عرض مشاركة واحدة
قديم 01-31-2013, 01:02 PM   #6
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين‏)‏ ليس في أكثر الروايات في الترجمة قوله‏:‏ ‏"‏ في الدين ‏"‏ وثبتت للكشميهني‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ خَطِيبًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سعيد بن عفير‏)‏ هو سعيد بن كثير بن عفير، نسب إلى جده، وهو بالمهملة مصغرا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن شهاب‏)‏ قال حميد في الاعتصام‏:‏ للمؤلف من هذا الوجه‏:‏ أخبرني حميد‏.‏
ولمسلم‏:‏ حدثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف، زاد تسمية جده قوله‏:‏ ‏(‏سمعت معاوية‏)‏ هو ابن أبي سفيان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏خطيبا‏)‏ هو حال من المفعول‏.‏
وفي رواية مسلم والاعتصام‏.‏
‏"‏ سمعت معاوية بن أبي سفيان وهو يخطب‏"‏‏.‏
وهذا الحديث مشتمل على ثلاثة أحكام‏:‏ أحدها فضل النفقة في الدين‏.‏
وثانيها أن المعطي في الحقيقة هو الله‏.‏
وثالثها أن بعض هذه الأمة يبقى على الحق أبدا‏.‏
فالأول لائق بأبواب العلم‏.‏
والثاني لائق بقسم الصدقات، ولهذا أورده مسلم في الزكاة، والمؤلف في الخمس‏.‏
والثالث لائق بذكر أشراط الساعة، وقد أورده المؤلف في الاعتصام لالتفاته إلى مسألة عدم خلو الزمان عن مجتهد، وسيأتي بسط القول فيه هناك، وأن المراد بأمر الله هنا الريح التي تقبض روح كل من في قلبه شيء من الإيمان ويبقى شرار الناس فعليهم تقوم الساعة‏.‏
وقد تتعلق لأحاديث الثلاثة بأبواب العلم - بل بترجمة هذا الباب خاصة - من جهة إثبات الخير لمن تفقه في دين الله، وأن ذلك لا يكون بالاكتساب فقط، بل لمن يفتح الله عليه به، وأن من يفتح الله عليه بذلك لا يزال جنسه موجودا حتى يأتي أمر الله، وقد جزم البخاري بأن المراد بهم أهل العلم بالآثار‏.‏
وقال أحمد بن حنبل‏:‏ إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم‏.‏
وقال القاضي عياض‏:‏ أراد أحمد أهل السنة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث‏.‏
وقال النووي‏:‏ محتمل أن تكون هذه الطائفة فرقة من أنواع المؤمنين ممن يقيم أمر الله تعالى من مجاهد وفقيه ومحدث وزاهد وآمر بالمعروف وغير ذلك من أنواع الخير، ولا يلزم اجتماعهم في مكان واحد بل يجوز أن يكونوا متفرقين‏.‏
قلت‏:‏ وسيأتي بسط ذلك في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يفقهه‏)‏ أي يفهمه كما تقدم، وهي ساكنة الهاء لأنها جواب الشرط، يقال فقه بالضم إذا صار الفقه له سجية، وفقه بالفتح إذا سبق غيره إلى الفهم، وفقه بالكسر إذا فهم‏.‏
ونكر ‏"‏ خيرا ‏"‏ ليشمل القليل والكثير، والتنكير للتعظيم لأن المقام يقتضيه‏.‏
ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين - أي يتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع - فقد حرم الخير‏.‏
وقد أخرج أبو يعلى حديث معاوية من وجه آخر ضعيف وزاد في آخره‏:‏ ‏"‏ ومن لم يتفقه في الدين لم يبال الله به ‏"‏ والمعنى صحيح، لأن من لم يعرف أمور دينه لا يكون فقيها ولا طالب فقه، فيصح أن يوصف بأنه ما أريد به الخير، وفي ذلك بيان ظاهر لفضل العلماء على سائر الناس، ولفضل التفقه في الدين على سائر العلوم‏.‏
وسيأتي بقية الكلام على الحديثين الآخرين في موضعهما من الخمس والاعتصام إن شاء الله تعالى‏.‏
