بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله اجمعين
سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
هذا تعريف مختصر لال بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
القسم الأول أهل البيت قال تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .
وقال تعالى : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك ان يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه - ثم قال : وأهل بيتي اذكر كم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ... ) ( رواه مسلم 15 / 180 ) .
الفصل الأول
أهل البيت
جاء لفظ أهل البيت في القرآن الكريم مرتين ، الأولى في الآية 73 من سورة هود ، يقول تعالى : ( رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ) ، ويراد بها أهل بيت سيدنا إبراهيم عليه السلام والثانية في الآية 33 من سورة الأحزاب ، يقول تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) والمراد بها أهل بيت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وتبعا للقرآن الكريم استعمل المسلمون لفظ ( أهل البيت ) ( وآل البيت ) في أهل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقط ، حتى صار اللفظ علما عليهم لا يفهم منه ، غيرهم الا بالقرينة ، ويقول صاحب ( مجمع البيان في تفسير آية الأحزاب 33 ، ان الأمة قد اتفقت على أن المراد بأهل البيت هنا إنما أهل بيت سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ثم اختلفوا في المراد به على ثلاثة آراء ( 1 ) .
( 1 ) يرى ابن قيم الجوزية في كتابه جلاء الإفهام في الصلاة والسلام على خبر الأنام ان هناك أربعة أقوال في آل النبي الأول : هم الذين عليهم الصدقة وهم بنو هاشم خاصة ( رأى أبو حنيفة وأبو القاسم صاحب مالك ) أبو بنو هاشم وبنو المطلب ( رأي الشافعي وابن حنبل ) أبو بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب ( رأي اشهب صاحب مالك ) والثاني هم ذرية النبي وأزواجه اعتمادا على حديث ( اللهم صلى على محمد وأزواجه وذريته والثالث هم اتباع النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة والرابع هم الأتقياء من أمته ، ويرى ابن القيم ان الرأس الأول هو الأصح ثم الثاني ، اما الثالث والرابع فضعيفان . ( * )
1 - الرأي الأول
روى السيوطي في الدر المنثور ان عكرمة كان يقول عن الآية الأحزاب 33 ، من شاء باهلته انه نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، غير ان هناك من يعترض على ذلك لأسباب
منها ( أولا ) ان ابن كثير يقول في تفسيره : إذا كان المراد انهن سبب النزول فهذا صحيح ، وأما إن أريد أنهن المراد دون غيرهن فهذا غير صحيح ، فقد روى ابن حاتم عن العوام بن حوشب عن ابن عم له قال : دخلت مع أبي على عائشة رضي الله عنها . فسألتها عن علي رضي الله عنه فقالت رضي الله عنها : تسألني عن رجل كان من أحب الناس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت تحته ابنته وأحب الناس إليه ، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليا وفاطمة وحسنا وحسينا رضي الله عنهم ، فألقى علهيم ثوبا فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ) ، قالت : فدنوت منهم فقلت يا رسول الله : وأنا من أهل بيتك ، فقال صلى الله عليه وسلم : تنحى فإنك على خيره ( أخرجه الحافظ البزار والترمذي وابن كثير في تفسيره )
ومنها ( ثانيا ) ان أهل البيت في آية الأحزاب 33 يراد به أهل النبوة المنحصر في بيت واحد تسكنه فاطمة عليها السلام ابنة النبي صلى الله عليه وسلم . وزوجها على وابناهما الحسن والحسين رضي الله عنهم ، اما بيت الزوجية فلم يكن بيتا واحدا ، وانما كان بيوتا متعددة تسكنها زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) وفي هذه الآية الأخيرة الخطاب موجه لمن في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم جميعا .
ومنها ( ثالثا ) أن القول بأن ما قيل ان الآية ( 33 من الأحزاب ) وما بعدها جاء في حق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فالرد ان هذا لا ينكر من عادة الفصحاء في كلامهم فإنهم يذهبون من خطاب إلى غيره ويعودون إليه ، والقرآن الكريم ، وكذا كلام العرب وشعرهم ، في ذلك مملوء ذلك لان الكلام العربي يدخله الاستطراد والاعتراض ، وهو تخلل الجملة الأجنبية بنى الكلام المنتظم المتناسب كقوله تعالى في سورة النمل : ( إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ ) فقوله : ( وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ) جملة معترضة من جهة الله تعالى بين كلام ملكة سبا ( بلقيس ) وقوله تعالى في سورة الواقعة : ( فَلَا
أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ) أي فلا اقسم بمواقع النجوم ، إنه لقرآن كريم ، وما بينهما اعتراض وهو كثير في القرآن وفي كلام العرب ، ون ثم فلم لا يجوز أن يكون قوله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) جملة معترضة متخللة لخطاب نساء النبي صلى الله عليه وسلم على هذا النهج ، وعلى أي حال فلا أهمية لقول من قال بأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل البيت ، فلا توجد فرقة من المسلمين تدين بالولاء لإحدى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتوجب الاقتداء بها .
ومنها ( رابعا ) انه حتى الذين يجعلون أزواج النبي من أهل البيت ، وأن آية الأحزاب ( 33 ) نزلت فيهم ، إنما يذهبون إلى ان الإمام علي والسيدة الزهراء وسيدي شباب أهل الجنة ، الحسن والحسين ، أحق بأن يكونوا أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ابن تيمية في رسالته ( فضل أهل البيت وحقوقهم ) : روى الإمام احمد والترمذي وغيرهما عن أم سلمة : ( أن هذه الآية لما نزلت أدار النبي صلى الله عليه وسلم كساءه على وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، رضي الله عنهم فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا )
ثم يقول ابن تيمية : وسنته صلى الله عليه وسلم تفسر كتاب الله وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه ، فلما قال ( هؤلاء أهل بيتي ) مع أن سياق القرآن يدل على أن الخطاب مع أزواجه ، علمنا أن أزواجه وإن كن من أهل بيته كما دل عليه القرآن ، فهؤلاء ( أي علي وفاطمة والحسن والحسين ) أحق بأن يكونوا أهل بيته ، لان صلة النسب أقوى من صلة الصهر والعرب تطلق على هذا البيان للاختصاص بالكمال لا للاختصاص بأصل الحكم ، أضف إلى ذلك ما رواه البخاري في صحيحه من حديث عائشة ان فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم قالت : سارني النبي صلى الله عليه وسلم فاخبرني انه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت ثم سارني فاخبرني إني أول أهل بيته اتبعه فضحك ( صحيح البخاري 5 / 26 ) .
ومنها ( خامسا ) ما أجاب به ( زيد بن أرقم ) في الحديث المشهور حين سئل : من أهل بيته ، أليس نساؤه من أهل بيته ، فقال أهل بيته من حرام الصدقة بعده ، فقد روى مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم : قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا يوما
خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال : أما بعد : الا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك ان يأتيني رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ( 1 ) أولهما كتاب الله تعالى فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال : ( وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال : ومن هم ؟ قال : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس قال : كل هؤلاء حرم الصدقة ، قال : نعم .
وفي رواية أخرى : عن زيد بن أرقم انه ذكر الحديث بنحو ما تقدم وفيه : فقلنا : من أهل بيته نساؤه قال : لا وايم الله ان المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته أصليه وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده ، يقول الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : والمعروف في معظم الروايات ، من غير مسلم ، ( أي في غير صحيح مسلم ) أنه قال : نساؤه لسن من أهله بيته ) .
ومنها ( سادسا ) ان قوله تعالى : ( لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ . . . ) بالميم يدل على ان الآية نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، ولو كان الخطاب خاصا بنساء النبي صلى الله عليه وسلم لقال ( عنكن ويطهركن ) .
ومنها ( سابعا ) ان تحريم الصدقة على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليس بطريق الأصالة كبني هاشم ، وإنما هو تبع لتحريمها على النبي صلى الله عليه وسلم وإلا فالصدقة عليهن حلال قبل اتصالهن به فهن فرع من هذا التحريم ، والتحريم على المولى فرع التحريم على سيده ولما كان التحريم على بني هاشم أصلا استتبع ذلك مواليهم ، ولما كان
( 1 ) يقول الإمام النووي : قوله صلى الله عليه وسلم : وإنا تارك فيكم ثقلين ، فذكر كتاب الله وأهل بيته ، قال بيته ، قال العلماء سميا ثقلين لعظمهما وكبير شانهما ، وقيل لثقل العلم بهما ، وانظر الروايات المختلفة للحديث الشريف في صحيح مسلم 15 / 179 - 181
التحريم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تبعا ، لم يقو ذلك على استتباع مواليهم لأنه فرع عن فرع .
ومنها ( ثامنا ) ما ذهب إلى صاحب مجمع البيان من أن ثبوت عصمة المعنيين بالآية 33 من الأحزاب ، يدل على انها مختصة بهؤلاء الخمسة النبي وعلى وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، لان من عداهم غير مقطوع بعصمته .