11-30-2012, 07:39 PM
|
#5
|
|
رد: كتاب المختار من الانوار للامام الشعرانى رضى الله عنه
توبتهم من الصغيرة وسوء الظن
ومن آدابهم: لا يصرون على ذنب فان الإصرار من المهلكات وتصير الصغير به كبيرة.
وقد حد بعض الأشياخ الإصرار: بأن يؤخر التوبة حتى يدخل عليه وقت صلاة أخرى من الخمس.
ومن آدابهم: إذا وقعوا في سوء الظن بأحد أو غيبة ولم يعلم بهما صاحبهما ان يقرءوا أم القران وسورة الإخلاص والمعوذتين ويهدون ثواب ذلك في صحائف من اساؤوا به الظن أو اغتابوه.
وكيفية الإهداء أن يقول: اللهم صل وسلم على نبيك وحبيبك سيدنا محمد وعلى اله وأثبني على ما قرأته واجعله في صحائف عبدك (فلان).
ومن آدابهم يشهدون الكمال في صاحبهم والنقص في أنفسهم ومن شهد ذلك كره العزلة عن الناس الا لغرض شرعي أخر كأن يخشى ان يحصل لهم منه شيء يتضررون به.
ومن آدابهم يشهدون على الدوام أن الله تعالى أرحم بهم منهم ولذلك لا يقع منهم قنوط من رحمة الله تعالى في وقت من الأوقات.
ومن آدابهم: لا يتحفظون من محبتهم لأحد من الصحابة رضي الله عنهم أو لأولادهم لان الواجب على كل احد أن يحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعا لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحب أولادهم كذلك.
وذكر الشيخ عبد الغفار القوصى: انه كان له صاحب من أكابر العلماء فمات فرآه بعد موته فسأله عن دين الإسلام فتلجلج في الجواب قال: فقلت له: أما هو حق.. .؟ فقال: نعم هو حق.
فنظرت إلى وجهه فإذا هو اسود وكان رجلا ابيض فقلت له: ان كان دين إلام حقا فما سود وجهك.. .؟ فقال: بخفض صوت كنت أقدم بعض الصحابة على بعض بالعصبية.
ومن آدابهم: يعتنون بإفادة كل جليس معهم وان لم يكن معتنيا بالفائدة.
وكان بعضهم لا يجلس احد معه إلا ذكر هو وإياه مجلس ذكر ثم يصرفه بعد ذلك ويقول: من لم يصلح لاستفادة العلوم يصلح لذكر الله.
ومن آدابهم لا يزورون أحدا ويأكلون من طعامه الا ان علموا انه كثير التوقف عما بأيدي أهل زمانه من المكاسبين والظلمة والأعوان.
ومن آدابهم: المداومة على صلاة الضحى لخبر: ما من عبد يصلى الضحى ولم يتركها الا عرجت إلى الله تعالى وقالت: يا رب ان فلانا لم يضيعني فلا تضيعه.
وفى الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ركعتان الضحى يعدلان عند الله تعالى حجة وعمرة مقبولتين) رواه أبو الشيخ في الثواب عن أنس رضي الله عنه.
ومن آدابهم: يتهمون نفوسهم في المواظبة على الخير ومجالس الذكر فقل من يواظب على خير ويحمد الناس عليه ويسلم من الآفات.
ومن شان النفس إذا ألفت التعظيم لأجل عبادتها يشق عليها تركها لأجل ذلك لا لأجل مجالسة الحق تعالى.
فليمتحن السالك نفسه فان رأى عندها استحياء إذا ترك إظهار تلك العبادة فليعلم أنها كلها رياء ويجب عليه التوب والاستغفار وإن رآها ليس عندها استحياء فليشكر الله تعالى الذي نجاه ثم لا يأمن.
وقد وقع لبعض السلف انه صلى الصلوات الخمس في الصف الأول مدة فتخلف يوما فوجد في نفسه خجلا فأعاد تلك الصلوات كلها وقال: إنما كانت مواظبتي سمعة ورياء.
ومن آدابهم: لا يستلذ احدهم بما يحصل له من صورة الخشوع والدعوة وضم الأكتاف وإطراق الرأس إلى الأرض ولا يسامح نفسه في ذلك الا ان كان مغلوبا وقد رأى الإمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يصلى وقد ضم كتفيه فضربه وقال له: ليس الخشوع هكذا إنما الخشوع في القلب.
ففر يا أخي من الوقوع في مثل ذلك فان رأيت أحدا فعل ذلك فاحمله على انه مغلوب.
ومن آدابهم: يغضبون باطنا على كل من ادعى عندهم دعاوى كاذبة ويباسطونه ظاهرا ثم يعلمونه سرا بكذبه ان رأوا نفسه تحمل ذلك وفى هذا الأدب جمع بين الغيرة لله والنصح للعبد وقل من يجمع بين هذين الشيئين.
ومن آدابهم: طلبهم كل ما يحتاجون إليه من باب الله تعالى دون باب احد من عبيده.
ولا ينظرون إلى باب غيره الا من حيث كون الخلق كالقناة التي يجرى فيها الماء لا غير فالفضل لمن أجرى الماء في القناة لا القناة.
