بِنَاءُ مسجد رسول الله:
فبنى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسجده، وجعل عضادتيه الحجارة، وَسَوَارِيَهُ جُذُوعَ النخل، وسقفه جريدها بعد أن نبش قبور المشركين وسواها، وسوى الخرب، وقطع النخل، وعمل فيه المسلمون حسبة، ومات أَبُو أمامة أسعد بْن زرارة في الأيام التي كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبني فيها مسجده وبيوته، فوجد عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجدا شديدا، وقد كان كواه من ذبحة نزلت به، وكان نقيبا في بني النجار، فلم يجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعده عليهم نقيبا.

.مؤاخاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم أجمعين:
وآخى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد بنائه المسجد بين الأنصار والمهاجرين، وقد قيل: إن المؤاخاة كانت والمسجد يبنى بين المهاجرين والأنصار على المواساة والحق، فكانوا يتوارثون بذلك دون القرابات حتى نزلت: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ}، رَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: آخَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَوَرَّثَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ حَتَّى نَزَلَتْ: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} وذكر سعيد بْن داود، قَالَ: بَلَغَنَا وَكَتَبْنَا عن شيوخنا أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخى يومئذ بين أبي بكر الصديق وخارجة بْن زيد بْن أبي زهير، وبين عمر بْن الخطاب وعويم بْن ساعدة، قَالَ: ويقال: بين عمر بْن الخطاب ومعاذ بْن عفراء، قَالَ: وقيل أيضا: بين عمر وعتبان بْن مالك، وبين عثمان بْن عفان وأوس بْن ثابت، وبين علي بْن أبي طالب وسهل بْن حنيف، وبين زيد بْن حارثة وأسيد بْن الحضير، وبين أبي مرثد الغنوي وعبادة بْن الصامت، وبين الزبير وكعب بْن مالك، وبين طلحة وأبي بْن كعب، وبين سعد بْن أبي وقاص وسعد بْن معاذ، وبين عَبْد الرحمن بْن عوف وسعد بْن الربيع، وبين عَبْد اللهِ بْن جحش وعاصم بْن ثابت، وبين أبي حذيفة بْن عتبة وعباد بْن بشر، وبين عتبة بْن غزوان وأبي دجانة، وبين مصعب بْن عمير وأبي أيوب، وبين ابن مسعود ومعاذ بْن جبل، وبين أبي سلمة بْن عَبْد الأسد وسعد بْن خيثمة، وبين عمار وحذيفة بْن اليمان، وبين أبي عبيدة ومحمد بْن مسلمة، وبين عثمان بْن مظعون وأبي الهيثم بْن التيهان، وبين سلمان الفارسي وأبي الدرداء، قَالَ الحافظ أَبُو عمر رضي الله عنه: ذكر هذا سنيد ولم يسنده إلى أحد، إلا أنه بلغه، والصحيح عند أهل السير والعلم بالآثار والخبر في المؤاخاة التي عقدها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين المهاجرين والأنصار في حين قدومه إلى المدينة، أنه آخى بين أبي بكر الصديق وخارجة بْن زيد بْن أبي زهير، وبين عمر بْن الخطاب وعتبان بْن مالك، وبين عثمان بْن عفان وأوس بْن ثابت بْن المنذر أخي حسان بْن ثابت، وآخى بين علي بْن أبي طالب وبين نفسه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له: أنت أخي في الدنيا والآخرة، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ أَخِي وَصَاحِبِي» أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُورِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، قَالا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ-، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ: وَاللهِ إِنِّي لأَخُو رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَلِيُّهُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: أَنَا عَبْدُ اللهِ، وَأَخُو رَسُولِهِ، وَلا يَقُولُهَا بَعْدِي إِلا كَذَّابٌ مُفْتَرٍ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا قَاسِمٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حُضَيْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ الْجُهَنِيُّ، يَعْنِي زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: أَنَا عَبْدُ اللهِ، وَأَخُو رَسُولِهِ، لَمْ يَقُلْهَا أَحَدٌ قَبْلِي، وَلا يَقُولُهَا أَحَدٌ بَعْدِي إِلا كَذَّابٌ مُفْتَرٍ وآخى بين جعفر بْن أبي طالب وهو بأرض الحبشة ومعاذ بْن جبل، وبين عَبْد الرحمن بْن عوف وسعد بْن الربيع، وبين الزبير وسلمة بْن سلامة بْن وقش، وبين طلحة وكعب بْن مالك، وبين أبي عبيدة وسعد بْن معاذ، وبين سعد ومحمد بْن مسلمة، وبين سعيد بْن زيد وأبي بْن كعب، وبين مصعب بْن عمير وأبي أيوب، وبين عمار وحذيفة بْن اليمان حليف بني عَبْد الأشهل، وقد قيل: بين عمار وثابت بْن قيس، وبين أبي حذيفة بْن عتبة وعباد بْن بشر، وبين أبي ذر والمنذر بْن عمرو، وبين ابن مسعود وسهل بْن حنيف، وبين سلمان الفارسي وأبي الدرداء، وبين بلال وأبي رويحة الخثعمي حليف الأنصار، وبين حاطب بين أبي بلتعة وعويم بْن ساعدة، وبين عَبْد اللهِ بْن جحش وعاصم بْن ثابت، وبين عبيدة بْن الحارث وعمير بْن الحمام، وبين الطفيل بْن الحارث أخيه وسفيان بْن بشر بْن زيد من بني جشم بْن الحارث بْن الخزرج، وبين الحصين بْن الحارث أخيهما وعبد الله بْن جبير، وبين عثمان بْن مظعون والعباس بْن عبادة، وبين عتبة بْن غزوان ومعاذ بْن ماعص، وبين صفوان بْن بيضاء ورافع بْن المعلى، وبين المقداد بْن عمرو وعبد الله بْن رواحة، وبين ذي الشمالين ويزيد بْن الحارث من بني حارثة بْن ثعلبة بْن كعب بْن الخزرج، وبين أبي سلمة بْن عَبْد الأسد وسعيد بْن خيثمة، وبين عمير بْن أبي وقاص وخبيب بْن عدي، وبين عَبْد اللهِ بْن مظعون وقطبة بْن عامر بْن حديدة، وبين شماس بْن عثمان وحنظلة بْن أبي عامر، وبين الأرقم بْن أبي الأرقم وطلحة بْن زيد الأنصاري، وبين زيد بْن الخطاب ومعن بْن عدي، وبين عمرو بْن سراقة وسعيد بْن زيد من بني عَبْد الأشهل، وبين عاقل بْن البكير ومبشر بْن عَبْد المنذر، وبين عَبْد اللهِ بْن مخرمة وفروة بْن عمرو البياضي، وبين خنيس بْن حذافة والمنذر بْن مُحَمَّد بْن عقبة بْن أحيحة بْن الجلاح، وبين أبي سبرة بْن أبي رهم وعبادة بْن الخشخاش، وبين مسطح بْن أثاثة وزيد بْن المزين، وبين أبي مرثد الغنوي وعبادة بْن الصامت، وبين عكاشة بْن محصن والمجذر بْن زياد البلوي حليف الأنصار، وبين عامر بْن فهيرة والحارث بْن الصمة، وبين مهجع مولى عمر وسراقة بْن عمرو بْن عطية من بني غنم بْن مالك بْن النجار، وقد كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخى بين المهاجرين بعضهم وبعض قبل الهجرة على الحق والمواساة أيضا، فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين حمزة وزيد بْن حارثة، وبين عثمان وعبد الرحمن بْن عوف، وبين الزبير وعبد الله بْن مسعود، وبين عبيدة بْن الحارث وبلال، وبين مصعب بْن عمير وسعد بْن أبي وقاص، وبين أبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة، وبين سعيد بْن زيد وطلحة بْن عبيد الله، فلما نزل المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار على ما تقدم ذكرنا له.