عرض مشاركة واحدة
قديم 11-07-2012, 08:17 PM   #31
نور الهدى - آلاء كامل حسن الزاكي

الصورة الرمزية نور الهدى - آلاء كامل حسن الزاكي



نور الهدى - آلاء كامل حسن الزاكي is on a distinguished road

افتراضي رد: بداية الهداية - للإمام الغزالي


آفات اللسان

(وأما اللسان): فإنما خلق لتكثر به ذكر الله تعالى وتلاوة كتابه، وترشد به خلق الله تعالى إلى طريقه، وتظهر به ما في ضميرك من حاجات دينك ودنياك، فإذا استعملته في غير ما خلق له، فقد كفرت نعمة الله تعالى فيه! وهو أغلب أعضائك عليك وعلى سائر الخلق.

ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.

فاستظهر عليه بغاية قوتك حتى لا يكبك في قعر جهنم، ففي الخبر: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها أصحابه فيهوي بها في قعر جهنم سبعين خريفا)) .

وروي أنه قتل شهيدٌ في المعركة على عهد رسول الله صل الله عليه وسلم ، فقال قائل: هنيئا له الجنة، فقال: صل الله عليه وسلم: ((وما يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه، أويبخل بما لا يغنيه)) .

فاحفظ لسانك من ثمانية:

الأول: الكذب
فاحفظ منه لسانك في الجد والهزل، ولا تعود لسانك الكذب هزلا، فيدعوك إلى الكذب في الجد، والكذب من أمهات الكبائر، ثم إنك إذا عرفت بذلك سقطت عدالتك، والثقة بقولك، وتزدريك الأعين وتحتقرك الأنفس! وإذا أردت أن تعرف قبح الكذب من نفسك، فانظر إلى كذب غيرك وإلى نفرة نفسك عنه، واستحقارك لصاحبه، واستقباحك لما جاء به، وكذلك فافعل في جميع عيوب نفسك؛ فإنك لا تدري قبح عيوبك من نفسك، بل من غيرك، فما استقبحته من غيرك يستقبحه غيرك منك لا محالة؛ فلا ترض لنفسك ذلك.

الثاني الخلف في الوعد
فإياك أن تعد بشيء ولا تفي به، بل ينبغي أن يكون إحسانك إلى الناس فعلا بلا قول، فإن اضطررت إلى الوعد، فإياك أن تخلف إلا لعجز أو ضرورة؛ فإن ذلك من امارات النفاثق وخبائث الاخلاق، قال النبي صل الله عليه وسلم : ((ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان)) .

الثالث: الغيبة
فاحفظ لسانك عنها، والغيبة أشد من ثلاثين زنية في الاسلام! كذلك ورد في الخبر.

ومعنى الغيبة: أن تذكر إنسانا معينا بما يكرهه لو سمعه، فأنت مغتاب ظالم وإن كنت صادقا.

وإياك وغيبة القراء المرائين، وهو أن تفهم المقصود من غير تصريح .. فتقول: أصلحه الله فقد أساءني وغمني ما جرى عليه! فنسأل الله تعالى أن يصلحنا وإياه؛ فإن هذا جمع بين خبيثين، أحدهما: الغيبة، إذا حصل به التفهم، والآخر: تزكية النفس والثناء عليها بالتحرج والصلاح. ولكن إن كان مقصودك من قولك: أصلحه الله الدعاء؛ فادع له في السر، وإن اغتممت بسببه، فعلامته أنك لا تريد فضيحته واظهار عيبه، وفي إظهارك الغم بعيبه إظهار تعييبه، ويكفيك زاجرا عن الغيبة قوله تعالى: {وَلا يَغتَب بَعضُكُم بَعضا، أَيُحِبُ أَحَدُكُم أَن يَأكلَ لَحمَ أخيهِ مَيتا فَكَرِهتُموه}.

فقد شبهك الله بآكل لحم الميتة! فما أجدرك أن تحترز منها.

ويمنعك عن غيبة المسلمين أمر لو تفكرت فيه, وهو أن تنظر في نفسك .. هل فيك عيب ظاهر أو باطن? وهل أنت مقارف معصية سرا أو جهرا? فإذا عرفت ذلك من نفسك فاعلم أن عجزه عن التنزه عما نسبته إليه كعجزك، وعذره كعذرك، وكما تكره أن تفتضح وتذكر عيوبك، فهو أيضا يكرهه. فإن سترته ستر الله عليك عيوبك، وإن فضحته سلط الله عليك ألسنة حدادا، يمزقون عِرْضَك في الدينا، ثم يفضك الله في الآخرة على رؤوس الخلائق يوم القيامة.

وإن نظرت إلى ظاهرك وباطنك، فلم تطلع فيهما على عيب ونقص في دين ولا دنيا، فاعلم أن جهلك بعيوب نفسك أقبح أنواع الحماقة، ولا عيب أعظم من الحمق، ولو أراد الله بك خيرا لبصرك بعيوب نفسك، فرؤيتك نفسك بعين الرضا غاية غباوتك وجهلك، ثم إن كنت صادقا في ظنك فاشكر الله تعالى ولا تفسده بثَلْبِ الناس والتمضمض بأعراضهم؛ فإن ذلك من أعظم العيوب.

يتبع مع بقية آفات اللسان...

نور الهدى - آلاء كامل حسن الزاكي غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس