.قصيدة: ما هَاجَ حسّانَ رُسومُ المَقامْ
ما هَاجَ حسّانَ رُسومُ المَقامْ ** ومظعنُ الحيّ، ومبنى الخيامْ
والنُّؤيُ، قدْ هَدّمَ أعْضَادَهُ ** تَقادُمُ العَهدِ، بوَادٍ تهامْ
قدْ أدْرَكَ الوَاشونَ ما حَاوَلوا ** فالحبلُ من شعثاءَ رثُّ الرمامْ
جِنّيّةٌ أرّقَني طَيْفُهَا ** تذْهَبُ صُبْحاً وَتُرَى في المنامْ
هَلْ هِيَ إلاّ ظَبْيَةٌ مُطفِلٌ ** مألفها السدرُ بنعفيْ برامْ
تُزْجي غَزَالاً، فاتِراً طَرْفُهُ ** مقاربَ الخطوِ، ضعيفَ البغامْ
كأنّ فاها ثغبٌ باردٌ ** في رصفٍ، تحتَ ظلالِ الغمامْ
شُجّتْ بِصَهْبَاءَ، لهَا سَوْرَةٌ ** منْ بيتِ رأسٍ عتقتْ في الخيامْ
عَتّقَها الحانوتُ دَهْراً، فَقَدْ ** مرّ عليها فرطُ عامٍ، فعامْ
نشربُها صِرْفاً وممزوجةً ** ثم نُغَنّي في بُيوتِ الرَّخامْ
تَدِبُّ في الجسمِ دَبِيباً، كما ** دَبَّ دَبًى، وَسطَ رقَاقٍ هيَامْ
كأساً، إذا ما الشيخُ والى بها ** خَمْساً، تَرَدّى بِرِدَاءِ الغُلامْ
منْ خمْرِ بَيْسانَ تَخَيّرْتُها ** ترياقةً تورثُ فترَ العظامِ
يسعى بها أحمرُ، ذو برنسٍ ** مُختلَقُ الذِّفْرَى، شديدُ الحِزَامْ
أرْوَعُ، للدّعوَةِ مُستعجِلٌ ** لمْ يَثْنِهِ الشانُ، خفيفُ القِيامْ
دعْ ذكرها، وانمِ إلى جسرةٍ ** جلذيةٍ، ذاتِ مراحٍ عقامْ
دفقةِ المشيةِ، زيافةٍ ** تهوي خنوفاً في فضولِ الزمامْ
تحسبها مجنونةً تغتلي ** إذْ لفعَ الآلُ رؤوسَ الإكامْ
قَوْمي بَنُو النَّجّارِ، إذْ أقْبلتْ ** شهْباءُ تَرْمي أهْلَها بالقَتَامْ
لا نخذلُ الجارَ ولا نسلمُ ال ** مولى، ولا نخصمُ يومَ الخصامْ
منا الذي يحمدُ معروفهُ ** وَيَفْرُجُ اللَّزْبَةَ يوْمَ الزّحامْ

.قصيدة: هل المجدُ إلا السُّوددُ العَوْدُ والندى
هل المجدُ إلا السُّوددُ العَوْدُ والندى ** وجاهُ الملوكِ، واحتمالُ العظائمِ
نَصَرْنا وآوَيْنا النّبيَّ مُحمّداً ** على أنفِ راضٍ من معدٍّ وراغمِ
بحي حَرِيدٍ أصْلُهُ، وَذِمارُهُ ** بجابيةِ الجولانِ، وسطَ الأعاجمِ
نَصَرْناهُ لمّا حَلّ وَسْطَ رِحالِنا ** بأسيافنا منْ كلّ باغٍ وظالمِ
جَعَلْنا بَنِينَا دونَهُ، وَبناتِنا ** وطبنا لهُ نفساً بفيءِ المغانمِ
وَنحنُ ضرَبْنا الناسَ، حتى تتابَعوا ** على دِينِهِ، بالمُرْهَفاتِ الصّوَارِمِ
وَنحْنُ وَلَدْنا منْ قُرَيشٍ عَظيمَها ** وَلدْنَا نَبيِّ الخَيْرِ مِنْ آلِ هاشِمِ
لنا المُلكُ في الإشْرَاكِ، والسبقُ في الهدى ** ونَصْرُ النّبيّ، وابتِنَاءُ المَكارِمِ
بَني دارِمٍ لا تَفخرُوا، إنّ فخرَكُمْ ** يعودُ وبالاً عندَ ذكرِ المكارمِ
هبِلْتُمْ! عليْنا تفخرُونَ، وأنتمُ ** لنا خولٌ منْ بينِ ظئرٍ وخادمِ
فإن كنتمُ جئتمْ لحقنِ دمائكمْ ** وأموالكمْ أن تقسموا في المقاسمِ
فَلا تَجْعَلوا لله نِدَّاً وأسْلِمُوا ** وَلا تلبَسوا زِيَّاً كزِيّ الأعَاجِمِ
وإلاّ أبَحْنَاكُمُ وسُقْنا نِساءكُمْ ** بِضُمِّ القَنا، والمُقْرَباتِ الصَّلادِمِ
وأفضلُ ما نلتمْ من المجدِ والعلى ** رادفتنا، عندَ احتضارِ المواسمِ

.قصيدة: إبكِ، بكتْ عيناكَ ثمّ تبادرتْ
إبكِ، بكتْ عيناكَ ثمّ تبادرتْ ** بدمٍ يعلُّ غروبها، سجامِ
ماذا بكيتَ على الذينَ تتابعوا ** هَلاّ ذَكَرْتَ مَكارِمَ الأقْوَامِ
وذكرتَ منا ماجداً، ذا همةٍ ** سمْحَ الخلائقِ، ماجِدَ الإقدامِ
أعْني النّبيَّ، أخا التكرُّمِ والندى ** وأبرَّ من يولي على الأقسامِ
فلمثلهُ، ولمثلُ ما يدعو لهُ ** كانَ المُمَدَّحَ، ثَمّ، غيرَ كَهامِ

.قصيدة: مَا بَالُ عينِكَ، يا حسّانُ، لمْ تنَمِ
مَا بَالُ عينِكَ، يا حسّانُ، لمْ تنَمِ ** ما إنْ تغمضُ، إلا مؤثمَ القسمِ
لم أحسبِ الشمسَ تبدو بالعِشاء، فَقدْ ** لاقيْتَ شمساً تُجَلّي لَيْلَةَ الظُّلَمِ
فرعُ النساءِ، وفرعُ القوم والدها ** أهْلُ الجلالةِ، والإيفاءِ بالذِّمَمِ
لقدْ حلفتَ، ولم تحلفْ على كذبٍ ** يا ابن الفُرَيعةِ، ما كُلّفتَ من أَمَمِ

.قصيدة: ألينُ، إذا لانَ العشيرُ، فإن تكنْ
ألينُ، إذا لانَ العشيرُ، فإن تكنْ ** بهِ جنةٌ، فجنتي أنا أقدمُ
قَريبٌ، بَعيدٌ خيرُهُ، قبلَ شرّهِ ** إذا طلبوا مني الغرامةَ أغرمُ
إذا ماتَ منا سيدٌ سادَ مثلهُ ** رَحِيبُ الذّرَاعِ بالسيادةِ، خِضرِمُ
يُجيبُ إلى الجُلّى، وَيحتضِرُ الوَغَى ** أخو ثِقَةٍ يَزْدادُ خيراً ويُكرَمُ

.قصيدة: تَناوَلَني كِسرى ببُؤسي، ودونَهُ
تَناوَلَني كِسرى ببُؤسي، ودونَهُ ** قفافٌ منَ الصمانِ، فالمتثلمِ
ففجعني، لا وفقَ اللهُ أمرهُ ** بأبيَ، وهابٍ، قليلِ التجهمِ
لِتَعْفُ مِياهُ الحارِثَيْنِ، وقدْ عفَتْ ** مِياهُهُما منْ كلّ حيٍّ عَرَمْرَمِ
وأقْفَرَ منْ حُضّارِهِ وِرْدُ أهْلِهِ ** وكان يروي في قلالٍ، وحنتمِ
وقلتُ لعينٍ بالجوبةِ يا اسلمي ** نعمْ ثمّ لمْ تنطقْ، ولم تتكلمِ
دِيارُ مُلُوكٍ قدْ أرَاهُمْ بِغِبْطَةٍ ** زَمانَ عَمودُ المُلكِ لمْ يَتَهَدّمِ
لعمري لحرثٌ بينَ قفٍّ ورملةٍ ** ببرثٍ علتْ أنهارهُ كلَّ مخرمِ
لدى كلّ بنيانٍ رفيعٍ، ومجلسٍ ** نشاوى، وكأسٍ أخلصتْ لم تصرمِ
أحَبُّ إلى حسّانَ، لوْ يَسْتَطِيعُهُ ** منَ المُرْقَصَاتِ، منْ غِفارٍ وأسلمِ