01-15-2013, 11:01 PM
|
#14
|
|
رد: أدلة على جواز المولد النبوي من القرآن الكريم
كتاب الرِمَاح والأسِنّة للخليفه عبد العزيز محمد الحسن
(فصل) في الإحتفاءِ به -صل الله عليه وسلم- وقراءةِ سيرته
قد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل بن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه : أصل عمل المولد بدعة,لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة,ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسنَ وضدِّها,فمن تحرّى وتجنّب ضدَّها كان بدعةً حسنه,وإلا فلا.
وقد رجع الحافظ (رحمه الله)عن قوله:إنها بدعة حسنة,وإن كان البدعة الحسنة يثاب فاعلها بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: "من سَنَّ سنّة حسنة فله أجرُها وأجرُمَنْ عَمِل بها"أخرجه مسلم.فقال(رضي الله عنه) :"وقد ظهر لي تخريجُها على أصلٍ ثابت,وهو ماثبت في"الصحيحين" من: "أن النبي-صل الله عليه وسلم- قدم المدينه فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم؟فقالوا:هو يومٌ أغرق فيه الله فِرْعَوْن ونجَّي موسي,فنحن نصومه شكراً لله(تعالي)".فيُستفاد منه فعلُ الشكرِ لله علي مامَنَّ به في يوم معيّن,من إسداء نعمة,أو دفع نقمة,ويُعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنه,والشكرُ لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود,والصيام,والصدقة,والتلاوة,وايّ نعمةٍ أعظم من النعمة ببروز هذا النبيِّ نبيَّ نبيَّ الرحمة.أه.
قال بعد ذلك خاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي: "وقد ظهر لي تخريجُه على أصلٍ اَخر,وهو: ماأخرجه البيهقيّ عن أنسٍ: "أنّ النبيّ-صل الله عليه وسلم- عقَّ عن نفسه في سابع ولادته" والعقيقة لاتعاد مرةً ثانية؛فيُحْمل ذلك على أنّ الذي فعله النبيّ-صل الله عليه وسلم-: إظهارٌ للشكر علي إيجاد الله إياه رحمة للعالمين وتشريعٌ لأمته كما كان يُصَلِّي علي نفسه,لذلك فيُسْتَحَبّ لنا-أيضاً- إظهارُ الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحوه من وجوه القُرُبات وإظهار المَسَراَّت.
ثم رأيتُ إمامَ القُرَّاء الحافظَ شمسَ الدين بن الَجَزرِيّ قال في كتابه المسمى: "عَرْف التعريف بالمولد الشريف" مانصّه:
"قد رُؤِيَ أبو لَهْبٍ بعد موته في النوم,فقيل له: ماحالُك؟فقال:في النار,إلا أنه يُخَفَّف عنِّي في ليلةِ الاثنين وأمصّ من بين أصابعي ماءً بقدْر هذا,وأشار إلي رأس أصبعه,وإنّ ذلك بإعتاقي لثُوَيْبة,عندما بشَّرَتْني بولادةِ النبيّ-صل الله عليه وسلم-وبإرضاعها له.فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القراَن بذمه جوزي في النار بفرحهِ ليلةَ مولدِ النبيّ-صل الله عليه وسلم- به فما حال المسلم من أمة النبيّ-صل الله عليه وسلم-,يُسَرُّ بمولده؟ويبذلُ ماتصل إليه قدرتُه في محبّته-صل الله عليه وسلم-؟لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يُدْخِلَه بفضله جنَّاتِ النَّعيم.
وقال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدمشقي في كتابه المسمى"مَوْرِد الصادي في مولد الهادي": قد صحّ أن أبا لهب يُخَفّف عنه عذابُ النار في مثل يوم الاثنين؛لإعتاقه ثُوَيْبة؛سروراً بميلاد النبيّ-صل الله عليه وسلم-,ثم أنشد:
إذا كان هذا كافراً جاء ذمُّه ** وتَبَّتْ يداه في الجحيم مخلّدا
أتى أنّه في يوم الاثنين دائماً ** يُخَفّف عنه للسرور بأحمدا
فما الظنُّ بالعبدِ الذي طول عمرهِ ** بأحمدَ مسروراً ومات موحِّدا
قلت:وقد ذكر تخفيف العذاب عن أبي لهب الحافظُ البيهقيّ في"دلائل النبوة" وعزاه للبخاري في الصحيح.
قال ابن خِلّكَان في ترجمةِ الحافظ أبي الخطاب بن دِحْية:كان من أعيان العلماء,وشاهير الفضلاء,قدم من المغرب,فدخل الشام والعراق واجتاز بإرْبِلَ سنةَ أربعٍ وستّمائة فوجد ملكَها المعظّم مظفّر الدين ابن زين الدين يعتني بالمولد النبوي,فعمل له كتاب"التنوير في مولد البشير النذير" وقرأه عليه بنفسه فأجازه بألف دينار.
وقد أشار صاحب"المدخل" إلى تخريج رابع,بعد ذِكرِه لبعض البدع المنهيّات,التي كانت تُعْمَل في زمنه(رضي الله عنه).فقال:أيُّ نسبةٍ بينها-البدع- وبين تعظيم هذا الشهر الكريم,الذي مَنَّ اللهُ علينا فيه بسيِّد الأولين والأخرين؟!فكان يجب أن يُزَاد فيه من العبادات والخير؛شكراً للمولي علي ماأولانا به من هذه النعم العظيمة,وإن كان النبيّ-صل الله عليه وسلم-لم يزد فيه على غيره من الشهور شيئاً من العبادات.وما ذاك إلا لرحمته-صل الله عليه وسلم-بأمته,ورفقِة بهم؛لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترك العمل خَشْيَةَ أن يُفْرض على أمّته,رحمةً منه بهم.ولكن أشار عليه الصلاة والسلام إلي فضيلةِ هذا الشهر العظيم,بقوله للسائل الذي سأله عن صوم يوم الأتنين: "ذاك يوم وُلِدْت فيه",أخرجه مسلم.
فتشريف هذا اليوم متضمنٌ لتشريف هذا الشهرالذي وُلِدَ فيه,فينبغي أن نحترمه حقَّ الاحترام,ونُفَضِّلَه بما فَضَّلَ الله به الأشهرَ الفاضلة-وهذا منها-لقوله عليه الصلاة والسلام: "أنا سيد وَلَدِ اَدم ولا فخر اَدم ومن دونه تحت لوائي".وفضيلة الأزمنة والأمكنة بما خصّها الله به من العبادات التي تُفعل فيها,لما قد عُلمَ أن الأمكنة والأزمنة لاتَشْرُف لذاتها,وإنما يحصل لها التشريف بما خُصت به من المعاني,فانظر بما خَص الله به هذا الشهر الشريف,ويوم الأثنين. ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضلٌ عظيم؛لأنه-صل الله عليه وسلم-وُلد فيه؟فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يُكَرَّم ويُعظم ويُحترم الاحترام اللائقَ به إتباعاً له-صل الله عليه وسلم- في كونه كان يَخُص الأوقات الفاضله بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات,ألا ترى إلى قول ابن عباس(رضي الله عنهما): "كان رسول الله صل الله عليه وسلم أجودَ الناس بالخير,وكان أجودَ مايكون في رمضان"فلنمتثل تعظيم الاوقات الفاضلة بما امتثله على قدر استطاعتنا.
|
|
|