10-29-2012, 09:39 AM
|
#21
|
|
رد: بداية الهداية - للإمام الغزالي
آداب الصلاة
فإذا فرغت من طهارة الحدث ، وطهارة الخبث في البدن ، والثياب والمكان ، ومن سَتْرِ العورة من السرة إلى الركبة ؛ فاستقبل القبلة قائما مراوحا بين قدميك ، لا تضمهما ، واستو قائما واقرأ {قل أعوذ برب الناس} تحصنا بها من الشيطان الرجيم ، وأحضر قلبك ما أنت فيه ، وفرغه من الوساوس ، وانظر بين يدي من تقوم ومن تناجي ! ، واستح أن تناجى مولاك بقلب غافل وصدر مشحون بوساوس الدنيا وخبائث الشهوات.
واعلم أنه تعالى مطلع على سريرتك ، وناظر إلى قلبك ، فإنما يتقبل الله من صلاتك بقدر خشوعك وخضوعك وتواضعك وتضرعك.
واعبده في صلاتك كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، فإن لم يحضر قلبك ، ولم تسكن جوارحك ، لقصور معرفتك بجلال الله تعالى ، فقدر أن رجلا صالحا من وجوه أهل بيتك ينظر إليك ، ليعلم كيف صلاتك ، فعند ذلك يحضر قلبك ، وتسكن جوارحك ، ثم ارجع إلى نفسك وقل:
يا نفس السوء ألا تستحين من اطِّلاع خالقك ومولاك ؟! إذ قَدَّرْتِ اطلاع عبد ذليل من عباده عليك ، وليس بيده ضرك ولا نفعك ، خشعت جوارحك ، وحسنت صلاتك ، ثم إنك تعلمين أنه مطلع عليك ، ولا تخشعين لعظمته !! أهو- تعالى- عندك أقل من عباده ? فما أشد طغيانك وجهلك ! وما أعظم عداوتك لنفسك !
فعالج قلبك بهذه الحيل ، فعسى أن يحضر معك في صلاتك ، فإنه ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها ، وأما ما أتيت مع الغفلة والسهو ، فهو إلى الاستغفار والتكفير أحوج.
فإذا حضر قلبك ، فلا تترك الإقامة ، وإن كنت وحدك ؛ وإن انتظرت حضور جماعة فأذن ثم أقم ، فإذا أقمت فانو ، وقل في قلبك: أؤدي فرض الظهر لله تعالى ، وليكن ذلك حاضرا في قلبك عند تكبيرك ، ولا تعزب عنك النية قبل الفراغ من التكبير ، وارفع يديك عند التكبير- بعد إرسالهما أولا- إلى حذو منكبيك وهما مبسوطتان ، وأصابعهما منشورة ، ولا تتكلف ضمهما ولا تفريجهما وارفع يديك بحيث تحاذى بإبهاميك شحمتى أذنيك وبرؤوس أصابعك أعلى أذنيك ، وتحاذي بكفيك منكبيك ، فإذا استقرتا في مقرهما فكبر ، ثم أرسلهما برفق ولا تدفع يديك عند الرفع والإرسال إلى قُدَّام دفعا ، ولا إلى خلف رفعا ، ولا تنفضهما يمينا ولا شمالا ، فإذا أرسلتهما فاستأنف رفعهما إلى صدرك.
وأكرم اليمنى بوضعها على اليسرى ، وانشر أصابع اليمنى على طول ذراعك اليسرى ، واقبض بها على كوعها ، وقل بعد التكبير:
الله أكبر كبيرا ، والحمدلله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، ثم اقرأ:
وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
ثم قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ثم أقرأ الفاتحة بتشديداتها ، واجتهد في الفرق بين الضاد والظاء في قراءتك في الصلاة ، وقل آمين ، ولا تصله بقولك: ولا الضالين وصلا ، واجهر بالقراءة في الصبح والمغرب والعشاء - أعني في الركعتين الأوليين- إلا أن تكون مأموما ، واجهر بالتأمين.
واقرأ في الصبح بعد الفاتحة من السور الطوال المفصل ، وفي المغرب من قصاره ، وفي الظهر والعصر والعشاء من أوساطه ، نحو: {وَالسَماءِ ذَاتِ البُروج} وما قاربها من السور ، وفي الصبح في السفر: {قُل يَأَيُها الكَافِرون} ، و {قُل هُوَ الله أَحَد} ولا تصل آخر السورة بتكبيرة الركوع ، ولكن افصل بينهما بمقدار قولك: سبحان الله ، وكن في جميع قيامك مطرقا قاصرا نظرك على مصلاك ، فذلك أجمع لهمك، وأجدر لحضور قلبك.
وإياك أن تلتفت يمينا وشمالا في صلاتك ، ثم كبر للركوع ، وارفع يديك كما سبق ، ومد التكبير إلى انتهاء الركوع ، ثم ضع راحتيك على ركبتيك وأصابعك منشورة ، وانصب ركبتيك ومد ظهرك وعنقك ورأسك مستويا كالصحيفة الواحدة ، وجاف مرفقيك عن جنبيك ، والمرأة لا تفعل ذلك بل تضم بعضها إلى بعض ، وقل:
سبحان ربي العظيم - ثلاثا- .
وإن كنت منفردا فالزيادة إلى السبع والعشر حسن ، ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائما، وارفع يديك قائلا:
سمع الله لمن حمده
فإذا استويت قائما فقل:
ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الارض وملء ما شئت من شي بعد
وإن كنت في فريضة الصبح فاقرأ القنوت في الركعة الثانية في اعتدالك من الركوع ، ثم اسجد مكبرا غير رافع اليدين ، وضع أولا على الأرض ركبتيك ثم يديك ثم جبهتك مكشوفة ، وضع أنفك مع الجبهة ، وجاف مرفقيك عن جنبيك ، وأَقِلَّ بطنك عن فخذيك ، والمرأة لا تفعل ذلك ، وضع يديك على الأرض ، وقل:
سبحان ربي الاعلى- ثلاثا أو سبعا أو عشرا- إن كنت منفردا.
ثم ارفع رأسك من السجود مكبرا حتى تعتدل جالسا ، واجلس على رجلك اليسرى ، وانصب قدمك اليمنى ، وضع يديك على فخذيك والأصابع منشورة وقل:
رب اغفر لي وارحمني وارزقني واهدني واجبرني وعافني واعف عني
ثم اسجد سجدة ثانية كذلك ، ثم اعتدل جالسا جلسة الاستراحة في كل ركعة لا تشهد عقبها ، ثم تقوم وتضع اليدين على الأرض ، ولا تقدم إحدى رجليك في حال الارتفاع ، وابتدىء بتكبيرة الارتفاع عند القرب من حد جلسة الاستراحة ، ومدها إلى انتصاف ارتفاعك إلى القيام ، ولتكن هذه الجلسة جلسة خفيفة مختطفة ، وصل الركعة الثانية كالأولى ، وأعد التعوذ في الابتداء ، ثم اجلس في الركعة الثانية للتشهد الأول ، وضع اليد اليمنى في جلة التشهد الاول على الفخذ اليمنى مقبوضة الأصابع ، إلا المسبحة والإبهام ، فترسلها ، وانشر مسبحة يمناك عند قولك: إلا الله ، لا عند قولك: لا إله ، وضع اليد اليسرى منشورة الاصابع على الفخذ اليسرى ، واجلس على رجلك اليسرى في هذا التشهد كما بين السجدتين ، وفي التشهد الاخير متوركا ، واستكمل الدعاء المعروف المأثور بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، واجلس فيه على وركك الأيسر ، وضع رجلك اليسرى خارجة من تحت قدمك اليمنى ، وانصب القدم اليمنى ، ثم قل بعد الفراغ: السلام عليكم ورحمة الله مرتين من الجانبين ، والتفت بحيث يرى بياض خديك من جانبيك ، وانو الخروج من الصلاة وانو السلام على من على جانبك من الملائكة والمسلمين ، وهذه هيئة صلاة المنفرد.
وعماد الصلاة: الخشوع ، وحضور القلب مع القراءة والذكر بالتفهم.
وقال الحسن البصري - رحمة الله تعالى- : كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع.
وقال رسول الله : ((إن العبد ليصلي الصلاة فلا يكتب له منها سدسها ولا عشرها ، وإنما يكتب للعبد من صلاته بقدر ما عقل منها)).
يتبع إن شاء الله تعالى ...
|
|
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل
دخولك قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا |
|