.بعث خالد بْن الوليد إلى أكيدر دومة:
وبعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خالد بْن الوليد إلى أكيدر بْن عَبْد الملك صاحب دومة، وقال له: يا خالد، إنك ستجده يصيد البقر، فأتاه خالد ليلا وقرب من حصنه، وأرسل الله تعالى بقر الوحش، فأتت تحك حائط القصر بقرونها، فنشط أكيدر ليصيدها، وخرج في الليل فأخذه خالد، وبعث به إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعفا عنه النبي عليه السلام ورده إلى حصنه بعد أن صالحه على الجزية، وصالح يحنة بْن رؤبة صاحب أيلة على الجزية.

.العودة من تبوك:
وأقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتبوك بضع عشرة ليلة ولم يتجاوزها، ثم انصرف، وكان في طريقه ماء قليل، فنهى أن يسبق أحد إلى الماء، فسبق إليه رجلان فاستنفدا ما فيه، فسبهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال ما شاء الله أن يقول، ثم وضع يده في الماء ودعا الله فيه بالبركة، فجاشت العين بماء عظيم كفى الجيش كله، وأخبر عليه السلام أن ذلك الموضع سَيُمْلأُ جِنَانًا، فكان كذلك، وبنى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين تبوك والمدينة مساجد كثيرة نحو ستة عشر مسجدا، أولها مسجد بناه بتبوك، وآخرها بذي خشب.

.مسجد الضرار:
وكان أهل مسجد الضرار قد أتوه وهو متجهز إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله، إنا قد بنينا مسجدا لذي الْعَيْلَةِ والحاجة، والليلةِ المطيرة، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي فيه، فقال لهم: «أنا في شغل السفر، وإذا انصرفت فسيكون» فلما انصرف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر في منصرفه بهدم مسجد الضرار، أمر بذلك مالك بْن الدخشم، ومعن بْن عدي، وعاصم بْن عدي أخاه، وأمر بإحراقه، وقال لهم: «اخرجوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه»، فخرجوا مسرعين، وأخرج مالك بْن الدخشم من منزله شعلة نار، ونهضوا فأحرقوا المسجد وهدموه، وكان الذين بنوه خذام بْن خالد بْن عبيد بْن زيد أحد بني عمرو بْن عمرو بْن عوف، ومن داره أخرج مسجد الضرار، ومعتب بْن قشير من بني ضبيعة بْن زيد، وأبو حبيبة بْن الأزعر من بني ضبيعة بْن زيد، وعباد بْن حنيف أخو سهل بْن حنيف من بني عمرو بْن عوف، وجارية بْن عامر وابناه مجمع وزيد ابنا جارية، ونبتل بْن الحارث من بني ضبيعة، وبحزج وهو من بني ضبيعة، وبجاد بْن عثمان من بني ضبيعة، ووديعة بْن ثابت من بني أمية بْن زيد، وثعلبة بْن حاطب مذكور فيهم وفيه نظر، لأنه قد شهد بدرا، ومات عَبْد اللهِ ذو البجاد بْن المزني في غزوة تبوك، فتولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر غسله ودفنه، ونزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قبره وقال: «اللهم إني راض عنه فارض عنه».