عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2012, 08:06 PM   #66
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: كتاب المستصفى من علم الاصول للامام الغزالى رضى الله عنه


مسألة ‏(‏الاجتهاد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏
اختلفوا في جواز التعبد بالقياس والاجتهد في زمان الرسول عليه السلام، فمنعه قوم، وأجازه قوم، وقال قوم‏:‏ يجوز للقضاة والولاة في غيبته لا في حضور النبي صلى الله عليه وسلم، والذين جوزوا منهم من قال يجوز بالاذن، ومنهم من قال‏:‏ يكفي سكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم اختلف المجوزون في وقوعه، والمختار أن ذلك جائز في حضرته وغيبته، وأن يدل عليه بالاذن أو السكوت، لانه ليس في التعبد به استحالة في ذاته، ولا يفضي إلى محال ولا إلى مفسدة، وإن أوجبنا الصلاح فيجوز أن يعلم الله لطفا يقتضي ارتباط صلاح العباد بتعبدهم بالاجتهاد لعلمه بأنه لو نص لهم على قاطع لبغوا وعصوا، فإن قيل، الاجتهاد مع النص محال، وتعرف الحكم بالنص بالوحي الصريح ممكن، فكيف يردهم إلى ورطة الظن‏؟‏ قلنا‏:‏ فإذا قال لهم‏:‏ أوحي إلي أن حكم الله تعالى عليكم ما أدى إليه اجتهادكم، وقد تعبدكم بالاجتهاد، فهذا نص، وقولهم‏:‏ الاجتهاد مع النص محال مسلم، ولكن لم ينزل نص في الواقعة، وإمكان النص لا يضاد الاجتهاد وإنما يضاده نفس النص، كيف وقد تعبد النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء بقول الشهود حتى قال‏:‏ إنكم لتختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وكان يمكن نزول الوحي بالحق الصريح في كل واقعة حتى لا يحتاج إلى رجم بالظن وخوف الخطأ، فأما وقوعه فالصحيح أنه قام الدليل على وقوعه في غيبته بدليل قصة معاذ، فأما في حضرته فلم يقم فيه دليل، فإن قيل‏:‏ فقد قال لعمرو بن العاص‏:‏ أحكم في بعض القضايا، فقال‏:‏ إجتهد وأنت حاضر‏؟‏ فقال‏:‏ نعم إن أصبت فلك أجران وإن أخطأت فلك أجر وقال لعقبة بن عامر ولرجل من الصحابة‏:‏ اجتهدوا، فإن أصبتما فلكما عشر حسنات، وإن أخطأتما فلكما حسنة قلنا‏:‏ حديث معاذ مشهور قبلته الامة، وهذه أخبار آحاد لا تثبت وأن ثبتت احتمل أن يكون مخصوصا بهما، أو في واقعة معينة، وإنما الكلام في جواز الاجتهاد مطلقا في زمانه‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏اختلفوا في النبي عليه السلام‏)‏
هل يجوز له الحكم بالاجتهاد فيما لا نص فيه‏؟‏ والنظر في الجواز والوقوع والمختار جواز تعبد بذلك، لانه ليس بمحال في ذاته، ولا يفضي إلى محال ومفسدة، فإن قيل‏:‏ المانع منه أنه قادر على استكشاف الحكم بالوحي الصريح فكيف يرجم الظن‏؟‏ قلنا‏:‏ فإذا استكشف فقيل له‏:‏ حكمنا عليك أن تجتهد وأنت متعبد به فهل له أن ينازع الله فيه أو يلزمه أن يعتقد أن صلاحه فيما تعبد به، فإن قيل‏:‏ قوله نص قاطع يضاد الظن، والظن يتطرق إليه احتمال الخطأ فهما متضادان، قلنا‏:‏ إذا قيل له ظنك علامة الحكم، فهو يستيقن الظن والحكم جميعا، فلا يحتمل، الخطأ، وكذلك اجتهاد غيره عندنا ويكون كظنه صدق الشهود، فإنه يكون مصيبا وإن كان الشاهد مزورا في الباطن، فإن قيل‏:‏ فإن ساواه غيره في كونه مصيبا بكل حال فليجز لغيره أن يخالف قياسه باجتهاد نفسه، قلنا‏:‏ لو تعبد بذلك لجاز، ولكن دل الدليل من الإجماع على تحريم مخالفة اجتهاده، كما دل على تحريم مخالفة الامة كافة، وكما دل على تحريم مخالفة اجتهاد الامام الاعظم والحاكم لان‏.‏ صلاح الخلق في اتباع رأي الامام والحاكم وكافة الامة، فكذلك النبي، ومن ذهب إلى أن المنصيب واحد يرجح اجتهاده لكونه معصوما عن الخطأ دون غيره، ومنهم من جوز عليه الخطأ ولكن لا يقر عليه، فإن قيل‏:‏ كيف يجوز ورود التعبد بمخالفة اجتهاده، وذلك يناقض الاتباع وينفر عن الانقياد، قلنا‏:‏ إذا عرفهم على لسانه بأن حكمهم اتباع ظنهم، وإن خالف ظن النبي كان اتباعه في امتثال ما رسمه لهم كما في القضاء بالشهود، فإن لو قضي النبي بشهادة شخصين لم يعرف فسقهما فشهدا عند حاكم عرف فسقهما لم يقبلهما، وأما التنفير فلا يحصل، بل تكون مخالفته فيه كمخالفته في الشفاعة وفي تأبير النخل ومصالح الدنيا، فإن قيل‏:‏ لو قاس فرعا على أصل أفيجوز إيراد القياس على فرعه أم لا إن قلتم لا فمحال لانه صار منصوصا عليه من جهته وإن قلتم نعم، فكيف يجوز القياس على الفرع‏؟‏ قلنا‏:‏ يجوز القياس عليه، وعلى كل فرع أجمعت الامة على إلحاقه بأصل، لانه صار أصلا بالإجماع والنص، فلا ينظر إلى مأخذهم، وما ألحقه بعض العلماء فقد جوز بعضهم القياس عليه وإن لم توجد علة الأصل، أما الوقوع فقد قال به قوم وأنكره آخرون وتوقف فيه فريق ثالث وهو الاصح، فإنه لم يثبت فيه قاطع، احتج القائلون به بأنه عوتب عليه الصلاة والسلام في أسارى بدر، وقيل‏:‏ ‏{‏ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض‏}‏ ‏(‏الانفال‏:‏ 76‏)‏ وقال النبي عليه السلام‏:‏ ولو نزل عذاب ما نجا منه إلا عمر لانه كان قد أشار بالقتل ولو كان قد حكم بالنص لما عوتب، قلنا‏:‏ لعله كان مخير بالنص في إطلاق الكل أو قتل الكل أو فداء الكل، فأشار بعض الاصحاب بتعيين الاطلاق على سبيل المنع عن غيره، فنزل العتاب مع الذي عينوا لا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن ورد بصيغة الجمع، والمراد به، أولئك خاصة، واحتجوا بأنه لما قال‏:‏ يختلي خلاها ولا يعضد شجرها قال العباس‏:‏ إلا الاذخر، فقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ إلا الاذخر وقافي الحج‏:‏ هو للابد، ولو قلت لعامنا لوجب ونزل منزلا للحرب فقيل له‏:‏ إن كان بوحي فسمعا وطاعة‏.‏ وإن كان باجتهاد ورأي فهو منزل مكيدة فقال‏:‏ بل باجتهاد ورأي فرحل‏؟‏ قلنا‏:‏ أما الاذخر فلعله كان نزل الوحي بأن لا يستثنى الاذخر إلا عند قول العباس، أو كان جبريل عليه السلام حاضرا فأشار عليه بإجابة العباس، وأما الحج فمعناه، لو قلت لعامنا لما قلته إلا عن وحي ولوجب لا محالة، وأما المنزل فذلك اجتهاد في مصالح الدنيا، وذلك جائز بلا خلاف إنما الخلاف في أمور الدين أحتج المنكرون لذلك بأمور‏:‏ أحدها‏:‏ أنه لو كان مأمورا به لاجاب عن كل سؤال ولما انتظر الوحي‏.‏ الثاني‏:‏ أنه لو كان مجتهدا لنقل ذلك عنه واستفاض‏.‏ الثالث‏:‏ أنه لو كان لكان ينبغي أن يختلف اجتهاده ويتغير فيتهم بسبب تغير الرأي‏.‏ قلنا‏:‏ أما انتظار الوحي فلعله كان حيث لم ينقدح له اجتهاد أو في حكم لا يدخله الاجتهاد أو نهي عن الاجتهاد فيه، وأما الاستفاضة بالنقل فعلعه لم يطلع الناس عليه، وإن كان متعبدا به، أو لعله كان متعبدا بالاجتهاد إذا لم ينزل نص وكان ينزل النص فيكون كمن تبعد بالزكاة والحج إن ملك النصاب والزاد، فلم يملك فلا يدل على أنه لم يكن متعبدا، وأما التهمة بتغير الرأي فلا تعويل عليها، فقد اتهم بسب النسخ، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏قالوا إنما أنت مفتر‏}‏ ‏(‏النحل‏:‏ 101‏)‏ ولم يدل ذلك على استحالة النسخ كيف وقد عورض هذا الكلام بجنسه‏؟‏ فقيل لو لم يكن متعبدا بالاجتهاد لفاته ثواب المجتهدين، ولكان ثواب المجتهدين أجزل من ثوابه، وهذا أيضا فاسد، لان ثواب تحمل الرسالة والاداء عن الله تعالى فوق كل ثواب‏.‏ فإن قيل فهل يجوز التعبد بوضع العبادات ونصب الزكوات وتقديراتها بالاجتهاد‏؟‏ قلنا‏:‏ لا محيل لذلك، ولا يفضي إلى محال ومفسدة، ولا بعد في أن يجعل الله تعالى صلاح عباده فيما يؤدي إليه اجتهاد رسوله لو كان الامر مبينا على الصلاح ومنع القدرية هذا وقالوا‏:‏ إن وافق ظنه الصلاح في البعض فيمتنع أن يوافق الجميع، وهذا فساد، لانه لا يبعد أن يلقى الله في اجتهاد رسوله ما فيه صلاح عباده هذا هو الجواز العقلي أما وقوعه فبعيد، وإن لم يكن محالا بل الظاهر أن ذلك، كله كان عن وحي صريح ناص على التفصيل‏.‏ النظر الثاني‏:‏ في أحكام الاجتهاد و النظر في حق المجتهد في تأثيمه وتخطئته وإصابته وتحريم التقليد عليه، وتحريم نقض حكمه الصادر عن الاجتهاد، فهذه أحكام النظر‏.‏ الأول‏:‏ في تأثيم المخطئ في الاجتهاد، والاثم ينتفي عن كل من جمع صفات المجتهدين إذا تمم الاجتهاد في محله، فكل اجتهاد تام إذا صدر من أهله وصادف محله فثمرته حق وصواب، والاثم عن المجتهد منفي، والذي نختاره أن الاثم والخطأ متلازمان، فكل مخطئ آثم وكل آثم مخطئ ومن انتفى عنه الاثم انتفى عنه الخطأ، فلنقدم حكم الاثم أولا فنقول‏:‏ النظريات تنقسم إلى ظنية وقطعية فلا إثم في الظنيات إذ لا خطأ فيها والمخطئ في القطعيات آثم، والقطعيات ثلاثة أقسام‏:‏ كلامية وأصولية وفقهية‏.‏ أما الكلامية‏:‏ فنعني بها العقليات المحضة، والحق فيها واحد، ومن أخطأ الحق فيها فهو آثم، ويدخل فيه حدوث العالم وإثبات المحدث وصفاته الواجبة، والجائزة والمستحيلة وبعثة الرسل وتصديقهم بالمعجزات وجواز الرؤية وخلق الاعمال وإرادة الكائنات، وجميع ما الكلام فيه مع المعتزلة والخوارج والروافض والمبتدعة وحد المسائل الكلامية المحضة ما يصح للناظر درك حقيقته بنظر العقل قبل ورود الشرع، فهذه المسائل الحق فيها واحد، ومن أخطأه فهو آثم، فإن أخطأ فيما يرجع إلى الايمان بالله ورسوله فهو كافر، وإن أخطأ فيما لا يمنعه من معرفة الله عزوجل ومعرفة رسوله كما في مسألة الرؤية وخلق الاعمال وإرادة الكائنات وأمثالها فهو آثم من حيث عدل عن الحق وضل، ومخطئ من حيث أخطأ الحق المتيقن، ومبتدع من حيق قال قولا مخالفا للمشهور بين السلف ولا يلزم الكفر‏.‏ وأما الاصولية‏:‏ فنعني بها كون الإجماع حجة وكون القياس حجة وكون خبر الواحد حجة، ومن جملته خلاف من جوز خلاف الإجماع المنبرم قبل انقضاء العصر وخلاف الإجماع الحاصل عن اجتهاد ومنع المصير إلى أحد قولي الصحابة والتابعين عند اتفاق الامة بعدهم على القول الآخر، ومن جملته اعتقاد كون المصيب واحدا في الظنيات، فإن هذه مسائل أدلتها قطعية، والمخالف فيها آثم مخطئ وقد نبهنا على القطعيات والظنيات في أدراج الكلام في جملة الاصول‏.‏ وأما الفقهية‏:‏ فالقطعية منها وجوب الصلوات الخمس، والزكاة، والحج والصوم وتحريم الزنا والقتل والسرقة والشرب وكل ما علم قطعا من دين الله فالحق فيها واحد وهو المعلوم والمخالف فيها آثم، ثم ينظر فإن أنكر ما علم ضرورة من مقصود الشارع‏:‏ كإنكار تحريم الخمر والسرقة ووجوب الصلاة والصوم، فهو كافر، لان هذا الانكار لا يصدر إلا عن مكذب بالشرع، وإن علم قطعا بطريق النظر لا بالضرورة ككون الإجماع حجة وكون القياس، وخبر الواحد حجة، وكذلك الفقهيات المعلومة بالإجماع، فهي قطعية فمنكرها ليس بكافر لكنه آثم مخطئ، فإن قيل‏:‏ كيف حكمتم بأن وجوب الصلاة والصوم ضروري، ولا يعرف ذلك إلا بصدق الرسول وصدق الرسول نظري‏؟‏ قلنا‏:‏ نعني به أن إيجاب الشارع له معلوم تواترا أو ضرورة، أما أن ما أوجبه فهو واجب فذلك نظري يعرف بالنظر في المعجزة المصدقة، ومن ثبت عنده صدقه فلا بد أن يعترف به، فإن أنكره فذلك لتكذيبه الشارع ومكذبه كافر، فلذلك كفرناه به، أما ما عداه من الفقهيات الظنية التي ليس عليها دليل قاطع فهو في محل الاجتهاد، فليس فيها عندنا حق معين ولا إثم على المجتهد إذا تمم اجتهاده وكان من أهله، فخرج من هذا أن النظريات قسمان قطعية وظنية، فالمخطئ في القطعيات آثم ولا إثم في الظنيات أصلا لا عند من قال المصيب فيها واحد، ولا عند من قال‏:‏ كل مجتهد مصيب، هذا هو مذهب الجماهير، وقد ذهب بشر المريسي إلى إلحاق الفروع بالاصول وقال فيها حق واحد متعين والمخطئ آثم، وقد ذهب الجاحظ والعنبري إلى إلحاق الاصول بالفروع، وقال العنبري‏:‏ كل مجتهد في الاصول أيضا مصيب، وليس فيها حق متعين، وقال الجاحظ فيها حق واحد متعين لكن المخطئ فيها معذور غير آثم كما في الفروع، فلنرسم في الرد على هؤلاء الثلاثة ثلاث مسائل‏:‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس