11-08-2012, 12:45 PM
|
#36
|
|
رد: بداية الهداية - للإمام الغزالي
الخامس: تزكية النفس
فقد قال الله تعالى: {فَلا تُزَكوا أَنفُسَكُم هَو أَعلَمُ بِمَن اِتقى}.
وقيل لبعض الحكماء: مالصدق القبيح? فقال: ثناء المرء على نفسه بما فيه ، فإياك أن تتعود ذلك.
واعلم أن ذلك ينقص من قدرك عند الناس، ويوجب مقتك عند الله تعالى ، فإذا أردت أن تعرف أن ثناءك على نفسك لا يزيد في قدرك عند غيرك، فانظر إلى أقرانك إذا أثنوا على أنفسهم بالفضل والجاه والمال، كيف يستنكره قلبك عليهم، ويستثقله طبعك، وكيف تذمهم عليه إذا فارقتهم؛ فاعلم أنهم أيضا في حال تزكيتك لنفسك يذمونك في قلوبهم ناجزا، وسيظهرونه بألسنتهم إذا فارقتهم.
بل كن كما جاء فى كتاب عنوان التوفيق في آداب الطريق
للإمام العارف بالله سيدي تاج الدين أحمد بن محمد عبد الكريم بن عطاء الله السكندري
قال رضي الله عنه :فانهض أيها الأخ إلى باب مولاك بهمَّة علية، وتحقق بعبوديتك تشرق عليك أنواره السنية، كما أشار إلى ذلك الشيخ رضي الله عنه بقوله : ( ولا تَرَ العيب إلا فيك معتقداً عيباً بدا بيِّناً لكنه استترا )
أي تحقق بأوصافك من فقرك وضعفك وعجزك وذلتك، فإذا تحققت بأوصافك وشَهِدتْ لنفسك عيوباً لكنها مستترة، فعند ذلك تحظى بظهور أوصاف مولاك فيك، كما قيل ( سُبحانَ مَن سَترَ سِرَّ العُبُودية )، وأفهم من هنا سر معنى قوله تعالى { سُبْحَانَ الذِي أسْرَى بِعَبدِهِ } ولم يَقل برسوله ولا بنبيِّهِ، أشار إلى ذلك المعنى الرفيع الذي لا ينال إلا من العبودية لذلك قيل :لا تدعني إلا بيا عبدها فإنه أشرف أسمائي
فانكسِر - أيها الأخ وانطرح بالطريق ولا تَرَ لك حالا، ولا مقالا يزل عنك كل تعويق، واستغفر من كل ما يخطر بقلبك في عبوديتك وقُمْ على قدمِ الاعتراف وأنصِفْ من نفسك تبلغ أعلى درجات المنازل وتغنى بشريتك كما قال رضي الله عنه : ( وحط رأسك واستغفر بلا سبب وقف على قدم الإنصاف معتذرا )
|
|
|