07-18-2012, 11:31 AM
|
#5
|
|
رد: الوصايا - لإبن العربي
وصية (3)
حسِّن الظنَّ بربك على كل حال ولاتسئ الظن فإنك لاتدري: هل أنت على اَخر أنفاسك في كل نفس يخرج منك فتموت فتلقى الله على حُسن ظنٍ به لا على سوء ظن,فإنك لاتدري لعل الله يقبضُك في ذلك النّفَس الخارج عنك. ودَعْ عنك ماقال من قال بسوء الطن في حياتك وحسن الظن بالله عند موتك,وهذا عند العلماء بالله مجهولٌ فإنهم مع الله بأنفاسهم وفيه من الفائدة والعلم بالله أنك وفيت في ذلك الحق حقَه,فإن من حق الله عليك الايمانَ بقوله (ونُنشئكم فيما لا تعلمون) فلعل الله ينشئك في النّفس الذي تظن أنه يأتيك نشأة الموت والانقلاب إليه وأنت على سوء ظن بربك فتلقاه على ذلك,وقد ثبت عن رسول الله-صل الله عليه وسلم- فيما رواه عن ربه أنه عز وجل يقول (أنا عند ظنِّ عبدي بي فليظنَّ بي خيراً) وما خص وقتاً من وقت. واجعل ظنك بالله علماً بأنه يعفو ويغفرُ ويتجاوز ,وليكن داعيك الالهي إلى هذا الظن قولُه تعالى (ياعبادي الذين أسرفوا على انفسهم لاتقنطوا من رحمة الله) فنهاك أن تقنط ,ومانهاك عنه يجبُ عليك الانتهاءُ عنه. ثم أخبر_وخبره صدق لايدخله نسخ ,فإنه لو دخله نسخ لكان كذباً على الله محال_فقال (إن الله يغفر الذنوب جميعاً) وماخص ذنباً من ذنب وأكدها بقول (جميعاً) ثم تمَّم فقال (إنَّهُ هُوَ) فجاء بالضمير الذي يعود عليه (الغفور الرحيمُ) من كونه سبقت رحمتهُ غضبه,وكذلك قال (الذين أسرفوا) ولم يعّين اسرافا من اسراف,وجاء بالاسم الناقص الذي يعمم كل مسرف,ثم أضاف العباد إليه لأنهم عباده كما قال الحقُّ عن العبد الصالح عيسى عليه السلام (إن تُعذبهم فإنهم عبادك) فأضافهم إليه تعالى وكفى شرفاً شرفُ الاضافة إلى الله تعالى.
|
|
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل
دخولك قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا |
|