الحجاج بن يوسف الثقفى
كان معلما للصبية -بالطائف- وكان يدرس اللغة العربية، ثم انتقل إلى صفوف الجند، وصار أهم عمال عبد الملك بن مروان ثم ابنه الوليد من بعده، وكان قائدا للجيش الذى هزم عبد الله بن الزبير بن العوام وضرب الكعبة بالمنجنيق، وكانت هذه ثانى مرة ترمى فيها الكعبة بالمنجنيق فكانت المرة الأولى فى عهد يزيد بن معاوية فى حربه ضد بن الزبير.
وكان عبد الله بن الزبير قد دعا فور مصرع الحسن بن على إلى بيعته للخلافة فبايعه أهل تهامة والحجاز وسلم عليه الناس بالخلافة.
وظل خليفة «أميرًا للمؤمنين» للحجاز واليمن لمدة تسع سنين، أى طوال ولاية يزيد بن معاوية ومعاوية الثانى بن يزيد ومروان بن الحكم ثم عبد الملك بن مروان.. وفى نهاية الأمر قتل ابن الزبير واحتز جيش الحجاج رأسه، وصلبوا جثته حتى كتب عبد الملك إلى الحجاج فأنزلها وسلمها لأمه.
وبعد التخلص من ابن الزبير ولى عبد الملك الحجاج إمارة الحجاز واليمن واليمامة، ثم ولاه العراق فأخمد الفتن. واستخدم العنف والقسوة والبطش حتى كرهه الكثيرون لكثرة مظالمه ولكثرة ما أراق من الدماء.
وقد وصفه بعض المعاصرين «بنيرون التاريخ العربى».
كان الحجاج رجل لغة من الطراز الرفيع، وإذا عدنا إلى قراءة خطبه فى الكوفة والبصرة فسوف نكتشف أننا أمام أديب مفطور على البلاغة والتعبير عن المراد بأقل الكلمات، وعلى حد تعبير الأستاذ الراحل جمال بدوى «إن الحجاج كان أديبا مثلما كان سفاحا، وإن قدرته الأدبية لا تقل عن قدرته الدموية، وإن شهرته بين الأدباء لا تقل عن شهرته بين الطغاة والبغاة».
ويروى أن الحسن البصرى كان يقول عن الحجاج: «إنه يعظ عظة الأزارقة ويبطش بطش الجبارين»، والأزارقة هم تلك الطائفة من الخوارج التى اشتهرت بالفصاحة الخطابية.. وهذا عمر بن عبد العزيز يقول: «لو جئنا بالحجاج بن يوسف فى كفة وجاءت كل الأمم بولاتها الظلمة فى كفة أخرى لرجحت كفة الحجاج فى الظلم».
تُرى بعد ذلك ماذا كانت آخر كلمات الأديب الطاغية؟
لما حضرت الوفاة الحجاج بن يوسف قال: اللهم اغفر لى فإن الناس يقولون إنك لن تغفر لى!!
عبارة فى غاية الإبداع والبساطة... وكان عمر بن عبد العزيز تعجبه هذه الكلمات ويقول إنه يغبط الحجاج عليها.. وحتى الحسن البصرى الذى كان يرى أن الحجاج أكبر سيئة فى سيئات عبد الملك بن مروان، لما حكى له قول الحجاج.
قال: أقالها؟
قيل: نعم.. قال: عسى!