*3*
باب مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ
الشرح:
قوله: (باب من كان في حاجة أهله) كأنه أشار بهذه الترجمة إلى أنه لا يلحق بحكم الطعام كل أمر يكون للنفس تشوف إليه، إذ لو كان كذلك لم يبق للصلاة وقت في الغالب.
وأيضا فوضع الطعام بين يدي الآكل فيه زيادة تشوف، وكلما تأخر تناوله ازداد، بخلاف باقي الأمور.
ومحل النص إذا اشتمل على وصف اعتباره يتعين عدم إلغائه.
الحديث:
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ قَالَتْ كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ
الشرح:
قوله: (في مهنة أهله) بفتح الميم وكسرها وسكون الهاء فيهما، وقد فسرها في الحديث بالخدمة، وهي من تفسير آدم بن أبي إياس شيخ المصنف لأنه أخرجه في الأدب عن حفص بن عمر، وفي النفقات عن محمد بن عرعرة، وأخرجه أحمد عن يحيى القطان وغندر والإسماعيلي من طريق ابن مهدي، ورواه أبو داود الطيالسي كلهم عن شعبة بدونها.
وفي الصحاح المهنة بالفتح الخدمة، وهذا موافق لما قاله، لكن فسرها صاحب المحكم بأخص من ذلك فقال: المهنة الحذق بالخدمة والعمل.
ووقع في رواية المستملي وحده " في مهنة بيت أهله " وهي موجهة مع شذوذها، والمراد بالأهل نفسه أو ما هو أعم من ذلك.
وقد وقع مفسرا في الشمائل للترمذي من طريق عمرة عن عائشة بلفظ " ما كان إلا بشرا من البشر: يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه " ولأحمد وابن حبان من رواية عروة عنها " يخيط ثوبه، ويخصف نعله " وزاد ابن حبان " ويرقع دلوه " زاد الحاكم في الإكليل " ولا رأيته ضرب بيده امرأة ولا خادما".
قوله: (فإذا حضرت الصلاة) في رواية ابن عرعرة " فإذا سمع الأذان " وهو أخص.
ووقع في الترجمة " فأقيمت الصلاة " وهي أخص، وكأنه أخذه من حديثها المتقدم في " باب من انتظر الإقامة " فإن فيه " حتى يأتيه المؤذن للإقامة".
واستدل بحديث الباب على أنه لا يكره التشمير في الصلاة، وأن النهي عن كف الشعر والثياب للتنزيه، لكونها لم تذكر أنه أزاح عن نفسه هيئة المهنة، كذا ذكره ابن بطال ومن تبعه، وفيه نظر لأنه يحتاج إلى ثبوت أنه كان له هيئتان، ثم لا يلزم من ترك ذكر التهيئة للصلاة عدم وقوعه.
وفيه الترغيب في التواضع وترك التكبر وخدمة الرجل أهله وترجم عليه المؤلف في الأدب " كيف يكون الرجل في أهله".
*3*
باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّتَهُ
الشرح:
قوله: (باب من صلى بالناس الخ) والحديث مطابق للترجمة، وكأنه لم يجزم فيها بالحكم لما سنبينه.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا فَقَالَ إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ أُصَلِّي كَيْفَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَقُلْتُ لِأَبِي قِلَابَةَ كَيْفَ كَانَ يُصَلِّي قَالَ مِثْلَ شَيْخِنَا هَذَا قَالَ وَكَانَ شَيْخًا يَجْلِسُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى
الشرح:
قوله: (حدثنا وهيب) هو ابن خالد، والإسناد كله بصريون.
قوله: (إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة) استشكل نفي هذه الإرادة لما يلزم عليها من وجود صلاة غير قربة ومثلها لا يصح، وأجيب بأنه لم يرد نفي القربة وإنما أراد بيان السبب الباعث له على الصلاة في غير وقت صلاة معينة جماعة، وكأنه قال ليس الباعث لي على هذا الفعل حضور صلاة معينة من أداء أو إعادة أو غير ذلك، وإنما الباعث لي عليه قصد التعليم، وكأنه كان تعين عليه حينئذ لأنه أحد من خوطب بقوله " صلوا كما رأيتموني أصلي " كما سيأتي، ورأى أن التعليم بالفعل أوضح من القول، ففيه دليل على جواز مثل ذلك وأنه ليس من باب التشريك في العبادة.
قوله: (أصلي) زاد في " باب كيف يعتمد على الأرض " عن معلى عن وهيب " ولكني أريد أن أريكم".
قوله: (مثل شيخنا) هو عمرو بن سلمة كما سيأتي في " باب اللبث بين السجدتين " وسياقه هناك أتم، ونذكر فوائده هناك إن شاء الله تعالى.
(تنبيه) : أخرج صاحب العمدة هذا الحديث، وليس هو عند مسلم من حديث مالك بن الحويرث.