القياس على النص، ووضع القواعد للأصول الفقهية وهو أول من دون في أصول الفقه لضبط الخلافات الفقهية، يقول الإمام أحمد: "ما عرفنا العموم من الخصوص، وناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي" فكان في العلماء بالمنزلة التي قال عنه الإمام أحمد"كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن، فانظر هل لهذين من خلف، أو منهما من عوض" ومع أن مناظراته في العقيدة ومع أصحاب البدع قليلة بالنظر إلى مناظراته الفقهية فإن كتب التراجم والسير حفظت لنا الكثير من مناظراته العقدية أيضا، فرحم الله الإمام الشافعي وأدخله فسيح جناته.
منهجية النقد والخلاف لدى الإمام الشافعي :
أثر الخلاف على الأخوة والمودة :
قد يعتقد البعض أن المخالف لا بد وأن يبغضك، وأن البغض هو الذي حمله على المخالفة، ولكننا نقرأ في منهجية الإمام الشافعي النقدية خلاف ذلك، فقد ردّ على الإمام أبي حنيفة والإمام مالك وغيرهما مع ما أثبته من حبه لهما، واحتوى ديوانه الشعري على أبيات في مدح الإمامين، كما احتوى كتابه الأم على رد وافر لهما أيضا، يقول يونس الصدفي: "ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوما في مسألة ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة" يعلق الذهبي على هذا فيقول: "هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون" وهكذا كان الإمام الشافعي واسع الأفق في القضايا النقدية، فهو وأن اختلف مع زميله في مسألة تبقى مسائل أخرى كثيرة يتفقون عليها يحافظ بها على أواصر الصداقة والأخوة والمحبة، ولو أننا التزمنا هذه المنهجية في نقدنا المعاصر لاحتوينا على الخلاف بين الأخوان، ولقل النزاع والشقاق بين الأخوة المتحابين.
منهجية اعتبار حجم الخلاف:
إن الخلاف على درجات متفاوتة، وليس الخلاف في العقيدة كالخلاف في الفروع الفقهية، وليس الخلاف على أمر مجمع عليه كالخلاف في مسائل يسوغ الخلاف فيها يقول محمد بن الحكم: "كان الشافعي بعد أن ناظر حفصا الفرد يكره الكلام، وكان يقول لأن يفتي العالم فيقال أخطأ العالم خير له من أن يتكلم فيقال زنديق، وما شيء أبغض علي من الكلام وأهله" ويعلق عليها الذهبي فيقول: "وهذا دال على أن مذهب أبي عبد الله أن الخطأ في الأصول ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع" ويقول المزني: "سألت الشافعي عن مسألة من الكلام، فقال سلني عن شيء إذا أخطأت فيه قلت أخطأت، ولا تسألني عن شيء إذا أخطأت فيه قلت كفرت" كما أنه ليست كل قضية تستحق النقد، ولا كل ما يطرح من أفكار ورؤى تستحق المناقشة، ولا كل صاحب قضية أهلا للنقاش، فمن القضايا ما نقده السكوت عنه، وفي ذلك يقول الشافعي:
قل بما شئت في مسبة عرضي فسكوتي عن اللئيم جواب
ما أنا عادم الجواب ولكن ما من الأسد أن تجيب الكلاب.
ويقول:
يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما كعود زاده الإحراق طيبا
ومن هذا نستفيد أهمية أن يعرف العالم مكانته، ويصون علمه وما امتن الله عليه من الفقه أن يجاري بها السفهاء، وقد كانت عزة النفس من غير تكبر سمة أهل العلم فقد أخرج البخاري معلقا عن ربيعة بن عبد الرحمن " ربيعة الرأي" قوله: "لا ينبغي لأحد عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه"
منهجية التثبت العلمي:
يقول الإمام الشافعي: "اجتمع علي أصحاب الحديث فسألوني أن أضع على كتاب أبي حنيفة، فقلت لا أعرف قولهم حتى أنظر في كتبهم، فأمرت فكتب لي كتب محمد بن الحسن، فنظرت فيها سنة حتى حفظتها ثم وضعت الكتاب البغدادي يعني الحجة" ويقول الإمام الشافعي: "أنفقت على كتب محمد بن الحسن ستين دينارا، ثم تدبرتها فوضعت إلى جنب كل مسألة حديثا" يقول ابن حجرا يعني ردا عليه ومن التروي وعدم العجلة في الرد: قول الشافعي: " استخرت الله في الرد على مالك سنة" وهذا كله احتياط لجانب النقد، وإبراز لمكانة التثبت في النقد.
سمو الهدف للنقد، فليس النقد من أجل النقد، ولا من أجل الرياء والشهرة يقول الساجي " أن الشافعي إنما وضع الكتب على مالك أنه بلغه أن بالأندلس قلنسوة لمالك يستسقى بها، وكان يقال لهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون قال مالك، فقال الشافعي إن مالكا بشر يخطئ فدعاه ذلك إلى تصنيف الكتاب في اختلافه" ويقول عن نفسه رحمه الله: "يقولون إنما أخالفهم للدنيا، وكيف يكون ذلك والدنيا معهم، وإنما يريد الإنسان الدنيا لبطنه وفرجه، وقد منعت ما ألذ من المطاعم، ولا سبيل إلى النكاح، -يعني لما كان به من البواسير-، ولكن لست أخالف إلا من خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم"
منهجية الحرص على صواب المخالف: وهذه قل أن نجدها في غير أعلام الإسلام كالشافعي، فالحرص على توصيل الحق قد يوجد، ولكن الحرص على أن المخالف هو المصيب منهجية فريدة من الإمام، يروي الخلال عن الشافعي قوله: "ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ" يقول حسن الكرابيسي وهو أحد رواة المذهب القديم قال الإمام الشافعي: "ما ناظرت أحدا قط إلا أحببت أن يوفق أو يسدد ويعان، ويكون عليه رعاية من الله وحفظ، وما ناظرت أحدا إلا ولم أبال بين الله الحق على لساني أو على لسانه"
يقول الربيع سمعت الشافعي يقول: "ما عرضت الحجة على أحد فيقبلها إلا عظم في عيني، ولا عرضتها على أحد فردّها إلا سقط من عيني" ويقول: "ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها مني إلا هبته، واعتقدت مودته، ولا كابرني على الحق أحد ودافع الحجة إلا سقط من عيني" ويقول: " ما ضحك من خطأ رجل إلا ثبت صوابه في قلبه"
……………نواصل:
(61)
العوضابي
08-31-2013, 06:35 PM
(61)
الفرق بين المسلم والإسلامى
يحدثنا فى ذلك شيخنا واستذنا الامام على الجفرى يقول : الحمد لله
كثر تناول مصطلح «الإسلامى» هذه الأيام على نحو هو أقرب إلى الفوضى منه إلى التناول الناضج.
والذى نعرفه هو أن الله تعالى قد أقرّ تسمية خليله إبراهيم عليه السلام لنا بالمسلمين وليس بالإسلاميين: {مِلّةَ أبِيكُم إبراهيمَ هو سمّاكم المسلمينَ مِن قَبْل}.
وقرأت للبعض أنه مصطلح دخيل ألصقه العلمانيون بمن يعملون لخدمة الإسلام.. ثم لاحظت أن إخوتى الذين يرون أنهم يعملون فى خدمة الإسلام قد تبنّوا هذا المصطلح فصرنا نسمع عن الإداريين الإسلاميين والاقتصاديين الإسلاميين والسياسيين الإسلاميين.
ووجدت من يدافع عن المصطلح ويراه صحيحاً من جهة اللغة والاستخدام فهو من وجهة نظره يُطلق على من ينتسب فى منطلقاته إلى الإسلام.
وقد علّق أحد الفضلاء على عبارة للفقير إلى الله حول الموضوع باستشهاده بقاعدة: «لا مشاحّة فى الاصطلاح»، وعلق أيضاً بأن المصطلح قديم، واستشهد بكتاب «مقالات الإسلاميين» لإمام أهل السنة ومجدد القرن الثالث الهجرى أبى الحسن الأشعرى رحمه الله.
