عرض مشاركة واحدة
قديم 01-31-2013, 01:01 PM   #58
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب مَنْ قَعَدَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ وَمَنْ رَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب من قعد حيث ينتهي به المجلس‏)‏ مناسبة هذا لكتاب العلم من جهة أن المراد بالمجلس وبالحلقة حلقة العلم ومجلس العلم‏.‏
فيدخل في أدب الطالب من عدة أوجه كما سنبينه‏.‏
والتراجم الماضية كلها تتعلق بصفات العالم‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏مولى عقيل‏)‏ بفتح العين، وقيل لأبي مرة ذلك للزومه إياه، وإنما هو مولى أخته أم هانئ بنت أبي طالب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي واقد‏)‏ صرح بالتحديث في رواية النسائي من طريق يحيى بن أبي كثير عن إسحاق فقال‏:‏ عن أبي مرة أن أبا واقد حدثه‏.‏
وقد قدمنا أن اسم أبي واقد الحارث بن مالك، وقيل ابن عوف، وقيل عوف بن الحارث، وليس له في البخاري غير هذا الحديث، ورجال إسناده مدنيون، وهو في الموطأ، ولم يروه عن أبي واقد إلا أبو مرة‏.‏
ولا عنه إلا إسحاق، وأبو مرة والراوي عنه تابعيان، وله شاهد من حديث أنس أخرجه البزار والحاكم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ثلاثة نفر‏)‏ النفر بالتحريك للرجال من ثلاثة إلى عشرة، والمعنى ثلاثة هم نفر، والنفر اسم جمع ولهذا وقع مميزا للجمع كقوله تعالى‏:‏ ‏(‏تسعة رهط‏)‏ ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأقبل اثنان‏)‏ بعد قوله‏:‏ ‏"‏ أقبل ثلاثة ‏"‏ هما إقبالان، كأنهم أقبلوا أولا من الطريق فدخلوا المسجد مارين كما في حديث أنس، فإذا ثلاثة نفر يمرون، فلما رأوا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم أقبل إليه اثنان منهم واستمر الثالث ذاهبا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فوقفا‏)‏ زاد أكثر رواة الموطأ‏:‏ ‏"‏ فلما وقفا سلما ‏"‏ وكذا عند الترمذي والنسائي‏.‏
ولم يذكر المصنف هنا ولا في الصلاة السلام‏.‏
وكذا لم يقع في رواية مسلم‏.‏
ويستفاد منه أن الداخل يبدأ بالسلام، وأن القائم يسلم على القاعد، وإنما لم يذكر رد السلام عليهما اكتفاء بشهرته، أو يستفاد منه أن المستغرق في العبادة يسقط عنه الرد‏.‏
وسيأتي البحث فيه في كتاب الاستئذان‏.‏
ولم يذكر أنهما صليا تحية المسجد إما لكون ذلك كان قبل أن تشرع أو كانا على غير وضوء أو وقع فلم ينقل للاهتمام بغير ذلك من القصة أو كان في غير وقت تنفل، قاله القاضي عياض بناء على مذهبه في أنها لا تصلى في الأوقات المكروهة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي على مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ‏"‏ على ‏"‏ بمعنى عند‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فرجة‏)‏ بالضم والفتح معا هي الخلل بين الشيئين‏.‏
والحلقة بإسكان اللام كل شيء مستدير خالي الوسط والجمع حلق بفتحتين، وحكي فتح اللام في الواحد وهو نادر‏.‏
وفيه استحباب التحليق في مجالس الذكر والعلم، وفيه أن من سبق إلى موضع منها كان أحق به‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأما الآخر‏)‏ بفتح الخاء المعجمة، وفيه رد على من زعم أنه يختص بالأخير لإطلاقه هنا على الثاني‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأوى إلى الله فآواه الله‏)‏ قال القرطبي‏:‏ الرواية الصحيحة بقصر الأول ومد الثاني وهو المشهور في اللغة، وفي القرآن ‏(‏إذ أوى الفتية إلى الكهف‏)‏ بالقصر، ‏(‏وآويناهما إلى ربوة‏)‏ بالمد، وحكي في اللغة القصر والمد معا فيهما‏.‏
ومعنى أوى إلى الله لجأ إلى الله، أو على الحذف أي انضم إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
ومعنى فآواه الله أي جازاه بنظير فعله بأن ضمه إلى رحمته ورضوانه‏.‏
وفيه استحباب الأدب في مجالس العلم وفضل سد خلل الحلقة، كما ورد الترغيب في سد خلل الصفوف في الصلاة، وجواز التخطي لسد الخلل ما لم يؤذ، فإن خشي استحب الجلوس حيث ينتهي كما فعل الثاني‏.‏
وفيه الثناء على من زاحم في طلب الخير‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فاستحيا‏)‏ أي ترك المزاحمة كما فعل رفيقه حياء من النبي صلى الله عليه وسلم وممن حضر قاله القاضي عياض، وقد بين أنس في روايته سبب استحياء هذا الثاني فلفظه عند الحاكم‏:‏ ‏"‏ ومضى الثاني قليلا ثم جاء فجلس ‏"‏ فالمعنى أنه استحيا من الذهاب عن المجلس كما فعل رفيقه الثالث‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فاستحيا الله منه‏)‏ أي رحمه ولم يعاقبه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأعرض الله عنه‏)‏ أي سخط عليه، وهو محمول على من ذهب معرضا لا لعذر، هذا إن كان مسلما، ويحتمل أن يكون منافقا، واطلع النبي صلى الله عليه وسلم على أمره، كما يحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ فأعرض الله عنه ‏"‏ إخبارا أو دعاء‏.‏
ووقع في حديث أنس‏:‏ ‏"‏ فاستغنى فاستغنى الله عنه ‏"‏ وهذا يرشح كونه خبرا، وإطلاق الإعراض وغيره في حق الله تعالى على سبيل المقابلة والمشاكلة، فيحمل كل لفظ منها على ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى‏.‏
وفائدة إطلاق ذلك بيان الشيء بطريق واضح، وفيه جواز الإخبار عن أهل المعاصي وأحوالهم للزجر عنها وأن ذلك لا يعد من الغيبة، وفي الحديث فضل ملازمة حلق العلم والذكر وجلوس العالم والمذكر في المسجد، وفيه الثناء على المستحي‏.‏
والجلوس حيث ينتهي به المجلس‏.‏
ولم أقف في شيء من طرق هذا الحديث على تسمية واحد من الثلاثة المذكورين‏.‏
والله تعالى أعلم‏.‏
*3*نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب قول النبي صلى الله عليه وسلم رب مبلغ أوعى من سامع‏)‏ هذا الحديث المعلق، أورد المصنف في الباب معناه، وأما لفظه فهو موصول عنده في باب الخطبة بمنى من كتاب الحج، أورد فيه هذا الحديث من طريق قرة بن خالد عن محمد بن سيرين قال‏:‏ أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة ورجل أفضل في نفسي من عبد الرحمن - حميد بن عبد الرحمن - كلاهما عن أبي بكرة قال‏:‏ خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر قال‏:‏ ‏"‏ أتدرون أي يوم هذا ‏"‏ وفي آخره هذا اللفظ‏.‏
وغفل القطب الحلبي ومن تبعه من الشراح في عزوهم له إلى تخريج الترمذي من حديث ابن مسعود فأبعدوا النجعة، وأوهموا عدم تخريج المصنف له‏.‏
والله المستعان‏.‏
و ‏"‏ رب ‏"‏ للتقليل، وقد ترد للتكثير، و ‏"‏ مبلغ ‏"‏ بفتح اللام و ‏"‏ أوعى ‏"‏ نعت له، والذي يتعلق به رب محذوف وتقديره يوجد أو يكون، ويجوز على مذهب الكوفيين في أن رب اسم أن تكون هي مبتدأ وأوعى الخبر فلا حذف ولا تقدير، والمراد‏:‏ رب مبلغ عني أوعى - أي أفهم - لما أقول من سامع مني‏.‏
وصرح بذلك أبو القاسم بن منده في روايته من طريق هوذة عن ابن عون ولفظه‏:‏ ‏"‏ فإنه عسى أن يكون بعض من لم يشهد أوعى لما أقول من بعض من شهد‏"‏‏.‏
الحديث‏:‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ وَأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ أَوْ بِزِمَامِهِ قَالَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ أَلَيْسَ بِذِي الْحِجَّةِ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏بشر‏)‏ هو ابن المفضل، ورجال الإسناد كلهم بصريون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ذكر النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ نصب النبي على المفعولية، وفي ذكر ضمير يعود على الراوي، يعني أن أبا بكرة كان يحدثهم فذكر النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ قعد على بعيره‏.‏
وفي رواية النسائي ما يشعر بذلك ولفظه عن أبي بكرة قال‏.‏
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
فالواو إما حالية وإما عاطفة والمعطوف عليه محذوف‏.‏
وقد وقع في رواية ابن عساكر عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قعد ولا إشكال فيه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأمسك إنسان بخطامه أو بزمامه‏)‏ الشك من الراوي، والزمام والخطام بمعنى، وهو الخيط الذي تشد فيه الحلقة التي تسمى بالبرة - بضم الموحدة وتخفيف الراء المفتوحة - في أنف البعير‏.‏
وهذا الممسك سماه بعض الشراح بلالا، واستند إلى ما رواه النسائي من طريق أم الحصين قالت‏:‏ حججت فرأيت بلالا يقود بخطام راحلة النبي صلى الله عليه وسلم انتهى‏.‏
وقد وقع في السنن من حديث عمرو بن خارجة قال‏:‏ كنت آخذا بزمام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم انتهى‏.‏
فذكر بعض الخطبة، فهو أولى أن يفسر به المبهم من بلال، لكن الصواب أنه هنا أبو بكرة، فقد ثبت ذلك في رواية الإسماعيلي من طريق ابن المبارك عن ابن عون ولفظه‏:‏ خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته يوم النحر، وأمسكت - إما قال بخطامها، وإما قال بزمامها - واستفدنا من هذا أن الشك ممن دون أبي بكرة لا منه‏.‏
وفائدة إمساك الخطام صون البعير عن الاضطراب حتى لا يشوش على راكبه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أي يوم هذا‏)‏ سقط من رواية المستملي والحموي السؤال عن الشهر والجواب الذي قبله فصار هكذا‏:‏ أي يوم هذا، فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال‏:‏ أليس بذي الحجة‏؟‏ وكذا في رواية الأصيلي وتوجيهه ظاهر، وهو من إطلاق الكل على البعض، ولكن الثابت في الروايات عند مسلم وغيره ما ثبت عند الكشميهني وكريمة، وكذلك وقع في رواية مسلم وغيره السؤال عن البلد، وهذا كله في رواية ابن عون، وثبت السؤال عن الثلاثة عند المصنف في الأضاحي من رواية أيوب، وفي الحج من رواية قرة كلاهما عن ابن سيرين، قال القرطبي‏:‏ سؤاله صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة وسكوته بعد كل سؤال منها كان لاستحضار فهو مهم وليقبلوا عليه بكليتهم، وليستشعروا عظمة ما يخبرهم عنه، ولذلك قال بعد هذا‏:‏ فإن دمائكم الخ، مبالغة في بيان تحريم هذه الأشياء‏.‏
