*3*
باب الْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
الشرح:
قوله (باب المصلي يناجي ربه) تقدم الكلام على حديث هذا الباب في أبواب المساجد، ومناسبة هذه الترجمة لما قبلها من جهة أن الأحاديث السابقة دلت على مدح من أوقع الصلاة في وقتها وذم من أخرجها عن وقتها، ومناجاة الرب جل جلاله أرفع درجات العبد، فأشار المصنف بإيراد ذلك إلى الترغيب في المحافظة على الفرائض في أوقاتها لتحصيل هذه المنزلة السنية التي يخشى فواتها على من قصر في ذلك.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى يُنَاجِي رَبَّهُ فَلَا يَتْفِلَنَّ عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ لَا يَتْفِلُ قُدَّامَهُ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ وَقَالَ شُعْبَةُ لَا يَبْزُقُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ وَقَالَ حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبْزُقْ فِي الْقِبْلَةِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ
الشرح:
قوله (حدثنا هشام) هو ابن أبي عبد الله الدستوائي.
قوله (وقال سعيد) أي ابن أبي عروبة (عن قتادة) أي بالإسناد المذكور، وطريقه موصولة عند الإمام أحمد وابن حبان.
وقوله فيها " قدامه أو بين يديه " شك من الراوي.
قوله (وقال شعبة) أي عن قتادة بالإسناد أيضا، وطريقه موصولة عند المصنف فيما تقدم عن آدم عنه، وتقدم أيضا في " باب حك المخاط من المسجد " عن حفص بن عمر عن شعبة، وأراد بهذين التعليقين بيان اختلاف ألفاظ أصحاب قتادة عنه في رواية هذا الحديث، ورواية شعبة أتم الروايات، لكن ليس فيها المناجاة.
وقال الكرماني: ليس هذا التعليق موقوفا على قتادة ولا على شعبة، يعني بل هي مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: ويحتمل الدخول تحت الإسناد السابق بأن يكون معناه مثلا: حدثنا مسلم حدثنا هشام، وحدثنا مسلم قال: قال سعيد، وحدثنا مسلم قال: قال شعبة.
انتهى.
وهو احتمال ضعيف بالنسبة لشعبة، فإن مسلم بن إبراهيم سمع منه، وباطل بالنسبة لسعيد فإنه لا رواية له عنه، والذي ذكرته هو المعتمد.
وكذا طريق حميد وصلها المؤلف في أول أبواب المساجد من طريق إسماعيل بن جعفر عنه، لكن ليس فيها قوله " ولا عن يمينه".
الحديث:
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ وَلَا يَبْسُطْ ذِرَاعَيْهِ كَالْكَلْبِ وَإِذَا بَزَقَ فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ
الشرح:
قوله (اعتدلوا في السجود) يأتي الكلام عليه في أبواب صفة الصلاة.
قوله (فإنما يناجي) في رواية الكشميهني " فإنه يناجي ربه".
قال الكرماني ما حاصله: تقدم أن علة النهي عن البزاق عن اليمين بأن عن يمينه ملكا، وهنا علل بالمناجاة، ولا تنافي بينهما، لأن الحكم الواحد يجوز أن يكون له علتان سواء كانتا مجتمعتين أو منفردتين والمناجي تارة يكون قدام من يناجيه وهو الأكثر وتارة يكون عن يمينه.