|
رد: قرأت لك (49)
"مع فضيلة الحلم مرة أخرى" (1) الأحنف بن قيس ممن تعلم الحلم :
* الأحنف بن قيس يعد من أشهر من يضرب به المثل فى : " الحلم " وهو الذى كان قد حرّم على نفسه الخمر فى الجاهلية , ووفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن وفود القبائل , وأسلم فى السنة التاسعة من الهجرة , ولما رآه النبى صلى الله عليه وسلم , قال : " هذا سيد أهل الوبر . "
وقد قيل له ممن تعلمت الحلم , قال : من قيس بن عاصم المنقرى , رأيته قاعدا بفناء داره , محتبيا بحمائل سيفه , يحدث قومه , حتى اوتى , برجل مكتوف , ورجل مقتول , فقيل له : " هذا ابن أخيك قتل ابنك " فوالله ما حل حبوته , ولا قطع كلامه , ثم التفت الى ابن أخيه فقال له : " بئس ما فعلت : أغضبت ربك , وقطعت رحمك , وقتلت ابن عمك , فرميت نفسك بسهمك , وأقللت عددك , فتب الى ربك . " ثم قال لابن له آخر كان حاضرا : " قم يا بنى حل قيد ابن عمك , ووار أخاك , وسق الى أمّك مأئة من الابل دية ابنها , فانها غريبة , حتى لا تطلب ثأرا , ولا دية . " - ( وقيل ان القاتل أخيه كما يظهر من انشاده ) - ثم أنشأ يقول :
أقول للنفس تصبيرا وتعزية * احدى يدىّ أصابتنى ولم ترد
كلاهما خلف من فقد صاحبه * هذا أخى حين أدعوه وذا ولدى انى امرؤ لا يطى حسبى * دنس بهجته ولا أبن
من منقر فى بيت مكرمة * والغصن ينبت حوله القصن
خطباء حين يقول قائلهم * بيض الوجوه أعفه لسن
لا يفطنون لعيب جارهم * وهم لحفظ جواره فطن
* مما يروى عنه , أن رجلا خلا به وسبه سبا قبيحا , فقام الأحنف , واتجه نحو داره دون أن يرد عليه , فتبعه الرجل , فعندما وصل الى قومه وقف , وخاطب الرجل قائلا : " يا أخى ان كان قد بقى من قولك فضلة , فقل الآن , كى لا يسمعك قومى فتوذى . "
* ويحكى أن رجلا قال له : " دلنى على المروءة " فقال : " عليك بالخلق الفسيح , والكف عن القبيح . "
* ومن أقواله : " ما خان شريف , ولا كذب عاقل , ولا اغتاب مؤمن . "
* فالأحنف بن قيس كان سيد قومه بالبصرة , وكان ذا شجاعة , وعقل , وأخلاق نبيلة , وكان مضرب الأمثال فى الحلم , حتى قال أحد الشعراء , فى مدح أمير من الأمراء :
اقدام عمرو , فى سماحة حاتم * فى حلم أحنف فى ذكاء ايّاس
( وهولاء هم مشاهير العرب فى الاقدام , والسماحة , والكرم , الحلم , والذكاء . )
" خالد محمد خالد والديمقراطية "
فى رده على سؤال : " من يتحمل أخطاء الحكام "قال الكاتب الكبير المرحوم / خالد محمد خالد :
" ان الكوارس التى حاقت , وستظل للأسف , تحيق بالشعوب العربية , وراءها سبب واحد هو : " غياب الديمقراطية " وعندما أقول الدمقراطية , أعنى فورا تلك المؤسسة , التاريخية , التى قامت بتضحيات هائلة للبشرية , حتى استقرت الآن فى أركانها السبعة وهى " :
(1) الأمة مصدر السلطات بما فيها السلطة التشريعية نفسها , فيما لا يناهض نصا شرعيا , قطعى الدلالة .
(2) الفصل بين السلطات , فصلا حقيقيا , لا زائفا , حتى لا تطغى احداها , على الأخرى .
(3) حق الشعب فى اختيار حكامه , لا , الاستفتاء , !!!!
(4) حق الشعب فى اختيار ممثلين له , فى برلمان حر , رشيد , شجاع , يراقب الحكومة ويقوم اعوجاجها .
(5) حق الشعب فى تعدد الاحزاب التى لا تقتصر وظيفتها فقط فى تنمية الآراء القومية داخل الأمة , بل هى الوسيلة الوحيدة لخلق الكوادر السياسية الناضجة , التى اذا وليت الأمر , أو تولى بعضها , أن تكون على وعى ورشد ,
(6) قيام معارضة برلمانية لها وضعها الدستورى , والقانونى , تستطيع اسقاط الحكومة اذا هى انحرفت , أو ضلت سواء السبيل .
(7) حرية الصحافة حرية كاملة , وحرية الفكر , والرأى , العقيدة .
هذه هى الديمقراطية لمن يريد أن يحكم أمته , وشعبه , فقياب هذه , يرجع اليه معظم الكوارث السياسية , والاقتصادية , والاجتماعية , التى منيت بها الأمة العربية والاسلامية .
( حوار قديم أجرى معه العام 1990 ) نبذة عن المذكور :
كاتب ومفكر وداعية اسلامي مصرى , تخرج فى كلية الشريعة بالأزهر الشريف عام 1945 , له العديد من المؤلفات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
(1) رجال حول الرسول (2) خلفاء الرسول (3) الديمقراطية أبدا (4) محمد المسيح (5) من هنا نبدأ ...... الخ
ردة فعل مؤلفاته :
أصدركتب عديدة فى بداية نشاطه الثقافى , وبالرغم أنها كانت محل نقد شديد من زملائه العلماء , الاّ أنها وجدت رواجا , واقبالا , لامثيل له , من الشباب , مما أكسبته شهرة عالية , ككاتب ومفكر مصرى , الأمرالذى لفت اليه نظر الحكام , وبزلوا له عروض كثيرة لنيل وظائف قيادية فى الدولة , سواء ابان حكم جمال عبدالنصر, أو أنور السادات , فكان يعتذر عنها , ورفض عروضا أخرى لأسفار خارج مصر، وآثر أن يبقى في حياته المتواضعة التي يغلب عليها الزهد والقنوع , وحقيقة ان مؤلفاته الأولى , بدأت ثائرة , متدفقة , وانتهت إلى الرسوخ , واليقين , وفي كلها كان مخلصاً ، لا يبتغي بأي منها عرضاً من أعراض الدنيا , لذلك نجده ضرب مثلا عاليا , بالأقتداء بسلفنا الصالح عندما تبين له وجه الحق , فاعترف بكل شجاعة بكافة اخطائه , وأعلن توبته عنها .
موقفه من السلطة :
عنما قامت ثورة عبد الناصر , كانت فرصته عظية كى يستفيد منها , ولكنه بدلاً من ذلك , ورغم العروض المغرية والسخية التى قدمت له , وقف ناقداً لها , موجهاً لها ، مطالباً حكومتها بتطبيق الديمقراطية، فكان صدور كتابه "الديمقراطية أبدا" بعد ستة أشهر فقط من قيام الثورة فى عام 1952 , وظلت هذه مواقفه من الثورة ورجالها حتى توجت بموقفه المشهور في " اللجنة التحضيرية التى دعى اليها مع آخرين "سنة 1961، وفيها أنتقد مواقف الثورة من قضايا الحرية والديمقراطية، وعارض ما أراد عبد الناصر القيام به من إجراءات تعسفية ضد من أسموهم – حينئذ – ببقايا الإقطاع، وأعداء الشعب.. بعد أن نزعوا أموالهم غصباً وظلماً، ونكّلوا بهم بغير جريرة ارتكبوها، فصاروا بعد عز , في ذل ، وبعد غنى , في فاقة وعوز، وبعد أمن , في خوف، ولا يجدون من يدافع عنهم.. فكان هو الصوت الوحيد الذي أرتفع في وجه الصمت والخوف، مدافعا عن الحق، طالبا لهم – بدلا من العزل السياسى : " العدل " السياسي، ولما أخذ التصويت في المجلس على من يعترض على إجراءات العزل السياسي، كانت يده هي الوحيدة التي ارتفعت في سماء القاعة التي ضمت – يومئذ – ثلاثمائة وستين عضواً.
موقف السلفيين منه : حرم علماء السعودية دخول كتبه المملكة متهمين اياه , زورا , وبهتانا فى عقيدته , دون تثبت , أو اعطاء دليل شرعى كعادتهم , وهذا فى الحقيقة أمر يؤسف له .
............... يتبع :
|