.قصيدة: أُولئكَ قوْمي، فإن تسألي
أُولئكَ قوْمي، فإن تسألي ** كرامٌ، إذا الضيفُ يوماً ألمّ
عِظامُ القُدُورِ لأيْسارِهمْ ** يكبونَ فيها المسنَّ، السنمْ
يُواسونَ مَوْلاهُمُ في الغِنى ** ويَحْمونَ جارَهمُ إن ظُلِمْ
وكانوا مُلوكاً بأرْضِيهِمِ ** يُبادُونَ غَضْباً، بأمرٍ غَشِم
مُلوكاً على النّاس لم يُمْلَكوا ** من الدّهرِ يوْماً، كحِلّ القَسَمْ
فأنْبَوْا بِعادٍ وأشياعِها ** ثمودَ، وبعضِ بَقايَا إرَمْ
بيَثْرِبَ قد شيّدُوا في النَّخيلِ ** حصوناً، ودجنَ فيها النعمْ
نَوَاضِحَ قدْ عَلَّمتْها اليَهُودُ ** عُلَّ إليكِ، وقوْلاً هَلُمّ
وفيما اشتهوْا من عصِيرِ القِطافِ ** وعيْشٍ رَخيٍّ على غيْرِهِمْ
فساروا إليهمْ بأثقالهمْ ** على كلّ فحلٍ هِجانٍ قَطِم
جيادُ الخيولِ بأجنابهمْ ** وقدْ جللوها ثخانَ الأدمْ
فلما أناخوا بجنبيْ صرارٍ ** وشَدّوا السُّرُوجَ بِلَيّ الحُزُمْ
فما رَاعَهُمْ غيرُ مَعْجِ الخيو ** لِ، والزّحفُ من خلفهم قد دهِم
فطاروا شلالاً وقد أفزعوا ** وطرنا إليهمْ كأسدِ الأجمْ
على كلّ سَلْهَبَةٍ في الصيّا ** نِ، لا تستكينُ لطولِ السأمْ
وكلِّ كميتٍ، مطارِ الفؤادِ ** أمينِ الفصوصِ، كمثلِ الزلمْ
عليها فوارسُ قدْ عاودوا ** قِرَاعَ الكُماة، وَضرْبَ البُهَمْ
لُيوثٌ إذا غَضِبوا في الحُرُو ** بِ، لا يَنكِلون، ولكن قُدُمْ
فَأُبْنا بِسادتِهِمْ والنّسَا ** ءِ قَسْراً، وأموالِهِم تُقتَسمْ
ورثنا مساكنهمْ بعدهمْ ** وكنا ملوكاً بها لمْ نرمْ
فلمّا أتانا رَسُولُ المَلِي ** كِ بالنُّورِ والحقّ بعد الظُّلَمْ
ركنا إليهِ، ولمْ نعصهِ ** غداةَ أتانا منَ ارضِ الحرمْ
وقلنا: صَدقتَ، رَسولَ المليك ** هلمّ إلينا، وفينا أقمْ
فنشهدْ أنكَ، عندَ الملي ** كِ، أرسلتَ حقاً بدينٍ قيمْ
فنادِ بما كنتَ أخفيتهُ ** نداءً جهاراً، ولا تكتتمْ
فإنا وأولادنا جنةٌ ** نَقِيكَ وَفي مالِنا فاحتكِمْ
فنحْنُ وُلاتُكَ، إذ كذّبوكَ ** فنادِ نداءً، ولا تحتشمْ
فطارَ الغواةُ بأشياعهمْ ** إليهِ، يظنونَ أن يخترمْ
فقمنا بأسيافنا دونهُ ** نُجالِدُ عَنْهُ بُغاةَ الأُمَمْ
بكلّ صقيلٍ، لهُ ميعةٌ ** رقيقِ الذبابِ، غموسٍ خذمْ
إذا ما يُصادِفُ صُمَّ العِظا ** مِ لمْ يَنبُ عنها، ولمْ ينثلِمْ
فذلكَ ما أورثتنا القرو ** مُ مجْداً تليداً، وعِزَّاً أشَمّ
إذا مرّ قرنٌ كفى نسلهُ ** وخلفَ إذا ما انقصمْ
فما إنْ من النّاسِ إلاّ لنا ** عليه، وإن خاس، فضلُ النعمْ

.قصيدة: مَنَعَ النّوْمَ، بالعِشاءِ، الهمومُ
مَنَعَ النّوْمَ، بالعِشاءِ، الهمومُ ** وَخيالٌ، إذا تغورُ النّجومُ
مِنْ حبِيبٍ أصابَ قلبَكَ مِنهُ ** سَقَمٌ، فهوَ داخلٌ مَكتومُ
يا لَقَوْمٍ هلْ يقتُلُ المرْءَ مِثلي ** وَاهنُ البَطشِ والعِظامِ، سَئومُ
همُّها العِطرُ، والفِرَاشُ، وَيعْلُو ** ها لُجَينٌ وَلُؤلُؤ مَنظُومُ
لوْ يَدِبُّ الحَوْليُّ مِنْ ولدِ الذّ ** رِّ عليها، لأندبتها الكلومُ
لمْ تفقها شمسُ النهارِ بشيءِ ** غيرَ أنّ الشبابَ ليسَ يدومُ
إنّ خالي خطيبُ جابيةِ الجو ** لانِ عندَ النُّعمانِ حينَ يقُومُ
وَأبي، في سُميحةَ، القائلُ الفا ** صلُ، يومَ التقتْ عليه الخصومُ
وأنا الصقرُ عندَ بابِ ابنِ سلمى ** يومَ نعمانُ في الكبولِ مقيمُ
وأبيٌّ، ووافدٌ أطلقا لي ** ثمّ رُحنا، وقُفلُهُمْ محْطومْ
وَرَهَنْتُ اليدَيْنِ عنهمْ جمِيعاً ** كلُّ كفٍّ فيها جزٌ مقسومُ
وَسَطَتْ نِسْبَتي الذّوائبَ منهمْ ** كلُّ دارٍ فيها أبٌ لي عظيمُ
ربّ حلمٍ أضاعهُ عدمُ الما ** لِ، وجهْلٍ غطّى عليه النَّعيمُ
ما أبالي أنبَّ بالحزنِ تيسٌ ** أم لَحَاني بِظَهْرِ غَيْبٍ لئيمُ
تلكَ أفعالنا، وفعلُ الزبعرى ** خامِلٌ في صَديقِهِ، مَذْمومُ
وليَ البأسَ منكمُ، إذ حضرتمْ ** أسرةٌ منْ بني قصيٍّ، صميمُ
تِسعةٌ تحمِلُ اللواءَ، وطارَتْ ** في رعاعٍ منَ القنا، مخزومُ
لمْ يولوا، حتى أبيدوا جميعاً ** في مَقامٍ، وكلُّهُمْ مَذْمومُ
بِدَمٍ عاتِكٍ، وكانَ حِفاظاً ** أن يقيموا، إنّ الكريمَ كريمُ
وَأقاموا حتّى أُزِيرُوا شَعوباً ** والقنا، في نحورهمْ، محطومُ
وقريشٌ تلوذُ منا لواذاً ** لمْ يُقيموا، وخَفّ منها الحُلُومُ
لمْ تُطِقْ حملَهُ العَواتقُ منهم ** إنما يحملُ اللواءَ النجومُ