فتوقفت مع تعليقه متأملاً مستفيداً وخرجت بنتيجتين..
الأولى: أن احترام قاعدة «لا مشاحّة فى الاصطلاح» تقتضى أنه لا بد من تحرير المصطلح ومعرفة المقصود به.
الثانية: أنه لا بد من النظر فى سياق استخدام الإمام الأشعرى للمصطلح.
أما الأولى وهى تحرير المصطلح فيكتنفه من الغموض ما يصعب معه إيجاد ضوابط حقيقية للاستخدام المعاصر للمصطلح.
فالجماعات التى تعمل باسم الإسلام اليوم بينها تباين كبير فى تعريف المصطلح حتى إنّ فئات من الذين يحملون لقب «الإسلاميين» يكفِّر بعضهم بعضاً!
فكبار مُنظّرى الجماعات التى تدّعى الجهاد يصرحون بتكفير الحكام الذين يحملون لقب «الإسلاميين» فى مصر وتونس والمغرب وغزة على أساس أنهم لم يحكموا بما أنزل الله!
والذين تمّ تكفيرهم يعدّون هؤلاء المنظرين من الخوارج، ووصل الخلاف بينهم فى غزة إلى الاقتتال!
والثورة الإيرانية تسمّت بالثورة «الإسلامية»، وحزب الله اللبنانى لقّب نفسه بالمقاومة «الإسلامية»، والجماعة «الإسلامية» فى مصر تعتبرهم كفاراً ومثلها الجماعة «الإسلامية» فى باكستان!
وحزب الإصلاح فى اليمن يقدم نفسه بصفته حزباً «إسلامياً» بينما اعتبرهم مقبل الوادعى شيخ السلفية فى اليمن زنادقة! وكلاهما متفق على اتهام حركة الحوثيين «الإسلامية» الزيدية بأنهم شيعة مجوس!
وهكذا هو الحال بين جبهة الإنقاذ فى الجزائر ومن يتسمون بالجهاديين!
بينما يَجمع العلمانيون والليبراليون هذه الجماعات التى لا تجتمع فى سلة واحدة ويسمونهم «الإسلاميين» ليحطّوا من قدرهم ويتخلّصوا منهم دفعة واحدة..
وهكذا يجد الباحث نفسه أمام فوضى لا يجد معها تحريراً معتمداً للمصطلح..
والحديث عن فوضى المصطلحات ليس من قبيل ترف التنظير بل هو أمر ضرورى لوضع اليد على الجذور الحقيقية للمشكلة.
أما النتيجة الثانية وهى السياق الذى استخدم فيه الإمام الأشعرى هذا المصطلح فى كتابه «مقالات الإسلاميين» فهو سياق مختلف تماماً عن السياق الذى ارتضاه المعاصرون ممن يسمون أنفسهم بالإسلاميين لأنه أطلقه على كل فرقة نسبت نفسها إلى الإسلام، وأخذ يجمع معتقداتهم من مصادرهم ليشكل بذلك مرصداً دقيقاً لمقولاتهم ومعتقداتهم يمكن به تمييز المسلمين من هذه الفِرَق الإسلامية عن غيرهم.
فتجده يذكر مقالات «الإسلاميين» من الشيعة الغالية الباطنية مثل «الجناحية» الذين يعتقدون بأن روح الله تجسدت فى آدم ثم تناسخت حتى حلّت فى إمامهم وأن إمامهم رب، ويذكر أنهم يكفرون بيوم القيامة.
و«الـمُغيرية» و«الخطابية» الذين يدّعون نبوة إمامهم و«المنصورية» الذين يعتقدون أن إمامهم هو ابن الله.
ويذكر مقالات «الإسلاميين» من الشيعة الإمامية من المفضلة والرافضة ويذكر مقالات «الإسلاميين» الزيدية وفرقهم المعتدلة والمتطرفة.
ثم يذكر مقالات «الإسلاميين» من الخوارج ومنهم «الأزارقة» الذين يكفّرون كل من لم يهجر المجتمع لينضم إليهم، و«النجدية» الذين يحكمون بالشرك على من يصر على الكذبة الصغيرة، و«الحمزية» الذين يرون وجوب قتال السلطان وكل من رضى بحكمه.
ثم يذكر مقالات «الإسلاميين» من المرجئة والمعتزلة والجهمية إلى آخر مقولات من سماهم الإمام بالإسلاميين.
والخلاصة أن الإمام الأشعرى فى القرن الثالث كان يطلق مصطلح «إسلامى» على كل من يدّعى أنه مسلم ولو كان يعتقد معتقدات كفرية..
وعليه فليس كلّ إسلامىّ عنده مسلماً!
وعليه فالمسلم عنده أرقى من الإسلامى!
هذا هو تحرير مصطلح «الإسلامى» فى القرن الثالث الهجرى وهو بلا شك مختلف اختلافاً كلياً عمّا يقصده «الإسلاميون» فى عصرنا.
لذا يبقى السؤال قائماً: ما المقصود بكلمة إسلامى؟
وإلى أن يتم تحرير المصطلح ويتضح المقصود منه أُعلن بأنى لست «إسلاميا» ولكننى مسلم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
{ومَنْ أحسنُ ديناً ممّن أسلمَ وجهَهُ للهِ وهو مُحسِنٌ واتّبعَ ملّةَ إبراهيمَ حنيفاً واتخذَ اللهُ إبراهيمَ خليلاً * وللهِ ما فى السماواتِ وما فى الأرضِ وكانَ اللهُ بكلِّ شىءٍ محيطاً}.
{ومَنْ أحسنُ قولاً ممّن دعا إلى اللهِ وعَمِلَ صالحاً وقالَ إنّنى منَ المسلمين}.
يا ذا الجلال والإكرام أحينى مسلما وتوفنى مسلما وألحقنى بالصالحين.
...............نتابع :
(62)
العوضابي
09-06-2013, 11:00 AM
(62)
الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة
إن إقامة العدل وأداء الحقوق لأهلها من أسباب بقاء الدول وتفوقها وغلبتها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة (الحسبة): الجزاء في الدنيا متفق عليه عند أهل الأرض، فإن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة، ولهذا يروى: "الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة" اهـ.
ويروى أنه لما سمع عمرو بن العاص المستوردَ بن شدادَ يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " تقوم الساعة والروم أكثر الناس." قال له عمرو: " أبصر ما تقول؟ " فقال المستورد: " أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم." فقال عمرو: " لئن قلت ذلك؛ إن فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك. "
رواه مسلم.
فكأنَّ عمراً رضي الله عنه يحكم بأن هذه الخصال هي السبب في بقائهم وكثرتهم، وفي المقابل يكون الظلم وتضييع الأمانة وإهدار الحقوق هي معالم الخراب والهزيمة، وهذا أصل مقرر في علم الاجتماع، وقد عقد له ابن خلدون في مقدمته فصلا بعنوان:
(الظلم مؤذن بخراب العمران).
والمقصود أن الأمم الكافرة إن توفرت على معالم قيام الدول ونهضتها أقامها الله وجازاها بجنس عملها، ولا يظلم ربك أحدا، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة، يعطى بها في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها. "
(رواه مسلم. )
فالله تعالى يعطيهم في الدنيا ما يستحقونه باعتبار ما عندهم من خير وما يبذلونه من حق.
فهذا جانب، وهناك جانب آخر لا يصح إغفاله في هذه القضية، وهو أن الله تعالى قد ينصر أمة كافرة على أمة مسلمة ؛ عقوبة لها على معاصيها، وشاهد هذا ما حصل في غزوة أحد، كما قال تعالى: (( وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ {آل عمران: 152}.
وقد ذكر ابن كثير في حوادث سنة خمس عشرة وستمائة أن المعظم أعاد ضمان القيان والخمور والمغنيات وغير ذلك من الفواحش والمنكرات التي كان أبوه قد أبطلها، بحيث إنه لم يكن أحد يتجاسر أن ينقل ملء كف خمر إلى دمشق إلا بالحيلة الخفية، فجزى الله العادل خيرا، ولا جزى المعظم خيرا على ما فعل، واعتذر المعظم في ذلك بأنه إنما صنع هذا المنكر لقلة الأموال على الجند واحتياجهم إلى النفقات في قتال الفرنج. ثم علق ابن كثير على ذلك فقال: " وهذا من جهله وقلة دينه وعدم معرفته بالأمور؛ فإن هذا الصنيع يديل عليهم الأعداء وينصرهم عليهم، ويتمكن منهم الداء ويثبط الجند عن القتال فيولون بسببه الأدبار، وهذا مما يدمر ويخرب الديار ويديل الدول"... كما في الأثر: " إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني. وهذا ظاهر لا يخفى على فطن " اهـ.
وقال الدكتور/ ربيع بن محمد بن علي في كتابه (الغارة على العالم الإسلامي): الأمة الواعية كذلك هي التي تدرك أنها بتجرئها على المعاصي وابتعادها عن منهج إسلامها وشريعة خالقها، تجلب عليها سخط الله الذي قد يتسبب في أن يبعث عليها من يسومها- بسبب معاصيها- سوء العذاب، وفي الأثر أن بعض أنبياء بني إسرائيل نظر إلى ما يصنع بهم بختنصر من إذلال وقهر وإبادة وقتل وتشريد فقال: (بما كسبَتْ أيدينا سلطتَ علينا من لا يعرفك ولا يرحمنا). وذكر ابن أبي الدنيا عن الفضيل بن عياض أنه قال: أوحى الله إلى بعض أنبيائه: (إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني) اهـ.
الصدوع بكلمة الحق واجب شرعى :
إن الأمة إذا لم تحاسب الحاكم إن أساء، ولم تأخذ على يديه إن ظلم، ولم تقف في وجه انحرافه وفساده، فإنّ ذلك سيجعله يتمادى في ظلمه وبغيه وطغيانه، ويمدّ في عمر نظامه الفاسد. وكلما صفقت الأمة للحاكم رغم ظلمه، أو هتفت باسمه رغم فساده، فإنه يزداد عنجهية ويتمادى في ظلمه وبغيه وعدوانه.
لذلك، فإن من علامات الحيوية في الأمة أن تحاسب الحاكم بقوة إذا أفسد أو ظلم، وأن تقف في وجهه إن طغى وبغى، فإن لم تفعل، فقد تودّع منها.
عن أبي بكر الصديق قال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابه". وفي رواية قال: "إنّ النّاس إذا رَأَوُا الْمُنْكَرَ لاَ يُغَيِّرُونَهُ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بعقابه". وفي رواية أخرى: "إن أمّتي إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم الله منه بعقابه".
وعن عدي بن عميرة أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة، حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الخاصّة والعامّة". وفي رواية عن العرس بن عميرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تعمل الخاصة بعمل تقدر العامة أن تغيره ولا تغيره فذاك حين يأذن الله في هلاك العامة والخاصة".
لقد ضرب الله سبحانه لنا مثلاً عن فرعون الذي كان طاغية عصره، فبغى وظلم، وادعى لنفسه الألوهية {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى * اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى * فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى * فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى} (النازعات: 15 -24) وأعطى لنفسه سلطة التدخل في فكر الناس وعقولهم، وجعل نفسه مركز الكون، فلا فعل بدون إذنه، ولا قول بدون إذنه، بل ولا تفكير بدون إذنه؛ لذلك صاح قائلاً عندما آمن السحرة برب العالمين: { آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ }.
لقد طغى فرعون في الأرض وتجبّر، إلا أنّ قومه كانوا يصفقون له، رهبة ورغبة، فيوافقونه في أعماله، ويظهرون له الولاء، ويطيعونه رغم إفساده في الأرض؛ فكانت مظاهر الخنوع هذه مدعاة له لأن يستخف بهؤلاء القوم الذين أطاعوه في المنكر، فلا يقيم لهم وزناً، ولا يعبأ بوجودهم، فازداد طغياناً وتجبراً.
إن سكوت قوم فرعون عن ظلمه وطغيانه وكفره، جعلهم من الفاسقين؛ لأنهم أطاعوه في ظلم وكفر. {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ}.
ولم يقف الأمر عند حدّ تفسيقهم، بل عمّهم العقاب، فأغرقهم الله أجمعين: فرعون الطاغية، وزبانيته، وكذلك قومه الذين سكتوا عن طغيانه وكفره. {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ. فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ}.
إنّ ما حدث لفرعون وقومه عبرة لكل ظالم وطاغية في كل زمان ومكان، وهو أيضاً عبرة لكل شيطان أخرس، ولكل ساكت عن الظلم.
لذلك، فإن على الأمة أن تتحرك لقلع جذور الظلم والطغيان، ويحرم عليها السكوت عن الكفر البواح، لأنّ السكوت لا يغير من واقعها المرير، بل يزيد الظالم جرأة على دين الله وعلى طغيانه وبغيه.
إنّ الأمة الإسلامية أمة قوية بإيمانها، فإذا جمعت أمرها ووحدت كلمتها، قدرت على إحداث التغيير. عن عبيد الله بن جرير عن أبيه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعزّ وأكثر ممن يعمله لم يغيروه إلا عمهم الله بعقاب». وفي رواية: «ما من قوم يعمل بين أظهرهم بالمعاصي هم أعزّ منهم وأمنع لم يغيروا إلا أصابهم الله منه بعقاب». وورد في رواية بلفظ: « عن جرير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي، يقدرون على أن يغيروا عليه، فلا يغيروا، إلا أصابهم الله بعذاب من قبل أن يموتوا».
............... ونواصل :
(63)
العوضابي
10-28-2013, 05:02 PM
(63)
من أين تنشأ عمومية العقاب :
فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنّ تحقق الاستطاعة في بعض أعمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يكون بالجمع. قال الحافظ المناوي في شرح هذا الحديث: "لأن من لم يعمل إذا كانوا أكثر ممن يعمل كانوا قادرين على تغيير المنكر غالباً، فتركهم له رضاً بالمحرمات وعمومها، وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح".
ولا نجانب الصواب إذا قلنا، إنّ في هذا الحديث وغيره من الأحاديث التي توجب على العامة التغيير، ما يدلّ على أنّ من المنكرات، كمنكرات الحكام، ما يلزمه الثورة العامة والعصيان من الأمة حتى تغيره؛ لأنّها قوية بربها، وقوية بجمعها.
كيف تتعامل مع الحاكم الظالم
· جاء عنه صلى الله عليه وسلم : " الساكت عن الحق شيطان أخرص . " ........ انالخضوع والخنوع أمام ولاة الأمر الظلمة , ليس من شأن المسلم , .......فالمسلم الحقيقى لا يقبل ذلك ,..... لأن دينه وعقيده يمنعانه ,..... فكيف يرضى أو يهدأ له بال , وهو يرى الحاكم يعيس فى الأرض فسادا , ويتعرض الناس من جراء ذلك للقهر والذل والمهانه ثم يسكت عن ذلك ويخنع ؟؟؟ ....... كلا ثم كلا فليس هذا من شيمت المسلم الحقيقى .
· كيفية التعبير ونقد الحكام :
ينبغى على المسلم أن لا يبتغي من عملية نقده الاّ : " وجه الله تعالى".... بمعنى أن يكون نقده قائم على البراءة , والنزاهة , وأن يكون متجردا تماما من الأغراض السياسية , والدوافع الشخصية ,.... هذه هى شيمة المسلم الحقيقى , لأن رايده فى ذلك كله هو ابتغاء وجه الله , وحب هذا الدين الذى هو مصدر كل خير وسعادة وقوة , وأن يكون قدوته فى تحركه وجهادة فى ذلك هو: " رسولنا الأعظم , وصحابته الكرام "....... من اخلاص عظيم لدين الله , والعمل للآخرة , فى ظل روح الايمان والاحتساب لله تعالى , ........ فهذا هو النقد العلمى الذى يكون دافعه ورائده الاأول والأخير هو : " الاخلاص الشديد بدافع الاشفاق والنصيحة لله ولرسوله ولدينه "
· حقيقة انها كلمة حق نقولها عند سلطان جائر , كما أمرنا بذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال : " كلمة حق عند سلطان جائر أفضل من الجهاد " وأكدها بعده أمير المؤمنين سيدنا وحبيبنا عمر بن الخطاب رضى الله عندما قال : " لاخير فيهم اذ لم يقولوها , ولا خير فينا اذ لم نقبل . "........ اذن : " القول " هنا يصبح واجب شرعي , وسلوك اسلامى , ولكن فى ايطار الآداب والسلوك المنضبطة والموجه لخدمة الدين , وبعيدا عن سلوكيات الأحقاد والدوافع الشخصية .
