الموضوع
:
لمن يسأل
عرض مشاركة واحدة
08-05-2012, 09:56 AM
#
9
عصام عابدين محمد
رد: لمن يسأل
احسنتم جزاكم الله خيرا .
(
ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين
( 118 )
إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
( 119 ) )
يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة ، من إيمان أو كفران كما قال تعالى : (
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا
) [
يونس : 99 ] .
وقوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك
)
أي : ولا يزال الخلف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم .
قال
عكرمة
: (
مختلفين ) في الهدى . وقال
الحسن البصري
: (
مختلفين ) في الرزق ، يسخر بعضهم بعضا ، والمشهور الصحيح الأول .
وقوله : (
إلا من رحم ربك
)
أي : إلا المرحومين من أتباع الرسل ، الذين تمسكوا بما أمروا به من الدين . أخبرتهم به رسل الله إليهم ،
ولم يزل ذلك دأبهم ، حتى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمي خاتم الرسل والأنبياء ، فاتبعوه و
صدقوه ، ونصروه ووازروه ، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة; لأنهم
الفرقة الناجية ،
كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن ، من طرق يشد بعضها بعضا :
"
إن اليهود افترقت على
[
ص:
362 ]
إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرق
ة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة " . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي "
.
رواه
الحاكم
في مستدركه بهذه الزيادة
وقال
عطاء
: (
ولا يزالون مختلفين
)
يعني :
اليهود
والنصارى
والمجوس
(
إلا من رحم ربك
)
يعني : الحنيفية .
وقال
قتادة
:
أهل رحمة الله أهل الجماعة
، وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم ، وأهل معصيته أهل فرقة ، وإن اجتمعت ديارهم وأبدانهم .
وقوله : ( ولذلك خلقهم ) قال
الحسن البصري
في رواية عنه : وللاختلاف خلقهم .
وقال
علي بن أبي طلحة
، عن
ابن عباس
:
خلقهم فريقين ، كقوله : (
فمنهم شقي وسعيد
) [
هود : 105 ] .
وقيل : للرحمة خلقهم . قال
ابن وهب
:
أخبرني
مسلم بن خالد ،
عن
ابن أبي نجيح ،
عن طاوس; أن رجلين اختصما إليه فأكثرا فقال طاوس : اختلفتما فأكثرتما ! فقال أحد الرجلين : لذلك خلقن
ا . فقال طاوس : كذبت . فقال : أليس الله يقول : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : لم يخلقهم ليختلفوا ، ولكن خلقهم للجماعة والرحمة
.
كما قال
الحكم بن أبان ،
عن
عكرمة ،
عن
ابن عباس
قال : للرحمة خلقهم ولم يخلقهم للعذاب . وكذا قال
مجاهد
والضحاك
وقتادة
.
ويرجع معنى هذا القول إلى قوله تعالى : (
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
) [
الذاريات : 56 ] .
وقيل : بل المراد : وللرحمة والاختلاف خلقهم ، كما قال
الحسن البصري
في رواية عنه في قوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال :
الناس مختلفون على أديان شتى
، (
إلا من رحم ربك
)
فمن رحم ربك غير مختلف . قيل له : فلذلك خلقهم ؟ [ قال ] خلق هؤلاء لجنته ، وخلق هؤلاء لناره ، وخلق هؤ
لاء لرحمته ، وخلق هؤلاء لعذابه .
وكذا قال
عطاء بن أبي رباح ،
والأعمش
.
وقال
ابن وهب
:
سألت
مالكا
عن قوله تعالى : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : فريق في الجنة وفريق في السعير .
[
ص:
363 ]
وقد اختار هذا القول
ابن جرير ،
وأبو عبيدة والفراء
.
وعن
مالك
فيما رويناه عنه في التفسير : ( ولذلك خلقهم ) قال : للرحمة ، وقال قوم : للاختلاف .
وقوله : (
وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
)
يخبر تعالى أنه قد سبق في قضائه وقدره ، لعلمه التام وحكمته النافذة ، أن ممن خلقه من يستحق الجن
ة ، ومنهم من يستحق النار ، وأنه لا بد أن يملأ جهنم من هذين الثقلين الجن والإنس ، وله الحجة ال
بالغة والحكمة التامة . وفي الصحيحين عن
أبي هريرة ،
رضي الله عنه ، قال :
قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " اختصمت الجنة والنار ، فقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفة ال
ناس وسقطهم ؟ وقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين . فقال الله عز وجل للجنة ، أنت رحمتي أر
حم بك من أشاء . وقال للنار : أنت عذابي ، أنتقم بك ممن أشاء ، ولكل واحدة منكما ملؤها . فأما الجنة فل
ا يزال فيها فضل ، حتى ينشئ الله لها خلقا يسكن فضل الجنة ، وأما النار فلا تزال تقول : هل من مزيد ؟ حتى ي
ضع عليه رب العزة قدمه ، فتقول : قط قط ، وعزتك "
.
(
ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين
( 118 )
إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
( 119 ) )
يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة ، من إيمان أو كفران كما قال تعالى : (
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا
) [
يونس : 99 ] .
وقوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك
)
أي : ولا يزال الخلف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم .
قال
عكرمة
: (
مختلفين ) في الهدى . وقال
الحسن البصري
: (
مختلفين ) في الرزق ، يسخر بعضهم بعضا ، والمشهور الصحيح الأول .
وقوله : (
إلا من رحم ربك
)
أي : إلا المرحومين من أتباع الرسل ، الذين تمسكوا بما أمروا به من الدين . أخبرتهم به رسل الله إليهم ،
ولم يزل ذلك دأبهم ، حتى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمي خاتم الرسل والأنبياء ، فاتبعوه و
صدقوه ، ونصروه ووازروه ، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة; لأنهم
الفرقة الناجية ،
كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن ، من طرق يشد بعضها بعضا :
"
إن اليهود افترقت على
[
ص:
362 ]
إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرق
ة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة " . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي "
.
رواه
الحاكم
في مستدركه بهذه الزيادة
وقال
عطاء
: (
ولا يزالون مختلفين
)
يعني :
اليهود
والنصارى
والمجوس
(
إلا من رحم ربك
)
يعني : الحنيفية .
وقال
قتادة
:
أهل رحمة الله أهل الجماعة
، وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم ، وأهل معصيته أهل فرقة ، وإن اجتمعت ديارهم وأبدانهم .
وقوله : ( ولذلك خلقهم ) قال
الحسن البصري
في رواية عنه : وللاختلاف خلقهم .
وقال
علي بن أبي طلحة
، عن
ابن عباس
:
خلقهم فريقين ، كقوله : (
فمنهم شقي وسعيد
) [
هود : 105 ] .
وقيل : للرحمة خلقهم . قال
ابن وهب
:
أخبرني
مسلم بن خالد ،
عن
ابن أبي نجيح ،
عن طاوس; أن رجلين اختصما إليه فأكثرا فقال طاوس : اختلفتما فأكثرتما ! فقال أحد الرجلين : لذلك خلقن
ا . فقال طاوس : كذبت . فقال : أليس الله يقول : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : لم يخلقهم ليختلفوا ، ولكن خلقهم للجماعة والرحمة
.
كما قال
الحكم بن أبان ،
عن
عكرمة ،
عن
ابن عباس
قال : للرحمة خلقهم ولم يخلقهم للعذاب . وكذا قال
مجاهد
والضحاك
وقتادة
.
ويرجع معنى هذا القول إلى قوله تعالى : (
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
) [
الذاريات : 56 ] .
وقيل : بل المراد : وللرحمة والاختلاف خلقهم ، كما قال
الحسن البصري
في رواية عنه في قوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال :
الناس مختلفون على أديان شتى
، (
إلا من رحم ربك
)
فمن رحم ربك غير مختلف . قيل له : فلذلك خلقهم ؟ [ قال ] خلق هؤلاء لجنته ، وخلق هؤلاء لناره ، وخلق هؤ
لاء لرحمته ، وخلق هؤلاء لعذابه .
وكذا قال
عطاء بن أبي رباح ،
والأعمش
.
وقال
ابن وهب
:
سألت
مالكا
عن قوله تعالى : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : فريق في الجنة وفريق في السعير .
[
ص:
363 ]
وقد اختار هذا القول
ابن جرير ،
وأبو عبيدة والفراء
.
