20- باب تولية الأمير العامل إذا كان عارفًا بالحرب على من هو أفضل منه
2148- قَالَ إِسْحَاقُ: أَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ لَمَّا مَنَعَ عَمْرٌو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ النَّاسَ أَنْ يُوقِدُوا نَارًا: أَمَا تَرَى مَا يَصْنَعُ هَذَا بِالنَّاسِ، يَمْنَعُهُمْ مَنَافِعَهُمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ: دَعْهُ فَإِنَّمَا وَلاَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا لَعَلِمِهِ بِالْحَرْبِ.
هَذَا مُنْقَطِعٌ.
2149- أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَّرَ بَعْدَ غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَهُوَ غُلاَمٌ، فَأُسِرَ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ نَاسٌ كَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ وَسُبُوا، فَانْتَدَبَ فِي بَعْثِ أُسَامَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ ذَلِكَ الْجَيْشُ، فَأَنْفَذَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أُسَامَةُ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ حِينَ بُويِعَ لَهُ، وَلَمْ يَرُحْ أُسَامَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ حَتَّى بُويِعَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَجَّهَنِي لِمَا وَجَّهَنِي لَهُ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَرْتَدَّ الْعَرَبُ، فَإِنْ شِئْتَ كُنْتُ قَرِيبًا حَتَّى تَنْظُرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ: لاَ أَرُدُّ أَمْرًا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَافْعَلْ، فَأَذِنَ لَهُ فَانْطَلَقَ أُسَامَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ حَتَّى أَتَى الْمَكَانَ الَّذِي أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَتْهُمُ الضَّبَابَةُ حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ لاَ يَكَادُ يُبْصِرُ صَاحِبَهُ، قَالَ: فَوَجَدُوا رَجُلاً مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلاَدِ فَأَخَذُوهُ، فَدَلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ حَيْثُ أَرَادُوا، فَأَغَارُوا عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي أُمِرُوا، فَسَمِعَ بِذَلِكَ النَّاسُ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ: أَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْعَرَبَ قَدِ اخْتَلَفَتْ وَخُيُولُهُمْ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يُدْعَى بِالْإِمَارَةِ حَتَّى مَاتَ، يَقُولُونَ: بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَنْزِعْهُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَلَمَّا بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ قَالَ: تَثَبَّتُوا فَأَيُّ مَحِلَّةٍ سَمِعْتُمْ فِيهَا الأَذَانَ فَكُفُّوا فَإِنَّ الأَذَانَ شِعَارُ الْإِيمَانِ، قَالَ مَعْمَرٌ: وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: كَانَ أَهْلُ الرِّدَّةِ يَأْتُونَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَقُولُونَ: أَعْطِنَا سِلاَحًا نُقَاتِلْهُمْ، فَيُعْطِيهِمُ السِّلاَحَ، فَيُقَاتِلُونَهُ، فَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ الَسْلَمِيُّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ: أَتَأْخُذُونَ سِلاَحَهُ لِقِتَالِهِ فِي ذَلِكُمْ عِنْدَ الْإِلَهِ آثَامٌ.
21- باب فضل الإمام العادل وذم الجائر
2150- قَالَ إِسْحَاقُ: أَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، عَن ِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَفْضَلُ عِبَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِمَامٌ عَادِلٌ رَفِيقٌ، وَإِنَّ شَرَّ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِمَامٌ جَائِرٌ خَرِقٌ.
2151- أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمْ فَعَلَيْهِ بَهْلَةُ اللَّهِ وَبَهْلَةُ اللَّهِ: لَعْنَةُ اللَّهِ.
2152- وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلاَّمٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَعَدْلُ الْعَامِلِ فِي رَعِيَّتِهِ يَوْمًا وَاحِدًا أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الْعَابِدِ فِي أَهْلِهِ مِائَةَ عَامٍ، أَوْ خَمْسِينَ عَامًا الشَّاكُّ هُشَيْمٌ.
2153- وقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ضِرَارٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَا أَنَا بِالْمُثْنِي عَلَى وَالٍ، قُلْتُ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: يُؤْتَى بِالْوُلاَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَادِلِهِمْ وجَائِرِهِمْ حَتَّى يَقِفُوا عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فِيكُمْ طَلَبِي، فَلاَ يَبْقَى جَائِرٌ فِي حُكْمِهِ مُرْتَشٍ فِي قَضَائِهِ مُمَكِّنٌ سَمْعَهُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ، إِلاَّ هَوَى فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا.
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: هَدَايَا الْعُمَّالِ حَرَامٌ كُلُّهَا.
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا رَجُلٍ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى عَشَرَةِ أَنْفُسٍ، عَلِمَ أَنَّ فِي الْعَشَرَةِ أَفْضَلَ مِمَّنِ اسْتَعْمَلَ، فَقَدْ غَشَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَغَشَّ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيُؤْتَى بِالَّذِي ضَرْبَ فَوْقَ الْحَدِّ، فَيَقُولُ: عَبْدِي لِمَ ضَرَبْتَ فَوْقَ مَا أَمَرْتُكَ؟ فَيَقُولُ: غَضِبْتُ، فَيَقُولُ: أَكَانَ غَضَبُكَ أَنْ يَكُونَ أَشَدَّ مِنْ غَضَبِي؟ يُؤْتَى بِالَّذِي قَصَّرَ، فَيَقُولُ: عَبْدِي لِمَ قَصَّرْتَ؟ فَيَقُولُ: رَحِمْتُهُ، فَيَقُولُ: أَكَانَتْ رَحْمَتُكَ أنَ تَكُونَ أَشَدَّ مِنْ رَحْمَتِي؟ فَيُؤْمَرُ بِهِمَا جَمِيعًا إِلَى النَّارِ.
2156- وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى عِصَابَةٍ وَفِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ، فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَخَانَ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَخَانَ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ.
أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ.
2157- وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لاَ تَنَالُهُمَا شَفَاعَتِي، وَلَنْ تَنَالَهُمَا شَفَاعَتِي، أَوْ لَنْ أَشْفَعَ لَهُمَا: أَمِيرٌ ظَلُومٌ غَشُومٌ عَسُوفٌ، وَكُلُّ غَالٍ مَارِقٍ.
2158- وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مَنِيعٌ، قَالَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ حَدَّثَهُ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: رَجُلاَنِ مِنْ أُمَّتِي لاَ تَنَالُهُمَا شَفَاعَتِي: إِمَامٌ ظَلُومٌ عَسُوفٌ غَشُومٌ، وَآخَرُ غَالٍ فِي الدِّينِ مَارِقٌ فيهُ.
2158- حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا الأَغْلَبُ بْنُ تَمِيمٍ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، مِثْلَهُ، وَلَمْ يَقُلْ يَقُلْ عَسُوفٌ.
2159- وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ الْمَالِكِيِّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا عَدَلَ وَالٍ اتَّجَرَ فِي رَعِيَّتِهِ.
2160- وقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَفَعَهُ، أَنّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ يَسْتَرْعِي اللَّهُ تَعَالَى عَبْدًا رَعِيَّةً قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ إِلاَّ سَأَلَهُ عَنْهَا أَقَامَتْ فِيهِمْ إِمْرَتُهُ أَوْ ضَاعَتْ، حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ خَاصَّةً.
22- باب النهي عن الطاعة في غير المعروف
2161- قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنِ الأَعْشَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُكْمِلٍ، عَنْ أَزْهَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَقْبَلَ عُبَادَةُ حَاجًّا مِنَ الشَّامِ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَأَتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَأْمُرُونَكُمْ بِمَا تَعْرِفُونَ، وَيَعْمَلُونَ بمَا تُنْكِرُونَ، فَلَيْسَ لِأُولَئِكَ عَلَيْهِمْ طَاعَةٌ.
2162- وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَرْبٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُنَيْبٍ، قَالَ: إِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُ، أَنَّ مُعَاذًا رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ لاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِكَ، وَلاَ يَأْخُذُونَ بِأَمْرِكَ، فَمَا تَأْمُرُنَا فِيهِمْ؟ قَالَ: لاَ طَاعَةَ لِمَنْ لَمْ يُطِعِ اللَّهَ.
23- باب العرافة
2163- قَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، قَالَ: الْعِرَافَةُ أَوَّلُهَا مَلاَمَةٌ، وَآخِرُهَا نَدَامَةٌ، وَالْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِلاَّ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ مِنْهُمْ، قَالَ: إِنَّمَا أُحَدِّثُكَ كَمَا سَمِعْتُ.
2163- وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، بِهِ.
2164- وقَالَ مُسَدَّدٌ: حدَّثنا يحيى، عن أبي الأشهب، عن ضابىء بن بشار، عن عمه صعصة بن مالك، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: العريف يفتح له كل عام باب من جهنم، أو من النار.
2165- وقَالَ مُسَدَّدٌ: حدَّثنا إسماعيل، ثنا الجُرَيْري، عن خالد بن علاق قلت لأبي هريرة رضي الله عنه، فقال: لا تكن عريفًا، ولا شرطيًا، قلت: لم؟ قال: يدينوك ولا ينسونك.
2166- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ شَبِيبًا، يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ تَكُنْ عَرِيفًا وَلاَ شُرَطِيًّا.
2167- وقال الحميدي: حدَّثنا سفيان، ثنا صالح بن صالح- وكان خيرًا من ابنيه-، عن الشَّعبي قال: قالوا: الرجل يعرفه علينا؟ فقال: إنما عريفكم الأهيس، الأكيس، الذئب الأطلس، الملك المجلس، الذي إذا قيل: ها انتهس، وإذا قيل له: هات خنس.
2168- وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ، هُوَ ابْنُ سُحَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ، فَقَالَ: طُوبَى لَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَرِيفًا.
2169- حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِ حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ عَرِيفٍ، وَالْعَرِيفُ فِي النَّارِ قَالَ: وَيُؤْتَى بِالشُّرَطِيِّ فَيُقَالُ لَهُ: ضَعْ سَوْطَكَ وَادْخُلِ النَّارَ.
2170- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالاَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ سُفَهَاءُ، يُقَدِّمُونَ شِرَارَ النَّاسِ، وَيُؤَخِّرُونَ خِيَارَهُمْ، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلاَ يَكُونَنَّ عَرِيفًا، وَلاَ شُرَطِيًّا، وَلاَ جَابِيًا، وَلاَ خَايِنًا.
24- باب عهد الإمام إلى عماله كيف يسيرون في أهل الإسلام والكفر
2171- قَالَ الْحَارِثُ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، حَدَّثَنَا أَبِي الْمُحَبَّرِ بْنِ قَحْذَمٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ بَعْضِ وَلَدِ الْجَارُودِ، عَنِ الْجَارُودِ، أَنَّهُ أَخَذَ هَذِهِ النُّسْخَةَ مِنْ نُسْخَةِ عَهْدِ الْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ الَّذِي كَتَبَهُ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، حِينَ بَعَثَهُ عَلَى الْبَحْرَيْنِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الْقُرَشِيِّ الْهَاشِمِيِّ، رَسُولِ اللَّهِ وَنَبِيِّهِ إِلَى خَلْقِهِ كَافَّةً، لِلْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، عَهْدًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ، اتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنِّي قَدْ بَعَثْتُ عَلَيْكُمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ وَأَمَّرْتُهُ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَ يُلِينَ لَكُمُ الْجَنَاحَ، وَيُحْسِنَ فِيكُمُ السِّيرَةَ بِالْحَقِّ، وَيْحَكُمَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ لَقِيَ مِنَ النَّاسِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ مِنَ الْعَدْلِ، وَأَمَرْتُكُمْ بِطَاعَتِهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَقَسَمَ نِقِسْطٍ، وَاسْتُرْحِمَ فَرَحِمَ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، وَأَحْسِنُوا مُؤَازَرَتَهُ وَمُعَاوَنَتَهُ، فَإِنَّ لِي عَلَيْكُمْ مِنَ الْحَقِّ طَاعَةً وَحَقًّا عَظِيمًا، لاَ تَقْدُرُونَ كُلَّ قَدْرِهِ، وَلاَ يَبْلُغُ الْقَوْلُ كُنْهَ حَقِّ عَظَمَةِ اللَّهِ وَحَقِّ رَسُولِهِ، كَمَا أَنَّ لِلَّهَ وَلِرَسُولِهِ عَلَى النَّاسِ عَامَّةً، وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً حَقًّا وَاجِبًا فِطَاعَتِهِ، وَالْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ، كَذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى وُلاَتِهِمْ حَقًّا وَاجِبًا وَطَاعَةً فَرَضَ اللَّهِ تَعَالَى عَمَّنِ اعْتَصَمَ بِالطَّاعَةِ، وَعَظَّمَ حَقَّ أَهْلِهَا وَحَقَّ وُلاَتِهَا، فَإِنَّ فِي الطَّاعَةِ دَرْكًا لِكُلِّ خَيْرٍ يُبْتَغَى، وَنَجَاةً مِنْ كُلِّ شَرٍّ يُتَّقَى، وَأَنَا أُشْهِدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَنْ وَلَّيْتُهُ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ قَلِيلاَ أَوْ كَثِيرًا فَلَمْ يَعْدِلْ فِيهِمْ، أَنْ لاَ طَاعَةَ لَهُ، وَهُوَ خَلِيعٌ مِمَّا وَلَّيْتُهُ، وَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الَّذِينَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَيْمَانُهُمْ وَعَهْدُهُمْ، وَلْيَسْتَخِيرُوا اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ لِيَسْتَعْمِلُوا عَلَيْهِمْ أَفْضَلَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، أَلاَ وَإِنْ أَصَابَتِ الْعَلاَءَ مِنْ مُصِيبَةٍ، فَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ سَيْفُ اللَّهِ فِيهِمْ خَلَفٌ لِلْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا مَا عَرَفْتُمْ أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، حَتَّى يُخَالِفَ الْحَقَّ إِلَى غَيْرِهِ، فَسِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَنَصْرِهِ وَعَافِيَتِهِ وَرُشْدِهِ وَتَوْفِيقِهِ، فَمَنْ لَقِيتُمْ مِنَ النَّاسِ فَادْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ وَسُنَنِهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَإِحْلاَلِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ فِي كِتَابِهِ، وَتَحْرِيمِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي كِتَابِهِ، وَأَنْ يَخْلَعُوا الأَنْدَادَ وَيَبْرَؤُوا مِنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، وَيَكْفُرُوا بِعِبَادَةِ الطَّاغُوتِ وَاللاَتِ وَالْعُزَّى، وَأَنْ يَتْرُكُوا عِبَادَةَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، وعُزَيْرِ بْنِ حروهَ، وَالْمَلاَئِكَةِ، وَالشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ، وَالنِّيرَانِ، وَكُلِّ شَيْءٍ يُتَّخَذُ ضِدًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَتَوَلُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَنْ يَتَبَرَّؤُوا مِمَّنْ بَرِئَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ وَأَقَرُّوا بِهِ، دَخَلُوا فِي الْوَلاَيَةِ فَبَيِّنُوا بهمُ عِنْدَ ذَلِكَ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي تَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ كِتَابُ اللَّهِ الْمُنَزَّلُ مَعَ الرُّوحِ الأَمِينِ عَلَى صَفْوَتِهِ مِنَ الْعَالَمِينَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَسُولِهِ وَنَبِيِّهِ وَحَبِيبِهِ، أَرْسَلَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ عَامَّةً، الأَبْيَضِ مِنْهُمْ وَالأَسْوَدِ، وَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ، كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ كُلِّ شَيْءٍ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكُمْ، لِيَكُونَ حَاجِزًا بَيْنَ النَّاسِ، يَحْجِزُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَفِيهِ إِعْرَاضُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، وَهُوَ كِتَابُ اللَّهِ مُهَيْمِنًا عَلَى الْكُتُبِ، مُصَدِّقًا لِمَا فِيهَا مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، يُخْبِرُكُمْ فِيهِ اللَّهُ بِمَا كَانَ قَبْلَكُمْ مِمَّا فَاتَكُمْ دَرْكُهُ فِي آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ، الَّذِينَ أَتَتْهُمْ رُسُلُ اللَّهِ وَأَنْبِيَاؤُهُ، كَيْفَ كَانَ جَوَابُهُمْ، وَبِمَا أَرْسَلَهُمْ، وَكَيْفَ كَانَ تَصْدِيقُهُمْ بِآيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ تَكْذِيبُهُمْ بِهِمَا، وَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ بِشَأْنِهِمْ وَعَمَلِهِمْ، وَعَمَلِ مَنْ هَلَكَ مِنْهُمْ بِدِينِهِ، لِتَجْتَنِبُوا ذَلِكَ، وَأَنْ لاَ تَعْمَلُوا مِثْلَهُ، لِئَلاَّ يَحِقَّ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ عِقَابِهِ وَسَخَطِهِ وَنِقْمَتِهِ، مِثْلُ الَّذِي حَلَّ عَلَيْهِمْ مِنْ سُوءِ أَعْمَالِهِمْ، لِتَهَاوُنِهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَخْبَرَكُمْ فِي كِتَابِهِ بِأَعْمَالِ مَنْ مَضَى مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لِتَعْمَلُوا بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ، بَيَّنَ لَكُمْ فِي كِتَابِهِ هَذَا شَأْنَ ذَلِكَ كُلِّهِ، رَحْمَةً مِنْهُ بِكُمْ، وَشَفَقَةً مِنْ رَبِّكُمْ عَلَيْكُمْ، وَهُوَ هُدًى مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَتِبْيَانٌ مِنَ الْعَمَى، وَإِقَالَةٌ مِنَ الْعَثْرَةِ، وَنَجَاةٌ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَنُورٌ مِنَ الظُّلْمَةِ، وَشِفَاءٌ عِنْدَ الأَحْدَاثِ، وَعِصْمَةٌ مِنَ التَّهْلُكَةِ، وَرُشْدٌ مِنَ الْغِوَايَةِ، وَبَيَانٌ مِنَ اللُّبْسِ، وَفَيْصَلُ مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فِيهِ كَمَالُ دِينِكُمْ، فَإِذَا عَرَضْتُمْ هَذَا عَلَيْهِمْ، فَأَقَرُّوا لَكُمْ بِهِ، فَاسْتَكْمِلُوا الْوَلاَيَةَ، فَاعْرِضُوا عَلَيْهِمْ عِنْدَ ذَلِكَ الْإِسْلاَمَ، وَهُوَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَالْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَالطُّهُورُ قَبْلَ الصَّلاَةِ، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الْمُسْلِمِ، وَحُسْنُ الصُّحْبَةِ، حَتَّى لِلْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ أَسْلَمُوا، فَادْعُوهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْإِيمَانِ، وَانْصِبُوا لَهُمْ شَرَائِعَهُ، وَمَعَالِمَهُ، وَالْإِيمَانُ بِشَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ الْحَقُّ، وَأَنَّ مَا سِوَاهُ الْبَاطِلُ، وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْإِيمَانُ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَا خَلْفَهُ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، وَالْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ، وَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ كَافَّةً، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ وَأَقَرُّوا بِهِ فَهُمْ مُسْلِمُونَ مُؤْمِنُونَ، ثُمَّ دُلُّوهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْإِحْسَانِ، وَعَلِّمُوهُمْ أَنَّ الْإِحْسَانَ أَنْ يُحْسِنُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَدَاءِ الأَمَانَةِ، وَعَهْدِهِ الَّذِي عَهِدَهُ إِلَى رُسُلِهِ، وَعَهْدِ رُسُلِهِ إِلَى خَلْقِهِ وَأَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالتَّسْلِيمِ وَسَلاَمَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ غَائِلَةِ لِسَانٍ أَوْ يَدٍ، وَأَنْ يَبْتَغِيَ لِبَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يَبْتَغِي لِنَفْسِهِ، وَالتَّصْدِيقِ لِمَوَاعِيدِ الرَّبِّ وَلِقَائِهِ وَمُعَايَنَتِهِ، وَالْوَدَاعِ مِنَ الدُّنْيَا فِي كُلِّ سَاعَةٍ، وَالْمُحَاسَبَةِ لِلنَّفْسِ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَتَزَوُّدٍ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالتَّعَاهُدِ لِمَا فَرَضَ اللَّهُ تَأْدِيَتَهُ إِلَيْهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلاَنِيَةِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، فَهُمْ مُسْلِمُونَ مُؤْمِنُونَ مُحْسِنُونَ، ثُمَّ انْعَتُوا لَهُمُ الْكَبَائِرَ وَدُلُّوهُمْ عَلَيْهِمْ، وَخَوِّفُوهُمْ مِنَ الْهَلَكَةِ فِي الْكَبَائِرِ، فَإِنَّ الْكَبَائِرَ هِيَ الْمُوبِقَاتُ، وَأُولاَهُنَّ الشِّرْكُ بِاللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَالسِّحْرُ، وَمَا لِلسَّاحِرِ مِنْ خَلاقٍ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، فَقَدْ بَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ، وَالْغُلُولُ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلاَ يُقْبَلُ مِنْهُمْ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا، وَأَكْلُ الرِّبَا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنِ انْتَهَوْا عَنِ الْكَبَائِرِ فَهُمْ مُسْلِمُونَ مُؤْمِنُونَ مُحْسِنُونَ مُتَّقُونَ، فَادْعُوهُمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ إِلَى الْعِبَادَةِ، وَالْعِبَادَةُ: الصِّيَامُ، وَالْقِيَامُ، وَالْخُشُوعُ، وَالْخُضُوعُ، وَالرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ، وَالْإِنَابَةُ، وَالْيَقِينُ، وَالْإِخْبَاتُ، وَالتَّهْلِيلُ، وَالتَّسْبِيحُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَالصَّدَقَةُ بَعْدَ الزَّكَاةِ، وَالتَّوَاضُعُ، وَالسُّكُونُ، وَالْمُوَاسَاةُ، وَالدُّعَاءُ، وَالتَّضَرُّعُ، وَالْإِقْرَارُ بِالْمِلْكِ، وَالْعَبُّوديَةِ، وَالاِسْتِقْلاَلُ بِمَا كَثُرَ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَهُمْ مُؤْمِنُونَ مُسْلِمُونَ مُحْسِنُونَ مُتَّقُونَ عَابِدُونَ، وَقَدِ اسْتَكْمَلُوا الْعِبَادَةَ، فَادْعُوهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى الْجِهَادِ وَبَيِّنُوهُ لَهُمْ، وَرَغِّبُوهُمْ فِيمَا رَغَّبَهُمُ اللَّهُ فِيهِ مِنْ فَضِيلَةِ الْجِهَادِ وَثَوَابِهِ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنِ انْتُدِبُوا فَبَايِعُوهُمْ وَادْعُوهُمْ حَتَّى تُبَايِعُوهُمْ إِلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، عَلَيْكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَذِمَّتُهُ، سَبْعُ كَفَالاَتٍ، يَعْنِي: اللَّهُ كَفِيلٌ عَلَى الْوَفَاءِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، لاَ تَنْكُثُونَ أَيْدِيَكُمْ مِنْ بَيْعَةٍ، وَلاَ تَنْقُضُونَ أَمْرَ وَالٍ مِنْ وُلاَةِ الْمُسْلِمِينِ، فَإِذَا أَقَرُّوا بِهَذَا فَبَايِعُوهُمْ، وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ لَهُمْ، فَإِذَا خَرَجُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ غَضَبًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَصْرًا لِدِينِهِ، فَمَنْ لَقُوا مِنَ النَّاسِ، فَلْيَدْعُوهُمْ إِلَى مَا دُعُوا إِلَيْهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بِإِجَابَتِهِ، ثُمَّ إِسْلاَمِهِ وَإِيمَانِهِ، وَإِحْسَانِهِ، وَتَقْوَاهُ، وَعِبَادَتِهِ، وَجِهَادِهِ، فَمَنِ اتَّبَعَهُمْ فَهُوَ الْمُسْتَحَثُّ الْمُسْتَكْثِرُ الْمُسْلِمُ الْمُؤْمِنُ الْمُحْسِنُ الْمُتَّقِي الْعَابِدُ الْمُجَاهِدُ، لَهُ مَا لَكُمْ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْكُمْ، وَمَنْ أَبَى هَذَا عَلَيْكُمْ فَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى يَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ وَإِلَى دِينِهِ، وَمَنْ عَاهَدْتُمْ وَأَعْطَيْتُمُوهُ ذِمَّةَ اللَّهِ فَفُوا لَهُ بِهَا، وَمَنْ أَسْلَمَ وَأَعْطَاكُمُ الرِّضَا فَهُوَ مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنْهُ، وَمَنْ قَاتَلَكُمْ عَلَى هَذَا بَعْدَ مَا سَمَعَّتُمُوهُ لَهُ، فَقَاتِلُوهُ، وَمَنْ صَالَ بِكُمْ فَحَارِبُوهُ، وَمَنْ كَايَدَكُمْ فَكَايِدُوهُ، وَمَنْ جَمَعَ لَكُمْ فَاجْمِعُوا لَهُ، وَمَنْ غَالَكُمْ فَغِيلُوهُ، أَوْ خَادَعَكُمْ فَاخْدَعُوهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْتَدُوا، أَوْ مَاكَرَكُمْ فَامْكُرُوا بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْتَدُوا سِرًّا وَعَلاَنِيَةً، فَإِنَّهُ مَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَكُمْ يَرَاكُمْ وَيَرَى أَعْمَالَكُمْ، وَيَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ كُلَّهُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ فَإِنَّمَا هَذِهِ أَمَانَةٌ أَمَّنَنِي رَبِّي عَلَيْهَا، أُبَلِّغُهَا عِبَادَهُ عُذْرًا مِنْهُ إِلَيْهِمْ، وَحُجَّةً مِنْهُ احْتَجَّ بِهَا عَلَى مَنْ بَلَغَهُ هَذَا الْكِتَابُ مِنَ الْخَلْقِ جَمِيعًا، فَمَنْ عَمِلَ بِمَا فِيهِ نَجَا، وَمَنِ اتَّبَعَ بمَا فِيهِ اهْتَدَى، وَمَنْ خَاصَمَ بِهِ أَفْلَحَ، وَمَنْ قَاتَلَ بِهِ نُصِرَ، وَمَنْ تَرَكَهُ ضَلَّ، حَتَّى يُرَاجِعَهُ فَتَعَلَّمُوا مَا فِيهِ، وَاسْمَعُوا آذَانَكُمْ، وَأَوْعُوهُ أَجْوَافَكُمْ، وَاسْتَحْفِظُوهُ قُلُوبَكُمْ، فَإِنَّهُ نُورُ الأَبْصَارِ، وَرَبِيعُ الْقُلُوبِ، وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ، وَكَفَى بِهَذَا آمِرًا وَمُعْتَبَرًا، وَزَاجِرًا وَعِظَةً، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهَذَا هُوَ الْخَيْرُ الَّذِي لاَ شَرَّ فِيهِ، كِتَابُ مُحَمَّدِ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَنَبِيِّهِ لِلْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ حَيْثُ بَعَثَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى مَا فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ، وَيَنْهَى عَنْ مَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ، وَيَدُلَّ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ رَشَدٍ، وَيَنْهَى عَمَّا فِيهِ مِنْ غِيٍّ، كِتَابٌ ائْتَمَنَ عَلَيْهِ نَبِيُّ اللَّهِ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، وَخَلِيفَتَهُ سَيْفَ اللَّهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَقَدْ أَعْذَرَ إِلَيْهِمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَإِلَى مَنْ مَعَهُمَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ عُذْرًا فِي إِضَاعَةِ شَيْءٍ مِنْهُ، لاَ الْوُلاَةِ وَلاَ الْمُتَوَلَّى عَلَيْهِمْ، فَمَنْ بَلَغَهُ هَذَا الْكِتَابُ مِنَ الْخَلْقِ جَمِيعًا فَلاَ عُذْرَ لَهُ وَلاَ حُجَّةَ، وَلاَ يُعُذْرُ بِجَهَالَةِ شَيْءٍ مِمَّا فِي هَذَا الْكِتَابِ، كُتِبَ هَذَا الْكِتَابُ لِثَلاَثٍ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لِأَرْبَعِ سِنِينَ مَضَتْ مِنْ مُهَاجَرِ نَبِيِّ اللَّهِ إِلاَّ شَهْرَيْنِ، شَهِدَ الْكِتَابَ يَوْمَ كَتَبَهُ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ يُمِلُّهُ عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، الْمُخْتَارُ بْنُ قَيْسٍ الْقُرَشِيُّ، وَأَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ الْعَبْسِيُّ، وَقُصَيُّ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْحِمْيَرِيُّ، وَشَبِيبُ بْنُ أَبِي مِرْثَدٍ الْغَسَّانِيُّ، وَالْمُسْتَنِيرُ بْنُ أَبِي صَعْصَعَةَ الْخُزَاعِيُّ، وَعَوَانَةُ بْنُ شَمَّاخٍ الْجُهَنِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَالنُّقَبَاءُ وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ، وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ حَتَّى دَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَسَيْفِ اللَّهِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.