· والحاكم المعنى هنا هو ذاك الذى يستبد بالأمر والنهى ويعتبر نفسه غنيا عن الاستناد الى الكتاب والسنة ومعصوما من الخطايا وبريئا من العيوب والنقيصة , ويصبح أمره واجب الامتثال والطاعة كأنّه أمر منزل ,......... فتنقاد له الرعية طوعا أو كرها وتمتثل لأوامه الجائرة والظالمة , دون اعتراض , ..... بل خضوع واستسلام .
· أو ذاك الذى منقاد فى عمله بمقتضى تعاليم وموجهات خضع لها فى سنى شبابه المبكر , ومن ثم يعد نفسه بقتضى ذلك أنه : " صفوة الله من خلقه " ...... لذا لا يخطر بباله أبدا ولا يرى أن ما يقوم به ويقترفه فى حق البلاد والعباد من : " قتل وتشريد ونهب للمال العام , وكافة الجرائم والموبقات المخالفة والمغائرة لكل الشرايع السماوية والأرضية , ..... كل ذلك يعد فى نظره عبادة : " يتقرب بها الى الله "
· فماذا يعنى ذلك ؟؟؟ ....... يعنى أننا أمام حالة – ( القبول والاستكانة للظلم ) - تتجافى وتبعد تماما عن الدعوة المتمثلة فى قوله تعالى : (( ألاّ نعبد الاّ الله ولا نشرك به شيئا ولا نتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله . ))
· فهل هناك على ظهر هذه البسيطة نظام حكم , أكثر شرا , وبلاءا , وفتنة , واستبدادا فى الأرض , وبغيا على الرعية يماثل حكم الشموليات البغيضة ؟؟؟؟؟؟؟
العوضابي
11-08-2013, 05:57 PM
(64)
دور العلماء فى اسداء النصح للولاة :
" فقد آن الآوان لأن يتحرر العلماء والمفكرون من سلطان الجهات الرسمية , ويتوقف كيل المديح فى حياتنا , والتصفيق للخطأ والصواب على حدّ سواء , ليمكننا بذلك أن نقول كلمة : " الحق " بالتى هى أحسن فيكون لها أثرها وتأثيرها , وقد يكون المسئول فى السلطة أحوج الى الذى يبصره بأخطاءه , من الذى يصفق ويطبل لها حتى تحيط به خطيئته , لذلك كان شعار علمائنا العاملين : " لو كان عندى نصيحة لادّخرتها للحاكم لأن نفعها يعم الناس . "
والنصح انما يكون بالتحذير من الخطأ , والتبصير بالصواب , ....... ولا شك أن الحرية هى المناخ الصحيح , والشرط الضرورى لمعالجة مشكلات العالم الاسلامى , ..... حتى ليمكننا أن نغزو واقع التخلف , وصور العجز والانكسار , وانعدام الكفاءات وهجرتها , وغياب القدرات , واختفاء ملكات الابداع , مردّها جميعا الى : " الاستبداد السياسى" الذى يتحكم بكثير من عالم المسلمين بل لعل مخططوا السياسة الدولية , أدركوا هذه الحقيقة فى عالم المسلمين , وعملوا على تكريسها بوسائل مختلفة , وبأشكال شتى , ولسوف تبقى أزمة التخلف , وانعدام الابداع , وعدم تلمس وسائل التقدم , من لوازم الاستبداد السياسى , لأنه يقتل الكفاءات , ويعتمد الولاءات , ويخادع نفسه بالاستقرار الموهوم حتى لو روج لذلك فى بعض الأحيان بفلسفات تحتمى بمظلة الاسلام .
(بتصرف من كلمة مجلة الأمة عدد أكتوبر 1984 . )
............... نتابع :
(65)
العوضابي
11-27-2013, 12:48 PM
(65)
" كلام في الحوار: روحه وأدبه وفنّه "
"الحسن بن طلال "
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى داراً فأتمها إلا موضع لبنة واحدة، فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة».
هنالك قيم إنسانية مشتركة ليست أمراً خاصاً بأي ديانة بعينها، وإنما تمثل شأناً عالمياً، لكل الديانات فـــيه نصيب. ويكـــون التمسك بها طوق النجـــاة بالنـسبة إلينا جميعاً. إن التأمل في الطبيعة الإنسانية وإخضاعها للدراسة يكشفان لنا امتداد الضمير الإنساني. توجد طرق بناءة في التفاعل مع الآخر ومــــــع الحياة بشكل عـــام، وهي طرق روحــية وإنســـانية وعالمــية تتخطى الحواجز الدينية والسياسية والعرقية لتكشف عن إنسانية مشتركة واحدة , إن مد جسور التواصل أو إيجاد نقاط تقاطــع بين الأديان إنما يتم عـــن طريق الحوار المعمق والصريح الـــذي يـــؤدي إلى اكتشاف مناطق مشتركة يمكن البناء عليها من أجل التوصل إلى سلام حقيقي بين الأديان وتجاوز مرحلة الصراعات الطائفية والحروب. لا بد من الحوار على النطاق الواسع وليس الضيق من أجل استتباب السلام في العالم.
هنالك قواعد سلوكية ترشدنا إذا أردنا أن ننخرط بفاعلية في عملية الحوار مع أتباع الديانات:
التأكيد على أهمية التوافق بين المعتقدات الدينية والجوانب العملية، البدء بالقواسم المشتركة، الأخذ بالحسبان تأثير حركة التنوير الأوروبية على الأديان، الأخذ بمبدأ عدم الإكراه :
إقرار حق الفرد في إعلان دينه، إعادة النظر في محتوى مناهج التربية والتعليم، ضمان الانسياب الحر للمعلومات، النظر في التراث والتاريخ والاجتهادات الخاصة بديانة الفرد وديانة الآخر، وضع أطر مناسبة لتفهم الاختلافات في الرأي، قبول النهوض بمسؤولية الأقوال والأفعال على كل الصعد، الإقرار بالأبعاد السياسية والاقتصادية لحوار الديانات.
يعيش العرب والمسلمون اليوم أزمة لها جانبان: الفكري الروحي والمادي أو الاقتصادي. وأي تغيير يلوح في الأفق لا بد أن يأتي عن طريق الفكر أولاً قبل أن يترجم على أرض الواقع. ففي عصر العولمة لم تعد مسألة الإسلام شأناً داخلياً يخص المسلمين وحدهم، بل أصبحت تشغل العالم كله. وتعالت الأصوات التي تبث القلق من تنامي تيار التطرف في العالم الإسلامي. لقد شوهت الصورة الحقيقية للدين الإسلامي بسبب الأحداث الإرهابية التي ارتكبتها بعض الفئات والتي يبدو أنها - بكل أسف - (أقنعت العالم بأن دين الإسلام ذو روح عدوانية، وأنه يختلف جوهرياً وأصلياً عن كل الأديان الأخرى. (
لقد وردت كلمة السلم أو السلام في القرآن الكريم تسعاً وأربعين مرة، كما تعددت الآيات التي تدعو إلى التسامح وعدم الإكراه في الدين. فالروح العامة للنص القرآني هي روح الرحمة والتسامح والمغفرة. ولا يجوز إطلاقاً أن نقلل من أهمية هذا البعد أو نغفل عنه كما تفعل الحركات المتطرفة حالياً. لذلك، لا بد أن نفرق بالنسبة الى الدين بين جوهره الروحاني والأخلاقي الذي يتعالى على كل شيء وبين الإيديولوجيات المتطرفة التي تدعي الانتساب إليه، وهي في الواقع تخون جوهر رسالته وتشوهها. إن جميع الأديان تحتوي على مبادئ نبيلة وتدعو إلى محبة الآخر، لكن هنالك المبادئ السامية من جهة والتطبيق العملي على أرض الواقع من جهة أخرى. إن الحديث في وسائل الإعلام الغربي عن التيار الإسلامي المتطرف أمر بالغ الخطورة لأنه يوهم الجمهور بأن المسلمين كافة ينتمون إلى هذا التيار. وقد أصبحت الحروب الدعائية تشن على الإسلام: تكرار الحديث عن «الإسلام الفاشي»، الكلام عن «صدام الحضارات » وكأنه نبوءة محققة، الحاجة إلى خوض حرب جديدة أو «حملة صليبية» جديدة أو حرب نووية يكون فيها خلاص العالم المتحضر. هذه أمثلة تظهر بوضوح توظيف الدين من أجل تحقيق مآرب سياسية.
الإسلام هو دين العقل والتفكير الحر، لا دين الاستسلام للخرافات والتعصب الأعمى. ولا بد من أن يصبح التدين مستبطناً من الداخل، فيكون الوازع الأخلاقي نابعاً من داخل الإنسان، ويترسخ الضمير الأخلاقي الصارم في الضمير الجماعي. نحن بحاجة إلى الإيمان المستنير الروحاني إلى أقصى الحدود، الذي يدعو إلى الحوار بين أتباع الأديان على أساس الاحترام المتبادل بين الثقافات والمعتقدات.
إن العقل قوة فاعلة تحرك الإنسان على الفعل، ولا يجوز فصل العقل عن الفعل. فالقدرة على تعقل الأشياء لا تنمو وتنضج باستقلال عن الشروط الاجتماعية وبمعزل عن القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية. فالمبدأ العقلاني يقضي باختيار الوسائل الكفيلة بتحقيق الغايات والمصالح المعنية. يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». لا بد من تهيئة الظروف التي تمكن المسلمين من ممارسة هذه القيم السامية بكل حرية من خلال دعم المؤسسات الدينية وتفعيلها، لا تحجيم دورها وقطع السبل أمامها بدعوى تجفيف منابع الإرهاب. وإذا كان الإسلام يعلي من مكانة العقل، فإنه كذلك يعلي من شأن الحوار مع الآخر وإقناعه بالطرق السلمية الحضارية: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»، (سورة النحل: الآية 125)، حيث يكون التركيز على قوة الأفكار، لا على حرب الأفكار. وفي هذا الإطار حرصت على دعم الحوار والتواصل مع الآخر وتفعيلهما، وتطوير العلاقات مع الآخر من خلال العمل المشترك في سبيل القضايا الإنسانية. فهنالك ثلاثة مخاوف أو أنواع من الرهاب، يجب على الإنسان التغلب عليها: الخوف من الآخر الذي مبعثه عدم الفهم والجهل بمبادئ ثقافة الآخر ومعتقداته، والخوف من المجتمع وردود الفعل إزاء آراء الفرد وأفكاره، والخوف من السلام بحيث لا نقدم على تحقيقه خوفاً من تبعاته، لا من الحرب وتداعياتها.
............. نتابع :
(66)
العوضابي
06-03-2014, 01:36 PM
" قصة اليهود مع بداية الدعوة الاسلامية . "
سورة البقرة :
لقد كان اليهود هم أول من اصطدم بالدعوة في المدينة ; وكان لهذا الاصطدام أسبابه الكثيرة . . كان لليهود في يثرب مركز ممتاز بسبب أنهم أهل كتاب بين الأميين من العرب - الأوس والخزرج - ومع أن مشركي العرب لم يظهروا ميلا لاعتناق ديانة أهل الكتاب هؤلاء , إلا أنهم كانوا يعدونهم أعلم منهم وأحكم بسبب ما لديهم من كتاب . ثم كان هنالك ظرف موات لليهود فيما بين الأوس والخزرج من فرقة وخصام - وهي البيئة التي يجد اليهود دائما لهم فيها عملا ! - فلما أن جاء الإسلام سلبهم هذه المزايا جميعا . . فلقد جاء بكتاب مصدق لما بين يديه من الكتاب ومهيمن عليه . ثم إنه أزال الفرقة التي كانوا ينفذون من خلالها للدس والكيد وجر المغانم , ووحد الصف الإسلامي الذي ضم الأوس والخزرج , وقد أصبحوا منذ اليوم يعرفون بالأنصار , إلى المهاجرين , وألف منهم جميعا ذلك المجتمع المسلم المتضام المتراص الذي لم تعهد له البشرية من قبل ولا من بعد نظيرا على الإطلاق .
ولقد كان اليهود يزعمون أنهم : " شعب الله المختار " وأن فيهم الرسالة والكتاب . فكانوا يتطلعون أن يكون الرسول الأخير فيهم كما توقعوا دائما . فلما أن جاء من العرب ظلوا يتوقعون أن يعتبرهم خارج نطاق دعوته , وأن يقصر الدعوة على الأميين من العرب ! فلما وجدوه يدعوهم - أول من يدعو - إلى كتاب الله , بحكم أنهم أعرف به من المشركين , وأجدر بالاستجابة له من المشركين . . أخذتهم العزة بالإثم , وعدوا توجيه الدعوة إليهم : " إهانة واستطالة " !!!!!!!
ثم إنهم حسدوا النبي [ ص ] حسدا شديدا . حسدوه مرتين: مرة لأن الله اختاره وأنزل عليه الكتاب - وهم لم يكونوا يشكون في صحته - وحسدوه لما لقيه من نجاح سريع شامل في محيط المدينة .
على أنه كان هناك سبب آخر لحنقهم ولموقفهم من الإسلام موقف العداء والهجوم منذ الأيام الأولى: ذلك هو شعورهم بالخطر من عزلهم عن المجتمع المدني الذي كانوا يزاولون فيه القيادة العقلية والتجارة الرابحة والربا المضاعف ! هذا أو يستجيبوا للدعوة الجديدة . ويذوبوا في المجتمع الإسلامي . وهما أمران - في تقديرهم - أحلاهما مر !
لهذا كله وقف اليهود من الدعوة الإسلامية هذا الموقف الذي تصفه سورة البقرة , [ وسور غيرها كثيرة ] في تفصيل دقيق , نقتطف هنا بعض الآيات التي تشير إليه . . جاء في مقدمة الحديث عن بني إسرائيل هذ النداء العلوي لهم:(يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون . وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم . ولا تكونوا أول كافر به , ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا , وإياي فاتقون . ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون . وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين . أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ? وأنتم تتلون الكتاب ? أفلا تعقلون ?). . وبعد تذكيرهم طويلا بمواقفهم مع نبيهم موسى - عليه السلام - وجحودهم لنعم الله عليهم , وفسوقهم عن كتابهم وشريعتهم . . ونكثهم لعهد الله معهم . . جاء في سياق الخطاب لتحذير المسلمين منهم:( أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ? وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا:آمنا , وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا:أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم ? أفلا تعقلون ?). .( وقالوا:لن تمسنا النار إلا أياما معدودة . قل:أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده ? أم تقولون على الله ما لا تعلمون ?). .( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به , فلعنة الله على الكافرين). . . ( وإذا قيل لهم:آمنوا بما أنزل الله . قالوا:نؤمن بما أنزل علينا , ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم). . .( ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون) ..... ( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ). . . (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق). . . (وقالوا:لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى . تلك أمانيهم). . . (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم). . . الخ الخ .
وكانت معجزة القرآن الخالدة أن صفتهم التي دمغهم بها هي الصفة الملازمة لهم في كل أجيالهم من قبل لإسلام ومن بعده إلى يومنا هذا . مما جعل القرآن يخاطبهم - في عهد النبي [ ص ] كما لو كانوا هم أنفسهم الذين كانوا على عهد موسى - عليه السلام - وعلى عهود خلفائه من أنبيائهم باعتبارهم جبلة واحدة . سماتهم هي هي , ودورهم هو هو , وموقفهم من الحق, والخلق , هو موقفهم على مدار الزمان ! ومن ثم يكثر الالتفات في السياق من خطاب قوم موسى , إلى خطاب اليهود في المدينة , إلى خطاب أجيال بين هذين الجيلين . ومن ثم تبقى كلمات القرآن حية كأنما تواجه موقف الأمة المسلمة اليوم وموقف اليهود منها . وتتحدث عن استقبال يهود لهذه العقيدة ولهذه الدعوة اليوم , وغدا كما استقبلتها بالأمس تماما ! وكأن هذه الكلمات الخالدة هي التنبيه الحاضر والتحذير الدائم للأمة المسلمة , تجاه أعدائها الذين واجهوا أسلافها بما يواجهونها اليوم به من دس وكيد , وحرب منوعة المظاهر , متحدة العقيدة !
................نواصل قصة اليهود :
(57)
العوضابي
06-03-2014, 01:59 PM
عذرا الحلقة أعلاه نزلت مكررة بالخأ وفينا يلى الحلقة :
(66)
إن الحرص على الحوار الهادف والتواصل مع الذات ومع الآخر يبدد هذه المخاوف ويفسح المجال أمام العمل الجاد على تحقيق السلام ورأب الصدع بين أتباع الديانات والثقافات، كما يعزز قنوات الاتصال بين العامة والمثقفين في وجه مظاهر الانفصال والتهميش والعزلة. إن مشروع «هيئة المئة مفكر مسلم»، الذي تم إطلاقه قبل بضعة أشهر، يحاول أن يحقق هذه الغاية من خلال التصدي للقضايا الملحة التي تؤثر على المسلمين في العالم عن طريق اللجوء إلى الحوار السلمي والنقاش الهادف.
كما أشير في هذا السياق إلى المشروع الذي تبنته مؤسسة البحوث والحوار بين الأديان والثقافات الخاص بنشر الكتب السّماوية الثلاثة معاً بلغاتها الأصلية التي كتبت بها، من أجل استعمالها كأساس لإصدار فهرس مقارن للقيم. أضف إلى ذلك الجهود الحثيثة التي بذلت فيما يتصل بالحوار من قبل المنتدى الإسلامي العالمي والمجلس البابوي للحوار بين الأديان، وما تم إنجازه في مجال إيصال رسالة الإسلام الحقيقية السمحة إلى غير المسلمين عن طريق تعزيز الحوار وتأكيد القيم الإنسانية العالمية المشتركة.
إن تحقيق الاحترام المتبادل بين أتباع الديانات والثقافات يقتضي وجوب معاملة أفكار الآخرين واعتقاداتهم بالاحترام نفسه الذي نريد منهم أن يعاملوا به أفكارنا واعتقاداتنا. فالاحترام المتبادل يعزز أسس التعددية، ويفعّل التضامن والتكافل بين شرائح المجتمع. ولا بد أن ترتكز معرفة الآخر على دراسة تراثه وثقافته استناداً إلى المعلومات المتاحة بكل حرية. إننا نعيش في عصر يشهد انسياباً حراً للمعلومات، ويجب ألا نعمد إلى التعامل معها بصورة انتقائية تؤدي إلى إساءة فهم الآخر وثقافته ودينه وتقوض المحاولات الجادة من أجل تأكيد نقاط الالتقاء بين الديانات والثقافات. أشير هنا إلى البيان الذي أصدره المسلمون الأوروبيون هذا العام، مناشدين الجمهور الأوروبي التوقف عند مصطلح « ارهاب الإسلام» وعدم إشاعة استعماله، وضرورة تجنب اللجوء إلى إطلاق التعميمات على كل المسلمين استناداً إلى وقائع معينة مورست من بعضهم.
تعاني شعوب العالم العربي والإسلامي من أشكال الانقسام والتناقض والمفارقة، سواء في دار الحرب أو دار السلام أو دار الصلح، في الوطن تحت وطأة الفقر والظلم والاحتلال والتهميش، وفي المهجر حيث مظاهر التمييز ومشكلة الاندماج. لذلك تبرز الحاجة إلى وضع ميثاق استقرار إقليمي، وصياغة استراتيجية للتواصل والاتصال في ما بيننا ومع الآخر. ومـــا جرى ويجري الآن من أحداث مأسوية في العراق وفلسطين ولبنان والسودان والقرن الإفريقي ينذر بكوارث وأخطار جسيمة يجب التصدي لها عن طريق دعم مسار التعاون الإقليمي في مجال تنمية البيئة الطبيـــعية والإنسانية، وتفعـــيل الموارد الاقتصادية لما يحقق حاجات الإنسان المادية والروحية ويحقق له سبل العيش الكريم. نحن، أي الحكومات والأفراد، في أمس الحاجة إلى نشر ثقافة الانضواء تحت مظلة القانون الإنساني الدولي، متمسكين، في الوقت نفســــه، بهويتنا العربية الإسلامية وقيمنا الحضارية. وفي العام القـــادم، تحتفل الأمم المتحدة بالذكـــرى الستين لقيام مؤسساتها التي أنشـــئت بعد الحرب العالمية الثانية. وهي فرصة من أجل إعادة تعريف الأولويات الاستراتيجية لأقاليمها بما يكفل للإنسان احترامه وكرامته، ويحافظ على البيئة ومواردها المهددة.
لا بد من تفعيل الدور الإسلامي والعربي في التعامل مع الأزمات التي تشهدها بعض دول العالم الإسلامي، أزمة دارفور على سبيل المثال. وقد دعوت مؤخراً إلى تأسيس لجنة عربية إسلامية من أجل التضامن مع اقليم دارفور وسكانه. كما دعوت غير مرة إلى تأسيس صندوق عالمي فوق قطري وعبر قطري للزكاة، تديره كفاءات الأمة أينما كانت. مثل هذا الصندوق يمكن توظيفه في الشؤون الإنسانية من دون أية غاية عقائدية. كما يمكن تأليف فرق سلام تستطيع أن تساهم في حملات الإغاثة وقت الحاجة، ووضع الاعتبارات الإنسانية وإعادة الإعمار فوق أي اعتبارات سياسية.
في إطار الحضارة الإسلامية، ازدهر في فترة من الفترات التيار العقلاني والإنساني المنفتح على العلوم الدنيوية والعقلانية: سواء في مجال الفلسفة أم الأدب. أذكر هنا الفلاسفة مثل الفارابي وابن سينا وابن رشد، كما أشير إلى ابن حزم الأندلسي مؤسس المذهب الظاهري الذي كان من أوائل من نقد الفكر المسيحي واليهودي في كتابه الضخم «الفصل في الملل والأهواء والنحل»، إضافة إلى الأدباء الذين نشروا موضوعات الفلسفة وزادوا من دائرة تأثيرها عن طريق استعمال المنهجية الجمالية. وأكبر مثال على ذلك أبو حيان التوحيدي الذي وصف بأنه «فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة». فلم يكن فهم أولئك للدين قمعياً ولا إرهابياً ولا مذهبياً ضيقاً. لقد كانت لديهم قيم إنسانية تحترم كرامة الإنسان وتثق به وبملكاته وقدرته على الإبداع والتفكير الخلاق وفعل الخير وتحقيق الجمال والسعادة على هذه الأرض. نحن الآن في أمس الحاجة إلى هذه الرؤيا الإنسانية. قال أحد كبار المفكرين الإنسانيين في إيطاليا بيك الميراندولي (1486): « قرأت في كتب العرب بأننا لا يمكن أن نجد على سطح الأرض كائناً أنبل ولا أكثر روعة من الإنسان.»
فلنؤكد قيم الحوار: التعددية، المشاركة، تمكين المواطن، الغيريّة والخيريّة، نبذ العنف والكراهية، العمل ضمن إطار الأسرة العالمية والشرعية الدولية. وليحمل المفكرون والمثقفون المسلمون، سواء أكانوا عرباً أم غير عرب، مسؤولية العمل على نقل الوجه الحقيقي للإسلام، وإيصال صورتنا الحقيقية للآخر من خلال نشر ثقافة التعايش بين الناس في إطار التنوّع والاختلاف القائم على مبدأ العدالة. إن المفكر كما يقول الفيلسوف نيتشه، هو طبيب حضارات.
