عرض مشاركة واحدة
قديم 11-08-2012, 07:53 AM   #32
نور الهدى - آلاء كامل حسن الزاكي

الصورة الرمزية نور الهدى - آلاء كامل حسن الزاكي



نور الهدى - آلاء كامل حسن الزاكي is on a distinguished road

افتراضي رد: بداية الهداية - للإمام الغزالي


نتابع تكملة آفات اللسان :

الرابع : المراء والجدال ومناقشة الناس في الكلام
فذلك فيه إيذاء للمخاطب، وتجهيل له، وطعن فيه، وفيه ثناء على النفس وتزكية لها بمزيد الفطنة والعلم.

ثم هو مشوش للعيش، فإنك لا تمارى سفيها إلا ويؤذيك، ولا تماري حليما إلا ويقليك ويحقد عليك؛ فقد قال صل الله عليه وسلم : ((من ترك المراء وهو مبطل بنى الله له بيتا في ربض الجنة، ومن ترك المراء وهو محق بنى الله له بيتا في أعلى الجنة)).

ولا ينبغي أن يخدعك الشيطان ويقول لك: أظهر الحق ولا تداهن فيه، فإن الشيطان أبدا يستجر الحمقى إلى الشر في معرض الخير، فلا تكن ضُحْكة للشيطان فيسخر بك، فإظهار الحق حسن مع من يقبله منك، وذلك بطريق النصيحة في الخفية لا بطريق المماراة.

وللنصيحة صفة وهيئة، ويحتاج فيها إلى تلطف، وإلا صارت فضيحة، وكان فسادها أكثر من صلاحها.

ومن خالط متفقهة العصر غلب على طبعه المراء والجدال، وعسر عليه الصمت، إذ ألقى إليه علماء السوء أن ذلك هو الفضل، وأن القدرة على المُحاجة والمناقشة هو الذي يمتدح به؛ ففر منهم فرارك من الأسد، واعلم أن المراء سبب المقت عندالله وعند الخلق.

الخامس: تزكية النفس
فقد قال الله تعالى: {فَلا تُزَكوا أَنفُسَكُم هَو أَعلَمُ بِمَن اِتقى}.

وقيل لبعض الحكماء: مالصدق القبيح? فقال: ثناء المرء على نفسه بما فيه ، فإياك أن تتعود ذلك.

واعلم أن ذلك ينقص من قدرك عند الناس، ويوجب مقتك عند الله تعالى ، فإذا أردت أن تعرف أن ثناءك على نفسك لا يزيد في قدرك عند غيرك، فانظر إلى أقرانك إذا أثنوا على أنفسهم بالفضل والجاه والمال، كيف يستنكره قلبك عليهم، ويستثقله طبعك، وكيف تذمهم عليه إذا فارقتهم؛ فاعلم أنهم أيضا في حال تزكيتك لنفسك يذمونك في قلوبهم ناجزا، وسيظهرونه بألسنتهم إذا فارقتهم.

السادس: اللعن
فإياك أن تلعن شيئا مما خلق الله تعالى من حيوان أو طعام أو إنسان بعينه، ولا تقطع بشهادتك على أحد من أهل القبلة بشرك أو كفر أو نفاق؛ فإن المطلع على السرائر هو الله تعالى، فلا تدخل بين العباد وبين الله تعالى.

واعلم أنك يوم القيامة لا يقال لك: لِم لمَ تلعن فلانا، ولم سكت عنه? بل لو لم تعلن ابليس طول عمرك، ولم تشغل لسانك بذكره لم تسأل عنه .. ولم تطالب به يوم القيامة ! وإذا لعنت أحدا من خلق الله تعالى طولبت به وسئلت عنه.

ولا تذمن شيئا مما خلق الله تعالى، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يذم الطعام الردىء قط، بل كان إذا اشتهى شيئا أكله وإلا تركه.

السابع: الدعاء على الخلق
فاحفظ لسانك عن الدعاء على أحد من خلق الله تعالى، وإن ظَلَمَك فَكِل أمره إلى الله تعالى؛ ففي الحديث: ((إن المظلوم ليدعو على ظالمه حتى يكافئه، ثم يبقى للظالم فضل عنده يطالب به يوم القيامة)).

وطَوَّل بعض الناس لسانه على الحجّاج فقال بعض السلف: إن الله لينتقم للحجاج ممن يتعرض له بلسانه، كما ينتقم من الحجاج لمن ظلمه.

الثامن: المزاح والسخرية والاستهزاء بالناس
فاحفظ لسانك منه في الجد والهزل؛ فإنه يريق ماء الوجه، ويسقط المهابة، ويستجر الوحشة، ويؤذي القلوب؛ وهو مبدأ اللجاج والغضب والتصارم، ويغرس الحقد في القلوب؛ فلا تمازح أحدا؛ وإن مازحوك أحد فلا تجبهم، وأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وكن من الذين إذا مروا باللغو مروا كراما.

فهذه مجامع آفات اللسان، ولا يعينك عليه إلا العزلة، أو ملازمة الصمت إلا بقدر الضرورة؛ فقد كان أبوبكر الصديق رضي الله عنه يضع حجرا في فيه ليمنعه ذلك من الكلام بغير ضرورة، ويشير إلى لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد.
فاحترز منه بجهدك؛ فإنه أقوى أسباب هلاكك في الدنيا والآخرة.

يتبع إن شاء الله تعالى ..

نور الهدى - آلاء كامل حسن الزاكي غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس