[علي الشريف احمد]

أشرف الملتقى الجامع، ومهرجان القرآن الكريم الذي دأبت مشيخة حلقات القرآن بود مدني على إقامته سنوياً، على الثلاثين. ملتقى يجتمع فيه أهل القرآن الكريم، أجل الكتب قدراً، وأغزرها علماً، وأعظمها نفعاً، وأعذبها نظماً، وأبلغها في الخطاب، تبصرة وذكرى لأولي الألباب، قرآناً عربياً غير ذي عوج. فالقرآن الكريم هو الروح ونور القلوب، والبصائر، والأبصار. قال تعالى: (وكذلك أوحينا إليك نوراً من عندنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا). والقرآن الكريم هو الموعظة والهدى والرحمة والشفاء، بيَّن الله فيه العقائد الصحيحة ، وشرع فيه الشعائر والشرائع، وأوجب في الحلال والحرام والأحكام، وضرب فيه الأمثال والمواعظ والقصص.

وقد قام الشيخ عبد العال خوجلي بإنشاء كيان، ومسيرة ومشيخة سماها حلقات القرآن الكريم منذ فجر الأربعينات من القرن الماضي لتطلع بمسئولية تعليم ونشر القرآن الكريم، وربط المجتمع به. واتخذ الشيخ عبد العال منهجاً متفرداً نصطلح عليه اليوم بالتعليم الشعبي المفتوح في الزوايا، والمساجد، والبيوت، وأماكن العمل. ووافقت جهود الشيخ عبد العال تربة خصبة بمدينة ود مدني المروية بالقرآن الكريم لقرون طويلة، بجانب العلماء، والدعاة، وشيوخ الطرق الصوفية، فوجدت جهوده استجابة واسعة، وتعضيداً من أهل المدينة التي جبل أهلها على الحق والخير. فقام معه على هذا الأمر خيرة أبناء المدينة المتحلين بصفات الإخاء، والعزيمة، والبذل، يعمرون بالقرآن الكريم كل ربوع وأنحاء المدينة تلاوة، وذكراً، وتفسيراً، وفقهاً، وتدبراً، علماً وعملاً.

وإن من فضل الله علينا- والحديث للشيخ عبد الله عبد العال خوجلي شيخ حلقات القرآن الكريم بود مدني في سياق مخاطبته مهرجان القرآن الكريم الثامن والعشرين- أن جعل هذه المسيرة تتواصل جيلاً بعد جيل، وخلفاً بعد سلف، إذ وفق في كل عصر حفاظاً لهذا القرآن، يأخذون من سلفهم، علومه، وفنونه، وطرق نقله، وروايته، فظل بذلك القرآن الكريم محفوظاً على مر العصور بالتواتر الصادق القاطع، يرويه الخلف عن السلف بألفاظه وحروفه المنزلة، وكيفيات أدائه المروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن فضل الله علينا أن جعل هذه المشيخة والمسيرة تتواصل مع كل مكونات المجتمع، الرجال، والنساء، والأفراد، والجماعات، والمؤسسات، وهذا ما دفع دورها في العلم، والتعليم، والتأهيل، والتربية، وتوجيه المجتمع. وأنشأت مشيخة القرآن الكريم بود مدني، إدارة نسائية لتمكين ربات البيوت والعاملات من تعلم القرآن الكريم وعلومه، كما أنشأت كلية جامعية وضع لها خيرة العلماء في السودان، المناهج في القرآن الكريم وعلومه، وحتى في التخصصات والعلوم والمعارف الإنسانية والمهنية والتقنية.