انتهى‏.‏
ومناط التشبيه في قوله‏:‏ ‏"‏ كحرمة يومكم ‏"‏ وما بعده ظهوره عند السامعين، لأن تحريم البلد والشهر واليوم كان ثابتا في نفوسهم - مقررا عندهم، بخلاف الأنفس والأموال والأعراض فكانوا في الجاهلية يستبيحونها، فطرأ الشرع عليهم بأن تحريم دم المسلم وماله وعرضه أعظم من تحريم البلد والشهر واليوم، فلا يرد كون المشبه به أخفض رتبة من المشبه، لأن الخطاب إنما وقع بالنسبة لما اعتاده المخاطبون قبل تقرير الشرع‏.‏
ووقع في الروايات التي أشرنا إليها عند المصنف وغيره أنهم أجابوه عن كل سؤال بقولهم‏:‏ الله ورسوله أعلم‏.‏
وذلك من حسن أدبهم، لأنهم علموا أنه لا يخفى عليه ما يعرفونه من الجواب، وأنه ليس مراده مطلق الإخبار بما يعرفونه، ولهذا قال في رواية الباب‏:‏ حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه‏.‏
ففيه إشارة إلى تفويض الأمور الكلية إلى الشارع، ويستفاد منه الحجة لمثبتي الحقائق الشرعية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فإن دماءكم الخ‏)‏ هو على حذف مضاف، أي سفك دمائكم وأخذ أموالكم وثلب أعراضكم‏.‏
والعرض بكسر العين موضع المدح والذم من الإنسان، سواء كان في نفسه أو سلفه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ليبلغ الشاهد‏)‏ أي الحاضر في المجلس ‏(‏الغائب‏)‏ أي الغائب عنه، والمراد إما تبليغ القول المذكور أو تبليغ جميع الأحكام‏.‏
وقوله‏:‏ ‏"‏ منه ‏"‏ صلة لأفعل التفضيل، وجاز الفصل بينهما لأن في الظرف سعة، وليس الفاصل أيضا أجنبيا‏.‏
‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ وقع في حديث الباب‏:‏ ‏"‏ فسكتنا بعد السؤال‏"‏‏.‏
وعند المصنف في الحج من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال‏:‏ أي يوم هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ يوم حرام‏.‏
وظاهرهما التعارض، والجمع بينهما أن الطائفة الذين كان فيهم ابن عباس أجابوا، والطائفة الذين كان فيهم أبو بكرة لم يجيبوا بل قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم كما أشرنا إليه‏.‏
أو تكون رواية ابن عباس بالمعنى، لأن في حديث أبي بكرة عند المصنف في الحج وفي الفتن أنه لما قال‏:‏ ‏"‏ أليس يوم النحر‏؟‏ قالوا بلى ‏"‏ بمعنى قولهم يوم حرام بالاستلزام، وغايته أن أبا بكرة نقل السياق بتمامه، واختصره ابن عباس‏.‏
وكأن ذلك كان بسبب قرب أبي بكرة منه لكونه كان آخذا بخطام الناقة‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ يحتمل تعدد الخطبة، فإن أراد أنه كررها في يوم النحر فيحتاج لدليل، فإن في حديث ابن عمر عند المصنف في الحج أن ذلك كان يوم النحر بين الجمرات في حجته‏.‏
وفي هذا الحديث من الفوائد - غير ما تقدم - الحث على تبليغ العلم، وجواز التحمل قبل كمال الأهلية‏.‏
وأن الفهم ليس شرطا في الأداء، وأنه قد يأتي في الآخر من يكون أفهم ممن تقدمه لكن بقلة، واستنبط ابن المنير من تعليل كون المتأخر أرجح نظرا من المتقدم أن تفسير الراوي أرجح من تفسير غيره‏.‏
وفيه جواز القعود على ظهر الدواب وهي واقفة إذا احتيج إلى ذلك، وحمل النهي الوارد في ذلك على ما إذا كان لغير ضرورة‏.‏
وفيه الخطبة على موضع عال ليكون أبلغ في إسماعه للناس ورؤيتهم إياه‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس