.قصيدة: مُسْتَشْعِري حَلَقِ الماذِيّ يقدمُهُمْ
مُسْتَشْعِري حَلَقِ الماذِيّ يقدمُهُمْ ** جلدُ النحيزةِ، ماضٍ، غيرُ رعديدِ
أعْني الرّسولَ، فإنّ الله فَضّلَهُ ** على البريةِ بالتقوى، وبالجودِ
وقد زعمتمْ بأن تحموا ذماركمُ ** وَمَاءُ بَدْرٍ زَعَمْتُمْ غيرُ مَوْرُودِ
وَقَدْ وَرَدْنَا ولم نَسْمَعْ لِقَوْلِكُمْ ** حتّى شرِبْنَا رَوَاءً، غَيرَ تَصْرِيدِ
مُسْتَعصِمينَ بحَبْلٍ غَيْرِ مُنْجَذِمٍ ** مستحمٍ منْ حبالِ اللهِ ممدودِ
فينا الرسولُ وفينا الحقُّ نتبعهُ ** حتى المماتِ، ونصرٌ غيرُ محدودِ
ماضٍ على الهوْل، ركّابٌ لما قَطعوا ** إذا الكُمَاةُ تَحَامَوْا في الصّنادِيدِ
وافٍ، وماضٍ، شهابٌ يستضاءُ بهِ ** بدرٌ أنارَ على كلّ الأماجيدِ
مُبَارَكٌ، كضِيَاءِ البَدْرِ صُورَتُهُ ** ما قَالَ كان قَضَاءً غيْرَ مَرْدُودٍ

.قصيدة: واللهِ ربي لا نفارقُ ماجداً
واللهِ ربي لا نفارقُ ماجداً ** عَفَّ الخَلِيقَةِ، ماجِدَ الأجدادِ
متكرماً يدعو إلى ربّ العلى ** بذلَ النصيحةِ رافعَ الأعمادِ
مِثلَ الهِلالِ مُبارَكاً، ذا رَحمةٍ ** سَمْحَ الخَليقةِ، طَيّبَ الأعْوَادِ
إنْ تَتْرُكوهُ، فإنّ رَبّي قادِرٌ ** أمسى يعودُ بفضلهِ العوادِ
واللهِ ربي لا نفارقُ أمرهُ ** ما كانَ عَيْشٌ يُرْتَجَى لمَعادِ
لا نبتغي رباً سواهُ ناصراً ** حتى نُوَافي ضَحْوَةَ المِيعَادِ

.قصيدة: لقدْ خابَ قومٌ غابَ عنهمْ نبيهمْ
لقدْ خابَ قومٌ غابَ عنهمْ نبيهمْ ** وقُدّس مَنْ يَسْري إليهِمْ ويَغْتَدي
ترحلَ عن قومٍ فضلتْ عقولهم ** وَحَلَّ عَلى قَومٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ
هداهمْ بهِ بعدَ الضلالةِ ربهم ** وأرشدهمْ، من يتبعِ الحقَّ يرشدِ
وهلْ يَستوي ضُلاّلُ قوْمٍ تَسَفّهوا ** عمىً، وهداةٌ يهتدون بمهتدِ؟
لقدْ نزلتْ منهُ على أهلِ يثربٍ ** رِكابُ هُدىً، حلّتْ عليهِمْ بأسعُدِ
نبيٌّ يرى ما لا يرى الناسُ حولهُ ** ويتلو كتابَ الهِ في كلّ مسجدِ
وَإنْ قَالَ في يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ ** فتصديقُها في اليَوْمِ أوْ في ضُحى الغدِ
ليهنِ أبا بكرٍ سعادةُ جدهِ ** بصُحبَتِهِ، مَنْ يَسعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ

.قصيدة: ألمْ ترَ أنّ الغدرَ واللؤمَ والخنا
ألمْ ترَ أنّ الغدرَ واللؤمَ والخنا ** بَنى مَسكناً بَينَ المَعينِ إلى عَرْدِ
فغزةَ، فالمروتِ، فالخبتِ، فالمنى ** إلى بيتِ زماراءَ، تلداً على تلدِ
فقُلتُ ولم أملِكْ: أعَمْرَو بنَ عامِرٍ ** لفَرْخ بني العَنقاءِ يُقتَلُ بالعَبْدِ
لقَد شابَ رأسي، أو دَنَا لمَشِيبِهِ ** وما عَتَقَتْ سعَدُ بنُ زرٍّ ولا هِنْدُ

.قصيدة: بطيبةَ رسمٌ للرسولِ ومعهدُ
بطيبةَ رسمٌ للرسولِ ومعهدُ ** منيرٌ، وقد تعفو الرسومُ وتهمدُ
ولا تنمحي الآياتُ من دارِ حرمةٍ ** بها مِنْبَرُ الهادي الذي كانَ يَصْعَدُ
ووَاضِحُ آياتٍ، وَبَاقي مَعَالِمٍ ** وربعٌ لهُ فيهِ مصلىً ومسجدُ
بها حجراتٌ كانَ ينزلُ وسطها ** مِنَ الله نورٌ يُسْتَضَاءُ، وَيُوقَدُ
معالمُ لم تطمسْ على العهدِ آيها ** أتَاهَا البِلَى، فالآيُ منها تَجَدَّدُ
عرفتُ بها رسمَ الرسولِ وعهدهُ ** وَقَبْرَاً بِهِ وَارَاهُ في التُّرْبِ مُلْحِدُ
ظللتُ بها أبكي الرسولَ، فأسعدتْ ** عُيون، وَمِثْلاها مِنَ الجَفْنِ تُسعدُ
تذكرُ آلاءَ الرسولِ، وما أرى ** لهَا مُحصِياً نَفْسي، فنَفسي تبلَّدُ
مفجعةٌ قدْ شفها فقدُ أحمدٍ ** فظلتْ لآلاء الرسولِ تعددُ
وَمَا بَلَغَتْ منْ كلّ أمْرٍ عَشِيرَهُ ** وَلكِنّ نَفسي بَعْضَ ما فيهِ تحمَدُ
أطالتْ وقوفاً تذرفُ العينُ جهدها ** على طللِ القبرِ الذي فيهِ أحمدُ
فَبُورِكتَ، يا قبرَ الرّسولِ، وبورِكتْ ** بِلاَدٌ ثَوَى فيهَا الرّشِيدُ المُسَدَّدُ
وبوركَ لحدٌ منكَ ضمنَ طيباً ** عليهِ بناءٌ من صفيحٍ، منضدُ
تهيلُ عليهِ التربَ أيدٍ وأعينٌ ** عليهِ، وقدْ غارتْ بذلكَ أسعدُ
لقد غَيّبوا حِلْماً وعِلْماً وَرَحمةً ** عشيةَ علوهُ الثرى، لا يوسدُ
وَرَاحُوا بحُزْنٍ ليس فيهِمْ نَبيُّهُمْ ** وَقَدْ وَهَنَتْ منهُمْ ظهورٌ، وأعضُدُ
يبكونَ من تبكي السمواتُ يومهُ ** ومن قدْ بكتهُ الأرضُ فالناس أكمدُ
وهلْ عدلتْ يوماً رزيةُ هالكٍ ** رزيةَ يومٍ ماتَ فيهِ محمدُ
تَقَطَّعَ فيهِ منزِلُ الوَحْيِ عَنهُمُ ** وَقَد كان ذا نورٍ، يَغورُ ويُنْجِدُ
يَدُلُّ على الرّحمنِ مَنْ يقتَدي بِهِ ** وَيُنْقِذُ مِنْ هَوْلِ الخَزَايَا ويُرْشِدُ
إمامٌ لهمْ يهديهمُ الحقَّ جاهداً ** معلمُ صدقٍ، إنْ يطيعوهُ يسعدوا
عَفُوٌّ عن الزّلاّتِ، يَقبلُ عُذْرَهمْ ** وإنْ يحسنوا، فاللهُ بالخيرِ أجودُ
وإنْ نابَ أمرٌ لم يقوموا بحمدهِ ** فَمِنْ عِنْدِهِ تَيْسِيرُ مَا يَتَشَدّدُ
فَبَيْنَا هُمُ في نِعْمَةِ الله بيْنَهُمْ ** دليلٌ به نَهْجُ الطّريقَةِ يُقْصَدُ
عزيزٌ عليْهِ أنْ يَحِيدُوا عن الهُدَى ** حَريصٌ على أن يَستقِيموا ويَهْتَدوا
عطوفٌ عليهمْ، لا يثني جناحهُ ** إلى كَنَفٍ يَحْنو عليهم وَيَمْهِدُ
فَبَيْنَا هُمُ في ذلكَ النّورِ، إذْ غَدَا ** إلى نُورِهِمْ سَهْمٌ من المَوْتِ مُقصِدُ
فأصبحَ محموداً إلى اللهِ راجعاً ** يبكيهِ جفنُ المرسلاتِ ويحمدُ
وأمستْ بِلادُ الحَرْم وَحشاً بقاعُها ** لِغَيْبَةِ ما كانَتْ منَ الوَحْيِ تعهدُ
قِفاراً سِوَى مَعْمورَةِ اللَّحْدِ ضَافَها ** فَقِيدٌ، يُبَكّيهِ بَلاطٌ وغَرْقدُ
وَمَسْجِدُهُ، فالموحِشاتُ لِفَقْدِهِ ** خلاءٌ لهُ فيهِ مقامٌ ومقعدُ
وبالجمرةِ الكبرى لهُ ثمّ أوحشتْ ** دِيارٌ، وعَرْصَاتٌ، وَرَبْعٌ، وَموْلِدُ
فَبَكّي رَسولَ الله يا عَينُ عَبْرَةً ** ولا أعرفنكِ الدهرَ دمعكِ يجمدُ
ومالكِ لا تبكينَ ذا النعمةِ التي ** على الناسِ منها سابغٌ يتغمدُ
فَجُودي عَلَيْهِ بالدّموعِ وأعْوِلي ** لفقدِ الذي لا مثلهُ الدهرِ يوجدُ
وَمَا فَقَدَ الماضُونَ مِثْلَ مُحَمّدٍ ** ولا مثلهُ، حتى القيامةِ، يفقدُ
أعفَّ وأوفى ذمةً بعدَ ذمةٍ ** وأقْرَبَ مِنْهُ نائِلاً، لا يُنَكَّدُ
وأبذلَ منهُ للطريفِ وتالدٍ ** إذا ضَنّ معطاءٌ بما كانَ يُتْلِدُ
وأكرمَ حياً في البيوتِ، إذا انتمى ** وأكرمَ جداً أبطحياً يسودُ
وأمنعَ ذرواتٍ، وأثبتَ في العلى ** دعائمَ عزٍّ شاهقاتٍ تشيدُ
وأثْبَتَ فَرْعاً في الفُرُوعِ وَمَنْبِتاً ** وَعُوداً غَداةَ المُزْنِ، فالعُودُ أغيَدُ
رَبَاهُ وَلِيداً، فَاسْتَتَمَّ تَمامَهُ ** على أكْرَمِ الخيرَاتِ، رَبٌّ مُمجَّدُ
تَنَاهَتْ وَصَاةُ المُسْلِمِينَ بِكَفّهِ ** فلا العلمُ محبوسٌ، ولا الرأيُ يفندُ
أقُولُ، ولا يُلْفَى لِقَوْلي عَائِبٌ ** منَ الناسِ، إلا عازبُ العقلِ مبعدُ
وَلَيْسَ هَوَائي نازِعاً عَنْ ثَنائِهِ ** لَعَلّي بِهِ في جَنّةِ الخُلْدِ أخْلُدُ
معَ المصطفى أرجو بذاكَ جوارهُ ** وفي نيلِ ذاك اليومِ أسعى وأجهدُ