وفى كلام سيدي عبد القادر الجيلي: تعام يا أخي عن الجهات حال طلبك حاجة من ربك يفتح لك باب فضله لأنه غيور ومن لم يصل إلى ذلك فمن لازمه الاعتماد على الأسباب والوقوف معها وإياك ان تحذف واسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حاجة طلبتها فان ذلك سوء أدب معه صلى الله عليه وسلم.
ومن آدابهم: إذا كانوا يقرءون في القران الكريم أو الحديث الشريف وأرادوا أن يكلموا أحدا في حاجة فلا يكلمونه حتى يستأذنوا الله تعالى ورسوله بقلبهم ولسانهم أن يكلموا ذلك الإنسان ثم إن غفلوا عن الاستئذان وكلموا أحدا استغفروا الله تعالى حتى يلقى الله في قلوبهم انه قبل استغفارهم.
وقد وقع للشيخ أفضل الدين انه كلم إنسانا وهو يقراْ القران الكريم قبل ان يستأذن فاستغفر الله ألف مرة.
ووقع له أيضا انه كلم إنه كلم إنسانا وهو يقرأ الحديث قبل أن يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فاستغفر الله تعالى سبعين مرة.
ومن آدابهم: لا يشتغلون حال الأذان بشيء أدبا مع الله تعالى.
ومن أدبهم: لا يمدون أرجلهم حتى يستأذنوا الله تعالى وكذلك الحكم في مدها نحو المدينة المشرفة أو نحو ولى من الأولياء لا يمدونها حتى يستأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم أو ذلك الولي وكل ذلك لشهودهم أنهم بين يدي الله وبين يدي رسوله صلى الله عليه وسلم على الدوام شعروا بذلك أم لم يشعروا.
ومن آدابهم: مواظبتهم على الاستغفار ثلاثا وعلى قراءة أم القرآن وآية الكرسي وأخر سورة الكهف وقل يأيها الكافرون والإخلاص والمعوذتين عند النوم.
وكذلك من آدابهم عند النوم: يواظبون على التسبيح ثلاثا وثلاثين والتحميد ثلاثا وثلاثين والتكبير أربعا وثلاثين لخبر أبى داود الترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خصلتان لا يحصيهما عبد إلا دخل الجنة وهما يسير ومن يعمل بهما قليل: يسبح أحدكم دبر كل صلاة عشرا ويحمده عشرا ويكبره عشرا فتلك مائة وخمسون باللسان وألف وخمسمائة في الميزان وإذا أوى إلى فراشه يسبح ثلاثا وثلاثين ويحمد ثلاثا وثلاثين ويكبر أربعا وثلاثين فتلك مائة باللسان وألف في الميزان.
قيل يا رسول الله وكيف لا يحصيهما فقال: يأت أحدكم الشيطان وهو في صلاته فيقول اذكر كذا أو يأتيه عند منامه فينومه.رواه أبو داود والترمذي والطبرانى في الكبير عن أبى مالك الأشعري.
ومن آدابهم شدة كراهتهم النوم على حدث أكبر أو اصغر.
ومن كلام سيدي علي الخواص رحمه الله: إياك ان تنام على حدث ظاهر أو باطن من محبة الدنيا أو شهواتها فربما اخذ الله تعالى بروحك تلك الليلة فتلقى الله وهو عليك غضبان بحسب قبح ذلك الذنب الذي نمت عليه.
فمن نام على محبة الدنيا ومات في تلك النوم حشر مع مبغوضي الله تعالى لم ينظر إليه منذ خلقه وهذا الأمر قل من ينتبه له في هذا الزمان حتى يتوب منه بل غالب الناس لا يعد محبة الدنيا ذنبا.
وقد كان مالك بن دينار يجمع أصحابه ويقول لهم: استغفروا الله من الذنب الذي غفله الناس وهو حب الدنيا.
ومن آدابهم: العمل على تصفية صدورهم من الغش ليصلحوا لدخول الحضرة الإلهية فإن دخولها محرم على من في قلبه غش لأحد من الخلق.
وفى الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: فال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسى وليس في قلبك غش لأحد فافعل ثم قال لي: يا بني وذلك من سنتي ومن أحيا سنتي فقد أحياني ومن أحياني كان معي في الجنة).رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.
وقال الشيوخ: مقاساة الجوع والصبر سهل ومعالجة الأخلاق والتنقي من سفسافها صعب شديد.
والمراد بالغش: الغل والحقد والبغض والحسد وسوء الظن.
ولا يقدر على تصفية صدره من هذه المذمومات الا من زهد في الدنيا وفى الرياسة فإن منبع ذلك من حب الدنيا ومن حب الرياسة.
ومن هنا ظهر فضل الصوفية وكمل شرفهم على غيرهم لزهدهم في الدنيا وفى محبة الرفعة على أهلها ولاستمساكهم من التقوى بأوثق العرى.
فعلم أن من زهد في الدنيا واستمسك بالتقوى صارت نفسه مأمونة الغاية من الغل والحقد والبغض والحسد وسائر المذمومات فهذا حال الصوفي.
وفال بعضهم: مجمل حال الصوفية أمران هما وصف الصوفية واليهما الإشارة بقوله تعالى(يجتبى إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب) آية 13 من سورة الشورى.
فقوم من الصوفية خصوا بالاجتباء المحض غير معلل بكسب العبد وهذا حال المحبوب المراد يبادئه الحق سبحانه وتعالى بمنحه ومواهبه من غير سابقة كسب منه يسبق كشفه اجتهاده.
وأما أهل الهداية الذين شرط الحق تعالى لهم الإنابة فقال تعالى(ويهدى إليه من ينيب) فقد طولبوا بالاجتهاد قال تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) آية 69 من سورة العنكبوت.
يدرجهم الله في مدارج الكشف بأنواع الرياضات والمجاهدات وسهر الدياجر وظمأ الهواجر يتقلبون في رمضاء الإرادة ويخرجون عن كل مألوف وعادة وهى الإنابة التي شرطها الحق سبحانه لهم وجعل الهداية معروفة بها.
وهذه الهداية أيضا هداية خاصة لأنها هداية إليه سبحانه تعالى غير الهداية العامة التي هي التهدي إلى أمره ونهيه بمقتضى المعرفة الأولية.
وهذا حال المحب السالك (المريد) سبق اجتهاده كشفه وهذا أثمر وأكمل من الأول.
ومن آدابهم: يفتتحون قيام الليل بركعتين خفيفتين يقرؤون في الأولى بعد الفاتحة قوله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) لية64 من سورة النساء
وفى الثانية قوله تعالى (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) آية 110 من سورة النساء.
وقد حبب لي ان أقول بقلبي ولساني بعد السلام: يا سيدي يا رسول الله استغفر لي ربك ثلاث مرات أو أكثر اللهم عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لي صدقة من صدقاتك علي يا أرحم الراحمين ثلاث مرات أو أكثر.
وأعلم ان الفقراء يكرهون النوم في الثلث الأخير من الليل أشد من كراهتهم للمعاصي الظاهرة.
وقد مكث ابن المؤذن بناحية منية أبى عبد الله أربعين سنة لا يضع جنبه على الأرض بالليل فكان سيدي محمد السروي يقول: هنيئا لابن المؤذن لم يع مددا ينزل من السماء في الليل الا وله فيه نصيب.
ومن آدابهم: كثرة ثنائهم على الله تعالى إذا نزل بهم ما يسوءهم عادة لعلمهم بأن تقديراته تعالى على عباده عين الحكمة لا بالحكمة لأنها لو كانت بالحكمة لكانت أفعاله تعالى معلولة تحت حكم الحكمة.
ومن هنا لا يجوز السخط على شيء من أفعاله أبدا ومن سخط فهو جاهل.
ولو كسف للعبد عما أعده الله له في نظير صبره على البلاء في الجسد أو المال أو الولد لكان هو يسأل الله تعالى في نزول ذلك به.
وأيضا فإن كل واقع في الوجود بإرادة إلهية وسبق علم لا يصح تغييره فالرضا به واجب قال تعالى (وما يعقلها الا العالمون) آية 43 من سورة العنكبوت.
ونظير ذلك محبتهم للعفو من قبل الحق تعالى.
ومن آدابهم: شدة كراهتهم لمناجاة الحق تعالى إذا تلطخ ثوبهم أو بدنهم بنجاسة ولو من حصول مرض تعظيما لحضرة مناجاة الحق تعالى فمن ناجى الله تعالى في حال تقذر بدنه أو ثوبه فهو خارج عن آداب الأكابر.
ومن آدابهم: رد كل ما يأتيهم من مال الولاة لأنه مخلوط بالحرام والشبهات.
ومن آدابهم أنهم يتمرون عند أكلهم عند ما يأكلون من طعام الغير ومن كلام سيدي إبراهيم المتبولي: لا ينبغي لفقير ان يأكل من طعام احد الا ان كان بحيث لو أخبره بجميع زلاته السابقة التي عملها بينه وبين الله تعالى لم يتغير اعتقاده عليه وإلا حرم عليه الأكل.
ومن آدابهم: إذا أكلوا عند احد أو شربوا أن يقولوا: اللهم ان كان ما أكلناه عند عبدك أو شربناه حلالا فوسع عليه وأجزه خيرا وإن كان حراما أو شبهة فاغفر له ولنا وارض عن أصحاب التبعات يوم القيامة واجعلها صدقة من صدقاتك علينا يا أرحم الراحمين.
ومن آدابهم إذا أرادوا الدخول في عمل من الأعمال الصالحة يقولون بقلبهم ولسانهم: نعمل ذلك أو نقول ذلك امتثالا لأمرك يا مولانا ومولى كل موجود وأنت خالقه ولهذه الكلمة تأثير عظيم.
فإذا فرغوا منه حمدوا الله إذ أهلهم لذلك واستغفروا الله من تقصيرهم فيه ثلاث مرات.
وقد حبب لي ان أقول: استغفر الله العظيم من تقصيري في كل عبادة عدد أنفاسي.
وآداب القوم كثيرة كما تقدم وفى هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
|
|
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل
دخولك قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا |
|