وعن
مالك
فيما رويناه عنه في التفسير : ( ولذلك خلقهم ) قال : للرحمة ، وقال قوم : للاختلاف .
وقوله : (
وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
)
يخبر تعالى أنه قد سبق في قضائه وقدره ، لعلمه التام وحكمته النافذة ، أن ممن خلقه من يستحق الجن
ة ، ومنهم من يستحق النار ، وأنه لا بد أن يملأ جهنم من هذين الثقلين الجن والإنس ، وله الحجة ال
بالغة والحكمة التامة . وفي الصحيحين عن
أبي هريرة ،
رضي الله عنه ، قال :
قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " اختصمت الجنة والنار ، فقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفة ال
ناس وسقطهم ؟ وقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين . فقال الله عز وجل للجنة ، أنت رحمتي أر
حم بك من أشاء . وقال للنار : أنت عذابي ، أنتقم بك ممن أشاء ، ولكل واحدة منكما ملؤها . فأما الجنة فل
ا يزال فيها فضل ، حتى ينشئ الله لها خلقا يسكن فضل الجنة ، وأما النار فلا تزال تقول : هل من مزيد ؟ حتى ي
ضع عليه رب العزة قدمه ، فتقول : قط قط ، وعزتك "
.
(
ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين
( 118 )
إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
( 119 ) )
يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة ، من إيمان أو كفران كما قال تعالى : (
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا
) [
يونس : 99 ] .
وقوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك
)
أي : ولا يزال الخلف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم .
قال
عكرمة
: (
مختلفين ) في الهدى . وقال
الحسن البصري
: (
مختلفين ) في الرزق ، يسخر بعضهم بعضا ، والمشهور الصحيح الأول .
وقوله : (
إلا من رحم ربك
)
أي : إلا المرحومين من أتباع الرسل ، الذين تمسكوا بما أمروا به من الدين . أخبرتهم به رسل الله إليهم ،
ولم يزل ذلك دأبهم ، حتى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمي خاتم الرسل والأنبياء ، فاتبعوه و
صدقوه ، ونصروه ووازروه ، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة; لأنهم
الفرقة الناجية ،
كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن ، من طرق يشد بعضها بعضا :
"
إن اليهود افترقت على
[
ص:
362 ]
إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرق
ة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة " . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي "
.
رواه
الحاكم
في مستدركه بهذه الزيادة
وقال
عطاء
: (
ولا يزالون مختلفين
)
يعني :
اليهود
والنصارى
والمجوس
(
إلا من رحم ربك
)
يعني : الحنيفية .
وقال
قتادة
:
أهل رحمة الله أهل الجماعة
، وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم ، وأهل معصيته أهل فرقة ، وإن اجتمعت ديارهم وأبدانهم .
وقوله : ( ولذلك خلقهم ) قال
الحسن البصري
في رواية عنه : وللاختلاف خلقهم .
وقال
علي بن أبي طلحة
، عن
ابن عباس
:
خلقهم فريقين ، كقوله : (
فمنهم شقي وسعيد
) [
هود : 105 ] .
وقيل : للرحمة خلقهم . قال
ابن وهب
:
أخبرني
مسلم بن خالد ،
عن
ابن أبي نجيح ،
عن طاوس; أن رجلين اختصما إليه فأكثرا فقال طاوس : اختلفتما فأكثرتما ! فقال أحد الرجلين : لذلك خلقن
ا . فقال طاوس : كذبت . فقال : أليس الله يقول : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : لم يخلقهم ليختلفوا ، ولكن خلقهم للجماعة والرحمة
.
كما قال
الحكم بن أبان ،
عن
عكرمة ،
عن
ابن عباس
قال : للرحمة خلقهم ولم يخلقهم للعذاب . وكذا قال
مجاهد
والضحاك
وقتادة
.
ويرجع معنى هذا القول إلى قوله تعالى : (
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
) [
الذاريات : 56 ] .
وقيل : بل المراد : وللرحمة والاختلاف خلقهم ، كما قال
الحسن البصري
في رواية عنه في قوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال :
الناس مختلفون على أديان شتى
، (
إلا من رحم ربك
)
فمن رحم ربك غير مختلف . قيل له : فلذلك خلقهم ؟ [ قال ] خلق هؤلاء لجنته ، وخلق هؤلاء لناره ، وخلق هؤ
لاء لرحمته ، وخلق هؤلاء لعذابه .
وكذا قال
عطاء بن أبي رباح ،
والأعمش
.
وقال
ابن وهب
:
سألت
مالكا
عن قوله تعالى : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : فريق في الجنة وفريق في السعير .
[
ص:
363 ]
وقد اختار هذا القول
ابن جرير ،
وأبو عبيدة والفراء
.
وعن
مالك
فيما رويناه عنه في التفسير : ( ولذلك خلقهم ) قال : للرحمة ، وقال قوم : للاختلاف .
وقوله : (
وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
)
يخبر تعالى أنه قد سبق في قضائه وقدره ، لعلمه التام وحكمته النافذة ، أن ممن خلقه من يستحق الجن
ة ، ومنهم من يستحق النار ، وأنه لا بد أن يملأ جهنم من هذين الثقلين الجن والإنس ، وله الحجة ال
بالغة والحكمة التامة . وفي الصحيحين عن
أبي هريرة ،
رضي الله عنه ، قال :
قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " اختصمت الجنة والنار ، فقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفة ال
ناس وسقطهم ؟ وقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين . فقال الله عز وجل للجنة ، أنت رحمتي أر
حم بك من أشاء . وقال للنار : أنت عذابي ، أنتقم بك ممن أشاء ، ولكل واحدة منكما ملؤها . فأما الجنة فل
ا يزال فيها فضل ، حتى ينشئ الله لها خلقا يسكن فضل الجنة ، وأما النار فلا تزال تقول : هل من مزيد ؟ حتى ي
ضع عليه رب العزة قدمه ، فتقول : قط قط ، وعزتك "
.
(
ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين
( 118 )
إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
( 119 ) )
يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة ، من إيمان أو كفران كما قال تعالى : (
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا
) [
يونس : 99 ] .
وقوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك
)
أي : ولا يزال الخلف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم .
قال
عكرمة
: (
مختلفين ) في الهدى . وقال
الحسن البصري
: (
مختلفين ) في الرزق ، يسخر بعضهم بعضا ، والمشهور الصحيح الأول .
وقوله : (
إلا من رحم ربك
)
أي : إلا المرحومين من أتباع الرسل ، الذين تمسكوا بما أمروا به من الدين . أخبرتهم به رسل الله إليهم ،
ولم يزل ذلك دأبهم ، حتى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمي خاتم الرسل والأنبياء ، فاتبعوه و
صدقوه ، ونصروه ووازروه ، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة; لأنهم
الفرقة الناجية ،
كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن ، من طرق يشد بعضها بعضا :
"
إن اليهود افترقت على
[
ص:
362 ]
إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرق
ة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة " . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي "
.
رواه
الحاكم
في مستدركه بهذه الزيادة
وقال
عطاء
: (
ولا يزالون مختلفين
)
يعني :
اليهود
والنصارى
والمجوس
(
إلا من رحم ربك
)
يعني : الحنيفية .
وقال
قتادة
:
أهل رحمة الله أهل الجماعة
، وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم ، وأهل معصيته أهل فرقة ، وإن اجتمعت ديارهم وأبدانهم .
وقوله : ( ولذلك خلقهم ) قال
الحسن البصري
في رواية عنه : وللاختلاف خلقهم .
وقال
علي بن أبي طلحة
، عن
ابن عباس
:
خلقهم فريقين ، كقوله : (
فمنهم شقي وسعيد
) [
هود : 105 ] .
وقيل : للرحمة خلقهم . قال
ابن وهب
:
أخبرني
مسلم بن خالد ،
عن
ابن أبي نجيح ،
عن طاوس; أن رجلين اختصما إليه فأكثرا فقال طاوس : اختلفتما فأكثرتما ! فقال أحد الرجلين : لذلك خلقن
ا . فقال طاوس : كذبت . فقال : أليس الله يقول : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : لم يخلقهم ليختلفوا ، ولكن خلقهم للجماعة والرحمة
.
كما قال
الحكم بن أبان ،
عن
عكرمة ،
عن
ابن عباس
قال : للرحمة خلقهم ولم يخلقهم للعذاب . وكذا قال
مجاهد
والضحاك
وقتادة
.
ويرجع معنى هذا القول إلى قوله تعالى : (
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
) [
الذاريات : 56 ] .
وقيل : بل المراد : وللرحمة والاختلاف خلقهم ، كما قال
الحسن البصري
في رواية عنه في قوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال :
الناس مختلفون على أديان شتى
، (
إلا من رحم ربك
)
فمن رحم ربك غير مختلف . قيل له : فلذلك خلقهم ؟ [ قال ] خلق هؤلاء لجنته ، وخلق هؤلاء لناره ، وخلق هؤ
لاء لرحمته ، وخلق هؤلاء لعذابه .
وكذا قال
عطاء بن أبي رباح ،
والأعمش
.
وقال
ابن وهب
:
سألت
مالكا
عن قوله تعالى : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : فريق في الجنة وفريق في السعير .
[
ص:
363 ]
وقد اختار هذا القول
ابن جرير ،
وأبو عبيدة والفراء
.
وعن
مالك
فيما رويناه عنه في التفسير : ( ولذلك خلقهم ) قال : للرحمة ، وقال قوم : للاختلاف .
وقوله : (
وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
)
يخبر تعالى أنه قد سبق في قضائه وقدره ، لعلمه التام وحكمته النافذة ، أن ممن خلقه من يستحق الجن
ة ، ومنهم من يستحق النار ، وأنه لا بد أن يملأ جهنم من هذين الثقلين الجن والإنس ، وله الحجة ال
بالغة والحكمة التامة . وفي الصحيحين عن
أبي هريرة ،
رضي الله عنه ، قال :
قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " اختصمت الجنة والنار ، فقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفة ال
ناس وسقطهم ؟ وقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين . فقال الله عز وجل للجنة ، أنت رحمتي أر
حم بك من أشاء . وقال للنار : أنت عذابي ، أنتقم بك ممن أشاء ، ولكل واحدة منكما ملؤها . فأما الجنة فل
ا يزال فيها فضل ، حتى ينشئ الله لها خلقا يسكن فضل الجنة ، وأما النار فلا تزال تقول : هل من مزيد ؟ حتى ي
ضع عليه رب العزة قدمه ، فتقول : قط قط ، وعزتك "
.
(
ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين
( 118 )
إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
( 119 ) )
يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة ، من إيمان أو كفران كما قال تعالى : (
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا
) [
يونس : 99 ] .
وقوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك
)
أي : ولا يزال الخلف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم .
قال
عكرمة
: (
مختلفين ) في الهدى . وقال
الحسن البصري
: (
مختلفين ) في الرزق ، يسخر بعضهم بعضا ، والمشهور الصحيح الأول .
وقوله : (
إلا من رحم ربك
)
أي : إلا المرحومين من أتباع الرسل ، الذين تمسكوا بما أمروا به من الدين . أخبرتهم به رسل الله إليهم ،
ولم يزل ذلك دأبهم ، حتى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمي خاتم الرسل والأنبياء ، فاتبعوه و
صدقوه ، ونصروه ووازروه ، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة; لأنهم
الفرقة الناجية ،
كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن ، من طرق يشد بعضها بعضا :
"
إن اليهود افترقت على
[
ص:
362 ]
إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرق
ة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة " . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي "
.
رواه
الحاكم
في مستدركه بهذه الزيادة
وقال
عطاء
: (
ولا يزالون مختلفين
)
يعني :
اليهود
والنصارى
والمجوس
(
إلا من رحم ربك
)
يعني : الحنيفية .
وقال
قتادة
:
أهل رحمة الله أهل الجماعة
، وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم ، وأهل معصيته أهل فرقة ، وإن اجتمعت ديارهم وأبدانهم .
وقوله : ( ولذلك خلقهم ) قال
الحسن البصري
في رواية عنه : وللاختلاف خلقهم .
وقال
علي بن أبي طلحة
، عن
ابن عباس
:
خلقهم فريقين ، كقوله : (
فمنهم شقي وسعيد
) [
هود : 105 ] .
وقيل : للرحمة خلقهم . قال
ابن وهب
:
أخبرني
مسلم بن خالد ،
عن
ابن أبي نجيح ،
عن طاوس; أن رجلين اختصما إليه فأكثرا فقال طاوس : اختلفتما فأكثرتما ! فقال أحد الرجلين : لذلك خلقن
ا . فقال طاوس : كذبت . فقال : أليس الله يقول : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : لم يخلقهم ليختلفوا ، ولكن خلقهم للجماعة والرحمة
.
كما قال
الحكم بن أبان ،
عن
عكرمة ،
عن
ابن عباس
قال : للرحمة خلقهم ولم يخلقهم للعذاب . وكذا قال
مجاهد
والضحاك
وقتادة
.
ويرجع معنى هذا القول إلى قوله تعالى : (
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
) [
الذاريات : 56 ] .
وقيل : بل المراد : وللرحمة والاختلاف خلقهم ، كما قال
الحسن البصري
في رواية عنه في قوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال :
الناس مختلفون على أديان شتى
، (
إلا من رحم ربك
)
فمن رحم ربك غير مختلف . قيل له : فلذلك خلقهم ؟ [ قال ] خلق هؤلاء لجنته ، وخلق هؤلاء لناره ، وخلق هؤ
لاء لرحمته ، وخلق هؤلاء لعذابه .
وكذا قال
عطاء بن أبي رباح ،
والأعمش
.
وقال
ابن وهب
:
سألت
مالكا
عن قوله تعالى : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : فريق في الجنة وفريق في السعير .
[
ص:
363 ]
وقد اختار هذا القول
ابن جرير ،
وأبو عبيدة والفراء
.
وعن
مالك
فيما رويناه عنه في التفسير : ( ولذلك خلقهم ) قال : للرحمة ، وقال قوم : للاختلاف .
وقوله : (
وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
)
يخبر تعالى أنه قد سبق في قضائه وقدره ، لعلمه التام وحكمته النافذة ، أن ممن خلقه من يستحق الجن
ة ، ومنهم من يستحق النار ، وأنه لا بد أن يملأ جهنم من هذين الثقلين الجن والإنس ، وله الحجة ال
بالغة والحكمة التامة . وفي الصحيحين عن
أبي هريرة ،
رضي الله عنه ، قال :
قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " اختصمت الجنة والنار ، فقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفة ال
ناس وسقطهم ؟ وقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين . فقال الله عز وجل للجنة ، أنت رحمتي أر
حم بك من أشاء . وقال للنار : أنت عذابي ، أنتقم بك ممن أشاء ، ولكل واحدة منكما ملؤها . فأما الجنة فل
ا يزال فيها فضل ، حتى ينشئ الله لها خلقا يسكن فضل الجنة ، وأما النار فلا تزال تقول : هل من مزيد ؟ حتى ي
ضع عليه رب العزة قدمه ، فتقول : قط قط ، وعزتك "
.
(
ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين
( 118 )
إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
( 119 ) )
يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة ، من إيمان أو كفران كما قال تعالى : (
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا
) [
يونس : 99 ] .
وقوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك
)
أي : ولا يزال الخلف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم .
قال
عكرمة
: (
مختلفين ) في الهدى . وقال
الحسن البصري
: (
مختلفين ) في الرزق ، يسخر بعضهم بعضا ، والمشهور الصحيح الأول .
وقوله : (
إلا من رحم ربك
)
أي : إلا المرحومين من أتباع الرسل ، الذين تمسكوا بما أمروا به من الدين . أخبرتهم به رسل الله إليهم ،
ولم يزل ذلك دأبهم ، حتى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمي خاتم الرسل والأنبياء ، فاتبعوه و
صدقوه ، ونصروه ووازروه ، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة; لأنهم
الفرقة الناجية ،
كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن ، من طرق يشد بعضها بعضا :
"
إن اليهود افترقت على
[
ص:
362 ]
إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرق
ة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة " . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي "
.
رواه
الحاكم
في مستدركه بهذه الزيادة
وقال
عطاء
: (
ولا يزالون مختلفين
)
يعني :
اليهود
والنصارى
والمجوس
(
إلا من رحم ربك
)
يعني : الحنيفية .
وقال
قتادة
:
أهل رحمة الله أهل الجماعة
، وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم ، وأهل معصيته أهل فرقة ، وإن اجتمعت ديارهم وأبدانهم .
وقوله : ( ولذلك خلقهم ) قال
الحسن البصري
في رواية عنه : وللاختلاف خلقهم .
وقال
علي بن أبي طلحة
، عن
ابن عباس
:
خلقهم فريقين ، كقوله : (
فمنهم شقي وسعيد
) [
هود : 105 ] .
وقيل : للرحمة خلقهم . قال
ابن وهب
:
أخبرني
مسلم بن خالد ،
عن
ابن أبي نجيح ،
عن طاوس; أن رجلين اختصما إليه فأكثرا فقال طاوس : اختلفتما فأكثرتما ! فقال أحد الرجلين : لذلك خلقن
ا . فقال طاوس : كذبت . فقال : أليس الله يقول : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : لم يخلقهم ليختلفوا ، ولكن خلقهم للجماعة والرحمة
.
كما قال
الحكم بن أبان ،
عن
عكرمة ،
عن
ابن عباس
قال : للرحمة خلقهم ولم يخلقهم للعذاب . وكذا قال
مجاهد
والضحاك
وقتادة
.
ويرجع معنى هذا القول إلى قوله تعالى : (
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
) [
الذاريات : 56 ] .
وقيل : بل المراد : وللرحمة والاختلاف خلقهم ، كما قال
الحسن البصري
في رواية عنه في قوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال :
الناس مختلفون على أديان شتى
، (
إلا من رحم ربك
)
فمن رحم ربك غير مختلف . قيل له : فلذلك خلقهم ؟ [ قال ] خلق هؤلاء لجنته ، وخلق هؤلاء لناره ، وخلق هؤ
لاء لرحمته ، وخلق هؤلاء لعذابه .
وكذا قال
عطاء بن أبي رباح ،
والأعمش
.
وقال
ابن وهب
:
سألت
مالكا
عن قوله تعالى : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : فريق في الجنة وفريق في السعير .
[
ص:
363 ]
وقد اختار هذا القول
ابن جرير ،
وأبو عبيدة والفراء
.
وعن
مالك
فيما رويناه عنه في التفسير : ( ولذلك خلقهم ) قال : للرحمة ، وقال قوم : للاختلاف .
وقوله : (
وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
)
يخبر تعالى أنه قد سبق في قضائه وقدره ، لعلمه التام وحكمته النافذة ، أن ممن خلقه من يستحق الجن
ة ، ومنهم من يستحق النار ، وأنه لا بد أن يملأ جهنم من هذين الثقلين الجن والإنس ، وله الحجة ال
بالغة والحكمة التامة . وفي الصحيحين عن
أبي هريرة ،
رضي الله عنه ، قال :
قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " اختصمت الجنة والنار ، فقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفة ال
ناس وسقطهم ؟ وقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين . فقال الله عز وجل للجنة ، أنت رحمتي أر
حم بك من أشاء . وقال للنار : أنت عذابي ، أنتقم بك ممن أشاء ، ولكل واحدة منكما ملؤها . فأما الجنة فل
ا يزال فيها فضل ، حتى ينشئ الله لها خلقا يسكن فضل الجنة ، وأما النار فلا تزال تقول : هل من مزيد ؟ حتى ي
ضع عليه رب العزة قدمه ، فتقول : قط قط ، وعزتك "
.
(
ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين
( 118 )
إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
( 119 ) )
يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة ، من إيمان أو كفران كما قال تعالى : (
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا
) [
يونس : 99 ] .
وقوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك
)
أي : ولا يزال الخلف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم .
قال
عكرمة
: (
مختلفين ) في الهدى . وقال
الحسن البصري
: (
مختلفين ) في الرزق ، يسخر بعضهم بعضا ، والمشهور الصحيح الأول .
وقوله : (
إلا من رحم ربك
)
أي : إلا المرحومين من أتباع الرسل ، الذين تمسكوا بما أمروا به من الدين . أخبرتهم به رسل الله إليهم ،
ولم يزل ذلك دأبهم ، حتى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمي خاتم الرسل والأنبياء ، فاتبعوه و
صدقوه ، ونصروه ووازروه ، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة; لأنهم
الفرقة الناجية ،
كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن ، من طرق يشد بعضها بعضا :
"
إن اليهود افترقت على
[
ص:
362 ]
إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرق
ة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة " . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي "
.
رواه
الحاكم
في مستدركه بهذه الزيادة
وقال
عطاء
: (
ولا يزالون مختلفين
)
يعني :
اليهود
والنصارى
والمجوس
(
إلا من رحم ربك
)
يعني : الحنيفية .
وقال
قتادة
:
أهل رحمة الله أهل الجماعة
، وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم ، وأهل معصيته أهل فرقة ، وإن اجتمعت ديارهم وأبدانهم .
وقوله : ( ولذلك خلقهم ) قال
الحسن البصري
في رواية عنه : وللاختلاف خلقهم .
وقال
علي بن أبي طلحة
، عن
ابن عباس
:
خلقهم فريقين ، كقوله : (
فمنهم شقي وسعيد
) [
هود : 105 ] .
وقيل : للرحمة خلقهم . قال
ابن وهب
:
أخبرني
مسلم بن خالد ،
عن
ابن أبي نجيح ،
عن طاوس; أن رجلين اختصما إليه فأكثرا فقال طاوس : اختلفتما فأكثرتما ! فقال أحد الرجلين : لذلك خلقن
ا . فقال طاوس : كذبت . فقال : أليس الله يقول : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : لم يخلقهم ليختلفوا ، ولكن خلقهم للجماعة والرحمة
.
كما قال
الحكم بن أبان ،
عن
عكرمة ،
عن
ابن عباس
قال : للرحمة خلقهم ولم يخلقهم للعذاب . وكذا قال
مجاهد
والضحاك
وقتادة
.
ويرجع معنى هذا القول إلى قوله تعالى : (
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
) [
الذاريات : 56 ] .
وقيل : بل المراد : وللرحمة والاختلاف خلقهم ، كما قال
الحسن البصري
في رواية عنه في قوله : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال :
الناس مختلفون على أديان شتى
، (
إلا من رحم ربك
)
فمن رحم ربك غير مختلف . قيل له : فلذلك خلقهم ؟ [ قال ] خلق هؤلاء لجنته ، وخلق هؤلاء لناره ، وخلق هؤ
لاء لرحمته ، وخلق هؤلاء لعذابه .
وكذا قال
عطاء بن أبي رباح ،
والأعمش
.
وقال
ابن وهب
:
سألت
مالكا
عن قوله تعالى : (
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
)
قال : فريق في الجنة وفريق في السعير .
[
ص:
363 ]
وقد اختار هذا القول
ابن جرير ،
وأبو عبيدة والفراء
.
وعن
مالك
فيما رويناه عنه في التفسير : ( ولذلك خلقهم ) قال : للرحمة ، وقال قوم : للاختلاف .
وقوله : (
وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
)
يخبر تعالى أنه قد سبق في قضائه وقدره ، لعلمه التام وحكمته النافذة ، أن ممن خلقه من يستحق الجن
ة ، ومنهم من يستحق النار ، وأنه لا بد أن يملأ جهنم من هذين الثقلين الجن والإنس ، وله الحجة ال
بالغة والحكمة التامة . وفي الصحيحين عن
أبي هريرة ،
رضي الله عنه ، قال :
قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " اختصمت الجنة والنار ، فقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفة ال
ناس وسقطهم ؟ وقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين . فقال الله عز وجل للجنة ، أنت رحمتي أر
حم بك من أشاء . وقال للنار : أنت عذابي ، أنتقم بك ممن أشاء ، ولكل واحدة منكما ملؤها . فأما الجنة فل
ا يزال فيها فضل ، حتى ينشئ الله لها خلقا يسكن فضل الجنة ، وأما النار فلا تزال تقول : هل من مزيد ؟ حتى ي
ضع عليه رب العزة قدمه ، فتقول : قط قط ، وعزتك "
.
التعديل الأخير تم بواسطة عصام عابدين محمد ; 08-05-2012 الساعة
10:06 AM
.
عصام عابدين محمد
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى عصام عابدين محمد
البحث عن كل مشاركات عصام عابدين محمد