عرض مشاركة واحدة
قديم 11-08-2012, 11:43 AM   #33
د. سلوى الدابي


الصورة الرمزية د. سلوى الدابي



د. سلوى الدابي is on a distinguished road

افتراضي رد: بداية الهداية - للإمام الغزالي


الثالث: الغيبة
فاحفظ لسانك عنها، والغيبة أشد من ثلاثين زنية في الاسلام! كذلك ورد في الخبر.

ومعنى الغيبة: أن تذكر إنسانا معينا بما يكرهه لو سمعه، فأنت مغتاب ظالم وإن كنت صادقا.

وإياك وغيبة القراء المرائين، وهو أن تفهم المقصود من غير تصريح .. فتقول: أصلحه الله فقد أساءني وغمني ما جرى عليه! فنسأل الله تعالى أن يصلحنا وإياه؛ فإن هذا جمع بين خبيثين، أحدهما: الغيبة، إذا حصل به التفهم، والآخر: تزكية النفس والثناء عليها بالتحرج والصلاح. ولكن إن كان مقصودك من قولك: أصلحه الله الدعاء؛ فادع له في السر، وإن اغتممت بسببه، فعلامته أنك لا تريد فضيحته واظهار عيبه، وفي إظهارك الغم بعيبه إظهار تعييبه، ويكفيك زاجرا عن الغيبة قوله تعالى: {وَلا يَغتَب بَعضُكُم بَعضا، أَيُحِبُ أَحَدُكُم أَن يَأكلَ لَحمَ أخيهِ مَيتا فَكَرِهتُموه}.

فقد شبهك الله بآكل لحم الميتة! فما أجدرك أن تحترز منها.

ويمنعك عن غيبة المسلمين أمر لو تفكرت فيه, وهو أن تنظر في نفسك .. هل فيك عيب ظاهر أو باطن? وهل أنت مقارف معصية سرا أو جهرا? فإذا عرفت ذلك من نفسك فاعلم أن عجزه عن التنزه عما نسبته إليه كعجزك، وعذره كعذرك، وكما تكره أن تفتضح وتذكر عيوبك، فهو أيضا يكرهه. فإن سترته ستر الله عليك عيوبك، وإن فضحته سلط الله عليك ألسنة حدادا، يمزقون عِرْضَك في الدينا، ثم يفضك الله في الآخرة على رؤوس الخلائق يوم القيامة.

وإن نظرت إلى ظاهرك وباطنك، فلم تطلع فيهما على عيب ونقص في دين ولا دنيا، فاعلم أن جهلك بعيوب نفسك أقبح أنواع الحماقة، ولا عيب أعظم من الحمق، ولو أراد الله بك خيرا لبصرك بعيوب نفسك، فرؤيتك نفسك بعين الرضا غاية غباوتك وجهلك، ثم إن كنت صادقا في ظنك فاشكر الله تعالى ولا تفسده بثَلْبِ الناس والتمضمض بأعراضهم؛ فإن ذلك من أعظم العيوب.

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى **** ودينك موفور وعِرْضُكَ صَيِنّ
لسانك لا تذكر به عورة امرئ **** فكلك عورات وللناس ألسن
وعيناك إن أبدت إليك معايباً **** فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى**** ودافع ولكن بالتي هي أحسن.
ومما ورد عنه رحمه الله تعالى في بيان خطورة اللسان أيضاً قوله:
احفظ لسانك أيها الإنسان**** لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه**** كانت تهاب لقاءه الأقران
وأبلغ من ذلك قول الله تعالى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النور:24}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
نسأل الله أن يعصمنا من الغيبة و فتنتها و أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسن ،، اللهم آمين

د. سلوى الدابي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس