عرض مشاركة واحدة
قديم 03-06-2013, 07:26 PM   #206
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


وهو متجه، لكن الرواية لا تساعده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فتفتن الناس‏)‏ بفتح المثناة من فتن، وضبطه ابن التين بالضم من أفتن، وذكر أن الأصمعي أنكره وأن أبا عبيدة أجازه فقال فتن وأفتن بمعنى، قال ابن بطال‏:‏ كان عمر فهم ذلك من رد الشارع الخميصة إلى أبي جهم من أجل الأعلام التي فيها وقال ‏"‏ إنها ألهتني عن صلاتي‏"‏‏.‏
قلت‏:‏ ويحتمل أن يكون عند عمر من ذلك علم خاص بهذه المسألة فقد روى ابن ماجه من طريق عمرو بن ميمون عن عمر مرفوعا ‏"‏ ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم ‏"‏ رجاله ثقات إلا شيخه جبارة بن المغلس فقيه مقال‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال أنس‏:‏ يتباهون بها‏)‏ بفتح الهاء أي يتفاخرون، وهذا التعليق رويناه موصولا في مسند أبي يعلى وصحيح ابن خزيمة من طريق أبي قلابة أن أنسا قال ‏"‏ سمعته يقول‏:‏ يأتي على أمتي زمان يتباهون بالمساجد ثم لا يعمرونها إلا قليلا ‏"‏ وأخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان مختصرا من طريق أخرى عن أبي قلابة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد ‏"‏ والطريق الأولى أليق بمراد البخاري‏.‏
وعند أبي نعيم في كتاب المساجد من الوجه الذي عند ابن خزيمة ‏"‏ يتباهون بكثرة المساجد‏"‏‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قوله ‏"‏ ثم لا يعمرونها ‏"‏ المراد به عمارتها بالصلاة وذكر الله، وليس المراد به بنيانها، بخلاف ما يأتي في ترجمة الباب الذي بعده‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس‏:‏ لتزخرفنها‏)‏ بفتح اللام وهي لام القسم وضم المثناة وفتح الزاي وسكون الخاء المعجمة وكسر الراء وضم الفاء وتشديد النون وهي نون التأكيد، والزخرفة الزينة، وأصل الزخرف الذهب ثم استعمل في كل ما يتزين به‏.‏
وهذا التعليق وصله أبو داود وابن حبان من طريق يزيد بن الأصم عن ابن عباس هكذا موقوفا، وقبله حديث مرفوع ولفظه ‏"‏ ما أمرت بتشييد المساجد ‏"‏ وظن الطيبي في شرح المشكاة أنهما حديث واحد فشرحه على أن اللام في ‏"‏ لتزخرفنها ‏"‏ مكسورة وهي لام التعليل للمنفي قبله، والمعنى‏:‏ ما أمرت بالتشييد ليجعل ذريعة إلى الزخرفة، قال‏:‏ والنون فيه لمجرد التأكيد، وفيه نوع توبيخ وتأنيب، ثم قال‏:‏ ويجوز فتح اللام على أنها جواب القسم‏.‏
قلت‏:‏ وهذا هو المعتمد، والأول لم تثبت به الرواية أصلا فلا يغتر به، وكلام ابن عباس فيه مفصول من كلام النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب المشهورة وغيرها، وإنما لم يذكر البخاري المرفوع منه للاختلاف على يزيد بن الأصم في وصله وإرساله، قال البغوي‏:‏ التشييد رفع البناء وتطويله، وإنما زخرفت اليهود والنصارى معابدها حين حرفوا كتبهم وبدلوها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يعقوب بن إبراهيم‏)‏ زاد الأصيلي ابن سعد‏.‏
ورواية صالح بن كيسان عن نافع من رواية الأقران لأنهما مدنيان ثقتان تابعيان من طبقة واحدة، وعبد الله ‏"‏ هو ابن عمر‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏باللبن‏)‏ بفتح اللام وكسر الموحدة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعمده‏)‏ بفتح أوله وثانيه ويجوز ضمهما، وكذا قوله ‏"‏ خشب‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وزاد فيه عمر وبناه على بنيانه‏)‏ أي بجنس الآلات المذكورة ولم يغير شيئا من هيئته إلا توسيعه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثم غيره عثمان‏)‏ ، أي من الوجهين‏:‏ التوسيع، وتغيير الآلات‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بالحجارة المنقوشة‏)‏ أي بدل اللبن، وللحموي والمستملي ‏"‏ بحجارة منقوشة‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والقصة‏)‏ بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة وهي الجص بلغة أهل الحجاز‏.‏
وقال الخطابي‏:‏ تشبه الجص وليست به‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وسقفه‏)‏ بلفظ الماضي عطفا على جعل، وبإسكان القاف على عمده، والساج نوع من الخشب معروف يؤتى به من الهند‏.‏
وقال ابن بطال وغيره‏:‏ هذا يدل على أن السنة في بنيان المسجد القصد وترك الغلو في تحسينه، فقد كان عمر مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه، وإنما احتاج إلى تجديده لأن جريد النخل كان قد نخر في أيامه، ثم كان عثمان والمال في زمانه أكثر فحسنه بما لا يقتضي الزخرفة، ومع ذلك فقد أنكر بعض الصحابة عليه كما سيأتي بعد قليل‏.‏
وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك بن مروان، وذلك في أواخر عصر الصحابة، وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفا من الفتنة، ورخص في ذلك بعضهم - وهو قول أبي حنيفة - إذا وقع على سبيل التعظيم للمساجد، ولم يقع الصرف على ذلك من بيت المال‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ لما شيد الناس بيوتهم وزخرفوها ناسب أن يصنع ذلك بالمساجد صونا لها عن الاستهانة‏.‏
وتعقب بأن المنع إن كان للحث على اتباع السلف في ترك الرفاهية فهو كما قال، وإن كان لخشية شغل بال المصلي بالزخرفة فلا لبقاء العلة‏.‏
وفي حديث أنس علم من أعلام النبوة لإخباره صلى الله عليه وسلم بما سيقع، فوقع كما قال‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب التَّعَاوُنِ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ
مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب التعاون في بناء المسجد، ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله‏)‏ كذا في رواية أبي ذر‏.‏
وزاد غيره قبل قوله ما كان ‏"‏ وقول الله عز وجل ‏"‏ وفي آخره ‏"‏ إلى قوله المهتدين ‏"‏ وذكره لهذه الآية مصير منه إلى ترجيح أحد الاحتمالين من أحد الاحتمالين في الآية، وذلك أن قوله تعالى ‏(‏مساجد الله‏)‏ يحتمل أن يراد بها مواضع السجود، ويحتمل أن يراد بها الأماكن المتخذة لإقامة الصلاة، وعلى الثاني يحتمل أن يراد بعمارتها بنيانها، ويحتمل أن يراد بها الإقامة لذكر الله فيها‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَلِابْنِهِ عَلِيٍّ انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى أَتَى ذِكْرُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَيَقُولُ وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ قَالَ يَقُولُ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسدد‏)‏ هذا الإسناد كله بصري، لأن ابن عباس أقام على البصرة أميرا مدة ومعه مولاه عكرمة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏انطلقا إلى أبي سعيد‏)‏ أي الخدري‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإذا هو‏)‏ زاد المصنف في الجهاد ‏"‏ فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يصلحه‏)‏ قال في الجهاد ‏"‏ يسقيانه ‏"‏ والحائط البستان، وهذا الأخ زعم بعض الشراح أنه قتادة بن النعمان وهو أخو أبي سعيد لأمه، ولا يصح أن يكون هو، فإن علي بن عبد الله بن عباس ولد في أواخر خلافة علي ومات قتادة بن النعمان قبل ذلك في أواخر خلافة عمر بن الخطاب، وليس لأبي سعيد أخ شقيق ولا أخ من أبيه ولا من أمه إلا قتادة، فيحتمل أن يكون المذكور أخاه من الرضاعة ولم أقف إلى الآن على اسمه‏.‏
وفي الحديث إشارة إلى أن العلم لا يحوى جميعه أحد، لأن ابن عباس مع سعة علمه أمر ابنه بالأخذ عن أبي سعيد، فيحتمل أن يكون علم أن عنده ما ليس عنده، ويحتمل أن يكون إرساله إليه لطلب علو الإسناد، لأن أبا سعيد أقدم صحبة وأكثر سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم من ابن عباس، وفيه ما كان السلف عليه من التواضع وعدم التكبر وتعاهد أحوال المعاش بأنفسهم والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم وإكرام طلبة العلم وتقديم حوائجهم على حوائج أنفسهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأخذ رداءه فاحتبى‏)‏ فيه التأهب لإلقاء العلم وترك التحديث في حالة المهنة إعظاما للحديث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حتى أتى على ذكر بناء المسجد‏)‏ أي النبوي‏.‏
وفي رواية كريمة ‏"‏ حتى إذا أتى‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وعمار لبنتين‏)‏ زاد معمر في جامعه ‏"‏ لبنة عنه ولبنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وفيه جواز ارتكاب المشقة في عمل البر، وتوقير الرئيس والقيام عنه بما يتعاطاه من المصالح، وفضل بنيان المساجد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فبنفض‏)‏ فيه التعبير بصيغة المضارع في موضع الماضي مبالغة لاستحضار ذلك في نفس السامع كأنه يشاهد‏.‏
وفي رواية الكشميهني ‏"‏ فجعل ينفض‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏التراب عنه‏)‏ زاد في الجهاد ‏"‏ عن رأسه ‏"‏ وكذا لمسلم، وفيه إكرام العامل في سبيل الله والإحسان إليه بالفعل والقول‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويقول‏)‏ أي في تلك الحال ‏(‏ويح عمار‏)‏ هي كلمة رحمة، وهي بفتح الحاء إذا أضيفت، فإن لم تضف جاز الرفع والنصب مع التنوين فيهما‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يدعوهم‏)‏ أعاد الضمير على غير مذكور والمراد قتلته كما ثبت من وجه آخر ‏"‏ تقتله الفئة الباغية يدعوهم الخ ‏"‏ وسيأتي التنبيه عليه‏.‏
فإن قيل كان قتله بصفين وهو مع علي والذين قتلوه مع معاوية وكان معه جماعة من الصحابة فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار‏؟‏ فالجواب أنهم كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة، وهم مجتهدون لا لوم عليهم في اتباع ظنونهم، فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام، وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة علي وهو الإمام الواجب الطاعة إذ ذاك، وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم‏.‏
وقال ابن بطال تبعا للمهلب‏:‏ إنما يصح هذا في الخوارج الذين بعث إليهم علي عمارا يدعوهم إلى الجماعة، ولا يصح في أحد من الصحابة‏.‏
وتابعه على هذا الكلام جماعة من الشراح‏.‏
وفيه نظر من أوجه‏:‏ أحدها‏:‏ أن الخوارج إنما خرجوا على علي بعد قتل عمار بلا خلاف بين أهل العلم لذلك، فإن ابتداء أمر الخوارج كان عقب التحكيم، وكان التحكيم عقب انتهاء القتال بصفين وكان قتل عمار قبل ذلك قطعا، فكيف يبعثه إليهم علي بعد موته‏.‏
ثانيها‏:‏ أن الذين بعث إليهم علي عمارا إنما هم أهل الكوفة بعثه يستنفرهم على قتال عائشة ومن معها قبل وقعة الجمل، وكان فيهم من الصحابة جماعة كمن كان مع معاوية وأفضل، وسيأتي التصريح بذلك عند المصنف في كتاب الفتن، فما فر منه المهلب وقع في مثله مع زيادة إطلاقه عليهم تسمية الخوارج وحاشاهم من ذلك‏.‏
ثالثها‏:‏ أنه شرح على ظاهر ما وقع في هذه الرواية الناقصة، ويمكن حمله على أن المراد بالذين يدعونه إلى النار كفار قريش كما صرح به بعض الشراح، لكن وقع في رواية ابن السكن وكريمة وغيرهما وكذا ثبت في نسخة الصغاني التي ذكر أنه قابلها على نسخة الفربري التي بخطه زيادة توضح المراد وتفصح بأن الضمير يعود على قتلته وهم أهل الشام ولفظه ‏"‏ ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم ‏"‏ الحديث، واعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال‏:‏ إن البخاري لم يذكرها أصلا، وكذا قال أبو مسعود‏.‏
قال الحميدي‏:‏ ولعلها لم تقع للبخاري، أو وقعت فحذفها عمدا‏.‏
قال‏:‏ وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث‏.‏
قلت‏:‏ ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية، وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة، والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري، وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد ‏"‏ فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية ‏"‏ ا ه‏.‏
وابن سمية هو عمار وسمية اسم أمه‏.‏
وهذا الإسناد على شرط مسلم، وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك، ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال ‏"‏ حدثني من هو خير مني أبو قتادة، فذكره ‏"‏ فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث‏.‏
وفي هذا الحديث زيادة أيضا لم تقع في رواية البخاري، وهي عند الإسماعيلي وأبي نعيم في المستخرج من طريق خالد الواسطي عن خالد الحذاء وهي‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ يا عمار ألا تحمل كما يحمل أصحابك‏؟‏ قال‏:‏ إني أريد من الله الأجر ‏"‏ وقد تقدمت زيادة معمر فيه أيضا‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ روى حديث ‏"‏ تقتل عمارا الفئة الباغية ‏"‏ جماعة من الصحابة‏:‏ منهم قتادة بن النعمان كما تقدم، وأم سلمة عند مسلم، وأبو هريرة عند الترمذي، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي، وعثمان ابن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه، وكلها عند الطبراني وغيره، وغالب طرقها صحيحة أو حسنة، وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم، وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة وفضيلة ظاهرة لعلي ولعمار ورد على النواصب الزاعمين أن عليا لم يكن مصيبا في حروبه‏.‏
قوله في آخر الحديث ‏(‏يقول عمار أعوذ بالله من الفتن‏)‏ فيه دليل على استحباب الاستعاذة من الفتن، ولو علم المرء أنه متمسك فيها بالحق، لأنها قد تفضي إلى وقوع من لا يرى وقوعه‏.‏
قال ابن بطال وفيه رد للحديث الشائع‏:‏ لا تستعيذوا بالله من الفتن فإن فيها حصاد المنافقين‏.‏
قلت‏:‏ وقد سئل ابن وهب قديما عنه فقال‏:‏ إنه باطل، وسيأتي في كتاب الفتن ذكر كثير من أحكامها وما ينبغي من العمل عند وقوعها‏.‏
أعاذنا الله تعالى مما ظهر منها وما بطن‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس