قصيدة: زادتْ همومٌ، فماءُ العينِ ينحدرُ
زادتْ همومٌ، فماءُ العينِ ينحدرُ ** سحاً إذا أغرقتهُ عبرةٌ دررُ
وَجْداً بِشَعْثاءَ، إذ شَعْثَاءُ بَهْكَنَةٌ ** هَيْفاءُ، لا دَنَسٌ فِيها وَلا خَوَرُ
دَعْ عنْكَ شَعثاءَ، إذ كانتْ موَدّتُها ** نَزْراً، وشرُّ وِصَالِ الوَاصِلِ النَّزَرُ
وأتِ الرسولَ فقلْ يا خيرَ مؤتمنٍ ** لمؤمنينَ، إذا ما عدلَ البشرُ
علامَ تدعى سليمٌ، وهي نازحةٌ ** أمامَ قوْمٍ هُمُ آوَوْا، وهُمْ نَصَرُوا
سماهمُ اللهُ أنصاراً لنصرهمِ ** دِينَ الهُدى، وَعَوَانُ الحرْبِ تَستعِرُ
وجاهدوا في سبيلِ اللهِ، واعترفوا ** للنائباتِ فما خاموا ولا ضجروا
والناسُ ألبٌ علينا، ثمَ ليسَ لنا ** إلا السيوفَ وأطرافَ القنا، وزرُ
ولا يهرُّ جنابَ الحربِ مجلسنا ** ونحنُ حِينَ تَلظّى نارُها سُعُرُ
وَكَمْ رَدَدْنا بِبَدْرٍ، دونَ ما طَلَبُوا ** أهلَ النفاقِ، وفينا أنزلَ الظفرُ
وَنحنُ جُندُكَ يوْمَ النَّعْفِ من أُحُدٍ ** إذ حزبتْ بطراً أشياعها مضرُ
فما وَنَيْنَا، وما خِمْنا، وما خَبَرُوا ** منا عثاراً، وجلُّ القومِ قد عثروا

.قصيدة: على حِينَ أنْ قالَتْا لأيمَنَ أُمُّهُ
على حِينَ أنْ قالَتْا لأيمَنَ أُمُّهُ: ** جَبُنْتَ وَلمْ تَشْهَدْ فَوَارِسَ خَيْبَرِ
وَأيْمَنُ لم يَجْبُنْ، ولكِنّ مُهْرَهُ ** أضرّ بهِ شربُ المديدِ المخمرٍ
فَلَوْلا الذي قد كان من شَأنِ مُهْرِهِ ** لَقَاتَلَ فِيها فارِساً، غيرَ أعْسَرِ
ولكنهُ قدْ صدهُ فعلُ مهرهِ ** وما كان منه عندَه غيرُ أيْسَرِ

.قصيدة: كانتْ قريشٌ بيضةً، فتفلقتْ
كانتْ قريشٌ بيضةً، فتفلقتْ ** فالمحُّ خالصهُ لعبدِ الدارِ
ومناةُ ربي خصهمْ بكرامةٍ ** حجابُ بيتِ اللهِ ذي الأستارِ
أهلُ المكارمِ والعلاءِ وندوةُ ال ** نادي وأهلُ لطيمةِ الجبارِ
وَلِوَا قُرَيْشٍ في المَشاهِدِ كلِّها ** وبنجدةٍ عندَ القنا الخطارِ

.قصيدة: إني لأعجبُ منْ قولٍ غررتَ بهِ
إني لأعجبُ منْ قولٍ غررتَ بهِ ** حُلْوٍ، يُمَدُّ إليْهِ السّمْعُ وَالبَصَرُ
لوْ تَسْمَعُ العُصْمُ، من صُمّ الجبالِ، بِهِ ** ظلتْ منَ الراسياتِ العصمُ تنحدرُ
كالخمرِ والشهدِ يجري فوْقَ ظاهِرِهِ ** وما لباطنهِ طعمٌ ولا خبرُ
وكالسّرَابِ شَبيهاً بالغَديرِ، وإنْ ** تَبْغِ السّرابَ، فَلا عَيْنٌ وَلا أثْرُ
لا ينبتُ العُشْبُ عن بَرْقٍ وَرَاعِدَةٍ ** غَرّاءَ، ليسَ لها سَيْلٌ وَلا مَطَرُ

.قصيدة: لقَد غضِبَتْ جَهْلاً سُلَيْمٌ سَفاهَةً
لقَد غضِبَتْ جَهْلاً سُلَيْمٌ سَفاهَةً ** وطاشتْ بأحلامٍ كثيرٍ عثورها
لِئامٌ مساعيها، كَذوبٌ حَديثُها ** قَليلٌ غَناها حينَ يُنعَى صُقُورُها
لها عَقْلُ نِسوَانٍ، وشَرُّ شَرِيعَةٍ ** نزورٌ نداها حينَ تبغى بحورها
إذا ضِفتَهمُ ألفَيْتَ حَوْلَ بيوتِهمْ ** كلاباً لها في الدارِ، عالٍ هريرها

.قصيدة: أجْمَعَتْ عَمْرَةُ صَرْماً فابْتَكِرْ
أجْمَعَتْ عَمْرَةُ صَرْماً فابْتَكِرْ ** إنما يدهنُ للقلبِ الحصرْ
لا يكنْ حبكِ حباً ظاهراً ** لَيْسَ هذا مِنكِ يا عَمْرَ بِسِرّ
سألتْ حسانَ منْ أخوالهُ؟ ** إنما يسألُ بالشيء الغمرْ
قُلْتُ أخْوَالي بَنُو كَعْبٍ، إذَا ** أسلمَ الأبطالُ عوراتِ الدبرْ
ربّ خالٍ لي لوْ أبصرتهِ ** سبطِ الكفينِ في اليومِ الخصرْ
عِنْدَ هذا البابِ، إذْ ساكِنُهُ ** كلُّ وجهٍ حسنِ النقبةِ حرّ
يُوقِدُ النّارَ، إذا ما أُطْفِئَتْ ** يُعْمِلُ القِدْرَ بأثْبَاجِ الجُزُرْ
منْ يغرُّ الدهرُ، أوْ يأمنهُ ** من قبيلٍ بعد عمروٍ وحجرْ
ملكا منْ جبلِ الثلجِ إلى ** جانِبَيْ أيْلَةَ، مِن عَبْدٍ وَحُرّ
ثمّ كانا خَيْرَ مَنْ نَالَ النّدَى ** سبقا الناسَ بإقساطٍ وبرّ
فارسيْ خيلٍ، إذا ما أمسكتْ ** رَبّةُ الخِدْرِ بأطْرَافِ السِّتَرْ
أتيا فارسَ في دارهمِ ** فتناهوا بعدَ إعصامٍ بقرّ
ثمّ صَاحَا: يالَ غَسّانَ اصْبِرُوا ** إنّهُ يوْمُ مَصَالِيتَ صُبُرْ
اجْعَلُوا مَعْقِلَهَا أيْمَانَكُمْ ** بالصّفِيحِ المُصْطَفَى، غيرِ الفُطُرْ
بضرابٍ تأذنُ الجنُّ لهُ ** وطعانٍ مثلِ أفواهِ الفقرْ
وَلَقَدْ يَعْلَمْ مَنْ حَارَبَنَا ** أننا ننفعُ قدماً ونضرّ
صُبُرٌ لِلْموْتِ، إنْ حَلّ بِنا، م ** صَادِقُو البأسِ، غَطارِيفُ فُخُرْ
وَأقَامَ العِزُّ فِينَا والغِنى ** فلنا منهُ على الناسِ الكبرْ
منهمُ أصلي، فمنْ يفخرْ بهِ ** يَعْرِفِ النّاسُ بِفَخْرِ المُفْتَخِرْ
نحنُ أهلُ العزّ والمجدِ معاً ** غيرُ أنكاسٍ، ولا ميلٍ عسرْ
فَسَلُوا عَنّا، وَعَنْ أفْعَالِنَا ** كلُّ قومٍ عندهمْ علمُ الخبرْ

.قصيدة: قد أصبحَ القلبُ عنها كادَ يصرفهُ
قد أصبحَ القلبُ عنها كادَ يصرفهُ ** عَنها تَتَرُّعُ قَولٍ غَيَّرَ الشُّعَرَا
يا زيدُ، يا سيدَ النجارِ، إنّ لما ** أحدَثَ قَومُكَ في عُثمانَ لي خَبَرَا
وإنّ لي حاجَةً، يا زَيدُ، أذكُرُها ** لم أقضِ منها إلى ما قَومِنا وَطَرَا
إني أرى لهمُ زياً سيهلكهمْ ** وفتيةً لمْ يصيبوا فيهمِ البصرا
يا زيدُ! هل لكَ فيهمْ قبلَ موبقةٍ ** تُسَعِّرُ النّارَ في أفنائِهمْ سَعَرَا
يا زيدُ! أهدِ لهمْ رأياً يعاشُ بهِ؛ ** يا زيدُ زيدَ بني النجارِ، مقتصرا
يا زيدُ! أخرجْ بني النجارِ إذ عميتْ ** وارفضْ طَوائِفَ غَسّانَ لها الأخُرَا

.قصيدة: رَمَيْتُ بِها أهلَ المَضِيقِ، فلمْ تَكَدْ
رَمَيْتُ بِها أهلَ المَضِيقِ، فلمْ تَكَدْ ** تَخَلَّصُ مِنْ حَمّارَةٍ وَأبَاعِرِ
ومرتْ على الأنصارِ وسطَ رحالهمْ ** فقُلْتُ لهُمْ مَن صادِرٌ مَعَ صَادِرِ
وَطَوَّفْتُ بالبَيْتِ العَتِيقِ، وسامحَتْ ** طَريقَ كَدَاءٍ في لُحُوبٍ سَوَائِرِ
ذَكَرْتُ بها التّعريسَ لمّا بَدا لَنا ** خيامٌ بها منْ بينِ بادٍ وحاضرِ
وأعرضَ ذو دورانَ، تحسبُ أنهُ ** منَ الجدبِ أعناقُ النساء الحواسرِ
فَعَجّتْ وألْقَتْ للجَبَانِ رَجيلَةً ** لأنظرَ ما زادُ الكريمِ المسافرِ
إذا فضلةٌ منْ بطنِ زقٍّ ونطفةٌ ** وقعبٌ صغيرٌ فوقَ عوجاءَ ضامرِ
فقمتُ بكأسٍ قهوةٍ، فشننتها ** يدي رونقٍ منْ ماء زمزمَ فاترِ
فلما هبطنا بطنَ مرٍّ تخزعتْ ** خُزاعَةُ عَنّا في حُلولٍ كَراكِرِ