وقوله‏:‏ ‏"‏ لن تزال هذه الأمة ‏"‏ يعني بعض الأمة كما يجيء مصرحا به في الموضع الذي أشرت إليه إن شاء الله تعالى‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الْفَهْمِ فِي الْعِلْمِ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الفهم‏)‏ أي فضل الفهم ‏(‏في العلم‏)‏ أي في العلوم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ فَقَالَ إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً مَثَلُهَا كَمَثَلِ الْمُسْلِمِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِيَ النَّخْلَةُ فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ فَسَكَتُّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ النَّخْلَةُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا علي‏)‏ في رواية أبي ذر‏:‏ ‏"‏ ابن عبد الله ‏"‏ وهو المعروف بابن المديني‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان قال‏:‏ قال لي ابن أبي نجيح‏)‏ في مسنده الحميدي عن سفيان‏:‏ حدثني ابن أبي نجيح‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏صحبت ابن عمر إلى المدينة‏)‏ فيه ما كان بعض الصحابة عليه من توقي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عند الحاجة خشية الزيادة والنقصان، وهذه كانت طريقة ابن عمر ووالده عمر وجماعة، وإنما كثرت أحاديث ابن عمر مع ذلك لكثرة من كان يسأله ويستفتيه، وقد تقدم الكلام على متن حديث الباب في أوائل كتاب العلم‏.‏
ومناسبته للترجمة أن ابن عمر لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم المسألة عند إحضار الجمار إليه فهم أن المسؤول عنه النخلة، فالفهم فطنة يفهم بها صاحبها من الكلام ما يقترن به من قول أو فعل، وقد أخرج أحمد في حديث أبي سعيد الآتي في الوفاة النبوية حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ إن عبدا خيره الله ‏"‏ فبكى أبو بكر وقال‏:‏ فديناك بآبائنا، فتعجب الناس‏.‏
وكان أبو بكر فهم من المقام أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المخير، فمن ثم قال أبو سعيد‏:‏ فكان أبو بكر أعلمنا به‏.‏
والله الهادي إلى الصواب‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الِاغْتِبَاطِ فِي الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ
وَقَالَ عُمَرُ تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَبَعْدَ أَنْ تُسَوَّدُوا وَقَدْ تَعَلَّمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِبَرِ سِنِّهِمْ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الاغتباط في العلم‏)‏ و بالغين المعجمة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏في العلم والحكمة‏)‏ فيه نظير ما ذكرنا في قوله بالموعظة والعلم، لكن هذا عكس ذاك، أو هو من العطف التفسيري إن قلنا إنهما مترادفان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقال عمر‏:‏ تفقهوا قبل أن تسودوا‏)‏ هو بضم المثناة وفتح المهملة وتشديد الواو أي تجعلوا سادة‏.‏
زاد الكشميهني في روايته‏:‏ ‏"‏ قال أبو عبد الله ‏"‏ أي البخاري‏:‏ ‏"‏ وبعد أن تسودوا - إلى قوله - سنهم‏"‏‏.‏
أما أثر عمر فأخرجه ابن أبي شيبة وغيره من طريق محمد بن سيرين عن الأحنف بن قيس قال‏:‏ قال عمر‏.‏
فذكره، وإسناده صحيح، وإنما عقبه البخاري بقوله‏:‏ ‏"‏ وبعد أن تسودوا ‏"‏ ليبين أن لا مفهوم له خشية أن يفهم أحد من ذلك أن السيادة مانعة من التفقه، وإنما أراد عمر أنها قد تكون سببا للمنع، لأن الرئيس قد يمنعه الكبر والاحتشام يجلس مجلس المتعلمين، ولهذا قال مالك عن عيب القضاء‏:‏ إن القاضي إذا عزل لا يرجع إلى مجلسه الذي كان يتعلم فيه‏.‏
