ذِكْرُ لُوطٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
1563- نَسَبُ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ
4105- قَدِ اتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ فِي أَنَّهُ مِنْ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ اخْتَلَفُوا أَهُوَ مِنْ وَلَدِهِ أَوْ مِنْ وَلَدِ أَخِيهِ، فَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْإِسْفَرَائِينِيُّ، ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبَرَاءِ، ثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَتْ سَارَّةُ تَزَوَّجَ إِبْرَاهِيمُ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: حَجُورَا فَوَلَدَتْ لَهُ سَبْعَةَ نَفَرٍ: بَافِسَ، وَمَدْيَنَ، وَكَيْسَانَ، وَلُوطًا، وَسَرْخَ، وَأُمَيْمَ، وَنَعْشَانَ، وَذَكَرَ أَيْضًا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَهْبٌ: مَدْيَنُ دَرَجَاتٌ لِإِبْرَاهِيمَ، وَأَنَّ لُوطًا كَانَ مِنْهُمْ.
4106- وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ، ثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: وَلُوطٌ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ ابْنَ أَخِي إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَفِي كِتَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بِامْرَأَتِهِ سَارَّةَ وَمَعَهَا أَخُوهَا لُوطٌ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ. وَهُوَ فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ.
4107- حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ شَبُّوَيْهِ الرَّئِيسُ، ثَنَا [...] ابْنُ سَاسَوَيْهِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَلُوطٌ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- هُوَ لُوطُ بْنُ فَارَانَ بْنِ آزَرَ بْنِ بَاخُورَ بْنِ أَخِي إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَالْمُؤْتَفِكَةُ هُمْ قَوْمُ لُوطٍ.
1564- لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ قَطُّ بَعْدَ لُوطٍ إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ
4108- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الصَّيْدَلَانِيُّ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أَنْبَأَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: " رَحِمَ اللَّهُ لُوطًا كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَمَا بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ نَبِيًّا إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، إِنَّمَا اتَّفَقَا عَلَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُخْتَصَرًا.
4109- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّنْعَانِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ الصَّنْعَانِيُّ، ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: (أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ قَطُّ بَعْدَ لُوطٍ إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ.
4110- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ، ثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: انْطَلَقَ لُوطٌ وَنَزَلَ عَلَى أَهْلِ سَدُومَ، فَوَجَدَهُمْ يَنْكِحُونَ الرِّجَالَ، فَنَزَلَ فِيهِمْ فَبَعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ فَدَعَاهُمْ وَوَعَظَهُمْ، وَكَانَ مِنْ خَبَرِهِمْ مَا قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ.
1565- حِلْيَةُ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ
4111- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَخْمَسِيُّ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنِي مُدْرِكُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنَا حَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، قَالَ: كَانَ لُوطٌ نَبِيَّ اللَّهِ، وَكَانَ ابْنَ أَخِي إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ حَسَنَ الْوَجْهِ دَقِيقَ الْأَنْفِ، صَغِيرَ الْأُذُنِ، طَوِيلَ الْأَصَابِعِ، جَيِّدَ الثَّنَايَا، أَحْسَنَ النَّاسِ مَضْحَكًا إِذَا ضَحِكَ، وَأَحْسَنَهُ وَأَرْزَنَهُ وَأَحْكَمَهُ وَأَقَلَّهُ أَذًى لِقَوْمِهِ، وَهُوَ حِينَ بَلَغَهُ عَنْ قَوْمِهِ مَا بَلَغَهُ مِنَ الْأَذَى الْعَظِيمِ الَّذِي أَرَادُوهُ عَلَيْهِ حَيْثُ يَقُولُ: (لَوْ أَنَّ لِيَ بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ).
1566- أَحْوَالُ إِبْرَاهِيمَ وَسَارَّةَ وَلُوطٍ وَقَوْمِهِ
4112- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، ثَنَا الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: وَبَلَغَنَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ، وَأَخْرَجُوهُ مِنْهَا طَرِيدًا فَانْطَلَقَ وَمَعَهُ سَارَّةُ، وَقَالَتْ لَهُ: إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ تَتَزَوَّجَهَا، فَكَانَ أَوَّلَ وَحْيٍ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ، وَآمَنَ بِهِ لُوطٌ فِي رَهْطٍ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ، وَقَالَ: (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فَأَخْرَجُوهُ مِنْ أَرْضِ بَابِلَ إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ حَتَّى وَرَدَ حَرَّانَ فَأَخْرَجُوهُ مِنْهَا، حَتَّى دَفَعُوا إِلَى الْأُرْدُنِّ وَفِيهَا جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَّارِينَ حَتَّى قَصَمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ رَجَعَ إِلَى الشَّامِ وَمَعَهُ لُوطٌ فَنَبَّأَ اللَّهُ لُوطًا وَبَعَثَهُ إِلَى الْمُؤْتَفِكَاتِ رَسُولًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ، وَهِيَ خَمْسَةُ مَدَائِنَ أَعْظَمُهَا سَدُومُ، ثُمَّ عَمُودُ، ثُمَّ أَرُومُ، ثُمَّ صَعُورُ، ثُمَّ صَابُورُ، وَكَانَ أَهْلُ هَذِهِ الْمَدَائِنِ أَرْبَعَةَ آلَافِ أَلْفَ إِنْسَانٍ فَنَزَلَ لُوطٌ سَدُومًا، فَلَبِثَ فِيهِمْ بِضْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً يَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى عِبَادَتِهِ وَتَرْكِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْخَبَائِثِ، وَكَانَتِ الضِّيَافَةُ مُفْتَرَضَةً عَلَى لُوطٍ كَمَا افْتُرِضَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، فَكَانَ قَوْمُهُ لَا يُضِيفُونَ أَحَدًا وَكَانُوا يَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَيَدَعُونَ النِّسَاءَ، فَعَيَّرَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ) قَالَ وَهْبٌ: وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى إِتْيَانِ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ أَنَّهُمْ كَانَتْ لَهُمْ بَسَاتِينُ وَثِمَارٌ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَبَسَاتِينُ وَثِمَارٌ خَارِجَةً عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، وَإِنَّهُمْ أَصَابَهُمْ قَحْطٌ شَدِيدٌ وَجُوعٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنْ مَنَعْتُمْ ثِمَارَكُمْ هَذِهِ الظَّاهِرَةَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ كَانَ لَكُمْ فِيهَا مَعَاشٌ، فَقَالُوا: كَيْفَ نَمْنَعُهَا؟ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالُوا: اجْعَلُوا سُنَّتُكُمْ فِيهَا مَنْ وَجَدْتُمُوهُ فِي بِلَادِكُمْ غَرِيبًا لَا تَعْرِفُوهُ فَاسْلُبُوهُ وَانْكِحُوهُ وَاسْحَبُوهُ، فَإِنَّ النَّاسَ لَا يَطَئُونَ بِلَادَكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمْ إِبْلِيسُ عَلَى تِلْكَ الْجِبَالِ فِي هَيْئَةِ صَبِيٍّ وَضِيءٍ أَحْلَى صَبِيٍّ رَآهُ النَّاسُ وَأَوْسَمَهُ، فَعَمَدُوهُ فَنَكَحُوهُ وَسَلَبُوهُ وَسَحَبُوهُ، ثُمَّ ذَهَبَ فَكَانَ لَا يَأْتِيهِمْ مِنَ النَّاسِ إِلَّا فَعَلُوا بِهِ فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّتَهُمْ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ لُوطًا فَنَهَاهُمْ لُوطٌ عَنْ ذَلِكَ وَحَذَّرَهُمُ الْعَذَابَ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ). ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِي الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
1567- نُزُولُ عَذَابِ اللَّهِ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ
4113- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ، ثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وَعَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ أُنَاسٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- مَرْفُوعًا قَالَ: " لَمَّا خَرَجَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ عِنْدِ إِبْرَاهِيمَ نَحْوَ قَرْيَةِ لُوطٍ وَأَتَوْهَا نِصْفَ النَّهَارِ، فَلَمَّا بَلَغُوا نَهَرَ سَدُومٍ لَقَوُا ابْنَةَ لُوطٍ تَسْتَقِي مِنَ الْمَاءِ لِأَهْلِهَا وَكَانَ لَهُ ابْنَتَانِ، فَقَالُوا لَهَا: يَا جَارِيَةُ، هَلْ مِنْ مَنْزِلٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، مَكَانَكُمْ لَا تَدْخُلُوا حَتَّى آتِيَكُمْ. فَأَتَتْ أَبَاهَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ أَدْرِكْ فِتْيَانًا عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ مَا رَأَيْتُ وُجُوهَ قَوْمٍ هِيَ أَحْسَنُ مِنْهُمْ لَا يَأْخُذُهُمْ قَوْمُكَ فَيَفْضَحُوهُمْ. وَقَدْ كَانَ قَوْمُهُ نَهَوْهُ أَنْ يُضِيفَ رَجُلًا حَتَّى قَالُوا: أَحَلَّ عَلَيْنَا فَلْيُضَيِّفِ الرِّجَالَ.
فَجَاءَهُمْ وَلَمْ يُعْلِمْ أَحَدًا إِلَّا بَيْتَ أَهْلِ لُوطٍ، فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ فَأَخْبَرَتْ قَوْمَهُ، قَالَتْ: إِنَّ فِي بَيْتِ لُوطٍ رِجَالًا مَا رَأَيْتُ مِثْلَ وُجُوهِهِمْ قَطُّ. فَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَتَوْهُ قَالَ لَهُمْ لُوطٌ: يَا قَوْمِ اتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ، هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ مِمَّا تُرِيدُونَ، قَالُوا لَهُ: أَوَلَمْ نَنْهَكَ أَنْ تُضَيِّفَ الرِّجَالَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ، وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ، فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ مَا عَرَضَهُ عَلَيْهِمْ، قَالَ: (لَوْ أَنَّ لِيَ بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ). يَقُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: " لَوْ أَنَّ لِي أَنْصَارًا يَنْصُرُونِي عَلَيْكُمْ أَوْ عَشِيرَةً تَمْنَعُنِي مِنْكُمْ لَحَالَتْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَا جِئْتُمْ تُرِيدُونَهُ مِنْ أَضْيَافِي، وَلَمَّا قَالَ لُوطٌ: (لَوْ أَنَّ لِيَ بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) بَسَطَ حِينَئِذٍ جِبْرِيلُ جَنَاحَيْهِ فَفَقَأَ أَعْيُنَهُمْ، وَخَرَجُوا يَدُوسُ بَعْضُهُمْ فِي آثَارِ بَعْضٍ عُمْيَانًا، يَقُولُونَ: النَّجَا النَّجَا، فَإِنَّ فِي بَيْتِ لُوطٍ أَسْحَرَ قَوْمٍ فِي الْأَرْضِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ)، وَقَالُوا: (يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ)، فَاتَّبِعْ آثَارَ أَهْلِكَ، يَقُولُ: (وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ)، فَأَخْرَجَهُمُ اللَّهُ إِلَى الشَّامِ، وَقَالَ لُوطٌ: أَهْلِكُوهُمُ السَّاعَةَ. فَقَالُوا: إِنَّا لَمْ نُؤْمَرْ إِلَّا بِالصُّبْحِ (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)، فَلَمَّا أَنْ كَانَ السَّحَرُ خَرَجَ لُوطٌ وَأَهْلُهُ مَعَهُ عَدَا امْرَأَتِهِ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ) ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
ذِكْرُ هُودٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4114- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَا: ثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ هُودٌ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- رَجُلًا جَلْدًا.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
1568- لَمْ تُهْلَكْ أُمَّةٌ إِلَّا لَحِقَ نَبِيُّهَا بِمَكَّةَ
1569- قَبْرُ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ الْحِجْرِ وَزَمْزَمَ
4115- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غِيَاثٍ الْعَبْدِيُّ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، ثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنْبَأَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، قَالَ: إِنَّهُ لَمْ تُهْلَكْ أُمَّةٌ إِلَّا لَحِقَ نَبِيُّهَا بِمَكَّةَ، فَيَعْبُدَ فِيهَا حَتَّى يَمُوتَ، وَإِنَّ قَبْرَ هُودٍ بَيْنَ الْحِجْرِ وَزَمْزَمَ.
4116- حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْهِ الرَّئِيسُ بِمَرْوَ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ، ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ لِرَجُلٍ مِنْ حَضْرَمَوْتَ: هَلْ رَأَيْتَ كَثِيبًا أَحْمَرَ يُخَالِطُهُ مَدَرَةٌ حَمْرَاءُ، وَسِدْرٌ كَثِيرٌ بِنَاحِيَةِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَتَنْعِتُهُ نَعْتَ رَجُلٍ قَدْ رَآهُ. قَالَ: لَا، وَلَكِنْ حُدِّثْتُ عَنْهُ. قَالَ الْحَضْرَمِيُّ: وَمَا شَأْنُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: فِيهِ قَبْرُ هُودٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.