القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة
مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري
|
مكتبة الميرغني الإليكترونية خاصة بجميع مؤلفات السادة المراغنة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#11 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() ![]() 6598- حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، كَانَ وَلَاؤُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ ". 6599- أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا، ثَنَا شِهَابٌ قَالَ: مَاتَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ. 6600- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ الْعَدْلُ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَا: ثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَطَّ الْخَنْدَقَ عَامَ حَرْبِ الْأَحْزَابِ حَتَّى بَلَغَ الْمَذَاحِجَ، فَقَطَعَ لِكُلِّ عَشْرَةٍ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا فَاحْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ: سَلْمَانُ مِنَّا، وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: سَلْمَانُ مِنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ. " ![]() 6601- أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ الْمَوْصِلِيُّ، ثَنَا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدٍ الْخُزَاعِيُّ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ فَأَلْقَاهَا لَهُ، فَقَالَ سَلْمَانُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: حَدِّثْنَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ فَأَلْقَاهَا إِلَيَّ ثُمَّ قَالَ لِي: " يَا سَلْمَانُ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْخُلُ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فَيُلْقِي لَهُ وِسَادَةً إِكْرَامًا لَهُ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ". ![]() 6602- حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْعَدْلُ، مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِبَغْدَادَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، ثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانَا صَدِيقَيْنِ لِزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ أَتَيَاهُ لِيُكَلِّمَ لَهُمَا سَلْمَانَ أَنْ يُحَدِّثَهُمَا حَدِيثَهُ كَيْفَ كَانَ إِسْلَامُهُ، فَأَقْبَلَا مَعَهُ حَتَّى لَقُوا سَلْمَانَ، وَهُوَ بِالْمَدَائِنِ أَمِيرًا عَلَيْهَا، وَإِذَا هُوَ عَلَى كُرْسِيٍّ قَاعِدٌ، وَإِذَا خُوصٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَسُفُّهُ، قَالَا: فَسَلَّمْنَا وَقَعَدْنَا، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّ هَذَيْنِ لِي صَدِيقَانِ وَلَهُمَا أَخٌ، وَقَدْ أَحَبَّا أَنْ يَسْمَعَا حَدِيثَكَ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ إِسْلَامِكَ؟ قَالَ: فَقَالَ سَلْمَانُ: كُنْتُ يَتِيمًا مِنْ رَامَ هُرْمُزَ، وَكَانَ ابْنُ دِهْقَانَ رَامَ هُرْمُزَ يَخْتَلِفُ إِلَى مُعَلَّمٍ يُعَلِّمُهُ، فَلَزِمْتُهُ لِأَكُونَ فِي كَنَفِهِ، وَكَانَ لِي أَخٌ أَكْبَرُ مِنِّي وَكَانَ مُسْتَغْنِيًا بِنَفْسِهِ، وَكُنْتُ غُلَامًا قَصِيرًا، وَكَانَ إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ تَفَرَّقَ مَنْ يُحَفِّظُهُمْ، فَإِذَا تَفَرَّقُوا خَرَجَ فَيَضَعُ بِثَوْبِهِ، ثُمَّ صَعِدَ الْجَبَلَ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ مُتَنَكِّرًا قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ تَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا، فَلِمَ لَا تَذْهَبُ بِي مَعَكَ؟ قَالَ: أَنْتَ غُلَامٌ، وَأَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ مِنْكَ شَيْءٌ. قَالَ: قُلْتُ: لَا تَخَفْ. قَالَ: فَإِنَّ فِي هَذَا الْجَبَلِ قَوْمًا فِي بِرْطِيلِهِمْ لَهُمْ عِبَادَةٌ، وَلَهُمْ صَلَاحٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى، وَيَذْكُرُونَ الْآخِرَةَ، وَيَزْعُمُونَنَا عَبَدَةَ النِّيرَانِ، وَعَبَدَةَ الْأَوْثَانِ، وَأَنَا عَلَى دِينِهِمْ قَالَ: قُلْتُ فَاذْهَبْ بِي مَعَكَ إِلَيْهِمْ قَالَ: لَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَسْتَأْمِرَهُمْ، وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ مِنْكَ شَيْءٌ، فَيَعْلَمَ أَبِي فَيَقْتُلَ الْقَوْمَ فَيَكُونَ هَلَاكُهُمْ عَلَى يَدِي قَالَ: قُلْتُ: لَنْ يَظْهَرَ مِنِّي ذَلِكَ، فَاسْتَأْمِرْهُمْ، فَأَتَاهُمْ، فَقَالَ: غُلَامٌ عِنْدِي يَتِيمٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَأْتِيَكُمْ وَيَسْمَعَ كَلَامَكُمْ، قَالُوا: إِنْ كُنْتَ تَثِقُ بِهِ. قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَجِيءَ مِنْهُ إِلَّا مَا أُحِبُّ، قَالُوا: فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ لِي: قَدِ اسْتَأْذَنْتُ فِي أَنْ تَجِيءَ مَعِي، فَإِذَا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي رَأَيْتَنِي أَخْرُجُ فِيهَا فَأْتِنِي وَلَا يَعْلَمُ بِكَ أَحَدٌ، فَإِنَّ أَبِي إِنْ عَلِمَ بِهِمْ قَتَلَهُمْ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي يَخْرُجُ تَبِعْتُهُ فَصَعِدْنَا الْجَبَلَ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ، فَإِذَا هُمْ فِي بِرْطِيلِهِمْ. قَالَ: عَلِيٌّ: وَأُرَاهُ قَالَ: وَهُمْ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ. قَالَ: وَكَأَنَّ الرُّوحَ قَدْ خَرَجَ مِنْهُمْ مِنَ الْعِبَادَةِ يَصُومُونَ النَّهَارَ وَيَقُومُونَ اللَّيْلَ وَيَأْكُلُونَ عِنْدَ السَّحَرِ مَا وَجَدُوا، فَقَعَدْنَا إِلَيْهِمْ، فَأَثْنَى الدِّهْقَانُ عَلَى حَبْرٍ، فَتَكَلَّمُوا، فَحَمِدُوا اللَّهَ، وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، وَذَكَرُوا مَنْ مَضَى مِنَ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ حَتَّى خَلَصُوا إِلَى ذِكْرِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَقَالُوا: بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رَسُولًا وَسَخَّرَ لَهُ مَا كَانَ يَفْعَلُ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَخَلْقِ الطَّيْرِ، وَإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ وَالْأَعْمَى، فَكَفَرَ بِهِ قَوْمٌ وَتَبِعَهُ قَوْمٌ، وَإِنَّمَا كَانَ عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ ابْتَلَى بِهِ خَلْقَهُ قَالَ: وَقَالُوا قَبْلَ ذَلِكَ: يَا غُلَامُ، إِنَّ لَكَ لَرَبًّا، وَإِنَّ لَكَ مَعَادًا، وَإِنَّ بَيْنَ يَدَيْكَ جَنَّةً وَنَارًا، إِلَيْهِمَا تَصِيرُونَ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ النِّيرَانَ أَهْلُ كُفْرٍ وَضَلَالَةٍ لَا يَرْضَى اللَّهُ مَا يَصْنَعُونَ وَلَيْسُوا عَلَى دِينٍ. فَلَمَّا حَضَرَتِ السَّاعَةُ الَّتِي يَنْصَرِفُ فِيهَا الْغُلَامُ انْصَرَفَ وَانْصَرَفْتُ مَعَهُ، ثُمَّ غَدَوْنَا إِلَيْهِمْ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ وَأَحْسَنَ، وَلَزِمْتُهُمْ فَقَالُوا لِي يَا سَلْمَانُ: إِنَّكَ غُلَامٌ، وَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصْنَعَ كَمَا نَصْنَعُ فَصَلِّ وَنَمْ وَكُلْ وَاشْرَبْ. قَالَ: فَاطَّلَعَ الْمَلِكُ عَلَى صَنِيعِ ابْنِهِ فَرَكِبَ فِي الْخَيْلِ حَتَّى أَتَاهُمْ فِي بِرْطِيلِهِمْ، فَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ، قَدْ جَاوَرْتُمُونِي فَأَحْسَنْتُ جِوَارَكُمْ، وَلَمْ تَرَوْا مِنِّي سُوءًا فَعَمَدْتُمْ إِلَى ابْنِي فَأَفْسَدْتُمُوهُ عَلَيَّ قَدْ أَجَّلْتُكُمْ ثَلَاثًا، فَإِنْ قَدَرْتُ عَلَيْكُمْ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَحْرَقْتُ عَلَيْكُمْ بِرْطِيلَكُمْ هَذَا، فَالْحَقُوا بِبِلَادِكُمْ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مِنِّي إِلَيْكُمْ سُوءٌ، قَالُوا: نَعَمْ، مَا تَعَمَّدْنَا مَسَاءَتَكَ وَلَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ، فَكَفَّ ابْنُهُ عَنْ إِتْيَانِهِمْ فَقُلْتُ لَهُ: اتَّقِ اللَّهِ، فَإِنَّكَ تَعْرِفُ أَنَّ هَذَا الدِّينَ دِينُ اللَّهِ، وَأَنَّ أَبَاكَ وَنَحْنُ عَلَى غَيْرِ دَيْنٍ إِنَّمَا هُمْ عَبَدَةُ النَّارِ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَلَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَا غَيْرِكَ. قَالَ: يَا سَلْمَانُ، هُوَ كَمَا تَقُولُ، وَإِنَّمَا أَتَخَلَّفُ عَنِ الْقَوْمِ بَغْيًا عَلَيْهِمْ إِنْ تَبِعْتُ الْقَوْمَ طَلَبَنِي أَبِي فِي الْجَبَلِ وَقَدْ خَرَجَ فِي إِتْيَانِي إِيَّاهُمْ حَتَّى طَرَدَهُمْ، وَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّ الْحَقَّ فِي أَيْدِيهِمْ. فَأَتَيْتُهُمْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَرَادُوا أَنْ يَرْتَحِلُوا فِيهِ، فَقَالُوا: يَا سَلْمَانُ: قَدْ كُنَّا نَحْذَرُ مَكَانَ مَا رَأَيْتَ فَاتَّقِ اللَّهَ تَعَالَى وَاعْلَمْ أَنَّ الدِّينَ مَا أَوْصَيْنَاكَ بِهِ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ عَبْدَةُ النِّيرَانِ لَا يَعْرِفُونَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا يَذْكُرُونَهُ، فَلَا يَخْدَعَنَّكَ أَحَدٌ عَنْ دِينِكَ. قُلْتُ: مَا أَنَا بِمُفَارِقُكُمْ، قَالُوا: أَنْتَ لَا تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ مَعَنَا نَحْنُ نَصُومُ النَّهَارَ وَنَقُومُ اللَّيْلَ وَنَأْكُلُ عِنْدَ السَّحَرِ مَا أَصَبْنَا وَأَنْتَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ. قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أُفَارِقُكُمْ، قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُ وَقَدْ أَعْلَمْنَاكَ حَالَنَا، فَإِذَا أَتَيْتَ خُذْ مِقْدَارَ حِمْلٍ يَكُونُ مَعَكَ شَيْءٌ تَأْكُلُهُ، فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ مَا نَسْتَطِيعُ بِحَقٍّ. قَالَ: فَفَعَلْتُ وَلَقِيَنَا أَخِي فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُمْ يَمْشُونَ وَأَمْشِي مَعَهُمْ، فَرَزَقَ اللَّهُ السَّلَامَةَ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَوْصِلَ فَأَتَيْنَا بَيْعَةً بِالْمَوْصِلِ، فَلَمَّا دَخَلُوا احْتَفُّوا بِهِمْ وَقَالُوا: أَيْنَ كُنْتُمْ؟ قَالُوا: كُنَّا فِي بِلَادٍ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا عَبَدَةُ النِّيرَانِ، وَكُنَّا نَعْبُدُ اللَّهَ فَطَرَدُونَا، فَقَالُوا: مَا هَذَا الْغُلَامُ؟ فَطَفِقُوا يُثْنُونَ عَلَيَّ، وَقَالُوا: صَحِبَنَا مِنْ تِلْكَ الْبِلَادِ فَلَمْ نَرَ مِنْهُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَ سَلْمَانُ فَوَاللَّهِ: إِنَّهُمْ لَكَذَلِكَ إِذَ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ كَهْفِ جَبَلٍ. قَالَ: فَجَاءَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ فَحَفُّوا بِهِ وَعَظَّمُوهُ أَصْحَابِي الَّذِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ وَأَحْدَقُوا بِهِ، فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتُمْ؟ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: مَا هَذَا الْغُلَامُ مَعَكُمْ؟ فَأَثْنَوْا عَلَيَّ خَيْرًا وَأَخْبَرُوهُ بِاتِّبَاعِي إِيَّاهُمْ، وَلَمْ أَرَ مِثْلَ إِعْظَامِهِمْ إِيَّاهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ أَرْسَلَ مِنْ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَمَا لَقُوا وَمَا صُنِعَ بِهِمْ وَذَكَرَ مَوْلِدَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَنَّهُ وُلِدَ بِغَيْرِ ذَكَرٍ فَبَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولًا، وَأَحْيَا عَلَى يَدَيْهِ الْمَوْتَى، وَأَنَّهُ يَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ، فَيَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْإِنْجِيلَ وَعَلَّمَهُ التَّوْرَاةَ، وَبَعْثَهُ رَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَفَرَ بِهِ قَوْمٌ وَآمَنَ بِهِ قَوْمٌ، وَذَكَرَ بَعْضَ مَا لَقِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَأَنَّهُ كَانَ عَبْدَ اللَّهِ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَشَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ يَعِظُهُمْ، وَيَقُولُ: اتَّقُوا اللَّهَ وَالْزَمُوا مَا جَاءَ بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلَا تُخَالِفُوا فَيُخَالَفَ بِكُمْ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذَا شَيْئًا فَلْيَأْخُذْ. فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَقُومُ فَيَأْخُذُ الْجَرَّةَ مِنَ الْمَاءِ وَالطَّعَامَ فَقَامَ أَصْحَابِي الَّذِينَ جِئْتُ مَعَهُمْ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَعَظَّمُوهُ وَقَالَ لَهُمُ: الْزَمُوا هَذَا الدِّينَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَفَرَّقُوا وَاسْتَوْصُوا بِهَذَا الْغُلَامِ خَيْرًا، وَقَالَ لِي: يَا غُلَامُ هَذَا دِينُ اللَّهِ الَّذِي تَسْمَعُنِي أَقُولُهُ وَمَا سِوَاهُ الْكُفْرُ. قَالَ: قُلْتُ: مَا أَنَا بِمُفَارِقِكَ. قَالَ: إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَكُونَ مَعِي إِنِّي لَا أَخْرُجُ مِنْ كَهْفِي هَذَا إِلَّا كُلَّ يَوْمِ أَحَدٍ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى الْكَيْنُونَةِ مَعِي. قَالَ: وَأَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالُوا: يَا غُلَامُ، إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِمُفَارِقِكَ. قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا فُلَانُ، إِنَّ هَذَا غُلَامٌ وَيُخَافُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: أَنْتَ أَعْلَمُ، قُلْتُ: فَإِنِّي لَا أُفَارِقُكَ، فَبَكَى أَصْحَابِي الْأَوَّلُونَ الَّذِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ عِنْدَ فُرَاقِهِمْ إِيَّايَ، فَقَالَ: يَا غُلَامُ، خُذْ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ مَا تَرَى أَنَّهُ يَكْفِيكَ إِلَى الْأَحَدِ الْآخَرِ، وَخُذْ مِنَ الْمَاءِ مَا تَكْتَفِي بِهِ، فَفَعَلْتُ فَمَا رَأَيْتُهُ نَائِمًا وَلَا طَاعِمًا إِلَّا رَاكِعًا وَسَاجِدًا إِلَى الْأَحَدِ الْآخَرِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ لِي: خُذْ جَرَّتَكَ هَذِهِ وَانْطَلِقْ. فَخَرَجْتُ مَعَهُ أَتْبَعُهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ، وَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا مِنْ تِلْكَ الْجِبَالِ يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَهُ فَقَعَدُوا وَعَادَ فِي حَدِيثِهِ نَحْوَ الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَقَالَ: الْزَمُوا هَذَا الدِّينَ وَلَا تَفَرَّقُوا، وَاذْكُرُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ عَبْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَنِي فَقَالُوا لَهُ: يَا فُلَانُ كَيْفَ وَجَدْتَ هَذَا الْغُلَامَ؟ فَأَثْنَى عَلَيَّ، وَقَالَ خَيْرًا: فَحَمِدُوا اللَّهَ تَعَالَى، وَإِذَا خُبْزٌ كَثِيرٌ، وَمَاءٌ كَثِيرٌ فَأَخَذُوا وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْخُذُ مَا يَكْتَفِي بِهِ، وَفَعَلْتُ فَتَفَرَّقُوا فِي تِلْكَ الْجِبَالِ وَرَجَعَ إِلَى كَهْفِهِ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ يَخْرُجُ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَحَدٍ، وَيَخْرُجُونَ مَعَهُ وَيَحُفُّونَ بِهِ وَيُوصِيهِمْ بِمَا كَانَ يُوصِيهِمْ بِهِ، فَخَرَجَ فِي أَحَدٍ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَوَعَظَهُمْ وَقَالَ مِثْلَ مَا كَانَ يَقُولُ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ آخِرَ ذَلِكَ: يَا هَؤُلَاءِ إِنَّهُ قَدْ كَبِرَ سِنِّي وَرَقَّ عَظْمِي وَقَرُبَ أَجَلِي، وَإِنَّهُ لَا عَهْدَ لِي بِهَذَا الْبَيْتِ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، وَلَا بُدَّ مِنْ إِتْيَانِهِ فَاسْتَوْصُوا بِهَذَا الْغُلَامِ خَيْرًا، فَإِنِّي رَأَيْتُهُ لَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ: فَجَزِعَ الْقَوْمُ فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ جَزَعِهِمْ، وَقَالُوا: يَا فُلَانُ، أَنْتَ كَبِيرٌ فَأَنْتَ وَحْدَكَ، وَلَا نَأْمَنُ مِنْ أَنْ يُصِيبَكَ شَيْءٌ يُسَاعِدُكَ أَحْوَجَ مَا كُنَّا إِلَيْكَ. قَالَ: لَا تُرَاجِعُونِي، لَا بُدَّ مِنِ اتِّبَاعِهِ، وَلَكِنِ اسْتَوْصُوا بِهَذَا الْغُلَامِ خَيْرًا وَافْعَلُوا وَافْعَلُوا. قَالَ: فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِمُفَارِقِكَ قَالَ: يَا سَلْمَانُ قَدْ رَأَيْتَ حَالِي وَمَا كُنْتُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ أَنَا أَمْشِي أَصُومُ النَّهَارَ وَأَقُومُ اللَّيْلَ، وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَحْمِلَ مَعِي زَادًا وَلَا غَيْرَهُ وَأَنْتَ لَا تَقْدِرُ عَلَى هَذَا، قُلْتُ: مَا أَنَا بِمُفَارِقِكَ قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ قَالَ: فَقَالُوا: يَا فُلَانُ، فَإِنَّا نَخَافُ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ. قَالَ: فَهُوَ أَعْلَمُ قَدْ أَعْلَمْتُهُ الْحَالَ وَقَدْ رَأَى مَا كَانَ قَبْلَ هَذَا. قُلْتُ: لَا أُفَارِقُكَ. قَالَ: فَبَكَوْا وَوَدَّعُوهُ، وَقَالَ لَهُمُ: اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا عَلَى مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ، فَإِنْ أَعِشْ فَعَلَيَّ أَرْجِعُ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ مِتُّ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ، وَقَالَ لِي: احْمِلُ مَعَكَ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ شَيْئًا تَأْكُلُهُ فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ يَمْشِي وَاتَّبَعْتُهُ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا يَلْتَفِتُ وَلَا يَقِفُ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى إِذَا أَمْسَيْنَا قَالَ: يَا سَلْمَانُ، صَلِّ أَنْتَ وَنَمْ وَكُلْ وَاشْرَبْ. ثُمَّ قَامَ وَهُوَ يُصَلِّي حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَكَانَ لَا يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى أَتَيْنَا إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَإِذَا عَلَى الْبَابِ مُقْعَدٌ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، قَدْ تَرَى حَالِي فَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِشَيْءٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَدَخَلْتُ مَعَهُ فَجَعَلَ يَتْبَعُ أَمْكِنَةً مِنَ الْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهَا، فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ إِنِّي لَمْ أَنَمْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ أَجِدْ طَعْمَ النَّوْمِ، فَإِنْ فَعَلْتَ أَنْ تُوقِظَنِي إِذَا بَلَغَ الظِّلُّ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا نِمْتُ، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَنَامَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ وَإِلَّا لَمْ أَنَمْ. قَالَ: قُلْتُ فَإِنِّي أَفْعَلُ. قَالَ: فَإِذَا بَلَغَ الظِّلُّ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَأَيْقِظْنِي إِذَا غَلَبَتْنِي عَيْنِي. فَنَامَ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا لَمْ يَنَمْ مُذْ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ ذَلِكَ لَأَدَعَنَّهُ يَنَامُ حَتَّى يَشْتَفِيَ مِنَ النَّوْمِ قَالَ: وَكَانَ فِيمَا يَمْشِي وَأَنَا مَعَهُ يُقْبِلُ عَلَيَّ فَيَعِظُنِي وَيُخْبِرُنِي أَنَّ لِي رَبًّا وَأَنَّ بَيْنَ يَدَيَّ جَنَّةً وَنَارًا وَحِسَابًا، وَيُعَلِّمُنِي وَيُذَكِّرُنِي نَحْوَ مَا يَذْكُرُ الْقَوْمُ يَوْمَ الْأَحَدِ حَتَّى قَالَ فِيمَا يَقُولُ: يَا سَلْمَانُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَوْفَ يَبْعَثُ رَسُولًا اسْمُهُ أَحْمَدُ يَخْرُجُ بِتُهْمَةَ- وَكَانَ رَجُلًا عْجَمِيًّا لَا يُحْسِنُ الْقَوْلَ- عَلَامَتُهُ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمٌ، وَهَذَا زَمَانُهُ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ قَدْ تَقَارَبَ فَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ وَلَا أَحْسَبُنِي أُدْرِكُهُ، فَإِنْ أَدْرَكْتَهُ أَنْتَ فَصَدِّقْهُ وَاتَّبِعْهُ. قَالَ: قُلْتُ وَإِنْ أَمَرَنِي بِتَرْكِ دِينِكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: اتْرُكْهُ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ وَرِضَا الرَّحْمَنُ فِيمَا قَالَ، فَلَمْ يَمْضِ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى اسْتَيْقَظَ فَزِعًا يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى، فَقَالَ لِي: يَا سَلْمَانُ، مَضَى الْفَيْءُ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ وَلَمْ أَذْكُرْ أَيْنَ مَا كُنْتَ جَعَلْتَ عَلَى نَفْسِكَ؟ قَالَ: أَخْبَرْتَنِي أَنَّكَ لَمْ تَنَمْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ ذَلِكَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ تَشْتَفِيَ مِنَ النَّوْمِ، فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَقَامَ فَخَرَجَ وَتَبِعْتُهُ فَمَرَّ بِالْمُقْعَدِ، فَقَالَ الْمُقْعَدُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ دَخَلْتَ فَسَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي وَخَرَجْتَ فَسَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي. فَقَامَ يَنْظُرُ هَلْ يَرَى أَحَدًا فَلَمْ يَرَهُ فَدَنَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ: نَاوِلْنِي يَدَكَ فَنَاوَلَهُ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ. فَقَامَ كَأَنَّهُ أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ صَحِيحًا لَا عَيْبَ بِهِ فَخَلَا عَنْ بُعْدِهِ، فَانْطَلَقَ ذَاهِبًا فَكَانَ لَا يَلْوِي عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي الْمُقْعَدُ: يَا غُلَامُ احْمِلْ عَلَيَّ ثِيَابِي حَتَّى أَنْطَلِقَ فَأَسِيرَ إِلَى أَهْلِي فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ وَانْطَلَقَ لَا يَلْوِي عَلَيَّ، فَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ أَطْلُبُهُ، فَكُلَّمَا سَأَلْتُ عَنْهُ قَالُوا: أَمَامَكَ حَتَّى لَقِيَنِي رَكْبٌ مِنْ كَلْبٍ، فَسَأَلْتُهُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا الْفَتَى أَنَاخَ رَجُلٌ مِنْهُمْ لِي بَعِيرَهُ فَحَمَلَنِي خَلْفَهُ حَتَّى أَتَوْا بِلَادَهُمْ، فَبَاعُونِي فَاشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَجَعَلَتْنِي فِي حَائِطٍ بِهَا وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَأُخْبِرْتُ بِهِ فَأَخَذْتُ شَيْئًا مِنْ تَمْرِ حَائِطِي فَجَعَلْتُهُ عَلَى شَيْءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ نَاسًا، وَإِذَا أَبُو بَكْرٍ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: مَا هَذَا؟ قُلْتُ: صَدَقَةٌ. قَالَ لِلْقَوْمِ: " كُلُوا "، وَلَمْ يَأْكُلْ، ثُمَّ لَبِثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَجَعَلْتُ عَلَى شَيْءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ نَاسًا، وَإِذَا أَبُو بَكْرٍ أَقْرَبُ الْقَوْمِ مِنْهُ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: " مَا هَذَا؟ " قُلْتُ: هَدِيَّةٌ. قَالَ: " بِسْمِ اللَّهِ "، وَأَكَلَ وَأَكَلَ الْقَوْمُ قُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ مِنْ آيَاتِهِ كَانَ صَاحِبِي رَجُلًا أَعْجَمِيًّا لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَقُولَ: تِهَامَةُ، فَقَالَ: تُهْمَةُ وَقَالَ: اسْمُهُ أَحْمَدُ. فَدُرْتُ خَلْفَهُ فَفَطِنَ بِي فَأَرْخَى ثَوْبًا، فَإِذَا الْخَاتَمُ فِي نَاحِيَةِ كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ فَتَبَيَّنْتُهُ، ثُمَّ دُرْتُ حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: " مَنْ أَنْتَ؟ " قُلْتُ: مَمْلُوكٌ. قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثِي وَحَدِيثَ الرَّجُلِ الَّذِي كُنْتُ مَعَهُ وَمَا أَمَرَنِي بِهِ. قَالَ: لِمَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ جَعَلَتْنِي فِي حَائِطٍ لَهَا. قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ. قَالَ: لَبَّيْكَ. قَالَ: " اشْتَرِهِ " فَاشْتَرَانِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَعْتَقَنِي فَلَبِثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَلْبَثَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي دِينِ النَّصَارَى؟ قَالَ: " لَا خَيْرَ فِيهِمْ وَلَا فِي دِينِهِمْ "، فَدَخَلَنِي أَمْرٌ عَظِيمٌ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا الَّذِي كُنْتُ مَعَهُ وَرَأَيْتُ مَا رَأَيْتُهُ. ثُمَّ رَأَيْتُهُ أَخَذَ بِيَدِ الْمُقْعَدِ فَأَقَامَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَقَالَ: " لَا خَيْرَ فِي هَؤُلَاءِ، وَلَا فِي دِينِهِمْ "، فَانْصَرَفْتُ وَفِي نَفْسِي مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " عَلَيَّ بِسَلْمَانَ "، فَأَتَى الرَّسُولُ وَأَنَا خَائِفٌ فَجِئْتُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَرَأَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرحِيمِ: (ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ " يَا سَلْمَانُ إِنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ كُنْتَ مَعَهُمْ وَصَاحِبَكَ لَمْ يَكُونُوا نَصَارَى، إِنَّمَا كَانُوا مُسْلِمِينَ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَهُوَ الَّذِي أَمَرَنِي بِاتِّبَاعِكَ، فَقُلْتُ لَهُ: وَإِنْ أَمَرَنِي بِتَرْكِ دِينِكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَاتْرُكْهُ، فَإِنَّ الْحَقَّ وَمَا يَجِبُ فِيمَا يَأْمُرُكَ بِهِ. قَالَ الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَالٍ فِي ذِكْرِ إِسْلَامِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، عَنْ سَلْمَانَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ بِغَيْرِ هَذِهِ السِّيَاقَةِ، فَلَمْ أَجِدْ مِنْ إِخْرَاجِهِ بُدًّا لِمَا فِي الرِّوَايَتَيْنِ مِنَ الْخِلَافِ فِي الْمَتْنِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ. ![]() 6603- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ الْعَدْلُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْجَلَّابُ، قَالَا: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكَتَّبِ، حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ، حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ جَيٍّ وَكَانَ أَهْلُ قَرْيَتِي يَعْبُدُونَ الْخَيْلَ الْبُلْقَ، فَكُنْتُ أَعْرِفُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ، فَقِيلَ لِي: إِنَّ الدِّينَ الَّذِي تَطْلُبُ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَغْرِبِ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَوْصِلَ، فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْضَلِ مَنْ فِيهَا فَدُلِلْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي صَوْمَعَةٍ فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ جَيٍّ وَجِئْتُ أَنْ أَطْلُبَ الْعَمَلَ، وَأَتَعَلَّمَ الْعِلْمَ فَضُمَّنِي إِلَيْكَ أَخْدُمْكَ، وَأَصْحَبْكَ وَتُعَلِّمْنِي شَيْئًا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ. قَالَ: نَعَمْ، فَصَحِبْتُهُ فَأَجْرَى عَلَيَّ مِثْلَ مَا كَانَ يُجْرَى عَلَيْهِ، وَكَانَ يُجْرَى عَلَيْهِ الْخَلُّ وَالزَّيْتُ وَالْحُبُوبُ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ أَبْكِيهِ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقُلْتُ: أَبْكِي أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بِلَادِي أَطْلُبُ الْخَيْرَ فَرَزَقَنِي اللَّهُ صُحْبَتَكَ، فَعَلَّمْتَنِي، وَأَحْسَنْتَ صُحْبَتِي، فَنَزَلَ بِكَ الْمَوْتُ، فَلَا أَدْرِي أَيْنَ أَذْهَبُ؟ فَقَالَ: لِي أَخٌ بِالْجَزِيرَةِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ عَلَى الْحَقِّ، فَأْتِهِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنِّي أَوْصَيْتُ إِلَيْهِ وَأَوْصَيْتُكَ بِصُحْبَتِهِ، فَلَمَّا أَنْ قُبِضَ الرَّجُلُ خَرَجْتُ فَأَتَيْتُ الرَّجُلَ الَّذِي وَصَفَهُ لِي فَأَخْبَرْتُهُ بِالْخَبَرِ، وَأَقْرَأْتُهُ السَّلَامَ مِنْ صَاحِبِهِ وَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ هَلَكَ وَأَمَرَنِي بِصُحْبَتِهِ، فَضَمَّنِي إِلَيْهِ وَأَجْرَى عَلَيَّ كَمَا كَانَ يَجْرِي عَلَيَّ مَعَ الْآخَرِ فَصَحِبْتُهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ جَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ أَبْكِي، فَقَالَ لِي: مَا يُبْكِيكَ؟ قُلْتُ: خَرَجْتُ مِنْ بِلَادِي أَطْلُبُ الْخَيْرَ فَرَزَقَنِي اللَّهُ صُحْبَةَ فُلَانٍ، فَأَحْسَنَ صُحْبَتِي وَعَلَّمَنِي وَأَوْصَانِي عِنْدَ مَوْتِهِ بِكَ، وَقَدْ نَزَلَ بِكَ الْمَوْتُ فَلَا أَدْرِي أَيْنَ أَتَوَجَّهُ، فَقَالَ: تَأْتِي أَخًا لِي عَلَى دَرْبِ الرُّومِ فَهُوَ عَلَى الْحَقِّ، فَأْتِهِ وَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَاصْحَبْهُ فَإِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، فَلَمَّا قُبِضَ الرَّجُلُ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي وَتَوْصِيَةِ الْآخَرِ قَبْلَهُ قَالَ: فَضَمَّنِي إِلَيْهِ وَأَجْرَى عَلَيَّ كَمَا كَانَ يَجْرِي عَلَيَّ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ جَلَسْتُ أَبْكِي عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لِي: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَصَصْتُ قِصَّتِي قُلْتُ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَزَقَنِي صُحْبَتَكَ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتِي وَقَدْ نَزَلَ بِكَ الْمَوْتُ وَلَا أَدْرِي أَيْنَ أَتَوَجَّهُ، فَقَالَ: لَا دِينَ وَمَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُهُ عَلَى دِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْأَرْضِ، وَلَكِنْ هَذَا أَوَانٌ يَخْرُجُ فِيهِ نَبِيٌّ أَوْ قَدْ خَرَجَ بِتِهَامَةَ وَأَنْتَ عَلَى الطَّرِيقِ لَا يَمُرُّ بِكَ أَحَدُ إِلَّا سَأَلْتَهُ عَنْهُ، فَإِذَا بَلَغَكَ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ، فَإِنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمَا، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ، وَأَنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ. قَالَ: فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِي أَحَدٌ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَمَرَّ بِي نَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَسَأَلْتُهُمْ فَقَالُوا: نَعَمْ، ظَهَرَ فِينَا رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا لِبَعْضِكُمْ عَلَى أَنْ تَحْمِلُونِي عَقِبَهُ وَتُطْعِمُونِي مِنَ الْكِسَرِ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ إِلَى بِلَادِكُمْ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَبِيعَ بَاعَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَسْتَعْبِدَ اسْتَعْبَدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَنَا. فَصِرْتُ عَبْدًا لَهُ حَتَّى أَتَى بِي مَكَّةَ، فَجَعَلَنِي فِي بُسْتَانٍ لَهُ مَعَ حُبْشَانٍ كَانُوا فِيهِ، فَخَرَجْتُ فَسَأَلْتُ فَلَقِيتُ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ بِلَادِي فَسَأَلْتُهَا، فَإِذَا أَهْلُ بَيْتِهَا قَدْ أَسْلَمُوا، قَالَتْ لِي: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ فِي الْحِجْرِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا صَاحَ عُصْفُورٌ بِمَكَّةَ حَتَّى إِذَا أَضَاءَ لَهُمُ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا، فَانْطَلَقْتُ إِلَى الْبُسْتَانِ فَكُنْتُ أَخْتَلِفُ، فَقَالَ لِي الْحُبْشَانُ: مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: أَشْتَكِي بَطْنِي، وَإِنَّمَا صَنَعْتُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَفْقِدُونِي إِذَا ذَهَبْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي أَخْبَرَتْنِي الْمَرْأَةُ يَجْلِسُ فِيهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ خَرَجْتُ أَمْشِي حَتَّى رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَجْلِسُ، وَإِذَا أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ فَأَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أُرِيدُ، فَأَرْسَلَ حَبْوَتَهُ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ هَذِهِ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَلَمَّا أَنْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الْمُقْبِلَةُ لَقَطْتُ تَمْرًا جَيِّدًا، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: " مَا هَذَا؟ " فَقُلْتُ: صَدَقَةٌ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: " كُلُوا " وَلَمْ يَأْكُلْ، ثُمَّ لَبِثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَخَذْتُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: " مَا هَذَا؟ " فَقُلْتُ: هَدِيَّةٌ فَأَكَلَ مِنْهَا، وَقَالَ لِلْقَوْمِ: " كُلُوا "، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرِي وَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: " اذْهَبْ فَاشْتَرِ نَفْسَكَ "، فَانْطَلَقْتُ إِلَى صَاحِبِي، فَقُلْتُ: بِعْنِي نَفْسِي، فَقَالَ: نَعَمْ، عَلَى أَنْ تُنْبِتَ لِي بِمِائَةِ نَخْلَةٍ، فَمَا غَادَرْتُ مِنْهَا نَخْلَةً إِلَّا نَبَتَتْ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ النَّخْلَ قَدْ نَبَتَتْ فَأَعْطَانِي قِطْعَةً مِنْ ذَهَبٍ، فَانْطَلَقْتُ بِهَا فَوَضَعْتُهَا فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ وَوَضَعْتُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ نَوَاةً قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا اسْتَقَلَّتْ قِطْعَةُ الذَّهَبِ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ: وَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ " فَأَعْتَقَنِي. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَالْمَعَانِي قَرِيبَةٌ مِنَ الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ. 6604- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، وَعَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ، قَالَا: ثَنَا أَبُو الْمُثَنَّى الْعَنْبَرِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدَائِنِيِّ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ سَلْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ "، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَطْوَلُ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَكْثَرُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ. 6605- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ الْحَافِظُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْمُؤَدِّبُ، ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ، ثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ: بَرَكَةُ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ. ![]() 6606- أَخْبَرَنِي دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ، بِبَغْدَادَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا أَرَادَ هَدْيَ زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: مَا مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ عَرَفْتُهَا فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ إِلَّا شَيْئَيْنِ لَمْ أَخْبُرْهُمَا مِنْهُ: هَلْ يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلَا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمًا، فَكُنْتُ أَلْطُفُ بِهِ لِأَنْ أُخَالِطَهُ فَأَعْرِفَ حِلْمَهُ مِنْ جَهْلِهِ قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مِنَ الْحُجُرَاتِ، وَمَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ كَالْبَدَوِيِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بُصْرَى قَرْيَةَ بَنِي فُلَانٍ قَدْ أَسْلَمُوا وَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَكُنْتُ حَدَّثْتُهُمْ إِنْ أَسْلَمُوا آتَاهُمُ الرِّزْقُ رَغَدًا، وَقَدْ أَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ وَشِدَّةٌ وَقُحُوطٌ مِنَ الْغَيْثِ، فَأَنَا أَخْشَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الْإِسْلَامِ طَمَعًا كَمَا دَخَلُوا فِيهِ طَمَعًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيْهِمْ بِشَيْءٍ تُعِينُهُمْ بِهِ فَعَلْتَ، فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ إِلَى جَانِبِهِ أُرَاهُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ. قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: فَدَنَوْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ هَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنِي تَمْرًا مَعْلُومًا مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: " لَا يَا يَهُودِيُّ، وَلَكِنْ أَبِيعُكَ تَمْرًا مَعْلُومًا إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، وَلَا أُسَمِّي حَائِطَ بَنِي فُلَانٍ " فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَبَايَعَنِي فَأَطْلَقْتُ هِمْيَانِي فَأَعْطَيْتُهُ ثَمَانِينَ مِثْقَالًا مِنْ ذَهَبٍ فِي تَمْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا فَأَعْطَاهَا الرَّجُلَ، فَقَالَ: اعْدِلْ عَلَيْهِمْ وَأَعِنْهُمْ بِهَا، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَتَيْتُهُ فَأَخَذْتُ بِمَجَامِعِ قَمِيصِهِ وَرِدَائِهِ، وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ غَلِيظٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَلَا تَقْضِينِي يَا مُحَمَّدُ حَقِّي فَوَاللَّهِ مَا عُلِمْتُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَيِّئِ الْقَضَاءِ مُطْلٌ، وَلَقَدْ كَانَ لِي بِمُخَالَطَتِكُمْ عِلْمٌ. وَنَظَرْتُ إِلَى عُمَرَ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَدُورَانِ فِي وَجْهِهِ كَالْفَلَكِ الْمُسْتَدِيرِ، ثُمَّ رَمَانِي بِبَصَرِهِ، فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَتَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَا أَسْمَعُ وَتَصْنَعُ بِهِ مَا أَرَى، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَوْلَا مَا أُحَاذِرُ قُوَّتَهُ لَضَرَبْتُ بِسَيْفِي رَأْسَكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَى عُمَرَ فِي سُكُونٍ وَتُؤَدَةٍ وَتَبَسَّمَ، ثُمَّ قَالَ: " يَا عُمَرُ أَنَا وَهُوَ كُنَّا أَحْوَجَ إِلَى غَيْرِ هَذَا أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الْأَدَاءِ، وَتَأْمُرَهُ بِحُسْنِ التِّبَاعَةِ، اذْهَبْ بِهِ يَا عُمَرُ فَاعْطِهِ حَقَّهُ، وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ " فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ يَا عُمَرُ؟ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَزِيدَكَ مَكَانَ مَا نَقِمْتُكَ، قُلْتُ: أَتَعْرِفُنِي يَا عُمَرُ؟ قَالَ: لَا، مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ. قَالَ: الْحَبْرُ؟ قُلْتُ: الْحَبْرُ. قَالَ: فَمَا دَعَاكَ أَنْ فَعَلْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلْتَ، وَقُلْتَ لَهُ مَا قُلْتَ؟ قُلْتُ لَهُ: يَا عُمَرُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ عَرَفْتُهُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ إِلَّا اثْنَيْنِ لَمْ أَخْبُرْهُمَا مِنْهُ: هَلْ يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلَا تَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمًا؟ فَقَدِ اخْتَبَرْتُهُمَا فَأُشْهِدُكَ يَا عُمَرُ أَنِّي قَدْ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ شَطْرَ مَالِي- فَإِنِّي أَكْثَرُهُمْ مَالًا- صَدَقَةٌ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَإِنَّكَ لَا تَسَعُهُمْ. قُلْتُ: أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَرَجَعَ زَيْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ زَيْدٌ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَبَايَعَهُ، وَشَهِدَ مَعَهُ مَشَاهِدَ كَثِيرَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ زَيْدٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ وَرَحِمَ اللَّهُ زَيْدًا. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَهُوَ مِنْ غُرَرِ الْحَدِيثِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ ثِقَةٌ. |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
كاتب الموضوع | حسن الخليفه احمد | مشاركات | 438 | المشاهدات | 77460 |
![]() ![]() ![]() | انشر الموضوع |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|