وقال الشافعي‏:‏ إذا تصدر الحدث فاته علم كثير‏.‏
وقد فسره أبو عبيد في كتابه‏:‏ ‏"‏ غريب الحديث ‏"‏ فقال‏:‏ معناه تفقهوا وأنتم صغار، قبل أن تصيروا سادة فتمنعكم الأنفة عن الأخذ عمن هو دونكم فتبقوا جهالا‏.‏
وفسره شمر اللغوي بالتزوج، فإنه إذا تزوج صار سيد أهله، ولا سيما إن ولد له‏.‏
وقيل‏:‏ أراد عمر الكف عن طلب الرياسة لأن الذي يتفقه يعرف ما فيها من الغوائل فيجتنبها‏.‏
وهو حمل بعيد، إذا المراد بقوله‏:‏ ‏"‏ تسودوا ‏"‏ السيادة، وهي أعم من التزويج، ولا وجه لمن خصصه بذلك، لأنها قد تكون به وبغيره من الأشياء الشاغلة لأصحابها عن الاشتغال بالعمل‏.‏
وجوز الكرماني أن يكون من السواد في اللحية فيكون أمرا للشاب بالتفقه قبل أن تسود لحيته، أو أمرا للكهل قبل أن يتحول سواد اللحية إلى الشيب‏.‏
ولا يخفى تكلفه‏.‏
وقال ابن المنير‏:‏ مطابقة قول عمر للترجمة أنه جعل السيادة من ثمرات العلم، وأوصى الطالب باغتنام الزيادة قبل بلوغ درجة السيادة‏.‏
وذلك يحقق استحقاق العلم بأن يغبط صاحبه، فإنه سبب لسيادته‏.‏
كذا قال‏.‏
والذي يظهر لي أن مراد البخاري‏:‏ أن الرياسة وإن كانت مما يغبط بها صاحبها في العادة لكن الحديث دل على أن الغبطة لا تكون إلا بأحد أمرين‏:‏ العلم، أو الجود، ولا يكون الجود محمودا إلا إذا كان بعلم‏.‏
فكأنه يقول‏:‏ تعلموا قبل حصول الرياسة لتغبطوا إذا غبطتم بحق‏.‏
ويقول أيضا‏:‏ إن تعجلتم الرياسة التي من عادتها أن تمنع صاحبها من طلب العلم فاتركوا تلك العادة وتعلموا العلم لتحصل لكم الغبطة الحقيقية‏.‏
ومعنى الغبطة تمني المرء أن يكون له نظير ما للآخر من غير أن يزول عنه، وهو المراد بالحسد الذي أطلق في الخبر كما سنبينه‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَلَى غَيْرِ مَا حَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل بن أبي خالد على غير ما حدثناه الزهري‏)‏ يعني أن الزهري حدث سفيان بهذا الحديث بلفظ غير اللفظ الذي حدثه به إسماعيل، ورواية سفيان عن الزهري أخرجها المصنف في التوحيد عن علي بن عبد الله عنه قال‏:‏ قال الزهري عن سالم‏.‏
ورواها مسلم عن زهير بن حرب، وغيره عن سفيان بن عيينة قال‏:‏ حدثنا الزهري عن سالم عن أبيه‏.‏
ساقه مسلم تاما، واختصره البخاري‏.‏
وأخرجه البخاري أيضا تاما في فضائل القرآن من طريق شعيب عن الزهري حدثني سالم بن عبد الله بن عمر‏.‏
فذكره وسنذكر ما تخالفت فيه الروايات بعد إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏.‏
‏(‏قال سمعت‏)‏ القائل هو إسماعيل على ما حررناه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا حسد‏)‏ الحسد تمني زوال النعمة عن المنعم عليه، وخصه بعضهم بأن يتمنى ذلك لنفسه، والحق أنه أعم، وسببه أن الطباع مجبولة على حب الترفع على الجنس، فإذا رأى لغيره ما ليس له أحب أن يزول ذلك عنه له ليرتفع عليه، أو مطلقا ليساويه‏.‏
وصاحبه مذموم إذا عمل بمقتضى ذلك من تصميم أو قول أو فعل‏.‏
وينبغي لمن خطر له ذلك أن يكرهه كما يكره ما وضع في طبعه من حب المنهيات‏.‏
واستثنوا من ذلك ما إذا كانت النعمة لكافر أو فاسق يستعين بها على معاصي الله تعالى‏.‏
فهذا حكم الحسد بحسب حقيقته، وأما الحسد المذكور في الحديث فهو الغبطة، وأطلق الحسد عليها مجازا، وهي أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه، والحرص على هذا يسمى منافسة، فإن كان في الطاعة فهو محمود، ومنه - ‏(‏فليتنافس المتنافسون‏)‏ ‏.‏
وإن كان في المعصية فهو مذموم، ومنه‏:‏ ‏"‏ ولا تنافسوا‏"‏‏.‏
وإن كان في الجائزات فهو مباح، فكأنه قال في الحديث‏:‏ لا غبطة أعظم - أو أفضل - من الغبطة في هذين الأمرين - ووجه الحصر أن الطاعات إما بدنية أو مالية أو كائنة عنهما، وقد أشار إلى البدنية بإتيان الحكمة والقضاء بها وتعليمها، ولفظ حديث ابن عمر‏:‏ ‏"‏ رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ‏"‏ والمراد بالقيام به العمل به مطلقا، أعم من تلاوته داخل الصلاة أو خارجها ومن تعليمه، والحكم والفتوى بمقتضاه، فلا تخالف بين لفظي الحديثين‏.‏
ولأحمد من حديث يزيد بن الأخنس السلمي‏:‏ ‏"‏ رجل أتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ويتبع ما فيه‏"‏‏.‏
ويجوز حمل الحسد في الحديث على حقيقته على أن الاستثناء منقطع، والتقدير نفي الحسد مطلقا، لكن هاتان الخصلتان محمودتان، ولا حسد فيهما فلا حسد أصلا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏إلا في اثنتين‏)‏ كذا في معظم الروايات ‏"‏ اثنتين ‏"‏ بتاء التأنيث، أي لا حسد محمود في شيء إلا في خصلتين‏.‏
وعلى هذا فقوله‏:‏ ‏"‏ رجل ‏"‏ بالرفع، والتقدير خصلة رجل حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه‏.‏
وللمصنف في الاعتصام‏:‏ ‏"‏ إلا في اثنين‏.‏
وعلى هذا فقوله‏:‏ ‏"‏ رجل ‏"‏ بالخفض على البدلية أي خصلة رجلين، ويجوز النصب بإضمار أعني وهي رواية ابن ماجه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏مالا‏)‏ نكره ليشمل القليل والكثير‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فسلط‏)‏ كذا لأبي ذر، وللباقين فسلطه، وعبر بالتسليط لدلالته على قهر النفس المجبولة على الشح‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هلكته‏)‏ بفتح اللام والكاف أي إهلاكه، وعبر بذلك ليدل على أنه لا يبقى منه شيئا‏.‏
وكمله بقوله‏:‏ ‏"‏ في الحق ‏"‏ أي في الطاعات ليزيل عنه إيهام الإسراف المذموم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏الحكمة‏)‏ للام للعهد، لأن المراد بها القرآن على ما أشرنا إليه قبل، وقيل‏:‏ المراد بالحكمة كل ما منع من الجهل وزجر عن القبيح‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ زاد أبو هريرة في هذا الحديث ما يدل على أن المراد بالحسد المذكور هنا الغبطة كما ذكرناه، ولفظه‏:‏ ‏"‏ فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل ‏"‏ أورده المصنف في فضائل القرآن‏.‏
وعند الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري - بفتح الهمزة وإسكان النون - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏.‏
‏.‏
فذكر حديثا طويلا فيه استواء العالم في المال بالحق والمتمني في الأجر، ولفظه‏:‏ ‏"‏ وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا، فهو صادق النية يقول‏:‏ لو أن لي مالا لعملت مثل ما يعمل فلان، فأجرهما سواء‏"‏، وذكر في ضدهما‏:‏ ‏"‏ أنهما في الوزر سواء ‏"‏ وقال فيه‏:‏ حديث حسن صحيح‏.‏
وإطلاق كونهما سواء يرد على الخطابي في جزمه بأن الحديث يدل على أن الغني إذا قام بشروط المال كان أفضل من الفقير‏.‏
نعم يكون أفضل بالنسبة إلى من أعرض ولم يتمن، لكن الأفضلية المستفادة منه هي بالنسبة إلى هذه الخصلة فقط لا مطلقا‏.‏
وسيكون لنا عودة إلى البحث في هذه المسألة في حديث‏:‏ ‏"‏ الطاعم الشاكر كالصائم الصابر ‏"‏ حيث ذكره المؤلف في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس