مبادرة سلام السودان
كانت مبادرة السلام السودانية كما قال صاحب السيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني رجل السلام إعلاءاً لكلمة الله واحقاقاً للحق وحقناً للدماء لأجل وحدة السودان تراباً وشعباً، كانت خالصة لوجه الله تعالى ولأجل تراب هذا الوطن لذلك كتب الله لها التوفيق في المساعي وكلل خطواتها بالنجاح الذي لم تكن تحتاج إلى تدخل أجنبي أو وسيط غربي في تقريب وجهات النظر أو دفع الأموال لاخراس الألسن وتمرير المخططات وتقليب أوجه المساومات، وكانت نقية واضحة جلية كصاحب المبادرة سليل الدوحة النبوية الذي يبدو نقاوة حتى في خطاباته التي ألقاها في مطار أديس أبابا ولقاءاته على هامش المفاوضات،كان حديثه سهلاً واضحاً سلساً غير غاض ولم يكن يتدثر خلف العبارات الغامضة وحمالة الأوجه – مما آثار حقد الحاقدين وتربص المتربصين وفعلوا ما فعلوا لأجل عدم تمرير هذه الاتفاقية التي بتحقيقها سوف لا يكون لهم وجود في الشارع السياسي لأنهم يستمدون مقومات بقائهم من بقاء الحركة الشعبية وتجار الحرب وتبعئة الناس ودغدغة العواطف بسم الدين وأنهم عنه يعيدون وترتب عن رفض هذه الاتفاقية من تردي الأوضاع المعيشية والتظاهرات التعبوئية وانقلاب ذات ليل على الديمقراطية كان هو أكبر دليل وشاهد على نوايا هؤلاء القوم الذين هم أبعد ما يكونوا عن الدين وسماحة الاسلام.
لقاء الوفدين
تم أول لقاء بين وفدي الاتحادي والحركة في مساء نفس يوم الأحد 13 نوفمبر 1988م بعد لقاء السيد الميرغني وقرنق وتميز اللقاء بينهم بالسلاسة والسهولة والبساطة.
وقد طلب الأستاذ سيد أحمد الحسين من د. لام أكول رئاسة الاجتماع ورد عليه لام أكول إن ترأسه رئاسة الاجتماع ورد عليه لام أكول أن ترأسه انت ولكنه قال ما في رئاسة وبدا الحوار مفتوحاً بدون تكلف.
قال اجانب الحركة: إن النقاط الهامة متفق عليها في اجتماعات سابقة ونحن متفقون على كل ما ورد في الاتفاق الذي توصلنا إليه وملتزمون به لذلك نرى طرح تعديلات لا تمس جوهر الاتفاق ووافق الجانب الاتحادي على مناقشة أي تعديلات أو اضافة لا تمس جوهر الاتفاق.
وقال جانب الحركة إنه في اجتماعات اغسطس18 -21 أغسطس 1988م التي اشترك فيها لام أكول وأجاوين دينق لوركوال وادورلينو ومرحوم دود- ومن جانب الاتحادي سيد أحمد الحسين ومحمد توفيق والفريق أحمد يوسف وعبد الحكم طيفور وحددت النقاط والمسائل أهمها موضوع المؤتمر الدستوري في نهاية العام إذ لابد من تحضيرات ضرورية وواسعة وأنهم يرون تمديد الموعد إلى نهاية أبريل 1989م.
وأشاروا أيضا إلى تجميد القوانين وارتباطها بالمؤتمر القومي الدستوري.
وجاء رد الجانب الاتحادي بالموافقة ولابد من التحلي بالعزيمة والاصرار لتحقيق السلام وأن موضوع تأجيل موعد المؤتمر يمثل وجهة نظر جميلة وأنهم يشاركون في عدة أشهر قد مضت وأن نهاية العام قد أوشك على الاقتراب ولكنهم ينظرون إلى الأمر من جانب آخر وهو المحافظة على العزم والتصميم على الموعد المتفق عليه تأكيد على المصداقية والحرص المشترك إلى جانب الأخذ في الاعتبار أن ما يعنيه يوم 31 ديسمبر يمثل أمسية احتفالات عيد الاستقلال الذي تحقق بفقد الاجماع الوطني وأيضاً مطلع العام الجديد الذي يتطلعون فيه إلى السلام والوئام ويتزامن أيضاً مع احتفالات عيد الميلاد، جميع هذه المناسبات تخلق مناخ ملائم للوفاق الوطني وتهيئة النفوس بفيض من التفاؤل لقيام كل جانب بدوره والمشاركة في تحقيق الأماني القومي.
لم تقتصر براعة ووطنية صاحب السيادة ملانا السيد محمد عثمان الميرغني ووفده المفاوض في المرونة والتحاور مع اعضاء الحركة ورئيسها فقط وانما استطاعوا من خلال الاقناع المشترك جعل المؤتمر الدستوري القومي يأخذ الاسبقية كهدف بالاصرار على تحديد موعده 31 ديسمبر وجعل الوسائل الموصلة إليه كهدف في رفع حالة الطواريء وقوانين سبتمبر، ولم تلغى قوانين سبتمبر إنما اتفقا على تجميد مواد معينة لحين انعقاد المؤتمر الدستوري ووقف اطلاق النار ولذلك تبدو صورة الاتفاق مغايرة تماماً لاتفاق كوكادام الذي أبرم بين القوى السياسية الحركة باستثناء الحزب الاتحادي الديمقراطي وكان خلاصة الاتفاق على أن المؤتمر الدستوري القومي وسيلة للحل الجذري ويمهد له بالتالي.
أ – أن تعلن كل القوى السياسية والحكومة الالتزام بمشكلة السودان.
ب- رفع حالة الطوارئ.
ج- تجميد قوانين سبتمبر
د. إلغاء الاتفاقيات العسكرية التي تمس سيادة السودان.
ه وقف اطلاق النار.
اضافة إلى ما تم تحقيقه تم التوصل إلى قيام لجنة قومية لوضع أجندة المؤتمر ومكانه وتحرك سيد احمد الحسين ومامون سنادة وحسين أبو صالح إلى مقر الضيافة الرسمي لابلاغ رئيس الوفد مولانا السيد محمد عثمان الميرغني كما تم التوصل إليه عن سير المفاوضات،
كان رأي صاحب السيادة وجوب التوقف عند كل بند وعدم السماح لأي ثغرة ووجوب التدقيق بحيث أن لا يكون هنالك ليس أو غموض ووجوب استشعار المصلحة الوطنية والمسؤولية الجسيمة واذا تم التوقيع النهائي يجب أن يتم على عمل كامل متكامل بالقدر الممكن فإذا كانت الحرب مرهقة ومكلفة بشرياً ومادياً فإن السلام بدوره مكلف ومرهق ويستحق أقصى جهد فكراً وطاقة وصبر للوصول إليه وتحقيقه.