الموضوع: قرأت لك
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2012, 02:11 PM   #71
العوضابي

الصورة الرمزية العوضابي



العوضابي is on a distinguished road

افتراضي رد: قرأت لك (47)


(47)
أعد الأعداء :
اعلم ان أعدى عدوك نفسك التى بين جنبيك , وقد خلقت أمارة بالسوء , ميالة الى الشر , فرارة من الخير , ... وأمرت بتزكيتها , وتقويمها , وقودها بسلاسل القهر , الى عبادة ربها وخالقها , ومنعها من شهواتها , وفطامها عن لزاتها , فان أهملتها جمحت , وشردت ولم تظفر بها بعد ذلك , وان لازمتها بالتوبيخ , والمعاتبة , والعذل , والملامة , كانت نفسك هى النفس : " اللوامة "التى أقسم الله بها , ورجوت أن تصير النفس : " المطمئنة " المدعوة الى أن تدخل فى زمرة عباد الله راضية مرضية , فلا تغفلن ساعة عن تذكيرها , ومعاتبتها , ولا تشغلن بوعظ غيرك ما لم تشتقل بوعظ نفسك ,..... أوحى الله الى عيسى عليه السلام : " يا ابن مريم عظ نفسك , فان اتعظت فعظ الناس , والاّ فاستحى منى . "
الحلم :
الحلم فضيلة سامية , وخلق رفيع , وخلة لازمة لصفوة الله من خلقه , وخيرته من عباده , من أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
أسبابه : من أسبابه :
(1) الرحمة للجهال , واعذارهم , قال أبو الدرداء رضى الله عنه لرجل أسمعه شتائم : " يا هذا لا تغرق فى سبنا , وأجعل للصلح موضعا , فانا لا نكافىء من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله عزّ وجلّ , فيه . "
(2) القدرة على الانتصار , وذلك من سعة الصدر , وحسن الثقة , وقد روى عن النبى عليه الصلاة والسلام أنه قال : " اذا قدرت على عدوك , فأجعل العفو شكرا للقدرة عليه . "
(3) الترفع عن السباب , وذلك من شرف النفس , وعلو الهمة , كما قال الحكماء : " شرف النفس أن تحمل المكارة , كما تحمل المكارم "
(4) الترفع عن المسىء , ومما يذكر أن رجلا شتم ابن هبيرة , فأعرض ابن هبيرة عنه , فقال له الرجل : " اياك أعنى " فقال ابن هبيرة : " وعنك أعرض " , وأكثر رجل من سب الأحنف , وهو لا يجيبه , فقال الرجل : " ما منعه من جوابى الاّ هوانى عليه " وسكت عنه .
(5) الاستحياء من جزاء الجواب , وهذا يكون من صيانة النفس , وكمال المروءة , ويقال فى الحكمة : " احتمال السفيه خير من التحلى بصورته , والاغضاء عن الجاهل خير من مشاكلته " .
(6) الكرم وحسن التأفف , وقد قيل للاسكندر المقدونى , ان فلانا , وفلانا ينقصانك , ويصيبانك , فلو عاقبتهما , فقال : " هم بعد العقوبة أعذر فى تنقصى , وثلبى " فكان هذا تفضلا منه , وتأففا , ..... وحكى أن على بن أبى طالب رضى الله عنه , قال لعامر بن مروة الزهرى : " من أخمق الناس ؟؟؟ " قال : " من ظن أنه أعقل الناس " قال : " صدقت " ثم سأله : " فمن أعقل الناس " ؟؟؟ " قال : " من لم يتجاوز الصمت فى عقوبة الجاهل
(7) عدم تعدى الحدود , عند دواعى المكر , والدهاء , والغضب , فغضب الجاهل فى قوله , وغضب العاقل فى فعله , وشأن المؤمن دائما أن يكون حريصا على معالى الأمور , ومترفعا عن سفاسفها , متعلقا بأهداب الكمال , ساعيا الى احرازها , والاتصاف بها .
الأسباب الدينية الداعية عليه :
(1) أن يذكر الله تعالى عند القضب , فيدعوه ذلك الى الخوف منه ويبعثه على الطاعة له , فيرجع الى أدبه , فعند ذلك يزول الغضب , قال تعالى : (( واذكر ربك اذا نسيت . )) قال عكرمة : " اذا غضبت " .
(2) أن يتذكر ما يوؤل اليه الغضب من الندم , ومذمة الانتقام , قال الحكماء : " الغضب على من لا تملك عجز , وعلى من تملك لؤم " .
(3) أن يذكر ثواب الحلم , فيقهر نفسه على الغضب رغبة فى الجزاء , والثواب , وحذر استحقاق الذم والعقاب , جاء فى الأثر : " الخير فى ثلاث خصال فمن كن فيه , فقد استكمل الايمان : (1) من اذا رضى لم يدخله رضاه فى باطل . (2) واذا غضب لم يخرجه غضبه من حق , (3) واذا قدر عفا "
(4) يذكر انعطاف القلوب عليه , ومحبة الناس له بالحلم , والصفح , فيكف عن متابعة الغضب , رغبة فى التأليف , وجميل الثناء .
وقد رغّب الاسلام فى الحلم والاعتصام بحبله , والعيش فى وارف ظله , لأنه ارادة , ايجابية , لمكافحة الشر , وتفادى الأزمات , لأن الاستجابة لهذا الداء يحفز الى الانتقام , وتحجب منافذ الفكر , وتقتل الحكمة , عندها تكون القوة الجسمية , أو السلطان , سلاحا بتارا فى يد مجنون , تزهق به النفوس , وتتطاير به الرؤس , دون ما وعى , أو ادراك .
أحاديث مروية عن الامام على كرم الله وجهه :
(1) حديث رواه الامام أحمد رحمه الله باسناد صحيح عن عبدالله بن السبع قال خطبنا على قال : " والذى خلق الجنة , وبرأ النسمة , لتخصبن هذه , من هذه " ... قال الناس : " فاعلمنا من هو , ... والله لنبترنّ عتره ؟؟؟ " قال : " أنشدكم بالله , ألاّ يقتل غير قاتلى " قالوا : " ان كنت قد علمت ذلك استخلف اذن " قال : " لا , ..... ولكن أكلكم الى ما وكلكم اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . "
(2) روى عنه أنه قال :
" ألا وأنه يهلك فيّ اثنان : محب يقرظنى بما ليس فيّ , ومبغض يحمله شنآنى على أن يبهتنى , ..... ألا انى لست بنبى , ولا يوحى الىّ , ولكنى أعمل بكتاب الله , وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما استطعت , فما أمرتكم من طاعة الله فحق عليكم طاعتى فيما أحببتم , وكرهتم " .
(3) روى عنه أيضا أنه قال : " دعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ان فيك مثلا من عيسى : أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه , وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذى ليس به , ألا , وانه يهلك فيّ اثنان : محبّ مفرط يقرظنى بما ليس فيّ , ومبغض يحمله شنآنى على أن يبهتنى . "
(4) وروى أيضا من طرق صحيحة , وحسن , ان النبى صلى الله عليه وسلم قال لعلى : " أشقى الناس رجلان : الذى عقر الناقة , والذى يضربك على هذه ( وأشار الى فوخه ) حتى تبتل هذه (وأشار الى لحيته ) . "
( فكان الامام على يقول لأهل العراق اذا اتضجر منهم : " وددت أنه قد انبعث أشقاكم , فخضب هذه : (يعنى لحيته ) من هذه , ( ويضع يده على مقدم رأسه . "
من أقواله كرم الله وجهه :
(1) لا ظفر مع البغى , ولا ثناء مع الكبر , لا صحة مع النهم والتخم , ولا شرف مع سوء الأدب , ولا راحة مع الحسد , ولا سؤدد مع الانتقام , لا صواب مع ترك المشورة , لا مروءة للكذب , لا كرم أعزّ من التقى , لا شفيع أنجح من التوبة , لا لباس أجمل من العافية , ولا داء أعيى من الجهل , المرء عدو ما جهله , رحم الله عبدا عرف قدر نفسه , ولم يتعد طوره , النصح بين الملأ تقريع , نعمة الجاهل كروضة على مزبلة , أكبر الأعداء , أخفاهم مكيدة , الحكمة ضالة المؤمن , البخل جامع لمساوى العيوب , اذا حلت المقادير ضلت التدابير , عبد الشهوة أذلّ من عبد الرق , الحاسد مقتاظ على من لا ذنب له , أكثر مصارع العقول تحت برق الأطماع , قصم ظهرى اثنان : عالم متهتك , وجاهل متنسك , هذا ينفر الناس بتهتكه , وهذا يضل الناس بتنسكه , جزاء المعصية الوهن فى العبادة , والضيق فى المعيشة , والنقص فى اللذة , قيل وما النقص فى اللذة ؟؟؟ قال : لا ينال شهوة حلالا, الاّ جاءه ما ينقصه ايّاها , من واليته معروفا , وجازاك بضده , فقد أشهدك على نفسه بنجاسة أصله , الغالب بالظلم مغلوب .
وروى أنه لما ضربه ابن ملجم دخل عليه الحسن باكيا فقال : " يا بنى أحفظ عنى أربعا , وأربعا : ان أغنى الغنى العقل , وأكبر الفقر الحمق , وأوحش الوحشة العجب , وأكرم الكرم حسن الخلق , والأربعة الأخر : اياك ومصاحبة الأحمق : فانه يريد أن ينفعك فيضرك , واياك ومصادقة الكذاب فانه يقرب عليك البعيد , ويبعد عليك القريب , واياك ومصادقة البخيل فانه يخزلك فى أحوج ما تكون اليه , واياك ومصادقة التاجر فانه يبيعك بالتافه .
( لعله يريد هنا بالتاجر الفاجر منهم , والله أعلم )
ورى عنه أنه قال لبعض الملحدين المنكر للمعاد :
" ان كان الذى تظن أنت , نجونا نحن وأنت , والاّ هلكت أنت وحدك . "

............... يتبع :

العوضابي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس