عرض مشاركة واحدة
قديم 09-18-2012, 10:05 AM   #1
الشريف زين العابدين


الصورة الرمزية الشريف زين العابدين



الشريف زين العابدين is on a distinguished road

افتراضي لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ


لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

الحمد لله رب العاملين ، والصلاة والسلام علي سيدالأنبياء ، صلي الله عليه وعلي آله وصحبه ، والداعين بدعوته إلي يوم الدين .

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً{45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً{46} وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً{47} وَلَاتُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَىاللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً{48} صدق الله العظيم

يتحدث القرآن الكريم عن رسول الله ن صلوات الله وسلامه عليه ، في كثير من سورة ، يقول سبحانه :
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراًوَنَذِيراً{45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً{46}(1) .
ويقول سبحانه :
(مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَنتَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً{80}(2)
(قُلْ إِن كُنتُمْتُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{31}(3)
ومن أجل هذه الصلة الإلهية برسولالله ، صلي الله عليه وسلم
أرشدنا الله – سبحانه وتعالي – إلي اتخاذ الرسولأسوة فقال سبحانه : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌلِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَكَثِيراً{21}(4) .
بل أمرنا سبحانه أن نأخذ ما آتانا ، وأن ننهي ما نهانا عنه (........وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواوَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{7}( 5) .
أما السر في ذلكفهو :
1- أن الرسول الصلوات الله وسلامة عليه : لا ينطبق عن الهوى ، ولا ينحرفعن صراط المستقيم ، ولقد أقسم الله تعالي علي ذلك فقد سبحانه : (وَالنَّجْمِ إِذَاهَوَى{1} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى{2} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4}(6)
2- كان رسول الله صلوات الله وسلامه عليهفي جميع أحواله : حركة وسكوناً ، إشارة ونطقاً ، قلباً وقالباً ، يمثل القرآنالكريم ، وقد كان صلوات الله وسلامه عليه تطبيقاً للقرآن ، لقد لبس القرآن ظاهراًوباطناً ، لقد كان قرآناً .
ولقد وصفته السيدة عائشة – رضي الله عنها – وصفاًدقيقاً حيما سئلت عن خلقه ، فقال : (كانت خلقه القرآ ) .
ومن كان خلقه القرآنكان أسوة ، وكان قدوة ، وكان علي خلق عظيم : ومن هنا وصفه الله سبحانه وتعالي إذيقول (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ{4}(1) .
والحق ، أننا حينما نريد أن نكونصورة واضحة تامة عن رسول الله ، صلوات الله وسلامه عليه ، فإن الطريق الوحيد لذلك : إنما هو الإحاطة بالقرآن إحاطة واضحة تامة ، والإحاطة بالقرآن علي هذا النسقليست من السهولة بمكان ، بل ليست بممكنة : فالقرآن في كل يوم يتفتح عن معان جديدةللإنسانية ، ويتفتح عن معان جديدة للشخص المتأمل المتدبر : وهذه المعاني الجديدة : إنسانية عامة ، أو فردية شخصية ، إنما هي إيضاح وتفسير للصورة النبوية الكريمة .
والعكس أيضاً صحيح ، فإن المتدبر المتأمل في الصورة النبوية الكريمة عن طريقالسيرة الصحيحة ، والأحاديث المعتمدة ، يفهم عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه كليوم جديداً ، وهذا الفهم إنما هو تفسير وإيضاح لجوانب من القرآن الكريم .
لقدامتزج الرسول صلوات الله وسلامه عليه بالقرآن – كما قدمنا - روحاً وقلباً وجسماً ،وامتزج القرآن به عقيدة وأخلاقاً وتشريعاً : فكان ، صلوات الله وسلامه عليه : قرآنايسير في الناس ، وكان القرآن روحاً ينتقل ، وكان قلباً ينبض ، وكان لسانا ً ينطقبالهداية والإرشاد .
ولقد كان صلوات الله وسلامه عليه حريصاً كل الحرص علي أنيكون خلق الأمة الإسلامية القرآن ، لقد عمل لذلك طيلة بعثته .
ويحدثنا القرآنالكريم عن موقف الرسول صلوات الله وسلامه عليه من الأمة فيقول سبحانه وتعالى:
(لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْحَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{128}(1) . صلوات الله وسلامهعليك يا سيدي يا رسول الله .
ويتحدث صلوات الله وسلامه عليه عن حرصه ا لشديد عليهداية أمتة فيقول :
( مثلي ومثلكم : كمثل رجل أوقد ناراُ ، فجعل الجنادبوالفراش يقعن فيها ، وهو يذبهن عنها ، وأنا آخذ بحجزكم عن النار ، وأنتم تفلتون منيدي ) .
هذه هي صلة الرسول صلي الله عليه وسلم بربه ، وهذه هي صلته بأمه .
لقد ارتفع صلوات الله وسلامه عليه إلي السماء ، بل وتجاوزها إلي سدرة المنهي، ورأي من آيات ربه الكبرى . لقد ارتفع إلي الأفق الأعلي ، وتجاوز بذلك النهاياتالكونية ، لقد كان فعلاً : أدنى من قاب قوسين ، فانغمس في الأفق الأعلى وتلقى عنالله مباشرة كيفية الصلة به ، وهي الصلاة ، ثم انبسط إلي الأرض سراجاً منيراً ،رءوفاً رحيماً ، هادياً ، يدعو إلي الله علي بصيرة هو ومن اتبعه .
بيد أن الرسولصلوات الله وسلامه عليه نبي ورسول فهو متصل بالله دائماً : إنه في السماء عليالدوام ، وهو متصل بالبشر ، يؤدي رسالة السماء كاملة غير منقوصة . إنه كان علي حدتعبير القرآن – ( بشراً رسولاً ) فهو ببشريته مع الناس ، وهو بسره مع الله : إنهمع الناس بإرادة الله وتوجيهه وأمره إنه مع الناس بكلمة الله ورسالته ، إنه معالناس رسول من قبل الله .


وبهذه المعاني كلها يمكننا أن نقول : إنه دائماً معالله ، ويمكننا أن نقول : إنه – منذ اللحظة الأولي للبعثة – لم ينزل إلي الأرض قط ،وإنما كان دائماً مع الله سبحانه وتعالي ، فهو صلوات الله وسلامه عليه يبيت عندربه ، يقول صلي الله عليه وسلم :
( ليست كهيئتكم : أبيت عند ربي ... ) .
(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ....)(1).
إنهصلوات الله وسلامه عليه : ( بشر ) وما يجول في خلد مسلم قط أن يخرجه عن البشرية ،ولكنه صلوات الله وسلامه عليه ( بشر يوحي إليه ) وما يتأتي قط أن يوحي الله إلي بشرإلا إذا أصبح وكأنه قطعة من النور : صفاء نفس ، وطهارة قلب ، وتزكية روح .
فمنتهى القول فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم
وبعض الناس حينما يقرأالقرن الكريم ، فتمر عليه الآية الكريمةقُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىإِلَيَّ)
يقف عند كلمة : ( بشر ) فيحاول التركيز عليها وتوجيه الانتباه كلهإليها ، وتحويل الأنظار كلها نحوها ، فيتحدث عن خصائص البشرية العادية ويبرزها ،ويندفع في هذا الاتجاه المنحرف اندفاعاً لا يتناسب قط مع قوله تعالييوحى إلي ) بل إنه في اندفاعته الهوجاء ينسى ( يوحي إلي ) ويهملها إهمالاً .

الشريف زين العابدين غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة الشريف زين العابدين ; 09-18-2012 الساعة 10:25 AM. سبب آخر: طول الموضوع
رد مع اقتباس