وقد ورد أن أحدهم قدم علي الإمام أحمد بن حنبل وقال له: يا إمام لقد ألفت كتابا وسميته الخلاف فقال له الإمام أحمد صاحب البصيرة النافذة لا تسمه الخلاف ولكن سمه السعة وهذا يعني أن كثرة الأراء لا تعني بالضرورة الخلاف وإختلاف الرأي هو في صورته خلاف لكن في جوهره إتساع في المفاهيم والمساحات التواصلية، وإذا ما اردنا كياناً قويا يحوي في داخله أفراد أقوياء في منهجه فلا بد من فتح باب الحوارات الساخنة ليدلي كل إنسان منا بدلوه ويقول رأيه بكل صراحة ويمكننا بذلك بناء جذور من الثقة بيننا وبين الأخرين وإن كانوا مخالفين لنا في منهجنا ويمكننا القول بأن من أكبر الأسباب التي تؤدي إلي تدهور المجتمعات في أخلاقها وفي تطورها هو عدم قبولها للأخر أو المخالف وهذ الأمر هو أيضاً مخالف للنواميس الكونية إذ أن الله عز وجل لو أراد الناس علي هيئة واحدة لما أعجزه ذلك ولنا أسوة في قوله تعالي ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) .
وكثيراً ما نفترق حين نختلف لأنه تنقصنا القدرة على فهم الآخرين و تقبل وجهات نظرهم ...وهناك عوامل تهدم اي نقاش جاد منها عدم الاحترام في لغة الحوار والتمسك بالراي وعدم التنازل والمكابرة علي الرأي وإن كان خطأ.