* الحسن بن طلال: رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه، سفير الإيسيسكو للحوار بين الثقافات والحضارات
............... نتابع : (67)
العوضابي
06-26-2014, 04:01 PM
(67)
(اعلان القاهرة حوإل حقوق الإنسان في الإسلام )
( تم إجازته من قبل مجلس وزراء خارجية منظمة مؤتمر العالم الإسلامي ،القاهرة، 5 أغسطس 1990)
الديباجة
تأكيدا للدور الحضاري والتاريخي للأمة الإسلامية التي جعلها الله خير أمة أورثت البشرية حضارة عالمية متوازنة ربطت الدنيا بالآخرة وجمعت بين العلم والإيمان، وما يرجى أن تقوم به هذه الأمة اليوم لهداية البشرية الحائرة بين التيارات والمذاهب المتناقضة وتقديم الحلول لمشكلات الحضارة المادية المزمنة.
ومساهمة في الجهود البشرية المتعلقة بحقوق الإنسان التي تهدف إلي حمايته من الاستغلال والاضطهاد وتهدف إلي تأكيد حريته وحقوقه في الحياة الكريمة التي تتفق مع الشريعة الإسلامية.
وثقة منها بأن البشرية التي بلغت في مدارج العلم المادي شأنا بعيدا، لا تزال، وستبقي في حاجة ماسة إلي سند إيماني لحضارتها وإلي وازع ذاتي يحرس حقوقها.
وإيمانا بأن الحقوق الأساسية والحريات العامة في الإسلام جزء من دين المسلمين لا يملك أحد بشكل مبدئي تعطيلها كليا أو جزئيا، أو خرقها أو تجاهلها في أحكام إلهية تكليفية أنزل الله بها كتبه، وبعث بها خاتم رسله وتمم بها ما جاءت به الرسالات السماوية وأصبحت رعايتها عبادة، وإهمالها أو العدوان عليها منكرا في الدين وكل إنسان مسؤول عنها بمفرده، والأمة مسؤولة عنها بالتضامن، وأن الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي تأسيسا علي ذلك تعلن ما يلي:
المادة 1
أ- البشر جميعا أسرة واحدة جمعت بينهم العبودية لله والنبوة لآدم وجميع الناس متساوون في أصل الكرامة الإنسانية وفي أصل التكليف والمسؤولية دون تمييز بينهم بسبب العرق أو اللون أو اللغة أو الجنس أو المعتقد الديني أو الانتماء السياسي أو الوضع الاجتماعي أو غير ذلك من الاعتبارات. وأن العقيدة الصحيحة هي الضمان لنمو هذه الكرامة علي طريق تكامل الإنسان.
ب- أن الخلق كلهم عيال الله وأن أحبهم إليه أنفعهم لعياله وأنه لا فضل لأحد منهم علي الآخر إلا بالتقوى والعمل الصالح.
المادة 2
أ- الحياة هبة الله وهي مكفولة لكل إنسان، وعلي الأفراد والمجتمعات والدول حماية هذا الحق من كل اعتداء عليه، ولا يجوز إزهاق روح دون مقتض شرعي.
ب- يحرم اللجوء إلي وسائل تفضي إلي إفناء الينبوع البشري.
ج- المحافظة علي استمرار الحياة البشرية إلي ما شاء الله واجب شرعي.
د- سلامة جسد الإنسان مصونة، ولا يجوز الاعتداء عليها، كما لا يجوز المساس بها بغير مسوغ شرعي، وتكفل الدولة حماية ذلك.
المادة 3
أ- في حالة استخدام القوة أو المنازعات المسلحة، لا يجوز قتل من لا مشاركة لهم في القتال كالشيخ والمرأة والطفل، وللجريح والمريض الحق في أن يداوي وللأسير أن يطعم ويؤوى ويكسى، ويحرم التمثيل بالقتلى، ويجب تبادل الأسري وتلاقي اجتماع الأسر التي فرقتها ظروف القتال.
ب- لا يجوز قطع الشجر أو إتلاف الزرع والضرع أو تخريب المباني والمنشآت المدنية للعدو بقصف أو نسف أو غير ذلك.
المادة 4
لكل إنسان حرمته والحفاظ علي سمعته في حياته وبعد موته وعلي الدول والمجتمع حماية جثمانه ومدفنه.
المادة 5
أ- الأسرة هي الأساس في بناء المجتمع، والزواج أساس تكوينها وللرجال والنساء الحق في الزواج ولا تحول دون تمتعهم بهذا الحق قيود منشؤها العرق أو اللون أو الجنسية.
ب- علي المجتمع والدولة إزالة العوائق أمام الزواج وتيسير سبله وحماية الأسرة ورعايتها.
المادة 6
أ- المرأة مساوية للرجل في الكرامة الإنسانية، ولها من الحق مثل ما عليها من الواجبات ولها شخصيتها المدنية وذمتها المالية المستقلة وحق الاحتفاظ باسمها ونسبها.
ب- علي الرجل عبء الإنفاق علي الأسرة ومسئولية رعايتها.
المادة 7
أ- لكل طفل عند ولادته حق علي الأبوين والمجتمع والدولة في الحضانة والتربية والرعاية المادية والصحية والأدبية كما تجب حماية الجنين والأم وإعطاؤهما عناية خاصة.
ب- للآباء ومن يحكمهم، الحق في اختيار نوع التربية التي يريدون لأولادهم مع وجوب مراعاة مصلحتهم ومستقبلهم في ضوء القيم الأخلاقية والأحكام الشرعية.
للأبوين علي الأبناء حقوقهما وللأقارب حق علي ذويهم وفقا لأحكام الشريعة.
المادة 8
لكل إنسان التمتع بأهليته الشرعية من حيث الإلزام والالتزام وإذا فقدت أهليته أو انتقصت قام وليه - مقامه.
المادة 9
أ- طلب العلم فريضة والتعليم واجب علي المجتمع والدولة وعليها تأمين سبله ووسائله وضمان تنوعه بما يحقق مصلحة المجتمع ويتيح للإنسان معرفة دين الإسلام وحقائق الكون وتسخيرها لخير البشرية.
ب- من حق كل إنسان علي مؤسسات التربية والتوجيه المختلفة من الأسرة والمدرسة وأجهزة الإعلام وغيرها أن تعمل علي تربية الإنسان دينيا ودنيويا تربية متكاملة متوازنة تنمي شخصيته وتعزز إيمانه بالله واحترامه للحقوق والواجبات وحمايتها.
المادة 10
الإسلام هو دين الفطرة، ولا يجوز ممارسة أي لون من الإكراه علي الإنسان أو استغلال فقره أو جهله علي تغيير دينه إلي دين آخر أو إلي الإلحاد.
المادة 11
أ- يولد الإنسان حرا وليس لأحد أن يستعبده أو يذله أو يقهره أو يستغله ولا عبودية لغير الله تعالي.
ب- الاستعمار بشتى أنواعه وباعتباره من أسوأ أنواع الاستعباد محرم تحريما مؤكدا وللشعوب التي تعانيه الحق الكامل للتحرر منه وفي تقرير المصير، وعلي جميع الدول والشعوب واجب النصرة لها في كفاحها لتصفية كل أشكال الاستعمار أو الاحتلال، ولجميع الشعوب الحق في الاحتفاظ بشخصيتها المستقلة والسيطرة علي ثرواتها ومواردها الطبيعية.
ج- للأبوين علي الأبناء حقوقهما وللأقارب حق علي ذويهم وفقا لأحكام الشريعة.
.................... تابع (68)
العوضابي
10-16-2014, 02:20 PM
.................... تابع (68)
المادة 12
كل إنسان الحق في إطار الشريعة في حرية التنقل، واختيار محل إقامته داخل بلاده أو خارجها وله إذا اضطهد حق اللجوء إلي بلد آخر وعلي البلد الذي لجأ إليه أن يجيره حتى يبلغه مأمنه ما لم يكن سبب اللجوء اقتراف جريمة في نظر الشرع.
