فضائل ال بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 - في القرآن الكريم يرى العلماء ان هناك كثيرا من آيات القرآن الكريم إنما تشير إلى فضائل أهل البيت و ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) ومن هذه الآيات :
( أولا ) آية الأحزاب 33 ، يقول تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ، وهذا الآية ، فيما يرى جمهور العلماء ، إنها منبع فضائل أهل البيت لاشتمالها على غرر مآثرهم واعتناء الباري عزوجل بهم حيث انزلها في حقهم ويقول العارف بالله ( محيي الدين بن عربي في الباب 29 من الفتوحات : ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا محضا قد طهره الله وأهل بيته تطهيرا ، واذهب عنهم الرجس فلا يضاف إليهم إلا مطهر ، فأهل البيت الشريف هم المطهرون بل هم عين الطاهرة ، وهكذا يدخل أبناء فاطمة ، رضي الله عنها ، كلهم إلى يوم القيامة في حكم هذه الآية من الغفران ، فهم المطهرون اختصاصا من الله وعناية بهم ، لشرف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعناية الله به ، ولا يظهر حكم هذا الشرف لأهل البيت ، إلا في الدار الآخرة ، فإنهم يحشرون مغفورا لهم ، وأما في الدنيا فمن أتى منهم حدا أقيم عليه ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها قد أعاذها الله تعالى من ذلك .
ومنها ( ثانيا ) آية الشورى 23 ، يقول تعالى : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) وروى الإمام احمد
في المناقب والطبراني في الكبير وابن أبي حاتم في تفسيره والحاكم من الشافعي والواحدي في الوسيط عن ابن عباس أنه قال : لما نزلت هذه الآية قالوا ( يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ، قال : علي وفاطمة وابناهما ) ، ويشهد له ما أخرجه الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس قال : ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ) قال المودة لآل محمد صلى الله عليه وسلم واخرج البزار والطبراني عن الحسن ابن علي عليه السلام في حديث طويل ، ذكر فيه قوله : وأنا من أهل البيت الذين افترض الله عزوجل موالاتهم فقال فيما انزل على محمد صلى الله عليه وسلم ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )
وفي رواية ( وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم وانزل فيهم ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا واقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت .
واخرج الإمام احمد ( ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ، قال الحسنة مودة آل محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان قوله تعالى : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) .
من المميزات التي اختص الله تعالى بها نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقد قالت الرسل لأممهم ( قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ) ( سبأ آية 47 ) ، فتعين على أمته - كما يقول الأستاذ الملطاوي - أداء ما أوجبه الله عليهم من اجر التبليغ ، فوجب عليهم حب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الطاهرين ، وجعله باسم ( المودة ) وهو الثبات على المحبة .
ومنها ( ثالثا ) آية الأحزاب 56 ، قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) روى البخاري في صحيحه عند تفسير هذه الآية عن كعب بن عجرة قال ، قيل يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة ؟ قال ، قولوا : اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على آل إبراهيم انك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وآل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم انك حميد مجيد ) .
وعن أبي سعيد الخدري قال : قلنا يا رسول الله هذا التسليم ، فكيف نصلى عليك ، قال قولوا : اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك ، كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما
--
باركت على إبراهيم ، قال أبو صالح عن الليث : على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم وعن يزيد ، وقال : ( كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وآل محمد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ) .
وروى ابن أبي حاتم عن كعب بن عجرة قال : ( لما نزلت ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ، قال ، قلنا يا رسول الله قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك قال ، قولوا : اللهم صلى على محمد وآل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم انك حميد مجيد ) .
وروى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي مسعود الأنصاري قال : ( أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة ، فقال له بشير بن سعد أمرنا الله ان نصلي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلي عليك ، قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا انه لم يسأله ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم ) .
وفي هذا دليل على ان الأمر بالصلاة على آل محمد ، مراد من الآية ، وإلا لما سألوا عن الصلاة على أهل البيت عقب نزولها ، ولم يجابوا بما ذكر على انه صلى الله عليه وسلم أقام أهل البيت مقام نفسه في ذلك ، ذلك لان القصد من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ان ينيله مولاه عزوجل من الرحمة المقرونة بتعظيمه بما يليق به ، ومن ذلك ما يفيضه عزوجل منه على أهل بيته ، فانه من جملة تعظيمه وتكريمه صلى الله عليه وسلم ، ويؤيد ذلك ما جاء من طرق أحاديث الكساء من قوله صلى الله عليه وسلم ( اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد ) .
وقد روى الإمام احمد والترمذي والطبراني وأبو يعلي عن أم سلمة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة : إثتني بزوجك وأبينك فجاءت بهم ، فألقى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كساء كان تحتي خيبريا - اصبناه من خيبر - ثم قال ( اللهم هؤلاء آل محمد عليه السلام ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد ، كما جعلتها على آل إبراهيم ، انك حميد
مجيد وروى عنه صلى الله عليه وسلم انه قال : ( اللهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك وبركاتك عليهم ) .
ومنها ( رابعا ) آية ( 103 ) آل عمران ، قال تعالى : ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا ) قال ابن حجر الهيثمي في صواعقه ، اخرج الثعلبي في تفسيره عن جعفر الصادق انه قال : نحن حبل الله الذي قال الله فيه ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ )
ومنها ( خامسا ) آية النساء ( 59 ) ، قال تعالى : ( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ، قال ابن شهر اشوب في المناقب : دخل الحسن بن صالح بن حي على الإمام جعفر الصادق فقال : يا ابن رسول الله ما تقول في قوله تعالى : ( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ، من أولي الأمر الذين أمر لله بطاعتهم ، قال العلماء فلما خرجوا قال الحسن : ما صنعنا شيئا ، إلا سألناه : من هؤلاء العلماء فرجعوا إليه فسألوه فقال : الأئمة منا أهل البيت .
ومنها ( سادسا ) آية الصافات ( 130 ) قال تعالى : ( سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) نقل جمع من المفسرين عن ابن عباس ان المراد آل محمد صلى الله عليه وسلم ، وأكثر المفسرين على ان المراد الياس عليه السلام .
ومنها ( سابعا ) آية الصافات ( 24 ) قال تعالى : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ) قال الواحدي مسئولون عن ولاية أهل البيت ، ويعضده ما أخرجه الديلمي عن أبي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ) قال مسئولون عن ولاية على وأهل البيت .
ومنها ( ثامنا ) آية النساء ( 54 ) قال تعالى : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ ) اخرج أبو الحسن المغازلي عن الإمام محمد الباقر انه قال في هذه الآية ة ( نحن الناس ) .
ومنها ( تاسعا ) آية ( 82 ) طه : قال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) قال ثابت البناني : اهتدي إلى ولاية أهل البيت ، كما روى ذلك عن الإمام الباقر أيضا .
ومنها ( عاشرا ) آية الضحى ( 5 ) ، قال تعالى : ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) اخرج ان جرير في تفسيره وغيره من ابن عباس قال رضي محمد صلى الله عليه وسلم ( ان لا يدخل احد من أهل بيته النار ) .
واخرج ابن كثير في تفسيره عن السدي عن ابن عباس من رضا محمد صلى الله عليه وسلم ان لا يدخل احد من أهل بيته النار ) ، قال الحسن : يعني بذلك الشفاعة وهكذا قال الإمام أبو
جعفر الباقر ، وروي أبو بكر عن ابي شيبة عن عبد الله ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، فلسوف يعطيك ربك فترضى ) .
وروى الإمام القرطبي في ( الجامع لأحكام القرآن ) عن الإمام علي ، رضي الله عنه ، وكرم الله وجهه في الجنة ، لأهل العراق : إنكم تقولون إن ارجى آية في كتاب الله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر : آية 53 ) ، ولكنا أهل البيت نقول : ان ارجى آية في كتاب الله قوله تعالى : ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى )
وفي الحديث : لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا لا أرضى وواحد من أمتي في النار ) .
ومنها ( حادي عشر ) آية الأنفال ( 41 ) ، قال تعالى : ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) وقد اتفقت المذاهب الإسلامية على أن المراد بالقربى انما هم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن لهم سهما في الغنيمة ) .
ومنها ( ثاني عشر ) آية 36 من النور قال تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ) ، قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ، فقام إليه رجل وقال : أي بيوت هذه يا رسول الله فقال : بيوت الأنبياء ، فقام إليه أبو بكر وقال يا رسول الله : هذا البيت منها ، وأشار إلى بيت على وفاطمة ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( نعم من أفضلها ) .