الجزء الرابع
2649- ذِكْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
6532- أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو خَلِيفَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ، ثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلِ بْنِ عَبْدِ نُهْمٍ بْنِ عَفِيفِ بْنِ سُحَيْمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ ذُؤَيْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَدِّ بْنِ طَابِخَةَ.
6533- أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا، ثَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، قَالَ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيُّ يُكَنَّى أَبَا سَعِيدٍ وَذَكَرَ هَذَا النَّسَبَ وَزَادَ فِيهِ، وَأُمُّهُ الْعَتِيلَةُ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ بْنِ مُزَيْنَةَ وَلَهُ دَارٌ بِالْبَصْرَةِ بِحَضْرَةِ الْجَامِعِ.
6534- أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقَارِيُّ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنِ ابْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: إِذَا أَنَا مُتُّ، فَاجْعَلُوا فِي آخِرِ غُسْلِي كَافُورًا، وَكَفِّنُونِي فِي بُرْدَيْنِ وَقَمِيصٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ.
2650- ذِكْرُ كَعْبٍ وَبُجَيْرٍ ابْنَيْ زُهَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
6535- حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ، ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: وَكَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ وَبُجَيْرُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَاسْمُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةُ بْنُ رَبَاحِ بْنِ قُرْطِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ حَلَاوَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ هَدْمَةَ بْنِ لَاطِمِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَدِّ بْنِ طَابِخَةَ وَفَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَا وَصَحِبَاهُ.
2651- دَعْوَةُ بُجَيْرٍ إِلَى أَخِيهِ كَعْبٍ لِلْإِسْلَامِ
2652- إِسْلَامُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ
6536- أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَسَدِيُّ، بِهَمْدَانَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ ذِي الرُّقَيْبَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: خَرَجَ كَعْبٌ وَبُجَيْرٌ ابْنَا زُهَيْرٍ حَتَّى أَتَيَا أَبْرَقَ الْعَزَّافِ، فَقَالَ بُجَيْرٌ لِكَعْبٍ: اثْبُتْ فِي عَجَلِ هَذَا الْمَكَانَ حَتَّى آتِيَ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْمَعَ مَا يَقُولُ.
فَثَبَتَ كَعْبٌ وَخَرَجَ بُجَيْرٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَأَسْلَمَ فَبَلَغَ ذَلِكَ كَعْبًا، فَقَالَ:
أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي بُجَيْرًا رِسَالَةً *** عَلَى أَيٍّ شَيْءٍ وَيْحَ غَيْرِكَ دَلَّكَا
عَلَى خَلْقٍ لَمْ تَلْفَ أُمًّا وَلَا أَبًا *** عَلَيْهِ وَلَمْ تُدْرِكْ عَلَيْهِ أَخًا لَكَا
سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسٍ رَوِيَّةً *** وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلَّكَا
فَلَمَّا بَلَغَتِ الْأَبْيَاتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَهْدَرَ دَمَهُ، فَقَالَ: " مَنْ لَقِيَ كَعْبًا فَلْيَقْتُلْهُ "، فَكَتَبَ بِذَلِكَ بُجَيْرٌ إِلَى أَخِيهِ يَذْكُرُ لَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَهْدَرَ دَمَهُ، وَيَقُولُ لَهُ: النَّجَا وَمَا أَرَاكَ تَفْلِتُ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ اعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ يَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا قَبِلَ ذَلِكَ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَأَسْلِمْ وَأَقْبِلْ، فَأَسْلَمَ كَعْبٌ وَقَالَ الْقَصِيدَةَ الَّتِي يَمْدَحُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ بِبَابِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ مَكَانَ الْمَائِدَةِ مِنَ الْقَوْمِ مُتَحَلِّقُونَ مَعَهُ حَلْقَةً دُونَ حَلْقَةٍ يَلْتَفِتُ إِلَى هَؤُلَاءِ مَرَّةً، فَيُحَدِّثُهُمْ وَإِلَى هَؤُلَاءِ مَرَّةً، فَيُحَدِّثُهُمْ، قَالَ كَعْبٌ: فَأَنَخْتُ رَاحِلَتِي بِبَابِ الْمَسْجِدِ، فَعَرَفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالصِّفَةِ فَتَخَطَّيْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَيْهِ فَأَسْلَمْتُ فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ الْأَمَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " وَمَنْ أَنْتَ؟ " قُلْتُ: أَنَا كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: " أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ "، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: " كَيْفَ قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ " فَأَنْشَدَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ *** وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُورُ مِنْهَا وَعَلَّكَا
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا قُلْتُ هَكَذَا، قَالَ: " وَكَيْفَ قُلْتَ "، قَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ:
سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسٍ رَوِيَّةً *** وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلَّكَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " مَأْمُونٌ وَاللَّهِ "، ثُمَّ أَنْشَدَهُ الْقَصِيدَةَ كُلَّهَا حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا وَأَمْلَاهَا عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ ذِي الرُّقَيْبَةِ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا وَهِيَ هَذِهِ الْقَصِيدَةُ:
قَصِيدَةُ بَانَتْ سُعَادُ لِكَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ *** مُتَيَّمٌ إِثْرَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ
وَمَا سُعَادُ غَدَاةَ الْبَيْنِ إِذْ ظَعَنُوا إِلَّا *** أَغَنُّ غَضِيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
تَجْلُو عَوَارِضَ ذِي ظَلْمٍ إِذَا ابْتَسَمَتْ *** كَأَنَّهَا مُنْهَلٌ بِالْكَاسِ مَعْلُولُ
شَجَّ السُّقَاةُ عَلَيْهِ مَاءَ مَحْنِيَّةٍ مِنْ *** مَاءِ أَبْطَحَ أَضْحَى وَهْوَ مَشْمُولُ
تَنْفِي الرِّيَاحُ الْقَذَى عَنْهُ وَأَفْرَطَهُ *** مِنْ صَوْبِ سَارِيَةٍ بِيضٍ يَعَالِيلُ
سَقْيًا لَهَا خُلَّةً لَوْ أَنَّهَا صَدَقَتْ *** مَوْعُودَهَا وَلَوْ أَنَّ النُّصْحَ مَقْبُولُ
لَكِنَّهَا خُلَّةٌ قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِهَا *** فَجْعٌ وَوَلْعٌ وَإِخْلَافٌ وَتَبْدِيلُ
فَمَا تَدُومُ عَلَى حَالٍ تَكُونُ بِهَا *** كَمَا تَلَوَّنُ فِي أَثْوَابِهَا الْغُولُ
فَلَا تَمَسَّكُ بِالْوَصْلِ الَّذِي زَعَمَتْ *** إِلَّا كَمَا يُمْسِكُ الْمَاءَ الْغَرَابِيلُ
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلًا *** وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلَّا الْأَبَاطِيلُ
فَلَا يَغُرَّنَّكَ مَا مَنَّتْ وَمَا وَعَدَتْ *** إِلَّا الْأَمَانِيَّ وَالْأَحْلَامَ تَضْلِيلُ
أَرْجُو أَوْ آمُلُ أَنْ تَدْنُوَ مَوَدَّتُهَا *** وَمَا إِخَالُ لَدَيْنَا مِنْكِ تَنْوِيلُ
أَمْسَتْ سُعَادُ بِأَرْضٍ مَا يُبَلِّغُهَا *** إِلَّا الْعِتَاقُ النَّجِيبَاتُ الْمَرَاسِيلُ
وَلَنْ تَبْلُغَهَا إِلَّا عَذَافِرَةٌ *** فِيهَا عَلَى الْأَيْنِ إِرْقَالٌ وَتَبْغِيلُ
مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذَّفْرَى إِذَا عَرِقَتْ *** عُرْضَتُهَا طَامِسُ الْأَعْلَامِ مَجْهُولُ
يَمْشِي الْقُرَادُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَزْلِقُهُ *** مِنْهَا لِبَانٌ وَأَقْرَابٌ زَهَالِيلُ
عَيْرَانَةٌ قُذِفَتْ بِالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ *** وَمِرْفَقُهَا عَنْ ضُلُوعِ الزُّورِ مَفْتُولُ
كَأَنَّمَا قَابَ عَيْنَيْهَا وَمَذْبَحَهَا *** مِنْ خَطْمِهَا وَمِنَ اللَّحْيَيْنِ بِرْطِيلُ
تُمِرُّ مِثْلَ عَسِيبِ النَّحْلِ ذَا خَصْلٍ *** فِي غَارِزٍ لَمْ تَخَوَّنْهُ الْأَحَالِيلُ
قَنْوَاءُ فِي حُرَّتَيْهَا لِلْبَصِيرِ بِهَا عِتْقٌ مُبِينٌ وَفِي الْخَدَّيْنِ تَسْهِيلُ
تَخْذِي عَلَى يَسَرَاتٍ وَهْيَ لَاحِقَةٌ *** ذَوَابِلٌ مَسُّهُنَّ الْأَرْضَ تَحْلِيلُ
حَرْفٌ أَبُوهَا أَخُوهَا مِنْ مُهَجَّنَةٍ *** وَعَمُّهَا خَالُهَا قَوْدَاءُ شِمْلِيلُ
سُمْرُ الْعُجَايَاتِ يَتْرُكْنَ الْحَصَا زِيَمًا *** مَا إِنْ تَقَيَّهْنَ حَدَّ الْأُكْمِ تَنْعِيلُ
يَوْمًا تَظَلُّ حِدَابُ الْأَرْضِ يَرْفَعُهَا *** مِنَ اللَّوَامِعِ تَخْلِيطٌ وَتَرْجِيلُ
كَأَنَّ أَوْبَ يَدَيْهَا بَعْدَمَا نَجَدَتْ *** وَقَدْ تَلَفَّعَ بِالْقُورِ الْعَسَاقِيلُ
يَوْمًا يَظَلُّ بِهِ الْحِرْبَاءُ مُصْطَخِدًا *** كَأَنَّ ضَاحِيَةً بِالشَّمْسِ مَمْلُولُ
أَوْبٌ بَدَا نَأْكُلُ سَمْطَاءَ مَعْوَلَةً *** قَامَتْ تُجَاوِبُهَا سُمْطٌ مَثَاكِيلُ
نَوَّاحَةً رَخْوَةَ الضَّبْعَيْنِ لَيْسَ لَهَا *** لَمَّا نَعَى بَكْرَهَا النَّاعُونَ مَعْقُولُ
تَسْعَى الْوُشَاةُ جَنَابَيْهَا وَقِيلِهِمُ *** إِنَّكَ يَا ابْنَ أَبِي سُلْمَى لَمَقْتُولُ
خَلُّوا الطَّرِيقَ يَدَيْهَا لَا أَبَا لَكُمُ *** فَكُلُّ مَا قَدَّرَ الرَّحْمَنُ مَفْعُولُ
كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهُ *** يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ
أُنْبِئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَوْعَدَنِي *** وَالْعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مَأْمُولُ
فَقَدْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ مُعْتَذِرًا *** وَالْعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مَقْبُولُ
مَهْلًا رَسُولَ الَّذِي أَعْطَاكَ نَافِلَةَ الْ *** قُرْآنِ فِيهَا مَوَاعِيظٌ وَتَفْصِيلُ
لَا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوَالِ الْوُشَاةِ وَلَمْ *** أُجْرِمْ وَلَوْ كَثُرَتْ عَنِّي الْأَقَاوِيلُ
لَقَدْ أَقُومُ مَقَامًا لَوْ يَقُومُ لَهُ *** أَرَى وَأَسْمَعُ مَا لَوْ يَسْمَعُ الْفِيلُ
لَظَلَّ يُرْعَدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ *** عِنْدَ الرَّسُولِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَنْوِيلُ
حَتَّى وَضَعْتُ يَمِينِي لَا أُنَازِعُهُ *** فِي كَفٍّ ذِي نَقَمَاتٍ قَوْلُهُ الْقِيلُ
فَكَانَ أَخْوَفَ عِنْدِي إِذْ أُكَلِّمُهُ *** إِذْ قِيلَ إِنَّكَ مَنْسُوبٌ وَمَسْئُولُ
مِنْ خَادِرٍ شِيكِ الْأَنْيَابِ طَاعَ لَهُ *** بِبَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دُونَهُ غِيلُ
يَغْدُو فَيَلْحُمُ ضِرْغَامَيْنِ عِنْدَهُمَا *** لَحْمٌ مِنَ الْقَوْمِ مَنْثُورٌ خَرَادِيلُ
مِنْهُ تَظَلُّ حَمِيرُ الْوَحْشِ ضَامِرَةً *** وَلَا تَمْشِي بِوَادِيهِ الْأَرَاجِيلُ
وَلَا تَزَالُ بِوَادِيهِ أَخُو ثِقَةٍ *** مُطَرَّحُ الْبَزِّ وَالدِّرْسَانِ مَأْكُولُ
إِنَّ الرَّسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ *** وَصَارِمٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ مَسْلُولُ
فِي فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ *** بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا
زَالُوا فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلَا كُشُفٌ *** عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلَا مِيلٌ مَعَازِيلُ
شُمُّ الْعَرَانِينِ أَبْطَالٌ لُبُوسُهُمُ مِنْ *** نَسْجِ دَاوُدَ فِي الْهَيْجَا سَرَابِيلُ
بِيضٌ سَوَابِغُ قَدْ شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ *** كَأَنَّهَا حَلَقُ الْقَفْعَاءِ مَجْدُولُ
يَمْشُونَ مَشْيَ الْجِمَالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ *** ضَرْبٌ إِذَا غَرَّدَ السُّودُ التَّنَابِيلُ
لَا يَفْرَحُونَ إِذَا زَالَتْ رِمَاحُهُمُ *** قَوْمًا وَلَيْسُوا مَجَازِيعًا إِذَا نِيلُوا
مَا يَقَعُ الطَّعْنُ إِلَّا فِي نُحُورِهُمُ *** وَمَا لَهُمْ عَنْ حِيَاضِ الْمَوْتِ تَهْلِيلُ
6537- حَدَّثَنِي الْقَاضِي، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنِي مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْقَصُ، عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ، قَالَ: أَنْشَدَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ: بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ مُتَيَّمٌ عِنْدَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ.
6538- وَحَدَّثَنَا الْقَاضِي، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: أَنْشَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ بَانَتْ سُعَادُ فِي مَسْجِدِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ قَوْلَهُ:
إِنَّ الرَّسُولَ لَسَيْفٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ *** وَصَارِمٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ مَسْلُولُ
فِي فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ *** بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا
أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِكُمِّهِ إِلَى الْخَلْقِ لِيَسْمَعُوا مِنْهُ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ بُجَيْرُ بْنُ زُهَيْرٍ كَتَبَ إِلَى أَخِيهِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى يُخَوِّفُهُ وَيَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَقَالَ فِيهَا أَبْيَاتًا:
مَنْ مُبْلِغُ كَعْبًا فَهَلْ لَكَ فِي الَّتِي *** تَلَوَّمُ عَلَيْهَا بَاطِلًا وَهِيَ أَحْزَمُ
إِلَى اللَّهِ لَا الْعُزَّى وَلَا اللَّاتِ وَحْدَهُ *** فَتَنْجُو إِذَا كَانَ النَّجَاءُ وَتَسْلَمُ
لَدَى يَوْمٍ لَا يَنْجُو وَلَيْسَ بِمُفْلِتٍ *** مِنَ النَّارِ إِلَّا طَاهِرُ الْقَلْبِ مُسْلِمُ
فَدِينُ زُهَيْرٍ وَهُوَ لَا شَيْءَ بَاطِلٌ *** وَدِينُ أَبِي سُلْمَى عَلَيَّ مُحَرَّمُ
هَذَا حَدِيثٌ لَهُ أَسَانِيدُ قَدْ جَمَعَهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، فَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَحَدِيثُ الْحَجَّاجِ بْنِ ذِي الرُّقَيْبَةِ فَإِنَّهُمَا صَحِيحَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ فِي الْمَغَازِي مُخْتَصَرًا.
6539- كَمَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: (ح) وَأَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ الْجِرَاحِيُّ، وَاللَّفْظُ لَهُمَا قَالَا: أَنْبَأَ أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ مُنْصَرِفًا مِنَ الطَّائِفِ، وَكَتَبَ بُجَيْرُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى إِلَى أَخِيهِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى يُخْبِرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ رِجَالًا بِمَكَّةَ مِمَّنْ كَانَ يَهْجُوهُ وَيُؤْذِيهِ، وَأَنَّهُ مَنْ بَقِيَ مِنْ شُعَرَاءِ قُرَيْشٍ ابْنُ الزِّبَعْرَى وَهُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ قَدْ هَرَبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ فِي نَفْسِكَ حَاجَةٌ فَطِرْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ لَا يَقْتُلُ أَحَدًا جَاءَهُ تَائِبًا، وَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَانْجُ بِنَفْسِكَ إِلَى نَجَائِكَ، وَقَدْ كَانَ كَعْبٌ قَالَ أَبْيَاتًا نَالَ فِيهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رُوِيَتْ عَنْهُ وَعُرِفَتْ، وَكَانَ الَّذِي قَالَ:
أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي بُجَيْرًا رِسَالَةً *** وَهَلْ لَكَ فِيمَا قُلْتُ وَيْلَكَ هَلَّكَا
فَخَبَّرْتَنِي إِنْ كُنْتُ لَسْتُ بِفَاعِلٍ *** عَلَى أَيِّ شَيْءٍ وَيْحَ غَيْرِكَ دَلَّكَا
عَلَى خَلْقٍ لَمْ تُلْفِ أُمًّا وَلَا أَبًا *** عَلَيْهِ وَلَمْ تُلْفِ عَلَيْهِ أَبًا لَكَا
فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَلَسْتُ بِآسِفٍ *** وَلَا قَائِلٍ لِمَا عَثَرْتَ لَعَالِكَا
سَقَاكَ بِهَا الْمَأْمُونُ كَأْسًا رَوِيَّةً *** فَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلَّكَا
قَالَ: وَإِنَّمَا قَالَ كَعْبٌ: الْمَأْمُونُ لِقَوْلِ قُرَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ تَقُولُهُ فَلَمَّا بَلَغَ كَعْبًا ذَلِكَ ضَاقَتْ بِهِ الْأَرْضُ، وَأَشْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَرْجَفَ بِهِ مَنْ كَانَ فِي حَاضِرِهِ مِنْ عَدُوِّهِ، فَقَالُوا: هُوَ مَقْتُولٌ، فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ مِنْ شَيْءٍ بُدًّا قَالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي يَمْدَحُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ خَوْفَهُ وَإِرْجَافَ الْوُشَاةِ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ عَلَى رَجُلٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَعْرِفَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ كَمَا ذُكِرَ لِي، فَغَدَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، فَصَلَّى مَعَ النَّاسِ، ثُمَّ أَشَارَ لَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقُمْ إِلَيْهِ فَاسْتَأْمِنْهُ، فَذَكَرَ لِي أَنَّهُ قَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كَعْبَ بْنَ زُهَيْرٍ جَاءَ لِيَسْتَأْمِنَ مِنْكَ تَائِبًا مُسْلِمًا هَلْ تَقْبَلُ مِنْهُ إِنْ أَنَا جِئْتُكَ بِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: وَثَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي وَعَدُوَّ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " دَعْهُ عَنْكَ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ تَائِبًا نَازِعًا "، فَغَضِبَ كَعْبٌ عَلَى هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ لِمَا صَنَعَ بِهِ صَاحِبُهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّمُ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فِيهِ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَقَالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي حِينَ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بَانَتْ سُعَادُ فَذَكَرَ الْقَصِيدَةَ إِلَى آخِرِهَا، وَزَادَ فِيهَا:
تَرْمِي الْفِجَاجَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهِقٍ *** إِذَا تَوَقَّدَتِ الْحُزَّانُ فَالْمِيلُ
ضَخْمٌ مُقَلَّدُهَا فَعْمٌ مُقَيِّدُهَا فِي *** خَلْقِهَا عَنْ بَنَاتِ الْفَحْلِ تَفْضِيلُ
تَهْوِي عَلَى يَسَرَاتٍ وَهِيَ لَاهِيَةٌ *** ذَوَابُلٌ وَقْعُهُنَّ الْأَرْضَ تَحْلِيلُ
وَقَالَ لِلْقَوْمِ حَادِيهِمْ وَقَدْ جَعَلَتْ *** وَرِقَ الْجَنَادِبِ يَرْكُضْنَ الْحَصَى قِيلُ
لَمَّا رَأَيْتُ حُدَابَ الْأَرْضِ يَرْفَعُهَا *** مَعَ اللَّوَامِعِ تَخْلِيطٌ وَتَرْجِيلُ
وَقَالَ كُلُّ صَدِيقٍ كُنْتُ آمَلُهُ *** لَا أَلْفِيَنَّكَ إِنِّي عَنْكَ مَشْغُولُ
إِذَا يُسَاوِرُ قَرْنًا لَا يَحِلُّ لَهُ *** أَنْ يَتْرُكَ الْقَرْنَ إِلَّا وَهُوَ مَفْلُولُ
قَالَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: فَلَمَّا قَالَ: إِذَا أَعْرَدَ السُّودُ التَّنَابِيلُ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ مَعَاشِرَ الْأَنْصَارِ لِمَا كَانَ صَنَعَ صَاحِبُهُمْ وَخَصَّ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ قُرَيْشٍ بِمَدِيحِهِ غَضِبَتْ عَلَيْهِ الْأَنْصَارُ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ، وَهُوَ يَمْدَحُ الْأَنْصَارَ وَيُذْكَرُ بَلَاءَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَمَوْضِعَهُمْ مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ: