07-23-2012, 10:01 AM
|
#9
|
|
رد: الوصايا - لإبن العربي
وصية (5)
ثابر على إتيان جميع القرب جهدَ الاستطاعة في كل زمان وحال بما يخاطبك به الحق بلسان ذلك الزمان ولسان ذلك الحال,فإنك إن كنت مؤمناً فلن تخلص لك معصية أبداً من غير ان تخاطبها طاعة فإنك مؤمن بها إنها معصية,فإن أضفت إلى هذا التخليط استغفارا وتوبة فطاعةٌ على طاعه وقربةٌ إلى قربة ,فيقوي جزءُ الطاعة التي خُلط بها العمل السئ , والإيمانُ من أوى القرب وأعظمها عند الله ,فإنه الأساس الذي ابتنى عليه جميع القرب. ومن الإيمان حكمك على الله بما حكم به على نفسه في الخبر الذي صح عنه تعالى الذي ذكر فيه (وإن تقرب مني شبراً تقربتُ منه ذراعاً , وإن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً ,وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) وسبب هذا التضعيف من الله ولا أقل من العبد ولا أضعف ,فإن العبد لابد له أن يتثبت من أجل النية بالقربة إلى الله في الفعل,وإنه مأمور بأن يزن أفعاله بميزان التسرع فلا بد من التثبط فيه,وإن أسرع ووصف بالسرعة فإنما سرعته في إقامة الميزان في فعله لا في نفس الفعل,فإن إقامة الميزان به تصح المعاملة, وقربُ الله لايحتاج إلى ميزان فإن ميزان الحق الموضوع الذي بيده هو الميزان الذى وزنتَ أنت به ذلك الفعل الذي تطلب به القربه إلى الله,فلا بد من هذا نعته أن يكون في قربه منك أقوى وأكثر من قربك منه.فوصف نفسه بأنه يقرب منك في قربك منه ضعف ماقربت منه مثلاً بمثل,لأنك على الصورة خلقت,وأول خلافة لك خلافتك على ذاتك فأنت خليفته في أرض بدنك,ورعيتُك جوارك وقواك الظاهرةُ والباطنة.فعينُ قربه منك قربُك منه وزيادة وهي ماقال من الذراع والباع والهرولة والشبر إلى الشبر ذراع والذراع إلى الذراع باع والمشي إذا ضاعفته هرولة,فهو الأول الذي هو قربك منه,وهو في الاخر الذي هو قربه منك فهو الأول والاخر وهذا هو القرب المناسب,فإن القرب الإلهي من جميع الخلق غير هذا وهو قوله (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) فما أريد هنا ذلك القرب,وإنما أريد القرب الذي هو جزاء قرب العبد من الله إلا بالإيمان بما جاء من عند الله بعد الإيمان بالله وبالمبلغ عن الله تعالى.
|
|
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل
دخولك قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا |
|