المادة 13
العمل حق تكفله الدولة والمجتمع لكل قادر عليه، وللإنسان حرية اختيار العمل اللائق به مما تتحقق به مصلحته ومصلحة المجتمع، وللعامل حقه في الأمن والسلامة وفي كافة الضمانات الاجتماعية الأخرى. ولا يجوز تكليفه بما لا يطيقه، أو إكراهه، أو استغلاله، أو الإضرار به، وله -دون تمييز بين الذكر والأنثى- أن يتقاضى أجرا عادلا مقابل عمله دون تأخير وله الاجارات والعلاوات والفروقات التي يستحقها، وهو مطالب بالإخلاص والإتقان، وإذا اختلف العمال وأصحاب العمل فعلي الدولة أن تتدخل لفض النزاع ورفع الظلم وإقرار الحق والإلزام بالعدل دون تحيز.
المادة 14
للإنسان الحق في الكسب المشروع، دون احتكار أو غش أو إضرار بالنفس أو بالغير والربا ممنوع مؤكدا.
المادة 15
أ- لكل إنسان الحق في التملك بالطرق الشرعية، والتمتع بحقوق الملكية بما لا يضر به أو بغيره من الأفراد أو المجتمع، ولا يجوز نزع الملكية إلا لضرورات المنفعة العامة ومقابل تعويض فوري وعادل.
ب- تحرم مصادرة الأموال وحجزها إلا بمقتضى شرعي.
المادة 16
لكل إنسان الحق في الانتفاع بثمرات إنتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني أو التقني. وله الحق في حماية مصالحه الأدبية والمالية العائدة له علي أن يكون هذا الإنتاج غير مناف لأحكام الشريعة.
المادة 17
أ- لكل إنسان الحق في أن يعيش بيئة نظيفة من المفاسد والأوبئة الأخلاقية تمكنه من بناء ذاته معنويا، وعلي المجتمع والدولة أن يوفرا له هذا الحق.
ب- لكل إنسان علي مجتمعه ودولته حق الرعاية الصحية والاجتماعية بتهيئة جميع المرافق العامة التي تحتاج إليها في حدود الإمكانات المتاحة.
ج- تكفل الدولة لكل إنسان حقه في عيش كريم يحقق له تمام كفايته وكفاية من يعوله ويشمل ذلك المأكل والملبس والمسكن والتعليم والعلاج وسائر الحاجات الأساسية.
المادة 18
أ- لكل إنسان الحق في أن يعيش آمنا علي نفسه ودينه وأهله وعرضه وماله.
ب- للإنسان الحق في الاستقلال بشؤون حياته الخاصة في مسكنه وأسرته وماله واتصالاته، ولا يجوز التجسس أو الرقابة عليه أو الإساءة إلي سمعته وتجنب حمايته من كل تدخل تعسفي.
ج- للمسكن حرمته في كل الأحوال ولا يجوز دخوله بغير إذن أهله أو بصورة غير مشروعة، ولا يجوز هدمه أو مصادرته أو تشريد أهله منه.
المادة 19
أ- الناس سواسية أمام الشرع، يستوي في ذلك الحاكم والمحكوم.
ب- حق اللجوء إلي القضاء مكفول للجميع.
ج- المسؤولية في أساسها شخصية.
د- لا جريمة ولا عقوبة إلا بموجب أحكام الشريعة.
هـ- المتهم برئ حتى تثبت إدانته بمحاكمة عادلة تؤمن له فيها كل الضمانات الكفيلة بالدفاع عنه.
المادة 20
لا يجوز القبض علي إنسان أو تقييد حريته أو نفيه أو عقابه بغير موجب شرعي. ولا يجوز تعريضه للتعذيب البدني أو النفسي أو لأي من أنواع المعاملات المذلة أو القاسية أو المنافية للكرامة الإنسانية، كما لا يجوز إخضاع أي فرد للتجارب الطبية أو العلمية إلا برضاه وبشرط عدم تعرض صحته وحياته للخطر، كما لا يجوز سن القوانين الاستثنائية التي تخول ذلك للسلطات التنفيذية.
المادة 21
أخذ الإنسان رهينة محرم بأي شكل من الأشكال ولأي هدف من الأهداف.
المادة 22
أ- لكل إنسان الحق في التعبير بحرية عن رأيه بشكل لا يتعارض مع المبادئ الشرعية.
ب- لكل إنسان الحق في الدعوة إلي الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفقا لضوابط الشريعة الإسلامية.
ج- الإعلام ضرورة حيوية للمجتمع، ويحرم استغلاله وسوء استعماله والتعرض للمقدسات وكرامة الأنبياء فيه، وممارسة كل ما من شأنه الإخلال بالقيم أو إصابة المجتمع بالتفكك أو الانحلال أو الضرر أو زعزعة الاعتقاد.
د- لا يجوز إثارة الكراهية القومية والمذهبية وكل ما يؤدي إلي التحريض علي التمييز العنصري بكافة أشكاله.
المادة 23
أ- الولاية أمانة يحرم الاستبداد فيها وسوء استغلالها تحريما مؤكدا ضمانا للحقوق الأساسية للإنسان.
ب- لكل إنسان حق الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كما أن له الحق في تقلد الوظائف العامة وفقا لأحكام الشريعة.
المادة 24
كل الحقوق والحريات المقررة في هذا الإعلان مقيدة بأحكام الشريعة الإسلامية.
المادة 25
الشريعة الإسلامية هي المرجع الوحيد لتفسير أو توضيح أي مادة من مواد هذه الوثيقة.
.................... تابع (69)
العوضابي
11-26-2014, 02:57 PM
.................... تابع (69)
" وثائق إسلامية "
(1) معاهدة عمر بن الخطاب مع أهل بيت المقدس (15 هجرية) :
نص المعاهدة :
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيليا من الأمان. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها.
أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا من صليبهم ولا من شئ من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم ولا يسكن بإيليا معهم أحد من اليهود.
وعلى أهل إيليا أن يعطوا الجزية كما يعطى أهل المدائن. وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوت. فمن أخرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ما على أهل إيليا من الجزية يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو أمن وعليه مثل ما على أهل إيليا من الجزية ومن أحب من أهل إيليا أن يسير بنفسه وماله مع الروم يخلى بيعهم وصلبهم حتى بلغوا أمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان فمن شاء منهم قعد وعليه ما على أهل إيليا من الجزية، ومن شاء صار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله. فإنه لا يؤخذ منهم شئ حتى يحصد حصادهم.
وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.
( شهد على ذلك خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبى سفيان وكتب وحضر سنة خمس عشر. )
_______
(2) عهد عمر بن الخطاب لأبى موسى الأشعري المتضمن شروط القضاء (14 هجرية :
استوفى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في عهده إلى أبى موسى الأشعري شروط القضاء وبين أحكام التقليد، فقال فيه: أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدلي إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، وأس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك؛ حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك, البينة على من ادعى واليمين على من أنكر والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً. ولا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شئ ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك ما ليس في كتاب الله تعالى ولا سنة نبيه ثم اعرف الأمثال والأشباه وقس الأمور بنظائرها واجعل لمن ادعى حقاً غائباً أو بينة أمداً ينتهي إليه، فمن أحضر بينة أخذت له لحقه واستحلل القضية عليه فإن ذلك أنفى للشك وأجلى للعمى. والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلوداً في حد أو مجرباً عليه بشهادة زور أو ظنيناً في ولاء أو نسب، فإن الله عفا عن الأيمان ودرأ بالبينات. وإياك والقلق والضجر والتأفف بالخصوم فإن الحق في مواطن الحق يعظم الله به الأجر ويحسن به الذكر والسلام.
(3) وصية أبى بكر الصديق لجنود الإسلام قبل فتح بلاد الشام (12 هجرية) :
قال: يا أيها الناس، قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عنى: لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمآكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإن أكلتم منها شيئاً بعد شئ فاذكروا اسم الله عليها. وتلقون أقواماً قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب، فاخفقوهم بالسيف خفقاً. اندفعوا باسم الله، أفناكم الله بالطعن والطاعون.
(4) خطبة أبو بكر الصديق عند توليه الخلافة (11 هجرية) :
لما بويع أبو بكر بالخلافة بعد بيعة السقيفة تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
"أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
............... تابع (70)
vBulletin® v3.8.9, Copyright ©2000-2025,