عرض مشاركة واحدة
قديم 03-30-2013, 03:01 PM   #245
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


قال‏:‏ وإذا تقرر أن معنى ‏"‏ كاد ‏"‏ المقاربة فقول عمر ‏"‏ ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب ‏"‏ معناه أنه صلى العصر قرب غروب الشمس، لأن نفي الصلاة يقتضي إثباتها، وإثبات الغروب يقتضي نفيه، فتحصل من ذلك لعمر ثبوت الصلاة ولم يثبت الغروب ا ه‏.‏
وقال الكرماني‏:‏ لا يلزم من هذا السياق وقوع الصلاة في وقت العصر، بل يلزم منه أن لا تقع الصلاة لأنه يقتضي أن كيدودته كانت كيدودتها، قال‏:‏ وحاصله عرفا ما صليت حتى غربت الشمس ا ه‏.‏
ولا يخفى ما بين التقريرين من الفرق، وما ادعاه من العرف ممنوع وكذا العندية، للفرق الذي أوضحه اليعمري من الإثبات والنفي لأن كاد إذا أثبتت نفت وإذا نفت أثبتت كما قال فيها المعري ملغزا‏:‏ إذا نفيت والله أعلم أثبتت وإن أثبتت قامت مقام جحود هذا إلى ما في تعبيره بلفظ كيدودة من الثقل والله الهادي إلى الصواب‏.‏
فإن قيل‏:‏ الظاهر أن عمر كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فكيف اختص بأن أدرك صلاة العصر قبل غروب الشمس بخلاف بقية الصحابة، والنبي صلى الله عليه وسلم معهم‏؟‏ فالجواب أنه يحتمل أن يكون الشغل وقع بالمشركين إلى قرب غروب الشمس، وكان عمر حينئذ متوضئا فبادر فأوقع الصلاة، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعلمه بذلك في الحال التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها قد شرع يتهيأ للصلاة، ولهذا قام عند الإخبار هو وأصحابه إلى الوضوء‏.‏
وقد اختلف في سبب تأخير النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة ذلك اليوم، فقيل كان ذلك نسيانا، واستبعد أن يقع ذلك من الجميع‏.‏
ويمكن أن يستدل له بما رواه أحمد من حديث أبي جمعة ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب يوم الأحزاب، فلما سلم قال‏:‏ هل علم رجل منكم أني صليت العصر‏؟‏ قالوا‏:‏ لا يا رسول الله، فصلى العصر ثم صلى المغرب ‏"‏ ا ه‏.‏
وفي صحة هذا الحديث نظر، لأنه مخالف لما في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم لعمر ‏"‏ والله ما صليتها ‏"‏ ويمكن الجمع بينهما بتكلف‏.‏
وقيل كان عمدا لكونهم شغلوه فلم يمكنوه من ذلك، وهو أقرب، لا سيما وقد وقع عند أحمد والنسائي من حديث أبي سعيد أن ذلك كان قبل أن ينزل الله في صلاة الخوف ‏(‏فرجالا أو ركبانا‏)‏ وقد اختلف في هذا الحكم هل نسخ أم لا كما سيأتي في كتاب صلاة الخوف إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بطحان‏)‏ بضم أوله وسكون ثانيه‏:‏ واد بالمدينة، وقيل هو بفتح أوله وكسر ثانيه حكاه أبو عبيد البكري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فصلى العصر‏)‏ وقع في الموطأ من طريق أخرى أن الذي فاتهم الظهر والعصر، وفي حديث أبي سعيد الذي أشرنا إليه الظهر والعصر والمغرب، وأنهم صلوا بعد هوى من الليل وفي حديث ابن مسعود عند الترمذي والنسائي ‏"‏ أن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله ‏"‏ وفي قوله ‏"‏ أربع ‏"‏ تجوز لأن العشاء لم تكن فاتت‏.‏
قال اليعمري‏:‏ من الناس من رجح ما في الصحيحين، وصرح بذلك ابن العربي فقال‏:‏ إن الصحيح أن الصلاة التي شغل عنها واحدة وهي العصر‏.‏
قلت‏:‏ ويؤيده حديث علي في مسلم ‏"‏ شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ‏"‏ قال‏:‏ ومنهم من جمع بأن الخندق كانت وقعته أياما فكان ذلك في أوقات مختلفة في تلك الأيام، قال‏:‏ وهذا أولى‏.‏
قلت‏:‏ ويقربه أن روايتي أبي سعيد وابن مسعود ليس فيهما تعرض لقصة عمر، بل فيهما أن قضاءه للصلاة وقع بعد خروج وقت المغرب‏.‏
وأما رواية حديث الباب ففيها أن ذلك كان عقب غروب الشمس‏.‏
قال الكرماني‏:‏ فإن قلت كيف دل الحديث على الجماعة‏؟‏ قلت‏:‏ إما أنه يحتمل أن في السياق اختصارا، وإما من إجراء الراوي الفائتة التي هي العصر والحاضرة التي هي المغرب مجرى واحدا‏.‏
ولا شك أن المغرب كانت بالجماعة لما هو معلوم من عادته اه‏.‏
وبالاحتمال الأول جزم ابن المنير زين الدين فقال‏:‏ فإن قيل ليس فيه تصريح بأنه صلى في جماعة، أجيب بأن مقصود الترجمة مستفاد من قوله ‏"‏ فقام وقمنا وتوضأ وتوضأنا‏"‏‏.‏
قلت‏:‏ الاحتمال الأول هو الواقع في نفس الأمر، فقد وقع في رواية الإسماعيلي ما يقتضي أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم أخرجه من طريق يزيد بن زريع عن هشام بلفظ ‏"‏ فصلى بنا العصر‏"‏، وفي الحديث من الفوائد ترتيب الفوائت، والأكثر على وجوبه مع الذكر لا مع النسيان‏.‏
وقال الشافعي‏:‏ لا يجب الترتيب فيها، واختلفوا فيما تذكر فائتة في وقت حاضرة ضيق هل يبدأ بالفائتة - وإن خرج وقت الحاضرة - أو يبدأ بالحاضرة، أو يتخير‏؟‏ فقال بالأول مالك‏.‏
وقال بالثاني الشافعي وأصحاب الرأي وأكثر أصحاب الحديث‏.‏
وقال بالثالث أشهب‏.‏
وقال عياض‏:‏ محل الخلاف إذا لم تكثر الصلوات الفوائت، فأما إذا كثرت فلا خلاف أنه يبدأ بالحاضرة، واختلفوا في حد القليل، فقيل‏:‏ صلاة يوم، وقيل أربع صلوات‏.‏
وفيه جواز اليمين من غير استحلاف إذا اقتضت مصلحة من زيادة طمأنينة أو نفي توهم‏.‏
وفيه ما كان النبي صلى الله عليه وسلم عليه من مكارم الأخلاق وحسن التأني مع أصحابه وتألفهم وما ينبغي الاقتداء به في ذلك، وفيه استحباب قضاء الفوائت في الجماعة وبه قال أكثر أهل العلم إلا الليث مع أنه أجاز صلاة الجمعة جماعة إذا فاتت والإقامة للصلاة الفائتة، واستدل به على عدم مشروعية الأذان للفائتة، وأجاب من اعتبره بأن المغرب كانت حاضرة ولم يذكر الراوي الأذان لها، وقد عرف من عادته صلى الله عليه وسلم الأذان للحاضرة، فدل على أن الراوي ترك ذكر ذلك لا أنه لم يقع في نفس الأمر، وتعقب باحتمال أن تكون المغرب لم يتهيأ إيقاعها إلا بعد خروج وقتها على رأي من يذهب إلى القول بتضييقه‏.‏
وعكس ذلك بعضهم فاستدل بالحديث على أن وقت المغرب متسع، لأنه قدم العصر عليها فلو كان ضيقا لبدأ بالمغرب ولا سيما على قول الشافعي في قوله بتقدم الحاضرة وهو الذي قال بأن وقت المغرب ضيق فيحتاج إلى الجواب عن هذا الحديث، وهذا في حديث جابر، وأما حديث أبي سعيد فلا يتأتى فيه هذا لما تقدم أن فيه أنه صلى الله عليه وسلم صلى بعد مضي هوى من الليل‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس