عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2012, 07:53 PM   #52
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: كتاب المستصفى من علم الاصول للامام الغزالى رضى الله عنه


الباب الثالث في الأدلة التي يخص بها العموم
لا نعرف خلافا بين القائلين بالعموم في جواز تخصيصه بالدليل، إما بدليل العقل أو السمع أو غيرهما، وكيف ينكر ذلك مع الاتفاق على تخصيص قوله تعالى‏:‏ ‏{‏خالق كل شئ‏}‏ ‏(‏الانعام‏:‏ 201، الرعد‏:‏ 61، الزمر‏:‏ 62، غافر‏:‏ 62‏)‏ ويحيى إليه ثمرات كل شئ‏}‏ ‏(‏القصص‏:‏ 57‏)‏ و ‏(‏تدمر كل شئ‏)‏ ‏[‏ الاحقاف‏:‏ 25 ‏]‏ و ‏(‏أوتيت من كل شئ‏)‏ ‏[‏ النمل‏:‏ 83 ‏]‏ ‏{‏الزانية والزاني‏}‏ ‏(‏النور‏:‏ 2‏}‏ ‏(‏وورثه أبواه‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏ 11‏)‏ ‏(‏ويوصيكم الله في أولادكم‏)‏ ‏(‏النساء‏:‏ 11‏)‏ وفيما سقت السماء العشر فإن جميع عمومات الشرع مخصصة بشروط في الأصل والمحل والسبب، وقلما يوجد عام لا يخصص، مثل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وهو بكل شئ عليم‏)‏ فإنه باق على العموم‏.‏ والأدلة التي يخص بها العموم أنواع عشرة‏:‏ الأول‏:‏ دليل الحس وبه خصص قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأوتيت من كل شئ‏}‏ ‏(‏النمل‏:‏ 32‏)‏ فإن ما كان في يد سليمان لم يكن في يدها وهو شئ، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏تدمر كل شئ بأمر ربها‏}‏ ‏(‏الاحقاف‏:‏ 52‏)‏ خرج منه السماء والارض وأمور كثيرة بالحس‏.‏ الثاني‏:‏ دليل العقل، وبه خصص قوله تعالى‏:‏ ‏{‏خالق كل شئ‏}‏ ‏(‏الانعام‏:‏ 102‏)‏ الرعد 16، الزمر‏:‏ 62، غافر‏:‏ 62‏)‏ إذ خرج عنه ذاته وصفاته، إذ القديم يستحيل تعلق القدرة به، وكذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولله على الناس حج البيت‏}‏ ‏(‏آل عمران‏:‏ 79‏)‏ خرج منه الصبي والمجنون، لان العقل قد دل على استحالة تكليف من لا يفهم، فإن قيل كيف يكون العقل مخصصا وهو سابق على أدلة السمع، والمخصص ينبغي أن يكون متأخرا، ولان التخصيص إخراج ما يمكن دخوله تحت اللفظ وخلاف المعقول لا يمكن أن يتناوله اللفظ‏؟‏ قلنا‏:‏ قال قائلون‏:‏ لا يسمى دليل العقل مخصصا لهذا الحال، وهو نزاع في عبارة فإن تسمية الأدلة مخصصة تجوز، فقد بينا أن تخصيص العام محال، لكن الدليل يعرف إرادة المتكلم، وأنه أراد باللفظ الموضوع للعموم معنى خاصا، ودليل العقل يجوز أن يبين لنا أن الله تعالى ما أراد بقوله‏:‏ ‏{‏خالق كل شئ‏}‏ ‏(‏الانعام‏:‏ 201، الرعد‏:‏ 16، الرمر‏:‏ 62، غافر‏:‏ 62‏)‏ نفسه وذاته، فإنه وإن تقدم دليل العقل فهو موجود أيضا عند نزول اللفظ، وإنما يسمى مخصصا بعد نزول الآية لا قبله، وأما قولهم‏:‏ لا يجوز دخوله تحت اللفظ، فليس كذلك، بل يدخل تحت اللفظ من حيث اللسان، ولكن يكون قائله كاذبا، ولما وجب الصدق في كلام الله تعالى تبين أنه يمتنع دخوله تحت الارادة مع شمول اللفظ له من حيث الوضع‏.‏ الثالث‏:‏ دليل الإجماع، ويخصص به العام، لان الإجماع قاطع لا يمكن الخطأ فيه والعام يتطرق إليه الاحتمال، ولا تقضي الامة في بعض مسميات العموم، بخلاف موجب العموم إلا عن قاطع بلغهم في نسخ اللفظ الذي كان قد أريد به العموم، أو في عدم دخوله تحت الارادة عند ذكر العموم، والإجماع أقوى من النص الخاص، لان النص الخاص محتمل نسخه، والإجماع لا ينسخ، فإنه إنما ينعقد بعد انقطاع الوحي‏.‏ الرابع‏:‏ النص الخاص يخصص اللفظ العام، فقوله‏:‏ فيما سقت السماء العشر يعم ما دون النصاب، وقد خصصه قوله عليه السلام‏:‏ لا زكاة فيما دون خمسة أوسق وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والسارق والسارقة‏}‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 83‏)‏ يعم كل مال، وخرج ما دون النصاب بقوله‏:‏ لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا وقوله‏:‏ ‏{‏فتحرير رقبة‏}‏ ‏(‏المجادلة‏:‏ 3‏)‏ يعم الكافرة، فلو ورد مرة أخرى ‏{‏فتحرير رقبة مؤمنة‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏ 29‏)‏ في الظهار بعينة لتبين لنا أن المراد بالرقبة المطلبة العامة هي المؤمنة على الخصوص، وقد ذهب قوم إلى أن الخاص والعام يتعارضان ويتدافعان، فيجوز أن يكون الخاص سابقا، وقد ورد العام بعده لارادة العموم فنسخ الخاص، ويجوز أن يكون العام سابقا، وقد أريد به العموم ثم نسخ باللفظ الخاص بعده، فعموم الرقبة مثلا يقتضي أجزاء الكافرة مهما أريد به العموم، والتقييد بالمؤمنة يقتضي منع أجزاء الكافرة فهما متعارضان، وإذا أمكن النسخ والبيان جميعا فلم يتحكم بحمله على البيان دون النسخ، ولم يقطع بالحكم على العام بالخاص، ولعل العام هو المتأخر الذي أريد به العموم وينسخ به الخاص، وهذا هو الذي اختاره القاضي، والاصح عندنا تقديم الخاص، وإن كان ما ذكره القاضي ممكنا، ولكن تقدير النسخ محتاج إلى الحكم بدخول الكافرة‏.‏ تحت اللفظ ثم خروجه عنه، فهو إثبات وضع ورفع بالتوهم، وإرادة الخاص باللفظ العام غالب معتاد بل هو الاكثر، والنسخ كالنادر، فلا سبيل إلى تقديره بالتوهم، ويكاد يشهد لما ذكرناه من سير الصحابة والتابعين كثير، فإنهم كانوا يسارعون إلى الحكم بالخاص على العام، وما اشتغلوا بطلب التاريخ والتقدم والتأخر‏.‏ الخامس‏:‏ المفهوم بالفحوى كتحريم ضرب الاب، حيث فهم من النهي عن التأفيف، فهو قاطع كالنص، وإن لم يكن مستندا إلى لفظ، ولسنا نريد اللفظ بعينه بل لدلالته، فكل دليل سمعي قاطع، فهو كالنص، والمفهوم عند القائلين به أيضا كالمنطوق، حتى إذا ورد عام في إيجاب الزكاة في الغنم، ثم قال الشارع‏:‏ في سائمة الغنم زكاة، أخرجت المعلوفة من مفهوم هذا اللفظ عن عموم اسم الغنم والنعم‏.‏ السادس‏:‏ فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو دليل على ما سيأتي بشرطه عند ذكر دلالة الافعال، وإنما يكون دليلا إذا عرف من قوله أنه قصد به بيان الاحكام، كقوله عليه السلام‏:‏ صلوا كما رأيتموني أصلي وخذوا عني مناسككم فإن لم يتبين أنه أراد به البيان، فإذا ناقض فعله لحكمه الذي حكم به فلا يرفع أصل الحكم بفعله المخالف له لكن قد يدل على التخصيص، ونذكر له ثلاثة أمثلة‏:‏ المثال الأول‏:‏ إنه نهى عن الوصال ثم واصل، فقيل له‏:‏ نهيت عن الوصال ونراك تواصل‏؟‏ فقال‏:‏ إني لست كأحدكم إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني فبين أنه ليس يريد بفعله بيان الحكم، ثم تحريم الوصال إن كان بقوله لا تواصلوا أو نهيتكم عن الوصال فلا يدخل فيه الرسول عليه السلام لانه مخاطب غيره، والمخاطب إنما يدخل تحت خطاب نفسه إذا أثبت الحكم بلفظ عام، كقوله‏:‏ حرم الوصال على كل عبد أو على كل مكلف، أو على كل إنسان، أو كل مؤمن أو ما يجري مجراه، وإن كان بلفظ عام فيكون فعله تخصيصا‏.‏ المثال الثاني‏:‏ أنه نهى عن استقبال القبلة في قضاء الحاجة ثم رآه ابن عمر مستقبلا بيت المقدس على سطح، فيحتمل أنه تخصيص، لانه كان وراء سترة والنهي كان مطلقا، وأريد به ما إذا لم يكن ساتر، ويحتمل أنه كان مستثنى ومخصوصا فهو دليل على خروجه عن العموم إن كان اللفظ المحرم عاما له، ولا يصلح هذا، لان ينسخ به تحريم الاستقبال لانه فعل يكون في خلوة وخفية فلا يصلح لان يراد به البيان، فإن ما أريد به البيان يلزمه إظهاره عند أهل التواتر أن تعبد فيه الخلق بالعلم وإن لم يتعبدوا إلا بالظن والعمل، فلا بد من إظهاره لعدل أو لعدلين‏.‏ المثال الثالث‏:‏ أنه نهى عن كشف العورة ثم كشف فخذه بحضرة أبي بكر وعمر، ثم دخل عثمان رضي الله عنهم فستره، فعجبوا منه فقال‏:‏ ألا أستحي ممن تستحي منه ملائكة السماء فهذا لا يرفع النهي، لاحتمال أنه لم يكن داخلا فيه، أو لعله كشفه لعارض وعذر، فإنه حكاية حال، أو أريد بالفخذ ما يقرب منه وليس داخلا في حده أو إباحته خاصة له أو نسخ تحريم كشف العورة، وإذا تعارضت الاحتمالات فلا يرتفع التحريم في حق غيره بالوهم‏.‏ السابع‏:‏ تقرير رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا من أمته على خلاف موجب العموم، وسكوته عليه السلام عليه يحتمل نسخ أصل الحكم، أو تخصيص ذلك الشخص بالنسخ في حقه خاصة له، أو تخصيص وصف وحال ووقت ذلك الشخص ملابس له فيشاركه في الخصوص من شاركه في ذلك المعنى، فإن كان قد ثبت ذلك الحكم في كل وقت وفي كل حال تعين تقرير لكونه نسخا، إما على الجملة، وإما في حقه خاصة، والمستيقن حقه خاصة لكن لو كان من خاصيته لوجب على النبي عليه السلام أن يبين اختصاصه بعد أن عرف أمته أن حكمه في الواحد كحكمه في الجماعة، فيدل من هذا الوجه على النسخ المطلق، ولما أقر عليه السلام أصحابه على ترك زكاة الخيل مع كثرتها في أيديهم دل على سقوط زكاة الخيل، إذ ترك الفرض منكر يجب إنكاره، فإن قيل‏:‏ فلعلهم أخرجوا ولم ينقل إلينا، أو لعله لم يكن في خيلهم سائمة، قلنا‏:‏ العادة تحيل اندراس إخراجهم الزكاة طول أعمارهم والسوم قريب من الامكان، ويجب شرح ما يقرب وقوعه فلو وجب لذكره فهذه سبع مخصصات ووراءها ثلاثة تظن مخصصات، وليست منها فننظمها في سلك المخصصات‏.‏ الثامن‏:‏ عادة المخاطبين فإذا قال لجماعة من أمته‏:‏ حرمت عليكم الطعام والشراب مثلا وكانت عادتهم تناولهم جنسا من الطعام، فلا يقتصر بالنهي على معتادهم بل يدخل فيه لحم السمك والطير، وما لا يعتاد في أرضهم لان الحجة في لفظه، وهو عام وألفاظه غير مبنية على عادة الناس في معاملاتهم، حتى يدخل فيه شرب البول وأكل التراب وابتلاع الحصاة والنواة، وهذا بخلاف لفظ الدابة، فإنها تحمل على ذوات الاربع خاصة لعرف أهل اللسان في تخصيص اللفظ وأكل النواة والحصاة يسمى أكلا في العادة، وإن كان لا يعتاد فعله، ففرق بين أن لا يعتاد الفعل وبين أن يعتاد إطلاق الاسم على الشئ، وعلى الجملة‏:‏ فعادة الناس تؤثر في تعريف مرادهم من ألفاظهم، حتى أن الجالس على المائدة يطلب الماء يفهم منه العذب البارد، لكن لا تؤثر في تغيير خطاب الشارع إياهم‏.‏ التاسع‏:‏ مذهب الصحابي إذا كان بخلاف العموم فيجعل مخصصا عند من يرى قول الصحابي حجة يجب تقليده وقد أفسدناه، وكذلك تخصيص الراوي يرفع العموم عند من يرى أن مذهب الراوي إذا خالف روايته يقدم مذهبه على روايته، وهذا أيضا مما أفسدناه بل الحجة في الحديث ومخالفته وتأويله وتخصيصه يجوز أن تكون عن اجتهاد ونظر لا نرتضيه فلا نترك الحجة بما ليس بحجة بل لو كان اللفظ محتملا وأخذ الراوي بأحد محتملاته واحتمل أن يكون ذلك عن توقيف فلا تجب متابعته ما لم يقل إني عرفته من التوقيف، بدليل أنه لو رواه روايان وأخذ كل واحد باحتمال آخر فلا يمكننا أن نتبعهما أصلا‏.‏ العاشر‏:‏ خروج العام على سبب خاص جعل دليلا على تخصصه عند قوم، وهو غير مرضي عندنا كما سبق تقريره واختتام هذا الكتاب بذكر مسألتين في تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد وبالقياس‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏تخصيص العموم بخبر الواحد‏)‏
خبر الواحد إذا ورد مخصصا لعموم القرآن اتفقوا على جواز التعبد به لتقديم أحدهما على الآخر، لكن اختلفوا في وقوعه على أربعة مذاهب، فقال‏:‏ بتقديم العموم قوم وبتقديم الخبر قوم، وبتقابلهما والتوقف إلى ظهور دليل آخر قوم، وقال قوم‏:‏ إن كان العموم مما دخله التخصيص بدليل قاطع فقد ضعف وصار مجازا، فالخبر أولى منه وإلا فالعموم أولى وإليه ذهب عيسى بن أبان‏.‏ احتج القائلون بترجيح العموم بمسلكين‏:‏ الأول‏:‏ أن عموم الكتاب، مقطوع به، وخبر الواحد مظنون، فكيف يقدم عليه‏؟‏ الاعتراض من أوجه‏:‏ الأول‏:‏ أن دخول أصل محل الخصوص في العموم، وكونه مراد، به مظنون ظنا ضعيفا يستند إلى صيغة العموم وقد أنكره الواقفية وزعموا أنه مجمل، فكيف ينفع كون أصل الكتاب مقطوعاته فيما لا يقطع بكونه مرادا بلفظه‏.‏ الثاني‏:‏ أنه لو كان مقطوعا به للزم تكذيب الراوي قطعا ولا شك في إمكان صدقه، فإن قيل‏:‏ فلو نقل النسخ فصدقه أيضا ممكن ولا يقبل، قلنا‏:‏ لا جرم لا يعلل رده بكون الآية مقطوعا بها، لان دوام حكمها إنما يقطع به بشرط أن الايراد ناسخ فلا يبقى القطع مع وروده، لكن الإجماع منع من نسخ القرآن بخبر الواحد، ولا مانع من التخصيص‏.‏ الثالث‏:‏ أن براءة الذمة قبل ورود السمع مقطوع بها، ثم ترفع بخبر الواحد، لانه مقطوع بها بشرط أن لا يرد سمع، وماء البحر مقطوع بطهارته إذا جعل في كوز، لكن بشرط أن لا يرد سمع بأن يخبر عدل بوقوع النجاسة فيه، وكذلك العموم ظاهر في الاستغراق بشرط أن لا يرد خاص‏.‏ الرابع‏:‏ أن وجوب العمل بخبر الواحد مقطوع به بالإجماع، وإنما الاحتمال في صدق الراوي ولا تكليف علينا في اعتقاد صدقه، فإن سفك الدم وتحليل البضع واجب بقول عدلين قطعا مع أنا لا نقطع بصدقهما، فوجوب العمل بالخبر مقطوع به وكون العموم مستغرقا غير مقطوع به فإن قيل‏:‏ إنما يجب العمل بخبر لا يقابل عموم القرآن‏؟‏ قلنا‏:‏ يقابله أنه إنما يجب العمل بعموم لا يخصصه حديث نص ينقله عدل ولا فصل بين الكلامين‏.‏ المسلك الثاني‏:‏ قولهم إن الحديث إما أن يكون نسخا أو بيانا، والنسخ لا يثبت بخبر الواحد إتفاقا وإن كان بيانا فعال إذا البيان ما يقترن بالمبين وما يعرفه الشارع أهل التواتر حتى تقوم الحجة به قلنا هو بيان ولا يجب اقتران البيان، بل يجوز تأخيره عندنا وما يدريهم أنه وقع متراخيا، فلعله كان مقترنا، والراوي لم يرو اقترانه، كيف ويجوز أن يقول بعد ورود آية السرقة لا قطع إلا في ربع دينار من الحرز وأما قولهم‏:‏ ينبغي أن يلقيه إلى عدد التواتر فتحكم، بل إذا لم يكلفهم العلم، بل العمل جاز تكليفهم بقول عدل واحد، ثم ما يدر بهم فلعله ألقاه إلى عدد التواتر فماتوا قبل النقل أو نسوا، أو هم في الاحياء، لكنا ما لقينا منهم إلا واحدا حجة القائلين بتقديم الخبر أن الصحابة ذهبت إليه، إذ روى أبو هريرة أن المرأة لا تنكح على عمتها وخالتها فخصصوا به قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأحل لكم ما وراء ذلكم‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏ 42‏)‏ وخصصوا عموم آية المواريث برواية أبي هريرة أنه لا يرث القاتل والعبد ولا أهل ملتين ورفعوا عموم آية الوصية بقوله‏:‏ لا وصية لوارث ورفعوا عموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏حتى تنكح زوجا غيره‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 32‏)‏ برواية من روى‏:‏ حتى تذوق عسيلتها إلى نظائر لذلك كثيرة لا تحصى‏.‏ الاعتراض‏:‏ إن هذا ليس قاطعا بأنهم رفعوا العموم بمجرد قول الراوي، بل ربما قامت الحجة عندهم على صحة قوله بأمور وقرائن وأدلة سوى مجرد قوله، كما نقل أن أهل قباء تحولوا عن القبلة بخبر واحد، وهو نسخ، لكنهم لعلهم عرفوا صدقه برفع صوته في جوار النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، وأن ذلك لا يمكن الكذب فيه‏.‏ حجة القائلين بالتوقف وهو اختيار القاضي أن العموم وحده دليل مقطوع الأصل مظنون الشمول، والخبر وحده مظنون الأصل مقطوع به في اللفظ والمعنى وهما متقابلان، ولا دليل على الترجيح فيتعارضان والرجوع إلى دليل آخر، والمختار أن خبر العدل أولى، لان سكون النفس إلى عدل واحد في الرواية لما هو نص كسكونها إلى عدلين في الشهادة أما اقتضاء آية المواريث الحكم في حق القاتل والكافر ضعيف، وكلام من يدعي إجمال العموم قوي واقع وكلام من ينكر خبر الواحد ولا يجعله حجة في غاية الضعف، ولذلك ترك توريث فاطمة رضي الله عنها بقول أبي بكر‏:‏ نحن معاشر الانبياء لا نورث الحديث فنحن نعلم أن تقدير كذب أبي بكر وكذب كل عدل أبعد في النفس من تقدير كون آية المواريث مسوقة لتقدير المواريث لا للقصد إلى بيان حكم النبي عليه الصلاة والسلام والقاتل والعبد والكافر وهذه النوادر‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس