عرض مشاركة واحدة
قديم 02-06-2013, 10:40 AM   #39
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من خص بالعلم قوما دون قوم‏)‏ أي سوى قوم لا بمعنى الأدون‏.‏
و ‏"‏ كراهية ‏"‏ بالإضافة بغير تنوين‏.‏
وهذه الترجمة قريبة من الترجمة التي قبلها، ولكن هذه في الأقوال وتلك في الأفعال أو فيهما‏.‏
الحديث‏:‏
وَقَالَ عَلِيٌّ حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ بِذَلِكَ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبيد الله‏)‏ و ابن موسى كما ثبت للباقين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن معروف‏)‏ هو ابن خربوذ كما في رواية كريمة‏.‏
وهو تابعي صغير مكي وليس له في البخاري غير هذا الموضع، وأبوه بفتح المعجمة وتشديد الراء المفتوحة وضم الموحدة وآخره معجمة‏.‏
وهذا الإسناد من عوالي البخاري لأنه يلتحق بالثلاثيات، من حيث أن الراوي الثالث منه صحابي وهو أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي آخر الصحابة موتا، وليس له في البخاري غير هذا الموضع‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثوا الناس بما يعرفون‏)‏ كذا وقع في رواية أبي ذر، وسقط كله من روايته عن الكشميهني، ولغيره بتقديم المتن ابتدأ به معلقا فقال‏:‏ وقال علي الخ ثم عقبه بالإسناد‏.‏
والمراد بقوله‏:‏ ‏"‏ بما يعرفون ‏"‏ أي يفهمون‏.‏
وزاد آدم بن أبي إياس في كتاب العلم له عن عبد الله بن داود عن معروف في آخره ‏"‏ ودعوا ما ينكرون ‏"‏ أي يشتبه عليهم فهمه‏.‏
وكذا رواه أبو نعيم في المستخرج‏.‏
وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة‏.‏
ومثله قول ابن مسعود‏:‏ ‏"‏ ما أنت محدثا قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ‏"‏ رواه مسلم‏.‏
وممن كره التحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان، ومالك في أحاديث الصفات، وأبو يوسف في الغرائب، ومن قبلهم أبو هريرة كما تقدم عنه في الجرابين وأن المراد ما يقع من الفتن، ونحوه عن حذيفة وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين لأنه اتخذها وسيلة إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي، وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة وظاهره في الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب‏.‏
والله أعلم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ قَالَ يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ يَا مُعَاذُ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلَاثًا قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا قَالَ إِذًا يَتَّكِلُوا وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثني أبي‏)‏ هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏رديفه‏)‏ أي راكب خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، والجملة حالية والرحل بإسكان الحاء المهملة وأكثر ما يستعمل للبعير، لكن معاذ كان في تلك الحالة رديفه صلى الله عليه وسلم على حمار كما يأتي في الجهاد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال‏:‏ يا معاذ بن جبل‏)‏ هو خبر ‏"‏ أن ‏"‏ المتقدمة، وابن جبل بفتح النون، وأما معاذ فبالضم لأنه منادى مفرد علم، وهذا اختيار ابن مالك لعدم احتياجه إلى تقدير، واختار ابن الحاجب النصب على أنه مع ما بعده كاسم واحد مركب كأنه أضيف، والمنادى المضاف منصوب‏.‏
وقال ابن التين‏:‏ يجوز النصب على أن قوله معاذ زائد، فالتقدير يا ابن جبل، وهو يرجع إلى كلام ابن الحاجب بتأويل‏.‏
قوله‏.‏
‏(‏قال‏:‏ لبيك يا رسول الله وسعديك‏)‏ اللب بفتح اللام معناه هنا الإجابة، والسعد المساعدة، كأنه قال لبا لك وإسعادا لك، ولكنهما ثنيا على معنى التأكيد والتكثير، أي إجابة بعد إجابة وإسعادا بعد إسعاد‏.‏
وقيل في أصل لبيك واشتقاقها غير ذلك، وسنوضحه في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثلاثا‏)‏ أي النداء والإجابة قيلا ثلاثا، وصرح بذلك في رواية مسلم، ويؤيده الحديث المتقدم في باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏صدقا‏)‏ فيه احتراز عن شهادة المنافق‏.‏
وقوله‏:‏ ‏"‏ من قلبه ‏"‏ يمكن أن يتعلق بصدقا أي يشهد بلفظه ويصدق بقلبه، ويمكن أن يتعلق بيشهد أي يشهد بقلبه، والأول أولى‏.‏
وقال الطيبي‏:‏ قوله ‏"‏ صدقا ‏"‏ أقيم هنا مقام الاستقامة لأن الصدق يعبر به قولا عن مطابقة القول المخبر عنه، ويعبر به فعلا عن تحري الأخلاق المرضية كقوله تعالى‏:‏ ‏(‏والذي جاء بالصدق وصدق به‏)‏ أي حقق ما أورده قولا بما تحراه فعلا‏.‏
انتهى‏.‏
وأراد بهذا التقرير رفع الإشكال عن ظاهر الخبر، لأنه يقتضي عدم دخول جميع من شهد الشهادتين النار لما فيه من التعميم والتأكيد، لكن دلت الأدلة القطعية عند أهل السنة على أن طائفة من عصاة المؤمنين يعذبون ثم يخرجون من النار بالشفاعة، فعلم أن ظاهره غير مراد، فكأنه قال‏:‏ إن ذلك مقيد بمن عمل الأعمال الصالحة‏.‏
قال‏:‏ ولأجل خفاء ذلك لم يؤذن لمعاذ في التبشير به‏.‏
وقد أجاب العلماء عن الإشكال أيضا بأجوبة أخرى‏:‏ منها أن مطلقه مقيد بمن قالها تائبا ثم مات على ذلك‏.‏
ومنها أن ذلك كان قبل نزول الفرائض، وفيه نظر لأن مثل هذا الحديث وقع لأبي هريرة كما رواه مسلم، وصحبته متأخرة عن نزول أكثر الفرائض، وكذا ورد نحوه من حديث أبي موسى رواه أحمد بإسناد حسن، وكان قدومه في السنة التي قدم فيها أبو هريرة‏.‏
ومنها أنه خرج مخرج الغالب، إذ الغالب أن الموحد يعمل الطاعة ويجتنب المعصية‏.‏
ومنها أن المراد بتحريمه على النار تحريم خلوده فيها لا أصل دخولها‏.‏
ومنها أن المراد النار التي أعدت للكافرين لا الطبقة التي أفردت لعصاة الموحدين‏.‏
ومنها أن المراد بتحريمه على النار حرمة جملته لأن النار لا تأكل مواضع السجود من المسلم كما ثبت في حديث الشفاعة أن ذلك محرم عليها، وكذا لسانه الناطق بالتوحيد‏.‏
والعلم عند الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فيستبشرون‏)‏ كذا لأبي ذر أي فهم يستبشرون، وللباقين بحذف النون، وهو أوجه لوقوع الفاء بعد النفي أو الاستفهام أو العرض وهي تنصب في كل ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إذا يتكلوا‏)‏ تشديد المثناة المفتوحة وكسر الكاف، وهو جواب وجزاء؛ أي إن أخبرتهم يتكلوا‏.‏
وللأصيلي والكشميهني ينكلوا بإسكان النون وضم الكاف أن يمتنعوا من العمل اعتمادا على ما يتبادر من ظاهره، وروى البزار بإسناد حسن من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لمعاذ في التبشير، فلقيه عمر فقال‏:‏ لا تعجل‏.‏
ثم دخل فقال‏:‏ يا نبي الله أنت أفضل رأيا، إن الناس إذا سمعوا ذلك اتكلوا عليها، قال فرده‏.‏
وهذا معدود من موافقات عمر، وفيه جواز الاجتهاد بحضرته صلى الله عليه وسلم‏.‏
واستدل بعض متكلمي الأشاعرة من قوله‏:‏ ‏"‏ يتكلوا ‏"‏ على أن للعبد اختيارا كما سبق في علم الله‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عند موته‏)‏ أي موت معاذ‏.‏
وأغرب الكرماني فقال‏:‏ يحتمل أن يرجع الضمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
قلت‏:‏ ويرده ما رواه أحمد بسند صحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال‏:‏ أخبرني من شهد معاذا حين حضرته الوفاة يقول‏:‏ سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لم يمنعني أن أحدثكموه إلا مخافة أن تتكلوا‏.‏
‏.‏
فذكره‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تأثما‏)‏ هو بفتح الهمزة وتشديد المثلثة المضمومة، أي خشية الوقوع في الإثم، وقد تقدم توجيهه في حديث بدء الوحي في قوله‏:‏ ‏"‏ يتحنث‏"‏‏.‏
والمراد بالإثم الحاصل من كتمان العلم، ودل صنيع معاذ على أنه عرف أن النهي عن التبشير كان على التنزيه لا على التحريم، وإلا لما كان يخبر به أصلا‏.‏
أو عرف أن النهي مقيد بالاتكال فأخبره به من لا يخشى عليه ذلك، وإذا زال القيد زال المقيد، والأول أوجه لكونه أخر ذلك إلى وقت موته‏.‏
وقال القاضي عياض‏:‏ لعل معاذا لم يفهم النهي، لكن كسر عزمه عما عرض له من تبشيرهم‏.‏
قلت‏:‏ والرواية الآتية صريحة في النهي، فالأولى ما تقدم‏.‏
وفي الحديث جواز الإرداف، وبيان تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، ومنزلة معاذ بن جبل من العلم لأنه خصه بما ذكر‏.‏
وفيه جواز استفسار الطالب عما يتردد فيه، واستئذانه في إشاعة ما يعلم به وحده‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ قَالَ أَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ قَالَ لَا إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسدد حدثنا معتمر‏)‏ كذا للجميع، وذكر الجياني أن عبدوسا والقابسي روياه عن أبي زيد المروزي بإسقاط مسدد من السند، قال‏:‏ وهو وهم ولا يتصل السند إلا بذكره‏.‏
انتهى‏.‏
ومعتمر هو ابن سليمان التيمي‏.‏
والإسناد كله بصريون إلا معاذا، وكذا الذي قبله إلا إسحاق فهو مروزي، وهو الإمام المعروف بابن راهويه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ذكر لي‏)‏ هو بالضم على البناء لما لم يسم فاعله، ولم يسم أنس من ذكر له ذلك في جميع ما وقفت عليه من الطرق، وكذلك جابر بن عبد الله كما قدمناه من عند أحمد، لأن معاذا إنما حدث به عند موته بالشام، وجابر وأنس إذ ذاك بالمدينة فلم يشهداه وقد حضر ذلك من معاذ عمرو بن ميمون الأودي أحد المخضرمين كما سيأتي عند المصنف في الجهاد، ويأتي الكلام على ما في سياقه من الزيادة ثم‏.‏
ورواه النسائي من طريق عبد الرحمن بن سمرة الصحابي المشهور أنه سمع ذلك من معاذ أيضا، فيحتمل أن يفسر المبهم بأحدهما‏.‏
والله أعلم‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ أورد المزي في الأطراف هذا الحديث في مسند أنس، وهو من مراسيل أنس، وكان حقه أن يذكره في المبهمات‏.‏
والله الموفق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من لقي الله‏)‏ أي من لقي الأجل الذي قدره الله يعني الموت‏.‏
كذا قاله جماعة، ويحتمل أن يكون المراد البعث أو رؤية الله تعالى في الآخرة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا يشرك به‏)‏ اقتصر على نفي الإشراك لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم، إذ من كذب رسول الله فقد كذب الله ومن كذب الله فهو مشرك، أو هو مثل قول القائل‏:‏ من توضأ صحت صلاته، أي مع سائر الشرائط‏.‏
فالمراد من مات حال كونه مؤمنا بجميع ما يجب الإيمان به‏.‏
وليس في قوله‏:‏ ‏"‏ دخل الجنة ‏"‏ من الإشكال ما تقدم في السياق الماضي، لأنه أعم من أن يكون قبل التعذيب أو بعده‏.‏
فأخبر بها معاذ عند موته تأثما معنى التأثم التحرج من الوقوع في الإثم وهو كالتحنث، وإنما خشي معاذ من الإثم المرتب على كتمان العلم، وكأنه فهم من منع النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبر بها إخبارا عاما لقوله‏:‏ ‏"‏ أفلا أبشر الناس ‏"‏ فأخذ هو أولا بعموم المنع فلم يخبر بها أحدا، ثم ظهر له أن المنع إنما هو من الإخبار عموما، فبادر قبل موته فأخبر بها خاصا من الناس فجمع بين الحكمين‏.‏
ويقوي ذلك أن المنع لو كان على عمومه في الأشخاص لما أخبر هو بذلك، وأخذ منه أن من كان في مثل مقامه في الفهم أنه لم يمنع من إخباره‏.‏
وقد تعقب هذا الجواب بما أخرجه أحمد من وجه آخر فيه انقطاع عن معاذ أنه لما حضرته الوفاة قال‏:‏ أدخلوا على الناس‏.‏
فأدخلوا عليه‏.‏
فقال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ من مات لا يشرك بالله شيئا جعله الله في الجنة ‏"‏ وما كنت أحدثكموه إلا عند الموت، وشاهدي على ذلك أبو الدرداء‏.‏
فقال‏:‏ صدق أخي، وما كان يحدثكم به إلا عند موته‏.‏
وقد وقع لأبي أيوب مثل ذلك، ففي المسند من طريق أبي ظبيان أن أبا أيوب غزا الروم فمرض، فلما حضر قال‏:‏ سأحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا حالي هذه ما حدثتكموه، سمعته يقول‏:‏ ‏"‏ من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة‏"‏‏.‏
وإذا عورض هذا الجواب فأجيب عن أصل الإشكال بأن معاذا اطلع على أنه لم يكن المقصود من المنع التحريم بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا هريرة أن يبشر بذلك الناس، فلقيه عمر فدفعه وقال‏:‏ ارجع يا أبا هريرة، ودخل على أثره فقال‏:‏ يا رسول الله لا تفعل، فإني أخشى أن يتكل الناس، فخلهم يعملون‏.‏
فقال‏:‏ فخلهم‏.‏
أخرجه مسلم‏.‏
فكأن قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ‏:‏ ‏"‏ أخاف أن يتكلوا ‏"‏ كان بعد قصة أبي هريرة، فكان النهي للمصلحة لا للتحريم، فلذلك أخبر به معاذ لعموم الآية بالتبليغ‏.‏
والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا‏)‏ هي للنهي ليست داخلة على ‏"‏ أخاف‏"‏، بل المعنى لا تبشر‏.‏
ثم استأنف فقال‏:‏ ‏"‏ أخاف‏"‏‏.‏
وفي رواية كريمة ‏"‏ إني أخاف ‏"‏ بإثبات التعليل، وللحسن بن سفيان في مسنده عن عبيد الله بن معاذ عن معتمر ‏"‏ قال‏:‏ لا، دعهم فليتنافسوا في الأعمال، فإني أخاف أن يتكلوا‏"‏‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس