11-30-2012, 08:12 PM
|
#4
|
|
رد: كتاب الرسالة الوعظية للامام الغزالى رضى الله عنه
وأما أقل ما يجب اعتقاده على المكلّف، فهو ما يترجمه قوله: " لا إله إلا الله، محمد رسول الله". ثم إذا صدّق الرسول فينبغي أن يصدقه في صفات الله تعالى، فإنه حيّ، قادرٌ، عالمٌ، متكلمٌ، مريدٌ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وليس عليه بحثٌ عن حقيقة هذه الصفات. وأن الكلام والعلم وغيرهما، قديم أو حادث، بل لو لم تخطر هذه المسألة حتى مات مؤمنا وليس عليه تعلم الأدلة التي حررها المتكلمون. بل كلما حصل في قلبه التصديق بالحق بمجرد الإيمان من غير دليل وبرهان فهو مؤمن. ولم يكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك. وعلى هذا الاعتقاد المجمل استمرت الأعراب وعوام الخلق إلا من وقع في بلدة يقرع سمعه فيها هذه المسائل، مقدم الكلام وحدوثه ومعنى الاستواء والنزول وغيره، فإن لم يأخذ ذلك قلبه وبقي مشغولا بعبادته وعمله فلا حرج عليه. وإن أخذ ذلك بقلبه فأقل الواجبات عليه ما اعتقده السلف، فيعتقد في القرآن القدم. كما قال السلف: القرآن كلام الله غير مخلوق. ويعتقد أن الاستواء حق، والسؤال عنه مع الاستغناء بدعة، والكيفية فيه مجهولة. فيؤمن بجميع ما جاء به الشرع إيمانا مجملا، من غير بحث عن الحقيقة والكيفية. فإن لم ينفعه ذلك وغلب على قلبه الإشكال والشك، فإن أمكن إزالة شكه وإشكاله بكلام قريب من الإفهام، وإن لم يكن قويا عند المتكلمين ولا مرضيا عندهم، فذلك كاف، ولا حاجة به إلى تحقيق الدليل. بل الأولى أن يزال إشكاله من غير برهان حقيقة الدليل. فإن الدليل لا يتم إلا بدرك السلوك الجواب عنه. ومهما ذكرت الشبهة فلا يبعد أن ينكر بقلبه ويكل فهمه عن درك جوابه، إذ الشبهة قد تكون جلية والجواب دقيقا لا يحتمله عقله، ولهذا زجر السلف عن البحث والتفتيش عن الكلام، وإنما زجروا عنه لضعفاء العوام
|
|
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل
دخولك قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا |
|